تقارير ...بعد 30 سنة اسرائيل "تبدأ تتعلم الدرس" من حرب لبنان الاولى ... استرداد أموال الزعماء المجمدة: مهمة شاقة .. وطمع غربي

خمسة آراء بصدد المسألة الكردية في العراق...«الجمهورية» في إيران: ثبات سياسي وتغيُّر اقتصادي (1)..كيف تُستدرَج المواقع العسكرية السورية السرّية إلى المواجهات؟

تاريخ الإضافة الأحد 10 حزيران 2012 - 6:42 ص    عدد الزيارات 2723    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

بعد 30 سنة اسرائيل "تبدأ تتعلم الدرس" من حرب لبنان الاولى
القدس المحتلة - امال شحادة - "الحياة الإلكترونية"
في هذه الايام، كانت ترغب القيادة الاسرائيلية، من سياسيين وعسكريين، الحديث عن حرب الايام الستة، وعن تفاخرها وانتصاراتها فيها، لكن قرار نشر وثائق ومستندات وصور جديدة عن حرب لبنان الاولى وكشف اسرار هذه الحرب وفضائحها، اعاد الى اجندة الاسرائيليين النقاش حول هذه الحرب، التي اعتبرها الاسرائيليون بغالبيتهم الساحقة، حربا لا حاجة لها، فيما لم يتطرق احد الى حرب الايام الستة، التي اعتاد الاسرائيليون على تحويل ذكراها في كل سنة الى منصة مفخرة لهم.
اليوم وبعد ثلاثين عاماً، قرر الجيش الاسرائيلي، ان يتعلم الدرس من هذه الحرب، فيكشف، وللمرة الأولى، وثائق ومقابلات ونقاشات تم تدوينها انذاك وبقيت سرية، لما تكشفه من فضائح حول ادارة الحرب وأهدافها ومداها وتكتيكها، والخلافات بين القيادات السياسية والعسكرية، حيث كشف انها كانت عميقة منذ الساعات الاولى للحرب وحتى يومها الاخير.
وفي هذه الوثائق، التي كشفها الجيش ضمن فيلم خاص عن الحرب، يظهر كيف أخفى وزير الدفاع انذاك، ارييل شارون، حقيقة ما يدور في لبنان، عن رئيس الحكومة مناحيم بيغن، خصوصاً سقوط ستة جنود اسرائيليين في عملية احتلال قلعة الشقيف. وذكر ان بيغن وصل الى الموقع بعد احتلاله من دون ان يعرف التفاصيل. وهذا الجانب، بحسب الوثائق الاسرائيلية، جعل الحرب موضع خلاف داخل اسرائيل.
ومما جاء حول الخلافات أن السكرتير الشخصي لبيغن اتهم شارون بـ"تضليل بيغن"، حيث وعده عند انطلاق الحرب بتنفيذ حملة محدودة لا تتعدى الأربعين كيلومترا في العمق اللبناني، علما انه كان يخطط للوصول الى بيروت، كما ذكر سكرتير بيغن. وتبين أن القوات الدولية لم تتحمس لاجتياز الجيش الاسرائيلي الحدود الدولية، لكنها في الوقت نفسه لم تبد اية مقاومة او معارضة فعلية.
العمليات القتالية، بحسب الوثائق وما تضمنه الفيلم، نفذت تدريجاً من دون تخطيط او هدف... أو حتى تصور للهدف النهائي للحرب. ويتضمن الفيلم مشاهد للقصف الإسرائيلي للبنان، وحركة القوات والوحدات الإسرائيلية المختلفة وتوثيق للعمليات الحربية في العمق اللبناني. وتخللته في الوقت ذاته انتقادات لكون العمليات القتالية كانت تدريجية من دون أن يكون أمام الجيش والمسؤولين تصوراً للهدف النهائي للحرب. واعترف مسؤولون: "لو كانت هذه الأهداف معروفة مسبقاً لاختلف سير الحرب كليا".
وكما هو متوقع فقد تجاهل الجيش جرائمه داخل لبنان والمجازر التي ارتُكبت وحاول الترويج انه كان يقظا وحذرا من أي قصف لمواقع مكتظة بالسكان، كما اظهرت اوامر قادة الوحدات لجنودهم.
الرئيس السابق لمجلس الامن القومي، غيورا ايلاند يقول:"ان اهم درس من دروس حرب لبنان الاولى هو
الحاجة الى الاعتراف بوجود فرق كبير في نوع الحرب، بين قدرات الجيش والتوقعات منه من قبل الساسة ووسائل الاعلام والجمهور". وبرأيه توجد أربعة توقعات طبيعة وهي: توقع نصر مطلق، وتوقع نصر سريع، ونصر بلا ثمن كبير من المصابين والامتناع عن المس بالابرياء. وتعتمد الثلاثة الاولى على التفوق العسكري الكلاسيكي، وينبع الرابع من فهم ان "من المهم في الحرب الاختيارية ان نكون عادلين لا أقوياء فقط"، يقول ايلاند.
 وهل تعلم الاسرائيليون الدرس؟
"تعلمناه جزئياً على الاقل"، يجيب ايلاند ويضيف: "في الانتفاضة الثانية، قيل دعوا الجيش الاسرائيلي ينتصر، وكان الجيش حذراً من الاّ يُجر ويَعد بأمور لا يمكن تحقيقها. وزعم الجيش، وقت عملية "السور الواقي" في نيسان (أبريل) 2002، أنه لا يستطيع ضمان الانجاز المطلوب، الا اذا سمح له بتنفيذ العملية مدة شهر، والبقاء بعد ذلك في الميدان شهراً آخر. واهتم الجيش في عملية "الرصاص المصبوب" في كانون الثاني (يناير) 2009، في احداث ملاءمة صحيحة بين التوقعات والقدرات. لكننا نسينا في حرب لبنان الثانية أن نفعل ذلك وكانت النتيجة وفق ذلك"، يقول ايلاند.
 
مناورة عسكرية إسرائيلية لحرب جديدة على لبنان
جريدة السفير...    
ذكرت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية، أمس، أن جنود اللواء «جفعاتي» يتدربون على القتال تحضيراً للدخول إلى «الوحل اللبناني».
وبحسب الصحيفة، فقد جرى تدريب موسع للواء «جفعاتي» الذي تم تشكيله في العام 1983 أي بعد مرور عام واحد على الاجتياح الإسرائيلي. ويهدف التدريب إلى إعداد جنود اللواء للدخول إلى الأراضي اللبنانية والاستعداد للحرب القادمة، خصوصاً أن غالبيتهم ليست لديهم معرفة حقيقية بطبيعة الأرض اللبنانية.
وأضافت الصحيفة، أنه تم تجهيز معسكر «الكيام» في وسط فلسطين المحتلة وفقاً للتصور الموجود لدى الجيش الإسرائيلي عن مواقع «حزب الله» وكيفية انتشاره على الأرض في القرى الجنوبية.
وتضمن التدريب الدخول في تضاريس لأراض تشبه إلى حد كبير القرى اللبنانية، كذلك جرى إعداد الخنادق والمخابئ الأرضية التي يفترض أنها شبيهة بتلك التي ينشئها «حزب الله»، كما تم نشر قوات من القناصة ووحدات صواريخ بالإضافة إلى الصواريخ المضادة للدروع باعتبارها أسلحة «حزب الله» الموجهة نحو الأراضي المحتلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجنود شاركوا في محاكاة معركة قتالية بعد قرار من قبل قيادة الجيش بالتحرك البري نحو لبنان وتخطي الحدود، موضحة أن الهدف الرئيسي من هذا التدريب هو القضاء على مواقع إطلاق الصواريخ.
وأضافت الصحيفة، أنه في حال دخل جيش الاحتلال في حرب جديدة مع لبنان، فسيواجه 60 ألف صاروخ، تهدد الآلاف منها منطقة تل أبيب، ولذلك فإن مهمة لواء»جفعاتي» هي السيطرة على مناطق وجود تلك الصواريخ.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في لواء «جفعاتي» إن «سنوات الهدوء على الحدود اللبنانية يجب ألا تُفهم خطأ»، فيما أوضحت مصادر أخرى أن أي عملية جديدة في لبنان ستكون أقصر في المدة ولكنها ستتضمن انتشاراً كبيراً على الأرض، وهذا ما كان قائد المنطقة الشمالية يائير جولان أكده في وقت سابق معتبراً أنه سيكون من غير الواقعي الاعتماد على القوة الجوية فقط في أي نزاع مستقبلي مع لبنان.
(«السفير»، أ ش أ)
 
استرداد أموال الزعماء المجمدة: مهمة شاقة .. وطمع غربي
جريدة السفير..هيفاء زعيتر
يطلّ خبر استرداد أموال الرؤساء المخلوعين الثلاثة، التونسي والمصري والليبي، المجمدة في الخارج، خجولاً بين الحين والآخر. يجد صعوبة في حجز مكان له في زحمة الانشغال «الثوري» بلملمة مخلفات عقود من الفساد والعبث.. والعهر السياسي والاقتصادي. مع ذلك هناك جهات قضائية ومدنية تنكب على مهمة حصر الأموال المجمّدة، كما «الضائعة»، حتى يتم استردادها بالسبل القانونية. في وقت تصطدم الجهود المبذولة بحائط مرفوع من العقبات الداخلية والخارجية، قد يكون أبرزها عدم التعاون الغربي، في ظلّ ما يقدمه التاريخ من تجارب آلت فيه الأموال المجمدة لبعض الزعماء المخلوعين إلى الغرب، علماً أن الأخير لم يتردّد في استثمارها طيلة فترة تجميدها.
ولا تقتصر الصعوبة في استرداد الأموال على محاولة حصرها فحسب، وهي تتوزع بين عقارات واستثمارات ويخوت وحسابات تحت أسماء وهمية ما زالت قادرة على التصرف بها، بل تتعداها حتى إلى الأموال التي تمّ إشهار تجميدها إذ يبقى إثبات عدم شرعيتها أمراً شبه مستحيل في ظلّ القوانين الغربية التي تتولى البتّ بالموضوع.
المفارقة هنا تتجلى في مسارعة الغرب بمجرّد إعلان الثورة إلى تجميد الأموال، في ما يبدو مساعدة للشعوب في وجه الأنظمة التي تتظاهر ضدها هذه الشعوب، بل هو «خطوة ظاهرها غير باطنها، هي مسيّسة لمصلحة الدول العظمى المودعة لديها أموال شعوب مناطق الاضطرابات»، بحسب المحامي المختص بالملف عمر الجازي، الذي أوضح لـ«السفير» أن «البنك الخارجي تحديداً المودعة لديه أموال الرئيس المخلوع يتصرف في تلك الأموال إقراضاً واستثمارا مما يعزز ربحية البنك ويفيد الاقتصاد والتجارة ويزيد من رخاء الدول الموجودة فيها ونسبة نموّها».
يذهب الجازي في شرحه أبعد من ذلك، حيث يفسر المصلحة الغربية من الناحية العملية قائلاً إن «الحكومة الأميركية ممثلة في وزارة الخزانة على سبيل المثال، وكما فعلت مع الشركات العراقية والمشتركة، تجمّد الأرصدة النقدية عن طريق إيجاد حساب (وسيط) بحيث تكون الأرصدة المالية فيه ثابتة ويحتسب فائدة بسيطة لا فائدة مركبة، أي ان المبالغ الناتجة من الفائدة لا تستثمر، لذا فإن رأس المال يتآكل عبر السنين فعلياً مع ثباته ورقياً. مع العلم أن البنك الأميركي المودع فيه المبلغ يستفيد من استثمار تلك المبالغ وتحتسب له في حسابات الأصول والإقراض والاحتياط مما يعزز من أرباحه ويدعم الاقتصاد والنمو في البلاد التي حصل فيها التجميد».
وفي السياق ذاته، تطل عقبات أخرى تناولتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في تقرير للكاتب روبرت وورث أشار فيه إلى عامل أساسي وهو إمكانية دفاع محامي الأسر الحاكمة سابقاً حتى بعد التعرف على مكان الأرصدة المجمدة. ونقلت الصحيفة عن المحامي السويسري إنريكو مونفريني، الذي يمثل الحكومة التونسية الجديدة، قوله إن محامي أسرة بن علي تصدوا لكل خطوة على طريق استعادة نحو 70 مليون دولار مودعة في مصارف سويسرية. كما كشف المحامي الإسرائيلي نك كاوفمان، الذي يتولى الدفاع عن الساعدي القذافي المقيم الآن في النيجر، انه أراد الدفاع عن ملكية عقار له في لندن بقيمة 15 مليون دولار، لكن المشكلة فقط أن الوقت لم يساعده.
بدوره أكد المحقق في منظمة «غلوبال ويتنس» لمكافحة الفساد روبرت بالمر أن «استعادة الأرصدة ليست أمراً سهلا البتة»، موضحاً أنه «أولا، لا بدّ من إيجاد هذه الأرصدة، وثانيا لا بدّ من الإثبات بأنها ملك السياسي المعني (غالباً ما تكون بأسماء وهمية) وثالثا ينبغي التأكيد أنها أموال فاسدة، وهذا يتطلب من الدولة صاحبة الطلب جمع أدلة، وهي آلية مكلفة للغاية وتستغرق وقتا».
ما سبق من عقبات، يُضاف إليه خوف الأشخاص الذين كانوا على اطلاع على أسرار الصفقات المشبوهة من كشف أية معلومات خشية من تعرضهم للملاحقة، لا سيما أن الصفقات تطال بالاتهام شركات عربية وأجنبية. يُذكر أن وزير النفط السابق شكري غانم، المقرّب من القذافي، وجد جثة هامدة في نهر الدانوب الشهر الماضي، بعد أيام من تلقيه طلب حول معلومات بخصوص صفقات النفط المشبوهة.
وإلى جانب غانم، برز اسم مسؤول ليبي آخر هو بشير صالح بشير، الذي عرف بأنه الشخص الوحيد المطلع على مصير الـ7 مليارات دولار التي استثمرها القذافي في أفريقيا، وعلى الصفقات غير القانونية التي أبرمها القذافي مع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، علما انه اختفى في فرنسا من دون أثر.
أضف إلى العقبات «الليبية»، أن بعض الدول الأفريقية بدأت بتوطين الأموال، علماً أن فريقا شكلته الأمم المتحدة اتهم الحكومات الأفريقية بالامتناع عن الرد أو تقديم معلومات كاذبة.
أما بخصوص العقبات «المصرية»، فيفندها الخبير الاقتصادي المصري عبد الخالق فاروق، في حديثه لـ«السفير»، بخمسة بنود: الأول يضم جزءين هما «طبيعة وآليات عصابات ألمافيا التي كانت تدير هذه العمليات الكبرى للفساد وأعوانها في الخارج، وطبيعة تحالفاتها الإقليمية ووجود هذه الأموال كشراكة مع بعض مشايخ وأمراء دول الخليج وآل سعود». والثاني متعلق بـ«طبيعة النظام القضائي الدولي، ما بين الاتفاقيات القضائية أو عدمه، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ودرجة فاعليتها والاتفاقية الأوروبية والملاذات الضريبية الآمنة». الثالث يدور حول «الطبيعة الداخلية المصرية المتعلقة بأجهزة الرقابة ومــدى فسادها». الرابع مرتبط بـ«طبيعة الاطار القانوني الحاضن بدءاً من قوانين الضرائب والجمارك واللوائح التنفيذية للقوانين وعوراتها وقرارات الجمعيات العمومية للشركات وفسادها». الخامس يشمل «طبيعة البنية القضائية المصرية من جهاز النيابة العامة وقدراته، والبنية القضائية التي تضم ثلثين من القضاة المستقلين والثلث الآخر ليس كذلك إطلاقاً».
ويقترح فاروق، وهو مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، بأن يتم إجراء تغييرات وتطهير واسع في قيادات الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة، وأن تعتمد هيئة مكافحة الفساد واسترداد الأموال على الجهاز المركزي لفحص المستندات والعثور عليها. كما يدعو إلى استخدام الاتفاقية الخاصة بالأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والاتفاقية الأوروبية لمكافحة الفساد والرشى، تواكبها حركة ضغط لمنظمات المجتمع المدني المصري مع نظيرتها في الدول الأوروبية والولايات المتحدة وغيرها.
 
خمسة آراء بصدد المسألة الكردية في العراق
جريدة السفير...عبد الحسين شعبان
تجدّد النقاش والجدل والصراع بشأن المسألة الكردية في العراق، لا سيما بتدهور العملية السياسية، خصوصاً حول «موضوع الفيدرالية» تأييداً أو تنديداً، تصريحاً أو تلميحاً، وارتبط ذلك باستعصاء تسوية مشكلة كركوك وعائديتها ومصير المادة 140، ولعل قضية النفط تشكل محور الصراع الأساسي بين حكومتي بغداد وإربيل، فبغداد لا تريد الاعتراف بالعقود التي وقعتها حكومة إقليم كردستان، وهي عقود شراكة وتقول انها لم تطلع على حيثياتها، فضلاً عن تعارضها مع وجهة بغداد التي وقعت على عقود خدمة مع عدد من الشركات التي منحتها تراخيص وفقاً لعطاءات معلنة نقلتها وسائل الإعلام.
وتعتبر بغداد هذه العقود هي الأنسب بالنسبة للعراق وتضمن حقوقه والتصرف بموارده وتقلّص من نفوذ الشركات النفطية وغير ذلك. في حين تعتبر إربيل أن حقها مكفول بموجب الدستور لكن اتجاهاً مهيمناً لا يريد لها التصرّف بهذا الحق، وخصوصاً من جانب حكومة المالكي ونائبه لشؤون الطاقة الدكتور حسين الشهرستاني، ولعل سجالاً وتوتراً قد صاحب العلاقات خلال الفترة المنصرمة كان الأكثر حدّة منذ الاحتلال وحتى الآن.
خمسة اتجاهات أساسية يمكن استكشافها لتحديد ملامح الموقف من القضية الكردية ثم من مسألة الفيدرالية في العراق ومن خلالها يمكن رسم الخريطة السياسية العراقية بتعقيداتها وتشابكاتها.
الاتجاه الأول: القوى المؤيدة للفدرالية، كما جاءت بحذافيرها في الدستور العراقي الدائم، والتزاماً بأحكامه وسعياً لتأكيد سلطاته من خلاله وبواسطته، لا سيما القوى الكردية، وبالتحديد حكومة اقليم كردستان، وبرلمانها، الذي رسم ملامح دستور جديد لكردستان قبيل انتهاء دورته الأخيرة 2009. ومن القوى المؤيدة إلى حد ما لهذا التوجه أو أنها لا تعارضه أو تتحفظ عليه، «الحزب الشيوعي العراقي» وبعض المحسوبين عليه والقريبين من العملية السياسية.
لكن المشكلة لا تتعلق بالدستور فحسب، على الرغم من أنه سبب المشكلة الأساسي، لا سيما ببعض صياغته المبهمة والتي يمكن تفسيرها أو قراءتها على نحو مختلف، بل في الجوانب العملية التي تترتب على النصوص والوقائع، خصوصاً تحفّظ قوى من داخل العملية السياسية، بما فيها أركان حكومة المالكي، على الدور الكردي المتعاظم. وقد اعتبرت رئاسة إقليم كردستان أن عقد اجتماع مجلس الوزراء العراقي برئاسة المالكي في كركوك استفزازاً للكرد وأوعزت إلى الوزراء الكرد بعدم الحضور، بل نظّمت هي لاحقاً زيارة لعدد من وزراء الإقليم ومسؤوليه إلى محافظة كركوك ردًّا على زيارة المالكي!
الاتجاه الثاني قوى إسلامية مؤيدة للفدرالية من داخل العملية السياسية، لكنها تنظر إليها باعتبارها جزءًا من صفقة تاريخية، لاعتقادها أن الموافقة على الفدرالية الكردية يجعل الحركة الكردية توافق على فدرالية أو فيدراليات الجنوب (العربية) (واحدة أو متعددة)، في إطار تقاسم وظيفي « طائفي- إثني» وهو ما حصل لدى اقرار قانون الاقاليم الذي تم تجميد تطبيقه إلى 18 شهراً، انتهت من دون أن تحرّك هذه القوى ساكناً والتي حضّرت له ونافحت من أجله كثيراً، وذلك بسبب ردّ فعل شعبي وظروف وصراعات ما بين أطرافها، لا سيما بين كتلة السيد عمار الحكيم والمجلس الإسلامي الإعلامي المتحمس للفدرالية وكتلة حزب الدعوة ودولة القانون الذي أخذ حماسها يفتر كثيراً على حساب الدولة المركزية، وهذا الرأي أقرب إلى موقف كتلة السيد مقتدى الصدر أيضاً.
وإذا كان رئيس الوزراء نوري المالكي قد وافق على الفدرالية الكردية وأبدى مرونة في الأسابيع والأشهر الأُولى إزاء تطبيقاتها، الاّ انه عاد وتمسّك على نحو شديد «بمركزية» الدولة، وسعى لتوسيع صلاحياتها الاتحادية على حساب سلطات الاقاليم التي عبّر عنها بضرورة اعادة النظر بالدستور، لكن مواقفه تلك لم تترجم إلى واقع عملي باستثناء بعض ردود الأفعال، خصوصاً عندما اتخذت موقفاً أكثر حزماً بشأن عقود النفط في حكومة الاقليم التي عارضها وزير النفط حسين الشهرستاني بشدة.
أما موضوع كركوك فهو ينام ويستيقظ، لكنه لا يجد حلولاً ممكنة بسبب تشبث جميع الأطراف بمواقفها، وقد تحرّك الموضوع خلال العامين المنصرمين عقب سماع مقترحات المفوض الدولي، التي لم ترضِ أحداً أو لم تستطع الوصول إلى التوافق المُنتظر ، وهو الأمر الذي بحسب تقديري المتواضع لا يمكن حسمه، لا بتطبيق المادة 140 ولا بإلغائها، ولا بالإحصاء السكاني أو بدونه، لأنه أكثر تعقيداً مما نتصوّر لارتباطه بمشكلات تاريخية بعضها موروثة من الحكم السابق وقد ظل معلقاً عند إقرار بيان 11 آذار العام 1970 وكان أحد الأسباب الأساسية في اندلاع القتال بين الحكومة والحركة الكردية العام 1974، وبعضها تفاقمت خلال الاحتلال، بين الكرد والتركمان والعرب، ناهيكم عن اشتباكها مع ملفات أخرى بما فيها اقليمية!
وتتجدد مسألة كركوك اليوم على نحو أشد بعد مطالبة سكان محافظة صلاح الدين بالفيدرالية لأسباب قالوا أنها تتعلق بالتهميش والغبن ولحقهم مجلس محافظة الأنبار ومجلس محافظة ديالى وسبق لرئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي أن أبدى امتعاضاً إزاء تهميش السنّة وذلك في تصريح مثير له من واشنطن عشية الانسحاب الأميركي من العراق أواخر العام الماضي، وكلما جرى الحديث عن الأقاليم أو الفدراليات تقفز مسألة كركوك إلى الواجهة .
الاتجاه الثالث يميل إلى الموافقة على الفدرالية الكردية كتحصيل حاصل وحقيقة قائمة وأمر واقع وجزء من توازن القوى الحالي (المُختل)، لكنه يرفض بشدة الفدراليات الجنوبية. ولعل بعض القوى التي توافق على الفدرالية الكردية تنتظر دعم القوى الكردية لرفضها الفدراليات الجنوبية، على عكس الاتجاه الآخر الذي ينظر إلى موافقته على الفيدرالية الكردية، عربوناً لموافقة الحركة الكردية على الفيدراليات الجنوبية.
وبعض أصحاب هذا الاتجاه كانوا يناوئون الفدرالية الكردية أساساً، وصوتوا ضدها عند الاستفتاء على الدستور، لكن مواقعهم تحركت إلى تأييدها حتى وإنْ كان الأمر تكتيكاً للوقوف ضد الفدرالية الجنوبية وضد الاتجاهات المتنفّذة في الحكومة الحالية برئاسة المالكي. من أصحاب هذا الاتجاه جبهة التوافق سابقاً وخاصة الحزب الاسلامي، وقائمة التجديد برئاسة طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية الحالي الذي تحوّلت قضيته من سياسية إلى جنائية بتوجيه تهم خطيرة لضلوعه بالإرهاب كما ورد ذلك، وتجري محاكمته غيابياً بعد انتقاله إلى كردستان، وفي ما بعد ضيفاً على تركيا التي رفضت تسليمه بعد صدور مذكرة لاعتقاله من الانتربول (الشرطة الدولية) بطلب من الحكومة العراقية بعد صدور أمر بإلقاء القبض عليه من القضاء العراقي وقائمة الجبهة الوطنية للحوار برئاسة صالح المطلك، وحزب الوفاق الوطني برئاسة علاوي قوائم برئاسة ظافر العاني ورافع العيساوي وآخرين، كلّها انضوت تحت لواء القائمة الوطنية العراقية التي حصلت على 91 مقعداً في البرلمان، (أكبر عدد من المقاعد)، لكن المحكمة الاتحادية قضت بأن الذي يشكل الحكومة هو الكتلة الأكبر في البرلمان.
الاتجاه الرابع يعارض الفيدرالية بشدّة كمبادئ وتطبيقات ويعتبرها دعوة مبطّنة للانفصال ومقدمة خطيرة للتقسيم وإقامة الدولة الكردية، ومن أصحاب هذا الاتجاه حزب «البعث» حالياً (على الرغم من أنه شرّع قانون الحكم الذاتي العام 1974 بعد بيان 11 آذار 1970 الذي اعترف بحقوق الكرد القومية، وأدرجها في الدستور العراقي المؤقت الذي صدر في 16 تموز/يوليو من العام ذاته، بتأكيده أن الشعب العراقي مكوّن من قوميتين رئيسيتين هما العربية والكردية). ومن القوى الرافضة لفكرة الفدرالية بعض القوى والشخصيات القومية العربية، في حين ذهب البعض منها لتأييد المشروع الفدرالي من دون ابداء تحفظات بشأنه، باستثناء الموقف من فدراليات الجنوب، ومن أكثر المواقف تشدداً إزاء الفدرالية هيئة علماء المسلمين التي يرأسها حارث الضاري.
ان الاتجاه الغالب لدى معارضي الفكرة الفدرالية يقوم على انها جاءت مع الاحتلال ويعتبرها جزءًا من مشروع «اسرائيلي» قديم. اما تنظيم «القاعدة» وزعيميه اسامة بن لادن وأيمن الظواهري، فيميل إلى اعتبارها فكرة صليبية تهدف إلى تقسيم العراق وتفتيت الامة الاسلامية على الرغم من اختلافهما في المنطلقات وفي التقييم.
الاتجاه الخامس يؤيد الفدرالية كمبادئ وقواعد دستورية وادارية، لكنه يفترق عنها في التطبيق، لا سيما ببعض التفسيرات الضيقة، وبعض أصحاب هذا الاتجاه من الماركسيين واليساريين والديمقراطيين والليبراليين، الذين لا يميل بعضهم إلى ما ورد في الدستور لأنه مخالف لقواعد النظام الفيدرالي كمفهوم اكتسب إقراراً عبر تجارب مشهودة، وناجحة لنحو 25 دولة وحوالي 40% من سكان البشرية، ناهيكم بأن هذه الصيغة لم تأخذ حيّزاً كافياً من الحوار، لا سيما وأن اقرارها جاء في ظروف الاحتلال، وفي أوضاع استثنائية وغير طبيعية، ناهيكم عن موجة العنف والارهاب التي ضربت العراق، خلال الفترة تلك، ولا سيما في إطار المحاصصة المذهبية - الإثنية!
الاختلاف في فهم وتفسير فكرة الفيدرالية لا يقوم على تباينات نظرية أو اجتهادية فحسب، في ما يتعلق بالدولة البسيطة والدولة المركّبة، بل يستند إلى اعتبارات عملية وسياسية، لا سيما في ما يتعلق بموضوع وحدانية الجيش ووحدانية الخطط الوطنية الاقتصادية والمالية الكبرى بما فيها الثروات والموارد الطبيعية (خصوصاً النفط والغاز) ووحدانية التمثيل الخارجي والدبلوماسي واخضاع دساتير الاقاليم في حالة تعارضها مع الدستور الاتحادي، للأخير لسموّه على دساتير وقوانين الاقاليم، وليس العكس كما يرد تفسيره في الدستور، حين تم تحديد صلاحيات السلطة الاتحادية وترك ما سواها إلى دساتير الأقاليم.
وفي ما عدا ذلك، فإن أصحاب هذا الاتجاه يؤيدون الفيدرالية كنظام اداري متطوّر يتم فيه تقاسم السلطات بين المركز والأطراف (الاتحاد والأقاليم) بحيث يمكن إحالة كل ما يتعلق بالتعليم والصحة والبلديات والبيئة والسياحة والادارات المحلية والخدمات ولواحقها للاقاليم واستقلالها في إطار الحكومة والبرلمانات الاقليمية، بعيداً عن المركزية الصارمة التي كانت تحكم الدولة العراقية منذ تأسيسها في العام 1921 وحتى سقوطها العام 2003، ومع كل ذلك لا بدّ من إقرار الحقوق السياسية والقومية للكرد بما فيها حقهم في حكم أنفسهم بأنفسهم في إطار مبدأ تقرير المصير.
ان تأييد أصحاب هذا الاتجاه للفدرالية كمبادئ وقواعد متطورة، يجعلهم محتارين وقلقين في أحيان كثيرة من العودة إلى المربع الاول باحتدام الاوضاع واحتمال تجدد الصراعات الضيقة، خصوصاً بتنامي اتجاهات مركزية صارمة داخل الحكومة الاتحادية، يقابلها اتجاهات انعزالية لدى الاقليم، وفي كلا الاحوال يوجد من يدفع الامور باتجاه التباعد والتطرف أحياناً، والابتعاد عن دائرة الحوار، تلك الدائرة التي ينبغي أن تكون هي الأساس في أي تغييرات أو تطورات.
 
 
«الجمهورية» في إيران: ثبات سياسي وتغيُّر اقتصادي (1)
الجمهورية..طارق ترشيشي..
بين الذكرى 22 لرحيل مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام روح الله الموسوي الخميني وذكراه الـ23 هذه السنة ثمّة أشياء تغيّرت في إيران وبقيت أشياء...
في المواقف والثوابت السياسية التي تلتزمها القيادة الإيرانية على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية لم يتغير أيّ شيء، والمعارك الديبلوماسية التي تخوضها في مختلف المجالات ما تزال مستمرة، والتحسّب من احتمال التعرّض إلى هجوم إسرائيلي أو دولي ما يزال قائماً، إلى درجة أنّ بعض الإيرانيين يتمنّى أن يحصل هذا الهجوم ليكتشف القائمون بها كيف أنّ الإيرانيين يتوحّدون في الأزمات، وكيف أنّ الردّ الإيراني سيكون مفاجئاً للمهاجمين.
وفي هذه المعركة الديبلوماسية لم يتراجع الإيرانيون، لكنّهم يقفون الآن على أبواب احتمال التقدّم خطوات إلى الأمام من باب المفاوضات في الملف النووي، مستندين إلى الإرث الخميني في هذا المجال وهو إرث ما زال هو هو، والتمسّك به مستمرّ ولا حياد عنه، لأنّ القيادة الإيرانية تعتبره أمانة لا يمكن التفريط بها، وهي دائماً موضوع حرص لدى خليفة الإمام الراحل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي يعبّر عنه في كل المناسبات، ويتصدّى سريعاً لأيّ انحراف عنها أو ايّ محاولة للتفريط بها إن حصلت.
وعلى مستوى الملف النووي الإيراني لم يتغيّر الموقف المتمسّك بحق إيران في امتلاك التقنية النووية للأغراض السلمية المشفوع بفتوى خامنئي التي تحرّم شرعاً تصنيع أسلحة نووية، وهذه الفتوى التي تردّ بها طهران على متّهميها بأنّها تعمل لتصنيع سلاح ذرّي أسوة بدول النادي النووي.
وبعد اجتماعَي اسطنبول وبغداد، وفي ظلّ التحضير لاجتماع موسكو منتصف الشهر الجاري في شأن الملف النووي الإيراني، يراوح الحديث في طهران بين اقتراب حصول اتفاق بين إيران ومجموعة الدول الخمس زائداً واحداً من شأنه أن يفتح الباب أمام رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران، ويمهّد بالتالي إلى تسوية سياسية حول إيران والدول المجاورة في الإقليم ومصالحها إلى جانب مصالح الدول الكبرى.
ويستند المتفائلون في هذا المجال إلى ما انتهى إليه اجتماع بغداد الأخير، إذ حرص الوفد الإيراني على التأكيد أنّه لم ينتهِ إلى خلاف قائلاً إنّه "لم يتوصّل إلى نتيجة", بل إنّه توصّل إلى "نتيجة ناقصة" ينبغي أن تُستكمل في اجتماع موسكو.
والى ذلك لم تغيّر القيادة الإيرانية في موقفها من الواقع الإقليمي سواء في لبنان أم في سوريا أو النزاع العربي – الإسرائيلي أو الوضع السائد في منطقة الخليج، خصوصاً في البحرين وكذلك في اليمن، فضلاً عن الوضع في العراق حيث يحظى رئيس حكومته نوري المالكي بدعم إيراني كبير وواضح.
وفي هذا السياق، لا يخفي الإيرانيون قلقهم ممّا يجري في سوريا ولبنان والعراق وفلسطين، لكنّ اهتمامهم منصبّ على سوريا بالدرجة الأولى لأنّها تشكل حلقة أساسية في "محور المقاومة والممانعة"، ويعتبرون أنّ ما تتعرض إليه سوريا مدبّر لدى دول الغرب والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، ويُراد منه تقويض نظام الرئيس بشار الأسد إذا لم يكن مُتاحاً إسقاطه.
وإذ يقرّ الإيرانيون بوجود مطالب مشروعة لدى الشعب السوري يفترض بالنظام أن يلبيها، يرون أنّ الحل يكمن في الإصلاحات التي بدأها النظام ويمكن تطويرها تباعاً.
ولا يبدي الإيرانيون أيّ قلق على النظام الذي لا يزال متماسكاً ويحظى بتأييد الغالبية الشعبية، لكنّهم يرون أنّ عليه أن يستعجل الخطى الإصلاحية في موازاة مواجهة خصومه والدول التي تدعمه، ويشيرون إلى أنّه بغضّ النظر عمّا يواجهه النظام هناك شكوى شعبية ينبغي أخذها في الاعتبار وعدم تجاهلها لأنّ ما يحصل ليس كلّه مؤامرة خارجية، إذ في موازاة ذلك هناك مطالب شعبية فعليّة، ربّما ركبت المؤامرة موجتها لاستهداف النظام، ولكن على القيادة السورية أن تعالجها بما يُفقِد خصومها أيّ حجج يتذرّعون بها للاستمرار في معركتهم.
والى ذلك فإنّ الإيرانيين قلقون أيضاً على لبنان في ضوء ما يشهده من اضطرابات وحوادث أمنية، ويرون أنّ هناك قوى خارجية تدفع في اتّجاه إدخال بلاد الأرز في فتنة مذهبية. ولذلك يعتقدون أنّ جلوس القوى السياسية اللبنانية على اختلاف تلاوينها إلى طاولة الحوار هو الوسيلة الناجعة لتجنيب لبنان خطر الفتنة، وأيّ انعكاسات خارجية سلبية على الوضع اللبناني.
أمّا مصر فإنّها تستحوذ على اهتمام كبير لدى القيادة الإيرانية، تعكسه غزارة الوفود المصرية الزائرة طهران في ذكرى رحيل الخميني، وغيرها من المناسبات والمؤتمرات التي تشهدها العاصمة الإيرانية على نحو شبه يومي وتتناول مجمل القضايا التي تشهدها المنطقة، خصوصاً أنّ المسؤولين الإيرانيين يعتبرون أنّ الثورات العربية التي حصلت في عدد من الدول العربية حتى الآن تندرج في إطار "الصحوة الإسلامية" التي أحدثتها ثورة الشعب الإيراني بقيادة الإمام الخميني التي أسقطت حكم الشاه محمد رضا بهلوي في نهاية السبعينيّات من القرن الماضي.
ويحاذر المسؤولون الإيرانيون تحديد الشخصية التي يحبّذون أن تتبوّأ سدّة الرئاسة المصرية، لكنّهم يرون أنّ الشعب المصري يستحقّ قيادة رشيدة تلبّي آمال الشعب المصري وتطلعاته، وتعيد لمصر دورها المؤثر في العالمين العربي والإسلامي، وقد وصفها السيد خامنئي في خطابه أمام مرقد الإمام الخميني بأنّها "بلد كبير وعظيم عريق، ومنطقة أساسية في العالم الإسلامي"، مشيراً إلى "أنّ انتفاضة الشعب المصري وصلت إلى الذروة وكلّ ديكتاتوريات العالم حاولت مساعدة مبارك على قمعه لكنّها فشلت.
وإنّ مصر لم تعد كنزاً استراتيجياً لإسرائيل حسب كلام بعض الصهاينة"، مشيراً إلى "أنّ رؤيتنا للمنطقة تبعث على الارتياح، وأنّ ما يحصل في مصر أمر طبيعي وأنّ الشعب سيتغلّب على الصعوبات".
وعلى المستوى الاقتصادي الإيراني، فإنّ متغيّرات قد طرَأت عليه، وإنّ مَن يزور طهران هذه الأيام يلاحظ بوضوح ارتفاع الأسعار بنسبة كبيرة وهو ارتفاع يشمل مختلف السلع، ويردّ بعضهم هذا الارتفاع إلى العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران بسبب ملفها النووي، لكنّ الإيرانيين إذ يختلفون في تفسير أسباب هذه الظاهرة غير أنّهم يجمعون في النهاية على أنّ هذا الأمر سيكون مسألة عابرة ستزول بمجرد حصول تقدّم في المفاوضات النووية، حيث إنّ الوفد الإيراني طرح في اجتماع بغداد الأخير موضوع الاعتراف بحقّ بلاده بتخصيب اليورانيوم مقدّمة للتفكير في وقف هذا التخصيب بنسبة 20 في المئة، واعتبر أنّ إيران تقدّمت خطوة عبر تعاونها مع المدير العام لوكالة الطاقة الذرية يوكيا امانو خلال زيارته الأخيرة إلى طهران، وأنّها تنتظر خطوة من الطرف الآخر تقضي برفع تدريجي للعقوبات الأربع المفروضة، وهناك تعويل على حصول هذا الأمر نتيجة اجتماع موسكو منتصف الشهر الجاري.
غير أنّ الدولة الإيرانية، وفي انتظار رفع العقوبات، اتّخذت جملة خطوات اقتصادية وقائية وأخرى إستراتيجية فواجهت ارتفاع الأسعار بجملة تدابير مالية على المستويين الشعبي والتجاري، منها تدبير قضى بصرف مبلغ ثلاثة مليارات من الدولارات شهرياً بمثابة إعانات للعائلات بمعدل 40 دولار شهرياً لكل شخص في كل عائلة سواء أكان موظفاً أم غير موظف، في الوقت الذي حدّدت سقفاً لسعر الدولار مقابل العملة الإيرانية وهو 1200 تومان مقابل الدولار، الأمر الذي أراح التجار والشركات وبدّد مخاوفهم من تكبّد أيّ خسائر مالية.
على أنّ الدولة الإيرانية، التي تخوّفت للوهلة الأولى لدى فرض العقوبات النفطية عليها من التعرض إلى نكسة اقتصادية، تمكّنت من استيعاب هذه النكسة بالفارق في ارتفاع أسعار النفط العالمية ما مكّنها من تعويض الفارق من المبالغ التي خسرتها جرّاء توقف بعض الدول عن استيراد النفط الإيراني التزاماً بالعقوبات الدولية.
وفي المحصلة العامّة لا تقف إيران في هذه المرحلة موقف المتفرّج على ما يجري في المنطقة، بل تتصرّف كشريكة فيه وتعوّل أن تنتهي الأوضاع منسجمة مع ثوابتها وتطلعاتها، وهي تعيش أجواء توحي بأنّ ملفها النووي ربما اقترب من النهايات التي تريدها.
ولذلك هي الآن عين على ما يشهده العالم العربي بمشرقه ومغربه، وعين على اجتماع موسكو النووي منتصف الشهر الجاري.
 
كيف تُستدرَج المواقع العسكرية السورية السرّية إلى المواجهات؟
الجمهورية.. جورج شاهين..
إرتفعت في الساعات القليلة الماضية وتيرة التحذيرات الدولية للبنان من التردّدات السلبية المنتظرة للأحداث السورية على ساحته، مصحوبة بالدعوة إلى الحوار للتخفيف قدر الإمكان من أسباب التشنّج التي يمكن أن تستدرج اللبنانيين إلى فتنة مذهبية. فما الدافع إلى هذه التحذيرات؟
على وقع التفاهمات الحكومية التي فكفكت العقد المتحكّمة بالملف المالي، بقيت المراجع اللبنانية المعنية ترصد بدقّة متناهية المعلومات الخارجية التي ترِد إلى بيروت عن حجم المخاطر المحيطة بالساحة اللبنانية بسبب اتّساع رقعة المواجهات في المدن والقرى السورية التي شملتها الثورة بشكل مفاجئ، خصوصاً في مناطق كانت حتى الأمس القريب بعيدة عن هول المعارك التي تدور بين الجيش النظامي والجيش السوري الحر.

وعلى رغم أجواء التفاؤل التي عكسها التفاهم على الحد الأدنى من التضامن الحكومي، والنجاح النسبي للتدابير الأمنية الاستثنائية في طرابلس، وما آلت إليه التدابير المشدّدة على الحدود اللبنانية - السورية لوقف الشكاوى من نقل الأسلحة إلى الداخل السوري، فقد توقفت المراجع المعنية أمام مضمون تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وقيادات دولية أخرى وتوقعاتها السلبية لمجريات الأحداث في سوريا وانعكاساتها المحتملة على لبنان وحده من بين دول الجوار السوري.

ويعترف مرجع أمني لبناني اطّلع على جدول مقارنة بين ما يرد من معلومات من الخارج وتلك التي استقتها الأجهزة اللبنانية بوسائل عدّة من الداخل السوري، بأنّ الوضع في لبنان يستحقّ الكثير من العناية والتنبّه إلى مشاريع إثارة الفتنة وإيقاظ ما دُفن منها في الكثير من "المناطق الحسّاسة".

ماذا في التقارير الخارجية؟

وفي الجدول المذكور كمٌّ من المعلومات الواردة من قيادات دولية وأجهزة أمنية خارجية فيها الكثير من المعطيات السلبية الناجمة عن توسّع مناطق التوتّر في سوريا بشكل لم يكن يتوقّعه أحد، إضافة إلى معلومات تفصيلية عمّا يجري على الحدود السورية - التركية وفي أحياء العاصمة دمشق وريفها وصولاً إلى أرياف درعا، حماه، أدلب وحمص التي تجدّدت فيها محاولات التوغّل السورية تحديداً في حيّ الخالدية ومحيطه، فأحيَت كلّ السيناريوهات التي سبقت الإطباق على حي "بابا عمرو".

والأكثر دلالة، يكمن في الإشارة إلى حجم الأسلحة المتطوّرة التي دخلت إلى "الجيش السوري الحر" ونوعيتها القتالية الفعّالة عبر المنافذ الحدودية مع تركيا.

ومن ضمنها أسلحة للاتّصال والرصد ونصب الكمائن والأفخاخ، ولمواجهة المدرّعات والأسلحة الثقيلة التي يملكها الجيش السوري ما يشلّ قدراتها في المواجهات المباشرة ومحاولات التقدّم في الجبال الوعرة.

وثمّة مَن يتحدث عن أسلحة للحدّ من قدرة الطوّافات القتالية على التدخّل في الجرود والمناطق الوعرة التي تتحكّم بالكثير من المعابر الرئيسية بين المدن والمحافظات السورية.

إلى ذلك، بنَت التقارير الدولية تقديراتها لحجم المخاطر، على ما يتعرّض إليه فريق المراقبين الدوليين من مضايقات للحدّ من قدرته على التحرّك والوصول إلى مناطق التوتر حيث تجري المعارك، وعدم تورّع السلطات السورية من التعرّض إليهم وحجب الحماية عنهم في مناطق يقال إنّها "باتت تحت سيطرة مجموعات إرهابية". ولا يمكن بالتالي للوحدات الحكومية توفير الحماية لهم كما حصل مع الفريق الذي عجز عن الوصول إلى "مزرعة القبير" التي شهدت واحدة من أخطر المجازر بعد الحولة.

...
وما لدى لبنان من معلومات!

وفي الجانب المقابل، تستقي أجهزة أمنية لبنانية الكثير من المعلومات من الداخل السوري، منها ما يشير إلى تقلّص واسع لسلطة القوّات السورية النظامية على الكثير من المناطق حتى في العاصمة دمشق، إضافة إلى فقدان السيطرة على الطرق الدولية السريعة الفاصلة بين المدن الكبرى في شمال البلاد ووسطها.

وفي المعلومات، إنّ مجموعات من الجيش السوري الحرّ باتت تتحكّم بمفاصل أساسية ومناطق شاسعة على الحدود مع تركيا، ومن الطريق الدولي بين حمص ودمشق، وقد نجح هؤلاء في تحرير الكثير من أسراهم أثناء نقلهم من سجون الشمال إلى وسط البلاد والصحراء السورية. ويقول أحد المخطوفين اللبنانيين إنّه أثناء نقله من حمص إلى دمشق، اضطرّت القوات الحكومية إلى سلوك طرق فرعية مخافة الوقوع في كمائن الطريق الدولية باعتراف العسكريين المأمورين بنقلهم.

انشقاقات تستدرج الجيش!

وفي التقارير الدولية واللبنانية، معلومات عن توسّع حركة الانشقاقات في الجيش السوري في مناطق متعدّدة من سوريا، بعد استدراجه إلى مواجهات في مناطق جديدة لم تُشِر إليها الأنباء السابقة، ومجهولة على العالم الخارجي، في ما هي مواقع للثكنات العسكرية وقواعد جوية كانت سرّية حتى الأمس القريب.

وبناءً على ما تقدّم، تقول المراجع المعنية إنّه من البديهي تقدير حجم المخاطر المترتبة على الساحة اللبنانية من جهة، والوعي المطلوب من القيادات اللبنانية من جهة أخرى لتجنّب وقوع لبنان في فخ الفتنة. وكلّ ذلك يمكن بناؤه على عناوين أساسية منها ما حَوَته مداخلة ممثل الاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن الدولي توماس هاردنغ أمس الأول عن أنّ "عسكرة الأزمة السورية تقدّم عدم استقرار للأردن ولبنان، خصوصاً أنّ الأحداث اللبنانية الأخيرة تؤكّد إمكان انتشار الأزمة السورية على أراضيه بسرعة".
 

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,385,069

عدد الزوار: 7,630,511

المتواجدون الآن: 0