تقارير..معهد «دراسة الحرب» الأميركي: «لواء التوحيد» يتحوّل إلى جيش ثوري يمكنه التأثير بنتائج الصراع....كيسنجر المعادي للثورة السورية.....الزعبي لـ«السفير»: المطلوب قيادة سنية تتناغم مع «حزب الله» منعاً للفتنة...الرسائل السياسية العشر في خطاب مرسي بطهران

«حزب الله» يستعد لعقد مؤتمره العام: نحو رؤية سياسية تواكب المتغيرات

تاريخ الإضافة الثلاثاء 4 أيلول 2012 - 7:49 ص    عدد الزيارات 2099    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

الاستعداد العسكري والوحدة الإسلامية والاستقرار الداخلي.. أولويات
«حزب الله» يستعد لعقد مؤتمره العام: نحو رؤية سياسية تواكب المتغيرات
جريدة السفير..قاسم قصير
من المفترض أن يعقد «حزب الله» مؤتمره العام لاختيار قيادة جديدة قبل نهاية العام الحالي بحسب النظام الداخلي للحزب، فالمؤتمر العام يعقد كل ثلاث سنوات، إلا إذا قررت شورى القرار تأجيل انعقاده لأسباب أمنية أو سياسية طارئة.
ومن المعروف أن آخر مؤتمر عام للحزب انعقد عام 2009 ونتج عنه انتخاب شورى القرار الحالية وإعلان الوثيقة السياسية الجديدة للحزب التي أطلقها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في مؤتمر صحافي في أواخر العام 2009.
ويسبق انعقاد المؤتمر العام عقد سلسلة لقاءات داخلية لكل المجالس الاساسية في الحزب (مجلس الشورى، المجلس السياسي، المجلس الجهادي، مجلس العمل النيابي والحكومي، المجلس المركزي ...) حيث يتم تقييم المرحلة السابقة ووضع الافكار والاقتراحات والتوصيات للمرحلة المقبلة والتي تتولى قيادة الحزب تحويلها لقرارات تنفيذية.
وتفيد مصادر مطلعة في «حزب الله» أن الاجتماعات التقييمية، ولا سيما على صعيد المجلس السياسي بدأت منذ عدة أشهر حيث تقرر دراسة كل التطورات والمتغيرات السياسية والأمنية داخليا وخارجيا. كما جرى التركيز على المخاطر المتزايدة من جراء الصراع المذهبي في لبنان وعدد من الدول العربية وكيفية مواجهة هذه الموجة والعمل لتقديم رؤية متكاملة لتعزيز الوحدة الإسلامية.
وتضيف المصادر ان قيادات الحزب وكوادره يواكبون كل الاحداث والمتغيرات ولا سيما بعد الثورات الشعبية العربية وما يجري في سوريا من أحداث والنتائج المترتبة على ذلك من ايجابيات أو سلبيات. وبناء عليه تم طرح العديد من الافكار والمشاريع وخطوات العمل من اجل وضع رؤية جديدة وشاملة للتعاطي مع هذه المتغيرات. كما عمدت شورى القرار لاتخاذ بعض القرارات المتعلقة بالبنية التنظيمية وعدد من الملفات السياسية من اجل ان يكون الحزب قادراً على مواكبة الاحداث بأفضل صورة ممكنة.
وتشير المصادر إلى أن هناك عدة ملفات تشغل بال قيادة الحزب ومنها: الوضع الداخلي اللبناني بكل تفاصيله وخصوصا الوضع الحكومي والوضع الامني، التطورات في سوريا، الثورات العربية ووصول الاخوان المسلمين والتيارات الاسلامية الى الحكم في أكثر من بلد عربي، الصراع مع الكيان الصهيوني والاستعداد لأي حرب قد تحصل، المتغيرات العربية والدولية ولا سيما بعد الانسحاب الاميركي من العراق واحتمال الانسحاب من افغانستان وتأثيرات ذلك في الوضع العربي والاسلامي، اشتداد الصراع المذهبي في المنطقة وكيفية التصدي لموجات التطرف سنياً وشيعيا.
وتؤكد المصادر انه برغم كل الضغوط الداخلية والحملة المتزايدة على الحكومة والاحداث الامنية المتنقلة، فان قيادة الحزب مطمئنة للوضع الداخلي وتعتبر ان الحفاظ على الاستقرار الامني والسياسي هو الاولوية اليوم. كما تشير إلى أن الدولة هي المعنية بحماية السلم الداخلي ولا يمكن لأي قوة داخلية أن تحل محل الدولة وان هذا التوجه أصبح من المبادئ الاساسية في فكر «حزب الله» وان كل مواقف قياداته وكوادره تركز على هذا الخيار. ويرى «حزب الله» أن «الاصلاح السياسي الداخلي لا يمكن ان يتحقق إلا من خلال وضع قانون انتخابي جديد»، مع التأكيد أن «النسبية هي الطريق الوحيد للتغيير، برغم ان مشروع القانون الذي وضعته الحكومة والذي سيتم إحالته الى مجلس النواب للنقاش قد يواجه صعوبات كبيرة لإقراره، مشيراً إلى أن المهم هو «الاتيان بقانون جديد وعادل». كما تؤكد المصادر أن «الحزب مطمئن لوضعه الداخلي ويعتبر ان الحكومة الحالية أنجزت الكثير برغم الصعوبات التي تواجهها داخليا وخارجيا».
أما على صعيد الوضع السوري فهو محل متابعة دائمة لدى قيادة الحزب وقد تم تأييد الاصلاح السياسي والتغيير الداخلي الذي تبناه النظام وتم رفض الحلول الامنية والعسكرية، لكن التطورات في سوريا تحولت الى صراع على دور سوريا وموقعها وكل المعركة الآن تستهدف خيار النظام الحالي الداعم للمقاومة والمرتبط بالجمهورية الاسلامية الايرانية. ولذلك لا يمكن للحزب الا ان يقف الى جانب النظام مع دعوته الدائمة للحوار والبحث عن حلول سياسية والحزب منسجم مع افكاره وطروحاته الاساسية في هذا المجال.
وفي ما يتعلق بالثورات الشعبية العربية ووصول التيارات الاسلامية، ولا سيما الاخوان المسلمين الى الحكم في عدد من الدول العربية، فالحزب يتعاطى بشكل ايجابي مع هذه التطورات ورحب بالثورات وحرص على إقامة أفضل العلاقات مع كل القوى الاسلامية والعربية برغم التباين مع بعضها حول بعض القضايا، ولا سيما أحداث سوريا. والحزب يراقب اداء هذه القوى وموقفها من الصراع مع العدو الصهيوني وعلاقاتها الخارجية ولذلك فهو غير مستعجل على الحكم عليها، وقياداته مقتنعة بانه لن يكون هناك خيار امام القوى الاسلامية الا التعاون في ما بينها لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية.
وعن احتمال حصول حرب كبرى في المنطقة او قيام الكيان الصهيوني بعدوان جديد قد يستهدف لبنان او ايران، فإن «حزب الله» يؤكد استعداده لكل الاحتمالات، حيث تم تطوير البنية العسكرية افرادا وعتادا ليكون قادرا على الرد بقوة على اي عدوان برغم ان قيادة «حزب الله» تستبعد حصول حرب كبرى في المنطقة نظرا لتداعياتها الامنية والعسكرية والاقتصادية.
وتبقى قضية الوحدة الاسلامية ومواجهة الفتن المذهبية في لبنان والمنطقة، وهي تشكل إحدى اولويات «حزب الله» اليوم وهناك افكار ومشاريع عديدة يتم مناقشتها من اجل ذلك، كما انه تم اتخاذ العديد من الاجراءات الداخلية والتنظيمية والثقافية والاعلامية لدعم خيار الوحدة ومنع بروز اي مؤشرات تدعو للفتنة، وستشهد المرحلة المقبلة المزيد من الخطوات في هذا الاطار.
وبالاجمال، فان «حزب الله» وهو يستعد لعقد مؤتمره العام واختيار قيادة جديدة وإجراء بعض التغييرات التنظيمية لتطوير أدائه، فان قيادته مطمئنة للمتغيرات الداخلية والخارجية وهي قادرة على مواكبة كل التطورات ومستعدة لكل الاحتمالات، كما تؤكد المصادر المطلعة في «حزب الله».
 
«المستقبل» يحسد ميقاتي ويخشاه.. وطرابلس عصية على التطرف
الزعبي لـ«السفير»: المطلوب قيادة سنية تتناغم مع «حزب الله» منعاً للفتنة
جريدة السفير...غسان ريفي
يتمسك رئيس «جمعية الأخوة الاسلامية» الشيخ صفوان الزعبي، بمبادئ «السلفية العلمية المتقدمة» الرافضة للثورات والتوترات الأمنية، والداعية الى الحوار مع الجميع وحماية الاستقرار انطلاقاً من أن الدعوة الاسلامية «لا يمكن أن تصل الى الناس إلا في ظلال الأمن والسلم الأهلي».
كان الزعبي الركن الثاني مع الدكتور حسن الشهال في التوقيع على وثيقة التفاهم السلفية مع «حزب الله»، قبل حوالي أربع سنوات، وهو من دعاة التواصل مع جميع الأطراف ضمن الساحة الاسلامية، «لأن أحداً لن يكون بمنأى عن الخطر إذا ما أفلت التطرف من عقاله»، ويقول إن المعتدلين الى أي جهة انتموا «سيكونون هم الضحية»، ولا يتردد في انتقاد بعض السلفيين.
يرى الزعبي أن ما يحدث في لبنان، وفي طرابلس تحديداً، هو مرحلة تمهيدية لما قبل سقوط الدولة، لافتاً النظر الى أنه في حال سقطت الدولة ستتحول المدينة الى ساحة قتال والكل سيحارب الكل، مستغرباً أن يحدث هذا الأمر في ظل وجود الدولة وتحت أنظار الأجهزة الأمنية.
يتهم الزعبي «تيار المستقبل» باستهداف الجيش اللبناني، لمنعه من محاسبته على أخطاء أمنية يرتكبها، لكن «المستقبل» لا يريد إسقاط الدولة، مؤكداً أن تعطيل دور الجيش يوازي انتهاء الدولة وسقوطها، «ومن يحكم ساعتها هو الأقوى وليس الأعدل والأحسن، وسيدفع الاعتدال الثمن الأكبر، لذلك فإن الجيش اللبناني هو ضرورة وضمانة للجميع، بمن فيهم الاسلاميون».
وعما إذا كانت هناك محاولات إسلامية وتحديداً سلفية للسيطرة على طرابلس، يؤكد الزعبي لـ«السفير» أن الرأي العام في طرابلس هو ضد التوجهات الاسلامية أو الحكم الاسلامي، لافتاً النظر الى وجود مجموعات إسلامية متشددة شعرت بأن الدولة بدأت تنهار وهي تحاول أن تعد العدّة كي تحل مكان الدولة في طرابلس، مشيرا الى أن القضية ليست قضية 7 أيار ثانٍ، بل هي قضية وجود الدولة أم لا.
وعن جنوح المشايخ السلفيين بعيداً في دعم الثورة السورية، يرى الزعبي أن بعض المشايخ السلفيين يتاجرون بالثورة السورية، وليس لديهم مصلحة بسقوط نظام بشار الأسد، لأن بقاءه يعني بقاء مصدر رزقهم، مع العلم أن المنهج السلفي ضد الثورات ويدعو الى بناء مجتمع إسلامي بروية وهدوء وأسلوب علمي.
ويضيف الزعبي إن الدولة اليوم في حالة ضياع «وهي لا تعرف ماذا تريد لكنها تنتظر تطورات سوريا، والقضية ليست نزع سلاح، بل هي هيبة الدولة والسلطة، ربما يكون للبعض ترسانة أسلحة ولا يجرؤ على استخدامها مخافة من السلطة، وفي لبنان هناك إستحالة لنزع السلاح وخصوصا السلاح الفردي، لذلك أنا مع عودة هيبة الدولة».
لا يجد الزعبي أن ثمة صعوداً للنجم الاسلامي، ويرى أن كل التحركات الاسلامية التي جرت مؤخراً كانت فاشلة، مشيراً الى أن القوة الحقيقية للاسلاميين تكون بوجود جمهور كبير من طرابلس ملتزم بالأفكار والمبادئ التي يعتنقونها، أما الآن فهذا الأمر غير موجود، والغالبية الساحقة في طرابلس في وادٍ والاسلاميون في واد آخر، وأكبر دليل على ذلك الاعتصامات التي يقوم بها الاسلاميون والتي تحمل عنوان قضية كبرى لجهة دعم الشعب السوري، والواضح أن أكثرية أهل طرابلس تؤيد الثورة وهي ضد النظام، لكنها لا تؤيد تحركات الاسلاميين ولا تشارك فيها، لذلك فإن هذه التحركات تبقى محدودة.
لا يبدي الزعبي خشية على الحركات الاسلامية المعتدلة لأن لها رباً يحميها، مؤكدا أن أحداً لن يستطيع أن يمسها بسوء، ويضيف «إذا حصلت فتنة فسيضطر الجميع لأن يدافع عن نفسه، والأكثرية الساحقة من طرابلس هي معتدلة، وستجد الفئة المتطرفة نفسها منبوذة وقد تسيطر لساعات أو أيام، ولكن في النهاية ستطرد من طرابلس شر طرد، لأن الفكر المتطرف منبوذ من الأغلبية الساحقة في طرابلس».
وعن علاقته بـ«تيار المستقبل»، يلاحظ الزعبي أن «التيار الأزرق» مشغول حاليا في أمرين هما: دعم الثورة السورية وإسقاط الحكومة الميقاتية ولا يلتفت إلا الى هذين الأمرين «لذلك لا يوجد لديه وقت للتعاطي معنا»، متسائلاً «ماذا استفادت الطائفة السنية من «تيار المستقبل»؟ وأين كان دورها سابقاً وأين أصبح في عهد حكم «المستقبل»؟ والجواب هو أن الطائفة السنية لم تشهد تراجعاً في دورها السياسي والأمني في تاريخها كما شهدته في عهد «تيار المستقبل».
يرفض الزعبي بشكل مطلق إسقاط حكومة نجيب ميقاتي، معتبراً أنها كانت فرصة ذهبية لطرابلس، وهي جاءت في أسوأ الظروف، وكانت تستطيع أن تفعل أكثر وأفضل مما فعلته الآن، ولكن مقارنة مع الحكومات الأخرى هي أفضل بكثير، ولو كانت الحكومة من «فريق 14 آذار» لأدى ذلك الى انهيار لبنان، في حين أن الرئيس ميقاتي ما زال قادراً على التحدث مع كل الأطراف وأن يوفق بينها.
ويؤكد الزعبي أن الدعوة الى إسقاط الحكومة تأتي من باب الحقد عليها أو الحسد، أو الطمع بالكرسي الثالثة، وهذا نوع من أنواع الأنانية السياسية التي لا تخدم مصلحة البلد.
ويضيف الزعبي إن «تيار المستقبل» يحسد ميقاتي ويخاف منه، لأنه يعلم أنه يشكل مع الوزير محمد الصفدي، البديل السياسي له، وهذا التحالف مؤهل لأن ينتزع الزعامة السنية من «التيار الأزرق» في طرابلس..
عن «حزب الله»، يلاحظ الزعبي أن «حزب الله» منفتح ويقبل الانتقاد والنصيحة، ويقبل الهجوم عليه في حال كان منطلقاً من أمرين: عدم التآمر عليه، والعداء للمشروع الصهيوأميركي، مؤكداً أنه يختلف مع الحزب في الكثير من المواقف، خصوصا حول ما يجري في سوريا، لكننا نتناصح ونصل الى نقاط مشتركة، ونسعى الى تنظيم الخلاف. لافتاً النظر الى أن الحزب بدأ يتعاطى بايجابية على صعيد تبديد الهواجس، خصوصا على مستوى الساحة السنية، وهذا المطلوب اليوم، وليس المطلوب اليوم إحياء الوثيقة.
ويختم الزعبي إن الفتنة السنية ـ الشيعية هي مشروع يهودي، والمتضرر الأكبر منها ليس الشيعة وإنما السنة، «لذلك يجب تشكيل قيادة سنية تتناغم مع «حزب الله» لمنع هذه الفتنة التي هي ضد المصلحة السنية وضد المصلحة الوطنية العليا».
 
الرسائل السياسية العشر في خطاب مرسي بطهران
جريدة السفير...مصطفى اللباد
أثارت كلمة الرئيس المصري محمد مرسي في قمة دول عدم الانحياز التي عقدت في العاصمة الإيرانية طهران قبل أيام، عاصفة من ردات الفعل ما زالت أصداؤها تتوالى حتى بعد انتهاء القمة. وإذ انقســمت الآراء بالمنطقة في توصيف كلمة مرسي باعتبارها دشنت «عبد الناصر جديداً» كما يروج مؤيدوه، أو مجرد كلمة لـ«رئيس حزب وليس لحركة عدم الانحـياز» كما يقول خصومه في النظام السوري ومناصريه، يحاول هذا المقال تحليل خطاب مرسي بغرض استخـلاص الرسائل السياســية التي توخى الرئيس المصري إرسالها في القمة، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معها. وإذ تشي المفردات بميول صاحبها الفكرية والعقائدية، فقد كان الاستماع إلى الخطاب عدة مرات مناسبة لكشف الأرضية التي انطلق منها؛ ومن ثم الوقوف على بنية هذا الخطاب واستشراف المعاني التي حاول إيصالها.
افتتح محمد مرسي كلمته كعادته منذ انتخابه بمفردات الخطاب الديني بحمد الله والصلاة على النبي وآل بيته وصحبه، ولكنه ترضى في هذه المرة عن الخلفاء الراشدين الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. ومـثل ذكر الخلفاء الراشدين في مفتتح الخطاب الرسالة الافتتاحـية للرئــيس المصري في القمة التي عقدت في طهران، عين بموجبها الحدود المذهبية لخطابه، قبل أن يلحقها مباشرة بالآية القرآنية الداعيـة إلى الاعتصام بحبل الله. والواقع أن الأمر كان ليكون عادياً لو كانت الخــطبة في محــفل غـير إيران التي يشكل المسلمـون الشيعة غالبية سكانها، لأن الترضي على الخلفاء الراشدين لا يتم بالضرورة في كل خطابات أهل السنة الاعتيادية. والحال أن رسالة مرسي هنا تتوجه إلى معارضي الزيارة إلى إيران في الداخل المصري، وخـصوصاً من التيار السلــفي، وفي دول الخــليج العربية المتخوفة من أن قيام علاقات مصرية - إيرانية سيكون على حسابها وكاسراً للتوازن الإقليمي من وجهة نظرها. كان للترضي على الخلفاء الراشدين فعل السحر، في ظل المناخ المذهبي المحتقن في طول المنطقة وعرضها، إذ ان التعليقات على مواقع التواصل الإلكــتروني وعلى المواقع التي تعرض كلمة مرسي اعتبرت أن هذه الرسالة هي الأبرز في القمة. وبعطف هذه الرسالة على زيارة محمد مرسي الأولى إلى السـعودية واعتباره السعودية «راعية» للمذهب السني ومصر «حامية» له (راجع مقالنا هنا في 16/7/2012)، تكون الرسالة قد تخطت الداخل المصري لتطال المحيط العربي الخليجي.
أعاد الرئيس المصري الاعتبار إلى ذكرى جمال عبد الناصر، لا ليمدحه، بل ليثبت دور مصر التاريخي في تأسيس حركة عدم الانحياز، وليبني على ما حققته مصر من رصيد تاريخي فيها. بمعنى آخر، أراد مرسي الإضاءة على دور مصر التاريخي فاضطر إلى الاستعانة بذكرى مؤسس الحركة الذي يخاصمه أيديولوجياً، وهو الذي وصف مرحلة حكمه وصفاً سلبياً في أول خطاباته بعد انتخابه رئيساً بقوله «والستينيات وما أدراك ما الستينيات». وحتى يزيل محمد مرسي الاشتباك بين الهدف (ترسيخ دور مصر التأسيسي في الحركة) والطريقة (استدعاء ذكرى عبد الناصر)، فقد ذكّر مرسي بدور مصر و«قيادتها حينئذ»، التي عبرت عن إرادة شعبها حينئذ - مرة أخرى - لكسر الهيمنة الخارجية.
أظهرت المفردات هنا أن مرسي يتصالح مع عبد الناصر وتجربته وما مثله في إطار تاريخي عام، وفي سياق كسر الهيمنة الخارجية وصولاً إلى استدعاء سياق مشابه ومتصل إلى حد ما، وكأن مرسي وما يمثله يمثل استمرارا لسياسات عبد الناصر في تصديه للهيمنة الخارجية. وبعد تأكيد مساهمة مصر التاريخية في تأسيس حركة عدم الانحياز، ينفذ مرسي إلى رسالته الثالثة مباشرة وهي أن مصر هي «حجر الزاوية» في الربيع العربي؛ بعد أن يذكر تونس ويعرج على اليمن وسوريا التي سيمر عليها هذا الربيع إن شاء الله. هنا يجير مرسي الحراك الشعبي العربي ليصب في أهمية مصر راهناً، في تتابع خطابي لدور مصر الريادي تاريخياً وعطفه على واقعها المحوري كما يراه الرئيس المصري.
كانت الرسالة الرابعة في خطاب مرسي أن مصر دولة «مدنية ديموقراطية حديثة»، وهنا يتيه الرئيس المصري فخراً أن بلاده ليست دولة دينية أو دولة تحكم شمولياً، ما يعكس وعيه بالأفضلية التي امتلكها في القمة، باعتباره رئيساً منتخباً بطريقة ديموقراطية شئنا أم أبينا - في محفل لا تتمتع غالبية دوله بالأوصاف ذاتها. وتجلى ذلك بوضوح عندما قال: «نعيش واحدة من أهم اللحظات في تاريخنا المعاصر، بعد ثورة شعب مصر السلمية».
أما الرسالة الخامسة التي توخى مرسي إرسالها في كلمته ـ وفق تحليل الخطاب - فتمثلت في تطلع مصر إلى القيام بدور عالمي، فبعد حــشو إنشائي عن المشكلات الدولية مثل تغير المناخ والإرهاب، ينفذ مرسي إلى هدفه المضمر، إذ أكد الرئيس المـصري في أكثر من موضع وفي اختــتام كلمته ضرورة إصلاح وتوسيع مجلـس الأمن وضــرورة رفع الظـلم التاريخي عن أفريقيا وتخصيص مقعد دائم لها. ومن المعلوم أن الدول الأفريقية الثلاث: مصر ونيجيريا وجنوب أفريقيا، ستنحــصر بينـها المنافسة على هذا المقعد الدائم، فيما المطالبة الإيرانية السابقـة بمــقعد دائم للدول الإسلامية ستجعل المنافسة المصرية أصعب نسبياً، لأنها ستتنافس ساعتها مع باكستان ذات القدرات النووية وعدد الســكان الذي يناهز مئة وخمسين مليون نسمة، أو تركيا ذات التحالفـات الدولية المتينة، أو إيران ذات المشروع الكبير، أو السعودية التي تقع المقدسات الإسلامية ضمن حدودها السياسية. هنا يظهر الخطاب تطلعاً مصــرياً جــديداً إلى دور عالمي ووعياً بموازين القوى التنافسية المحتــملة. وزاد مرسي من الحمولة العالمية لخطابه بذكر ضرورة تفعيل دور الجمعية العامة للأمم المتحدة مستدعياً المقارنة بينها وبين مجلس الأمن، الذي يمنع في بعض الأحيان حل الأزمات مثل «الأزمة التي تدمي قلوبنا جميعاً وهي الأزمة السورية».
أما الاستطراد في مراسم التسليم وسؤال الحاضرين عن موافقتهم على تسلم الرئيس الإيراني للرئاسة الدورية، وهو أمر متفق عليه بروتوكولياً منذ تأسيس القمة التي تتسلم رئاستها الدورية الدولة المضيفة، فهدف إلى إظهار أن مصر صاحبة الدور التاريخي في التأسيس والحاضر المركزي تتنازل عن رئاسة القمة بشروط إلى إيران. وفي هذا السياق يفهم عبارة مرسي أن مصر «تسلم الرئاسة وستتابع مع إيران والرئاسات التي ستأتي من بعدها» لقضايا الحركة، أي بعبارة أخرى مصر لها نفوذ معنوي في الحركة وهي صاحبتها الحقيقية، ولكنها تتنازل وفق مقتضيات البروتوكول فقط.
ظهر في رسالة مرسي السادسة أن سوريا وفلسطين متصلان لا ينفصلان، إذ وزع المسألتين على الخطاب وفقراته، ولكنه ذكرهــما معاً في غالبية المرات باعتبارهما «يناضلان ببسالة مبهرة طلباً للحرية والعـدالة والكرامة». استغرب كثيرون من حدة مرسي وحملته على النظــام السوري في ضوء المبادرة المـصرية لحل الأزمة الســورية، والتي تلحظ تشكــيل لجنة رباعية قوامها مصر وتركيا وإيران والسعــودية، لأن نبرة خطاب مرسي قد تقفل الــباب أمام المبادرة المصــرية. ولكن المتفحــص في مفردات الخطاب وسياقه يلاحظ أن المبادرة المصـرية ما زالت قائمـة فيه، وأن مرسي يشرح اشتراطاتها النهائية بالقول: «انتقال سلـمي للســلطة في سوريا». أي ان المبادرة قائمة على قاعدة أن هدفها الواضح هو انتقال السلطة في سوريا، فيما سيجري التباحث فقط حول تفاصيل الفترة الانتقالية.
وتجلت الرسالة الثامنة في تحليل الخطاب مع تضامن مرسي مع القضية الفلسطينية، وتبنيه مفردات السياسة العربية في المرحلة الواقعة بين السبعينيات وحتى التسعينيات إبان «مؤتمــر مدريد» و«اتفاق أوسلو»، مثل مفردات «الحل العادل والشامل الذي يضمن الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصــيره وإقـامة دولته الحرة على أرضه بإرادة كل أبنائه داخل الأرض الفلسطينية وخارجها». لم يعين مرسي هنا حدود الدولة الفلسطينية ليترك لنفسه هامشاً أكبر للحركة، وحين يشدد على سجناء الشعب الفلسطيني ومظلوميتهم، فإنه يفتح الطريق لنفسه ربما للتوسط لاحقاً في هذه القضية. يذكر مرسي في كلمته «المصالحة الفلسطينية التي تم التوصل إليها مؤخراً»، فإنه يقول بمعنى آخر إن مصر من باب أولى لن تترك القضية الفلسطينية ورعايتها تفلت من يدها، في رسالة إلى إيران وتركيا معاً، اللتين أبحرتا في الشارع العربي على شراع التضامن مع القضية الفلسطينية. كشفت مفردات كلمة مرسي أن حاول تضمين كلمته نفساً عالمثالثياً توزع بين ثنايا القضايا التي تناولها في هذه المحفل العالمثالثي بامتياز، فمرسي القادم من الصين إلى طهران يؤكد أهمية مجموعة 77 والصين. ومرسي، صاحب التوجه والمشروع الإسلامي الإخواني، لم يجد غضاضة في الإشادة بكوبا ودورها في حركة عدم الانحياز، وصولاً إلى التنديد بالحصار الأميركي عليها والذي نعته «جائراً». ولم تفت مرسي الإشادة بالزعيم الجنوب أفريقي نلسون مانديلا، في تبن واضح لقضايا العالم الثالث، وهو أمر جديد على مستوى الخطاب الإخواني، الذي يركز جل اهتمامه على قضايا العالم الإسلامي.
تمثلت الرسالة العاشرة في خطاب مرسي في التحسن المحدود على صعيد العلاقات المصرية - الإيرانية، فمرسي شدد في كلمته «جئنا هنا ... وكرر جئنا هنا لنسلم رئاسة الحركة من مصر إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة»، وكأنه يقول لم تعد القطيعة موجودة بدليل زيارتي؛ ولكن غرض الزيارة الأساسي لم يكن العلاقات المصرية - الإيرانية بل قمة عدم الانحياز. أعطى مرسي تضامناً محدوداً مع إيران في ملفها النووي، حين شدد على مواقف مصر المتكررة من الملف التي تتضمن حق إيران في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، لكن (وتحتها خطوط) في ضوء الضوابط التي عينتها معاهدة حظر الانتشار النووي). بمعنى آخر أتضامن مع إيران، لكن من دون الدخول في مواجهة لأجلها في مجلس الأمن. قضى محمد مرسي ست ساعات في إيران، ألقى خلالها كلمته في القمة واجتمع مع الرئيس الإيراني لمدة أربعين دقيقة لرفع العتب وليس للتباحث حول إعادة العلاقات المصرية - الإيرانية وتوقيتها وطريقة إخراجها. أعطى مرسي إيران جزءاً يسيراً مما عولت عليه، ولكنه في هجومه العنيف على حليفها، النظام السوري، فقد سكب ماء بارداً على الأشواق الإيرانية بعلاقات مع مصر، تغير من خلالها موازين القوى في المنطقة.
بغض النظر عن بعض الأخطاء اللغوية والرتابة في الإلقاء، فقد كان لمصر رئيس (المخلوع مبارك) لا يتحرك فلا يصيب أبداً، وأصبح لديها رئيس يتحرك فيخطئ ويصيب!
 
رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية - القاهرة.

 

 

 

كيسنجر المعادي للثورة السورية
جريدة المستقبل..مراد مراد
البعض من الشخصيات الثقيلة الوزن في السياسة العالمية، وغالبيتهم مؤيدون لإسرائيل، من أمثال وزير الخارجية الاميركي السابق هنري كيسنجر، يجاهرون بعدائهم للثورة السورية ويعملون ما في وسعهم للإبقاء على نظام بشار الأسد.
عندما لمس وفد "المجلس الوطني السوري" ايام رئاسة برهان غليون، بوادر ايجابية لدى الإدارة الروسية خلال زيارة قام بها الى موسكو، وكان فلاديمير بوتين وقتها لا يزال رئيسا للوزراء ويحضر للإنتخابات الرئاسية وبدأ يذعن لثقل ضغوط دول الخليج العربي وتركيا وبعض دول الاتحاد الاوروبي، قام كيسنجر بزيارة طارئة الى موسكو والتقى بوتين قبل جلسة ثانية لمجلس الامن الدولي بشأن الازمة كي يضمن اصرار الروس مجددا على استخدام حق النقض (الفيتو).
البعض يتساءل لماذا يمون كيسنجر على بوتين وليس على اوباما؟
في الحقيقة هو يمون على الرئيسين ولكن واشنطن التي تقود شعار الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان لا يمكن ان تظهر علانية عدم رغبتها بتغيير نظام بشار الأسد على الأقل في المدى المنظور، ولهذا كان لا بد ان يسدي الخدمة الرئيس الروسي الذي تربط بلاده علاقات تاريخية علنية جيدة بآل الأسد.
بعد الفيتو الثاني، تصاعدت الأعمال العسكرية مجددا وارتكب المزيد من المجازر، الأمر الذي أثار حفيظة بريطانيا دوليا بشكل خاص وكان وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ الأكثر حراكا خلال الاشهر الثلاثة الماضية وكان الوحيد بين وزراء خارجية الدول الكبرى الذي يقول بعدم وجوب استبعاد اي خيار (بما في ذلك العسكري) لإنهاء حمامات الدم في سوريا.
تحركات هيغ وتصريحاته لم تعجب الاميركيين لأنها اظهرت لندن في موقع متقدم على واشنطن، فاستغل كيسنجر توقيت الاولمبياد واجرى لقاء مع هيغ في العاشر من آب (اغسطس) الماضي. بعد هذه الزيارة التصق موقف لندن بموقف واشنطن مع تبني رئيس الوزراء دايفيد كاميرون حرفيا عبر اتصال هاتفي مع الرئيس الاميركي باراك اوباما رواية "الخط الكيميائي الأحمر" رغم ان الرئيسين يعلمان ان الأسد لن يستخدم هذه الاسلحة ولكن صرحا بذلك فقط ليضعا لبلديهما سقفا مرتفعا لأي تدخل عسكري ممكن في الأزمة.
واكبر دليل على تراجع لندن عن موقفها المتحمس كان غياب التلويح بالتدخل العسكري عن خطاب هيغ في الجلسة الاخيرة لمجلس الامن التي ترأستها فرنسا وهي المرة الاولى منذ بدء هذا النوع من الجلسات التي يخفف فيها الوزير البريطاني من حدة كلامه. وركز عوضا عن ذلك على دعم المساعدات الانسانية وضرورة احالة جرائم النظام على القضاء الدولي.
كما ان غياب وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون عن الاجتماع الاخير في نيويورك جاء كصفعة مباشرة وجهها الأميركيون للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي بنظر واشنطن ذهب بعيدا عندما دعا في خطابه الى الاعتراف بحكومة تؤلفها المعارضة واعتبر ان "استخدام الاسلحة الكيميائية سيستدعي تدخلا اوتوماتيكيا عسكريا للأسرة الدولية". وهو (التدخل الاوتوماتيكي) ما نفاه بشكل واضح رئيس الاركان الاميركي مارتن ديمبسي خلال لقاء اعلامي في السفارة الاميركية في لندن الخميس الفائت.
انقرة وباريس تطرحان الآن مع شركائهما في حلف شمال الاطلسي (ناتو) فرض حظر جوي فوق مناطق في سوريا تقع تحت سيطرة الجيش السوري الحر، ولكن واشنطن لن توافق على هذا المقترح اقله في الشهرين الفاصلين عن موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وفي حال خسر اوباما الانتخابات، هذا ايضا يعني حكما استمرار انعدام الحسم في القرار الدولي مدة شهرين آخرين الى حين دخول ميت رومني في حال فوزه الى البيت الابيض في شهر كانون الثاني (يناير) 2013.
تركيا وفرنسا لا تقدران على التحرك بشكل أحادي، وربما تعلن الجامعة العربية قرارا شجاعا ما فدولها تملك السلاح القادر على فرض حظر جوي ما، ولكن العرب لم يكونوا يوما في موقع اخذ المبادرة العسكرية وفي حال حصل هذا فستكون سابقة. مجلس الامن حتما لن يحرك ساكنا وواشنطن ستعمل ايضا على شل اي قرار بهذا الصدد في الناتو، والاخضر الابراهيمي سيكون مجرد موفد لتغطية العجز الدولي تجاه الأزمة خلال الفترة المقبلة التي قد تمتد من شهرين الى خمسة اشهر على اقل تقدير.

 

 

معهد «دراسة الحرب» الأميركي: «لواء التوحيد» يتحوّل إلى جيش ثوري يمكنه التأثير بنتائج الصراع
الرأي.....واشنطن - من حسين عبدالحسين
لماذا يعتقد الرئيس السوري بشار الاسد ان قواته بحاجة فقط الى المزيد من الوقت للقضاء على الثوار المطالبين بانهاء حكمه؟ الم يطلب الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون المزيد من الوقت، وقامت قواته حتى بقصف كمبوديا سرا اعتقادا منه ان القضاء على الثوار بات قريبا؟ الم يرتكب الاتحاد السوفياتي الخطأ نفسه وخرج يجر اذيال الخيبة من افغانستان بعد عقد تصور في كل يوم خلاله ان النصر كان وشيكا؟ الم تهزم المجموعات المسلحة اللبنانية الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان بعدما استنزفته عسكريا؟ الم ترهق المجموعات المقاتلة في العراق الجيش الاميركي وتجبره على البحث عن حلفاء بين العشائر حتى يقلب الميزان؟
كل هذه الامثلة تشير في اتجاه واحد، هو انه يندر ان ينجح اي جيش نظامي في القضاء على مجموعات مسلحة غير نظامية، خصوصا اذا كانت هذه المجموعات تلقى تأييدا ودعما من السكان المحليين. كل هذه الامثلة تشير ايضا الى شعور القيادة السياسية للجيوش النظامية بانها تقترب من النصر، وان جل ما تحتاجه هو المزيد من الوقت، والاكثار من العنف والدموية لتسريع انتصارها. لكن التاريخ غالبا ما يشير الى عكس ذلك، وسورية ليست شواذا، او هذا على الاقل ما يعتقده معظم الخبراء الاميركيين ممن يراقبون المعارك في سورية عن كثب.
في احدث التقارير الاميركية عن المعارك في سورية، ورد انه بتاريخ 23 مايو، شن النظام هجوما على بلدة اعزاز، في الريف الشمالي لمدينة حلب، وظهرت «قافلة دبابات غرب المدينة معززة بالمروحيات والمدفعية». ويضيف التقرير: «واجهت (قوات الاسد) مقاومة صلبة من القوات المشتركة للواء احرار الشمال وكتيبة مثنى ابن حارثة، وعلى مدى الايام الثلاثة المقبلة، حاولت قوات النظام السيطرة على الاحياء التي يسيطر عليها الثوار، ولكن مع حلول 26 مايو، كان الثوار قد طردوا النظام خارج المدينة، ودمروا خمس دبابات في طريقهم».
ويقول التقرير الصادر عن «معهد دراسة الحرب» ان هزيمة قوات الاسد في اعزاز في مايو اعلنت نهاية اول هجوم كبير للنظام شمال حلب، وان الثوار الذين صدوا الهجوم تابعوا تقدمهم جنوبا وسيطروا على عندان وحريتان، فيما اقتصر رد قوات الاسد بقصف هاتين البلدتين مع حلول منتصف يونيو.
لكن جيش الاسد عاد مطلع يوليو وشن هجوما ثانيا لاستعادة اعزاز، التي بدأ بقصفها في 2 يوليو. واستمرت المواجهات حتى 19 يوليو، بعد ذلك اعلن الثوار سيطرتهم الكاملة على البلدة، ودحرهم القوات النظامية، بعد تدميرهم 7 دبابات.
ويحاول التقرير ان يخوض في الاسباب الكامنة خلف انتصار الثوار رغم تفوق القوة النارية لجيش النظام، ويعتبر انه بسبب ندرة المعلومات والفيديو من ساحات المعارك، يتعذر فهم سر قوة الثوار. بيد ان التقرير يتوصل الى نتيجة مفادها ان المعروف ان الثوار يعتمدون قذائف «آر بي جي» لمواجهة الدبابات، وان هذه القذائف لا يمكنها اختراق التصفيح الثالث في الدبابة، مما يعني ان الثوار وجدوا نقاط ضعف تمكنهم من التصدي لدابابات النظام، وهي المشكلة نفسها التي واجهتها القوات الاسرائيلية في صيف 2006 اثناء مواجهتها في وادي الحجير في جنوب لبنان مع مقاتلي «حزب الله»، الذين فاجأوا الاسرائيليين باختراق قذائفهم للجيل الثالث من دبابات ميركافا التي كان يعتقد انه يستحيل ايقافها.
ويعزو معدو التقرير تفوق الثوار على دبابات الاسد الى سبب ثان هو النقص الفادح في اعداد المشاة لدى الجيش النظامي، والى اخطاء مميتة في تكتيكاته.
اما السبب الثالث، فهو قرب بلدة اعزاز من تركيا، مما سمح للثوار بالتزود بكميات كبيرة من الذخيرة عن طريق معبر كيليس، يقول التقرير: «يدعي لواء التوحيد استلامه ذخيرة من دول خارجية، وصرح الناطق باسمه عبد العزيز سلامة ان اللواء تسلم مؤخرا 700 طلقة آر بي جي، و300 بندقية، و3000 قنبلة يدوية في شحنتين نسقت تسليمهما الولايات المتحدة وتركيا».
كذلك يشير التقرير الى ان العمليات القتالية اظهرات قيام تراتبية وتنظيم كبير لدى «المجلس العسكري في محافظة حلب» في التنسيق بين عمليات الكتائب المختلفة للثوار، وفي شن هجمات على امتداد مساحة المحافظة، وفي الاستيلاء على مساحات من النظام، والنجاح في الحفاظ عليها عبر صد هجمات النظام المضادة.
ويخلص التقرير الى القول ان «القتال في حلب يقدم مثالا آخر على عدم مقدرة نظام الاسد على السيطرة على الريف، ويظهر كيف ان محاولاته للسيطرة تضعف قبضة النظام على المناطق في المدن الاساسية»، وانه في «مايو ويوليو، هزم الثوار النظام اثر هجومين قام بهما على ممر كيليس، وحاز الثوار بموجب ذلك على موطأ قدم نجحوا في اطلاق هجوما كبيرا منه داخل مدينة حلب، ونجحوا في اثبات مقدرتهم على انتزاع احياء في حلب»، وان «ادعاء لواء التوحيد بالسيطرة على 60 في المئة من المدينة قد لا يكون فيه الكثير من المبالغة».
ويشيد التقرير بقرار «لواء التوحيد» تطوير «قواعد الاشتباك» الخاصة به، وانشاء سجون اعزاز ومعرة، وتشكيل لجان قضائية، مما يظهر ان الثوار يعملون على حفظ النظام بعد ان تتلاشى قوة الاسد في محافظة حلب، وهو ما يظهر ايضا ان «لواء التوحيد يتحول من مجموعة كبيرة من المتمردين الى جيش ثوري يمكنه التأثير بجد بنتائج الصراع في سورية وعواقبه».

 


المصدر: مصادر مختلفة

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff..

 الأربعاء 2 تشرين الأول 2024 - 6:21 ص

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff.. The long-running feud between Libya’s competing au… تتمة »

عدد الزيارات: 172,590,275

عدد الزوار: 7,699,380

المتواجدون الآن: 0