الآلاف يشـيّعون قتيلي القطيـف دعوات للأهالي والسلطة للتهدئة...سرديات الغنيمة وربيع البحرين

مقتل 7 بهجوم انتحاري استهدف أكاديمية الشرطة في صنعاء

تاريخ الإضافة الجمعة 13 تموز 2012 - 7:26 ص    عدد الزيارات 3037    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

           
واشنطن: دعمنا لليمن لا يقتصر على الجانب الأمني
مقتل 7 بهجوم انتحاري استهدف أكاديمية الشرطة في صنعاء
 الرأي..صنعاء - من طاهر حيدر
قتل 7 واصيب عشرات اخرون بجروح في هجوم انتحاري استهدف، امس، مدخل اكاديمية الشرطة في صنعاء.
وقالت مصادر متطابقة ان الهجوم وقع لدى خروج الطلاب الضباط من الاكاديمية عشية بدء العطلة الاسبوعية.
واوضح الضابط الذي يتولى التحقيق في الهجوم: «لقد تبين لنا بعد نقل الضحايا ان الاعتداء الانتحاري اودى بـ 7 اشخاص واصاب العشرات بجروح». واضاف رافضا ذكر اسمه ان «هذه الحصيلة قد ترتفع نظرا للاصابات الخطيرة في صفوف الجرحى».
وكان مصدر امني اعلن في وقت سابق «مقتل 22 شخصا على الاقل واصيب عشرات بجروح في الاعتداء الانتحاري». واوضح ان الانتحاري كان يقود سيارة فجرها وسط الطلاب الضباط.
لكن شهوداً ذكروا ان الانتحاري وصل بسيارة اجرة وفجر نفسه امام المدخل الجنوبي للاكاديمية. واضافوا ان السيارة تناثرت قطعا بفعل قوة التفجير وغطى حطامها جانبي المدخل.
وهرعت سيارات الاسعاف لنقل القتلى والجرحى في حين فرضت قوات الامن طوقا حول المكان مانعة الاقتراب.
الى ذلك، قتل قيادي في «الحراك الجنوبي» وأصيب 3 آخرون، امس، بمواجهات مع قوات الأمن المركزي في عدن.
من ناحيته، قال وكيل وزارة الخارجية الأميركية وليام بيرنز، امس، إن الدعم الأميركي لليمن «لا يقتصر على الجانب الأمني فقط» لمقارعة تنظيم «القاعدة»، لكنه يمتد إلى كل الجوانب السياسية والاقتصادية..
 
"القاعدة" يهاجم قلب صنعاء ويقتل طلاباً في كلية الشرطة
المستقبل..صنعاء ـ صادق عبدو ووكالات
عاد تنظيم "القاعدة" إلى هوايته المعتادة في استهداف الجنود اليمنيين حين سقط أمس عدد من القتلى والجرحى جميعهم من طلاب كلية الشرطة الواقعة في قلب العاصمة صنعاء، في عملية قام بتنفيذها أحد أعضاء التنظيم ظهراً عندما كان الطلاب يغادرون الكلية في إجازة أسبوعية.
وأكدت مصادر أمنية أن انفجاراً عنيفاً هز الشارع الذي تقع فيه كلية الشرطة حيث تبين أن انتحارياً في العشرينات من العمر ترجل من إحدى السيارات ووقف أمام بوابة كلية الشرطة وهو يحمل حزاماً ناسفاً مخفياً تحت ملابسه، حين كان العديد من الطلاب يقفون أمامها استعداداً للخروج في إجازة أسبوعية قبل أن يسمع صوت دوي انفجار هائل ناتج عن حزام ناسف، وأسفر الانفجار عن مقتل عشرة طلاب على الفور، فيما أصيب المهاجم إصابات خطيرة بعد بتر إحدى يديه وإحدى قدميه قبل أن يفارق الحياة بعد ساعتين من نقله مع عدد آخر من المصابين إلى مستشفى الشرطة لتلقي العلاج عبر طواقم إسعافية تابعة للشرطة وسيارات مواطنين تبرعوا بالمساعدة.
وأعلنت اللجنة الأمنية العليا مساء أن ثمانية يمنيين قتلوا وأصيب عشرون آخرون بجروح في الهجوم. وقال ضابط في الشرطة القضائية اليمنية إن الحصيلة قد ترتفع بسبب خطورة إصابة بعض الطلبة.
وأشارت المصادر الأمنية إلى أن الانتحاري ويدعى محمد عبد الرحمن العري، ترجل من إحدى السيارات وفجّر نفسه أمام البوابة الجنوبية للكلية، وقد قبض على سائق السيارة وعلى ثانٍ كان يقف إلى جانبه بعد أن طوقت قوات الشرطة المكان وقامت بتفتيش السيارات التي كانت تمر بالقرب من مكان الحادث .
وأوضحت المصادر أن فريق تحقيق أميركياً وصل الى موقع الانفجار لمعاينته والمشاركة في التحقيقات التي شرعت بها قوات الأمن اليمنية.
وأفاد شرطي طلب عدم ذكر اسمه لـ"رويترز" بأن الطلاب كانوا يغادرون الكلية عندما تعرضت للهجوم. وقال "كان الطلاب يغادرون الكلية في نهاية الأسبوع كالعادة ولم نسمع إلا صوت انفجار قوي. جرينا إلى المكان فوجدنا العشرات من الطلاب مضرجين بالدماء. والدماء في كل مكان. كان منظراً مرعباً. الدماء والأشلاء في كل مكان".
وذكر شاهد آخر أنه رأى رجلاً في العشرينات من عمره يندس وسط الطلبة الذين تجمعوا وسط الأكاديمية. وأضاف "كنت في انتظار أحد أقاربي أمام بوابة الكلية. فجأة بدأ الطلاب بالخروج من البوابة وما إن وصل عدد الخارجين إلى العشرات جاء شاب (في العشرينات) ودخل وسط هؤلاء. ولم أسمع إلا صوت انفجار قوي جداً هز المكان، ورأيت الطلاب مرميين على الأرض والدماء في كل مكان".
وجاءت هذه الحادثة بعد نحو ثلاثة أسابيع من عملية اغتيال قائد المنطقة العسكرية الجنوبية سالم قطن، وهي العملية التي تبناها تنظيم "القاعدة" انتقاماً من الضربات التي وجهها الجيش الى عناصر أنصار الشريعة في محافظة أبين وطردهم من المعاقل التي كانوا يسيطرون عليها منذ أكثر من عام.
وكان تنظيم "القاعدة" نفذ أكبر عملية في تاريخ عملياته في اليمن عندما أقدم على تنفيذ مجزرة ميدان السبعين في العاصمة صنعاء أسفرت عن مقتل ما يصل إلى 120 جندياً وجرح أكثر من 300 آخرين أثناء تدريبات كانوا يقومون بها في إطار عرض بمناسبة عيد الوحدة الوطني في الثاني والعشرين من أيار الفائت.
وقتل أحد أنصار الانفصال وأصيب أربعة أشخاص آخرين بجروح بينهم امرأتان، في صدامات مع الشرطة في عدن جنوب اليمن أمس، كما أفاد ناشط.
وأوضح نزار السعيدي الناشط المؤيد للحراك الجنوبي إن شرطيين دخلوا الى حي المنصورة وأثاروا غضب السكان الأمر الذي سبب إطلاق عيارات نارية وصدامات. وأضاف الناشط إن "شخصاً قتل وجرح أربعة آخرون بينهم امرأتان".
على صعيد آخر، انسحب معظم أعضاء مجلس النواب أمس على خلفية الهجوم الذي تعرض له رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة ووزير المالية صخر الوجيه من قبل أحد أعضاء المجلس، حيث وصف النائب محمد الشائف عن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، باسندوة بأنه غير يمني وأن أصله ربما يعود إلى الصومال أو إريتريا، كما هدد بتربية وزير المالية صخر الوجيه كما فعل رئيس المجلس قبل عدة سنوات.
وفي الجلسة التي غاب عنها باسندوة وحضرها وزراء المالية والنقل والكهرباء والزراعة، قال الشائف "نريد رئيس حكومة يمنياً لأن من يرأسها إرتيري أو صومالي". وأضاف بينما كان النواب يطالبونه بسحب كلامه ورفع صخر الوجيه لنقطة نظام، "إذا كان صخر الوجيه سيرد عليّ بنقطة نظام، فأنا سأربيه مثلما رباه الأخ يحيى الراعي" رئيس المجلس..
 
الآلاف يشـيّعون قتيلي القطيـف دعوات للأهالي والسلطة للتهدئة
مشيعون يحملون لافتة كتب عليها «هنا جمهورية الاحساء والقطيف.. لا مملكة الوهابية وآل سعود»
جريدة السفير...
           
           
شيّع الآلاف في مدينة القطيف جثماني الشابين محمد الفلفل وأكبر الشاخوري اللذين قتلا برصاص عناصر الأمن أثناء تفريق مسيرة نظمت يوم الأحد الماضي احتجاجاً على اعتقال رجل الدين البارز الشيخ نمر النمر، في وقت دعت شخصيات محلية، بينها رجال دين شيعة، أهالي القطيف إلى الهدوء، وعدم السماح باستدراجهم إلى وضع من الممكن أن يؤدي إلى إراقة الدماء.
وانطلق موكب تشييع محمد الفلفل من مغتسل الدبابية في وسط القطيف، حيث حمل آلاف المشيعين جثمان الشاب في ظل أجواء مشحونة. وردد المشيعون أثناء الجنازة شعارات سياسية مناوئة للسلطات، ومن بينها «يسقط محمد بن فهد» في إشارة إلى أمير المنطقة الشرقية.
وفيما خلا محيط موكب التشييع من أي تواجد ظاهر لقوات الأمن، ذكر المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية منصور التركي ان قوات الأمن بذلت قصارى جهدها لضمان أمن المشيعين.
 
وأضاف منصور التركي «تجمّع عدد لتشييع أحد المتوفين، وقد حاول بعض مثيري الشغب استغلال التجمع بالاندساس بين صفوف المشيعين لإخراج المناسبة عن إطارها، ما استدعى قيام الأجهزة الأمنية بواجبها المنضبط في حفظ الأمن والمحافظة على سلامة المشيعين الذين انصرفوا بعد استكمال التشييع».
وقتل الفلفل والشاخوري برصاص عناصر الأمن أثناء تفريق مسيرة حاشدة خرجت احتجاجاً على اعتقال السلطات الشيخ نمر النمر.
وأظهرت صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي جثمان الفلفل وهو على المغتسل، وقد بدت عليه آثار الرصاصات التي اخترق بعضها رأسه وكتفه ورجليه.
وقال شهود إن آلافاً شيّعوا الشاخوري في قرية العوامية في القطيف.
وقالت مصادر أمنية إن مقتل الشابين جاء نتيجة إطلاق نار من مصادر مجهولة، لكن ناشطين في القطيف أكدوا أن قناصة من الشرطة كانوا متمركزين على أسطح المباني هم من قتلوا الشابين.
وقال مساعد المتحدث باسم شرطة المنطقة الشرقية محمد الشهري أن السلطات تجري تحقيقا في الحادثة للتعرف على الجناة وتقديمهم إلى العدالة.
وتسبب اعتقال النمر ومقتل الاثنين في تصاعد التوتر في أكثر مناطق السعودية اضطرابا والتي تتركز فيها الأقلية الشيعية. وقال شقيق الشيخ النمر، محمد باقر النمر، في حديث إلى «السفير» ينشر غداً، «ما زلنا قلقين على مصيره، خصوصاً أنه أصيب إصابة في الرجل لم نعرف حجمها، لم تعطَ لنا فرصة لزيارته والاطمئنان عليه». وأشار إلى أن الفرصة الوحيدة للاطمئنان على الشيخ النمر كانت من خلال «البيان الذي صدر عن وزارة الداخلية، الذي اكتفى بالقول إنه على قيد الحياة».
وشدد محمد باقر النمر على أن أخاه «لم يكن مسلحاً ولم يكن أحد معه، خلافاً لما ذكرته وزارة الداخلية»، معتبراً أن إطلاق النار عليه ربما كان «محاولة اغتيال... ولعلهم (أجهزة الأمن) كانوا يريدون ذلك لكي ينهوا الملف».
في هذا الوقت، أصدرت مجموعة من الشخصيات المحلية ورجال الدين في القطيف، من بينهم الشيخ عبد الله الخنيزي، وهو قاض شرعي شيعي سابق، بياناً إلى أهالي المنطقة جاء فيه «المرحلة المتوترة والعــصيبة التي تمــر بها القطيف تحتم علينا جميعا العـــمل بكل ما نستطيع على صيانة المجتمـــع من أي تدهور أمني حــفاظا على الأنــفس والحرمات».
وشدد البيان على «ضرورة عدم انزلاق الأمور إلى ما لا تحمد عقباه»، مشيرا إلى «أهمية مواصلة لغة الحوار ونبذ العنف بجميع أشكاله».
ودعا البيان قوات الأمن إلى «ضبط النفس من أجل عبور هذه المرحلة الحرجة والخطيرة بسلام». وشهدت المنطقة منذ أوائل العام الماضي سلسلة مسيرات شعبية طالبت بإطلاق سراح سجناء سياسيين غير محكومين منذ سنوات طويلة إلى جانب مطالبة الحكومة السعودية بإصلاحات سياسية ورفع التمييز الطائفي.
كما وجهت شخصيات محلية رسالة إلى رئيس الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله الذي يزور المنطقة الشرقية يناشدونه «منع تواجد المصفحات العسكرية في الشويكة في القطيف وقرب الكلية التقنية، لان تواجدها سبب البلاء وسقوط الشهداء قبل أشهر وقبل يومين أيضا».
وأضافت الرسالة ان «القطيف كلها تقريبا هادئة فلا تواجد للمصفحات العسكرية ما عدا حي الشويكة، مدخل القطيف من جهة الجنوب، فوجود المصفحات يشكل مصدر استفزاز وربما استغلال من قبل المندسين من أفراد القاعدة أو غيرهم لتوتير الاوضاع الأمنية».
وتقع القطيف قرب البحرين التي شهدت اضطرابات العام الماضي بسبب مطالب من الأغلبية الشيعية هناك بإجراء إصلاحات سياسية.
وفي بيان أصدروه يوم أمس، دعا شباب «ثورة 14 فبراير» في البحرين إلى تنظيم مسيرات في جميع مناطق المملكة تضامنا مع شهداء السعودية والشيخ نمر النمر.
ونفذ «ائتلاف الرابع عشر من فبراير» في البحرين فعالية أطلق عليها «عملية النمر» حيث تم إغلاق أكثر من ستين طريقا حيويا بصورة مفاجئة.
(«السفير»، أ ف ب، رويترز)
 
سرديات الغنيمة وربيع البحرين
جريدة السفير..عبد الهادي خلف..
يقل عدد أفراد العائلة الخليفية عن أربعة آلاف شخص، إلا إن حصتهم من الوزارات هي 40 في المئة، بالإضافة إلى رئاسة مجلس الوزراء واثنين من ثلاثة نواب للرئيس. وتشمل الوزرات المخصصة للعائلة الحاكمة جميع الوزارات السيادية (الخارجية والدفاع والداخلية والمالية والعدل إضافة للمواصلات). وتتكرر هذه الحصة في توزيع المناصب العليا في الداخلية (35 في المئة)، والدفاع (50 في المئة)، والهيئات القضائية (27 في المئة)، وهي الحصة ذاتها التي تأخذها العائلة الخليفية من مجموع المناصب العليا في الشركات الحكومية والمختلطة. أما مجلس الدفاع الأعلى، فللعائلة ثلاثة عشر مقعداً من مقاعده الأربعة عشر.
لا تتعب السلطة الخليفية في البحرين من تكرار مقولة ان البلاد غنيمة الفتح، وإن شرعية حكمها تستند إلى قيادتها قبائل قدمت من الجزيرة العربية في العام 1783. ذاك هو ما يسميه دارسو الوضع السياسي الاجتماعي في البحرين وغيرها من دول الخليج العربي بـ"موروث الفتح وسرديات الغنيمة" لتفسير استحواذ العائلة الحاكمة على أدوات السلطة ومصادر الثروة في البلاد، والعلاقات بين مختلف مكونات المجتمع. وسرديات الغنيمة حاضرة في تسميات الأماكن العامة وفي النصُبِ والمجسمات المقامة بهدف تذكير الناس بمن هو الغالب عام 1783، ومن هو المغلوب حتى الآن. فالمسألة بالنسبة للعائلة الحاكمة لا تنحصر في استحضار فتح البحرين كحادثة تاريخية، بل بالتذكير بدورها في شرعنة اعتبار البلاد غنيمة لزعيمة القبائل الفاتحة.
تتشابه البحرين مع غيرها من بلدان الخليج العربي في أن لأبناء وبنات العوائل الحاكمة امتيازات تفوق ما تحلم به أكثر الفئات حظوة في المجتمع. ولا ينحصر ذلك في المردود المالي لهذه الامتيازات، بل أيضا في ما تؤسس له من مصادر قوة سياسية واجتماعية، وما توفره من حصانة قانونية وفوق قانونية. فبجانب الاستحواذ على المراكز القيادية في إدارات الدولة وأجهزتها، وفرت الموارد المالية الضخمة للعوائل الحاكمة قدرات إضافية مكنتها من التحكم في المجتمع، بل إعادة تنظيمه بما يتوافق مع رؤية كل عائلة حاكمة لمصالحها.
لعبت الطفرة النفطية منذ 1973 دوراً أساسيا في صياغة هذه العلاقة بين العوائل الحاكمة ورعاياها. ومعلومٌ أن سعر برميل النفط تضاعف ثلاث مرات في الأسابيع الأولى بعد حرب أكتوبر ليصل إلى 12 دولار في نهاية ذلك العام. ثم استمر الارتفاع رغم التقلبات الدورية ليستقر في السنوات الأخيرة في محيط المئة دولارللبرميل. ساهم ازدياد العوائد النفطية منذ الطفرة، على الرغم من تقلبات السوق، في تعزيز سرديات الغنيمة وانتشارها في دول الخليج العربي كافة، فتكرست كأساس لعلاقة العوائل الحاكمة بالناس، بغض النظرعن خلفياتهم الطائفية أو القبلية.
وبجانب ارتفاع أسعاره، زاد الإنتاج النفطي لبلدان مجلس التعاون الخليجي بسبب تحسن تقنيات الإنتاج والاكتشافات الجديدة، لتصل قيمة الصادرات النفطية إلى أكثر من 500 مليار دولار في العام 2011. وهكذا تمكنت العوائل الحاكمة، تدريجا لكن بثبات، من بناء دول "يتزامن فيها ما لا يتزامن" بحسب تعبير قديم لبسام طيبي. ففي البحرين، كما في بقية بلدان مجلس التعاون الخليجي، يتزامن نظام حكم قبلي متشدد في محافظته اجتماعياً وثقافيا وسياسياً مع نظام اقتصادي حديث يمارس دوره بدينامية في النظام الرأسمالي العالمي، وهو ما ترمز إليه عضوية المملكة العربية السعودية في ما يُعرف بمجموعة العشرين. بل يزداد اندماج دول الخليج في هذا النظام في مجاليْن هاميْن: الأول يتمثل في أن دول الخليج الست، بجانب كونها مصدرا رئيسا للنفط والغاز، لديها مرونة إنتاجية وتصديرية تمكِّنها من المحافظة على استقرار أسعار النفط وإمداداته، وعلى تعويض أي نقص طارئ في سوق النفط والغاز العالمية. أما الثاني فهو أن هذه الدول هي منطقة استيراد رئيسة من البلدان الغربية بما في ذلك أنظمة السلاح المتقدمة. فالسعودية مثلاً، التي زادت ميزانيتها العسكرية في العام 2011 على 48 مليار دولار، كانت قد أعلنت في نهاية العام الماضي عن توقيع إتفاقية مع الولايات المتحدة الأميركية لشراء أسلحة ومعدات وخدمات عسكرية بقيمة تزيد على 29 مليار دولار.
رأينا بعض آثار "تزامن ما لا يتزامن" في أساليب إعادة صياغة علاقة العوائل الحاكمة بحلفائها التقليديين من جهة وعلاقتها مع رعاياها. فلم يعد مشايخ القبائل ورجال الدين والوجهاء التقليديون قادرين على منافسة العوائل الحاكمة، بل أصبح أغلب هؤلاء يعتمدون على رضا الشيخ/الأمير/الملك لضمان احتفاظهم بمواقعهم. من جهة ثانية، فَقدت أعراف ما قبل الطفرة النفطية دورها الذي كانت تلعبه في تشكيل العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وفقد معها المواطنون ما كان يميزهم في السابق عن غيرهم من فئات السكان من امتيازات وحقوق مكتسبة.
عزز ازدياد الريع النفطي قدرات كل عائلة حاكمة على "تدوير" النخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية في بلدها، بمن في ذلك الوجهاء التقليديون والتكنوقراط. وعلى عكس ما يبدو في الظاهر، فإن التدوير يشمل جميع الفئات، بغض النظر عن انتماءاتها القبلية أو الطائفية. فباحتكار سلطة توزيع موارد البلاد المالية، بما فيها مردود الإنتاج النفطي، تُبقي تلك العوائل الحاكمة أغلب النخب رهائن لديها، وتهمِّش من تشاء بل تصنع نخباً جديدة. ويتم ذلك عن طريق اختيار من يقوم بتنفيذ المشاريع من مختلف الأحجام التي تمولها الحكومات الخليجية أو تشارك في تمويلها.
يعرف كل وجيه في كل دولة خليجية، سواء كان سنياً أو شيعياً، قبلياً أو حضرياً، عربياً أو من أصول غير عربية، أن رضا العائلة الحاكمة في بلده هو ضمانة استقرار مركزه المالي وتطوره، وهو مفتاح الدور المتاح له ممارسته في المجال العام، وهو أساس مكانته الاجتماعية. وتتعدد الأمثلة في كل بلد خليجي على حالات مأساوية لمن أُزيحوا من مراتبهم العليا في الهرم الاجتماعي وفي السوق بسبب عدم مراعاتهم هذا القانون غير المكتوب. ولعل في هذا بعضا من تفسير استمرار الدور الهامشي الذي تلعبه هذه الفئات في الشأن العام وتحاشيها ما يقودها إلى مواجهة تسبب غضب العوائل الحاكمة، بل حتى مجرد عدم رضاها.
وعن طريق احتكار سلطة توزيع الريع النفطي، تمتلك العوائل الحاكمة قدرة غير محدودة على تعظيم أرباح المشاريع التي يتم التعاقد على تنفيذها. فكما أوضحت التحقيقات البريطانية في قضايا الرشوة ضمن إحدى صفقات الأسلحة البريطانية (صفقة اليمامة)، حصل أحد الأمراء السعوديين على مليار جنيه إسترليني في مقابل دوره في تمرير الصفقة. ومعلومٌ أن تعظيم الأرباح يتم بطرائق مختلفة من بينها تلزيم المشاريع بعقود تفوق كلفتها الحقيقية بكثير. ومنها قبول تنفيذ مشاريع بكفاءة ونوعية أقل مما تم التعاقد عليه. ففي البحرين على سبيل المثال، يستعرض تقرير الرقابة المالية في كل سنة أمثلة كثيرة على الهدر الناجم عن الأساليب المعتمدة في تلزيم المشاريع الحكومية. وفي حين تتم محاسبة بعض صغار المسؤولين، لا تتضمن التقارير ما يقوم به أفراد العائلة الحاكمة نفسها. لقد اشترى رئيس الوزراء في البحرين، وهو عم الملك، مجمع المرفأ المالي في قلب العاصمة بدينار واحد. وساهم كشف هذه العملية بين المحتشدين في دوار اللؤلؤة إلى تنظيم مسيرات باتجاه المرفأ المالي بهدف الاعتصام فيه، ما سبب مواجهات مع القوى الأمنية وسقوط ضحايا.
سواء أكان تعظيم الأرباح إفساداً أم فساداً، فإن سلطة العائلة الحاكمة على أجهزة القضاء وتنفيذ القانون تجعلها قادرة على محاسبة أو منع محاسبة المتهمين بالفساد. فكما لا يمكن لأستاذ جامعي أو مدير إدارة أن يستمر في وظيفته إلا برضا العائلة الحاكمة أو في رعاية أحد أفرادها، فلا يمكن لفاسدٍ أن يفسد، كثيراً أو قليلاً، إلا بعد أن يُنتقى لذلك.
وهكذا تمكنت كل عائلة حاكمة من إعادة رسـم الخريطة الســياســية/الاجتماعية بمختلف الطرائق، وخلق حقائق ديموغرافية جديدة وملائمة. نكتفي بالإشارة إلى ثلاث طرائق من بين غيرها: 1) التحكم في توزيع مناطق تشييد المشاريع الإسكانية والمدن الجديدة، والتحكم في توزيع المواطنين والوافدين عليها، 2) التحكم في استيراد العمالة الأجنبية وأعدادها ومصادرها، وأبرز نتائج هذا هو "أجْنبة الطبقة العاملة في الخليج" والمتمثل في تقليص المكون العربي (تشكل العمالة الوافدة من بلدان شبه القارة الهندية وحدها في العام 2011 55 في المئة من مجموع الأيدي العاملة في بلدان الخليج)، 3) الدور الذي تؤديه سياسات التجنيس الجماعي (وسحب الجنسية الجماعي) في تحديد الوزن الديموغرافي النسبي لمكونات السكان قبلياً وطائفياً.
وتلعب "المكرمات" دوراً هاماً في تعزيز قدرات العوائل الحاكمة في الخليج على إعادة رسم الخريطة السياسية / الاجتماعية. والمكـرمـة هي عطية من الشيخ/الأمير/الملك يمنحها وقتما يريد لمن يريد. هي حـق مطـلق له فان شــاء منح وإن شــاء منع. ولقد توسع هذا المفهوم في العقود الأخيرة ليشمل حصول المواطن على مسـكن أو عمـل أو تعويض بطـالة أو علاج صـحي أو حتى جواز سـفر. ولقد رأينا تأثير هذا التوسع في تغييب "حقوق المواطنة واستحقاقاتها" من الخطاب السياسي المعتمد، في مقابل انتشار المدائح التي تبرز فيها المكرمات التي يتفضل بها حاكمٌ كريم على رعاياه تقديراً منه لولائهم. فليس للمواطنين حقوق يطالبون بها بل هي احتياجات يعود قرار توفيرها لتقدير الشيخ/الأمير/الملك.
بطبيعة الحال، لا تفسر هذه الترتيبات السياسية / الاجتماعية وحدها حقيقة أن العوائل الحاكمة في بلدان الخليج العربية تمكنت طوال العقود الماضية من المحافظة على استقرار حكمها رغم كل ما شهده محيطها الجغرافي طوال العقود الماضية من ثورات وحروب. فلقد استندت فاعلية الترتيبات على ثلاثة مرتكزات إضافية. الأول هو ما وفرته عائدات النفط من إمكانيات لبناء أجهزة أمنية وعسكرية حديثة وقادرة على مواجهة كل تحرك داخلي. والثاني هو دور الحماية المتبادلة الذي توفره كل من العوائل الحاكمة لمثيلاتها، وهو ما حدث حين تدخلت القوات السعودية لقمع الاحتجاجات في دوار اللؤلؤة في البحرين. أما الثالث فيتمثل في مظلة الحماية العامة التي تتمتع بها العوائل الحاكمة في الخليج بفضل علاقاتها الاستراتيجية، سياسياً وعسكرياً ونفطياً، مع الولايات المتحدة الأميركية التي تنتشر قواعدها ومنشآتها الأمنية والعسكرية في جميع أراضي بلدان المنطقة ومياهها الإقليمية.
في إطار هذه الصورة لم يتوقع أحدٌ أن تكون إحدى بلدان الخليج من بين بلدان "الربيع العربي". ولهذا كان رد فعل العوائل الحاكمة في المنطقة سريعاً وحاسماً، حين أزهرت أولى أزهار الانتفاضة في البحرين. ولهذا أيضاً سارعت السعودية والإمارات الى التدخل العسكري لإخمادها قبل انتشارها. ولهذا أيضاً لم تتأخر بقية العوائل الحاكمة عن تقديم أشكال الدعم الأخرى، المالية والسياسية والأمنية، للعائلة الحاكمة في البحرين. فلقد كان المحتجون في دوار الؤلؤة يعلنون أن المنطقة برمتها، وليست البحرين وحدها، على مشارف تغيير تاريخي لتجاوز الترتيبات الأجتماعية/ السياسية التي تكرست طوال العقود الماضية.
* باحث من البحرين وأستاذ الاجتماع السياسي في جامعة "لوند" ـ السويد

المصدر: مصادر مختلفة

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff..

 الأربعاء 2 تشرين الأول 2024 - 6:21 ص

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff.. The long-running feud between Libya’s competing au… تتمة »

عدد الزيارات: 172,537,009

عدد الزوار: 7,695,305

المتواجدون الآن: 0