السودان: جدل حول العلاقة بإيران وانسحابات من مؤتمر الحزب الحاكم...عندما تفقد أنقرة حضورها في بغداد وتستسلم لمنطق الاستقطاب..الرياض: انفجار صهريج غاز يقتل 24 ويجرح 131 ...عراقيو سورية يعايشون انهيار البعث مرتين

إسرائيل تقر للمرة الأولى باغتيال «أبو جهاد»: خطوة مجهولة الدوافع قد تمهد لملاحقتها قانونياً...اسرائيل تستعد لحرب اقليمية

تاريخ الإضافة السبت 3 تشرين الثاني 2012 - 5:28 ص    عدد الزيارات 2541    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

إسرائيل تقر للمرة الأولى باغتيال «أبو جهاد»: خطوة مجهولة الدوافع قد تمهد لملاحقتها قانونياً
الناصرة - اسعد تلحمي؛ رام الله - «الحياة»
في خطوة أثارت علامات استفهام كثيرة، سمحت الرقابة العسكرية في إسرائيل لصحيفة «يديعوت أحرونوت» بنشر تحقيق صحافي يؤكد أن الجيش الإسرائيلي كان وراء اغتيال الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية خليل الوزير (أبو جهاد) في منزله في تونس في 15 نيسان (إبريل) العام 1987. وكانت إسرائيل رفضت طوال الأعوام الماضية تأكيد مسؤوليتها عن الاغتيال رغم أن زوجة الشهيد، انتصار الوزير (أم جهاد) التي كانت شاهدة على العملية، أكدت في أكثر من مناسبة أنها سمعت الجنود الملثمين يتحدثون باللغة العبرية.
واعتبرت السلطة الفلسطينية، في رد فعل أولي، اعتراف إسرائيل العلني وللمرة الأولى باغتيال «ابو جهاد» دليلا قاطعا على ضلوعها في اغتيال القادة السابقين، بمن فيهم الرئيس الراحل ياسر عرفات، كما اعتبرته «دليلاً مهماً في حال اللجوء مستقبلاً إلى مقاضاة إسرائيل في المحافل الدولية». وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عباس زكي لـ «الحياة» إن القيادة ستبحث في اجتماعها المقبل الخطوات القانونية والسياسية المطلوبة للرد على «جريمة الاغتيال»، و«ستعمل على الحصول على عضوية محكمة الجنايات الدولية بعد حصولها على مكانة عضو مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتتسنى لها مقاضاة إسرائيل عن كل الجرائم التي ترتكبها ضد شعبنا».
ونشر المراسل للشؤون الاستخباراتية في الصحيفة الاسرائيلية رونين برغمان مقابلة مع ناحوم ليف الضابط المتقاعد نائب قائد وحدة النخبة العسكرية «سييرت متكال» التي نفذت الاغتيال، قبل أن يقضي في حادث طرق العام 2000. ونقل برغمان عن ليف اعترافه بأنه كان الجندي الثاني الذي أطلق النار على «أبو جهاد» قبل أن ينضم الجنود الآخرون إلى إطلاق النار للتأكد من أنه لم يعد على قيد الحياة. وأفاد برغمان أنه خاض معركة قضائية استمرت فترة طويلة مع الرقابة العسكرية حتى سمحت له بنشر المقابلة.
وأثار النشر استهجان مراقبين في إسرائيل حاولوا استكشاف الدافع وراءه. واستبعد معظمهم أن يكون وراء النشر قرار سياسي يقف وراءه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي يعلم أن اعترافاً رسمياً من إسرائيل قد يكلّفها المحاسبة القانونية. وأشار أحد المراقبين إلى أن النشر ما كان ليرى النور لو كان ليف ما زال على قيد الحياة، مضيفاً أن رئيس الحكومة وزير الدفاع في حينه اسحق شامير واسحق رابين هما أيضاً ليسا في عداد الأحياء، وعليه لا تمكن محاسبتهما قانونياً. وحصر معلق آخر النشر في إطار المعركة الطويلة التي خاضها برغمان مع الرقابة العسكرية، مضيفاً أن من السهل على قادة عملية الاغتيال الآخرين تفنيد الرواية المنسوبة إلى ليف واتهام الناشر بافتعال رواية.
وكان ليف حين نفذ عملية الاغتيال نائباً لقائد «سييرت متكال»، الوزير الحالي موشيه يعلون، وتم اختياره قائداً لعملية الاغتيال. وعن حيثيات الاغتيال، نقل المراسل عن ليف قوله إنه مع وصول أفراد وحدة الاغتيال إلى شواطئ تونس «قام أفراد الكوماندوس بنقل المقاتلين إلى الشاطئ لينضموا إلى أفراد وحدة قيساريا التابعة لجهاز موساد الذين وصلوا إلى العاصمة التونسية قبل يومين... كان عدد أفراد الوحدة 26، وكان ليف على رأس مجموعة من 8 أفراد كُلفت مهمة اقتحام البيت. تم ركن السيارات التي أقلت أفراد وحدة الاغتيال على بعد نصف كيلومتر من منزل أبو جهاد، ومن هناك توجهوا سيراً على الأقدام في اتجاه المنزل. وسار ليف مع مقاتل آخر تنكر بزي امرأة على رأس مجموعة الثماني كأنهما في رحلة ليلية. وأمسك ليف بيده قطعة حلوى كبيرة فيما كانت يده الأخرى داخل علبة فيها مسدس كاتم للصوت. وتقدم ليف إلى الحارس الأول الذي غلب عليه النعاس وهو في السيارة وأطلق النار على رأسه وأرداه قتيلاً»..
ونقل المعلق عن رواية ليف: «عندما تلقى المقاتلون إشارة بأنه تم شل الحارس، تقدم أفراد المجموعة الثانية، واستلموا العتاد لاقتحام مدخل المنزل. اقتحم المقاتلون المنزل ملثمي الوجه. إحدى المجموعات توجهت نحو الطبقة الأرضية، وهناك كان الحارس الثاني الذي لم يلبث أن استل مسدسه وقتل. أما الجنائني الذي قرر في تلك الليلة أن ينام في الطبقة الأرضية، فتم إطلاق النار عليه أيضاً. أشفقت على الجنائني، لكن كان لا بد من قتله لضمان عدم وجود أي معارضة محتملة في هذه العملية».
وأضاف ليف أنه اختار أحد المقاتلين ليصعد السلم وليف وراءه: «هذا المقاتل كان أول من أطلق النار على أبو جهاد، وأعتقد أن أبو جهاد كان يحمل مسدساً بيده، بعد ذلك قمت أنا بإطلاق النار المكثف عليه، وكنت حذراً ألا تصاب زوجته التي وصلت إلى المكان. لقد فارق أبو جهاد الحياة. أما المقاتلون الآخرون فأطلقوا النار عليه للتأكد من قتله».
 الضابط الإسرائيلي الذي اغتال "أبو جهاد" مات بحادث سير
القدس المحتلة- يو بي أي
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الضابط الإسرائيلي ناحوم ليف كان قائد مجموعة الكوماندوس التابعة لسرية هيئة الأركان العامة الإسرائيلية التي اغتالت القائد الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد) في بيته في تونس، وأن هذا الضابط لقي مصرعه في حادث طرق في العام 2000.
وكتب محلل الشؤون الاستخباراتية في الصحيفة، رونين بيرغمان، إن الرقابة العسكرية الإسرائيلية سمحت له بنشر مقابلة أجراها مع ليف قبل موته، بعد نصف عام من المحادثات بين الصحيفة والرقابة العسكرية وموافقة الأخيرة على رفع التعتيم عن تفاصيل عملية اغتيال أبو جهاد وتبني إسرائيل مسؤولية اغتيال هذا القائد الفلسطيني.
وقال ليف إنه اختار أحد جنود مجموعة الكوماندوس الإسرائيلية وأرسله لإطلاق النار على أبو جهاد وأن هذا الجندي "كان أول من أطلق النار على أبو جهاد، وبدا لي أنه (أي أبو جهاد) كان يحمل مسدسا بيده، وبعد ذلك أنا أطلقت النار عليه، زخة رصاص طويلة، وكنت حذرا ألا أصيب زوجته التي وصلت إلى المكان، وقد مات، ونفذ مقاتلون آخرون عملية تثبيت القتل" من خلال إطلاق النار على الجثة.
وكانت مجموعة من "سرية هيئة الأركان العامة" وهي وحدة كوماندوس النخبة الإسرائيلية قد وصلت إلى شواطئ تونس مساء يوم 15 نيسان/أبريل من العام 1988، وكان بانتظارها أفراد وحدة "قيساريا"، وهي وحدة الاغتيالات في الموساد، الذين وصلوا إلى تونس قبل ذلك بيومين.
واعترف ليف خلال المقابلة بأنه قتل حارسي أبو جهاد والجنائني في بيته مستخدما مسدسا مع كاتم للصوت.
وقال ليف إنه قبل الاغتيال "قرأت كل صفحة في ملف المعلومات عنه، وأبو جهاد كان مرتبطا بأعمال مروعة ضد مدنيين، وكان محكوما عليه بالإعدام وقد أطلقت النار عليه من دون تردد".
وذكرت الصحيفة أن ليف كان أول ضابط متدين في "سرية هيئة الأركان العامة" وكان "يتوق إلى الإثارة" وتم تعيينه نائبا لقائد السرية، موشيه يعلون، الذي أصبح لاحقا رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي وهو اليوم وزير الشؤون الإستراتيجية.
وقال ليف حول اغتيال أبو جهاد "كنت مرتبطا بالمهمة، ولم أخف، وإنما أردت أن ينجح كل شيء".
 
 
اسرائيل تستعد لحرب اقليمية
القدس المحتلة: آمال شحادة
تواصل اسرائيل حملة ترويجها لاستكمال استعداد جيشها والجبهة الداخلية، لاحتمال نشوب حرب اقليمية، جراء التطورات التي تشهدها المنطقة. واعلنت ان الاستعدادات لحال الطوارئ  وصلت الى مرحلة  شراء 75 الف كيس نوم ، كما اعدت ما تسمى وحدة "الاخلاء والمساعدة" 16 ملجاً شعبياً يتسع لعشرات آلاف السكان، الذين يضطرون الى الهرب من مناطق سكناهم خوفاً من الصواريخ، بالتركيز على سكان منطقة الشمال المتوقع نزوح مئات آلاف منهم الى المركز والجنوب.
وفي سياق الاجواء، التي يثيرها عسكريون وسياسيون اسرائيل لاحتمال حرب قريبة، اعلن الجيش انه يواصل منذ ايام تدريباته العسكرية في منطقة الشمال على احتلال بلدات في جنوب لبنان . وفيما يركز في هذه التدريبات على احتمال خوض معارك في مناطق جبلية يصادف خلالها الجيش الاسرائيلي كمائن ومقاتلين مزودين بمعدات قتالية وحربية  متطورة، كرر وزير الدفاع ايهود باراك تهديداته تجاه حزب الله، في حال تم نقل اسلحة كيميائية او صواريخ بعيدة المدى من سورية الى لبنان. وفي تصريحات اعلامية عاد ليعبر عن قلقه من مصير مخزون الاسلحة السورية، في حال سقوط نظام الاسد، ونقلها الى لبنان. وقال باراك:" لا نخفي قلقنا من قيام حزب الله بنقل انظمة متقدمة من صواريخ ارض-جو ونشرها في لبنان، بينها صواريخ "سكود" القادرة على تغطية كل بلدة في اسرائيل".
وهدد باراك ان بلاده لن تسمح بوصول هذه الاسلحة الى لبنان، مهما كلف الثمن.
ويأتي القلق الاسرائيلي من الاحداث في سورية في اعقاب اقتراب المعارك الى الحدود وتكرار محاولات تسلل سوريين، بينهم مسلحون الى اسرائيل عبر السياج الامني. وكان قائد وحدة "101" في قيادة الشمال ، يوفال غاز، ادعى ان خمسين مسلحا خرجوا من البلدات السورية المحاذية للحدود باتجاه السياج الامني في محاولة للتسلل الى اسرائيل وفي حوزتهم اسلحة واجهزة مراقبة، لكن قوة من الجيش الاسرائيلي وصلت الى المنطقة الحدودية ومع انتشارها عاد المسلحون الى الطرف السوري.
 واشار يوفال غاز الى ان "القلق الاسرائيلي لا يكمن في الخوف من عمليات ينفذها المسلحون الذين يواجهون الجيش السوري ضد اهداف اسرائيلية، انما ايضا تدفق مئات اللاجئين السوريين الى اسرائيل". وذكر ان "وحدة المظليين في قيادة الشمال تدربت على كيفية التعامل مع وضع يصل الى السياج الامني مئات السوريين يطلبون اللجوء الى اسرائيل".
وفي اعقاب هذه الحادثة اصدر قائد منطقة الشمال، يائير غولان، تعليمات خاصة الى قوات جيشه المستنفرة على طول مناطق الحدود الشمالية لاستكمال استعدادها لامكانية تدهور سريع على منطقة الحدود يصل الى حد مواجهات بين الجيش الاسرائيلي والمسلحين من الطرف السوري، ممن يحاولون اختراق الحدود او مع الجيش السوري.
من جهته قال قائد وحدة "890" في منطقة الشمال، عاران اولئيل، ان التوتر لا يقتصر على الحدود مع سورية انما تجاه لبنان ايضا واضاف:" دوريات الجيش تظهر للطرف الاخر في لبنان قوة عناصرها من دوريات ومراقبة، وذلك خلال الدوريات التي تجريها على مدار اليوم على طول المنطقة الحدودية لمنع اختطاف جنود او محاولة التسلل الى اسرائيل. واضاف اولئيل" كل عنصر في الجيش يتعامل وكانه رجل استخبارات. فالمراقبة مشددة وكل تغيير صغير يحدث لدى الطرف الاخر يشعل امامنا الضوء الاحمر".
 ويدعي اولئيل ان نشطاء حزب الله يعملون على طول المنطقة الحدودية بسرية كاملة عبر المدنيين، الى حد ان معدات المراقبة الحديثة يستخدمها مدنيون لجمع المعلومات عن تحركات الجيش الاسرائيلي وما يحدث وراء الحدود.
 يشار الى ان الوحدة التابعة للجيش الاسرائيلي والمعروفة باسم "كومتس" تقوم باعمال تقوية السياج الحدودي على طول المنطقة الحدودية مع لبنان ونصب كاميرات مراقبة ومعدات واجهزة استخبارية حديثة ومتطورة، فيما الدوريات العسكرية تكثف نشاطها بادعاء ان القلق الاسرائيلي من انتقال الازمة السورية الى لبنان يتعاظم.
 
 
عندما تفقد أنقرة حضورها في بغداد وتستسلم لمنطق الاستقطاب
بغداد – مشرق عباس
«في أي مرحلة بدأت تركيا ارتكاب الأخطاء في إدارة العلاقة مع العراق؟» . من المؤكد إنَّ الردَّ التركيّ سينفي ارتكاب الأخطاء من الأساس، لكن مآل العلاقات بين البلدين ومتغيراتها الدراماتيكية خلال أقل من عامين، يشير إلى نتائج لا تعكس، في السياق العام، رؤيةً إستراتيجية تركية واضحة لترتيب الأوراق مع الجار الجنوبي المضطرب.
الوصف الأكثر اقتراباً من الواقع، أنَّ تركيا كانت اكتسبت منذ العام 2003 نفوذاً خاصاً في بلاد الرافدين، فحصدت عبر سلوكٍ اقتصادي ذكيّ، وديبلوماسي أكثر ذكاءً، علاقات واسعة النطاق انتشرت من شمال العراق ووســـطه حيث السُنّة والأكراد، إلى الجنوب، حيث الغالبية الشيعيّة، بالإضافة إلى تحوّلِها مرجعيةً للقومية التركمانية التي يتمركز أبناؤها في كركوك، المدينة العراقية الأكثر إثارة للجدل.
بعبارة أخرى، السياسة التركية نجحت في ما عجزت عنه دول المنطقة مجتمعة، وتفوقت، أيضاً على السياسات الأميركية والغربية، فأصبحت صديقاً لكل الأطراف العراقيّة، بل إنَّ مرحلة الحرب الأهلية (2006-2008) شهدت الزخم السياسي والاقتصادي التركي الأقوى، على رغم التخبط الإقليمي في التعامل مع هذه الحرب.
وبالمقارنة مع إيران، الجار الذي يُعرَفُ باعتباره الأكثر نفوذاً في العراق، فإن طهران حسمت منذ العام 2003 توجهاتها، عبر محاولة بناء إستراتيجية نفوذ تعتمد المشتركات المذهبية مع سكان جنوب العراق.
وعلى رغم أنَّ النفوذ الإيراني فُرِضَ، في أغلبِ الأحيان، بالقوة وبالاعتماد على صداقة فوقية مع السياسيين المتصدرين المشهد اليوم، ومن دون قاعدة شعبية شيعية عراقية متعاطفة على المدى البعيد، فإن طهران تعترف بأن إستراتيجيتها لن تشهدَ انتشاراً إلى باقي أنحاء العراق، وأنها مهددة حتى مع الأصدقاء المفترضين.
لكن تركيا كانت موجودة في النجف وكربلاء والبصرة بالتزامن مع وجودها في الموصل والأنبار، وأيضاً في إقليم كردستان، حيث لم تمنع الحرب المفتوحة التي تخوضها تركيا مع حزب العمال الكردستاني داخل أراضيها وخارجها، من التأسيس لتحالف واسع النطاق مع أكراد العراق، وذلك في الحقيقة إنجاز إستراتيجي فذ إذا ما قورن أيضاً بالغياب العربيِّ الدائم عن العراق.
ويكفي القول في هذا الصدد، إنَّ تركيا وإيران هما الدولتان الإقليميتان الوحيدتان اللتان احتفظتا بسفارتين فاعلتين في بغداد خارج المنطقة الخضراء، وبالاعتماد على أطقم حماية وفرتها الحكومات العراقية التي تعاقبت منذ بداية الاجتياح الأميركي، وغير مرتبطة بالشركات الأمنية التي تولت حماية السفارات الغربية منذ ذلك الحين.
لكن تركيا افتتحت قنصلية لها في البصرة، بالإضافة إلى قنصليات في اربيل والموصل وكركوك، لإدارة مشروعات عملاقة أبرمتها شركاتها هناك، فيما افتتحت السفارة الإيرانية قنصليات في البصرة وأربيل والنجف وكربلاء والسليمانية وغابت تماماً عن المحافظات السُنيّة.
الثقة العراقية بالشركات والمنتجات والبضائع التركية فاقت بدورها تلك الإيرانية، ونتج عن ذلك تضاعف معدلات التبادل التجاري والاستثمارات لتصل إلى نحو 15 بليون دولار سنوياً منتصف العام الماضي، وهي أرقام لم ترتقِ إلى نصفها الاستثماراتُ ومعدلات التبادل التجاري مع إيران.
والسياقات السياسية التركية سمحت لأنقرة على امتداد السنوات الماضية باستقبال زعماء شيعة، مثل مقتدى الصدر وعمار الحكيم ونوري المالكي وإبراهيم الجعفري، وزعماء أكراد، مثل مسعود بارزاني وجلال طالباني وبرهم صالح ونجيرفان بارزاني، وزعماء سُنّة، مثل طارق الهاشمي وأسامة النجيفي وصالح المطلك، وزعماء معارضين أو منفيّين أو مسلحين من المكونات الثلاثة، فيما سمح النفوذ الإيراني عام 2010 بعقد اجتماع لتشكيل الحكومة حضره الشيعة والأكراد وغاب عنه السنة.
وفي التفاصيل، فإن الثقافة التركية تسللت أيضاً عبر إنتاجها الفني والدرامي إلى كل المنازل العراقية في توقيت انتشارها في الشرق الأوسط بشكل عام لتنتج أمثلةً للمدينة العصرية وسلطة القانون في ظل تجربة إسلامية، فيما عجز الفن الإيراني في استقطاب متابعين عراقيين كثر، ما خلا بعض المسلسلات التأريخية.
وعلى رغم أن أنقرة وطهران كانتا من بين الدول القليلة التي سمحت بمرور العراقيين إليها من دون تأشيرات دخول مسبقة، فإن مصروف المسافرين إلى تركيا يفوق، وفق دراسةٍ اقتصادية، بنحو عشرة أضعاف الأموال التي صرفها مسافرون وسياح عراقيون إلى إيران.
والدلالة التي تخصنا في هذا الشأن، أنَّ تركيا استقبلت عراقيين من كل المدن بلا استثناء، توزعت اهتماماتهم بين السياحة والتجارة والإقامة، إلى جانب ورشات تدريبيّة وإبرام عقود ودراسة، فيما استقبلت إيران سيّاح وزائرين عراقيين من مدن الجنوب لزيارة مراقد دينية، وبعض التجار الأكراد.
المحصلة الأولية من هذا الطرح تفيد بأنَّ تركيا تمتلك خيارات أكثر اتساعاً للعب دور مركزي في صوْغ مستقبل هذا البلد، لكنها فقدت بشكل مفاجئ زخم حضورها، بخاصة في مدن الجنوب العراقي، لتتحول في السياق السياسي والإعلامي من صديق لكل العراقيين إلى صديق لبعضهم.
 في المعترك الإقليمي
لا تمكن مناقشة الأسباب التي قادت إلى ذلك الانزياح التركي من المساحة العراقية من دون إشارة قوية إلى طبيعة الصراع الإقليمي الذي اتخذ مسارات أكثر حدة ووضوحاً مع تفجر الأزمة السورية وبروز تركيا كطرف إقليمي فاعلٍ في دعم الثورة ضد نظام الأسد، مقابل دعم إيراني لهذا النظام.
ولا جديد في القول إنَّ السياسة العراقية واجهت متغيرات المنطقة بارتباك سمح بنقل العراق من قائمة الدول «المحايدة» في الصراع، كما تفيد الإعلانات الرسمية العراقية، إلى صف الدول التي دعمت نظام دمشق بطريقة أو أخرى، وإنَّ هذا التوجه السياسي العراقي كان له تأثير واضح على العلاقات مع أنقرة.
ويمكن التذكير بتصريح مثير لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال زيارته روسيا أخيراً وصف فيه التدخل التركي في الأزمة السورية بأنَّه «وقح»، واعتبر في تصريح سابق، السياسةَ التركية تجاه سورية والعراق مهدِّدةً لأمن المنطقة برمتها.
ولا يمكن القول إن تصريحات المالكي مثلت «سابقة» في تغيّرِ لهجةِ الخطاب السياسيِّ بين البلدين، بل إنَّ تصريحات كان أطلقها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وصف فيها المالكي بأنَّه ينتهج سياسات «طائفية»، في معرض انتقاده الاتهامات التي وُجهت إلى نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، مثلت السابقة التي سمحت بتعكير مستوى الخطاب السياسي والديبلوماسي بين الطرفين.
وعلى رغم أن قضية احتضان تركيا للهاشمي فُسِّرت إعلامياً بكونها المدخل المباشر لتفجر أزمة العلاقات التركية العراقية، فإنَّ هذه القضية لم تكن في حد ذاتها سبباً للتأزيم، وإنْ كان الخطابُ الرسمي العراقي قد استخدمها لتبرير مواقفه المتشنجة من تركيا.
ويمكن التذكير بهذا الصدد بأنَّ الحكومة العراقية لم تتخذ موقفاً واضحاً، كما أنَّها لم تُعلِّقْ على مطالبات كان أطلقها في وقت سابق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لإيران بتسليم «إسماعيل حافظ اللامي» المعروف بـ «أبي درع»، وهو قائدُ مليشيات مشهورٍ مُتهمٍ بعشراتٍ من قضايا القتل التي ارتُكِبت خلال مرحلة العنف الطائفي، ومقيم في طهران حالياً.
وأبعد من ذلك، فإنَّ الحكومة العراقية لم تبنِ مواقفها من النظام السوري، على سبيل المثال، بالنظر إلى استمرار احتضانه عشرات البعثيين العراقيين السابقين، ومنهم جناح محمد يونس الأحمد، الذي اتهمته بغداد في العام 2009 بالتورط في تفجيرات وزارة الخارجية، ولا يزال يحظى برعاية الأسد، كما أنَّ إقامة عددٍ كبير من معارضي النظام الحالي والبعثيين السابقين في الأردن لم يؤثر جوهرياً في العلاقة بين البلدين.
لكن ما هو ثابت، أنَّ التوجه التركي إلى اقتسام حلقات النفوذ مع إيران عبر دعم المُمثليات السياسية السُنيّة، وتعميق العلاقات مع الأكراد، والذي بدأ من العام 2009 في ظل الانتخابات التي شهدها العراق في العام 2010، وبداية الانسحاب الأميركي من العراق، كان لها أثرٌ بالغٌ في تغيير نمط العلاقة، وبالتالي تغيير الاستراتيجيات التي سمحت لتركيا قبل هذا التاريخ بتكوين صداقات واسعة النطاق مع أطراف عراقية مختلفة.
 افتراق مع الشيعة
تركيا التي وجدت نفسها في صميم حراكٍ إقليمي غير متوقع، وطرحت نموذجها السياسي كمثال للاحتذاء في دول الربيع العربي، وسط ترحيبٍ شعبي عربي مُتصاعد بهذا النموذج، اختارت توقيتاً وظروفاً غير مناسبة لتغيير آلية خطابها السياسي الموجه إلى العراق.
ويمكن تأشير جملةٍ من الخطوات والمواقف التـــركية في هذا الصـــدد، مـــهدت بشكلٍ واضحٍ لتأزم العلاقة بين تركيا والأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق:
- ربطت تركيا، بقصد أو من دون قصد، بين قضية الإمدادات المائية لنهري دجلة والفرات، والتي تزامنت مع شحٍّ كبير في واردات النهرين، بدوافع سياسية، حيث أعلن نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بعد زيارات متكررة إلى تركيا عامي 2009 و2010، أنه نجح في إقناع الأتراك بمضاعفة حصص العراق المائية، وفُهِمَ هذا الإعلان من الأوساط الحكومية الشيعية بأن «تركيا تريد العبور إلى العراق عن طريق أصدقائها السُنّة».
- سَمَحتْ أنقرة عبر حركة اتصالاتها وتصريحات مسؤوليها في ذلك العام، بتبلور رؤية شيعية مفادها أنَّ تركيا ستكون الراعي الإقليمي لـ «القائمة العراقية»، حتى أنَّ مفاوضات تشكيل الحكومة العام 2010 تمت تحت سقف الاتصالات مع تركيا كداعم لـ «العراقية»، وجرت اتصالات شبه يومية بين مسؤولين إيرانيين وأتراك لمناقشة قضية تشكيل الحكومة.
- وعلى رغم إنَّ تركيا استخدمت علاقاتها الوثيقة بعدد من زعماء «العراقية»، ومنهم رئيس البرلمان أسامة النجيفي، للقبول بالتسوية التي سمحت بتشكيل الحكومة الحالية، غير أن أطرافاً مُقربةً من المالكي أكدت في أحاديث غير إعلامية، أنَّ مرحلة تشكيل الحكومة واختيار القيادات السُنّية فيها، كشفت تأثيراً تركياً لم يكن متوقعاً بالنسبة إلى فريق المالكي، الذي تبنى نظرية ترى أنَّ قبول واشنطن وطهران بالتسوية الحكومية يكفي لتضييق نطاق المؤثرين في الخريطة العراقية، وأن دخول تركيا ومن خلفها دول الخليج إلى موازين تلك الخريطة سوف يعقد فرص الوصول إلى تسويات.
- تنمية أنقرة علاقات خاصة وعميقة مع أكراد العراق، بخاصة مع الرئيس مسعود بارزاني، الذي يبتعد بمسافة تاريخـــية معروفة عن إيــران، مقارنة بشريكه الســياسي ورئيس الجمهورية جلال طالباني، عَمَّـــقَت القنــاعة لدى الشيعة بأن تركيا اختارت أن تدخل في نطاق سياسة استقطاب إقليمية واسعة النطاق.
- تمكن الإشارة في هذا الصدد إلى أنَّ ردود الفعل التركية على تَفجُّرِ قضية الهاشمي كانت أكثر حدة من تلك التي انطلقت من دول المنطقة مجتمعة، فبالإضافة إلى تصريحات أردوغان، كان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو تخلّى عما عُرِفَ عنه من حساسية في إطلاق التصريحات، ليعلن في وقت مبكر من الأزمة استعداد تركيا لاستقبال الهاشمي كضيف عليها، مع أنَّ ذلك لم يكن في حاجة إلى إعلانٍ رسميّ.
- اوغلو نفسه اتخذ خطوة غير مدروسة بزيارة مدينة كركوك من دون إبلاغ الحكومة العراقية، ما عزز حالة الفراق بين تركيا والأحزاب والقوى الشيعية، حتى تلك التي جمعتها معها علاقات متميزة، مثل تيار الصدر، وسمح لاحقاً لحزب الحكومة «الدعوة» بتنظيم تظاهرات واحتجاجات ضد السياسات التركية وإطلاق حملة دعائية واسعة النطاق لإدانة الحكومة التركية.
قد تكون تركيا في نهاية المطاف نجحت في عبور الدور الذي كان متصوراً لها بتبني تركمان العراق في نطاق توازن إقليمي قائم على أسسٍ قوميّة ومذهبية، والمؤكد أنها نجحت عراقياً مُنذ اللحظة التي رفضت فيها استعمال أراضيها لمرور القوات الأميركية، لكنها لم تنجح لاحقاً في تكريس حضورها عندما كانت كل التوقعات تشير إلى تعاظم هذا الحضور.
 
 
الرياض: انفجار صهريج غاز يقتل 24 ويجرح 131
الرياض - عبدالعزيز العطر وأبكر الشريف وسحر البندر وفيصل المخلفي
فجعت العاصمة الرياض صباح أمس بمأساة انفجار محتوى ناقلة غاز أحدث دماراً مرعباً وخلّف 24 قتيلاً و131 جريحاً حالات 39 منهم وصفت بالحرجة، وأحدث الانفجار الناجم عن احتراق غاز تسرب من صهريج الناقلة المنكوبة دوياً هائلاً، وشوهدت بعد الانفجار أكثر من 15 سيارة متفحمة. وذلك، بعد مرور أقل من 24 ساعة على فاجعة مقتل 25 شخصاً، غالبيتهم نساء وأطفالهن، صعقاً بالكهرباء في خيمة عرس قرب مدينة بقيق، شرق السعودية.
وتصدع الجسر الذي وقعت فيه حادثة انفجار الصهريج عند تقاطع شارع الشيخ جابر وطريق خريص (شرق الرياض). وتطاير زجاج نوافذ المنازل والشركات القريبة من موقع الحادثة، ما أثار مزيداً من الهلع في نفوس السكان. وامتد الدمار ليغطي دائرة قطرها نحو نصف كيلو متر. وانهار مبنى شركة الزاهد للمعدات والآليات الثقيلة. وأعلن وزير الصحة السعودي الدكتور عبدالله الربيعة الذي تفقد المصابين أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وجّه بتسخير الإمكانات كافة لعلاج المصابين. كما وجه بعلاج المصابين من المقيمين بالمستشفيات كافة وتوفير الرعاية الطبية لهم على نفقة الدولة. وذكرت وزارة الصحة أن الحادثة أسفرت عن إصابة 26 سعودياً و67 من جنسيات أخرى و40 لم تعرف هوياتهم، وأن 90 مصاباً لا يزالون يتلقون العلاج، 12 منهم في العناية المركزة.
وأقر مصدر أمني بأن صهاريج الغاز المحمولة على الناقلات تعد «قنابل موقوتة». وعلى رغم أن أمير منطقة الرياض (بالإنابة) الأمير محمد بن سعد قرر تكوين لجنة للتحقيق في الحادثة، إلا إن الانفجار، الأول من نوعه في الرياض، فتح باباً لتساؤلات ملحّة حول غياب اشتراكات السلامة، وما إذا كانت ثمة ضوابط تحكم تنقلات ناقلات الوقود بأنواعها وسط الأحياء السكنية والطرقات العمومية والمناطق الصناعية التي تعج بالناس والآلات والأجهزة.
وتناقل شهود عيان روايات عدة لكيفية وقوع الحادثة، بيد أن الدفاع المدني الذي تولى مديره العام الفريق سعد التويجري مهمات الإشراف على عمليات الإنقاذ والسلامة قال إن ناقلة الغاز ارتطمت بجسر على طريق خريص. وعزا الحادثة إلى «سوء تصرف سائق الشاحنة». وقال الناطق باسم الدفاع المدني في الرياض النقيب محمد الحبيل إن السائق حاول تفادي حادثة مرورية فوجئ بها على خط سيره، فارتطم بالجسر. وأدى تسرب من صهريج الناقلة إلى اشتعال الغاز وانفجاره، ما تسبب في وقوع حوادث مرورية عدة. وقال الفريق التويجري إن فرق الإنقاذ لا تزال تبحث عن مفقودين.
وقال الناطق باسم إدارة الشؤون الصحية في منطقة الرياض سعد القحطاني إن 19 شخصاً توفوا على الفور في موقع الحادثة وهناك حالتا وفاة في مستشفى الحرس الوطني.
وقال المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية في الحرس الوطني السعودي الدكتور بندر القناوي إنه تم استدعاء جميع أفراد الفرق الطبية المتخصصة لمتابعة حالة 72 مصاباً نقلوا من موقع الحادثة إلى المستشفى. وأوضح أن 39 مصاباً هم في حالة خطرة، والبقية تراوحت حالاتهم بين المتوسطة والخفيفة.
وأكد القناوي أن المصابين من الرجال والنساء والأطفال، شخصت حالاتهم الطبية بالكسور الطفيفة والمضاعفة، والحرائق، والجروح بجميع أنواعها.
وتحدث شهود عيان عن مناظر مرعبة لجثث متفحمة وأشلاء ومعادن صهرها الانفجار وشظايا الزجاج المتطاير من المكاتب والمباني السكنية المجاورة. وأوضح عدد من السكان تعرضهم لنوبة هلع، خصوصاً كبار السن ومرضى القلب. وأعاد دويّ الانفجار وشدّة الهزة التي واكبته إلى أذهان كثيرين دويّ الانفجارات الإرهابية التي شهدتها الرياض مطلع القرن الحالي. ورأى كثيرون أن الخسائر والإصابات كانت قليلة نسبياً بسبب مصادفة الخميس العطلة الأسبوعية واستمرار عطلة عيد الأضحى للعاملين في الجهات الحكومية.
وأكد المتحدث باسم الدفاع المدني النقيب الحبيل أن سائق الناقلة المنكوبة، وهو آسيوي الجنسية، أصيب لكنه لا يزال حياً. وأعلن قائد مرور الطرق الدائرية في الرياض المقدم علي القحطاني أن الجسر الذي شهد الحادثة أمس سيبقى مغلقاً لمدة لا تقل عن سبعة أشهر، ريثما يتم التأكد من سلامته. وذكر أن فرق المرور تضبط أكثر من 300 مخالفة يومياً في الطرق الدائرية في الرياض، أكثر من نصف عددها ترتكبه ناقلات قادمة إلى العاصمة من خارجها.
وقال المدير العام لشركة الغاز والتصنيع الأهلية (غازكو) المهندس محمد الشبنان، إن الشركة تعتزم تركيب أجهزة إلكترونية مربوطة بالشركة لمتابعة سرعات قيادة الصهاريج والناقلات ووقت توقفها وخط سيرها على الطرقات.
وذكر الشبنان لـ«الحياة» أن صهاريج الغاز التابعة للشركة تخضع في الوقت الحالي لرقابة ميدانية عبر جداول زمنية محددة لكل صهريج، تبدأ منذ انطلاق المركبة حتى وصولها إلى نقاط التوزيع، وهو ما من شأنه تحديد مدى سرعات قيادة الصهاريج. وقال: «الشركة لم تسجل في السابق أية حوادث مشابهة لما حدث أمس».
 
عراقيو سورية يعايشون انهيار البعث مرتين
في المشهد الأول «لا تبدو دمشق شبيهةً ببغداد، فالظروف مختلفة، والوجوه أكثر تسامحاً، ونظام الأسد لم يشـــغل نفسه في استعراضات حزبية واسعة النطاق كما فعل صدام حسين، والبعث السوري كأنه ينتمي إلى منظومة قيميّة مختلفة تماماً عن بعث العراق». هكذا تحدث العراقيون أول مرة حين دخلوا دمشق وحلب بكثافة بعد العام 2003 هرباً من تداعيات نهاية تجربة البعث العراقية في بغداد على يد قافلة دبابات أميركية.
كان البعثيون ورجال المخابرات والأمن في نظام صدام أول الواصلين إلى دمشق، فقد توقعوا مبكراً حدوث انــتقامات وحــمامات دم، وبعض كبارهم نقلوا عائلاتهم إلى سورية قبل بدء الاجتياح الأميركي.
لكن دمشق ليست غريبة في مشهدها الثاني، فهنا عزلة «بعثية» لا تختلف عن العزلة التي فرضها بعث العراق، صور عائلة الأسد متوافرة في الساحات والشوارع، على غرار صور صدام، ويافطات «حزب البعث العربي الاشتراكي» و «وحدة حرية اشتراكية» و «تحرير فلسطين» تتسلق البنايات العتيقة وتنتشر على الجدران، والأغاني «الوطنية» التي تتغزل بالرئيس «المحبوب الحكيم» تُعيدُ التذكير بالعقود البعثية العراقية التي «تبخرت» في ساعات.
كانت الموجةُ الكبرى من العراقيين المتوجهين إلى سورية قدمت بين عامي 2006 و2008، حيث أصبحت الحرب الطائفية العراقية «معلنةً» وواضحة، وأغلقت عناوين أحزاب الإسلام السياسي الآفاق العراقية إلى أمدٍ غير معلوم.
كانت رحلة النزوح العراقية الكبرى تتزامن مع «الاستفتاء على الأسد». عبارة «منحبك» التي انتشرت في كلِّ مترٍ في الشوارع والحارات السورية، صدمت اللهجة العراقية أول الأمر، غير أنَّ العراقيين سرعان ما اكتشفوا أنَّها ترجمة لعبارة الاستفتاء على صدام حسين «نحبك والله نحبك». كل شيء اذاً على ما يرام، والعراقيون الباحثون عن الأمن سوف يجدونه في المكان نفسه الذي اختبروه على امتداد عقدين، «تحت ظلِّ البعث السوري» المختلف والمنفتح والمتخم بالشعارات والقضايا القومية.
في المشهد الثالث، دمشق أكثر عمقاً من البعث، إنَّها مدينة قادرةٌ على استدراج أيّ إنسان إلى غرامها، ولهجة أهلها سلسة وجميلة إلى حد كادت تُنسي العراقيين لهجاتهم. دمشق طيبةٌ وودودةٌ إلى درجة ان تغفر لمليون عراقي رفْعَهم أسعارَ العقارات إلى أضعاف ما كانت عليه، وإحراق الاسواق.
ومع هذا، فإنَّ العراقيين الذين قد يواجهون كلاماً غليظاً أو يائساً من سائق التاكسي أو البقال أو الجار في البناية، كانوا يردُّون بثقة المجرب: «نحن ضيوف الأسد»، وكانت تلك الجملة كفيلة بردعِ من يحاول «التشبيح» على الغرباء، لكنها خلفت نوعاً من الشك والتحفظ مع السكان.
الغرباء الذين لم يكن يحقُّ لهم العمل أو التملك في سورية، لم يكونوا ضيوفاً ثقال على أيّ حال، فقد ساهـــمت القوة المالية التي حملوها معهم من العراق والمساعدات الدولية التي اهتمت بهم، في تقليل آثار الإرهاق الماليِّ الذي تسببه كتلةٌ بشرية كهذه على أيِّ مجتمع. وكانت دمشق بدورها قد فتحت أبواب مدارسها ومستشفياتها وكلياتها أمامهم مجاناً، لتشذب مشاعر الاختلاف عن المواطنين الأصليين.
في المشهد الرابع، كانت الجموع العراقية، التي تنوعت بين بعثيين سابقين وضباط جيش وعائلات من الطبقة الوسطى، سُنَّة وشيعة وأكراد وعمال وموظفين هاربين، تكتشف صورة مختلفة عن ذلك النظام المتماسك، فالفساد يكاد يكون الصورة الأكثر وضوحاً في كل مفاصله، يبدأ من ضابط الجوازات في المنفذ الحدودي أو المطار، الذي يطالب برشوة علنيّة، ولا ينتهي بكبار موظفي الدولة.
سيدفع العراقيون منذ ذلك الحين ضرائب سريّة مختلفة عن تلك المعلنة رسمياً لوجودهم في سورية، وسوف يتعايشون مع مؤسسات فاسدة وأنظمة أمن أكثر فساداً، وتلك بدورها ليست صورة غريبة عليهم، فهم طوال عقد التسعينات وحتى ما بعد سقوط نظام البعث العراقي، يتعاملون مع مفهوم السلطة الموازية، حيث تستظل بؤر الفساد ومواخير السراق والمرتشين بعباءة البناء الصارم للأمن والعقيدة والأهداف العليا.
لكن في سورية صار هناك اعتقاد راسخ بأن العراقيين جلبوا معهم عاداتهم الفاسدة إلى الدولة المضيفة.
في المشهد الخامس، عندما بدأت العلاقة بين أهل الدار والضيوف تتخذ منحى أكثر حميمية، أخذ العراقيون يطلعون على واقع شعبي مختلف عن ذلك الذي يختبئ في الصدور رعباً وشكاً وتماهياً، فـ «منحبك» تلك تحصد يومياً زخماً من التهكم الشعبي، وتنتمي إلى منظومة «السخرية المرة» التي تداولها العراقيون عن صدام ونظام حكمه، وأصبح «القائد العادل» هو نفسه الذي وزع السلطات الكبرى ومراكز الاقتصاد على أقاربه وأصدقائه وأبنائه.
في صميم التعايش بين شعبين متشابهين في الهموم وفي السخرية من الواقع، كان البعث السوري قد أصبح نسخة طبق الأصل من البعث العراقي، فالشعارات العريضة تصلح للاحتفالات بمولد الزعيم ومولد الحزب فقط، والانتماء الحزبي هو المعيار الوحيد للنجاح أو الفشل، والعدو الإسرائيلي الذي يغتصب الجولان هو نفسه العدو الإيراني الذي يريد تصدير الثورة إلى العراق، ومن ثم العدو الأميركي الذي ينوي تقويض «التجربة العسكرية العراقية الفذة».
مهرجان الشعارات البعثية في سورية، كان يغذي خيال العراقيين باستمرار، فالبعثي العراقي الذي حكم بردائه العسكري «الزيتوني» ومسدسه وكرشه المتهدل حيَّهُ السكني، ونظر إلى أبناء الحي من موقع القوي المتحكم بالمصائر بحثاً عن «غير المنتمين» إلى الحزب كمشكوك في وطنيتهم، وإلى نساء الحي باعتبارهن أهدافاً متاحةً لصاحب الشارب الأسود الفاحم المفرط في وسامته، كان اختفى من المشهد بشكل مريب عندما اقتحمت 10 دبابات أميركية أسوار بغداد يوم 7 نيسان (ابريل) 2003 مطيحة بكل عنفوانه المزعوم.
وهو (البعثي العراقي) لا يختلف عن نظيره السوري إلا بالرداء «الزيتوني» والشارب المتفحم، ولا يبدو إنَّ مصيرهما سيكون مختلفاً في نهاية المطاف.
كان العراقيون يدركون تماماً أنَّ انهيار البعث لم يكن يرتبط بالاحتلال الأميركي، فالبعث كان وضع بقايا تجربته تحت قدمي صدام حسين العام 1990، وانتهى عملياً منذ ذلك الحين، ليتحول إلى مليشيات تدعم سلطة رئيس الدولة وتفتش في الضمائر وتحت الأسرّة وفي الدواليب عمن تسول له نفسه المساس بـ «الذات الرئاسية»، ولم يكن سلوك البعث السوري مختلفاً.
في المشهد السادس، تَحَلَّق عشرات الآلاف حول مكاتب الهجرة إلى أوروبا أو أميركا، لكن دمشق كانت قد طبعت بعد سبع سنوات وأكثر العراقيين بطابعها وسحرها. لم يعد بمقدور معظمهم المغادرة حتى بعد أن بات مشهد الأمن العراقي أكثر قبولاً من السنوات التي سبقت، فانخرطوا في مشهديّة تماهت مع السلطة وأتاحت أن يستثمر بعض البعثيين العراقيين الهاربين إلى الماضي، حاجةَ مواطنيهم إلى الإقامة الآمنة، فأجبروهم على الانضمام إلى حركة «محمد يونس الأحمد» التي احتضنها الأسد، مقابل الحصول على الإقامة.
لم تكن الهموم الشعبية والحساسيات التاريخية والمذهبية والقومية غائبةً عن المشهد السوري-العراقي السابع، فينكشف أمام العراقيين شعبٌ يُعاني حدَّ الوجع. كل الأحاديث عن قيمة الأمن ومخاطر الحرب الطائفية و «القبول بالحمى عندما ترى الموت»... لم تكن تقنع السوريين بالتعايش مع النظام، كان السوريون قد تخلوا تماماً عن تحفظهم مع ضيوفهم، بدأوا للمرة الأولى الحديث عن حقهم في نظام ديموقراطي يتيح للأكثرية الحكم حتى لو كانت أكثرية مذهبية: «لماذا يسمح العالم بما حصل معكم في العراق ولا يسمح لنا؟»، هكذا تساءَل شباب خلال تدخينهم الشيشة في مقهى بباب توما:
«ماذا عن استعانة النظام البعثي بالأقليات لقمع الأكثرية؟ وعن القمع الممنهج الذي لا يستثني أحداً إلا المقربين من النظام؟ وعن عمليات سرقة للمال العام تتم تحت ضوء الشمس في وقت يرزح الشعب تحت ظل الفاقة؟».
مع سقوط نظام بن علي، ومن ثم نظام مبارك، كان العراقيون ما زالوا يستمعون إلى من يقول بأن سورية مختلفة، وإنَّ النظام أكثر تعقيداً من التعرض لانهيارات مشابهة، لكن سقوط القذافي المروع، بدا وكأنه أسقطَ المخاوف وأنهى دعاوى الاختلاف.
لم يكن السوريون يتوقعون مع بداية الثورة سيناريو مبارك أو بن علي أو حتى صالح، فأقصى أمانيهم كانت تكرار سيناريو القذافي وتحمُّل تداعياته.
لكن الثورة امتدت إلى ما هو أبعد من حمام الدم الليبي، فبات الموت عنواناً للمدن والقرى السورية الجميلة الوادعة. لم تعد دمشق تشبه نفسها، لم تعد هنالك حكايات يسمعها العراقيون، فالبعث ينهار مرتين، والمشهد الأخير يمتد أفقه إلى مجاهل تسكنها الأمنيات والمخاوف، ولم يعد هنالك عراقيون، ليشهدوا.
 
 
بغداد تضم صلاح الدين إلى «عمليات دجلة»
كركوك – باسم فرنسيس
أعلنت قيادة «عمليات دجلة» ضمَّ محافظة صلاح الدين إلى مجال عملياتها، بالإضافة إلى كركوك وديالى، فيما جدد الأكراد رفضهم القرار ووصفوه بالخرق «الخطير».
وشكلت قوات «عمليات دجلة» بأمر من وزارة الدفاع ويواجه القرار اعتراضات الأكراد الذين يعتبرونه «سياسياً واستفزازياً ومخالفاً للدستور»، بينما يطالب التركمان بتشكيل قوات من مكونات المحافظة، مقابل ترحيب واسع من الأوساط العربية التي تتهم الأجهزة الأمنية في كركوك بـ «الانحياز».
وقال قائد «عمليات دجلة» الفريق الركن عبد الأمير الزيدي أمس، إن «القيادة العامة للقوات المسلحة أبلغت إليه الموافقة على ضم محافظة صلاح الدين إلى عملياته». وأكد الناطق باسم كتلة «التحالف الكردستاني» في البرلمان مؤيد طيب لـ «الحياة»، إن «تشكيل قيادة عمليات دجلة تجاوز لصلاحيات الحكومات المحلية، وخرق خطير للأسس التي تبنى عليها الدولة الفيديرالية، والقرار اتخذ، على رغم معارضة السلطات المحلية في محافظة كركوك».
واضاف أن «موقفنا واضح من عمليات دجلة، وسنصر عليه، لأنه يستند الى الدستور وألاسس التي بنيت عليها الدولة الفيديرالية، وفي كركوك أجهزة أمنية، والوضع فيها ليس أسوأ من المحافظات الأخرى، كما أنها لم تتمرد على الدولة كي يتم استدعاء قوات إضافية لاستعادتها، وحتى إذا تطلبت الظروف ذلك فالأمر يتم بالتنسيق مع الحكومات المحلية، هذه التصرفات غير مقبولة ولا تخدم العملية السياسية».
 
تفجيرات العيد في العراق تطيح قائدين أمنيين
بغداد - عبد الواحد طعمة
كشف مصدر أمني رفيع المستوى أن تفجيرات العيد الأخيرة في عدد من المدن أطاحت مسؤولين بارزين في وزارة الداخلية، بحركة مناقلات مفاجئة طاولت الصف الأول، فيما اعتبر وكيل الوزارة هذه المناقلات «عملية استبدال طبيعية».
وأعلنت الحكومة مقتل وإصابة أكثر من 400 عراقي خلال الشهر الماضي بأعمال عنف.
وقال وكيل وزارة الداخلية للأمن الاتحادي الفريق أحمد الخفاجي في تصريح إلى «الحياة» إن «الخطط الأمنية الخاصة بحماية قوافل الحجيج العائدين من العربية السعودية تجري في شكل سلس من دون تسجيل أي حادث».
وأشار إلى «مشاركة فعالة لطيران الجيش وقوات محمولة جواً مهمتها مراقبة المناطق القريبة من الطريق العام والتدخل».
وشهد طريق الحج البري في كانون الثاني (يناير) 2007 حادثة مروعة عندما شن مسلحو تنظيم «القاعدة» هجوماً على قافلة حجاج شيعة من محافظة بابل فقتلوا 12 حاجاً.
وعن الوضع الأمني على الحدود الغربية التي تشهد عمليات تسلل أكد الخفاجي أن «الوضع على الحدود الآن طبيعي ونشن عمليات وقائية حتى أبعد نقطة في صحراء الجزيرة الشمالية والجنوبية، تنفذها قوات محمولة جواً تعمل على تمشيط هذه المناطق في شكل مستمر».
وأضاف أن «القوة المحمولة جاهزة على مدار الساعة لتقوم بواجباتها اعتماداً على التقارير الاستخبارية للتحقق من أي خيمة جديدة تنصب في مكان من هذه المنطقة واعتراض الراجلة أو من في السيارات إذا كانت الحركة غير طبيعية أو في مواقع محظورة».
إلى ذلك، كشف مصدر أمني رفيع المستوى أن «تفجيرات العيد أطاحت أقوى رجلين في وزارة الداخلية هما اللواء أحمد أبو رغيف، مدير استخبارات الوزارة، والفريق الركن حسين العوادي، قائد الشرطة الاتحادية».
وأوضح المصدر أن «حملة مناقلات مفاجئة أمر بها رئيس الوزراء نوري المالكي، وهو القائد العام للقوات المسلحة، تمثلت بإحالة أبو رغيف على جمعية المحاربين، بمعنى التسريح، بعدما تم نقله من إدارة الشؤون الداخلية إلى الاستخبارات، بدلاً من الفريق حسين كمال (كردي) قبل شهور، وتكليف اللواء حسن كوكز إدارتها، كما تم استبدال العوادي بالفريق الركن محسن الكعبي، قائد قوات الحدود».
وزاد: «منذ بداية العام، طرحت إقالة العوادي وتسليم الشرطة الاتحادية إلى اللواء الركن مهدي صبيح، قائد الفرقة الثالثة في الموصل، لكن توصيات مكتب القائد العام كانت ضرورة بقاء صبيح في منصبه».
وأضاف: «خلال الأسبوع المقبل ستكون هناك قرارات مهمة في الوزارة لا سيما أن منصب مدير الاستخبارات ما زال غير متفق على إناطته بأحد».
لكن وكيل الوزارة أحمد الخفاجي قلل من أهمية ما يثار عن أسباب المناقلات ووصفها بأنها «عملية استبدال طبيعية». وقال: «لم تكن هناك عقوبات لأحد منهم».
وأفاد إحصاء مشترك لوزارات الصحة والداخلية والدفاع أن 144 عراقياً قتلوا وأصيب 264 في خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في عموم البلاد.
 
حكم ثان بإعدام الهاشمي والدفاع يتوقع حكماً ثالثاً الأحد
بغداد – «الحياة»
قضت المحكمة الجنائية العراقية امس بإعدام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، بعدما دانته بقتل ضابط في وزارة الداخلية، وهذا ثاني حكم بإعدامه، فيما توقع رئيس فريق الدفاع أحمد العزي صدور حكم اعدام ثالث الاحد المقبل في قضية تفخيخ سيارة في منطقة المدائن.
واكدت مصادر قضائية في بغداد امس ان المحكمة المكلفة النظر في قضية الهاشمي غيابياً اصدرت حكماً بإعدامه وصهره احمد قحطان، بعدما دانته بالتحريض على اغتيال ضابط في الشرطة بعبوة لاصقة.
وكانت المحكمة اصدرت في ايلول (سبتمبر) الماضي حكماً بإعدامهما بتهمة اغتيال محامية وضابط في الامن الوطني. واعتبر العزي ان حكم الاعدام الجديد «سياسي بامتياز». وأوضح ان «الحكم لم يصدر وفق القانون المعمول به، لانه استند الى اقوال احد المتهمين المعتقلين في القضية نفسها، ما يثبت تسييس القضية بالكامل». وزاد ان «المحكمة لم تبلغنا موعد الجلسة للنطق بالحكم». وأكد ان «كل الاحكام الصادرة بحق الهاشمي ليس لها وزن قانوني لان المحكمة لم تراع ظروف المتهم». وتابع: «سبق ان طالبنا رئيس الجمهورية بالتدخل في القضية وما زلنا نأمل ذلك».
وانتقل الهاشمي منذ صدور مذكرة لاعتقاله نهاية العام الماضي الى اقليم كردستان قبل ان ينتقل للاقامة في تركيا التي رفضت طلبات لتسليمه الى بغداد.
 
السودان: جدل حول العلاقة بإيران وانسحابات من مؤتمر الحزب الحاكم
الخرطوم - النور أحمد النور
تصاعد الجدل في الخرطوم في شأن التقارب بين السودان وإيران، في داخل الحكومة من جهة وبين السلطة والمعارضة من جهة اخرى، عقب ضرب اسرائيل «مجمع اليرموك للصناعات العسكرية» الاسبوع الماضي وزيارة سفينتين ايرانيتين حربيتين ميناء بورتسودان على ساحل البحر الاحمر في شرق البلاد.
وكشفت تقارير أمس أن قطاع العلاقات الخارجية في حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم فشل خلال مؤتمره الأخير في الإجابة عن سؤال طرحه وزير الخارجية علي كرتي أمام المؤتمر وجاء فيه: «هل من مصلحة السودان الإستراتيجية في علاقاته الخارجية الاتجاه إلى تعزيز علاقاته مع دول الخليج العربي لضمان الحصول على دعم مالي واقتصادي وتوسيع استثماراته، أم الاتجاه لتوثيق علاقته مع إيران لأسباب تتعلق بطبيعة التحولات المرتقبة في ملف الصراع الاسرائيلي - الايراني في المنطقة، ووقوع السودان في منطقة رخوة ستجعل ظهره مكشوفاً في حال اضطر للمشاركة في أي مواجهة».
وأفادت التقارير ذاتها أن الخرطوم لم ترد حتى الآن على طلب من طهران يحمل اقتراحاً بـ «تحالف مع السودان لحماية منطقة البحر الأحمر»، وذكرت أن الاقتراح لا يزال قيد الدراسة في مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية والحزب الحاكم.
وأضافت أن النقاش في مؤتمر قطاع العلاقات الخارجية في الحزب الحاكم كان ساخناً وشهد ملاسنات ما دفع بعض المسؤولين في القطاع الى مغادرة مقر المؤتمر الذي لم يقدم إجابة محددة في شأن سؤال وزير الخارجية.
الى ذلك أعلن نواب في كتلة «المؤتمر الوطني» المسيطرة على البرلمان، عزمهم على جمع تواقيع لاستجواب وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم حسين في شأن تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على البلاد وآخرها قصف مصنع اليرموك، توطئه لسحب الثقة منه.
ولم يستبعد رئيس لجنة الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية في البرلمان محمد الحسن الأمين سحب الثقة من الوزير إذا ثبت وجود تقصير، ورأى في تصريح امكان أن يصدر البرلمان توصية غير ملزمة الى رئيس الجمهورية بسحب الثقة من الوزير. وينتظر أن يمثل حسين أمام البرلمان الاثنين المقبل لاطلاعه على تفاصيل الهجوم الإسرائيلي والخروقات الأمنية المتكررة على ولاية جنوب كردفان.
وفي السياق ذاته حذر تحالف أحزاب المعارضة الحكومة من خطورة التحالف مع طهران، وقال إن رسو سفن إيرانية في المياه الإقليمية للسودان بالبحر الأحمر يهدد الأمن في المنطقة، وطالب التحالف الحكومة بتقديم رد قوي على الاتهامات والمزاعم الإسرائيلية للخرطوم في شأن طبيعة مصنع اليرموك الذي تعرض الى قصف إسرائيلي الأسبوع الماضي.
وقال عضو هيئة تحالف المعارضة محمد ضياء الدين إن لإيران مطامع في المنطقة، وإن التعاون معها يستوجب الحيطة والحذر، وشدد على ضرورة قيام الحكومة بمسؤولياتها، مجدداً إدانته للاعتداء على مصنع اليرموك، وداعياً إلى توحيد الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات والاستهداف الخارجي للبلاد. وأشار الى أن جلاء الحقائق وإبراز الدوافع الحقيقية للهجوم الإسرائيلي يخدمان وحدة الموقف الداخلي ضد العدوان.
وفي السياق نفسه، قدم مجلس أحزاب الحكومة أمس مذكرة احتجاج على الاعتداء الإسرائيلي على «مصنع اليرموك» الى بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم. وطالب ممثلو الاحزاب الذين نظموا وقفة احتجاج امام البعثة الاممية أمس، بخطوات جادة في مجلس الأمن لمعاقبة إسرائيل على خرقها للقانون الدولي والاعتداء على السودان.
وفي واشنطن، أعرب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مراك تونر عن قلق بلاده من زيارة سفينتين حربيتين إيرانيتين إلى ميناء بورتسودان، لافتاً إلى أن أسباب الزيارة لا تزال مجهولة. وقال: «من الصعب معرفة التفاصيل المحيطة بالزيارة، نحن قلقون، لكن ليس لدينا تفاصيل أكثر في هذه المرحلة».
وأضاف: «لقد اطلعنا على المعلومات التي أوضحت أن السفينتين الحربيتين الإيرانيتين رستا في مرفأ بورتسودان، وبالطبع نتابع المسألة عن كثب»، مشيراً إلى أن بلاده «تراقب نشاطات إيران في المنطقة بانتباه شديد».
 
 
 

المصدر: جريدة الحياة

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,862,398

عدد الزوار: 7,648,179

المتواجدون الآن: 0