تقارير..."حزب الله" بين خيال قاسم وأحلام الموسوي....الورقة الكردية بيد الأسد: أردوغان يفكر مرتين قبل التدخل في سوريا...الدوحة تعد ميقاتي باستثمارات ذات جدوى وتحذير دولي من تبعات طائرة «حزب الله»....أزمة اليسار الإسرائيلي: الغالبية تراه معسكراً «أكل الدهر عليه وشرب»

تدمير المدخل الجنوبي للجامع الأموي وسرقة جزء من الضرس النبوي الشريف ولجنة لترميمه...تلويح المالكي بـ«حكومة غالبية» يعني مجدداً استبعاد طائفة كبرى

تاريخ الإضافة الأربعاء 17 تشرين الأول 2012 - 6:37 ص    عدد الزيارات 2260    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

تدمير المدخل الجنوبي للجامع الأموي وسرقة جزء من الضرس النبوي الشريف ولجنة لترميمه
دمشق، لندن - «الحياة»، أ ف ب، أ ب
ظهرت أمس تفاصيل حجم الدمار الهائل الذي أصاب الجامع الأموي الكبير في حلب في شمال سورية، إذ دمر المدخل الجنوبي للآثر التاريخي، بالإضافة إلى ممر في المدخل الشمالي الذي احترق وخرب. وقال شهود إنه تمت سرقة مقتنيات أثرية وتاريخية ودينية لا تقدر بثمن، من ضمنها جزء من الضرس النبوي الشريف. وشكل الرئيس السوري بشار الأسد لجنة لصيانة وترميم الجامع الأموي الكبير بعد الأضرار البالغة التي تعرض لها خلال المعارك بين الجيش النظامي والمعارضة المسلحة الأيام الماضية. ويعود تاريخ الجامع الأموي إلى القرن الثامن، وهو على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو» للتراث العالمي. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس أن الأسد اصدر قراراً جمهورياً قضى بـ «تشكيل لجنة إنجاز صيانة وترميم الجامع الأموي الكبير في حلب برئاسة محافظ حلب محمد وحيد عقاد».
وأشارت إلى أن المهلة الزمنية لإنجاز أعمال الصيانة والترميم حددت حتى نهاية العام المقبل. وأتاح القرار الجمهوري للجنة المكونة من سبعة أعضاء إضافة لرئيس اللجنة أن «تستعين بمن تراه مناسباً من الخبرات المحلية لإنجاز مهماتها».
ووصف مراسل فرانس برس الذي رافق القوات النظامية خلال استعادتها الجامع، الدمار الذي أصابه، مشيراً إلى أن «الممر في القسم الشمالي للجامع مدمر وسقفه محترق»، كما احترقت «محتويات الممر من كتب ومقاعد والثريات التي هوت بعد احتراقها على الأرض». كذلك تم تدمير المدخل الجنوبي للجامع الأموي المطل على أسواق مدينة حلب القديمة.
وذكر مراسل فرانس برس أن غرفة رفع الأذان في الجامع مدمرة، مشيراً إلى احتراق سجاد وتناثر الزجاج والرصاص الفارغ على الأرض. وبث التلفزيون الرسمي السوري صوراً من داخل الجامع تظهر نسخاً من القرآن محترقة أو ممزقة.
وأشار مراسل فرانس برس إلى سرقة ثلاث شعرات وجزء من الضرس النبوي الشريف كانت محفوظة في صندوق موضوع في مقام صغير داخل الجامع. وشوهد الصندوق محطماً.
ويعد الجامع الأموي الكبير في حلب الذي يعود بناؤه إلى القرن الثامن، من اهم معالم المدينة الدينية والأثرية، إلى جانب قلعة حلب وأسواق المدينة القديمة المسجلة على لائحة التراث العالمي. ويشكل الجامع نقطة تماس بين الجانبين المتقاتلين في مدينة حلب. واستعاد الجيش السوري أول من أمس السيطرة على الجامع الأموي الذي استولى معارضون مسلحون عليه جزئياً قبل أيام. وما زال الطرفان يتبادلان الاتهامات حول المسؤولية عن الدمار الواسع والحريق الذي لحق بالجامع التاريخي، ففيما قال ناشطون ومعارضون إن القوات الحكومية تتحمل المسؤولية عما لحق به من أضرار لأنها اختارت التمركز في منطقة الجامع بسبب موقعه الاستراتيجي وسط حلب، تقول السلطات السورية إن مقاتلي المعارضة هم المسؤولون عن الحريق والدمار الذي لحق بالجامع الأموي، وإن قوات النظام تدخلت لطردهم من المكان بعدما تعرض للتخريب.
والجامع الأموي احدث ضحية للقتال الشرس للسيطرة على حلب القلب الاقتصادي لسورية. وكان السوق التاريخي لحلب قد تعرض يوم 29 أيلول (سبتمبر) إلى حريق هائل خلال القتال بين قوات النظام والمعارضة ما أدى إلى تدمير ما لا يقل عن 500 محل تجاري في الممرات الضيقة المسقوفة، إضافة إلى خسائر مادية تقدر بملايين الدولارات. وخلال المواجهات العنيفة في حلب، باتت المواقع التاريخية في سورية في قلب الخطر لأن قوات المعارضة والنظام اتخذوا منها قواعد للجنود والعناصر المسلحة، بما في ذلك القلاع التاريخية والحمامات التركية القديمة.
وكانت صحيفة «الوطن» السورية أفادت أمس بأن «الجهات المختصة طهرت حرم الجامع الأموي الكبير من المجموعات المسلحة الذين دمروا مدخله الجنوبي المطل على أسواق المدينة القديمة». وأشارت «سانا» إلى أن «اتحاد علماء بلاد الشام» في سورية «نوه» بقرار الأسد تشكيل لجنة خاصة تتولى مهمات إعادة تأهيل وترميم الجامع الأموي الكبير «خلال مدة زمنية وجيزة». وزادت أن اتحاد العلماء «يدين ويجرم باسم العالم العربي والإس لامي الهجمة الكافرة المارقة على الجامع الأموي الكبير في مدينة حلب التي أقدمت عليها (تنظيم) القاعدة» الذي «يتقنع كاذباً بقناع الإسلام».
يأتي الدمار في حلب، فيما يتعرض متحف يضم «اكبر مجموعة من الموزاييك في الشرق الأوسط» وسط معرة النعمان في ادلب شمال غربي سورية لخطر الدمار والنهب بسبب المعارك الضارية في المدينة.
وتقبع سيارة مفتوحة الغطاء محترقة وقد مزقها الرصاص على الطريق أمام البوابة الخشبية للمبنى التي تغطيها زخارف حديدية تعود إلى القرن السابع عشر، كما ذابت كومة من الإطارات القديمة بعد أن اكتمل احتراقها وسط دخان اسود كثيف. ويتولى فتى حراسة المبنى، حاملاً بندقية كلاشنيكوف. وكتبت عبارة «سننتصر» على احد جدران المبنى الذي استولت عليه منذ أسابيع كتيبة «شهداء معرة النعمان» المقاتلة ضد النظام وجعلت منه مقراً لها في المدينة.
وتحت القبة في بهو المبنى ألصقت على الأرض لوحة فسيفسائية للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. وفي المكان، عدد من المقاتلين المعارضين ينتهون من تناول فطورهم مستندين إلى لوحة فسيفسائية رومانية رائعة يبدو فيها ذئب وهو يطارد فريسته.
ويحيط الهيكل بالساحة المرصوفة الضخمة وعليه تيجان الأعمدة الأثرية وتتناثر فيه المكان أغراض الجنود من قوارير بلاستيكية وفرش قذرة وجوارب نشرها الجنود لتجف بالشمس.
وشيد المتحف العام 1665 أبان حكم السلطان مراد الجلبي ليكون استراحة للمسافرين، وقد تبدلت وجهته إلى مقار متعددة، فتحول حيناً إلى ملحق للمسجد الكبير، وسوق، ثم مخزن بسيط قبل أن يصبح متحفاً وطنياً. ولم ينل البناء منذ تشييده سوء، ويبدو المبنى كقلعة جدرانها سميكة وحولها باحة مربعة واسعة في نصفها جامع. وتعرض موجودات المتحف في قاعات تعلوها قبب. وتم جمع عدد كبير من لوحات الموزاييك المكشوفة والمحفوظة منذ قرون والتي تم استحضارها من مملكة أفاميا وأنطاكية القديمة أو من المدن المندثرة.
وتصور هذه اللوحات أنواعاً من الحيوانات ومشاهد الصيد والمآدب، وهي من روائع هذا الفن الذي ولد في أور (العراق حالياً) ثم انتقل إلى اليونان القديمة ثم إلى الامبراطورية الرومانية وبلغ ذروة شهرته أبان الامبراطورية البيزنطية.
كما يعرض المتحف عدداً من الخزفيات والفخاريات والدمى التي تعود إلى ما قبل العصر الإسلامي وبينها ما يعود تاريخه إلى ألفين أو ثلاثة آلاف عام ق.م.، بحسب اللوحات التوضيحية المعلقة في المتحف.
وكان متحف المعرة في عهدة الجيش حتى منتصف آب (أغسطس). ويبرر المقاتلون المعارضون مكوثهم في المتحف برغبتهم في حمايته من «السرقة والنهب والتهريب»، كما يؤكد احد قادتهم أبو هاشم.
ويقول مقاتلون إن بعض القطع المعروضة سرقها عناصر في الجيش النظامي، مشيرين إلى أن مدير المتحف اجرى جردة للقطع المسروقة.
وأشاروا إلى فقدان مجموعة من القطع النقدية التي تعود إلى بداية العصر الإسلامي من إحدى واجهات العرض. لكن البناء وموجوداته التي لا تقدر بثمن ما زالت محفوظة بشكل عام.
وسقطت قنبلة في بداية تشرين الأول (أكتوبر) أطلقتها إحدى مقاتلات الميغ على بعد أمتار من المتحف، ما تسبب بتهدم عدد من الابنية السكنية وقطع عشرات أشجار النخيل في حديقة عامة مجاورة.
وتناثرت قطع زجاج النوافذ وأعالي الأبواب الخشبية في المتحف نتيجة قوة الانفجار، كما هوت المحتويات التي لا تقدر بثمن المعروضة على بعض الرفوف.
وتحطمت تماثيل عدة لآلهات رومانية في ارض واجهات العرض، وتحولت قطع خزفية تعود إلى نحو ألفي عام إلى قطع متناثرة.
كما تحطم عدد من اللوحات الحجرية المنحوتة في المخزن. وتضررت لوحة أو لوحتان من الفسيفساء، فيما لم تصب المخطوطات المحفوظة في المكتبة بسوء.
ولحسن الحظ، فإن لوحات المقابر في الباحة ومجموعة الأبواب المتراصة المصنوعة من حجر البازلت الأسود والتي تعود إلى القرن الثامن للميلاد لم تتحرك من مكانها.
 
تلويح المالكي بـ«حكومة غالبية» يعني مجدداً استبعاد طائفة كبرى
الحياة..بغداد - مشرق عباس
لا يكاد يمضي يوم في العراق من دون إشارة إلى تشكيل حكومة «غالبية سياسية» بديلة لحكومات «المشاركة» أو «الشراكة» أو «المحاصصة» التي تعاقبت على الحكم، وتلك الإشارات تأتي في معرض التلويح أو التهديد من جبهة رئيس الحكومة نوري المالكي، والتحذير والتنديد من أطراف تقف في الصف المعارض.
وبصرف النظر عن أن الدوافع الدعائية للتلويح بـ «غالبية سياسية» لا تمتلك أية فرصة في ضوء الانقسام الحاد والمنهجي في الخريطة السياسية، فإن طرح الموضوع في مناسبات مختلفة وعلى لسان زعماء سياسييّن رئيسييّن بصفته جزءاً من «الإصلاح السياسي» أو لكونه حلاً للاختناق الراهن، أو «وسيلة لتحقيق الأمن والخدمات»، يهمل منظومة كاملة من الأولويات لمرحلة انتقالية متعثرة تعاني انقساماً شديداً على مستويات مختلفة.
ووصم مثل تلك الطروحات بأنها «قاصرة» و «غير منتجة» يقترب من الحقيقة في ضوء الخيارات التي تطرحها. وفي نطاق إهمال الواقع أو حتى اعتباره نتاجاً «عرضياً» للمحاصصة الطائفية والقومية وأن «الأوان حان لإنهاء هذه المرحلة»، بعد تسع سنوات من تورط الطبقة السياسية في تكريس الاستقطاب الطائفي والقومي وتعميق الانقسامات الاجتماعية.
وهذا التبرير الأولي يطرح إشكالية تخص إصرار الوسط السياسيّ العراقيّ منذ عام 2003 على تكريس «قواعد المحاصصة» ومن ثم تأسيس منظومات حكم وإدارة قائمة عليها، وبناء أجندات فكرية وحزبية وأمنية واقتصادية خاضعة لمنطق الاستقطاب، قبل أن تتنبه أخيراً إلى أن مشكلة الحكم في العراق تكمن في «المحاصصة» نفسها.
وأكثر من هذا فإن النخب السياسية ساهمت بنشاط على امتداد الأعوام السابقة بإجهاض أي توجه لتحقيق الوئام الاجتماعي الذي يسمح بولادة تيارات سياسيّة عابرة للطوائف، ومنحت الحكم وصفاً «دينياً» فأصبح «تكليفاً شرعياً» لا «وظيفة دنيوية».
وفي نطاق هذا الفعل التخريبي في صميم البنى الاجتماعية العراقية، والشروخ العميقة التي أحدثتها قواعد الفصل الطائفي والعرقي في الوسط السياسي العراقي نفسه، جاء التخبط في تجربة الحكم ليُفهم من زاوية كونه «اختباراً مذهبياً» أكثر منه «تجربة حزب سياسي»، فبدأ الحديث متواتراً عن فكرة يتم تسويقها ضمنياً في معرض البحث عن أسباب «عرقلة الشراكة السياسية لعمل الحكومة» و «وجود مشاركين في الحكومة معارضين لها»، بأنها لا تخرج، في نهاية المطاف، عن «محاولة طائفة تقويض تجربة حكم طائفة أخرى».
وفي هذه الأجواء الملتبسة حيث يندمج ما هو سياسي بما هو ديني أو عقائدي، ويفسر سلوك الحكومة وسلوك معارضيها بدلالات طائفية أو عرقية، فإن التجارب الانتخابية العراقية جاءت متوافقةً مع مرحلة التخبط السياسي عبر إنتاج «ممثليات» لطوائف، لا لأحزاب بالمعنى الطبيعي المعروف للحزب السياسي.
السيناريوات المطروحة لحكومة «الغالبية السياسية» في العراق، أقلها في الدوائر القريبة من رئيس الوزراء العراقي والمدافعة عن هذا التوجه، تشير إلى توجهين أساسيين:
الاول: محاولة استقطاب «ممثليات مذهبية فرعية» للسُنّةِ والأكراد إلى حكومة الغالبية المقترحة، عبر فتح اتصالات وإبرام اتفاقات مع شخصيات سياسية أو عشائرية أو دينية، لضمان التمثيل المذهبي والعرقي في الحكومة بحدوده الدنيا. ودفع القوى الأخرى الممثلة للسُنّة والأكراد إلى المُعارضة.
وهذا السيناريو يهمل جملة اعتبارات أبرزها، افتراضه ثبات الوزن السياسي للقوى المرشحة للاستقطاب، وتمثيل تلك القوى الفعلي لطوائفها في بلاد أصبح فيها التمثيل الطائفي والعرقي واقع حال.
الثاني: إبرام تحالف شيعي – سنّي أو شيعي – كردي يدفع إحدى الطوائف إلى المعارضة. ما يوقع التجربة برمتها في إشكالية إعادة إنتاج «المحاصصة» على قاعدة ثنائية بديلاً من أن تكون ثلاثية، ناهيك عن المطبات التاريخية الخطيرة التي يُسببها تحويل طائفة إلى معارضة.
ويمكن على أساس هذين التوّجهين، في حال تم التغاضي عن سيناريوات بديلة كحكومة يُشكلها السُنّة والأكراد بالتحالف مع الصدر، أن تُذكّر بنتائج تجربة نظام صدام حسين نفسه في الحرص على إضفاء صفة «التنوع» المذهبي والقومي «الشكلي» في قمة السلطة، فيصبح رئيس البرلمان شيعياً (سعدون حمادي) ونائب رئيس الجمهورية كردياً (طه محيي الدين معروف).
ومع هذا، فإن تلك السياسة لم تنتج قناعة لدى الشيعة والأكراد بالمشاركة في حكم العراق في ظل نظام صدام بل على عكس ذلك، فالطروحات الرئيسة التي قادت إلى إسقاط النظام كانت تركز على مبدأ «المظلومية» لدى الشيعة والأكراد.
المشكلة العراقية من وجهة نظر النخب السياسيّة العراقيّة التي صاغت الدستور وقادت العملية السياسيّة، لم تكمن يوماً في وجود شخصيات بانتماءات مختلفة في رأس السلطة منذ بزوغ الدولة في شكلها الذي أقرته اتفاقية سايس - بيكو، بل في قدرة تلك الشخصيات على تمثيل بيئتها لا بيئة الحاكم وتوجهاته.
وفي سياق الوصف نفسه، فإن السُنّة في العراق ما زالوا يعتقدون أن تجارب الحكم ما بعد عام 2003 «همّشتهم» و «أقصتهم» وأن وجود ممثلين للسُنّة في أعلى مناصب الدولة لم يمنع هذا التهميش والإقصاء، بدليل أنهم باتوا يرفعون شعار «الإقليم السُنّي» بعد ممانعة ورفض مبدأ «الفيديرالية» من أساسه.
في المقابل ما زال الطرف الكردي في العراق يشكو من سياسات الحكومة المركزية، ويتحدث عن ممارسات لإقصائه، ويحذر في شكل يزداد إلحاحاً من المضي إلى إعلان الدولة المستقلة.
وواقع الحال أن شعور مكونات كاملة بـ «الإقصاء» و «التهميش» في غاية الخطورة في حال تم تكريسه على مستوى «حكومة الغالبية» لأنه يثبت من جديد أن الأطراف السياسية العراقية لم تقرأ التاريخ في شكل وافٍ ولم تُحددّ منهجيات أصيلة لتجاوز أخطائه.
 دولة غير مكتملة
الأصل أن الانقسام الاجتماعي في التجارب الديموقراطية المعروفة لم يكن حائلاً دون تشكيل حكومات «غالبية سياسية» وإن كانت تلك الحكومات قد سبقتها تفاعلات ومكابدات، سمحت في نهاية المطاف بتكوّن أحزاب وتيارات عابرة للطوائف، بل إن تشكيل حكومات تعتمد فكرة الغالبية السياسية لا التوافق المكوناتي ساهم إلى حد بعيد في تغيير قواعد العمل السياسي في تلك البلاد، فتغيّرت على أثر ذلك بوصلة الخيارات الانتخابية تدريجاً من الانحياز الديني والطائفي والقومي إلى الانحياز السياسي، ما عُدَّ نوعاً من الشفاء الاجتماعي والمؤسساتي الذاتي.
لكن المشكلة في العراق تتعدى قضية الشروخ الاجتماعية والمكوناتية، نحو استمرار «المرحلة الانتقالية» في عمر الدولة إلى ما هو أبعد من المتوقع لها.
وافتراض أن العراق ما زال يعيش منذ عام 2003 في ظل «المرحلة الانتقالية» تدعمه مجموعة اعتبارات من المفيد التذكير بها:
- إن المنظومة الدستورية التي من المفترض أن يتم إكمالها في المرحلة الانتقالية لم تكتمل، فالدستور العراقي ما زال مختلفاً عليه في أوجه عدة، وهو خاضع للتعديل الإجباري في عدد من المواضع، فيما تعاني المنظومة الرئيسة من غياب القوانين الخاصة بتحقيق العدالة الاجتماعية، وحقوق الأقليات، وسيادة القانون، وتوزيع الثروات، والعلاقة بين المركز والأقاليم، وشكل الحكم، وآليات اتخاذ القرار، وصلاحيات السلطات التنفيذية، والأحوال الشخصية، وإدارة العلاقات الخارجية، وتصفية تركة النظام السابق، وإلغاء قوانين الحاكم الأميركي بول بريمر وغيرها... ما زالت غائبة ومختلفاً عليها وهي مببررات دائمة للنزاع.
- يعيش العراق في حالة «حرب» في الواقع، فهو من جهة ما زال يواجه تحديات أمنية كبيرة، تتمثل باستمرار فاعلية المجموعات المسلحة التي تنتمي إلى بيئات اجتماعية مختلفة، وفي العادة تخوض الشعوب حروبها في نطاق تضامن داخلي ومن دونه لا يمكن أن تحلم بسلام اجتماعي طويل المدى.
- إن المتغيرات الإقليمية ومستوى الشدّ المذهبي الذي غلف الصراع الإقليمي، تفرض على العراق حماية توافقاته الداخلية الهشّة، ما يستدعي المزيد من التركيز على عبور المرحلة بأقل الخسائر، وعبر مستويات معقولة من التضامن السياسي. وعلى هامش كل تلك الاعتبارات، التي تحول دون حكومة «غالبية سياسية» فإن طبيعة الأداء السياسي للنخب العراقية الحاكمة لا تشير إلى تبنيها منهجاً تصالحيّاً، مثلما أن أسلوب تشكيل القوى العراقية لا يشير إلى تبنيها برامج وأفكاراً تبتعد عن مبادئ «الدفاع عن الطائفة» ضمناً أو علناً.
 حكومة للإصلاح
الحكومة المقترحة لا تُطرح بالطبع بصفتها حكومة «غالبية مذهبية أو عرقية» بل إن المدافعين عنها يتحدثون عن فشل حكومة «الشراكة» الحالية في تحقيق الأمن والخدمات، وإن تحميل طرف واحد مسؤولية إدارة الحكومة واختيار وزرائها واتخاذ قراراتها في مقابل معارضة برلمانية قوية هو الحل الأمثل لحل الانتكاسات الحالية.
ويبدو هذا الطرح للوهلة الأولى منطقياً، ولكنه يهمل حقائق على الأرض من الضروري التذكير بها:
- حكومة الشراكة ليس لها يد من قريب أو بعيد بملف الأمن الذي تحمّل مسؤوليته رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي، بقيادته وزارات الداخلية والدفاع وجهاز الاستخبارات ووزارة الأمن الوطني والاستخبارات في شكل مباشر عبر مكتبه أو عبر وزراء بالوكالة اختارهم بنفسه.
- إضافة إلى الأمن يتحكم نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني وهو حليف مباشر للمالكي وأحد قادة كتلته بملفي النفط والكهرباء.
- يدير المالكي ملف العلاقات الخارجية في شكل مباشر أيضاً، على رغم أن وزير الخارجية هوشيار زيباري كردي، فعلاقات العراق الخارجية لا تُعبر عن توجهات الأكراد أو طروحاتهم أو حتى علاقاتهم التي تبدو في كثير من الأحيان مختلفة تماماً عن علاقات الحكومة المركزية كما هي الحال في طبيعة العلاقة مع تركيا وعدد من الدول العربية.
- ملف الخدمات في العراق مشكلة مؤسساتية الطابع في الأساس، فهو يخضع لمنظومات فساد إداري ومالي هائلة تمتد في جذورها إلى العقدين الأخيرين من حكم نظام صدام حسين، ولم تعدْ تستثني حزباً أو تياراً في الوسط السياسي العراقي، ولا يمكن أي جهة التأثير في إيقافها. وأكثر من هذا فإن الفساد الذي يقف حائلاً أمام تحقيق الخدمات الأساسية يحتاج إلى تضامن سياسي واسع النطاق لاقتلاعه بشجاعة من جذوره.
ويمكن التذكير في هذا الصدد بامتناع البرلمان العراقي عن تمرير قانون «البنى التحتية» الذي يفترض أن يسمح لحكومة المالكي والتي تليها باستثمار نحو 39 بليون دولار في مجال الخدمات والإسكان بطريقة الدفع بالآجل، وإن ذلك الامتناع كان دافعاً لتجدد الحديث عن حكومة الغالبية.
والربط بين «حكومة الغالبية» و «قانون البنى التحتية» محيّر في الحقيقة، فإذا كان شركاء المالكي في الحكومة امتنعوا عن تمرير القانون واعتبروا أنه سيخضع للفساد وسيستعمل لدعم طرف سياسي على حساب الأطراف الأخرى، فكيف يمكن افتراض أن هذه الأطراف نفسها يمكن أن تمرر القانون عندما تكون في المعارضة؟
في المحصلة، فإن الحديث عن إنهاء مرحلة «التوافق - المحاصصة» الحالية بصرف النظر عن التسميات التي تسبغ عليها، يتطلب رؤية تعبر على المماحكات والمساومات السياسية التي تجرى اليوم، لتندرج ضمن خطة عمل واستراتيجيات واضحة الملامح ومتفق عليها تنقذ البلاد من نكساتها وتنهي مراوحتها في المرحلة الانتقالية.
وواقع الحال، أن لا إصلاحات قانونية أو سياسية أو مؤسساتية أو اجتماعية تلــوح فــــي الأفق، تُبشر بممارسة سياسية عراقيـــة تنسجم مع المألوف الديموقراطي.
 
العراق: أسعار آلات الموت ترتفع وأعتدة ضخمة تتنقل بين الطوائف وإلى سورية
الحياة...بغداد – علي السراي
ما الذي أشعل سوق السلاح في العراق منذ آب (أغسطس) الماضي؟ بندقية الـ «كلاشنيكوف» بيعت بـ 2000 دولار، في حين وصل ثمن الـ «بي كي سي» إلى 3000 دولار.
وعلى رغــم أن مصادر أمنية عراقية أبلغت «الحياة» أن حركة بيع السلاح تراجعت في جنوب البلاد ووسطها منذ نهاية أيلول (سبتمبر)، على خلفية فتاوى تحريم من رجال دين شيعة، إلا أن مهمة «حصر السلاح بيد الدولة»، ورمز دعايتها المرافقة «يداً بيد .. لا سلاح باليد»، صارت محل شك، فبعد مرور أربع سنوات على حملة «صولة الفرسان»، التي حصدت في العام 2008 كميات من العتاد والسلاح، لا يملك أحد في العراق يقيناً بـ «أرضٍ نظيفة» من أدوات القتل.
الجهة التي ذهب إليها السلاح على مراحل لم تزل لغزاً عند السلطات، وفي العموم فإن فتاوى التحريم الشيعية جاءت لمخاوف من فرضية أن يكون السلاح وجد طريقه إلى المعارضة السورية. لكن مصادر أمنية قالت - في فرضية ثانية -، إن جماعات عراقية مسلحة تتمركز شمال العاصمة بغداد هي التي حصلت على سلاح الجنوب، وإن الأمر أشبه بخديعة بين الفرقاء العراقيين لنقل السلاح من مكون إلى مكون آخر. ولاحقاً دلّت هجمات مسلحة وأعمال عنف في شهر أيلول (سبتمبر) وقعت في كركوك والموصل وديالى وبغداد، على أن الفرضية الثانية أقرب إلى الواقع.
لكن من أين جاء السلاح؟ وكيف تم نقله؟
 قبائل ووسطاء
في الناصرية (جنوب) كانت الشرطة العراقية تشدد قبضتها على مداخل المدينة، منذ تفاقم بيع السلاح مطلع آب. يقول مصدر مقرب من أجواء تلك الصفقات، إن «وسطاء يجلبون قطع السلاح من قبائل في أطراف المدينة، ويجهزون كميات منها لزبائن مجهولين» .
وحازت قبائل عراقية على كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة من مستودعات عسكرية تركها الجيش العراقي في أثناء الغزو الأميركي للبلاد، وصار صعباً على السلطات لاحقاً سحب السلاح من الأفراد، وتفاقم الأمر يوم حلَّ الحاكم المدني الأميركي للعراق الجيشَ، الذي تصرف أفراده بما يحوزون عليه من عتاد، فوجد طريقه لأحزاب وجماعات متنوعة.
أما الوسيلة التي نُقل عبرها السلاح، فيقول المصدر إن «حمولات اجتازت نقاط تفتيش عسكرية عبر مرورها بحافلات لنقل الركاب». لكن لا معلومات مؤكدة بشأن الجهة التي وصلت إليها الأسلحة.
وتفرض قطعات من الجيش والشرطة الاتحادية إجراءات أمنية مكثفة على الطرق التي تربط بين المحافظات، ومن ظاهر تلك الإجراءات يبدو صعباً التأكد من مرور الأسلحة عبر نقاط التفتيش.
«لقد أبلغونا بأن الأمر خطير جداً (...) السلاح يهاجر نحو الشمال»، هذا ما قاله ضابط في الشرطة لـ «الحياة»، ويرى أن مطلع آب (أغسطس) كان شهراً مضطرباً جداً، وكانت القيادات العسكرية في الميدان لا تخفي قلقها من أخبار بيع السلاح وشرائه. ولا ينكر أن «فتاوى دينية خففت من حرارة سوق السلاح».
مع ذلك لم تكن السلطات العراقية مطمئنة لنجاعة الخطط الأمنية، فأوفدت منذ العاشر من آب (أغسطس) الماضي مسؤوليها إلى مجالس القبائل، في محاولة لقطع تمويل السوق من مصدر الأول.
وحاول الموفدون إقناع شيوخ تلك القبائل ورجالها بأن السلاح الذي يباع بأثمان باهظة قد يكون سبباً لتشكيل جيش عراقي على غرار الجيش الحر في سورية.
وكان التيار الصدري وقوى شيعية أخرى يتبنى هذه الفكرة، وتوقع في آب (أغسطس) أن تكون عمليات شراء الأسلحة من مواطني وسط العراق وجنوبه خطوة أولى لتشكيل جيش من الإسلاميين في العراق.
القوى السياسية الشيعية في البلاد تعتقد أن الحدود مع سورية واسعة ولا تمكن السيطرة عليها، وأن سكان المناطق المحاذية لها يرغبون في تقديم المساعدة إلى الثوار هناك، لذا أقدموا على خزن السلاح لديهم.
لكن مؤشرات أخرى لا تخدم هذا الافتراض، ففي العشرين من آب قالت مصادر أمنية في محافظة ديالى المحاذية لإيران، إن أجهزة الأمن سجلت ارتفاعاً كبيراً في معدلات شراء الأسلحة. ويبدو أن الجماعات المسلحة في هذه المناطق فقدت الكثير من عتادها، كما تقول بيانات رسمية بأن حملات دهم وتفتيش أسفرت عن ضبط أكداس كبيرة منه، وقد يكون هذا سبباً لشراء المزيد منه من مواطني الجنوب، لتعويض الخسائر.
 سلاح لحرب الطوائف
وبصرف النظر عن وجهة السلاح، سواء سورية أم الداخل العراقي، فإن اشتعال سوقه بطريقة سريعة ومفاجئة، يكشف مجدداً انتشار السلاح خارج نطاق الدولة.
وكانت الحكومة العراقية سمحت في أيار (مايو) الماضي لمواطنيها، في قرار مثير للجدل، بـ «امتلاك سلاح فردي واحد لكل بيت»، واشترطت «تسجيله عند مراكز الشرطة».
وللعراق قانون ينظم اقتناء السلاح صدر في العام 1992، وحظر حمل الأسلحة الحربية أو الاتجار بها أو حتى إصلاحها من دون ترخيص، وتوعد المخالف بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات أو بغرامة مالية.
وفي أثناء الحرب الأهلية في البلاد (2005 – 2006)، شجعت السلطات المواطنين على تسليم الأسلحة، وحدث أن تطوع العشرات لفعل ذلك مقابل مكافآت مالية، لكنهم تراجعوا لشعورهم بأن دورة العنف في البلاد لم تكتمل بعد.
عمليات بيع السلاح انخفضت إلى حد ما في الجنوب، على خلفية مخاوف شيعية من أن تكون من دون سلاح، وأن تمنحه مقابل المال لجماعات سنية، هذا ما يقوله مصدر سياسي من النجف (جنوب)، وكذا الحال عند سكان المناطق السنية، فهم يخفون أسلحتهم في مخابئ تقليدية بعيداً من أنظار الحكومة. يقول ضابط في الجيش العراقي لـ «الحياة»، إن عمليات ضبط السلاح حدث روتيني.
وعلى الرغم من أن ظاهرة امتلاك السلاح عند العراقيين ليست جديدة، لكنها اليوم تكتسب خصائص سياسية وعرقية تفيد بفقدان ثقة بين المكونات، وهنا يكون السلاح تأميناً على الحياة، وأداة فاعلة لضمان بقاء الأقوى.
 
دخول السلع السورية العراق يستنزف مخزون دمشق
الحياة...بغداد - نصير الحسون
أدى قرار الحكومة العراقية في 18 أيلول (سبتمبر) الماضي السماح باستئناف دخول البضائع السورية، إلى استنزاف ما تبقى من مخزون الصناعة في سورية، وذلك بعد توقف دام أكثر من شهرين، كما أكد أكبر المستوردين العراقيين. وقال رئيس المجلس البلدي لقضاء القائم في الأنبار ناظم البردان «الحكومة العراقية سمحت باستئناف الحركة التجارية ودخول الشاحنات المحملة بالبضائع والمنتجات السورية إلى العراق عبر المنفذ، والحركة لن تعود كما كانت بسبب الأوضاع الأمنية المضطربة في سورية».
وأوضح، أحد أكبر المستوردين من سورية حسن الدهلكي، في تصريح الى «الحياة»، أن «فترة توقف الحركة التجارية بين البلدين، التي دامت أكثر من شهرين، بعد اندلاع الأحداث الأمنية في سورية، تسببت بأزمة حادة في السوق العراقية ورفعت قيمة البضائع أضعافاً». ولفت إلى أن «الصناعة السورية تنفرد بتأمين ما يعرف بالمواد الأولية لصناعات يحتاجها المستهلك سواء العراقي أو التركي، ومنها الصناعات القطنية والصوفية والأغذية ومواد أولية داخلة في صناعة الجلود والمطيبات ومساحيق الغسيل وألبسة الأطفال والصناعات الجلدية».
وأشار الى أن معظم الصناعات السورية حالياً متوقف، وما يدخل إلى العراق هو عبارة عن شحن ما هو موجود في المخازن، مضيفاً «بعد فشل المُصنع السوري في إنهاء مراحل تصنيع بعد المنتجات، اضطررنا إلى شرائها من دون تغليف، وعندما عرضناها في السوق لم نتمكن من بيعها لأن تجار التجزئة تخوفوا من أنها بضائع مقلدة، وهنا اتفقنا مع المصنع السوري على إتمام تغليفها وعمليات التعبئة داخل العراق وبالماركات السابقة ذاتها، ما زاد من تكاليفها وأسعارها».
ولفت إلى أن من أبرز هذه البضائع مادة التبغ المستخدم في النارجيلة، وقد تصل قيمة المستورد فقط لفئة السجائر وتبغ النارجيلة إلى نحو بليون دولار سنوياً. وأوضح الدهلكي أن حجم التبادل التجاري بين البلدين تراجع 80 في المئة، متمنياً انتهاء الأحداث في سورية لأن إيجاد بديل لتأمين ما تحتاجه السوق العراقية صعب جداً».
وكان الملحق التجاري في السفارة العراقية في دمشق أحمد جواد كرمش الزبيدي أكد أن «العلاقات التجارية بين سورية والعراق أخذت خلال السنوات الأخيرة منحى تصاعدياً، والبيانات الإحصائية أظهرت وصول التبادل التجاري إلى خمسة بلايين دولار عام 2011، وكان الهدف أن يبلغ سبعة بلايين دولار لولا اندلاع الأحداث».
وأكد أحد رجال الأعمال السوريين، باقر الشامي، الذي زار محافظة واسط نهاية الأسبوع الماضي وناقش مع المحافظ مهدي علي الزبيدي إمكان حصوله على موافقة للبدء بمشاريع استثمارية صناعية في المحافظة، أن «معظم رؤوس أموال المصنعين السوريين لم تكن أموالاً مودعة في مصارف بل هي بضائع غالبيتها متجهة إلى بغداد، وهذا ما ساعدنا على حمايتها، فقمنا خلال تردي الأوضاع الأمنية بنقل كل منتجاتنا إلى شركائنا العراقيين ليضعوها في حسابات داخل مصارف عراقية، وحالياً هي تحت تصرفنا».
وأضاف: نحن نحاول استثمارها في العراق بأي صيغة، ووجدنا أن عملية العودة إلى بناء قاعدة صناعية أمر صعب، على رغم أن شركاءنا طلبوا منا نقل أصول صناعتنا إلى العراق وربما ينفع ذلك مع بعض الصناعات، لكن بعضها الآخر مترابط، كما هي حال الصناعات القطنية، فكنا نعتمد على المنتج الوطني من القطن لكن العراق يعتمد على الاستيراد».
وأوضح أن «معظم رجال الإعمال السوريين انتقلوا إلى دول الجوار مثل الأردن والعراق وتركيا ولبنان، وهم لا يريدون استثمار أموالهم في مشاريع طويلة الأمد بل سريعة، وأنا أبحث عن فرصة للحصول على عقد سريع لبناء مستشفى أو تأهيل أبنية وغيرها».
 
الدوحة تعد ميقاتي باستثمارات ذات جدوى وتحذير دولي من تبعات طائرة «حزب الله»
الدوحة – محمد المكي أحمد؛ بيروت، نيويورك - «الحياة»
أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أن زيارة الرعايا القطريين للبنان قيد البحث، لافتاً الى أن هذا الموضوع (قرار عدم سفر القطريين الى لبنان) «لا يقصد به لبنان ولكن ظروفاً محددة بسبب الوضع الحالي»، مشيراً الى التقدم الذي حصل في لبنان في هذا الخصوص.
جاء كلام حمد بن جاسم أثناء مؤتمر صحافي مشترك عقده في الدوحة مع نظيره اللبناني نجيب ميقاتي الذي زار قطر أمس على رأس وفد وزاري، واجتمع مع أمير الدولة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
وفيما طمأن ميقاتي اللبنانيين المقيمين في قطر الى حرص أمير قطر على بقائهم وتوافر كل سبل الراحة والاستقرار لهم، نقل مكتبه الإعلامي عن الشيخ حمد بن خليفة تأكيده أن «لا مشكلة بين لبنان وقطر بل حرص على أفضل العلاقات بين البلدين وعلى تطويرها في المجالات كافة».
وقال رئيس الوزراء القطري إن من المهم أن يكون هناك دعم للبنان في هذا الظرف وإن بلاده «مستعدة للتجاوب مع أي اقتراحات لحلحلة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في لبنان... ولدينا التزام أدبي تجاه لبنان قبل اتفاق الدوحة وأكثر بعده». وأوضح أن «البحث تناول نقاطاً عدة منها الاستثمارات المشتركة، وأكد أن قطر جاهزة لأي مشاريع ذات جدوى اقتصادية في لبنان».
أما ميقاتي فقال إنه «لمس رغبة قطرية في الاستثمار في لبنان وأنه شرح لأمير قطر سياسة النأي بالنفس التي تتبعها حكومته ولا تعني النأي بالنفس عن المواضيع الإنسانية تجاه الشعب السوري»، مؤكداً أن «لبنان يقوم بواجبه كاملاً في ما يتعلق بالنازحين السوريين». وأشار الى أنه تحدث «بما نريده من مساعدات في ما يتعلق بالمستلزمات الإنسانية ووجدت لدى الحكومة القطرية كل الاستعداد للمساعدة».
وفي بيروت، أعلن وزير الداخلية مروان شربل أن هناك عناصر أمنيين (في قوى الأمن) متواطئون مع السجناء الفارين من سجن رومية. والثلاثة الفارون «سيعودون الى السجن مع العناصر الذين سهلوا مهمتهم وسيكونون معاً فيه». وكشف أن السجناء الثلاثة «فروا بتزوير بطاقات شخصية بالتواطؤ»، مؤكدا «ان الحساب سيكون كبيراً هذه المرة».
وأدى التحقيق الجاري في القضية الى إحالة 11 عنصراً في قوى الأمن وضابطين الى النيابة العامة العسكرية، بعد أن كانوا أوقفوا السبت والأحد الماضيين. وأمس أوقف المحقق 3 مراقبين مدنيين بتهمة التواطؤ مع الفارين وادعى على أحد الأطباء من دون توقيفه بتهمة التقصير. وتحدثت مصادر قضائية عن وجود تزوير في السجلات عن السجناء الثلاثة الفارين الذين كانت أسماؤهم تذكر فيها، بينما هم كانوا فروا من السجن.
الى ذلك، استمرت قضية طائرة الاستطلاع المتطورة «أيوب» التي أعلن الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله أن الحزب أطلقها في أجواء فلسطين المحتلة وأسقطتها إسرائيل، في التفاعل على الصعيد الداخلي. وقالت مصادر رسمية لـ «الحياة إن ميقاتي أبلغ رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنه سيتخذ موقفاً شبيهاً بالموقف الذي اتخذه حين اعتبر أن «عملية الطائرة تثبت الحاجة الى استراتيجية دفاعية تنظم الإفادة من قدرات المقاومة للدفاع عن لبنان ووضع آلية لإصدار القرار بما يتلاءم مع خط الجيش واحتياجاته والمصلحة الوطنية حصراً». وكانت مصادر وزارية توقفت عند موقف وزير الخارجية عدنان منصور أول من أمس بأن لبنان سيتحمل عملية الطائرة، باعتباره مناقضاً لموقف الرئيس سليمان.
وأعلن المكتب السياسي لحزب الكتائب بعد اجتماعه مساء أمس رفضه «تعريض لبنان لمغامرة جديدة في لحظة داخلية وإقليمية ودولية في غاية الدقة» ودعا الحكومة الى اتخاذ موقف جريء من تبني «حزب الله» إرسال الطائرة الى الأجواء الإسرائيلية. واعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بعد ترؤسه اجتماعاً لتكتل نواب «القوات»، إن إرسال الطائرة لا علاقة له بأي من الشعارات التي يسوقها «حزب الله» وينطوي على رسالة إيرانية مباشرة الى إسرائيل والدول الغربية.
وفي نيويورك، حذرت الأمم المتحدة والدول الغربية وإسرائيل من تبعات اختراق «حزب الله» بطائرة من دون طيار الأجواء الإسرائيلية. واعتبر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان أن «الأمر يشكل تطوراً خطيراً»، مشيراً الى إعلان وزير الخارجية اللبناني «تحمل لبنان مسؤولية أعمال حزب الله لأن لبنان في حالة مواجهة مع إسرائيل». ودعا «حزب الله» الى احترام سياسة النأي بالنفس التي «أعلنتها الحكومة التي هو جزء منها».
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، في جلسة لمجلس الأمن عن الوضع في الشرق الأوسط، إن على المجتمع الدولي أن «يواجه إرهاب حزب الله الذي أصبح جزءاً من آلة القتل التي يستخدمها الرئيس السوري بشار الأسد ضد شعبه». وأضافت أن «دعم حزب الله الفاعل والمتنامي لحرب الأسد تجعل ادعاء حسن نصرالله بالدفاع عن مصالح لبنان الوطنية ليس أكثر من خداع». وقالت إن «قائد الحزب يحاول تغيير الموضوع من خلال التصعيد الخطابي حول ما يسميه مقاومة ولكن الحقيقة الآن هي أن مقاتلي نصرالله هم جزء من آلة الأسد للقتل وقادة الحزب يواصلون من خلال العمل مع إيران دعم ديكتاتور خطير ويائس».
ودعت رايس المجمتع الدولي الى «مواجهة نشاطات حزب الله الإرهابية والعمل أكثر على فضح تورطه في حرب الأسد»، موجهة التحية الى الحكومة والجيش اللبنانيين اللذين يعملان على «الحفاظ على النظام» مؤكدة التزام الولايات المتحدة «لبنان سيداً مستقراً».
 
أزمة اليسار الإسرائيلي: الغالبية تراه معسكراً «أكل الدهر عليه وشرب»
الحياة..الناصرة – أسعد تلحمي
أكدت نتائج استطلاعات الرأي العام في إسرائيل والتي نشرت الأسبوع الماضي غداة إعلان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو تبكير موعد الانتخابات العامة إلى كانون الثاني (يناير) المقبل، من جديد عمق الأزمة التي يعيشها اليسار الإسرائيلي منذ عام 2000 واستحالة أن يُغري الإسرائيليين بأنه بديل لحكم اليمين المتشدد بزعامة نتانياهو، إذ تبين أن حزب «العمل» الذي يعتبر إسرائيلياً أنه يساري و«قائد معسكر السلام»، سيحصل في أحسن الأحوال على 20 مقعداً في الكنيست المقبلة، وأن حزب «ميرتس» اليساري سيفوز بـ 3-4 مقاعد فقط، أي أن تكتل اليسار الصهيوني لن يحوز على أكثر من 20 في المئة من مقاعد الكنيست، بينما ستشكل مقاعد اليمين 55 في المئة من المقاعد الـ 120 على الأقل (16 في المئة للوسط، و9 في المئة للأحزاب العربية).
ويعتبر البعض أزمة «العمل» أيديولوجية تمثلت أساساً في فشله في إقناع الإسرائيليين بأجندته الداعية إلى «حل الدولتين»، خصوصاً بعد فشل مفاوضات «كمب ديفيد» عام 2000 واندلاع الانتفاضة الثانية التي أسدلت الستار على حكومة زعيم الحزب إيهود باراك بعد أقل من عامين على ولايته، وجاءت بزعيم «ليكود» آريئل شارون رئيساً للحكومة لخمس سنوات متتالية. كما ساهمت العمليات التفجيرية في أنحاء إسرائيل في العامين 2002-2003 في تعزيز نفوذ اليمين الإسرائيلي وانحسار شعبية «العمل» تباعاً إلى أدنى تمثيل عرفه في تاريخ الكنيست (13 مقعداً) على رغم تناوب خمس شخصيات على زعامته خلال أقل من عقد من الزمن. وكان اليسار الإسرائيلي بزعامة زعيم «العمل»، رئيس الحكومة السابق اسحق رابين حصد عام 1992 نحو 49 في المئة من الأصوات تراجعت عام 2009 إلى 29 في المئة.
وكان باراك دق المسمار الأخير في نعش الحزب قبل أقل من عامين حين تنازل عن زعامته له وانشق عنه وأربعة نواب آخرين شكلوا حزب «عتسمؤوت» وتركوا «العمل» مع ثمانية مقاعد، فاعتبره معلقون «حفّار القبر».
وعلى رغم أن استطلاعات الرأي الأخيرة تتنبأ باستعادة الحزب بعض عافيته وفوزه بنحو 20 مقعداً في الانتخابات المقبلة، إلا أن هذا الارتفاع يعود إلى سببين: الأول تبني زعيمة الحزب شيلي يحيموفتش أجندة اجتماعية – اقتصادية على حساب تهميش الملف الفلسطيني – الإسرائيلي، والثاني عودة ناخبي الحزب الذين انتقلوا إلى «كديما»، وليس على حساب اليمين.
ولا تبشر نتائج بحث عن مآل اليسار الإسرائيلي نشره أخيراً «مركز التجدد الديموقراطي»، خيراً لمستقبل اليسار الإسرائيلي، إذ أظهرت أن الصورة المرتسمة لليسار الإسرائيلي تفيد أنه يعاني تآكلاً كبيراً في الرأي العام ومن صورة مهزوزة «بل كَمَن أكل الدهر عليه وشرب»، وأنه ليس جدياً، وهو غير موثوق ومتعالٍ ونخبوي لا يملك الأجوبة على مسائل الأمن القومي لإسرائيل.
ولعل المعطى الأبرز الذي جاء به الاستطلاع الذي شمل ألف شخص من الأعمار المختلفة، أنه على رغم أن 60 في المئة من الإسرائيليين يرون أن «الدولة حادت عن طريقها الصحيح» في مقابل 25 في المئة فقط يرون أنها تسير في الدرب الصحيح، إلاّ أن 53 في المئة يعتقدون أن اليمين هو القادر على تصريف أمور الدولة في شكل جيد في مقابل أقل من الثلث منحوا اليسار هذه القدرات.
وأفاد الاستطلاع أن المشكلة الرئيسة التي يعانيها اليسار هي في أوساط الشباب، إذ أن ربعهم فقط يملك رأياً إيجابياً عنه في مقابل ثلثين لديهم نظرة سلبية عنه. وعزا باحثون هذه النتيجة إلى حقيقة أن هذه الشريحة (18-28 سنة) فتحت عينيها على حكم اليمين من دون أن تقتنع بالخيار الذي يقترح اليسار. لكن هذه الأرقام لا تختلف كثيراً في أوساط من هم بين 30-40 سنة. ويسوء وضع اليسار حين يُسأل الشباب عن الأوضاع الأمنية، إذ يعتقد 28 في المئة فقط أن اليسار يملك حلولاً جيدة للتحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل.
وفي قراءة للنتائج، رأى باحثون أن الجيل الحالي من الإسرائيليين لم يعد يولي الاهتمام للقيَم الجيدة التي قام عليها اليسار، ولا لـ «التكافل والوحدة القومية التي حلت محلها الانفرادية والنفعية وحب الذات والانغلاق والبلادة تجاه الغير». ورأى أحدهم أن جل ما يقوم به اليسار الإسرائيلي هو التوقيع على عرائض وتنظيم تظاهرات من دون أن يكون لديه برنامج عملي لحل مشكلات المواطن اليومية وتطلعاته الحقيقية، «وقد فشل فشلاً ذريعاً في بناء واقع بديل للحكم المسيطر أو في فرض إصلاحات جوهرية على نظام الحكم، وطالما تمرّغ في وحل القيم والأيديولوجيا فإنه لن تقوم له قائمة».
وأضاف أن الاستطلاع أظهر أن الإسرائيليين باتوا يقسمون الخريطة السياسية إلى معسكرين رئيسيين يتماثلون مع أحدهما، الأول يمثل روح الليبرالية والتنور والعصرنة ويعتبر الديموقراطية منظومة قيم تبلور الشخصية ويواجه الواقع بأفكار خلاقة، بينما الثاني يضم كل القوى التي تعتبر الديموقراطية وسيلة لتحقيق غالبية القرارات «ذات أهداف قبلية ودينية ومسيحانية وقومية متطرفة ويواجه الواقع من خلال التجلي الإلهي». وأضاف أن مشكلة اليسار ليست في البحث عن أجندة سياسية أمنية واجتماعية – اقتصادية، إنما في كيفية بناء مجتمع يحل المشاكل، و«عندما يتم تحقيق ذلك، يمكن إيجاد الأجوبة الملائمة للمشاكل والمسائل التي تشغل بالنا».
على رغم ذلك يستمد أصحاب المركز بعض التفاؤل من أرقام أخرى جاء بها الاستطلاع، في مقدمها أن 52 في المئة يرون أن اليمين يعمل لمصالح خاصة على حساب غالبية الإسرائيليين، وفقط 42 في المئة قالوا إن اليمين يملك حلولاً جيدة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
وخلص أحد المعلقين إلى القول إن الجمهور الإسرائيلي لم يتحرك نحو اليمين، بل الأصح القول إنه هرب من اليسار. ويضيف أن مصوّت اليمين على أحزابه المختلفة، يعرف مسبقاً أنه يصوت لمعسكر سيقوده نتانياهو بل يمكنه أن يتوقع تشكيلة الحكومة المقبلة وبرنامجها، بينما اليسار لا يطرح على الناخب أجندة واضحة، ولا تشكل أحزابه معسكراً سياسياً موحداً، بل ترفض الالتزام مسبقاً بأنها تكون في المعارضة لنتانياهو، ما يعني أن هذه الأحزاب تعطي عملياً الشرعية لنتانياهو. وختم قائلاً إن عودة اليسار قوةً مركزية في الشارع الإسرائيلي تتطلب ليس فقط إعادة بلورة البرنامج القائم، إنما طرح سياسة موثوق بها في المسائل المركزية تتيح أن يصبح اليسار عاملاً حيوياً وأميناً في الشارع الإسرائيلي.
 

 

الورقة الكردية بيد الأسد: أردوغان يفكر مرتين قبل التدخل في سوريا
موقع إيلاف...عبدالاله مجيد       
تتشعب الأزمة السورية وتتداخل فيها أوراق عديدة، خصوصًا الورقة الأكثر تأزيمًا على الملعب التركي السوري، إذ يعرف الأتراك أن الأسد يؤلّب الأكراد ضد الحكومة التركية، في سياسة مدروسة لتجنب أي تدخل عسكري تركي في النزاع، قد يقلب المقاييس، لكنه سيكلف تركيا الكثير.
عبد الاله مجيد: يبدو أن الاحتمالات التي تنذر بامتداد حريق الأزمة السورية إلى دول الجوار تزداد يومًا بعد آخر. ففي تركيا تحديدًا، تنتشر قوات المشاة على ضفتي نهر العاصي، الذي يعبر السوريون الهاربون من القتال مياهه العكرة بزوارق صغيرة، وفوق رؤوسهم تحوم الطائرات التركية.
ويرى العديد من المراقبين أن الحدود التركية – السورية، التي تمتد نحو 900 كلم، أصبحت برميل بارود، يخشى كثيرون أن يفجّر حربًا إقليمية لا أحد يريدها. وتجد تركيا نفسها تبذل معظم الجهود الدولية لمواجهة نظام الرئيس بشار الأسد، وهددت سلسلة الحوادث الأخيرة بين البلدين بتصدير النزاع السوري خارج حدوده، وجرّ لاعبين آخرين إلى الصراع.
طائرة الأزمة
شهد الأسبوع الماضي تصعيدًا جديدًا في حدة التوتر، أقحم قوة عظمى هي روسيا بعدما اعترضت المقاتلات التركية طائرة مدنية سورية آتية من موسكو، أجبرتها على الهبوط في تركيا، بدعوى أنها كانت تنقل معدات عسكرية إلى دمشق. اثار الحادث غضب روسيا، شريك تركيا التجاري، الذي أخذت أنقرة تغازله بعد عقود من العداء في فترة الحرب الباردة. واتخذت واشنطن جانب تركيا بوصفها الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي.
جاء حادث الطائرة بعد نحو اسبوع على القصف المتبادل عبر الحدود، وقرار البرلمان التركي تفويض الجيش التركي بتنفيذ عمليات عسكرية خارج حدود تركيا. واشتدت لهجة الجانب التركي، مع دفع دبابات ومدافع وقوات مشاة ومضادات جوية إلى الحدود. واعلن رئيس الاركان التركي الجنرال نجدت اوزيل خلال زيارة للقرية التي قُتل فيها خمسة مدنيين بقذيفة سورية أن تركيا مستعدة للرد على النيران بأقوى منها.
سوء تقدير تركي
كان من المحتم أن تجر اهمية سوريا الجيوسياسية في قلب منطقة قابلة للاشتعال لاعبين آخرين أقوياء إلى دائرة النزاع، لديهم مصالح متنافرة. وبالنسبة إلى تركيا، فإن ما يجري جنوب حدودها يؤثر فيها أكثر من أي بلد آخر، لكن ذلك لم يمنعها من الدعوة مرارًا إلى تنحي الأسد، وتقديم المساعدات إلى المعارضة المسلحة التي تقاتل قوات النظام السوري، واستضافة أكثر من 100 الف لاجئ سوري نزحوا هربًا من القتال في بلدهم.
ويعتبر مراقبون ان النزاع السوري تحول منذ فترة إلى حرب بالوكالة بين النظام السوري وحليفيه روسيا وايران من جهة، والمعارضة السورية مدعومة من تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ودول خليجية من الجهة الأخرى.
وكانت تركيا التي بدأت حديثًا بالوقوف ضد حليفها السابق، متوقعة سقوطه بسرعة نسبيًا كما سقط حكام استبداديون من قبله في ثورات الربيع العربي. لكن ذلك لم يحدث، واصبحت الأراضي التركية منطلقًا لعمليات المعارضة السورية المسلحة، ومركزًا لوجستيًا لامداد مقاتليها.
وترى تركيا انها وصلت الآن إلى نقطة اللاعودة. فقد نقلت صحيفة لوس انجيليس تايمز عن الباحث سونر جاغابتاي من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قوله "إن تركيا اصبحت رأس حربة المجتمع الدولي في معارضة الأسد، وإذا كان ثمة بلد لا يستطيع التعايش مع الأسد بعد اليوم فهذا البلد هو تركيا".
خشية المستنقع السوري
بالرغم من التصريحات النارية التي أدلى بها رئيس وزراء التركي رجب طيب اردوغان، فهناك قلق يسود تركيا من اتساع رقعة النزاع السوري اقليميًا. واظهرت استطلاعات الرأي ان الاتراك يعارضون بقوة الدخول في حرب مع سوريا. ويخشى كثير من الاتراك ان يكون بلدهم وحيدًا في موقفه من النظام السوري، بما ينطوي عليه هذا الموقف من مخاطر في منطقة متفجرة، حتى على دولة عضو في حلف الأطلسي لديها ثاني أقوى جيش بين جيوش الحلف.
ولاحظ محللون أتراك رغبة واشنطن في البقاء بعيدة عن معركة تشارك فيها افواج من المتطرفين الاسلاميين، الذين يريدون اسقاط الأسد. ورفضت ادارة اوباما تسليح المعارضة خشية وقوع أسلحة متطورة بأيدي تنظيم القاعدة أو جماعات متطرفة أخرى، فيما قالت فصائل معارضة إن الأسلحة التي تصلها بتمويل خليجي ليست كافية لإلحاق الهزيمة بقوات الأسد.
ويرى مراقبون ان اجتياحًا تركيًا للأراضي السورية خطوة ضررها أكبر من نفعها، لأنها لن تساعد المعارضة، ومن شأنها ان تدفع أكراد سوريا إلى التصدي لقوات انقرة، ما يؤدي إلى نزاع مديد يمكن ان يصبح تربة خصبة للجهاديين. لهذا، يخشى كثير من الاتراك وقوع بلدهم في المستنقع السوري.
تساءل المعلق عبد الله بوزكورت في الطبعة الانكليزية لصحيفة زمان التركية: "لماذا على تركيا أن تكون رأس الحربة في إسقاط النظام السوري، في وقت ليست لدى المجتمع الدولي رغبة لتسهيل اسقاطه؟". اضاف: "تركيا ليست بحاجة إلى القيام بدور دون كيشوت هنا، ولنكن واقعيين فإن الولايات المتحدة لا تريد التورّط في النزاع السوري، كما هو واضح الآن لكل ذي بصيرة".
الشعب لا يريد الحرب
أصبحت الاحتجاجات المناهضة للحرب ظاهرة شائعة في تركيا، بما في ذلك عقد اجتماع حاشد في مدينة انطاكيا الحدودية يوم السبت الماضي، حيث رفع المتظاهرون لافتات كُتبت عليها عبارة "لا نريد القاعدة". وتسكن المدينة واقليم هاتاي المحيط بها اعداد كبيرة من العلويين الاتراك، الذين يؤيد كثير منهم نظام الأسد، ويشجبون دعم تركيا لما يسمونه "المجموعات الارهابية" في الجارة سوريا.
بالرغم من الرغبة الشعبية بعدم التورّط في حرب مع سوريا، يؤكد الخبراء وجود تأييد شعبي واسع لرد تركي مناسب على الاستفزازات السورية، مثل قذيفة الهاون التي قتلت خمسة مدنيين في بلدة اكاجاكالا.
على امتداد عقد كامل، شهدت تركيا ازدهارًا اقتصاديًا لافتًا، بسبب استقرارها وبقائها بمنأى من اضطرابات المنطقة. ويخشى البعض الآن انتهاء هذه الفترة من التقدم والسلام النسبي مع انجرار بلادهم بصورة متزايدة إلى نزاع ليست له نهاية واضحة، وقد يزداد تفاقمًا قبل ان يصل إلى خواتيمه، خصوصًا أن التدخل التركي في سوريا قد يقحم مليوني كرديا سوريا في المعركة، لا سيما ان قوات الجيش التركي تقاتل مسلحي حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا وشمال العراق منذ ثلاثة عقود.
تصعيد كردي
وكان مقاتلو حزب العمال الكردستاني فجّروا قبل نحو شهرين مركز الشرطة في مدينة شرناك، التي يسكنها نحو 60 الف شخص في جنوب شرق تركيا. ونُفذ الهجوم في 18 آب (اغسطس) لإيصال رسالة معينة، كما قال موظف محلي. ففي ذلك اليوم قبل 20 عامًا، أحال الجيش التركي مدينة شرناك انقاضًا عندما حاول المتمردون الأكراد السيطرة عليها.
وتزايدت خلال العام الماضي هجمات المسلحين الأكراد، وكان أشدها جرأة ما نُفذ صيف هذا العام عندما حاول حزب العمال الكردستاني السيطرة على بلدة سمدينلي بين الحدود الايرانية والعراقية والاحتفاظ بها والمناطق المحيطة. ردّ الجيش التركي بقوة ساحقة، مستخدمًا المدفعية والمروحيات والدبابات ليتمكن في النهاية من طرد المسلحين. وأفادت غالبية التقارير بأن الاشتباكات اسفرت عن وقوع مئات القتلى.
 ونقلت مجلة تايم عن هيو بوب، رئيس قسم تركيا في مجموعة الازمات الدولية، ان عدد الضحايا منذ حزيران (يونيو) 2011 بلغ 775 قتيلا، بينهم 262 من عناصر قوى الأمن، و426 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، و87 مدنيًا.
الأسد يستعمل الأكراد
ترى الحكومة التركية أن تصاعد اعمال العنف ليس مصادفة، بل يرتبط ببروز تركيا في صدارة الدول الداعية إلى تغيير النظام في سوريا، وبتصاعد حدة التوتر بين انقرة ودمشق وتحولها إلى عداء سافر. وتذهب بعض اوساط الحكومة التركية إلى ان النظام السوري يستخدم حزب العمال الكردستاني ضد تركيا. وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو في آب (اغسطس) إن الأسد مد الحزب بالسلاح "واننا اتخذنا الاجراءات اللازمة ضد هذا التهديد".
واكد مسؤول في وزارة الخارجية التركية لمجلة تايم ان لدى الحكومة أدلة على دعم سوريا لحزب العمال الكردستاني، لكنه رفض الخوض في التفاصيل. ويرى كثير من الاتراك انه إذا كان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وفر مأوى لحزب العمال الكردستاني في التسعينات، فان لدى ابنه بشار سببًا قويًا لمساعدة الحزب، هو معاقبة أنقرة على قرارها ايواء الجيش السوري الحر، وتحمس تركيا للتدخل في سوريا.
ويُعتبر انسحاب النظام السوري من مناطق يسيطر عليها الأكراد جنوب الحدود التركية وتسليم الادارة إلى تنظيم كردي سوري يرتبط بحزب العمال الكردستاني في اطار هذه الخطة.
كما وُجّهت اتهامات مماثلة إلى ايران، التي تنظر باستياء إلى دعم تركيا لقوى المعارضة السورية، وإلى قرارها السابق استضافة قاعدة أطلسية في اطار مشروع الدرع الصاروخية. واتهم نائب وزير الخارجية التركي بولنت ارينج ايران مرارًا بالضلوع في عملية التفجير التي وقعت في بلدة غازي عنتاب وعمليات حزب العمال الكردستاني في بلدة سيمدينلي وحولها.
وبلغ النزاع بين انقرة وطهران ذروة جديدة قبل شهر، عندما عرض التلفزيون التركي فيلمًا يظهر فيه عملاء ايرانيون يناقشون استهداف مواقع عسكرية وامنية تركية مع عناصر من حزب العمال الكردستاني.
سياسة ناجحة
يذهب محللون إلى انه إذا كانت استراتيجية سوريا وايران هي لعب ورقة حزب العمال الكردستاني لحمل الاتراك على التفكير مرتين، قبل ان يقرروا التدخل، فانها استراتيجية ناجحة على ما يبدو، حتى وإن كان نجاحها جزئيًا.
وبالرغم من خطابية انقرة المتشددة لفظيًا وما تخللها من قصف مدفعي ضد اهداف سورية بعد مقتل المدنيين الخمسة، فإن غالبية الاتراك تعارض التدخل العسكري في سوريا.
بالنسبة إلى كثير من الأكراد، بدلًا من القاء مسؤولية الموجة الجديدة من هجمات حزب العمال الكردستاني على عاتق النظام السوري، يتعين على القيادة التركية ان تراجع سياستها. فحكومة اردوغان لم تستجب لمطالب الأكراد الرئيسة، كالحكم الذاتي والتمثيل السياسي الأوسع والحقوق الثقافية واللغوية الكاملة، ونقل زعيم الحزب عبد الله اوجلان من الاعتقال إلى الاقامة الجبرية.

 

 

 

"حزب الله" بين خيال قاسم وأحلام الموسوي
 
المصدر : خاص موقع 14 آذار... مارون حبش::
 
منذ أن بدأت فضائح "حزب الله" بالظهور أمام الراي العام، إن كان من ناحية تدخله في سوريا عبر مقاتلين يؤدون "واجبهم الجهادي" أو من ناحية تعريضه لبنان إلى الخطر بإرساله طائرة "ايوب" الاستطلاعية، اتجه الحزب نحو رشق الاتهامات على قوى "14 آذار"، خصوصاً تيار المستقبل محاولاً بذلك صرف النظر عن أفعاله وتوجيه أصابع الاتهام على الآخرين بخلق الأكاذيب والفبركات البعيدة عن اي منطق قد يتقبله العاقل.
 
سيل الأكاذيب جاء على لسان الشيخ نعيم قاسم الذي اتهم "المستقبل" بالتدخل المباشر في سوريا، ليعود بعدها ويظهر النائب نواف الموسوي ويرشق الآخرين بالحجارة وفيما يحتمي في حصن حزب الله الزجاجي، مدّعياً أن لتيار المستقبل مكتباً في تركيا يقوم بتسليح المعارضة السورية، وأن ذلك يؤدي إلى ضرب اتفاق الطائف والوحدة الوطنية.
 
يبدو ان الإفلاس السياسي الذي يعيشه "حزب الله" في الأونة الأخيرة استدعى منه أن يخبط بالاتهامات يميناً ويساراً، إلا أن الرأي العام بات يعلم من الذي يدعو إلى سياسة النأي بالنفس فيما هو وكيانه وعقيدته في سوريا لقتل الشعب السوري وقمعه بحسب أوامر ولي الفقيه الإيراني.
 
وفي هذا السياق، رد عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل" والنائب السابق مصطفى علوش على كلام الموسوي في اتصال مع موقع "14 آذار" بالقول: "فليتفق أولاً مفوهو حزب الله على الكلام في ما بينهم قبل الظهور إلى الإعلام فإما أن يكون الشيخ نعيم قاسم معه الحق وهو يقول إننا ندفن شهداءنا بالسر ويعني تدخل مباشر أو يكون لنا مكاتباً تؤمن الأسلحة بحسب ما يزعمه الموسوي"، مضيفاً: "يبدو أن الآخر لا يتفاهم على الكذب مسبقاً مع رفاقه".
 
شدد على أن "حزب الله من نواف الموسوي إلى نعيم قاسم إلى أمينه السيد حسن نصر الله يعيشون أزمة حقيقية تتعلق بانفضاح دورهم الإقليمي، وهو تحقيق الامبراطورية الإيرانية والدفاع عنها والقتال من أجلها بصرف النظر من الظالم ومن المظلوم".
 
وقال: "لا يمكن لأي شخص في العالم أن يختلف على مبدأ أن بشار الأسد هو الظالم وأن الشعب السوري هو المظلوم، والأوفق لحزب الله إن لم يكن كاذباً هو وقيادته أن يدعموا الشعب السوري ضد الظالمين".
 
ولاحظ أن "كل ما يقوم به الحزب عمليا ً لن ينفع في أي شيء"، مؤكداً أن "من يضرب الطائف في الصميم هو من حاول واستمر في المحاولة من خلال غلبة السلاح والقهر والإرهاب أن يضع لبنان ورقة بيد الولي الفقيه ويجعله يستعملها ويقتل ابناءها ابتدأ بالشيعى ومروراً بكل الطوائف الآخرى". وشدد على أنه "لا يوجد قرار في تيار المستقبل بإنشاء مكتب لا في تركيا ولا غيرها".

المصدر: مصادر مختلفة

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,844,885

عدد الزوار: 7,647,671

المتواجدون الآن: 0