تقارير..المؤتمر الرابع لـ«الحرية والعدالة»: أردوغان «زعيماً للعالم الإسلامي»!..تحضير الساحة السورية لمفاجآت دموية كبيرة...الصحافة الإسرائيلية في أزمة... والمؤشر «معاريف»...بنغازي تقودُ الثورة الليبية الثانية: انتفاضة الغضب على الميليشيات والسلطة...هل تعجلت جماعة «الإخوان المسلمين» الحكم في مصر؟..«حرية الإعلام» المكسب الأهم للتونسيين بعد الثورة...مؤتمر «الحراك الجنوبي» يبدأ في عدن وباعوم يؤكد التمسك بالانفصال عن صنعاء..المقريف لـ «الحياة»: المتطرفون قلة... والمجلس الإنتقالي أهمل ملفات مهمة

طيارون ايرانيون دخلوا عن طريق لبنان ليقصفوا الأراضي السورية...«حزب الله»: طلائع «اجتياح مالي» انتخابي بدأت تطل...لبنان: التفاهم السياسي على مرحلة ما بعد الانتخابات شرط لإنجازها في موعدها وإلاّ...

تاريخ الإضافة الإثنين 1 تشرين الأول 2012 - 6:57 ص    عدد الزيارات 2351    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

الصحافة الإسرائيلية في أزمة... والمؤشر «معاريف»
الحياة...الناصرة - أسعد تلحمي
ينذر الإغلاق المتوقع لصحيفة «معاريف»، إحدى أعرق الصحف في إسرائيل، جراء أزمة مالية تعيشها منذ سنوات كثيرة وتفاقمت في العام الأخير، باقتراب نهاية عهد الصحافة المطبوعة في الدولة العبرية أو غياب وزنها الثقيل في وقت تعاني أعرق هذه الصحف، «هآرتس» أزمة مماثلة تهدد بوقف طبعها. كذلك لا يبدو وضع «يديعوت أحرونوت»، الأكثر انتشاراً حتى الأمس القريب، مطمئناً للعاملين فيها، إذ اضطرت إلى تقليص عدد صفحاتها اليومية ووقف إصدار بعض الملاحق. وتبقى صحيفة «إسرائيل اليوم» التي رأت النور قبل خمس سنوات الأكثر استقراراً بفضل تمويلها من أحد كبار المتموّلين في الولايات المتحدة اليهودي شيلدون أديلسون.
وعلى رغم الحديث عن احتمال شراء رجل الأعمال شلومو بن تسفي صحيفة «معاريف» من مالكها الحالي نوحي دانكنر، الذي استثمر أكثر من 70 مليون دولار في العام الماضي لإنقاذ الصحيفة من دون جدوى، فأن كل الدلائل تشير إلى أن 1600 صحافي وعامل في الصحيفة من مجموع ألفيْن سيجدون أنفسهم أمام مكاتب العاطلين من العمل في المستقبل القريب، فضلاً عن أن أحداً لا يضمن أن ينجح المالك الجديد في انتشال الصحيفة من الغرق التام بعدما تدنى توزيعها إلى رقم غير مسبوق.
وأُنشئت «معاريف» قبل ثلاثة اشهر من إقامة الدولة العبرية عام 1948، على يد مجموعة من كبار الصحافيين في «يديعوت أحرونوت». ولأكثر من 20 سنة كانت الصحيفة الأوسع انتشاراً في إسرائيل وعرفت بـ «المحافِظة» سياسياً وشكلاً، إذ التزمت خطاً قومياً صهيونياً ومثّلت نخبة الأشكناز المهاجرين من أوروبا والشرائح المتمكنة اقتصادياً في المدن الكبرى، وابتعدت عن أخبار الفضائح. كل ذلك حتى السبعينات من القرن الماضي حين نجحت «يديعوت أحرونوت» في تخطي «معاريف» في التوزيع، بفضل توزيع عشرات آلاف النسخ مجاناً على الجنود في قواعدهم العسكرية، وبفضل اللغة العبرية السهلة والشعبية التي اعتمدتها ومخاطبتها الشرائح الضعيفة، خصوصاً الشرقية، وميلها إلى الأخبار الخفيفة «الصفراء»، فضلاً عن فتح صفحاتها أمام كتّاب الأعمدة من كل ألوان الطيف السياسي، من أقصى اليمين إلى اليسار الراديكالي، فيما لم تواكب «معاريف» التغيير الحاصل فرأى فيها القراء صحيفة «مملّة وثقيلة» حصرت عناوينها الرئيسة في الأمن والسياسة والاقتصاد.
وفي الثمانينات صدرت صحيفة «حدشوت» بحلّة جديدة لم تعرفها الصحف العبرية من قبل، خصوصاً من ناحية الشكل واعتُبر صدورها ثورة في عالم الإعلام، ما اضطر «يديعوت أحرونوت» إلى الحذو حذوها لئلا تخسر قراءها، فيما لم يحرّك مالكو «معاريف» ساكناً... فتراجع انتشار الصحيفة أكثر فأكثر. كما لم يَعْتبِر هؤلاء من توقف صحيفتين حزبيتين كبيرتين هما «دفار» (ناطقة بلسان حزب العمل) و «عال همشمار» (ناطقة بلسان حزب «مبام» اليساري) عن الصدور بعدما أيقن الحزبان أنه لم يعد من مكان لصحف تشكل «لسان حال»، ولا تعكس رغبات القارئ الذي يبحث عن صحافة حرة وجريئة في تحقيقاتها ومقالاتها، لا عن صحف تريد إملاء أجندتها على الرأي العام. ولاحقاً أغلقت أيضاً صحيفة «هتسوفيه» العريقة، لسان حال حزب «مفدال» الصهيوني المتديّن.
وأخذت ملامح الأزمة في «معاريف» تشتد سنة بعد أخرى، ولم يشفع لها تغيير رؤساء تحريرها بوتيرة عالية إلى أن امتلكها في العام 1988 المليونير اليهودي البريطاني روبرت ماكسويل، لكن موته المفاجئ بعد سنوات وانهيار امبراطوريته الإعلامية شكّلا ضربة قوية للصحيفة العبرية، حتى امتلكتها عائلة نمرودي التي أحدثت انقلاباً في شكلها ومضمونها. لكن الحرب مع «يديعوت أحرونوت» وفضيحة «التنصت السري» المتبادل كلفتا الصحيفة ثمناً باهظاً، خصوصاً بعد سَجن الناشر عوفر نمرودي بتهمة محاولة القتل. وتواصَل تغيير رؤساء التحرير بحثاً عن معادلة سحرية تعيد إلى الصحيفة مكانتها وتجعلها قادرة على منافسة «يديعوت أحرونوت» حتى من خلال تغيير شكل الصحيفة ومضامينها لتكون أكثر سهولة وتنوعاً في الموضوعات التي تتناولها، شبيهةً إلى درجة كبيرة بـ «يديعوت»، لكن من دون نجاح يذكر.
وتفاقمت الأزمة أكثر مع انتشار المواقع الإخبارية في شبكة الانترنت في العقد الماضي التي قضمت هي ايضاً من الكعكة الإعلانية. وهذه المرة حاول مالكو «معاريف» اجتذاب القراء من اليمين من خلال اتخاذ موقف حاد ضد الانتفاضة الفلسطينية وخرجت بعناوين تشد على يد الجيش ليواصل عملياته العسكرية في الضفة الغربية. كما وقفت، بعناوينها ومقالات كتّابها، إلى جانب معارضي الانفصال الأحادي الجانب عن قطاع غزة، بعكس «يديعوت» التي اختارت دعم الحكومة في مشروعها. وشهدت صفحتا الرأي في «معاريف» سيلاً من المقالات المندّدة باليسار الإسرائيلي وكتّابه بداعي إساءتهم إلى سمعة إسرائيل في الحلبة الدولية.
لكن الضربة المميتة لمعاريف جاءتها مع صدور صحيفة «إسرائيل اليوم» المجانية في صيف عام 2007. وكان مراقبون توقعوا فعلاً أن تكون «معاريف» ضحيتها الأولى، إذ جاءت لتنافسها على شريحة القراء ذاتها من المحسوبين على اليمين والمؤسسة الحاكمة، والأهم أنها توزع مجاناً.
وكان الغرض المعلن لمالك «إسرائيل اليوم» البليونير الأميركي شيلدون أديلسون إعادة صديقه بنيامين نتانياهو إلى سدة الحكم، موظِفاً مئات ملايين الدولارات في استقدام أبرز الصحافيين (خصوصاً من «معاريف») وفي طبع أكثر من 250 ألف نسخة يومياً توزع مجاناً في محطات القطار ومفترقات الطرق.
ونجحت الصحيفة الجديدة في غضون أربع سنوات، اعتمدت فيها أسلوباً صحافياً شيقاً وسلساً ومتنوعاً وخطاً سياسياً واضحاً (يمينياً)، في أن تصبح الأكثر انتشاراً في إسرائيل، فكسرت احتكار «يديعوت» لسوق الإعلام والإعلان الذي استمر أكثر من ثلاثة عقود من الزمن. وعملياً خلت الساحة في الأعوام الأخيرة لهاتين الصحيفتين اللتين تتقاسمان غالبية الكعكة الإعلانية، على حساب «معاريف» و «هآرتس» أيضاً.
ولا شك في أن «إسرائيل اليوم» استفادت من اتجاه الشارع الإسرائيلي نحو اليمين منذ عام 2000 (الانتفاضة الثانية) وكانت أجرأ من نظيراتها في اتخاذ مواقف داعمة بلا حدود لنتانياهو واليمين المتشدد، فلاقت القبول لدى أوساطهما الواسعة ولم تتأثر من اتهامها بأنها بوق لنتانياهو، وهو ما حدا بمنافستها «يديعوت أحرونوت» إلى اتخاذ موقف مناوئ لنتانياهو بداعي دعمه غير المباشر لـ «إسرائيل اليوم». وضربت «إسرائيل اليوم» أسعار الإعلانات من خلال خفضها في شكل لافت، ما فاقم أزمة «معاريف» على وجه خاص.
كما كلّف توجه الشارع نحو اليمين صحيفة «هآرتس»، المحسوبة على التيار الليبرالي واليسار الصهيوني، ثمناً باهظاً منذ الانتفاضة الثانية حين تعرضت لهجمة شرسة من غالبية الإسرائيليين، ومن الآلاف من المشتركين فيها الذين ألغوا اشتراكاتهم بداعي ان الصحيفة موالية للفلسطينيين، فغدت مهددة هي أيضاً بالإفلاس. ولم يشفع للصحيفة تغيير رؤساء تحريرها وتقليص المساحات المخصصة لقضايا الفلسطينيين والاحتلال لإرضاء التيار الوسَطي، إذ تفاقمت ضائقتها المالية، ما اضطرها في الأشهر الأخيرة إلى فصل عمال أو تقليص وظائفهم على رغم أنها ما زالت في نظر الإسرائيليين، الأرقى والأكثر صدقية بين صحف الدولة العبرية.
ويطرح الآن السؤال: كيف سينهض المالك الجديد لـ «معاريف» (شلومو بن تسفي) بالصحيفة، بعدما سرّبت أوساطه أنه ليس معنياً باستيعاب أكثر من 400 من عمال «معاريف»، من دون نقل حقوقهم، ما يعني قذف 1600 آخرين إلى سوق البطالة.
كما يطرح السؤال عن مضمون الصحيفة في عهد المالك الجديد، وهو يميني متدين يقيم في إحدى المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، سبق له أن اشترى صحيفة «مكور ريشون» (مصدر أول) الموجهة تحديداً إلى جمهور المستوطنين.
ولخصت رئيسة مجلس الصحافة في إسرائيل القاضية سابقاً دالية دورنر حال الصحافة الورقية (في إسرائيل) بالقول إن إغلاق أي صحيفة هو «مساس بحرية الصحافة»، فيما قال موظف كبير سابق في «معاريف» إن مواقع الانترنت لا يمكن أن تشكل بديلاً من الصحافة الورقية وللصحافة الحرة، «لأن الصحافة الحرة حيوية للديموقراطية». وكتب كبير المعلّقين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم بارنياع أن «مشكلة معاريف يجب أن تقض مضجع المجتمع الإسرائيلي بأسره»، مضيفاً أن «مفعول شيلدون أدلسون (مالك «إسرائيل اليوم») من خلال إغراق الشارع بالصحف المجانية «أصابت الإعلام الإسرائيلي في الصميم، فيما خفض أسعار الإعلانات كان بمثابة التأكد من عملية القتل».
 
بنغازي تقودُ الثورة الليبية الثانية: انتفاضة الغضب على الميليشيات والسلطة
الحياة...محمد عمر بعيّو *
الإثنين ١ أكتوبر ٢٠١٢
نسي الميليشيويون، المسلّحون منهم والسياسيون، أن الشعب الليبي الذي خاض جزءٌ كبيرٌ منه حرب التحرير الثانية ضد المستعمر المحلّي بعد قرنٍ من حرب التحرير الأولى ضد المستعمر الأجنبي، لم يعُدْ يعرف الخوف، ولا يعترف بمراكز القوى، ولا يقف صامتاً عاجزاً أمام إهدار كرامته وقتل أبنائه وسرقة ثرواته واغتيال ضيوفه وضباط جيشه وإضاعة استقلاله وكيانه... وعشرات صنوف الممارسات الإجرامية الإرهابية الأخرى، من الخطف والقتل على الانتماء الى القبيلة أو المنطقة ( بديلاً من القتل على الهوية، كما حدث ذات زمنٍ في لبنان والعراق)، واستباحة الممتلكات وتشريد آلاف العائلات وإسكات الأصوات وتدمير المقابر وتهريب الآثار والوقود والسلع وفتح أبواب ليبيا لمطاريد الإرهاب والجريمة من دول الجوار ومن غيرها، واحتجاز آلاف المتهمين من دون محاكمة، في خلطٍ بين المُرتكبين الذين تجب معاقبتهم بالقانون وبين المُشتبه بهم والأبرياء، واعتقال الناس لمجرد وشاية أو تصفية حسابات، مما لا يحدث حتى في ظل أعتى الدكتاتوريات، وهي جرائم وممارساتٌ ما كانت لتحدث بهذه الفظاعة والوضاعة لو كان هناك حد أدنى من هيبة الدولة، التي يزعم رئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد المقريف وجماعته أنهم يمثلونها، ومن سلطة القانون، التي تدعي الحكومات غير المنتخبة أنها تعمل تحت مظلتها.
استعادة خطاب القذافي
وبدلاً من أن يُسائل قادة الميليشيات أنفسهم، وهُم الحكام الحقيقيون الفاشيون لليبيا الآن: لماذا أصبحت بنغازي وكل أهل ليبيا يكرهوننا بعدما كانوا أيام الثورة ضد معمر القذافي والقتال في المدن والجبهات ضدّ كتائبه يكادون يرفعوننا إلى مرتبة التقديس، ونحن أبناؤهم وهُم أهلنا الذين لولا دعاؤهم ودعمهم لما قاتلنا ولا انتصرنا، بدلاً من ذلك نجدهم يستعيدون خطاب القذافي عن الخمر والهلوسة، والذي أخاله اليوم في مماته أسعد منه في حياته، والليبيون يقتتلون ويتشرذمون بعدما توحدوا في قتاله.
بدلاً من أن يطرح زعماء الميليشيات وأعضاؤها هذا السؤال كُلٌّ على نفسه ويقف مُتجرداً من هواه الذي هوى به إلى درك التحول إلى جلاّد أمام مرآة نفسه يحاسبها ويسائلها، نجده ومن معه من شركاء الغزوة والغنيمة وحراس هيكل التسلط والتخلف والتبعية من المتبوعين التابعين للخارج والعائدين على صهوة الزيف والابتزاز وتزوير التاريخ ليقطفوا ثمار ثورةٍ لم يشاركوا فيها، نراهم يهربون إلى الأمام فيدينون المواطنين بدل إدانة المسلحين غير الشرعيين، ويرفعون الصوت احتجاجاً على المظلومين الذين فقدوا الأمل بهشيم الدولة وفقدوا الثقة بحكام الصدفة ومتسلّطي الأمر الواقع، فاندفعوا في لحظة انفجارٍ للغضب الذي تراكم عبر الشهور والأيام مقتحمين مقار الميليشيات مُستقبلين الموت الذي أخذ عدداً منهم، في استعادةٍ درامية تراجيدية لاقتحام أهل بنغازي الأبطال كتيبة «الفضيل» الأمنية الوحشية في حكم القذافي والتي بسقوطها مساء الجمعة 18 شباط (فبراير) 2011 بدأت مسيرة تساقط النظام السابق حتى سقوطه المحتوم في 20 آب (أغسطس) من العام ذاته وموته بموت رمزه وصاحبه في 20 تشرين الاول (اكتوبر) 2011.
 الثورة الثانية
إن ما حدث في بنغازي مساء الجمعة 21 ايلول (سبتمبر) 2012 يمكن وصفه بكل يقين وراحة ضمير بأنه الثورة الثانية في ليبيا، أو على الأقل لمن لا يعتبرون ما يحدث ثورة بالمفهوم المعرفي ودلالات الأسباب والنتائج، هو انتفاضةٌ شعبيةٌ حقيقية، ربما يخطئ ويضع الأمور في غير نصابها والحقائق في غير مواضعها من يعتبرها حالةً فوضوية مُخططاً لها أو مُخترقة من بقايا النظام السابق، فكلّ من يعرف بنغازي ويستطيع بحكم التعمّق في الذات البنغازية التي هي الاختصار المُكثف للشخصية الليبية أن يفكك شفرتها ويقرأ طلاسمها يعرف مسبقاً أن بنغازي التي تراكمت عليها الجراح واستوغلت في قلبها الطيب الطعنات، ما كانت لتصبر أكثر مما صبرت، وكذلك لن تصبر أكثر طرابلس والمدن الليبية الأخرى على أذى وتطاول وإجرام أشباه الثوار وميليشيات ما بعد التحرير وأبطال الفنادق ومناضلي التلفزيونات والهابطين على كراسي السلطة والثروة والقرار بالمظلات، فقد تراكمت منذ سقوط القذافي الأخطاء المقصودة والمُتعمدة، التي تضخمت إلى خطايا لم تبدأ بمركزة السلطة التنفيذية والأمنية والاقتصادية في مباني مجلس الوزراء والوزارات والمصرف المركزي، بل سبقتها بأفعال وممارسات وقوانين وقرارات المجلس الانتقالي، شاهد الزور الأكبر على استباحة الوطن من الدول والعصابات والمافيات وأجهزة الإستخبارات والإرهابيين والجواسيس، والزوج المحلل للزواج الباطل بين العروس الليبية والأزواج المتعددين من أجانب وليبيين لا زالوا يحتفظون بجنسياتهم الأجنبية.
 أحدث الخطايا
ولم تنته تلك الخطايا بإهمال الجرحى الثوار وفاقدي اطرافهم وتشريد من نال فرصة السفر للعلاج منهم على مشافي العالم التي تحولت إلى مقابر ومنافي ولتكون أحدث الخطايا وليس آخرها إعلان رئيس المؤتمر الوطني بعد جريمة اغتيال سفير أميركا «صديق الثورة» الليبية، أن «القاعدة» موجودة في ليبيا، وهو ما لم يجرؤ على إعلانه الأميركيون أنفسهم، لعدم اكتمال التحقيقات، وهو ما اعتبره أهل بنغازي والمنطقة الشرقية وكل الليبيين إساءةً إليهم وفتحاً لباب دخول ليبيا الحرب الأميركية والدولية ضد تنظيم «القاعدة» (الحرب على الإرهاب)، وهي حربٌ قاسية مريرة طويلة ستؤخر من دون شك الاستقرار المنشود والرخاء المقصود، وارتباط ذلك باستباحة الطيران والبحرية الأميركيين أجواء ليبيا ومياهها في ظل ما سمي بتحالف أصدقاء ليبيا، الذي تقوده قطر ويرفض الساسة شرح بنوده وأسراره للرأي العام والذي يمكن توصيفه في تبسيطٍ غير مُخل بأنه عهد وصاية وانتداب على ليبيا.
ويبقى من الخطايا الكبيرة سرقة نتائج الانتخابات وتحويل الأقلية إلى سلطة والأكثرية إلى لا شيء. ويبقى في مقام تعداد الخطايا الكبرى التي يضيق عن توصيفها هذا المقال، توقف التنمية واستفحال البطالة والارتفاع الجنوني للأسعار وانسداد آفاق الأمل أمام شعبٍ ضحى بدمائه وأرواح أبنائه ليفتح مصاريع أبواب الأمل ولا مانع عنده أن يدفع أكثر لتبقى مفتوحةً مُشرعة.
دمٌ كثيرٌ سال في بنغازي في جمعة الغضب على الميليشيات والسلطات وسيسيل حِبرٌ كثيرٌ في وصف ما حدث وما سيحدث وتحليلهما، لكن الحقيقية تبقى واحدةً وإن تعددت زوايا النظر إليها، و»أُمّ الحقائق» أن قطار الثورة في ليبيا لن يتوقف في محطة الأمر الواقع المفروض مُغالبة وزوراً وابتزازاً ، ونهر الثورة لا يعود إلى المصب، وهو نهر من دموع ودماء لا يمكن أن تضيع هدراً في لعبة السلطة والسياسة.
 * كاتب وصحافي ليبي
 
هل تعجلت جماعة «الإخوان المسلمين» الحكم في مصر؟
أحمد بان *
الإثنين ١ أكتوبر ٢٠١٢
ظل «الإخوان المسلمون» طوال تاريخهم، يحرصون على التأكيد على التغيير الداخلي للنفوس وإعادة صياغتها على النحو الذي أراده الإسلام، بإعادة تربية الشخصية المسلمة على نحو متوازن، معتقدين بالربط بين تغيير أحوال المجتمع والدولة وبين تغيير الإنسان، الذي هو عماد كل ذلك، مستشهدين دوما بالآية «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، ومصرين دوماً على أن يكون تمكين القيم الإسلامية في واقع المجتمعات اختياراً طوعياً حراً، حينما تجسد حركتهم هذه المنظومة القيمية أخلاقياً واجتماعياً.
وما فتئ «الإخوان» يتحدثون عن سياسة تتقيد بالأخلاق وتنطلق منها، كانت أداة التعبئة في مشروعهم السياسي دوماً هي إعادة الدين ليكون الموجِّهَ لسلوك البشر أفراداً ودولاً وجماعات، وأن ذلك لا يتأتى إلا بالانخراط في هذا الكيان الدعوي، الذي يربي أعضاءه على مكارم الأخلاق، ويجعلهم في خدمة مجتمعاتهم.
انخرط «الإخوان» في عمل شبكات اجتماعية، أمنت خدمات تعليمية وصحية، من خلال كتاتيب ومدارس ومستوصفات، فضلاً عن لجان امتلكت قواعد بيانات محكمة لخريطة الفقر والمرض في الأحياء والقرى الفقيرة، والتحمت بالشارع وتحركت في المساحة التي غفلت عنها الدولة، عامدة أو ناسية، ونشط «الإخوان» في مواجهة احتياجات الناس، وساهموا في إطالة عمر نظام مبارك بلجم الغضب القادم، عبر دعم شبكات الرعاية والتكافل الاجتماعي، وتسكين احتياجات الناس، ما زاد في شعبيتهم لدى تلك الطبقات التي بحثت عن الدولة ولم تجد سوى دولة «الإخوان»، أو دولة التنظيم الذي كان دوماً وسط الناس وعينه على الحكم.
 حسن البنا
ويخطئ الكثير من الباحثين حين يظنون أن حركة «الإخوان» تحولت من الدعوة إلى السياسة بعد مقتل مؤسسها حسن البنا، فهي في الأساس، ومنذ نشأتها، حركة سياسية تستهدف الوصول للحكم ، ليس في مصر فقط بلد المنشأ، بل على امتداد أقطار العالم الإسلامي، من أجل استعادة حلم إقامة خلافة إسلامية من جديد. كان الحكم هو الهدف، وكان التنظيم أداة من أدوات التعبئة وفق فكرة دينية طوباوية تضمن تماسك التنظيم الذي حرص حسن البنا على ألاّ يسميه حزباً، نفوراً من واقع الأحزاب في عصره، والتي توزعت في الولاء بين القصر حيث الملك، والسفارة حيث الاحتلال البريطاني. كما أن واقع هذه الأحزاب وضعف تماسكها التنظيمي وكثرة الانشقاقات في صفوفها، كان من الدوافع التي دفعته -ربما- إلى اختيار وتصميم نسق اجتماعي ديني يحفظ تماسك هذا الحزب السياسي، الذي كان يعده طوال الوقت لتسلم حكم مصر، وإن سماه جمعية أو جماعة.
كان الرهان الأول دوماً للجماعة في مسيرتها هو كسب المجتمع أو الشارع، سواء كان فضاء الدولة والمجتمع مغلقاً بالتضييــــق، فيكون بالتعاطف مع مظلوميتهم التاريخية بالنظر لطبيعة الشعب الذي يتعاطــف مع المظلوم، باعتبار الشعب نفسه صاحب مظلومية ممتدة عبر التاريخ مع حكامه، وبرع «الإخوان» في الإمعان في تقمص هذا الدور الذي انسحب على فترات طويلة من تاريخهم، ما كرس في الوعي الجمعي أن هذه جماعة مظلومة قدمت الشهداء في سبيل ما تؤمن به من مبادئ، وفي حال فتْح هذا الفضاء بهامش متاح للحركة، كانوا بالطبع ينشطون في المساجد وفي الجامعات والمستوصفات ولجان البر، ومن ثم تحريك القاعدة الأكبر من الشارع، الفئات المهمشة التي يسهل كسب ولائها، بخدمات هي من صميم عمل الدولة، التي تخلت عن مسؤولياتها لدولة أخرى كمنت طويلاً في انتظار أن ترث الحكم، وفي ظل غياب أي بدائل لتلك الدولة اللامسؤولة، وتشرذم باقي القوى من جهة أخرى، كان البديل الجاهز هو الذي نظم نفسه وتمرن على العمل تحت مطارق النظام السابق، وفي أي هامش متاح للحركة والنفاذ إلى المجتمع، ولم يتخل قط عن توسيع المسارات التي تجعله على صلة دائمة بالشارع.
وفوجئ التنظيم بإشكالية لم يتحسب لها وهو يُعِدّ المجتمع لقبول مشروعه القيمي. تلك الإشكالية التي تواجه التنظيم الآن وقد آلت إليه مقاليد الحكم، هو أنه تعهد بأن يحكم بالشريعة الإسلامية، وأن مشروعيته مرتبطة بإنفاذ هذا التعهد الذي قطعه على نفسه أمام قواعده، خصوصاً مع تمدد المزاج السلفي في المجتمع المصري على أثر موجات التَّمَسْلُف التي اجتاحته منذ مطلع السبعينات مع الطفرة النفطية، التي مكنت في مصر للنسخة السلفية من التديُّن الإسلامي، مقابل النسخة المصرية التي حافظت على طابعها المميز عبر قرون طويلة.
كان حسن البنا مِن أحرص الناس على ألاّ يحرق «الإخوان» المراحل، لذا كان يكرر دائما مقولته الشهيرة «إن «الإخوان المسلمين» أعقل وأحزم من أن يتصدوا لمهمة الحكم ونفوس الأمة على هذه الحال، فلا بد من فترة تنتشر فيها مبادئ الإسلام ويتعلم الشعب كيف يغلِّب المصلحة العامة على مصالحه الشخصية».
 «تحويل» شعب مصر
ولعل مِن أبلغ ما قيل في هذا المقام كلمات الدكتور حسان حتحوت، الرمز الإخواني الشهير ممن صاحبوا حسن البنا، حيث كتب يقول: «لو استقبلنا من الأمر ما استدبرنا، وهل تجدي لو، ربما لكنت أنصح «الإخوان» بألا يتعجلوا دخول ميدان السياسة، خصوصاً الحكم، لنترك العظمة للكلاب وننشغل بتحويل شعب مصر كله إلى شعب مؤمن بربه، ليس في العبادات فقط، ولكن في المعاملات والعمق الروحي، فلا يتحرك «الإخوان» والرأي العام معهم، بل وهم الرأي العام». حكمة بالغة، فهل أغنت النذر؟
وفي حال حُسم هذا الصراع في عقل السلطة الجديدة، ومضت في التطبيق الفوري لما يعتقدون أنه الشريعة، تكون هذه السلطة الجديدة قد شرعت بالفعل في صناعة مجتمع منافق، يُظهر القبول بالشريعة واحترام قوانينها، بينما هو في الواقع يتفنن في اختراع الوسائل والطرق التي تمكِّنه من التحايل عليها والهرب من آثارها وقيودها، في استنساخ لتجارب شعوب ومجتمعات نعرفها، فُرض عليها نموذج قسري قبلته مرغمة لتنفجر فيها كل ما نعرفه وما لا نعرفه من أمراض، هي نتاج هذا النفاق الاجتماعي الذي يُحدثه الفصام بين ما تريده الشعوب وتختاره بحريتها، وما يفرض عليها، وفي حال حدوث ذلك نكون أمام مشهد جديد في حياة جماعة بدأت بالدعوة للدين، فإذا بها تتحول من بوابة السياسة إلى فتنة في الدين، وغطاء لمجتمع مشوه لم يعد قادراً على الدفاع عن خيارته الحضارية، النابعة من حريته الكاملة وقيمه المختارة من دون إكراه.
 * كاتب مصري
 
«حرية الإعلام» المكسب الأهم للتونسيين بعد الثورة
تونس - سميرة الصدفي
الإثنين ١ أكتوبر ٢٠١٢
«أهم مكسب حققناه من الثورة هو حرية الإعلام». بهذه العبارة يلخص كثيرون من التونسيين حصاد تجربة التخلص من الرئيس السابق زين العابدين بن علي وبناء المسار الانتقالي، الذي ما زال مثار جدل بين الفرقاء السياسيين. من هنا، بات الاقتراب من حرية الإعلام محاولة لاجتياز «خط أحمر» ردت عليها بقوة قوى المجتمع المدني، وخصوصاً «نقابة الصحافيين» من خلال حمل شارات حمر وتنظيم وقفات احتجاجية قد تُتوج بإضراب عام في القطاع قريباً.
انطلق الخلاف من اعتبار الحكومة الائتلافية (التي تضم «حركة النهضة الإسلامية» وحزبي «التكتل» و»المؤتمر») أن من حقها التحكم بوسائل الإعلام العمومية (الحكومية)، فعزلت مسؤولين سابقين وعيّنت قياديين على رأس القناتين التلفزيونيتين والمحطات الإذاعية العمومية. لكن أكثرية العاملين في القطاع اعتبرت تلك التعيينات رد اعتبار لوجوه إعلامية خدمت النظام السابق. وجاء الخلاف عقب محاصرة جماعات سلفية مبنى التلفزيون الحكومي نحو شهرين من أجل فرض تغيير خطه. وكان التلفزيون، بقناتيه، استقطب الجمهور للمرة الأولى في تاريخ البلد بنوعية النشرات الإخبارية المنوعة التي كان يبثها، وخصوصاً بالحوارات السياسية التعددية التي شدت الجمهور إلى شاشتها، متخلياً عن القنوات العربية والأجنبية التي كان يُتابع أخبار بلده من خلالها.
ولم يُنه السلفيون اعتصامهم أمام التلفزيون إلا بعد تدخل شخصي من مستشار رئيس الوزراء، المسؤول عن قطاع الإعلام، ما أكد الشكوك بأن أطرافاً في الحكم كانت وراء الإعتصام «لإدخال الإعلام العمومي إلى بيت الطاعة»، على ما قال محللون. وسرعان ما تغير الخط التحريري للقناتين العموميتين لتختفي منهما أخبار أحزاب المعارضة تقريباً وتتراجع الحوارات التعددية وتطغى عليهما، في المقابل، نشاطات الوزراء على نحو أعاد إلى الذاكرة نشرات الأخبار الخشبية أيام بن علي.
 قنوات خاصة
تزامنت التغييرات في القناتين الحكوميتين مع اندلاع صراع بين الحكم والقنوات الخاصة من أجل ضبط إيقاعها. وركزت الحكومة على قناة «التونسية» التي كانت الأكثر انتقاداً لحركة «النهضة» و»الترويكا» الحاكمة عموماً، وبخاصة في برنامج «اللوجيك السياسي» الذي حقق إقبالاً غير مسبوق في شهر رمضان الماضي، بفضل تصويره الساخر للشخصيات السياسية في الحكم والمعارضة على السواء. غير أن السلطات نقلت المعركة إلى القضاء بحجة أن مدير القناة سامي الفهري هو في الوقت نفسه صاحب شركة «كاكتوس» للإنتاج التلفزيوني، التي كان بلحسن الطرابلسي، صهر بن علي، يملك 51 في المئة من أسهمها قبل الثورة. واتهمت نقابة الصحافيين الحكومة بتحريك ملاحقة قضائية أخرجتها من الأرشيف القضائي بحق «كاكتوس» بعدما «نام» الملف في الأدراج سنة ونصف السنة، من أجل التخلص من صوت نقدي بحسب قيادة النقابة. وفعلاً اعتقل الفهري وأدخل السجن. وبعدما هاجم المستشار السياسي لرئيس الوزراء لطفي زيتون النقابة متهماً إياها بكونها باتت تدافع عن الفاسدين، تحدته النقيبة نجيبة الحمروني في مؤتمر صحافي أن يُثبت أن النقابة حمت رموز العهد السابق، معتبرة أن الفهري اعتُقل بعد رفضه وقف بث برنامج «اللوجيك السياسي» الذي أزعج الحكومة.
وفي خط موازٍ، غيّرت الحكومة الطاقم الذي يدير مؤسسة «دار الصباح»، ناشرة أعرق صحيفة في تونس (تأسست سنة 1951)، بتسمية لطفي التواتي الذي قال زملاؤه إنه كان يعمل في سلك الشرطة، مديراً عاماً للدار، إضافة إلى عزل ثلاثة رؤساء تحرير. وكان صخر الماطري، صهر بن علي، اشترى غالبية أسهم الدار في أواخر العهد السابق، ما أجاز للدولة وضع يدها عليها بعد الثورة. وصبّت التعيينات الجديدة الزيت على نار الاحتجاجات لدى الصحافيين والعمال الذين أصدروا العدد التالي من جريدتي «الصباح» و «لوتون» Le Temps الناطقة بالفرنسية من دون افتتاحية، مع ترك مساحة بيضاء في المكان المخصص لها احتجاجاً على التعيينات ولتأكيد تشبثهم باستقلالية الخط التحريري للمؤسسة.
 هيئة تعديلية
أما نقابة الصحافيين فرفضت التعيينات في التلفزيون و «دار الصباح» ورأت أن الحل يتمثل في تشكيل «الهيئة التعديلية للإعلام السمعي والمرئي» التي توكل إليها التعيينات في المؤسسات الإعلامية العمومية «اعتماداً على مقاييس موضوعية وشفافة».
وكانت هيئة رسمية تشكلت بعد الثورة من مهنيين وأطلق عليها اسم «الهيئة العليا لإصلاح الإعلام» قدمت تقريراً شاملاً رصد العلل التي تعيق تحرير القطاع وتطوير أدائه، واقترحت حلولاً عملية من ضمنها تشكيل هيئة تحكيم من خبراء ومهنيين مستقلين، أسوة بالوضع في بريطانيا وفرنسا، تتولى الإشراف على ضبط المحطات الإذاعية والتلفزيونية طبقاً لمعايير مهنية. إلا أن الحكومة الحالية رفضت التجاوب مع اقتراحات اللجنة، ما حمل أعضاءها على الاستقالة الجماعية. وفي غياب أي هيئة تعديلية، بات تسيير المشهد الإعلامي من مشمولات المستشار السياسي لرئيس الوزراء. لكن ضغوط الإعلاميين حملت السلطات على التقدم باقتراح يقضي بإناطة تكوين الهيئة التعديلية إلى «المجلس التأسيسي» الذي تسيطر عليه «النهضة» وحليفيها في «الترويكا». غير أن نقابة الصحافيين قالت إنها ترفض أن يتولى المجلس انتخاب أعضاء الهيئة من دون إشراك أهل القطاع عبر الهياكل المهنية التي تمثلهم. ووصفت الحمروني (النقيبة) تلك الخطوة بـ «السابقة الخطرة»، وحضت الحكومة في تصريح لـ «الحياة» على الإسراع في إصدار القوانين الترتيبية وإرساء الهيئة التعديلية للإعلام المرئي والمسموع.
 لقاء... فتنسيق؟
يبدو أن حدّة الصراع تراجعت في الأيام الأخيرة بعد لقاء جمع نقابة الصحافيين مع رئيس الحكومة حمادي الجبالي، وتردد أنه أسفر عن اتفاق على تكوين هيئة تنسيق دائمة بين الجانبين لتفادي التجاذبات، فيما أكدت نقيبة الصحافيين أن الحكومة تعهدت التعاون مع النقابة في إصدار اللائحة السوداء للإعلاميين المتورّطين مع نظام بن علي والضالعين في الفساد. وفيما أكد مستشار رئيس الوزراء أن نشر اللائحة «هو مطلب مشترك بين الإعلاميين والحكومة وأن إصدارها مسألة وقت»، اعتبر وزير حقوق الإنسان الناطق الرسمي باسم الحكومة سمير ديلو أخيراً أن نشرها وفتح أرشيف الأمن السياسي ينبغي أن يتمّا «في إطار قانوني واضح منعاً لأية فوضى»، ما اعتُبر إرجاء للنشر إلى تاريخ غير معلوم. والأرجح أن التجاذب مرشّح للتصاعد بين الحكومة والإعلاميين عقب تعيينات جديدة أعلنت أخيراً وسط استمرار الاحتقان في «دار الصباح» واستمرار التكتم على لائحة الصحافيين المتعاونين مع الأجهزة الأمنية في العهد السابق.
 
لبنان: التفاهم السياسي على مرحلة ما بعد الانتخابات شرط لإنجازها في موعدها وإلاّ...
بيروت – محمد شقير
الإثنين ١ أكتوبر ٢٠١٢
تعاود اللجان النيابية المشتركة اجتماعها غداً الثلثاء للبحث في قانون الانتخاب الجديد الذي لن يقتصر على المشروع الذي أعدته الحكومة وأحالته على البرلمان ويقضي باعتماد النظام النسبي وزيادة عدد أعضاء المجلس النيابي من 128 نائباً الى 134، وإنما يشمل اقتراح القانون الذي تقدم به نائب حزب الكتائب سامي الجميل و «القوات اللبنانية» جورج عدوان والوزير السابق النائب بطرس حرب والمشروع الذي تبناه «تكتل التغيير والإصلاح» بزعامة ميشال عون ويعرف باسم المشروع الأرثوذكسي الذي ينص على ان تنتخب كل طائفة نوابها، إضافة الى قانون عام 1960 الذي تتعامل معه «جبهة النضال الوطني» بزعامة وليد جنبلاط على أنه خيارها الوحيد لخوض الانتخابات النيابية في ربيع عام 2013 فيما يقترح رئيس المجلس النيابي نبيه بري اعتماد النظام النسبي على أساس جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة أو تقسيمه الى دوائر انتخابية على أساس المحافظات بعد إعادة النظر في تقسيمها.
لكن استئناف البحث هذه المرة في قانون الانتخاب الجديد لن يحمل أي جديد طالما ان مواقف الكتل النيابية ما زالت على حالها وانضم اليها أخيراً مجلس المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يرفض إجراء الانتخابات على أساس قانون عام 1960.
ويأتي موقف مجلس المطارنة الموارنة ليؤكد الإجماع المسيحي الرافض لقانون 1960 على رغم ان اللجنة المنبثقة من الاجتماع الماروني الموسع لم تتفق حتى هذه الساعة على المشروع الانتخابي البديل وأبقت على اجتماعاتها مفتوحة في محاولة للتفاهم على قانون انتخاب يرتضيه المسيحيون.
لذلك، فإن اجتماع اللجان غداً سينتهي الى ما انتهى اليه الاجتماع الأول الذي انفض وسط انقسام حاد حول المشاريع المطروحة لإنتاج قانون جديد، وتكاد تكون الخلاصة العامة المتوقعة للمناقشات نسخة طبق الأصل عن الأجواء التي سادت الاجتماع السابق.
وفي هذا السياق، يرى عدد من النواب المنتمين الى الأكثرية والمعارضة ضرورة التمهل في دعوة اللجان المشتركة للبحث في قانون الانتخاب الجديد بذريعة أن الأجواء التي ستسيطر على الجلسة ستؤدي الى مزيد من الاحتقان في ظل غياب حد أدنى من التفاهم، فيما يرى البعض الآخر أن اللجان مضطرة للاجتماع طالما ان الحكومة أحالت مشروعها على المجلس النيابي وإلا ستكون محرجة أمام الرأي العام اللبناني ومن خلاله الرأي العام الدولي لأنها كانت تنتقد الحكومة على تأخرها في إعداد المشروع وبالتالي لا يستطيع البرلمان أن يجيز لنفسه ما سبق له وانتقد غيره على تقصيره في انجازه.إلا أن هذا الاختلاف، من وجهة نظر نواب آخرين، يبقى شكلياً لأن العادة جرت في السابق على التفاهم على الخطوط العريضة لقانون الانتخاب من خارج اجتماع اللجان النيابية التي تتريث في حسم الموقف منه ريثما يحظى بتأييد الأكثرية النيابية التي تبادر الى إسقاطه على طاولة اللجان للتوافق عليه وتصديقه لاحقاً في الهيئة العامة.
ويؤكد عدد من النواب ان سبب التريث في حسم الموقف من قانون الانتخاب يكمن في ان البلد يقف أمام مرحلة سياسية جديدة مصدرها الرهان من قبل قوى 14 آذار على ان الأزمة السورية التي ستتصاعد تدريجاً ستنتهي الى تغيير النظام الذي يتزعمه الرئيس السوري بشار الأسد في مقابل رهان قوى 8 آذار على أن النظام سيتغلب على الأزمة ويعود مجدداً الى الإمساك بزمام المبادرة... مع ان عون بادر في جولاته الانتخابية الى تخويف المسيحيين من سقوط هذا النظام بذريعة ان البديل معروف في ظل تعشش الأصولية التكفيرية في شمال لبنان. ويضيف هؤلاء أن الانتخابات النيابية هذه المرة تشكل محطة رئيسة لإعادة انتاج السلطة السياسية في لبنان معطوفة على أن المجلس المنتخب يقرر مصير رئاسة الجمهورية في ربيع 2014.
 خلية أزمة
ويرى النواب ان قيادة «حزب الله»، بعيداً عن علاقاته الخاصة بالنظام السوري وتحالفه مع الرئيس الأسد، باشرت منذ فترة زمنية تشكيل خلية أزمة لمواجهة كل الاحتمالات في حال نجحت المعارضة السورية في تغيير هذا النظام انطلاقاً من تداعياته السياسية على لبنان. وهي بدأت تتحضر للإمساك، بالتعاون مع حلفائها، بالبلد من خلال ضمان فوزها بأكثرية المقاعد النيابية وهذا ما يفسر تشدد أكثر من مسؤول في الحزب في دفاعه عن اعتماد النظام النسبي باعتباره الممر الإجباري الذي يمنع المعارضة من تسجيل تفوق في الانتخابات يمكّنها من استرداد زمام المبادرة.
ولا يستبعد النواب وصول اجتماعات اللجان الى المراوحة من دون أن تحقق أي تقدم يذكر ما لم يتم، قبل إقرار القانون، التفاهم على طبيعة المرحلة السياسية التي ستفرزها الانتخابات وهي تشمل الاتفاق المسبق على رئيس الجمهورية العتيد وشكل الحكومة والحقائب الوزارية الرئيسة وأولاها تلك المعروفة بالسيادية إضافة الى رئاسة البرلمان.
كما ان هؤلاء النواب يرفضون التعامل مع ما صدر عن النائبين نواف الموسوي وعلي عمار (حزب الله) في جلسة اللجان الأولى لجهة إصرارهما على أن تجرى الانتخابات على أساس قانون جديد وكأنه رد فعل لا يلزم حزبهما بما صرحا به، ويؤكدون انهما يضغطان من أجل فتح حوار يتجاوز القانون الى التفاهم على مرحلة ما بعد الانتخابات.
ويتوقف النواب أمام المقاربة السياسية لقانون الانتخاب في السابق ويقولون ان النظام السوري قبل خروج جيشه من لبنان في نيسان (ابريل) 2005 كان يتحكم بالانتخابات النيابية ترشحاً وتحالفاً وتركيباً للوائح الانتخابية باعتبار ان كل ذلك يؤمّن له التدخل في انتخابات رئاسة الجمهورية وفي تشكيل الوزارات.ويضيفون ان تأثير النظام السوري، مع خروج جيشه، من لبنان بدأ يتراجع بدءاً من الانتخابات النيابية عام 2005، لكنه لم يفقد تأثيره كلياً بفضل حلفائه في لبنان الذين توصلوا قبل موعد إتمامها الى ما سمّي بالتحالف الرباعي مع تيار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي وحزبي القوات والكتائب والذي قاد حتماً الى التفاهم على قيام حكومة برئاسة فؤاد السنيورة وإعادة انتخاب بري رئيساً للمجلس النيابي.
لكن التحالف الرباعي، كما يقول النواب، لم يصمد طويلاً، ليس بسبب تصاعد الاختلاف داخله فحسب، وإنما جراء توصل الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله وعون الى ورقة تفاهم مطلع العام 2006 سبقت عدوان تموز (يوليو) 2006 الذي شنته إسرائيل ضد لبنان...
وترتب لاحقاً على حرب تموز، وفق النواب أنفسهم، إعادة خلط الأوراق السياسية على خلفية تبادل الاتهامات بين قوى 14 آذار وخصومها والتي بلغت ذروتها في أحداث أيار (مايو) 2008 والتي لم تتوقف إلا بعد تدخل عربي ودولي دفع في اتجاه اقناع جميع الأطراف بالذهاب الى الدوحة في قطر وتوصلهم الى اتفاق سياسي شمل هذه المرة رئاسة الجمهورية – بعد فراغ سدة الرئاسة الأولىبانتخاب قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وبإعادة تسمية السنيورة رئيساً للحكومة وإجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون 1960 مع بعض التعديلات الطفيفة واشتراك «التيار الوطني الحر» وللمرة الأولى في هذه الحكومة.
وبنتيجة الانتخابات عام 2009 سمّي رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري، وللمرة الأولى، رئيساً للحكومة، مع ان المنافسة بلغت ذروتها بين 14 آذار و8 آذار باستثناء التوافق على الدائرة الثانية في بيروت «الباشورة». وكانت على خلفية الانقسام السياسي الحاد بين حلفاء النظام السوري وخصومه.
وبصرف النظر عن الانقلاب الذي أطاح حكومة الحريري بعد خروج وليد جنبلاط من قوى 14 آذار والدور الذي لعبه النظام السوري على هذا الصعيد، فإن الانتخابات النيابية في الدورات السابقة بما فيها تلك التي أعقبت انسحاب الجيش السوري من لبنان لم تكن تجري تتويجاً للاتفاق على قانون الانتخاب وإنما محصلة للتفاهم السياسي بين الناخبين الكبار على مرحلة ما بعد إتمامها.
ويسأل النواب: «هل إن حزب الله مع إجراء الانتخابات قبل التفاهم السياسي على العناوين الرئيسة للمرحلة التي ستليها خصوصاً أنه، وغيره من الأطراف، كانوا يشترطون التفاهم أولاً؟ وكيف سيكون موقفه في الوقت الذي تمر فيه سورية بمرحلة انتقالية يمكن ان تبدل جذرياً المشهد السياسي، خصوصاً في حال اعتقاده بأن النظام النسبي وحده يدعوه للاطمئنان الى قدرته وحلفائه في الحصول على غالبية المقاعد النيابية؟».
 التفاهم على البدائل
لذلك، فإن غياب الحد الأدنى من الاتفاق السياسي على طبيعة المرحلة المقبلة من شأنه، كما يقول النواب، ان يعقّد مهمة اللجان النيابية في التوصل الى مشروع قانون انتخاب جديد. وكذلك فإن الإجماع المسيحي على رفض قانون 1960 لا يعني ان التفاهم سالك على البدائل طالما ان حزبي «القوات» والكتائب ومعهما بطرس حرب يؤيدون قانون الدوائر الصغرى التي يقاومها عون ويخير اللجنة المنبثقة من الاجتماع الماروني الموسع بين اعتماد المشروع الأرثوذكسي أو تبني موقف الحكومة المؤيد للنظام النسبي من دون أي تعديل، مع ان حلفاءه لا يبدون حماسة لأي قانون يجيز لكل طائفة ان تنتخب ممثلها في البرلمان.
وفي المقابل فإن جعجع يتمسك بالدوائر الصغرى وقد يطور موقفه لمصلحة تبني النظام النسبي مشترطاً تعديله لجهة تقسيم الدوائر الانتخابية وهذا ما يعترض عليه تيار «المستقبل» متناغماً في موقفه مع جنبلاط.
ومع ان «المستقبل» لا يمانع البحث في الدوائر الصغرى مراعاة منه للخصوصية المسيحية الرامية الى إتاحة الفرصة أمام المسيحيين لانتخاب أكثرية نوابهم، إلا انه يشدد على ضرورة التفاهم مع جنبلاط استناداً الى ان تبديد هواجس هذا الفريق لا يبرر إثارة الهواجس لدى فريق آخر وصولاً الى تحجيمه في إشارة الى «جبهة النضال الوطني».
وأخيراً يبدو أن الآمال ليست معقودة على اللجان النيابية لتظهير الخطوط العريضة لقانون الانتخاب، وبالتالي لن تتمكن من تسجيل خرق يساهم في تضييق رقعة الخلاف ويفتح الباب أمام البحث عن مخارج للمأزق الانتخابي فيما «الانتفاضة» المسيحية بقيادة البطريرك الراعي الرافضة لقانون 1960 رسمت سقفاً لا يمكن تجاوزه من دون أن تخلق المناخ أمام توافق الأطراف المسيحيين على البديل...
ويبقى السؤال: هل ستجرى الانتخابات في موعدها إذا تعذر الاتفاق على القانون أم يصار الى التمديد للمجلس الحالي باعتبار ان قانون 1960 ما زال نافذاً لكن تسويقه يواجه «الفيتو» المسيحي عليه؟ ومن يجرؤ على اتخاذ قرار التأجيل وتحمل تبعاته محلياً ودولياً؟
 
مؤتمر «الحراك الجنوبي» يبدأ في عدن وباعوم يؤكد التمسك بالانفصال عن صنعاء
صنعاء - فيصل مكرم
الإثنين ١ أكتوبر ٢٠١٢
رفضت غالبية فصائل «الحراك الجنوبي»، في جنوب اليمن، استجابة دعوة الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض تأجيل إنعقاد «المؤتمر العام لقوى الحراك» حتى تهيئة الأجواء وحل الخلافات بين هذه الفصائل. وتمكن القيادي «الحراكي» حسن باعوم رئيس «المجلس الأعلى للحراك الجنوبي» من عقد المؤتمر في ساحة المنصورة في مدينة عدن الجنوبية أمس، والذي يستمر لثلاثة أيام، في غياب أنصار البيض في الداخل وقيادات جنوبية منتمية الى أحزاب «اللقاء المشترك» التي شاركت قبل سنوات في تأسيس ما بات يعرف بـ»الحراك السلمي» في معظم المحافظات الجنوبية.
ورغم أن «مؤتمر الحراك» يتبنى إنفصال الجنوب عن دولة الوحدة التي تأسست من الشطرين الشمالي والجنوبي في منتصف العام 1990، ويدعو الى «تحرير» الجنوب من الإحتلال اليمني، لا يزال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يأمل بمشاركة «فصائل الحراك» في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وتعيين ممثليها في هذا الحوار المقرر الشهر المقبل. وكان الرئيس هادي أكد، قبيل جولة قادته الى اوروبا والولايات المتحدة، أنه على تواصل مع فصائل «الحراك» في هذا الشأن.
ورأس حسن باعوم أمس مؤتمر «الحراك الجنوبي» الذي إنطلقت أعمال يومه الأول في عدن بمشاركة آلاف من المنتمين الى «فصائل الحراك» ذات التوجه الإنفصالي. وفي حين لم يتطرق باعوم، في كلمة ألقاها أمام المشاركين، إلى مؤتمر الحوار الوطني، قال «ان مؤتمرنا هذا سيجعل شعبنا الجنوبي ينتفض ويثور بهذه الخطوة التنظيمية الرفيعة للمجلس الأعلى، وهو المؤتمر التاريخي الذي سيقر فيه وثيقة الاستقلال واللائحة الداخلية ومشروع قانون رعاية الشهداء والجرحى والمعتقلين».
واضاف ان المجلس الأعلى «لم يتأسس لمرحلة آنية أو من خلال ردة فعل مجردة ضد الاحتلال اليمني أو من خلال فكرة عابرة من مجموعة من أبناء الجنوب، وإنما جاء معبراً عن إرادة الشعب الجنوبي. فمنذ اول يوم للاحتلال اليمني للدولة الجنوبية في السابع من (تموز) يوليو 1994 رفض الشعب الاحتلال بكل اشكالة وقاوم المحتل بكل الوسائل المتاحة انذاك لتكون انطلاقة كافة شرائح الجنوب ضد المحتل».
وفي إشارة إلى رفض الإنخراط في التسوية الراهنة، قال باعوم: «كان لشعب الجنوب وقادته أمل في نجاح ثورة (شباط) فبراير 2011، انطلاقا من حسن النية ومن تصريحات وقيادات تلك الثورة التي لم تهدأ بعد وبالأخص ما اطلقته احزاب اللقاء المشترك من اعترفات بقضيتنا وعدالتها. واذا بتلك الآمال تنهار من جديد تحت جنازير الدبابات التي داست هذه الساحة».
يذكر أن باعوم كان على تواصل وتنسيق مع علي البيض، وجرت بينهما اتفاقات على تشكيل «المجلس الأعلى للحراك»، غير أن الخلاف دب بين الرجلين بعد معلومات عن تلقي البيض دعماً مالياً من إيران. ودعا البيض باعوم الى تأجيل انعقاد المؤتمر، وذلك لـ «استكمال الجاهزية التحضيرية والتنظيمية للمؤتمر واستيفاء متطلبات أخرى منها اعطاء الشباب مسؤوليات تنظيمية وميدانية وإعداد دستور لدولة الجنوب». وقال البيض في بيانه ان «الاجواء السائدة في قيادة المجلس الاعلى للأسف الشديد لا تؤهل لعقد مؤتمر للمجلس اطلاقا، بل تؤهل سلبا لإعادة انتاج ثقافة الاقصاء والتناقضات والانقسامات التي لن نسمح لها ان تنفذ الى جسد ثورة الجنوب المتماسك».
وكان الرئيس هادي دعا في 26 الشهر الماضي المعارضين في المنفى، خصوصا القادة الجنوبيين، الى العودة الى البلاد شرط «احترام الدستور» والمشاركة الفاعلة في عملية التغيير التي يشهدها اليمن وفقاً للتسوية السياسية الراهنة.
 
المقريف لـ «الحياة»: المتطرفون قلة... والمجلس الإنتقالي أهمل ملفات مهمة
الحياة..نيويورك - راغدة درغام
الإثنين ١ أكتوبر ٢٠١٢
أكد رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي محمد المقريف أنه يؤيد بناء «دولة دستورية ديموقراطية مدنية علمانية لا تكون متصادمة مع الشريعة الإسلامية أو مقاصدها». ودعا دول الجوار إلى تعاون استخباراتي لمواجهة الجماعات المتطرفة، مشيراً إلى أن عناصر متطرفة «قد تكون على صلة بتنظيم القاعدة» لا تزال ناشطة في ليبيا بعد مشاركتها في إسقاط نظام معمر القذافي. لكنه قال إن عددها «قد يصل إلى 200».
وقال المقريف في مقابلة مع «الحياة» على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إنه أبلغ الولايات المتحدة «منذ اللحظات الأولى» أن قتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز في بنغازي كان «عملاً إرهابياً مدبراً». وأضاف أنه لن يمانع أن تجري الولايات المتحدة وفرنسا تحقيقاً مع مدير الاستخبارات الليبية السابق عبدالله السنوسي المتهم بالتورط في تفجير طائرات للبلدين، من دون أن يحدد موعداً لذلك. كما شدد على أنه لن يمنع تقديم ليبيا السلاح إلى المعارضة السورية «إذا ما أقر المؤتمر الوطني العام ذلك»، مؤكداً أن بلاده دعمت المعارضة السورية سياسياً ومالياً. وفي ما يلي نص المقابلة.
> يبدو أن هناك أزمة مع المباحث الفيديرالية الأميركية «أف بي إي» في مسألة التحقيق في الكارثة التي أسفرت عن مقتل السفير الأميركي في بنغازي. لماذا كل هذا اللغط؟
- أعتقد أنها مسألة ترتيبات وإجراءات لا أكثر ولا أقل، أما من حيث المبدأ فهناك تفاهم على أن تتاح للمباحث الفيديرالية الأميركية فرصة المشاركة في التحقيق. هي فقط مسألة بطء إجراءات.
> لكن البطء أسفر عن ضعف الثقة في التواصل بينكم وبين الأميركيين سيما وأن مراسل «سي إن إن» تمكن من العثور على مواد خاصة بينها مفكرة للسفير الراحل، وهناك عبث في موضع الجريمة.
- هل الأمر كله عائد إلى الجانب الليبي، أم كان هناك نوع من التأخير أو التأخر في الجانب الأميركي أيضاً؟ لا أدري حقيقة.
> لا تدري أم أنك تقول إن التأخير من الجانب الأميركي أيضاً؟
- قد يكون من الجانب الليبي أو من أحد الجانبين. ليست لدي معلومات وثيقة في هذا الصدد، لكني فهمت أنه حدث بطء في منح تأشيرات الدخول إلى ليبيا.
> ماذا ستفعل إزاء ذلك؟
- أعطيت تعليمات للسفارة هنا لإعطاء التأشيرات للجانب الأميركي.
> لم يتم عزل موقع الجريمة، كيف ذلك؟
- الأخوة أو الناس الموجودون في هذه المواقع الآن معظمهم شباب وثوار وليست لهم أي صلة ومعرفة أو دراية بهذه المسائل. هذا فقط راجع إلى غياب الخبرة وليس إلى أي شيء آخر.
> وغياب الدولة؟
- نعم بالتأكيد هناك غياب لمؤسسات. أنا لا أنكر هذا، ومن أجل هذا جرت الانتخابات واختيار المؤتمر الوطني العام، واختيار الحكومة المقبلة إن شاء الله.
> إنما مضت تقريباً سنة والعالم إلى جانبكم. هذا البطء في بناء المؤسسات الأساسية للبلاد أدى بالكثيرين إلى أخذ العدالة بأيديهم؟
- إذا تابعتِ بعض المقابلات الصحافية التي أجريت معي قبل الانتخابات لوجدت أنني كنت ممتعضاً ومستاءَ من البطء في التعاطي مع كثير من الملفات ومع كثير من القضايا والشؤون المتعلقة ببناء الدولة ومؤسساتها. بالتأكيد كانت هناك، للأسف الشديد، فرص كثيرة لعلها ضاعت منا في بناء مؤسسات الدولة وفي اتخاذ ترتيبات حتى الإجراءات الأولية لوجود الدولة ومؤسساتها وهيبتها.
> الرئيس الأميركي باراك أوباما تحدث إليك هاتفياً، وأنت طبعاً اجتمعت من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. ماذا طلب منك الرئيس أوباما تحديداً؟
- كل ما عبر عنه وما وجدته خلال المكالمة هو التفهم الكامل من جانب الرئيس الأميركي والإدارة الأميركية لحقيقة الأوضاع في ليبيا وحقيقة ما حصل، وأنه وإن كانت أدت إلى هذه الجريمة الفادحة، لكن هناك تفاهماً ولا لوم على المجلس الوطني الانتقالي أو الحكومة، وهذا عمل يمكن أن يحدث في أي دولة حتى لو كانت مستقرة الأركان متكاملة البنيان.
> هل أنتم أول من أخطأ في اعتبار ما حدث من ردود فعل على الفيلم المسيء إلى الإسلام بدلاً من اعتبارها عملية إرهابية؟
- منذ اللحظات الأولى من وقوع هذا الحادث يوم 11/9 ذهب تفكيري كاملاً إلى أن هذا العمل إرهابي ومُبيت ومقصود. هذا الشريط (الفيلم) لم يسبق أن نُشر، لكن قد يكون تم التعلل بهذا واتخذ ذريعة، لكن حقيقة الأمر أن ما حدث مبيت ومخطط وفق ترتيب سابق.
> ومتى قلت ذلك للأميركيين؟
- منذ اللحظات الأولى في أول تعبير لي عما وقع.
> إذن هم اختاروا ألا يصدقوك؟
- هم لهم أساليبهم الخاصة في حساب الأمور وفي تقديرها وفي النظر إليها بالتأكيد. الإنسان لا يملك إلا أن يحترم هذا. لكن بالنسبة إليّ بمجرد أن عرفت أن هذا الشريط نُشر منذ ستة أشهر، بدا واضحاً أن الأمر فيه افتعال واختيار التوقيت.
> لكن هل الإدارة الأميركية علمت وأخفت؟ أم أنها أخطأت؟
- لا أتصور إطلاقاً أنها أخفت. قد تكون أخطأت التقدير وأخطأت القراءة، قد تكون أخطأت التقدير، لا أقول، لكن لها وجهات نظرها طبعاً.
> لكنك منذ البداية قلت للأميركيين إن هذا عمل إرهابي، فإذن لماذا لم يصدقوا كلمة رسمية من ليبيا بدلاً من...
- لهم أسبابهم. لا علم لي بهذه الأسباب ولا معرفة لي بها. ولكنني أستبعد تماماً أن يكون هذا عن قصد معين. عندي طبعاً معرفة وعلم بوجود هذه العناصر في ليبيا، عناصر مرتبطة بتنظيم «القاعدة» منذ مرحلة مبكرة، منذ أيام الثورة نفسها ومنذ أيام الحرب، وأيضاً لدي معلومات بوجود عناصر أو تسلل عناصر غير ليبية ذات انتماءات إيديولوجية معينة في مرحلة سابقة لها بأشهر.
> لماذا لم تنصح الأميركيين بالحذر؟
- لم أكن في السلطة. أنا كنت بعيداً عن السلطة ومواطناً عادياً وليست لي صلة بهذه الأجهزة الرسمية ولا بالأجهزة الأميركية سواء السفارة أو أي أجهزة أخرى.
> هل طلب منك الأميركيون التحقيق مع عبدالله السنوسي ليتعرفوا على خلفيات ما حدث في جريمة لوكربي؟
- ليس الأميركيون فقط، الفرنسيون أيضاً طلبوا، وجهات أخرى بالتأكيد يهمها أن تعرف ماذا حدث، وأن تلتقي بالسنوسي وتعرف حقائق والكثير من الوقائع.
> وهل سيحدث ذلك؟
- أعتقد لا يوجد لدينا من حيث المبدأ مانع في أن يسمح بهذا طالما تم بإذن السلطات الليبية وبمعرفتها. كلنا ننشد معرفة الحقيقة ومن واجبنا أن نساعد بعضنا بعضاً في معرفة الحقيقة.
> ومتى سيكون ذلك؟
- لم يحدد أي موعد.
> وماذا عن جماعة «أنصار الشريعة»؟ هل هي مجموعة جديدة بديلة من «القاعدة» أو تنسق معها؟ وهل هي فقط في ليبيا أم أبعد من ذلك؟
- ليست لدي متابعة شخصية لهذه الجماعات وتركيبتها ومسمياتها والعلاقات في ما بينها. لكن هذا الاسم ظهر أخيراً في ليبيا بقيادات ليبية. أما صلة هذا المسمى وهذا التشكيل بالقاعدة فليست لدي أي معلومات محددة عنها، لكن هذه الجماعة واحدة من الجماعات. أتكلم عن القيادات. هناك طبعاً كثير من الشباب المنضم إليها قد يكون مغرراً به، أو أنه يجري وراء شعارات معينة تستهويه لكن هذه المجموعة هي من المجموعات المتطرفة. يكفي في هذا الأمر موقفها في موضوع الأضرحة والمعالم الحضارية والتاريخية الموجودة في ليبيا منذ مئات السنين، وطبعاً هم، للأسف الشديد، اعتدوا عليها في شكل مرفوض شرعاً وعرفاً وقانوناً.
في أيام الثورة كانت أبواب ليبيا مفتوحة على مصاريعها لكل العناصر الليبية التي كانت تريد أن تشارك في الثورة وإسقاط النظام. كان معروفاً أن هناك عناصر لها انتماءات إيديولوجية أو إقليمية معينة قد تكون مرتبطة بـ «القاعدة» أو غير مرتبطة وكان مرحباً بها للمساهمة في عملية التحرر.
> لكن ها هي ترتد عليكم كما حصل في أفغانستان.
- في لحظات الفورة لم يكن بمقدور أحد أن يفكر إطلاقاً في أن يمنع أي إنسان يريد أن يشارك في هذه الثورة ويساهم في الإطاحة بالنظام. لم يكن بمقدور أحد أن يفكر حتى مجرد التفكير في أن يمنع هؤلاء الناس من المشاركة.
> لكن هل قوات حلف شمال الأطلسي تعاونت وتعاقدت مع عناصر من «القاعدة» أو عناصر من «أنصار الشريعة»؟
- لا أتصور أنها قصدت التعامل معهم على أساس أنهم ينتمون إلى هذه الجماعات، بل تعاملت معهم على أساس أنهم ليبيون لهم خبرة ومعرفة معينة ودراية بأوضاع البلاد. الموقف نفسه اتخذته بقية الليبيين على أساس أننا في موقف يستدعي الإفادة من كل العناصر.
> لكن الآن ما هو حجم هذه العناصر؟
- ما بين واحد وثلاثة في المئة من الثوار.
> يعني كم عددهم تقريباً؟
- قد يصل إلى 200، أو إلى أقل من هذا.
> ولكن هل صحيح أن هناك تحالفاً بينهم وبين ما تبقى من أنصار القذافي؟
- لا أستبعد أن يكون هناك تفاهم، خصوصاً أن جماعات فلول نظام القذافي تحاول أن تستفيد من وجود هذه العناصر ومن العمل التخريبي الذي تقوم به من خلال الفراغ في البنية الأمنية. بالتأكيد.
> ما هي نوعية التدريب الذي ستتلقاه القوات الليبية للتصدي لهذه العناصر؟
- لن نتلقى تدريباً خاصاً، وليس هناك أي أمر أو مشروع معروض بهذا الخصوص، لكن الشرطة والجيش الليبيين وكل مؤسسات ليبيا تحتاج إلى تدريب ونحن في هذا الصدد بالتأكيد سنعتمد على إمكانياتنا الذاتية ولكن في الوقت نفسه سننظر في أي عروض لتدريب عناصرنا في الشرطة والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة من أي دولة أتت. هناك مثلاً عروض من تركيا ومن حكومات أوروبية ومن الولايات المتحدة. سنبحث في هذه العروض ونختار منها ما يناسبنا.
> وهل هناك تنسيق بين الأجهزة الأمنية في المغرب العربي للتعرف على هوية هذه المجموعات واعتراضها؟
- أعتقد أن التنسيق بين الأجهزة الحكومية في هذه الدول هو ضرورة الآن. إذا كان في ما مضى اختياراً، فهو الآن ضرورة وأعتقد بأن الخطر الذي تشكله هذه العناصر لا يقتصر على دولة دون أخرى.
> ذكرت أنكم تريدون التعاون مع الجيران في مصر وتونس وتشاد والجزائر من أجل اعتراض المبالغ الضخمة التي يستخدمها أولاد القذافي؟
- هذه المبالغ ليست بعشرات أو مئات الملايين، بل بالبلايين. وللأسف الشديد هي أموال حرة ويتحرك بها عناصر فلول النظام القديم ويحاولون طبعاً تحفيز بعض المرتزقة وحشد عناصر حتى داخل ليبيا نفسها.
> يبدو أيضاً أن برنامج نزع سلاح الميليشيات وإعادة إدماج عناصرها في الجيش والقوى الأمنية لا يسير على ما يرام؟
- لن أتردد في الاعتراف بأن العام الماضي لم يشهد حماساً ونشاطاً كبيرين، بل حتى لم يكن هناك تصور أو بلورة لتصور متكامل للتعاطي مع هذه الملفات المتعلقة ببناء القوات المسلحة والهيئة الأمنية والسيطرة على السلاح وإعادة بناء القضاء الليبي. للأسف الشديد هذه الملفات رغم حيويتها وخطورتها وأهميتها بالنسبة إلينا فإن التعاطي معها وتعامل السلطة الانتقالية في المرحلة الماضية معها كان فاتراً وضعيفاً.
> سورية تدفع إلى حد ما ثمن تحرير ليبيا لأن الصين وروسيا تعتبران أن ما حدث في ليبيا كان خدعة وإهانة لهما كدولتين كبريين وبالتالي هما تقفان في وجه أي تغيير عبر مساعدات «الناتو» أو غيره في سورية. ما هي نوعية المساعدة التي تمدونها إلى المعارضة السورية؟
- أولاً، نحن شعب عاش تجربة فترة حكم قاسية في ظل نظام ديكتاتوري استبدادي، ونشترك في هذا مع الأخوة السوريين وندرك ما يعانيه من يعيش في ظل مثل هذه الأنظمة. وبالتالي نحن نشاركهم رغبتهم وآمالهم وحرصهم على نجاح ثورتهم في الناحية المبدئية والمعنوية والأخوية والإنسانية حتى.
> وهم يحتاجون إلى أكثر من ذلك.
- ابتداء من هذه النقطة، أكثر من هذا أعتقد سياسياً أن المجلس الوطني الانتقالي سبق له أن أعلن الاعتراف بالمجلس الانتقالي السوري وأيضاً وعد بتقديم المال له.
> هل قدمت ليبيا أي مبالغ ملموسة للمعارضة السورية؟
- أعتقد أنه سبق أن قدمت أموالاً، هل هي بحجم كبير يذكر أم أنها مبالغ...
> تدريب وأسلحة؟
- لا أعتقد أننا وصلنا في المرحلة الماضية إلى هذه المسألة، الدعم السياسي طبعاً بالتأكيد.
> وهل ستقدمون؟
- بالتأكيد سينظر في هذا الأمر من قبل الحكومة الجديدة ومن قبل المؤتمر الوطني العام.
> متى؟
- بمجرد تقديم هذا الأمر إلينا في شكل مشروع مساعدة أو مشروع قرار.
> من يقدم ذلك لكم؟
- الحكومة، هذا اختصاص للحكومة.
> متى؟
- لا أدري فور ما ترى الحكومة هذا الأمر مناسباً. بعد تشكيلها طبعاً، لأن الحكومة لم تشكل بعد.
> متى ستشكل؟
- أتصور خلال فترة لا تزيد على أسبوعين إن شاء الله.
> من سيترأس الحكومة؟
- الدكتور مصطفى عبدالشكور، وهو كان نائباً لرئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية وهو شخصية محترمة وكفء وأتطلع أن تكون بيننا علاقة عمل جيدة، وبينه وبين المؤتمر الوطني.
> هناك انطباع بأن محمود جبريل كان هو المرشح لأن يكسب القيادة في ليبيا، لكن الانطباع بأن الإسلاميين حجبوا عنه هذه الإمكانية؟
- كون أنه كان مرشحاً ومتوقعاً هو مجرد تكهن سياسي، وأي تكهن سياسي قابل لأن يتحقق أو لا يتحقق. الإعلان الدستوري يعطي صلاحية اختيار رئيس الحكومة الجديد للمؤتمر الوطني وتشكيلته معروفة: 120 مستقلون و80 ينتمون إلى أحزاب مختلفة. ما حصل في عملية اختيار رئيس الحكومة الجديد أنها أسفرت عن اختيار الدكتور عبدالشكور في عملية سياسية ديموقراطية وفي غاية النزاهة ونقلت على شاشات العالم العربي. أعتقد أنه لا مجال بتاتاً لإطلاق أي اتهامات في شأن ما حصل. المداولات السياسية حصلت بين مختلف الأطراف وأسفرت عما أسفرت عنه، مثل أي عملية أخرى في العالم.
> هل تريد لليبيا دستوراً إسلامياً مبنياً على الشريعة؟ أم دستوراً علمانياً؟ أعني فصل الدين عن الدولة.
- ما يعنيني هو الآتي أن يكون هذا الدستور تعبيراً عن ضمير الشعب الليبي واختياره، لا تنسي أنه شعب مسلم مئة في المئة. أن يأتي الدستور بأي تعبير مصادم لمقاصد الشريعة الإسلامية فهو أمر غير متوقع ولا أتصور أن هناك عاقلاً يتصور أن دستوراً في بلد إسلامي مئة في المئة يأتي مصادماً لتعاليم الإسلام.
> لكنك في جلسة علنية باللغة الإنكليزية قلت انك مع دستور علماني. هل تريد أن تكرر هذا؟
- أكرر هذا. نحن نريد بناء دولة دستورية ديموقراطية مدنية علمانية، لكن هذا لا يعني إطلاقاً أن يصدر عن الدستور أو أي قوانين وتشريعات ما هو مصادم أو متناقض مع الشريعة الإسلامية أو مقاصدها.
> نعم، ولكن هل يعني هذا فصل الدين عن الدولة؟
- نعم بمعنى أن البرلمان والحكومة والسلطات، في ضوء الدستور، هي من تحدد القوانين وتحدد التشريعات وقراراتها، وأن لا يصدر هذا عن هيئة دينية.
> عفواً. سمعتك تقول إنك مع فصل الدين عن الدولة.
- بهذا المعنى، ألا تتحكم هيئة دينية في قرارات المؤتمر الوطني أو الحكومة. في الوقت نفسه لا أتصور ولا أتوقع أن يصدر مؤتمر وطني أو حكومة في بلد إسلامي مئة في المئة (ما هو) مصادم للشريعة الإسلامية.
> النساء الليبيات يخشين على أنفسهن لأنه منذ بدء الثورة بدأت أسلمة المجتمع إلى درجة أن أول ما نطق به رئيس المجلس الانتقالي أنه برر وحلل تعدد الزوجات.
- رئيس المجلس الانتقالي مسؤول عما يقوله. أنا رئيس المؤتمر الوطني العام وأنا مسؤول عما أقوله. أنا لا أخشى على المرأة في ليبيا الجديدة. المرأة جزء من هذا المجتمع، بل تشكل أكثر من 50 في المئة، وساهمت في هذه الثورة ولها تطلعاتها ومن حقها أن يفعّل دورها في هذا المجتمع تفعيلاً كاملاً وأن تطلق طاقاتها من دون قيود. في الوقت نفسه لا أتصور أن في الإسلام ظلماً لها، على أن يفسر الإسلام تفسيراً صحيحاً.
> هذا إن كان هناك من يفسر الإسلام تفسيراً صحيحاً؟
- ما يجري في ليبيا مما تتبناه بعض الجماعات المتطرفة لا علاقة له بالإسلام. هذا تفسير ظالم ومتجنٍ ليس فقط على المرأة، هو ظالم للإنسان ككل سواء كان رجلاً أم امرأه. وفي اعتقادي لا يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية ولا مع تعاليم الإسلام.
> عودة إلى الموضوع السوري. كيف تنوون مساعدة سورية في المحافل العربية والدولية؟
- صوتنا في المحافل السياسية كافة مع الشعب السوري وثورته وأنا شخصياً حضرت مؤتمر التعاون الإسلامي في مكة المكرمة وأشرت إلى هذا وعبرت عنه بكل وضوح، وفي كلمتي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أكدت هذا المعنى. طبعاً هناك حدود يجب أن أتوقف عندها ويجب أن نراعيها، خصوصاً مسألة التدخل، ما نملكه الآن هو الدعم الإنساني والدعم السياسي وبالتأكيد الدعم المالي الذي قدمناه ويمكن أن نقدمه في المستقبل وهذا أيضاً مجال من المجالات.
> هل تعتقد أن العرب الذين يقدمون السلاح للمعارضة على حق في أن يفعلوا ذلك؟
- لماذا لا؟ إذا كان بمقدور من يفعل هذا، فليفعل هذا.
> وهل بمقدور ليبيا أن تفعل ذلك؟
- لا أدري لأن ليست لدي المعطيات الكاملة في شأن هذا الموضوع.
> لكنك لا تقف ضد هذه الفكرة؟
- لن أقف ضدها إذا كان أقرها المؤتمر الوطني العام.
 

 

طيارون ايرانيون دخلوا عن طريق لبنان ليقصفوا الأراضي السورية
المصدر : خاص موقع 14 آذار.. طارق نجم
 
أفادت مصادر مطلعة بأنّه خلال الأسابيع القليلة الماضية وصل الى مطار رفيق الحريري الدولي عدد من الإيرانيين الذين توجهوا الى الضاحية الجنوبية لبيروت تواكبهم حراسة أمنية خاصة. وبحسب المصادر عينها، فقد انتقل هؤلاء لاحقاً الى داخل سوريا حيث تبيّن أن عشرات منهم هم طيارون عسكريون مدربون تدريباً جيداً قد حلقوا بطائرات تابعة للقوات الجوية السورية وشاركوا بقصف المناطق التي يتحصن بها ثوار المعارضة الذي يقاتلون ضد نظام بشار الأسد وخصوصاً في حلب وحمص وإدلب وعند الحدود اللبنانية.
 
وعزت تلك المصادر أن مرور الإيرانيين من خلال مطار بيروت هدفه حماية تحركاتهم وتأمين الغطاء اللازم لهم بعد اختراق مقربين من الجيش الحرّ أمن المطارات الرسمية التابعة للنظام من خلال زرع عناصر تنقل له التحركات التي تحدث داخلها. وكانت الأجهزة الأمنية الإيرانية تتخوف من استهدافهم على غرار ما جرى مع عشرات الإيرانيين قبل ذلك والذي تبيّن أن غالبيتهم منتمون الى الحرس الثوري الإيراني، وجاءوا متخفين بحجة أنهم زوّار للعتبات المقدسة في العراق وسوريا.
 
هذه الأخبار تؤكدها معلومات نشرتها وسائل إعلام تابعة لحركة الأحوازيين العرب المعارضين للنظام الإيراني قبل أسبوع. وقد ذكرت فيها أنّ حكومة الملالي أرسلت قوات من حراس الثورة ومجموعة من الطيارين من مدينة تبريز فى اذربايجان الى سوريا من اجل مساندة ودعم النظام فى قمع ثورة الشعب العربي السوري من دون ان تحدد الطريق الذي سلكته هذه القوات للوصول الى الداخل السوري خصوصاً أن الحكومة العراقية قد أعلنت عن عزمها إخضاع الطائرات الإيرانية المتوجهة إلى سوريا عبر المجال الجوي العراقي للتفتيش بعد ضغوط مارسها الأمريكيون.
 
مصادر متابعة رأت أنها ليست المرة الأولى التي ترسل فيها طهران طيارين الى سوريا لمساندة نظام الأسد. فقد جاء ذلك بناء على طلب من النظام نفسه الذي استعان حتى الآن بعشرات الطيارين الإيرانيين لعدم ثقته بطياريه السوريين بعد انشقاق اعداد منهم وان كانت غالبية المنشقين قد التحقت بالجيش الحرّ من دون طائراتها. كما يخشى النظام من التأثير المعنوي لإنشقاق طيارين بطائراتهم ولذا اعتمد اسلوب اختيار الطيارين الموكلين بمهام قصف وفق انتمائهم الطائفي والمذهبي في حين يتم استبعاد أي من الطيارين ذويي الإنتماءات الطائفية المغايرة ما يفسر محدودية استعمال الطيران الحربي. بل إنّ ما يحصل مؤخراً هو أكثر من ذلك لأن الطيارين الذين يكونون موضع شك من النظام يخضعون لرقابة مشددة ويُمنعون من الإقتراب من الطائرات الرابضة على أرض المطارات. كما لم تستبعد هذه المصادر ان يكون الأسد قد استعان بطيارين غير سوريين بالإضافة الى الإيرانيين من بلدان كروسيا ويوغسلافيا وغيرها ممن يُعتبرون مرتزقة او من بلدان متحالفة مع بشار الأسد.
 
ووفق الثوار السوريين، فإنّ ما يبقي النظام قادراً على الإمساك بالأرض هو سيطرته على الجو من خلال مئات المروحيات العسكرية والطائرات الحربية التي تؤمن له الإستطلاع والقصف المباشر. وهذا بالضبط ما يدركه النظام وحليفه الإيراني أيضاً الذي يحاول قدر الإمكان تزويده بوقود الطائرات والذي شكل مؤخراً مشكلة حقيقية بسبب استهلاك الطائرات لكميات كبيرة منه في فترات وجيزة واستهداف مخازنه وانابيب النقل بضربات من الجيش الحرّ مما أدى بمخزون هذا الوقود لدى النظام للوصول الى حافة النفاذ.

 

 

 

تحضير الساحة السورية لمفاجآت دموية كبيرة
جريدة الجمهورية...جوني منير
لا تزال العاصمة الأميركية غارقة في متابعة وتحليل تفاصيل الاعتداءات التي طاولت سفارتَيها في كلّ من ليبيا ومصر إضافة إلى ما شهدته تونس ومدينة طرابلس اللبنانية.
الجمهوريّون يتّهمون إدارة أوباما بالخطأ في الرهان
لكنّ التأثير الأقوى على واشنطن يبقى في اعتداء بنغازي حيث قُتل السفير الأميركي كريس ستيفنز والتشنيع بجثته، إضافة إلى ثلاثة من معاونيه.
مدير أجهزة المخابرات الأميركية DNI، ويدعى جيمس كلابر James clapper حاول يوم الجمعة الفائت إيجاد تفسير لما حصل في بنغازي يوم 11 أيلول، الذي يصادف ذكرى اعتداءات نيويورك، فقال إنّ أجهزة الاستخبارات اعتقدت للوهلة الأولى أنّ ما حصل إنّما جاء نتيجة الاحتجاجات العنيفة التي انطلقت من مصر، إلّا أنّه تبيّن لاحقاً أنّ ما جرى، خطّطت له بشكل مسبق مجموعات إسلامية متطرفة ومدرّبة جيّدا، حيث استفادت من التوقيت المتزامن مع نشر الفيلم المسيء للإسلام.
 
وبدا لكلابر أنّ هذه المنظمات الإرهابية باتت منتشرة وبشكل واسع في هذه البلدان. وما لم يقله مدير أجهزة الاستخبارات الأميركية، ولو أنّه أوحى به، هو أنّ ثورات الربيع العربي شكّلت تربة خصبة لتعزّز هذه التنظيمات حضورها وتنظيمها وقدرتها على الحركة.
 
وعلى خطّ موازٍ، تُجري الـ F.B.I تحقيقاً مستقلّاً لما لهذه المسألة من تأثير بالغ على مسار الانتخابات الرئاسية. فالجمهوريّون يتّهمون إدارة أوباما بالتقصير الاستخباري والتعويل على المتطرّفين الإسلاميين على أنّهم باتوا حلفاء، فيما الديموقراطيّون يتّهمون ميت رومني بعدم الخبرة في الشؤون الدولية ولا سيّما الإسلامية، ما يهدّد مصالح بلادهم.
 
لذلك تروي الكواليس الديبلوماسية أنّ مدير أجهزة المخابرات الأميركية DNI انتدب شاون تورنر الى الكابيتول حيث جال على لجان مجلسي النوّاب والشيوخ واعداً إيّاهم بتزويدهم بمعلومات إضافية عن عملية "التصفية" التي طاولت السفير ستيفنز وثلاثة من معاونيه، وذلك بهدف التخفيف من حدّة الحملة الحاصلة على الإدارة الديموقراطية. والواضح من كلّ ما تقدّم، أنّ عملية بنغازي أعادت خلط الأوراق داخل أروقة الإدارة الأميركية لناحية طريقة التعاطي مع المستجدّات على الساحات الإسلامية.
 
وبطبيعة الحال هناك إعادة قراءة لكامل مشهد "الربيع العربي" في جزئه الأوّل، ومن دون شكّ أنّ هذه القراءة ستصيب بآثارها ما هو جارٍ الآن في سوريا حيث المواجهات العنيفة ما تزال في أوجها.
 
وصحيح انّ الإدارة الأميركية باتت مقتنعة، وحتى قبل اعتداء بنغازي، بأن لا حلّ ممكناً للأزمة السورية سوى من خلال حصول تسوية تضمن مصالح جميع الأطراف، إلّا أنّ المجموعة الداعمة لمختلف أطياف المعارضة ما تزال على قناعتها بأنّها قادرة على فرض حلّ عسكري يؤدّي الى إخراج العامل الإيراني نهائيّاً من سوريا.
 
وعندما أعلنت قيادة "الجيش السوري الحر" نقل مقرّها من تركيا إلى داخل الأراضي السورية، اعتقد البعض بأنّ في ذلك إشارة إلى سيطرة واسعة للمعارضين على الأراضي السورية، ولكن هذا الاعتقاد كان سطحيّاً، والبعض الآخر قرأ في هذا الإعلان تخفيفاً تركيّاً للعبء السوري وبداية انسحاب متدرّجة من هذه الأزمة، ولكن هذه القراءة متسرّعة. ذلك أنّ المراقبين قرؤوا بشكل مختلف خلفيّات هذه الخطوة وعلى أساس استباق تطوّر دامٍ سيصيب الساحة السورية.
 
وكان كلام أمير قطر من على منبر الأمم المتحدة واضحاً في هذا الشأن وسط معلومات ديبلوماسية تشير إلى تمسّك قطر والسعودية وتركيا بحصول حسم عسكري يؤدّي إلى زوال نهائي للنظام في سوريا لا إلى انتهاء الأزمة من خلال تسوية يحتفظ فيها النظام لنفسه بحصّة كبيرة.
 
وبالفعل لم يتأخّر الوقت قبل ظهور تطوّرات عسكرية كبيرة على الأرض. التطوّر الأوّل حصل في العاصمة دمشق مع الهجوم على مبنى الأركان وتضارب المعلومات حول الأسباب، فهل ما حصل هو نتيجة هجوم لمجموعات مسلّحة من الخارج، أم أنّه نتيجة تمرّد داخلي، أم الاثنين معاً؟
 
والتطوّر الثاني يحصل في حلب مع الهجوم الواسع الجاري تنفيذه تحت عنوان "تحرير حلب" والذي يؤدّي إلى هدم هذه المدينة.
 
لكن الاوساط الديبلوماسية لا تعتقد بأنّ ما حصل يختصر المفاجأة، لا بل إنّه تحضير لها. فانتقال قيادة "الجيش الحر" من تركيا، يعني انّه يجري التحضير لخطوة أقوى تريد تركيا أن تخفّف من سلبياتها عليها، وهي التي باتت تعيش انقساماً مذهبيّاً داخليّاً واضحاً للمرّة الأولى في تاريخها الحديث. ولكنّ هذه الأوساط لا ترى بدورها أنّ عدم الاعتراض الأميركي يعني التسليم بأيّ تطوّرات قد تحدث.
 
ذلك أنّ هاجس التنظيمات الإسلامية المتطرّفة وتغلغلها في المجتمعات العربية باتا يشكّلان مصدر قلق فعليّ، إنْ لناحية تكرار تجربة افغانستان، او حتى لناحية امتلاكها أسلحة نوعية مثل الأسلحة الكيمائية التي أشارت إليها واشنطن مجدّدا منذ بضعة ايام.
 
كذلك، فإنّ هذه العدوى نجحت في اختراق الحدود والوصول الى مجتمعات جديدة مثل لبنان والأردن. وإذا كان البعض مقتنعاً بأنّ واشنطن تسعى في نهاية المطاف إلى فرز كيانات المنطقة وتقسيمها، إنّما تريد ذلك بأقلّ قدر من الفوضى بغية التحكّم باللعبة وضمان مصالحها، وليس على أساس فتح أبواب جهنّم "وإهداء" هذه المنطقة إلى "عقائديين" يريدون ضرب مصالحها والوصول مجدّدا إلى أراضيها لضربها في العمق.

 

 

 

المؤتمر الرابع لـ«الحرية والعدالة»: أردوغان «زعيماً للعالم الإسلامي»!
جريدة السفير...محمد نور الدين
على طريقة باراك اوباما وسعد الحريري، خلع رجب طيب اردوغان سترته وفك أزرار كمّي قميصه مشمّرا إياهما، وخرج على حضور المؤتمر الرابع الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية بصورة «الزعيم الإسلامي» من خلال عادته الأثيرة في تعداد أسماء دول ومدن على امتداد الجغرافيا التركية والإسلامية، كما من خلال مبايعة خالد مشعل له زعيما للأمة الإسلامية!
ومع ان رئيس الوزراء التركي تشبّه بالحريري، فإن الفارق كان ان القميص الذي ارتداه اردوغان كان مصنوعا من الفولاذ المضاد للرصاص الذي يرتدي مثله عادة اوباما وثمنه اثنا عشر ألف دولار بالتمام والكمال.
حيّا اردوغان، بعدما أبكى الحضور بأبيات شعر للشاعر التركي الإسلامي سزائي قراقوتش، نيقوسيا ومقدونيا وسراييفو والقاهرة والقوقاز ورام الله ونابلس والقدس والسليمانية وبغداد ومكة والمدينة المنورة، لكنه في سياق السلام لمدن سورية مثل دمشق وحلب والرقة وإدلب وغيرها وصف المعارضين السوريين بأنهم «أبطال» في «حرب الاستقلال» بينما لم يشر الى أي مدينة إيرانية في سياق تعداده الأثير.
جال اردوغان على مدى ساعتين ونصف الساعة في مسار التاريخ التركي والعثماني، ولم يستثن كعادته تحية السلطان محمد الفاتح والسلطان سليم الأول والسلطان سليمان القانوني.
وإذ عدد اردوغان أسماء الضيوف الأجانب وكانوا إجمالا قليلي العدد، ومن بينهم الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل، فقد حظي خالد مشعل لدى ذكر اسمه بالتصفيق الأكبر في ظل غياب الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ويفتح هذا على ملاحظة انه باستثناء وجود رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني فإن الطابع «الإخواني» قد غلب على الحضور الإسلامي مثل الرئيس المصري محمد مرسي وخالد مشعل وراشد الغنوشي، مع ملاحظة غياب اي شخصية شيعية بارزة رسمية كانت ام غير رسمية، علما بأن العديد من المسؤولين الشيعة في المنطقة ومنهم لبنان قد وجّهت لهم الدعوة للحضور من دون أن يلبّوها. وكان رفض رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي المشاركة احتجاجا على إعلان حمايته لطارق الهاشمي المحكوم بالإعدام.
وقد حرص اردوغان في كلمته على مناداة الهاشمي بصفته الرسمية أي «نائب رئيس الجمهورية العراقية»، بل أفرد له كلمة أمام المؤتمر في استفزاز واضح للمالكي.
المؤتمر الذي كاد يتحول الى «حفلة فنية» عندما استمع الجمهور الى أغنية من كلمات الشاعر عاشق فايسيل بعنوان «نحن في طريق طويل ودقيق» ارتاح خلالها اردوغان لخمس دقائق من الكلام، انعقد تحت شعار «أمة عظيمة.. قوة عظيمة.. الهدف 2023». لكن الطموح الأردوغاني لم يتوقف عند العام 2023 الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية بل قال ان الهدف هو العام 2071 (الذكرى الألف لمعركة ملاذكرد التي انتصر فيها السلاجقة بقيادة ألب ارسلان على البيزنطيين وأسر امبراطوريتهم ما فتح الأناضول امام السيطرة السلجوقية) داعيا الى وحدة «شجرة الدلب التركية» من السلاجقة والعثمانيين الى الجمهورية.
ومع انه اشار الى اتاتورك لكنه ركّز على جميع قادة الحركة الاسلامية في تركيا من عدنان مندريس الى طورغوت اوزال. وبرغم خلافه معه فلم ينس اردوغان ذكر نجم الدين اربكان في محاولة لكسب قاعدة الأخير، وفي اشارة الى انه ربما عاد الى حضن «مللي غوريش» التي اطلقها اربكان، وهنا علت هتافات ترد للمرة الأولى «المجاهد اردوغان».
غابت المعارضة التركية عن المؤتمر. غابت الحركة القومية لأنها ترفض دعوة البرزاني. غاب حزب الشعب الجمهوري احتجاجا على منع العديد من الصحف من تغطية المؤتمر.
جال اردوغان في كل الموضوعات من دون ان يقدم اي جديد عما هو معروف. خلت كلماته من اي مبادرة ومن اي موقف جديد. اتهم العلمانيين في تركيا بأنهم دمّروا الاسلام وانتهكوا مقدساته، ومتهما حزب الشعب الجمهوري بأنه في أساس كل الانقلابات العسكرية. وقال ان عهد الانقلابات انطوى الى الأبد. وهاجم اردوغان حزب العمال الكردستاني قائلا ان هؤلاء الاكراد لا يمكن ان يكونوا احفاد صلاح الدين الأيوبي محرر القدس.
اما حول سوريا فلم يسهب اردوغان في الحديث عنها، بخلاف المتوقع، لكنه قال ان تركيا ستواصل دعم المعارضة السورية لوجستياً، وستواصل استقبال اللاجئين، واصفا نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأنه قاتل لشعبه. ودعا اردوغان ايران وروسيا والصين إلى إعادة النظر بمواقفها مما يجري في سوريا.
وأحال اردوغان السعي لكسر الحصار على غزة الى الرئيس المصري الجديد محمد مرسي متمنيا ان يتحقق ذلك بجهوده. وقال انه ما لم تعتذر اسرائيل عن حادثة مرمرة فلن تعود العلاقات التركية معها أبدا.
وقال انه في وقت يعاقب الغرب على معاداة السامية، فمن غير المقبول ان تتحكم فيه الفوبيا الاسلامية، ويعمد الى احتقار الاسلام باسم الحرية. وقال انه ايضا لا يمكن قبول منع المحجبات من ارتداء الحجاب في ألمانيا. وعرض اردوغان لإنجازات حكومته الاقتصادية.
ولفت غياب موضوع الاتحاد الأوروبي كهدف استراتيجي لتركيا من خطاب اردوغان. وخلا المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر، فقد غاب الأوروبيون عن المؤتمر، في مقابل الحضور القوي للإرث العثماني والاسلامي والسلجوقي. غابت اوروبا وحضر الارث الديني حتى قال اردوغان انه «خرج الى السياسة لابسا كفنا أبيض» اتبعه بالقول «مثلما لبس السلطان السلجوقي ألب ارسلان كفنه»!.
وبعد الظهر ألقى ضيوف أجانب كلمات امام المؤتمر، منهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الذي بايع اردوغان زعيما ليس على تركيا فقط بل على العالم الاسلاميّ. وأعرب عن شكره لتركيا على دعمها لفلسطين، كما اعلن دعمه للمعارضة في سوريا حتى النهاية. وأعرب عن امله في ان يلتقي الأخوة الأتراك في القدس.
وكرر الرئيس المصري محمد مرسي دعم مطالب الشعب السوري والشعب الفلسطيني مشيرا الى المصالح المشتركة لمصر وتركيا.
جدد المؤتمر كما كان متوقعا لأردوغان وادخل 21 عضوا جديدا في اللجنة المركزية للحزب منهم نعمان قورتولمش وسليمان صويلو وعثمان جان وغيرهم.
ولفت من الأعضاء الذين لم يجدد لهم رغم ان بعضهم من مؤسسي الحزب كالصحافية عائشة بوهيرلير والمسؤول عن شؤون الاتحاد الأوروبي ايغيمين باغيش وكورشاد توزمين وادريس نعيم شاهين وزير الداخلية.
وهذه هي المرة الأخيرة التي سيكون فيها اردوغان رئيسا للحزب وللحكومة حيث ينص النظام الداخلي على عدم البقاء في الموقع ذاته اكثر من ثلاث مرات متتالية.
وفي الواقع فإن تعديل النظام ممكن، لكن اردوغان سيذهب الى رئاسة الجمهورية في العام 2014، وسيبقى فيها خمس سنوات، ومن بعدها سيجدد لنفسه خمس سنوات اخرى ليحتفل بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية وهو زعيم لها. هذا ما يخطط له اردوغان وليس مهما عندها من سيكون رئيسا للحزب والحكومة ما دام اردوغان في الساحة السياسية التي يستمد قوته فيها ليس من صلاحيات لرئيس الحكومة او رئيس الجمهورية بل من كونه فرض نظام «الزعيم الأوحد» على الحزب على غرار اتاتورك وعصمت اينونو.

 

 

 

القانون «حلبة الصراع» وجنبلاط يشعر بـ «استهداف مزدوج»
«حزب الله»: طلائع «اجتياح مالي» انتخابي بدأت تطل
بيروت ـ «الراي»
 
يتجه الوضع الداخلي في لبنان نحو مرحلة محفوفة بغموض كبير جراء فتح ملف قانون الانتخابات النيابية وحتمية بتّه كاستحقاق يصعب تمييعه من الآن وحتى نهاية السنة الجارية.
واذا كان معظم الأفرقاء السياسيين توافقوا ضمناً في جلسة اللجان النيابية المشتركة الاسبوع الماضي على اعتبار بداية يناير المقبل الموعد الطوعي للانتهاء من المناقشات المتعلقة بقانون الانتخاب والذهاب الى التصويت في نهاية المطاف في الهيئة العامة، فان ذلك لا يعني في رأي أوساط نيابية وسياسية واسعة الاطلاع ان هذه المهلة ستفضي حتماً الى حسم ايجابي لهذا الملف باعتبار ان كل عوامل الصراعات الداخلية والتأثيرات الخارجية على الوضع اللبناني باتت او ستصبح عوامل مذكية للخلافات القائمة حول هذا القانون.
وتقول هذه الاوساط لـ «الراي» ان من الواضح تماماً ان الأفرقاء المسيحيين تقدموا واجهة المسرح الداخلي في الاسبوع الماضي وحوّلوا معركة القانون الانتخابي معركة مسيحية - مسيحية بالدرجة الاولى، وهو امر ينطوي على ناحية ايجابية من جهة وناحية سلبية من جهة اخرى. ففي الناحية الايجابية قد يكون الطابع الخلافي المسيحي أفضل لمجمل المشهد الداخلي لان من شأنه ان يخفف التوتر المذهبي السني - الشيعي كما يوفّر للمسيحيين كجماعات سياسية دوراً طليعياً في ملف حساس سيترتّب عليه رسم الوجهة التي سيسلكها لبنان في السنوات الاربع التي ستعقب الانتخابات النيابية اواخر ربيع 2013، ما يعيد اليهم تالياً دوراً اساسياً في صناعة المصير السياسي للبنان في هذه الظروف الصعبة داخلياً واقليمياً.
اما من الناحية السلبية، فان الاوساط ترى ان بوادر تصاعد العداوات المسيحية - المسيحية يرتّب على الافرقاء الاساسيين لديهم مسؤولية كبيرة في احتمال اضعاف دورهم مجدداً وخصوصاً ان الخلافات لا تنحصر هذه المرة بين فريقيْ 14 آذار و8 آذار بل تتمدد الى داخل كل «معسكر». ففريق 14 آذار المسيحي وان كان قدم مشروعه للدوائر الصغرى فهو يواجه مشكلة اساسية مع الحليف المفترض وليد جنبلاط المتمسك بقانون الستين، من دون معرفة السقف الذي يرضى به ايضا «تيار المستقبل» (يتزعمه الرئيس سعد الحريري) ولو كان هذا التيار غطى مشروع مسيحيي 14 آذار مبدئياً.
اما فريق 8 آذار المسيحي فيبدو كأنه يتلاعب على ازدواجية انتخابية وسياسية في تصويته على مشروع الحكومة من جهة وتقديمه اقتراحاً آخر يعتمد على ما سمي طرح «اللقاء الارثوذكسي» الذي ينادي بانتخاب كل طائفة لنوابها، والاقتراح الاخير يلقى معارضة شديدة من حلفاء مسيحيي 8 آذار اي الثنائي الشيعي «امل» و«حزب الله».
وفي هذا السياق تلفت الاوساط الى ان بكركي نفسها تبدو كأنها انساقت وراء الانفعالات الناشئة عن الخلافات المسيحية ولو انها تسعى جاهدة الى حمل الافرقاء المسيحيين على التوافق على قانون الانتخاب. وتبدو الاوساط في هذا الاطار حذرة للغاية حيال صوابية او عدم صوابية الخطوة التي أقدم عليها مجلس المطارنة الموارنة في اتخاذه موقفاً علنياً جازماً وحاسماً في رفض الابقاء على قانون الانتخاب الحالي المسمى قانون الستين، بما يعني من الزام بكركي موقفاً مسبقاً من اتجاه معين لم يكن منتظراً منها اتخاذه نظراً الى حرصها التقليدي على عدم الغوص في تفاصيل اللعبة السياسية.
وتضيف هذه الاوساط انه حتى مع التسليم بان هناك اجماعاً مسيحياً على رفض قانون الستين، فان ثمة خشية بان يكون موقف المطارنة الموارنة قد جاء مبكراً جداً واستباقياً الى حدود كبيرة، وكان من الافضل ان تتريث بكركي في هذا الموقف في انتظار معرفة حظوظ محاولاتها للتوفيق بين الاطراف المسيحيين على البديل على الاقل لئلا تمنى بنكسة معنوية في حال اخفاق جهودها. كما ان هذا الموقف، وان لم يكن اثار ردود فعل علنية سلبية، بدا كأنه تسبب بتوجس لدى بعض الاطراف الاساسيين الاخرين ولا سيما منهم النائب وليد جنبلاط الذي تقول الاوساط انه قد يكون استشعر استهدافاً مزدوجاً له في الايام الاخيرة. فمن جهة يبدو مشروع مسيحيي 14 آذار، خطراً محققاً عليه اكبر من خطر النسبية في مشروع الحكومة. ومن جهة اخرى جاء موقف بكركي بمثابة خط أحمر مانع لقانون الستين ليظهر جنبلاط ضمناً المستهدَف الاساسي ايضاً بهذا الموقف. وهو امر لن يكون ممكناً تجاوز دلالاته وانعكاساته في المرحلة الطالعة وخصوصاً ان جنبلاط يملك الحل والربط والقدرة المستمرة على ترجيح الكفة من خلال كتلته التي ترجّح الكفة بين 14 آذار و8 آذار من دون منازع، حتى ان اوساطاً سياسية تربط موقفه من قانون الانتخاب بهذه النقطة تحديداً بمعنى انه يرفض اي قانون يمس من جهة زعامته في الشوف ويضرب من جهة اخرى موقعه في اللعبة السياسية كـ «بيضة القبان».
في موازاة ذلك، وفيما بدأ رئيس الجمهورية ميشال سليمان امس زيارة للبيرو لترؤس الجانب العربي في القمة العربية - الاميركية اللاتينية التي تبدأ اعمالها غداً في ليما على ان ينتقل بعدها الى كل من الارجنتين والاورغواي، اعلن رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد «ان كل من يطرح صيغة لقانون الانتخاب بمعزل عن اتفاق الطائف يتنكر للوفاق الوطني ويخرج من الوحدة الوطنية ويغرد لوحده من اجل ان يحقق مصالحه الخاصة».
وقال رعد: «الطائف يدعو الى صيغة قانون انتخاب تحقق اوسع واشمل واعدل تمثيل للناس في مجلس النواب، وتعتمد المحافظة بعد اعادة النظر في المحافظات»، مضيفاً: «معنى ذلك ان الطائف استبعد الدوائر الصغرى، وأي صيغة لا تفتح مجالا لأوسع تمثيل هي صيغة مناقضة لاتفاق الطائف».
وفي السياق نفسه، طالب نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق «بقانون انتخاب على قياس الوطن»، وقال: «هم يريدون قانونا على قياس مشروعهم للوصول الى السلطة وتنفيذ التزامات خارجية ونحن نريد الانتخابات معبرا لتفعيل المشاركة الوطنية. هم يريدون الانتخابات معبراً للثأر والاستئثار وهذا مشروع يجر البلد الى أزمات ومخاطر كبرى».
أضاف: «بدأت طلائع الاجتياح المالي الانتخابي تطل الى لبنان، يريدون من خلالها شراء أصوات الناخبين للوصول الى مشروع الثأر والاستئثار والامساك بالسلطة، والجهات التي تمول الفتنة في سورية تريد أن تمول المشروع الفتنوي في لبنان وهذا هو الفارق بيننا وبينهم. هم يراهنون على الأزمة في سورية وعلى الانتخابات في لبنان وعينهم على سلاح المقاومة، وبدأوا من الآن يتوعدون معادلة الجيش والشعب والمقاومة، ونقول لـ 14 آذار ولمن يموّل ويدير هذا الفريق من دول اقليمية ودولية ان معادلة الجيش والشعب والمقاومة هي أقوى وأصلب وأرسخ من أن تهتز بكل الانتخابات مهما كانت نتائجها وبكل التطورات في سورية مهما كانت نتائجها».

المصدر: مصادر مختلفة

..The Islamic State in Somalia: Responding to an Evolving Threat...

 الجمعة 13 أيلول 2024 - 11:00 ص

..The Islamic State in Somalia: Responding to an Evolving Threat... An Islamic State branch has a… تتمة »

عدد الزيارات: 170,665,069

عدد الزوار: 7,611,177

المتواجدون الآن: 0