تركيا تلوح لدمشق باتفاقية أضنة «السرية».. الأسد يجهز دفاعه في لاهاي

حلب تتأهب لمعركة فاصلة.. حلب.. من عاصمة النظام الاقتصادية إلى عاصمة المعارضة السياسية بعد «معركة الحسم

تاريخ الإضافة السبت 28 تموز 2012 - 6:01 ص    عدد الزيارات 2324    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

حلب تتأهب لمعركة فاصلة.. وتركيا تلوح باتفاق «أضنة السري»
خميس دام حصيلته نحو 150 قتيلا * المجموعة العربية تقرر التوجه للأمم المتحدة * أردوغان: الأسد ودائرته المقربة يوشكون على الرحيل
جريدة الشرق الاوسط... بيروت: ثائر عباس وكارولين عاكوم وليال أبو رحال الرياض: سالم سلمان
تتأهب مدينة حلب لمعركة فاصلة بين القوات النظامية السورية والجيش السوري الحر، وسط تحذيرات دولية خاصة من فرنسا من وقوع مجزرة جديدة.. بينما حذرت تركيا النظام السوري من مغبة «التورط في دعم الجماعات الإرهابية المسلحة»، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني المحظور، ملوحة بما يعرف بـ«اتفاقية أضنة» السرية، التي يسمح أحد بنودها لتركيا بحق تعقب المقاتلين في الداخل السوري «إذا تعرض أمنها للخطر».
في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إن الرئيس السوري بشار الأسد وأفراد دائرته المقربة يوشكون على ترك السلطة، وإنه يجري الاستعداد لعهد جديد هناك.
ووسط معارك شرسة تدور رحاها في مدينة حلب، يحشد النظام قواته حول المدينة، فيما استدعى الثوار تعزيزات من عدد من المناطق القريبة في إدلب وسط أنباء عن توجه نحو ألفي عنصر إلى المدينة.
واستمرت الاشتباكات في بعض أحياء دمشق، وطال القصف حمص ودير الزور ودرعا، مما أسفر عن سقوط نحو 150 قتيلا في مختلف الأنحاء أمس، فيما أطلق عليه الناشطون «الخميس الدامي».
ويأتي ذلك بينما أكد عبد الله المعلمي، المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة لـ «الشرق الأوسط»، أن الدول العربية قررت التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى تتولى الجمعية مسؤولياتها تجاه ما يحدث في سوريا.
 
حلب.. من عاصمة النظام الاقتصادية إلى عاصمة المعارضة السياسية بعد «معركة الحسم»، الثوار يؤكدون أن «بنغازي» سوريا باتت «قاب قوسين» من التحرير بعد السيطرة على الريف

جريدة الشرق الاوسط... بيروت: كارولين عاكوم... في خضم المعارك الشرسة التي تدور رحاها في مدينة حلب، ورغم الاستعدادات التي تقوم بها قوات النظام لشن هجوم على المدينة لاستعادة السيطرة عليها؛ بعد استقدام تعزيزات من القوات الخاصة إلى الجهة الشرقية، بهدف تنفيذ هجوم مضاد شامل اليوم الجمعة أو غدا السبت على حلب، يؤكّد كل من الجيش السوري الحر والناشطون في قيادة الثورة أنّ حلب - التي يرى المراقبون أنّها ستكون «بنغازي» سوريا - باتت «قاب قوسين» من التحرير.
وبالتالي فإن هذه المنطقة التي تعتبر عاصمة النظام الاقتصادية في سوريا، هي اليوم الهدف الأوّل بالنسبة إلى الجيش الحر، وذلك ضمن خطّة تحويلها إلى العاصمة السياسية الأولى بالنسبة إلى المعارضة، ولا سيما المجلس الوطني السوري الذي أعلن رئيسه عبد الباسط سيدا أنّ «مشكلة المنفى سيتم تجاوزها قريبا والحكومة الانتقالية التي يتم العمل عليها، ستكون في الأراضي المحررة وقد تكون مدينة حلب».
وهذا ما لفت إليه أيضا مصدر قيادي في المجلس الوطني السوري لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «نأمل ونتمنى أن تتحوّل حلب إلى العاصمة السياسية للمعارضة، لا سيما أن المعركة في حلب تتجه نحو الحسم بعدما وصلت المواجهات إلى الشوارع في داخل المدينة؛ رغم كل التعزيزات العسكرية التي يقوم النظام بإرسالها إليها من حماه وإدلب.. وبالتالي يبقى الرهان على الجيش الحر لإضعافها وإنهاكها قبل وصولها». وانطلاقا من هذا الواقع، يؤكدّ العقيد عارف الحمود، نائب رئيس الأركان في الجيش الحر، أنّ النظام يستميت لسحب قواته من عدد من المناطق وتوجيهها إلى حلب، وهذا ما حصل أوّل من أمس في جبل الزاوية بعدما حاول نقل القوات الموجودة فيه إلى حلب.. لكن الضربات بدأت تتوالى عليها وفقدت أكثر من 40 في المائة من قدراتها بعد اجتيازها ما بين 20 و30 كيلومترا، وكان قد سبقها هزيمة قوات مدرسة المشاة. وتابع الحمود لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذا لن يكون بالأمر السهل بالنسبة إليه، فهو يتكبّد خسائر فادحة في صفوف هذه القوات قبل وصولها إلى حلب، وذلك نظرا إلى انتشارنا على طول الطرقات والكمائن التي ننصبها لها». ويلفت الحمود إلى أنّ «المعركة ترتكز بالنسبة إلى النظام على إيصال قواته إلى حلب، فيما يرتكز هدفنا على مواجهتها». وفي حين يؤكّد أنّ حلب باتت «قاب قوسين» من التحرير، يعتبر أنه في حال نجح النظام في إيصال قواته، وهذا لن يتحقّق، رغم استخدامه الطائرات التدريبية التي تحمل قنابل ورشاشات في القصف، فإن المعارك ستكون طويلة الأمد وأكثر شراسة. ويؤكّد الحمود أنّ الجيش الحر بسط سيطرته على كامل ريف حلب، وعلى معظم المناطق في مدينة حلب، فيما وجود قوات النظام مقتصر على الأماكن أو المساحات المحدّدة التي تتركّز فيها مراكز الفروع الأمنية وحيث يركّز آلياته العسكرية، لافتا إلى أنّ هناك عددا من هذه المراكز في منطقة ملاصقة لحلب، تقع تحت الحصار من قبل كتائب الجيش الحر ويعمد النظام على إمدادها من خلال استخدام الطائرات، وهي «مدرسة المشاة وكلية المدفعية وكلية التسليح والمدرسة الجوية».
بدوره يرى ياسر النجار، عضو قيادة الثورة في حلب، أنّ نتائج خطّة التحرير التي يسير عليها الثوار وعناصر الجيش الحر ممتازة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تحرير مدينة حلب أصبح قريبا جدا بعدما سيطرنا على ريفها»، مضيفا «امتلكنا الأرض وما نحتاج إليه اليوم هو امتلاك السماء، أي السلاح النوعي، وتوقيف الهجمات الجوية التي أصبحت الوسيلة الوحيدة التي يعتمد عليها النظام بعد الخوف الذي يسيطر على عناصره».
ويضيف النجار «الوضع على الأرض ممتاز ومعنويات الثوار مرتفعة جدا، لا سيما بعدما عمدنا إلى تنظيم الصفوف وتدريبهم بشكل دقيق، بما في ذلك على الحرب الوقائية من الحرب الكيميائية، وإن كان ينقصنا الكثير من المعدات اللازمة ولا سيما منها الكمامات والأقنعة الواقية». وهذا التنظيم شمل أيضا السجون التي عمدت المجالس الثورية إلى وضع قواعد وأسس لوضع المعتقلين من النظام في داخلها، إضافة إلى كيفية تزويدهم بالذخيرة التي توزّعت مستودعاتها في كل المناطق بحيث يصبح من السهل عليهم الوصول إليها. كما أكّد النجّار أنّ يوم أوّل من أمس تمّ الاستيلاء على ثكنة هنانو العسكرية، بما فيها من أسلحة وذخيرة، وهي مركز تدريب لقوات حفظ النظام.
ويؤكّد كل من النجار والحمود أنّ الجيش الحر يسيطر لغاية الآن على كامل ريف حلب وعلى مناطق محدّدة في المدينة، وهي، صلاح الدين والصاخور وطريق الباب والشعار وباب الحديد والفردوس ومساكن هنانو، والعامرية وسيف الدولة والإذاعة والزبدية والفردوس والحيدرية ومساكن هنانو، والتي تمتد على الخريطة من الجنوب إلى شرق حلب. وهي مناطق ذات كثافة سكانية كبيرة، إذ يصل عدد سكانها إلى نحو 700 ألف نسمة. ويشير النجار إلى أنّ هذه المناطق باتت خالية تماما من قوات النظام، حتى إنّ التنقّل فيها أو الدخول إليها يتطلّب المرور على حواجز تابعة للجيش الحر، ويعيش فيها الأهالي حياة طبيعية، لا سيما أنّ هناك حواجز متنقّلة للجيش الحر.
وفي سياق معركة حلب الحاسمة، فقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مراسل صحيفة سورية في مدينة حلب قوله «إنَّ مئات المتمردين القادمين من كل شمال سوريا يتدفقون إلى حلب، في ما يبدو أنَّه تحول إلى المعركة الحاسمة»، لافتًا إلى أنَّ «المتمردين يسيطرون على نحو عشرة أحياء في أطراف حلب». وأشار إلى أنَّ «أصوات القصف والرشقات الرشاشة تتردد في كل أنحاء المدينة».
بدوره، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لذات الوكالة إن «الثوار يعززون مواقعهم وسبق لهم أن أعلنوا أن معركة حلب هي معركة حسم وتحرير»، مُضيفا «هي كذلك معركة مصيرية بالنسبة إلى النظام». ورأى أن «حلب بالنسبة إلى الثوار هي عاصمة الشمال وتمثل بنغازي (المدينة الليبية التي قادت المعارضة ضد الرئيس معمر القذافي) سوريا، خصوصا أنَّ معظم المناطق شمال مدينة حلب باتت خارجة عن سيطرة النظام».
وقال عبد الرحمن إنَّ القوات النظامية «تواصل إرسال تعزيزات في اتجاه مدينة حلب من مناطق عدة. وتسلك هذه التعزيزات طريق دمشق - حلب الدولي».
تجدد الاشتباكات في مخيم اليرموك بدمشق.. واستمرار القصف على حمص ودير الزور، مجزرة في درعا تودي بحياة 22 شخصا قتل بعضهم بالرصاص وتم إحراق البعض الآخر

جريدة الشرق الاوسط... بيروت: ليال أبو رحال .. تواصلت الاشتباكات في أحياء عدة في مدينة حلب، شمال سوريا أمس، بين مجموعات من الجيش السوري الحر والقوات النظامية، في حين اقتصرت المواجهات في العاصمة السورية دمشق على حي مخيم اليرموك، مع استعادة النظام السوري سيطرته بشكل كامل على معظم أحياء دمشق، باستثناء بعض الحارات، حيث يتحصن بعض المنشقين، وفق ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو ما أدى في مجمله إلى سقوط أكثر من 145 قتيلا.
وأفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا أمس بأن «اشتباكات عنيفة دارت بين الجيش الحر والجيش النظامي في مخيم اليرموك»، على وقع دوي انفجارات في شارع 30، يعتقد أنه ناجم عن «تفجير عبوات ناسفة بآليات للقوات النظامية». وذكر ناشطون أن الاشتباكات بدأت فجرا في المخيم، وسط محاولة قوات الأمن اقتحام حي الحجر الأسود من شارع 30، الأمر الذي أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة استخدمت خلالها قوات الأمن القصف المدفعي وبالمروحيات في كل من أحياء الحجر الأسود، ومخيم فلسطين، ومخيم اليرموك. كما عثر في حي القدم على جثث أربعة قتلى ذبحوا بالسكاكين. وتزامن قصف أحياء عدة في دمشق، لا سيما في منطقة السيدة زينب، حيث سقط عدد من القتلى والجرحى في حي المشتل مع قصف بقذائف الدبابات والهاون لبلدات في ريف دمشق، بينها الزبداني ومسرابا ومضايا وحرستا والمعضمية. وقالت لجان التنسيق المحلية إن «مدينة المعضمية تعرضت لقصف عنيف بالطيران الحربي ولحصار خانق، وتساقطت قذائف الهاون والمدفعية على مدينة قدسيا، بينما تعرضت داريا لحصار من المداخل كافة، فرضته قوات من الفرقة الرابعة، بالتزامن مع حملة مداهمات وتمشيط للمزارع المحيطة».
أما في حلب، فقد تحدث المرصد السوري عن اشتباكات وقعت في حي المحافظة في المدينة، فيما سقطت قذائف على حيي المشهد والشيخ بكر أسفرت عن مقتل طفلة وإصابة سبعة أشخاص بجروح، لافتا إلى أن «مدن وبلدات الباب والأبزمو وحيان وبيانون في ريف حلب تعرضت لقصف مدفعي مصدره القوات النظامية».
وفي إدلب، طال قصف مدفعي عنيف مدينة سراقب وسط تحليق الطيران الحربي، كما وقعت اشتباكات بين القوات النظامية وعناصر من «الجيش الحر» في محيط المدينة. وقصفت الحواجز الواقعة شمال مدينة خان شيخون قرية موقا، التي شهدت حركة نزوح جماعي لأهلها. وأعلن المرصد السوري عن مقتل 3 عناصر من «الجيش الحر» إثر اشتباكات دارت في بلدة كورين.
وفي درعا، ارتكبت قوات الأمن النظامية وفق ما أعلنته لجان التنسيق مجزرة جديدة في وادي العجمي في منطقة تل شهاب راح ضحيتها 22 شخصا قالت إنهم سقطوا «بالرصاص المباشر والبعض الآخر حرقا وبينهم منشقون كانوا قد نزلوا إلى وادي العجمي لإنقاذ المدنيين الهاربين من القصف». كما تعرضت بلدة بصر الحرير لقصف عنيف بقذائف الهاون من اللواء 12، وفق ما أكده ناشطون.
وفي حمص، استمر القصف على أحياء المدينة مثل جورة الشياح والخالدية وعلى البلدات القريبة منها تحديدا الرستن وتلبيسة والقصير وتلكلخ وقلعة الحصن. وفي الرستن أكد ناشطون سقوط عدد من الجرحى وتدمير عدد كبير من المباني جراء استمرار القصف العنيف على المدينة في ظل انقطاع الماء والخبز والكهرباء ونقص حاد في الدواء.
وذكر المرصد السوري أن قصفا عنيفا استهدف تلبيسة استخدمت خلاله القوات النظامية السورية الطائرات الحوامة بالقصف، مشيرا إلى اشتباكات وقعت صباح أمس مع مقاتلي «الجيش الحر» خلال محاولتهم اقتحام المدينة.
 
الأمانة العامة للمجلس الوطني تجتمع في الدوحة وتبحث الموقف الدولي من الأحداث السورية، غليون لـ«الشرق الأوسط»: فكرة الحكومة الانتقالية موضوع رئيسي في مداولاتنا

بيروت: يوسف دياب ... بدأت الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري، اجتماعها الدوري في الدوحة لبحث القضايا التي تهمّ المجلس والمعارضة السورية ككل والحركات الثورية والجيش الحر في الداخل السوري، لا سيما الموقف الدولي مما يجري في سوريا.
ولفت عضو الأمانة العامة (الرئيس السابق للمجلس الوطني) برهان غليون إلى أن «المواضيع الجوهرية التي يجري بحثها، هي إعادة هيكلة المجلس وإصلاحه وتطبيق خطة توسيع المشاركة، والوضع السياسي برمته والموقف الدولي من الأحداث في سوريا». وأكد غليون في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «النقاش يشمل أيضا الفكرة الطارئة عن الحكومة الانتقالية، وهي ستكون موضوعا رئيسيا في المداولات والنقاش، حول شكل الحكومة وأهدافها، وبحث فكرتها مع الأطراف السورية الأخرى سواء في المعارضة أو الحراك الثوري أو الجيش الحر، ليكون ثمة تفاهم مع كل الأطراف حولها».
وردا على سؤال عمّا قيل عن طرح اسم المعارض السوري رياض سيف لترؤس هذه الحكومة، أجاب غليون «أولا لم يطرح بعد أي اسم لرئاسة هذه الحكومة، وثانيا من المبكر جدا الحديث عن اسم رئيسها أو أعضائها طالما فكرة إنشائها وطبيعتها ودورها لم تتبلور بعد».
وعمّا إذا كان سفيرا سوريا لدى قبرص والإمارات العربية المتحدة المنشقين أول من أمس عن النظام قد انضما إلى اجتماع المعارضة؛ نظرا لوجودهما في الدوحة، قال «كلا.. الاجتماع مخصص فقط لأعضاء الأمانة العامة فقط، ولم يحضر أحد من خارجها». لافتا إلى أنه «لم يحصل بعد أي تواصل مع هذين السفيرين، كما أنه لم يمض أكثر من ساعات على انشقاقهما، هما يحتاجان إلى أيام لترتيب أمورهما، كما أنه لم يسجّل أي تواصل لهما مع الإعلام». مشددا على أن «المجلس الوطني منشغل الآن في التواصل مع الدول والأطراف لتأمين الإغاثة الإنسانية والمساعدات اللازمة للمدنيين والثوار، وتوفير الأسلحة النوعية للجيش الحر التي تمكنه من التصدي لهجمات قوات النظام».
من جهة أخرى، أشار الدكتور عبد الباسط سيدا، رئيس المجلس الوطني السوري، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية قبيل الاجتماع إلى أن هناك طلبات للانضمام للمجلس. وأضاف: «تواصلنا مع هذه القوى التي تريد الانضمام قبل وبعد مؤتمر القاهرة، وما زلنا مستمرين في هذا الاتجاه»، دون أن يحدد أسماء بعينها.
وقال سيدا إن الاجتماع سيتطرق للأوضاع المستجدة مثل ما بعد الفيتو المزدوج في مجلس الأمن والنتائج التي تمخض عنها الاجتماع الوزاري في الدوحة وجملة قرارات سيتم تناولها ووضع تصور حولها، إلى جانب التطورات على الأرض في حلب ودمشق.
وحول المبالغ التي حددتها الجامعة العربية (مائة مليون دولار) لإغاثة الشعب السوري، قال سيدا إن «سوريا تحتاج إلى الكثير والمزيد من الإغاثة.. ووفقا للإحصاءات التي أعدها مكتب الإغاثة التابع للمجلس الوطني فإننا نحتاج شهريا لنحو 145 مليون دولار كحد أدنى، ولدينا مليونا نازح إلى جانب أن كل سوريا منكوبة، وهذا يدفعنا للتوجه للأصدقاء بنداء مفتوح طلبا للإغاثة.. لجمع المزيد من التبرعات، وإيجاد الطرق والممرات الآمنة لإيصال هذه المعونات إلى المحتاجين».
وحول القرار العربي بالخروج الآمن لبشار الأسد، قال إن هذه الفكرة مطروحة، و«نحن نناقشها ولا بد من معايير وضوابط، لأنه ليس من السهل عرض الفكرة على الشعب السوري بعد عام ونصف وأنهار من الدماء التي سببها هذا النظام القاتل». وأوضح أن «الوضع في سوريا مغاير لما كان عليه الأمر في اليمن، ولحسن حظ اليمن أن التدمير كان يسيرا جدا مقارنة مع الوضع في سوريا. ولذلك يجب بحث هذا الأمر بمنتهى العمق وبالتفاصيل». وحول الانشقاقات في صفوف النظام، قال إنهم قد دعوا إلى هذه الانشقاقات «ونشجعها ونشجع المسؤولين المدنيين والعسكريين بضرورة الانشقاق عن هذا النظام لأننا نعيش لحظة مفصلية». وقال إن الانشقاقات «نرحب بها وهي تدلل على ضعف النظام وتأكله من الداخل وتصدعه وهو ما يبشر بنهاية قريبة للنظام».
وبالتزامن مع طرح فكرة تشكيل الحكومة الانتقالية، بدأ أمس تداول مكثف للأسماء المرشحة لرئاستها، وفي مقدمها المعارض السوري رياض سيف الذي ولد في مدينة دمشق في عام 1946، وهو ابن عائلة من الطبقة المتوسطة، اتجه إلى الحقل السياسي بدخوله مجلس الشعب السوري كمرشح مستقل في عام 1994، وفي الدورة التالية عام 1998 تكرر انتخابه وطُبع خطابه بمزيد من الجرأة والنقد للاقتصاد والسياسة الاقتصادية.
ويعد سيف من نشطاء المنتديات السياسية والفكرية ولجان إحياء المجتمع المدني في سوريا، تلك المنتديات التي نشطت في الفترة التي تلت وصول بشار الأسد إلى الرئاسة وهي الفترة التي تسمى عادة ربيع دمشق. واعتقل في 6 سبتمبر (أيلول) 2001، عقب استضافته (في اليوم السابق) لحلقة دراسية سياسية في منزله، دعا فيها ضيف الندوة (رئيس المجلس الوطني السوري السابق) برهان غليون، إلى الإصلاح السياسي وإلى إجراء انتخابات ديمقراطية. وكان رياض سيف قد أصدر في مارس (آذار) 2001 ورقة نقاش حول مبادئ حركة السلم، وهي حركة للسلم الاجتماعي (منظمة جديدة كان يعتزم تأسيسها).
 
العرب يتجهون للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد يأسهم من مجلس الأمن، مندوب السعودية في نيويورك لـ«الشرق الأوسط»: المشروع سيطرح الأسبوع المقبل.. وبان كي مون يحذر العالم من تكرار أخطاء البوسنة في دمشق

الرياض: سالم سلمان باريس: ميشال أبو نجم لندن - نيويورك: «الشرق الأوسط»... أكد عبد الله المعلمي، المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، أن الدول العربية قررت التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى تتولى الجمعية مسؤولياتها تجاه ما يحدث في سوريا، ومؤكدا أن هذا الموقف اتخذ يوم الأحد الماضي خلال الاجتماع الوزاري لدول الجامعة العربية.
وأشار المعلمي إلى أن هذا الموقف يأتي انسجاما مع موقف الدول العربية تجاه الوضع في سوريا، ومشيرا إلى أن موقف جامعة الدول العربية نص على أنه نظرا لعدم اتخاذ أي قرار دولي في مجلس الأمن، قرر مجلس الجامعة العربية التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبين المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة أن مشروع القرار العربي سيتم تقديمه للجمعية العامة للأمم المتحدة مطلع الأسبوع المقبل، وموضحا أن الدول العربية قررت التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى تتولى الجمعية مسؤولياتها تجاه ما يحدث في سوريا بعد قتل قوات النظام السوري أكثر من 16 ألف شخص خلال الاحتجاجات هناك.
وانتقد المعلمي الدول الداعمة للنظام في دمشق، مشددا على أن النظام السوري يعمل على قتل من يعارضه من الشعب السوري، ولافتا إلى أن عجز المجتمع الدولي عن التحرك يشجع النظام السوري على كل ما يرتكبه بحق الشعب.
وأوضح سفير السعودية لدى الأمم المتحدة أن مشروع القرار العربي المتوقع تقديمه للجمعية العامة سيمثل، إذا أقر، شرعية دولية في التعامل مع الوضع السوري، متوقعا أن يحظى مشروع القرار العربي بتأييد كبير لدى أعضاء الجمعية العامة، ومؤكدا أن قرارات سابقة تخص الشأن السوري لاقت تأييدا كبيرا داخل مجلس الأمن والجمعية العامة.
وتأتي هذه المبادرة السعودية الجديدة بعد فشل محاولة غربية الأسبوع الماضي في استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يهدد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بفرض عقوبات بعد استخدام روسيا والصين حقهما في النقض (الفيتو). وقرار التوجه إلى الجمعية العامة، وهو تحرك تدعمه دول عدة، منها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وقال مسؤول في وزارة الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ندعم مشروع القرار كليا ونعتبره رسالة سياسية مهمة»، إذ يتطلع الداعمون لمشروع القرار إلى أن يحصل على أكثر من 100 صوت من 100 دولة لإظهار إجماع سياسي حول القضية السورية. ومن المتوقع أن يشكل مشروع القرار، في حال حصل على أغلبية عالية من الأصوات، إحراجا لروسيا والصين الداعمتين الرئيسيتين للنظام السوري من خلال استخدام «الفيتو» في مجلس الأمن.
وأفادت المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» بأن باريس أيضا تؤيد وتدعم المبادرة السعودية في الأمم المتحدة، وهي على تواصل دائم بالسعودية ومع كل الأطراف في نيويورك. وتعتبر فرنسا أن ما تسعى إليه الرياض «مهم»؛ لأن صدور قرار يحظى بدعم واسع في الأمم المتحدة يحمل رسالة قوية ومن شأنه «تقوية الدينامية السياسية» الهادفة إلى تحقيق الانتقال السياسي.
وردا على سؤال عما إذا كان مشروع القرار سيتناول تهديد الحكومة السورية باستخدام ترسانتها من الأسلحة الكيميائية في حال تعرضها لهجوم أجنبي، قال المعلمي إن المشروع «سيأتي على ذكر كل المسائل المهمة في الوضع السوري».
وأوضح دبلوماسيون في الأمم المتحدة أن القرار قد يدعو الدول الـ193 الأعضاء في المنظمة الدولية إلى تطبيق العقوبات الدولية نفسها التي فرضتها الجامعة العربية على سوريا، كما قد يطالب القرار بتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة بالنزاع في سوريا، بحسب الدبلوماسيين الذين طلبوا عدم كشف هوياتهم. ومن المتوقع أن يتناول مشروع القرار أيضا أهمية محاسبة المسؤولين عن القتل في سوريا، ولكن من المتوقع عدم الإشارة مباشرة إلى تحويل قيادات النظام السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ولا يمكن للجمعية العامة للأمم المتحدة إصدار عقوبات ملزمة خلافا لمجلس الأمن الدولي بأعضائه الـ15، إلا أنه من غير الممكن لأي دولة عضو في المنظمة الدولية فرض فيتو على قرارات الجمعية العامة التي تتطلب موافقة غالبية الأعضاء لإصدارها.
وتختزل عبارة قالها مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة، السفير جيرار أرو، عقب اجتماع مجلس الأمن الدولي للتداول في وضع الشرق الأوسط، وتحديدا سوريا، توجهات السياسة الفرنسية إزاء هذه المسألة؛ فقد أعلن أرو أن «العجز الذي فرضه استخدام روسيا والصين حق النقض لا يعني أن الأسرة الدولية معدومة الوسائل» للتحرك. وتصب هذه العبارة في الاتجاه نفسه لما قالته المندوبة الأميركية سوزان رايس ليل الخميس الماضي، عقب استخدام موسكو وبكين للمرة الثالثة حق النقض لإجهاض مشروع القرار، حيث أكدت أن واشنطن «ستعمل من خارج نطاق مجلس الأمن».
ولذا يتعين اللجوء إلى «البدائل» التي يقع من بينها التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما حصل ذلك في الماضي، من أجل استصدار قرار جديد لا يتمتع بقوة «الإلزام» كالتي يتمتع بها قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، ولكن له قيمة «سياسية»، إذ سيبين عزلة سوريا والدول التي تدعم نظامها. وتبادل أعضاء مجلس الأمن الدولي الاتهام بالمسؤولية عن تزايد العنف في سوريا، وتعهدت الدول الغربية بالعمل على وضع نهاية للصراع خارج إطار المنظمة الدولية، في حين حذرت روسيا من أن سلوك هذا السبيل ستكون له على الأرجح «عواقب وخيمة». وقال سفير ألمانيا لدى الأمم المتحدة، بيتر فيتيج، في مناقشة في مجلس الأمن بشأن الشرق الأوسط، مساء أول من أمس: «سيدفع الشعب السوري ثمن هذا الفشل».
وقالت فرنسا أمس إنه يتعين على روسيا والصين أن تعملا مع بقية دول مجلس الأمن الدولي لوقف حمام دم يمكن حدوثه في مدينة حلب السورية. وسئل وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، خلال زيارة إلى وارسو، عما إذا كان ينتابه قلق إزاء الوضع في حلب فأجاب: «على بلدان العالم، وبخاصة الدول دائمة العضوية (في مجلس الأمن)، أن تعمل معا وتضطلع بمسؤولياتها».
وخص روسيا والصين بالذكر قائلا: «نأمل أن تسمعا في النهائية الصرخات لا من شعب سوريا فحسب، بل من بقية العالم والبلدان العربية من أجل وقف حمام الدم هذا». ولكن ترفض موسكو تحمل مسؤولية تفاقم الأزمة السورية مع دعمها لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، بل تحمل واشنطن ودولا حليفة لها مسؤولية ذلك. وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين: «تتبع واشنطن وعدد من العواصم الأخرى مثل هذه السياسة منذ بداية الأزمة السورية، وأدى هذا إلى تفاقمها إلى حد بعيد». وأضاف أن واشنطن «ستتحمل المسؤولية عن العواقب الوخيمة التي يرجح أن تؤدي إليها مثل هذه الخطوات».
ومن جهته، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قوى العالم أمس من تكرار الأخطاء التي ارتكبت في البوسنة خلال التسعينات من القرن الماضي، في سوريا، وذلك خلال زيارة تاريخية إلى سربرنيتشا، حيث لم تتمكن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من منع مذبحة راح ضحيتها ثمانية آلاف من الرجال والأطفال المسلمين.
وقال بعد أن وضع إكليلا من الزهور على نصب تذكاري من الرخام الأبيض لضحايا سربرنيتشا: «لا أريد أن أرى أيا ممن سيأتون بعدي وهم يزورون سوريا بعد 20 عاما ويعتذرون عن عدم فعل ما كان يمكن فعله الآن لحماية المدنيين في سوريا». وأضاف: «ينبغي أن لا يتكرر ما حدث في سربرنيتشا أبدا.. لا في أي مكان ولا مع أي أحد».
وجاءت الزيارة - وهي الأولى التي يقوم بها أمين عام للأمم المتحدة لسربرنيتشا - ختاما لجولة لمدة أسبوع قام بها بان لدول يوغوسلافيا السابقة.
وقال أمام برلمان البوسنة في سراييفو أول من أمس، حيث لقي عشرة آلاف شخص حتفهم في حصار دام 43 شهرا، إنه يناشد العالم توحيد الصف و«وقف المذبحة» في سوريا.
ومن جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن الاستعدادات بدأت لعقد اجتماع جديد، مبدئيا، لمجموعة أصدقاء الشعب السوري في المغرب بداية سبتمبر (أيلول) المقبل. وكان وزير الخارجية المغربي قد عرض استضافة بلاده للاجتماع المذكور الذي سيكون الرابع من نوعه بعد تونس وإسطنبول وباريس.
 
الأسد يصدر قانونا باستحداث محكمة متخصصة في الإرهاب، لا تتقيد بالتشريعات.. واختصاصها يشمل المدنيين والعسكريين

لندن: «الشرق الأوسط»... أصدر الرئيس السوري بشار الأسد أمس قانونا باستحداث محكمة تختص بالنظر في قضايا الإرهاب، على أن يكون مقرها في العاصمة دمشق. وذلك بعد يوم واحد على إقرار مجلس الشعب السوري للقانون. وكان الأسد أصدر بداية الشهر الحالي، ثلاثة قوانين لمكافحة الإرهاب، وتسريح العامل بالدولة في حال ارتكابه عملا إرهابيا، ومعاقبة من يقوم بفعل الخطف بالأشغال الشاقة.
ويقضي القانون الجديد بحسب ما نقلته عدد من المواقع الإخبارية السورية ووكالة الأنباء الألمانية بأن «لا تخضع الأحكام الغيابية الصادرة عن المحكمة لإعادة المحاكمة في حال إلقاء القبض على المحكوم عليه؛ إلا إذا كان قد سلم نفسه طواعية»، كما لا تتقيد المحكمة، بحسب القانون الصادر، «بالأصول المنصوص عليها في التشريعات النافذة وذلك في جميع أدوار وإجراءات الملاحقة والمحاكمة».
وأشارت مواد القانون إلى أن المحكمة تؤلف من 3 مستشارين، رئيس وعضوين أحدهما عسكري.. وأن اختصاصها يشمل جميع الأشخاص من مدنيين وعسكريين.. وذلك بعد إقرار مجلس الشعب بصورة مستعجلة يوم الأربعاء لمشروع القانون، والمتضمن إحداث محكمة خاصة تتولى النظر بجرائم الإرهاب.
وأفاد موقع سوريا اليوم الإخباري بأن هذه القرارات تأتي «في ظل ما تشهده عدة مدن سورية منذ أكثر من 16 شهرا من مظاهرات، مناهضة للسلطات، ترافقت بسقوط ألاف الشهداء من المدنيين والجيش وقوى الأمن، إضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من المواطنين داخل وخارج البلاد».
 
الحدود التركية تتحول إلى مركز للثورة السورية، الصراع الذي تشهده سوريا وصل بالفعل إلى أعماق الدولة التركية

جريدة الشرق الاوسط... الحدود التركية السورية: ليز سلاي * ... يوم الأربعاء الماضي، قامت السلطات التركية بإغلاق كافة حدودها مع الجانب السوري، بعد أن تمكن الثوار في سوريا من السيطرة على عدد كبير من المعابر. وقد اتخذت تركيا هذه الخطوة نتيجة القلق من سيطرة المتطرفين الإسلاميين على الأمور في تلك المناطق الحدودية بعد سيطرتهم على معبر باب الهوي، ولا سيما بعدما تم بث مقطع فيديو مؤخرا على شبكة الإنترنت أعلن خلاله المجاهدون تأسيس «دولة إسلامية».
ومن جهتها، أعلنت السلطات التركية أن القرار سوف يؤثر فقط على حركة الأتراك الذين يسافرون إلى سوريا، بينما سيتم السماح للاجئين السوريين بالدخول إلى الأراضي التركية. ومع ذلك، لا يمر اللاجئون عبر المعابر الرسمية، ونفس الأمر ينطبق أيضا على الثوار ومهربي الأسلحة والمنشقين والمصابين الذين يتدفقون إلى جنوب تركيا بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، وهو مما أدى إلى تحويل منطقة من أكثر المناطق هدوءا في تركيا إلى المحور الرئيسي للثورة السورية.
وتشهد الحدود السورية مع كل من العراق ولبنان والأردن أنشطة مماثلة، ولكن على نطاق أضيق. وتم استقبال السوريين استقبالا حارا في تركيا التي تطالب حكومتها منذ فترة طويلة بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وقال صوفي أتان، وهو المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية التركية: «يتعين علينا أن نهتم بهم لأنهم إخواننا وأخواتنا»، في إشارة إلى 43 ألف لاجئ سوري مقيمين بمعسكرات للاجئين على الحدود التركية.
ولم يتوقف الدور التركي على إيواء اللاجئين السوريين فحسب، على الرغم من عدم وضوح نشاط أنقرة في تقديم المساعدة بفعالية في الحرب بعيدا عن الدبلوماسية العالمية. وقال هيو بوب، وهو عضو في مجموعة الأزمات الدولية في إسطنبول، «يبدو أن تركيا في طريقها لوضع استراتيجية للتصدي لحالة الفوضى التي تحدث على حدودها». وأضاف بوب: «تسعى تركيا لأن تفرض كلمتها على الأوضاع التي تشهدها سوريا، ولكني لست متأكدا مما إذا كانت لديها إجابات سهلة عن ما يحدث هناك، خاصة أن ما تشهده سوريا حاليا يعد جديدا وغير متوقع بالنسبة لتركيا».
أما الشيء المؤكد، فهو أن الصراع الذي تشهده سوريا حاليا قد وصل بالفعل إلى أعماق الدولة التركية، حيث لا يتوقف سكان مدينة أنطاكية التركية، التي تعد الوجهة المفضلة لمعظم السوريين الذين يعبرون الحدود، عن الحديث عن الحرب التي تدور رحاها في سوريا.
وتقاتل العناصر التابعة للجيش السوري الحر في شوارع ضيقة في حرارة الشمس الحارقة وتفوح منهم رائحة العرق من ساحة المعركة، ويحدوهم الأمل في الحصول على المال والسلاح اللازم. ويتجمع السلفيون، الذين جاءوا لتقديم المساعدة من دول الخليج العربي، بلحاهم الطويلة وجلابيبهم بشكل لافت للنظر في تركيا العلمانية، ويقوم الرجال الذين يعرفون أنفسهم بأنهم ممثلو كتائب الثوار باستئجار غرف فندقية وشقق رخيصة، وهو ما زاد التكدس السكاني في تلك المدينة التي كانت يوما ما جزءا من سوريا والتي يتحدث غالبية سكانها باللغة العربية باعتبارها لغتهم الأم.
وغالبا ما تشكو المعارضة السورية من قلة الأسلحة والمعدات التي تصل إليها والتي تحتاج إليها بشدة. وتصل الأسلحة إلى الثوار بكميات صغيرة وتم شراؤها من تجار السلاح الأتراك وبتمويل من المملكة العربية السعودية وقطر، ولكن تصلهم تلك الأسلحة على مراحل متقطعة، علاوة على أن الأسلحة الصغيرة والذخائر ليست كافية لمواجهة الجيش النظامي السوري المجهز تجهيزا جيدا، على حد قول الثوار. ويلقي كثيرون باللوم على تركيا التي اكتفى رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان بالتصريحات الرنانة التي تدين صديقه وحليفه السابق بشار الأسد وتتوقع سقوطه.
ويقول أبو علاء، وهو مقاتل مخضرم وفلاح سابق كان قد عبر الحدود إلى سوريا ليحصل على إمدادات جديدة من الذخيرة: «تركيا لا تفعل شيئا سوى الكلام». وكانت كتيبة أبو علاء قد حصلت على 4 آلاف قنبلة يدوية من أحد تجار الأسلحة الأتراك، ولكنها سرعان ما نفدت.
ومع ذلك، تشارك تركيا بقوة في الجهود المبذولة لتنظيم المعارضة السورية، وتستضيف مكاتب المجلس الوطني السوري في إسطنبول وتحمي المعسكر الذي يضم قيادة الجيش السوري الحر في منطقة أبايدن على بعد بضعة كيلومترات من الحدود. ويقوم الجنود الأتراك بمراقبة التدفق المستمر لقادة الثوار والعرب الذين يتبرعون بالأموال والسوريين المعدمين الذين يقفون على الأبواب لتقديم الأموال والأسلحة إلى القادة في الداخل أو للحصول على حصة منها. ولا يتم السماح للصحافيين بالدخول، كما يتعين على الضباط الحصول على إذن قبل المغادرة.
وثمة مؤشر آخر يعكس مدى الجهود الحثيثة التي تبذلها تركيا لتقديم المساعدة والسيطرة على التدفق السوري، ويتمثل هذا المؤشر في منطقة مرتفعة قليلا تعلوها نقطة عسكرية محصنة تم تعزيزها بصورة أكبر عقب قيام سوريا بإسقاط طائرة تركية الشهر الماضي.
وهنا، تم تحويل معبر غير قانوني إلى معبر رسمي، عن طريق تثبيت بوابة معدنية صغيرة عبر فجوة في حاجز الأسلاك الشائكة، حيث يجلس ضابط تركي أمام طاولة مطبخ ويقوم بكتابة أسماء من يدخلون البلاد ومن يخرجون منها. وضمن دفتر الأوراق الذي يمسك به، توجد قائمة تبين الشارات العسكرية السورية، كي تساعده في التعرف على رتب المنشقين من الجيش السوري القادمين لعبور الحدود.
وذات أمسية قريبة، كانت تقف هناك سيارة إسعاف في انتظار قدوم أي جرحى، إضافة إلى شاحنة تفرغ ما بدا أنه إمدادات طبية كي يتم نقلها إلى داخل سوريا. وكانت الحافلات الصغيرة على الجانب التركي من الحاجز تعج بالنساء والأطفال، بينما كانت الحافلات الصغيرة على الجانب السوري تعج بالشباب، وهم على الأرجح ثوار عائدون إلى سوريا بعد زيارة عائلاتهم في مخيمات اللاجئين. وقد رفض الجنود الأتراك الموجودون في المعبر السماح بإجراء حوارات هناك، إلا أن الثوار في مناطق أخرى يقولون إنهم يأتون ويذهبون بانتظام عبر نقطة التفتيش، وهي الطريق الوحيد غير الشرعي إلى سوريا الذي يستطيع السوريون القيادة خلاله في مجاز موحل وعر.
وهذه أيضا هي النقطة التي يتم نقل الأسلحة منها إلى سوريا، حيث تقوم بتوصيلها شاحنات تابعة للجيش التركي ويتسلمها المقاتلون على الجانب الآخر تحت ستار الليل، بحسب مزارعين يعيشان قريبا ذكرا أنهما شاهدا هذه العملية وهي تتم في وقت متأخر من الليل. وقد أنكرت تركيا مرارا قيامها بتسليح الثوار، وقالت إن جهودها لمساعدة المعارضة السورية هي جهود إنسانية محضة، إلا أن بوب يقول إن تركيا على الأقل تشيح بناظريها في الاتجاه الآخر، مضيفا: «بالتأكيد، لم يعلن أي قرار يقضي بأن تقوم تركيا بتسليح الثوار، لكنني لا أظن أن أحدا يحاول منع الثوار من الحصول على الأسلحة أيضا». أما بالنسبة لقدرة تركيا على ذلك من عدمها، فهذه مسألة أخرى. ونظرا لأن تركيا تقوم بنقل كل من يأتون من سوريا عبر المعبر الخاضع لإدارتها إلى مخيمات اللاجئين، فإن الكثير من السوريين ما زالوا يفضلون استخدام الطرق غير الشرعية. ومع غروب شمس إحدى الأمسيات القريبة على القرية، سار جندي تركي باتجاه بستان الزيتون الذي يظهر منه السوريون في المعتاد، وهو يلوح بيديه في إلحاح، ثم ارتفع صوت طلق ناري، لردع من يحاولون التسلل إلى البلاد. وبعد ساعة واحدة، كان الجندي قد اختفى، وانسلت أسرة مكونة من 5 أفراد خارج بستان الزيتون واختفت في جنح الظلام.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»
 
الأردن يتخذ الاحتياطات اللازمة وفقا لتطورات الموقف في سوريا، المعايطة: الحكومة لن تتردد في اتخاذ أي قرار يحفظ أمن الحدود

جريدة الشرق الاوسط.. عمان: محمد الدعمة... أكد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، سميح المعايطة، أن بلاده أخذت الاحتياطات اللازمة وفقا لتطورات الموقف في الداخل السوري، ولن تتردد أيضا في اتخاذ أي قرار يحفظ أمن حدودها.
وقال المعايطة، خلال لقاء نظمته نقابة الصحافيين الأردنيين أمس، إن «تعامل الحكومة مع الموقف على الحدود السورية تفرضه الظروف الإنسانية، وأنها تتعامل مع جميع التطورات وأخذت الاحتياطات اللازمة، وفقا لتطورات الموقف في الداخل السوري»، مشددا على أن الأردن لن يتردد باتخاذ أي قرار يحفظ أمنه وحدوده، ولكنه أوضح أن ذلك يرتبط بأي تطورات غير متوقعة.
وأوضح المعايطة أن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية واعية تماما بالمخاطر التي قد تترتب نتيجة الأزمة السورية، بما فيها ما يثار إعلاميا حول وجود خلايا نائمة، إلا أنه أكد أن «جميع الاحتياطات المتخذة لا ترتبط مباشرة بوجود خلايا أو غيرها، ولكنها ترتبط فقط بالحذر واليقظة التي يجب أن تتوفر في ظروف وأوقات» من هذا القبيل.
وأضاف المعايطة أن الأردن هو الأكثر تأثرا بالأزمة السورية، والأكثر حكمة في التعامل مع معطياتها وآثارها السلبية، ولا سيما ما يتعلق بموضوع اللاجئين، مبرزا أن جميع اللاجئين الموجودين في المدن سيتم نقلهم إلى مخيمات مخصصة لهم.
وأشار إلى «ضعف الإمكانات الأردنية اللازمة للتعامل مع الضغط الناجم عن لجوء الأشقاء السوريين»، موضحا أن الحس الإنساني يفرض استقبالهم دون تردد، بغض النظر عـــــن الإمكــــــانات المتاحة.
وعن موضوع الاصطفاف والانحياز المطلوب من الحكومة، وفقا لوجهات نظر بعض الأطراف المحلية، أكد المعايطة أن الشعب والأطياف السياسية ينقسمان بين مؤيد ومعارض للثورة في سوريا، وهذا يجب أن لا ينعكس على موقف الحكومة، موضحا أن الحكومة تنحاز لمصالح وطنية عليا، وليس الوقوف إلى جانب جهة ضد أخرى أو تأييد موقف ضد آخر، مستغربا في الوقت ذاته من علو بعض الأصوات المطالبة بإعلان موقف الحكومة الرسمي، وفقا لتوجهاتها.
 
تركيا تلوح لدمشق باتفاقية أضنة «السرية».. وأردوغان: الأسد والمقربون يوشكون على الرحيل، مصدر رسمي لـ «الشرق الأوسط»: لن يسمح باستخدام شمال سوريا ضدنا

بيروت: ثائر عباس... حذرت تركيا النظام السوري من مغبة «التورط في دعم الجماعات الإرهابية المسلحة» في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني المحظور. واتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان النظام السوري بأنه وضع عدة مناطق في شمال سوريا «في عهدة» حزب العمال الكردستاني، محذرا من أن تركيا يمكنها ممارسة حقها في ملاحقة المتمردين الأكراد الأتراك داخل سوريا في حال الضرورة. واعتبر أن إنشاء منطقة عازلة في الأراضي السورية يشكل أحد الخيارات الممكنة للتصدي لمتمردي حزب العمال الكردستاني في سوريا، كما قال إن الرئيس السوري بشار الأسد وأفراد دائرته المقربة يوشكون على ترك السلطة وإنه يجري الاستعداد لعهد جديد هناك.
وقالت مصادر تركية قريبة من رئيس الوزراء التركي لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السوري يعرف تماما ما يمكننا أن نفعله عند تجاوز الخطوط الحمر، ولا نريد لعهد الثمانينات أن يعود إلى الحدود بين البلدين، في تلويح واضح بالتدخل العسكري في شمال سوريا، على غرار ما كانت تركيا قد باشرت به في عام 1989، وانتهى باتفاقية أمنية سرية البنود بين البلدين معروفة بـ«اتفاقية أضنة» تسمح إحدى بنودها لتركيا بحق تعقب المقاتلين في الداخل السوري «إذا تعرض أمنها للخطر».
وأكد مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» أن أنقرة تمتلك معلومات موثقة عن اجتذاب النظام السوري لعدد من قيادات «الكردستاني» إلى سوريا؛ من ألمانيا تحديدا. وأشار المصدر إلى أن هؤلاء شاركوا في العديد من الاجتماعات مع أركان النظام في دمشق ومع قيادات كردية سوريا.
وأوضح المصدر أن تركيا «قلقة جدا» من مسار الأمور في الجانب السوري من الحدود، وتحديدا في المناطق ذات الغالبية الكردية. وأوضح أن المعلومات المتوفرة للاستخبارات التركية تشير إلى أن النظام السوري بدأ بتسليم تدريجي للمناطق الكردية للميلشيات الكردية، وأن ظهورا ملحوظا لـ«الكردستاني» يسجل في هذه المناطق. وكشف أن المعلومات تتحدث عن استعدادات للنظام لتسليم مدينة القامشلي لهؤلاء، بعد تسليمهم قريتي كوباني وعفرين، وهذا ما يثير حفيظة تركيا لقرب هذه المدينة من الحدود التركية.
وشدد المصدر على أن تركيا «لن تسمح بتحول هذه المناطق إلى بؤر تجمع للإرهابيين الذين يستهدفون أمن تركيا وشعبها»، مشددا على أن تركيا سوف تقوم بكل ما تسمح به المواثيق الدولية والاتفاقات الثنائية (في إشارة ضمنية إلى اتفاق أضنة السري مع سوريا) لمحاربة الإرهاب والحفاظ على أمن وسلامة مواطنيها.
وأعلن أردوغان أن وزير الخارجية التركي سيتوجه إلى أربيل في شمال العراق قبل الأربعاء المقبل لـ«التشاور في حساسية هذه القضية» مع القيادة في إقليم كردستان العراق وتأكيد «عزم أنقرة» على معالجتها.
وقال أردوغان في مقابلة مع قناة «كانال - 24»: «في هذه اللحظة نظام الأسد متركز في دمشق ومحشور هناك وفي جزء من منطقة اللاذقية (شمال غرب) أيضا. في الشمال وضع خمس محافظات بعهدة الأكراد، والمنظمة الإرهابية»، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني. وأضاف أن «هؤلاء يحاولون الآن إيجاد وضع يتفق مع مصالحهم عبر رفع صور زعيم المنظمة الإرهابية الانفصالية»، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربا مسلحة ضد أنقرة منذ 1984.
وردا على سؤال عن إمكان أن تستخدم تركيا حقها في مطاردة المتمردين في حال الضرورة داخل الأراضي السورية إذا قاموا بعمل ما في تركيا، قال أردوغان «إنه أمر غير قابل للنقاش، هذا أكيد، هذه هي المهمة وهذا ما يجب أن نفعله». وأضاف أن «هذا في نهاية المطاف جزء من تغيير قواعدنا للاشتباك» للجيش التركي حيال سوريا. وقال أردوغان «هذا ما نفعله أصلا وما نواصل القيام به في العراق. إذا قمنا بشن ضربات جوية على مناطق الإرهابيين من حين لآخر فإن الأمر يتعلق بإجراءات اتخذت لضرورة الدفاع». وأكد رئيس الوزراء التركي أن أنقرة تعتبر أن نشر دمشق لحزب العمال الكردستاني أو فرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي قرب الحدود التركية خطوة «موجهة ضد» تركيا. وأضاف «سيكون هناك بالتأكيد رد من جانبنا على هذا الموقف».
وردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي قبل أن يتوجه إلى لندن لحضور افتتاح الألعاب الأولمبية عن احتمال إنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي السورية للتصدي للمتمردين الأكراد، قال أردوغان إن هذا الخيار يندرج في إطار احتمالات التحرك. وقال «هذا يشكل جزءا من الخيارات. منطقة أمنية، منطقة عازلة، كل ذلك يشكل جزءا من الخيارات التي لدينا في مواجهة معسكرات (حزب العمال الكردستاني)». لكنه أكد أن «الأولوية فيها تظل رهنا بتقدم العملية. سيتم بحث (هذه الخيارات) بحسب العملية».
 
الأسد يجهز دفاعه في لاهاي

أمير طاهري.. جريدة الشرق الاوسط.... ما هي عاقبة بشار الأسد؟ سؤال يتردد كثيرا في المحادثات غير الرسمية الرامية لوقف نهر الدماء في سوريا.
يزعم الوسطاء أن الرئيس الأسد سيوافق على التنحي إذا ما حصل هو وعائلته على ضمانات بعدم ملاحقته قضائيا. في بداية الأسبوع الحالي، أوشك المجلس الوطني السوري، المظلة التي تجمع تيارات المعارضة، على عرض مثل هذا الاتفاق عبر اقتراح «الحل اليمني» لإنهاء أزمة حصدت ما لا يقل عن 20 ألف شخص. وقضى الاتفاق اليمني بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح عن الرئاسة لنائبه عبد ربه منصور هادي، في مقابل الحصانة من الملاحقة القضائية. النسخة السورية من الحل اليمني ستشهد تسليم الأسد للسلطة لأحد نوابه الذي سيضطلع بتشكيل حكومة انتقالية وإقامة انتخابات حرة في غضون فترة زمنية معقولة.
لم يتضح بعد المكان الذي قد يتوجه الأسد إليه بموجب مثل هذا الاتفاق، هل سيظل في سوريا؟ وهل سيملك المجلس الوطني السوري السلطة لمنح الأسد وأمه وزوجته وأخاه ماهر الحصانة؟ لم يجب المجلس الوطني السوري عن هذه التساؤلات.
نظريا، ستتمكن الحكومة المؤقتة التي سيشكلها أحد نواب الأسد من منحه الحصانة. بيد أن مثل هذا القرار لن يثني الحكومات السورية المقبلة، ولن يثني 139 دولة وقعت على نظام روما الأساسي الذي أنشئت بموجبه محكمة العدل الدولية. تم التوقيع على نظام روما الأساسي في عام 1998 بعد عقد من المفاوضات التي شملت 70 دولة. ويعطي النظام محكمة العدل الدولية الحق في تحريك الدعاوى القضائية في القضايا المتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب والإبادة العراقية والتطهير العرقي. حتى الآن وقعت 139 دولة على الميثاق الأساسي، وصدقت عليه 121 دولة كجزء من قانونها الوطني.
المشكلة هي أن محكمة العدل الدولية تختص فقط بالانتهاكات التي وقعت في الدول التي وقعت على النظام الأساسي، وسوريا لم تفعل ذلك. يمكن للملاحقة القضائية أن تصدر بتفويض من مجلس الأمن في الدول الواقعة خارج نطاق محكمة العدل الدولية. وقد يأمل الأسد في أن تستخدم روسيا التي دعمته لفترة طويلة الفيتو في منع اتخاذ مثل هذه الإجراء ضده.
لكن هل سترغب روسيا في إغضاب سوريا الجديدة، والعالم الإسلامي، من أجل إرضاء بيدقها الخاسر؟ ولحماية رهاناته أعد الأسد دفاعه ضد التهم التي قد توجه إليه. والمقابلات التي أجراها مع قنوات أميركية وإيرانية وألمانية وتركية خلال السنوات السبع الماضية تقدم لمحات عن هذه الخطة.
ويبدو دفاع الأسد قائما على أربعة أركان:
الأول أنه لم يعلم بهذه المذابح. ففي مقابلته مع شبكة «إيه بي سي» الأميركية، استخدم عبارات «لم أعلم» و«لم أسمع» ما لا يقل عن 11 مرة. ويزعم أنه لم يطلع على الوثائق التي أرسلتها الأمم المتحدة إلى حكومته في ديسمبر (كانون الأول) وتحوي تفاصيل بشأن 225 قضية تعذيب واغتصاب وقتل نفذتها قوات الأمن التابعة له.
بيد أن كل الأنظمة القضائية لا تعتبر الجهل بالقانون عذرا، والنظام الأساسي ليس استثناء. كان ذلك هو الخط الذي استخدمه الصربي المخلوع سلوبودان ميلوسوفيتش وديكتاتور ليبيريا تشارلز تايلور، دون جدوى. كل ما كان يحتاجه الأسد لاكتشاف ما يدور حوله مشاهدة التلفزيون الحكومي لرؤية الشعب يقتل على يد جلاوزته.
الركن الثاني في خطة دفاع الأسد سيكون نفي علاقته بالقوات الأمنية السورية، ليلقي عليها بالمسؤولية وحدها عن هذه المذابح. ففي مقابلته مع قناة «إيه بي سي»، قال «هذه ليست قواتي، إنهم قوات عسكرية تابعة للحكومة وليست تابعة لي. أنا لا أملك هذه القوات ولذا فهي ليست قواتي». وعاد ليدندن حول هذه الفكرة في المقابلة التي أجراها مع التلفزيون الإيراني، حيث زعم أن «القادة فقط هم من يحددون كيفية التعامل مع الموقف».
أبدى قادة الجيش السوري قلقا من جهود الأسد لإلقاء اللوم على الجيش. فاستقال وزير الدفاع السابق علي حبيب بعد مطالبته - في ما يتعلق بإطلاق النار على المدنيين - بأن يعطي الأسد أوامره كتابة. ويقال إن خلفه داود راجحة طلب الأمر نفسه قبل أيام من مقتله في التفجير الانتحاري. وخلال الأسبوع الحالي، أعاد المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي ترديد المزاعم ذاتها للأسد بالإشارة إلى الأسلحة الكيميائية. وقال إن هذه الأسلحة ستستخدم فقط «بأوامر من الجنرالات»، ويقصد بهذا تبرئة الرئيس مسبقا.
هذا النهج أيضا يصعب ترويجه، فبموجب الدستور السوري يعتبر الأسد القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو ما يعني أنه لا يمكن تنفيذ أي من قواعد الاشتباك من دون موافقته.
استخدم نهج دفاع مماثلا من قبل رادوفان كاراديتش في محكمة العدل الدولية. وعلى الرغم من ذلك فإن سيادة السلطة السياسية على الجيش قائمة في كل نظام قضائي. اللواءات السوريون ربما يكونون عرضة للمقاضاة لدورهم في المذبحة، لكن ذلك لا يعفي الأسد بوصفه السلطة السياسية الأعلى في البلاد.
الخطة الثالثة لدفاع الأسد هي إنكار وقوع حرب في سوريا، وأن ما يجري ليس سوى حملة تشنها عصابات إرهابية تعمل نيابة عن القوى الغاضبة من تحالفه مع ما يسمى «جبهة الممانعة». هذه هي الفكرة الرئيسية التي استخدمت في المقابلة مع القنوات الإيرانية والتركية.
مشكلة الأسد هي أنه أضعف حجته بإعلانه أن سوريا تواجه حربا حقيقية قبل أيام فقط من إعلان منظمة الصليب الأحمر الدولية بلاده منطقة حرب أهلية. وسواء أكانت تلك حربا حقيقية أم أهلية، ما يهم هو ضرورة تطبيق معاهدات جنيف في سوريا اليوم. وهذا يعني إمكانية توجيه تهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الأسد.
خطة دفاع الأسد الرابعة ظهرت جلية في مقابلته مع التلفزيون الألماني، وتتمثل في رفض الأمم المتحدة وووصف محكمة العدل الدولية - ضمنيا - بأنها عار، فقال «الأمم المتحدة تخضع لسيطرة الولايات المتحدة، وتفتقر إلى المصداقية». وبعبارة أخرى فهو لا يعترف بشرعية محكمة العدل الدولية لمحاكمته، حتى وإن بدأ مجلس الأمن الدولي هذه الدعوى.
الخط الدفاعي استخدمه ديكتاتور ساحل العاج السابق لوران غباغبو والرئيس السوداني عمر البشير. والأسد يغامر بأن يجد نفسه في موقف مشوه.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff..

 الأربعاء 2 تشرين الأول 2024 - 6:21 ص

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff.. The long-running feud between Libya’s competing au… تتمة »

عدد الزيارات: 172,541,586

عدد الزوار: 7,695,813

المتواجدون الآن: 0