أي بديل نريد؟

العربي: سقوط الأسد في أي وقت.. والمقدسي ينشق، واشنطن تلوح بالتدخل بعد أنباء عن تحرك أسلحة كيماوية * الأمم المتحدة تسحب موظفيها غير الأساسيين * اشتباكات في محيط مطار دمشق.. وعودة طائرة مصرية أدراجها

تاريخ الإضافة الأربعاء 5 كانون الأول 2012 - 5:10 ص    عدد الزيارات 2149    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

العربي: سقوط الأسد في أي وقت.. والمقدسي ينشق، واشنطن تلوح بالتدخل بعد أنباء عن تحرك أسلحة كيماوية * الأمم المتحدة تسحب موظفيها غير الأساسيين * اشتباكات في محيط مطار دمشق.. وعودة طائرة مصرية أدراجها

بيروت: ليال أبو رحال ونذير رضا واشنطن: هبة القدسي ـ لندن: «الشرق الأوسط»... بات العالم يتحسب للحظة انهيار النظام السوري أمس، اذ قال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بأن نظام الرئيس بشار الأسد يمكن أن يسقط «في أي وقت»، بينما لوحت واشنطن بالتدخل بعد أنباء عن تحرك أسلحة كيماوية. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في لهجة تحذيرية, «استخدام السلاح الكيماوي ضد المعارضين خط أحمر», مشيرة الى وجود خطة اميركية للتدخل عند الضرورة. ويأتي ذلك بالتزامن مع تقارير استخباراتية غربية تشير إلى وجود «أنشطة عسكرية غير طبيعية» بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية.
من جهة أخرى، أكدت مصادر المعارضة السورية أمس انشقاق المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد المقدسي عن النظام السوري, وسط تقارير ترجح خروجه من سوريا الى لندن.
وقال مدير مكتب الحراك الثوري في المجلس الوطني السوري جمال الوادي، لـ«الشرق الأوسط»: «معلوماتنا تؤكد أنه (المقدسي) دخل إلى بيروت قبل أيام، وغادرها إلى جهة مجهولة»، مشيرا إلى تقاطع هذه المعلومات «مع ما ذكرته وسائل الإعلام المقربة من النظام بأنه تم إعفاؤه من منصبه».
في هذا الإطار أعلنت الأمم المتحدة أمس أنها قررت تعليق أنشطتها في سوريا وأنها سوف تسحب العاملين غير الأساسيين بسبب تصاعد أعمال العنف هناك.
وواصلت قوات الأمن السورية عملياتها العسكرية في عدد من المناطق أمس، ووقعت اشتباكات في محيط مطار دمشق الدولي، وقال مسؤول بشركة «مصر للطيران» إن الشركة أمرت طائرة تابعة لها كانت في طريقها من القاهرة إلى دمشق بالعودة أمس بسبب «سوء الأوضاع الأمنية».
 
المعارضة تؤكد انشقاق المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد المقدسي، الوادي لـ «الشرق الأوسط»: لم ينسق معنا لتأمينه.. وغادر بيروت إلى جهة مجهولة

بيروت: نذير رضا .. أكد مدير مكتب الحراك الثوري في المجلس الوطني السوري جمال الوادي «انشقاق المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد المقدسي عن النظام السوري»، مشيرا في اتصال مع «الشرق الأوسط» إلى أن المقدسي «غادر سوريا عبر بيروت إلى جهة مجهولة».
وقال الوادي: «معلوماتنا تؤكد أنه دخل إلى بيروت قبل أيام، وغادرها إلى جهة مجهولة»، مشيرا إلى تقاطع هذه المعلومات «مع ما ذكرته وسائل الإعلام المقربة من النظام بأنه تم إعفاؤه من منصبه»، لافتا إلى أن الإعلان الرسمي عن إقالته من منصبه «يتشابه مع ما تعاملت فيه مع انشقاق رئيس الوزراء السابق رياض حجاب».
وإذ أكد الوادي أنه «لم يجرِ أي تواصل حتى الآن (مساء أمس) بين المقدسي وأي من المعارضين السوريين»، أكد «إننا نتابع الموضوع، وهناك من يحاول التواصل معه»، نافيا أن يكون المقدسي نسّق قبل انشقاقه مع مكتب الحراك الثوري لتأمين خروجه من دمشق.
ويعد المقدسي ثاني أرفع شخصية سوريا تنشق عن النظام، بعد انشقاق رئيس مجلس الوزراء السابق رياض حجاب.
وأكدت مصادر دبلوماسية لوكالة «رويترز» انشقاق مقدسي، مشيرة إلى أن «هاتف مقدسي الجوال كان مغلقا مساء اليوم (أمس) الاثنين».
وكان تلفزيون «المنار» اللبناني التابع لحزب الله، قد أكد أن مقدسي «أقيل من منصبه لإدلائه بتصريحات لا تعكس المواقف الرسمية للحكومة»، مشيرا إلى «إعفائه بسبب ارتجاله مواقف خارج النص الرسمي السوري»، دون ذكر تفاصيل أخرى. بدورها، أفادت قناة «العالم» الإيرانية أنه «تم إعفاء المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد المقدسي من منصبه»، فيما أشارت قناة «الجديد» اللبنانية إلى أن المقدسي «غادر إلى بريطانيا عبر مطار بيروت الدولي».
مقدسي، الذي يشبهه المعارضون بمحمد سعيد الصحاف وزير إعلام صدام حسين، وبالناطق الإعلامي سابقا باسم القذافي موسى إبراهيم، دأب على الحديث في مؤتمرات صحافية في دمشق لشرح تعامل سوريا مع الانتفاضة ضد بشار الأسد، لكنه نادرا ما شوهد في وسائل الإعلام في الأسابيع الأخيرة؛ مما أثار تكهنات باحتمال انشقاقه عن النظام السوري.
جهاد مقدسي الذي منحه الموالون للنظام ألقاب «فتى النظام» و«رجل الدبلوماسية المقاوم»، يتحدر من أسرة مسيحية دمشقية، حائز على دكتوراه في الدراسات الإعلامية من الجامعة الأميركية - لندن. حصل على عمل في وزارة الخارجية عام 1998 من خلال صلات والدته مع زوجات كبار المسؤولين في الدولة والقصر الرئاسي، وقد عُيّن في عام 2000 في السفارة السورية في واشنطن، قبل أن ينقل إلى السفارة السورية في بروكسل ثم لندن.
وعُيّن المقدسي ناطقا رسميا باسم وزارة الخارجية في عام 2011، وقيل إن هذا المنصب وصل إليه «نتيجة علاقاته الجيدة داخل النظام»، كما قيل أن اختياره «جاء بناء على اقتراح من أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد»؛ على الرغم من عدم أحقيته بذلك حسب القوانين والأنظمة المعمول بها في الوزارة وعلى الرغم من وجود عقوبة مسلكية في سجله المهني.
وبرز مقدسي كبديل في الإعلام لسد تغييب المستشارة الإعلامية في القصر الرئاسي بثينة شعبان ووزير الخارجية وليد المعلم، بعد تنامي الهجوم عليهما من قبل المعارضة لضعف أدائهما الإعلامي، والإدلاء بتصريحات تحولت إلى نكات للتندر على النظام السوري.. إلا أن أداء مقدسي لم يكن أفضل بكثير، إذ أقر في تصريح شهير له بوجود سلاح كيماوي في سوريا ولكنه لن يستخدم إلا في حال التدخل الخارجي، كما أثارت تصريحاته حول مجزرة الحولة - والتي اتسمت بالاستخفاف - الكثير من ردود الفعل السلبية.
وعقب الإعلان عن انشقاق مقدسي أمس، امتلأت صفحات موقع «فيس بوك» المؤيدة للنظام السوري بالاتهامات والسباب الموجه للمتحدث الإعلامي السابق. وقال عدد من رواد «صفحة بشار الأسد» إن «سوريا لا تريد الخونة»، وأن «الفار جهاد مقدسي تم إبلاغه من يوم أمس (أول من أمس) بقرار اعفائه»، مشيرين إلى «معلومات عن مغادرته هاربا إلى لندن عبر الحدود اللبنانية ثم مطار بيروت برفقة عائلته».
 
اشتباكات عنيفة في محيط مطار دمشق.. وحصار ريفها مستمر، الأمم المتحدة تسحب موظفيها.. و«مصر للطيران» تعيد رحلتها من الجو * غارة جوية تستهدف رأس العين بالحسكة

بيروت: ليال أبو رحال... بينما أعلنت الأمم المتحدة أمس أنها قررت تعليق أنشطتها في سوريا وسوف تسحب العاملين غير الأساسيين بسبب تصاعد أعمال العنف هناك، واصلت قوات الأمن السورية عملياتها العسكرية ضد عدد من المناطق السورية أمس؛ حيث تخطى عدد القتلى وفق حصيلة أولية 100 قتيل، بحسب المعارضة السورية. وطال القصف بشكل خاص أحياء دمشق الجنوبية أمس، بينما تابعت القوات النظامية حملتها العسكرية الموسعة في ريف دمشق منذ الخميس الفائت وفي محيط مطار دمشق الدولي.. وقال مسؤول بشركة «مصر للطيران» إن الشركة أمرت طائرة تابعة لها كانت في طريقها من القاهرة إلى دمشق بالعودة أمس بسبب «سوء الأوضاع الأمنية» عند مطار العاصمة السورية.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نيسيركي إن بعثة الأمم المتحدة في سوريا قد قررت تعليق جميع الأنشطة على الأرض. وأضاف: «الموقف في دمشق بصفة خاصة وفي عموم البلاد أيضا أصبح غير آمن على نحو متزايد». وقال نيسيركي إن رؤساء بعثة الأمم المتحدة في دمشق سوف يلتقون لتقييم الموقف وليتخذوا قرارا بشأن الأشخاص الذين يتعين عليهم المغادرة.
من جهة أخرى، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن تعرض الأحياء الجنوبية من دمشق للقصف، وعن دوي انفجارات في حيي التضامن والحجر الأسود، بينما أشار ناشطون إلى أن «قوات النظام قصفت فجر أمس حي التضامن ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الواقعين أيضا في جنوب العاصمة»، إلى جانب استهداف مدينة داريا وبلدتي بيت سحم ويلدا ومناطق في الغوطة الشرقية بريف دمشق، بينما استمرت المعارك بين الجيشين النظامي والحر قرب طريق مطار دمشق الدولي.
وقال ناشطون سوريون، إن محيط مطار دمشق الدولي شهد اشتباكات عنيفة وقصفا مكثفا من جانب القوات الحكومية التي تسعى إلى إحكام السيطرة على هذه المنطقة الحيوية، في موازاة إشارة المرصد السوري إلى أن «القوات الحكومية تحاول دفع قوات المعارضة بعيدا عن العاصمة دمشق، بعد أن شنت غارتين جويتين على بلدة بيت سحم القريبة من الطريق السريع المؤدي إلى مطار دمشق الدولي، حيث اشتبك الجانبان الأسبوع الماضي». كذلك، دارت اشتباكات في مدينة النبك بين القوات النظامية ومقاتلين من «الجيش الحر»، بالتزامن مع قصف نظامي للمزارع الواقعة على أطراف الطريق الدولي. كما طال القصف بلدة مسرابا ما أسفر عن مقتل 6 مواطنين وإصابة آخرين.
وفي سياق ذي صلة، نقلت «رويترز» عن مسؤول بشركة «مصر للطيران» إن الشركة أمرت طائرة تابعة لها كانت في طريقها من القاهرة إلى دمشق بالعودة أمس بسبب «سوء الأوضاع الأمنية»، وقال المسؤول: «طلبت السلطات المصرية من الرحلة رقم 721 العودة إلى القاهرة بناء على معلومات تلقتها من دمشق».
إلى ذلك، تجدد القصف أمس على مدينة راس العين، الواقعة في محافظة الحسكة، حيف أفاد المرصد السوري عن مقتل 12 شخصا وإصابة أكثر من ثلاثين إثر غارة جوية نفذتها طائرة حربية على حي المحطة بمدينة راس العين. أما في حلب، فقد أفاد ناشطون عن سماع دوي انفجارات قرب مطار حلب، في موازاة تجدد القصف من الطيران الحربي على حي اليرموك في حلب، بالتزامن مع قصف بالمدفعية الثقيلة على أحياء الصاخور والعرقوب. وذكر المرصد السوري أن اشتباكات وقعت في حيي بستان الباشا والصاخور رافقها أصوات انفجارات وخسائر في صفوف القوات النظامية، في موازاة تعرض بلدتي حريتان وعزيزة بريف للقصف ووقوع اشتباكات قرب مخيم حندرات بريف حلب.
في موازاة ذلك، لا يزال القصف العشوائي يطال قرى عدة بريف اللاذقية، كما قال عمار الحسن، الناشط في اتحاد تنسيقيات الثورة السورية لـ«الشرق الأوسط»، إن «المدينة تعاني نقصا حادا في الطحين والخبز، بينما يزداد الازدحام على الأفران يوما بعد آخر نتيجة عدم توافر المحروقات، لا سيما المازوت». وأشار إلى أن «خروج مظاهرة في حي العوينة، حيت (الجيش الحر) وهتفت للريف الصامد، قبل أن تفرقها عصابات الأمن والشبيحة».
وفي ريف اللاذقية، قصفت الدبابات قرى عدة في منطقة جبل الأكراد، وتحديدا مصيف سلمى وقراها. وأفاد الحسن عن أن «النظام حشد أمس قواته وآلياته على أطراف جبل التركمان بالتزامن مع قصف مدفعي متقطع استهدف قرى ناحية ربيعة». وأشار إلى أن «قوات الأمن وعناصر من شبيحة النظام وشبان القرى الموالية أقدموا على حرق الأراضي الزراعية وعدد من المنازل في قريتي دفيل وبكاس قرب مدينة الحفة، التي وصلتها تعزيزات عسكرية أمس».
وفي دير الزور، أفادت شبكة «شام» الإخبارية عن «قصف الجيش النظامي أحياء الموظفين والجبيلة والرشدية والعرفي، كما شهدت هذه الأحياء اشتباكات بين قوات النظام و(الجيش الحر)، بينما أكد ناشطون تمكن عناصر «الجيش الحر» من حصار مطار دير الزور العسكري.
وفي حمص، تجدد القصف العنيف بالمدفعية الثقيلة على أحياء المدينة المحاصرة مع سماع دوي انفجارات كبيرة هزت المنطقة. وأفادت لجان التنسيق المحلية أن الجيش النظامي قصف بقذائف الهاون أحياء جوبر والسلطانية وجورة الشياح. كما قصفت قوات النظام بالمدفعية مدينتي الحولة والرستن في ريف حمص، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد من الأشخاص وتدمير عدد من المباني السكنية. كما تعرضت مدينة الحولة وبلدة عقرب لقصف عنيف من الطيران الحربي بالتزامن مع قصف براجمات الصواريخ على المنطقة.
 
أزمة الرغيف تتفاقم في سوريا وناشطون يحذرون من مجاعة في حلب، القصف يستهدف الأفران.. و«الجيش الحر» يحاول مساعدة السكان

لندن: «الشرق الأوسط» ... حذر ناشطون من تفاقم أزمة توفر الخبز في البلاد بعد أن تجاوز سعر ربطة الخبز (ثمانية أرغفة) في بعض المناطق - لا سيما حلب - 200 ليرة سوريا (ما يعادل نحو 2.5 دولار)، أي ارتفاع بنحو عشرة أضعاف للسعر المحدد من قبل الحكومة، وهو 15 ليرة سورية.. وذلك في وقت تعرض فيه مخبز بحي بستان القصر لقصف راح ضحيته أكثر من عشرين شخصا. ولم يستبعد الناشطون حصول مجاعة في حلب، لا سيما في الأحياء والمناطق الفقيرة المنكوبة التي تعرضت للقصف الشديد، وبث ناشطون مقاطع فيديو تظهر طوابير من الأطفال يحملون أطباق الطعام وينتظرون دورهم للحصول على طعام يعده عناصر الجيش الحر، الذين يشكون من شح المواد الغذائية والخبز.
وبحسب الناشطين، فإن أزمة الخبز تفاقمت في حلب بسبب القصف الذي تتعرض له الأفران في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر، بالإضافة إلى «عدم توفر مادة المازوت اللازمة لتشغيل الأفران وعدم توفر الطحين بالكميات الكافية»، واتهموا النظام بـ«إحراق محاصيل القمح في ريف حلب لدى انسحاب قواته من هناك»، كما أشاروا إلى «قيام عصابات سرقة بنهب صوامع الحبوب في عندان بريف حلب بهدف بيعها في السوق السوداء».
من جانب آخر، دعا نواب في مجلس الشعب في جلسة عقدت بداية الأسبوع إلى «تشكيل لجان شعبية وأهلية لمراقبة الأفران ومحطات توزيع الوقود والأسواق ومنحها صلاحيات الضبطية العدلية»، متسائلين عن دور وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في إيجاد حلول إسعافية سريعة للاختناقات الحاصلة في توزيع مادة المازوت والخبز. وقدم نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك قدري جميل إجاباته على أسئلة الأعضاء، وأشار إلى «وجود فساد في بعض المؤسسات بخصوص المحروقات، الأمر الذي أدى إلى زيادة الخلل بين العرض والطلب».. مؤكدا أن «أزمة المازوت إلى انفراج تدريجي في حدود منتصف الشهر الحالي، وإلى زوال بعد شهرين أو ثلاثة أشهر على أبعد تقدير».
وأقر جميل أن توقف العمل في «بعض المطاحن بحلب أدى إلى حدوث خلل في تأمين مادة الطحين لبعض المناطق، إضافة إلى عدم وجود مطاحن في المناطق الشرقية المنتجة للأقماح».
تصريحات جميل جاءت بعد أيام قليلة من تأكيد مدير عام «شركة المخابز الآلية» عثمان حامد عدم وجود أزمة خبز؛ وإنما «الطلب زاد عليه بنسبة تراوحت بين 20 و30%». وقال: إن «معظم المخابز تعمل بطاقتها القصوى وعلى مدار 24 ساعة، ولا يوجد أي نقص في مادة الخبز، إذ إن المواد الأولية من الدقيق والمازوت والعمال متوفرة».
ونقل موقع (الاقتصادي) عن حامد قوله إن «المخابز تعمل اليوم ضمن إمكاناتها المتاحة وبكامل طاقاتها، إلا أن عملية إنتاج الرغيف في المناطق الساخنة تواجه صعوبات، أهمها صعوبة وصول العاملين إلى مناطق عملهم، وإخراج ما أُنتج من الخبز لخارج المخبز لكي يوزّع على المناطق». مشيرا إلى «صعوبة وصول المواد الأولية من مازوت ودقيق إلى المخابز»، ومنبها إلى أن «الكثير من عمال المخابز تعرضوا لعمليات قتل أثناء أداء واجبهم».
وتشمل أزمة الخبز كافة المناطق في البلاد، لا سيما تلك التي تتعرض لقصف متواصل وسط اشتباكات دائمة بين القوات النظامية والجيش الحر، وبخاصة في البوكمال ودير الزور وحلب وحمص ودمشق وريفها. ففي البوكمال قال أحد السكان هناك لـ«الشرق الأوسط» إن «معظم مناطق دير الزور والبوكمال يعتمدون على الأفران المنزلية، وكانوا يهربون الطحين من العراق.. ولكن مؤخرا منعت الحكومة العراقية التهريب، ما أدى لتفاقم أزمة الرغيف في مناطق شرق سوريا بالإضافة لعدم توفر الكهرباء والمازوت للأزمة لتشغيل الأفران الكبيرة».
وبينما تصطف الطوابير بالمئات أمام الأفران التي ما تزال تعمل في المناطق الهادئة في دمشق وريفها لعدة ساعات للحصول على الخبز، تتوقف الأفران عن العمل نهائيا في مناطق أخرى كما تفتقد مادة الطحين من الأسواق.. وهو ما وصل بسعر ربطة الخبز إلى 75 ليرة في العاصمة. وتقول أم محمد، وهي أرملة وأم لأربعة أطفال تعمل في تنظيف المنازل: «أضطر للوقف ثماني ساعات لأحصل على ربطة خبز لأطفالي بسعر الدولة، واليوم الذي أشتري فيه الخبز لا أعمل». وتضطر أم محمد لأن تقطع مسافة 30 كيلومترا من ريف دمشق إلى حي ركن الدين للحصول على الخبز. وتقول: سابقا كان «الوقوف في طابور النساء أسهل لأن العدد يكون أقل.. الآن طوابير النساء أكبر بكثير من طوابير الرجال».
وعند أفران المزة ثمة معاناة أخرى، إذ يحكي أحمد الدمشقي أن «الوقوف على أبواب تلك الأفران مذلة، فهو قريب من حاجز للشبيحة، الذين لا يقفون بالدور. وأي أحد منهم يأتي ويتجاوز الدور ويحصل على عشر ربطات دفعة واحدة أمام أنظار الجميع».
في ظل هذه الظروف نشأت مهنة جديدة تعتاش على الأزمة، حيث يقوم أطفال وفتيان يقال لهم «الشئيعة» بالانتظار لساعات طويلة أمام الأفران ليحصلوا على الخبز بثمن 15 ليرة، ليبيعونها على بعد أمتار من الفرن بأسعار تتراوح بين 60 إلى 80 ليرة، حسب حاجة المشتري واستعجاله.
وحول أسباب أزمة الخبز وتواصل ارتفاع أسعارها بشكل جنوني، يقول الدمشقي إن «معظم الأفران الحكومية توقفت عن العمل في المناطق الساخنة بسبب عدم توفر المازوت.. أما الأفران الخاصة والتي تلجأ لشرائه من السوق السوداء بسعر يتجاوز 100 ليرة للتر الواحد (علما بأن السعر النظامي 30 ليرة) فبعضها خفض إنتاجه من الخبز، وراح يبيع مخصصاته من الوقود والطحين المدعوم بالسوق السوداء بأسعار مضاعفة بهدف الربح. ويأتي ذلك بالإضافة إلى صعوبة نقل القمح والطحين بين المحافظات».
 
يوم الهلع الكبير في طرابلس سببه شائعات وشريط مصور للتمثيل بالجثث، والد أحد قتلى كمين تلكلخ: جهة مجهولة جندت ابني

طرابلس: سوسن الأبطح ... أكد والد الشاب اللبناني خضر علم الدين (المفقود في كمين تلكلخ) أن «كل محاولات العائلة لمعرفة من جند ابنه وأرسله للجهاد في سوريا باءت بالفشل». وروى مصطفى علم الدين لـ«الشرق الأوسط» أن الأخبار لا تزال متضاربة حول عدد اللبنانيين الذين وقعوا في الكمين مع ابنه بعد تسللهم إلى سوريا، كما أنه لا معلومات مؤكدة حول عدد الناجين؛ وإن كانت الأخبار تتحدث عن نحو 17 شابا وصلوا إلى الداخل السوري ونجاة الكثير منهم، إلا أن خضر (ابنه) على الأرجح فارق الحياة. «لأننا تعرفنا على صورة جثته التي عرضت على التلفزيون السوري، وهو يلبس قميصا أصفر خرج فيه من المنزل يوم الأربعاء الماضي عند الساعة الثالثة بعد الظهر دون أن يعلمنا بأي شيء عن نواياه، وبقينا نبحث عنه حتى يوم الجمعة، حيث أبلغنا بأنه قضى في كمين داخل سوريا».
وروى والد خضر لـ«الشرق الأوسط» أن ابنه البالغ من العمر عشرين عاما هو طالب في الجامعة اللبنانية، الفرع الثالث، قسم اللغة العربية، ولا يزال في السنة الأولى. كان يتردد على مساجد مدينته المنية التي يؤمها مشايخ معتدلين، لكن العائلة لاحظت تغيرا في تفكيره وحديثا متكررا عن الجهاد، مما جعلهم يتدخلون لنصحه ويطلبون من مشايخ المنطقة مساعدتهم في ذلك، دون أن يتمكنوا من معرفة الجهة التي يتصل بها.
ويروي الوالد: «لا نعرف على الإطلاق من هي الجهة المجهولة التي كانت تدس له هذه الأفكار المسمومة، ولا نعرف أي شخص من الشبان الذين ذهب معهم، فهم ليسوا من منطقتنا. هناك غموض شديد، وتكتم كبير، حول الجهة المحركة والمجندة، والمكان الذي تجمعوا فيه قبل ذهابهم إلى سوريا، ونحن نطالب الحكومة بالتحقيق والكشف عن الجهات التي تتلاعب بعقول أولادنا وتذهب بهم إلى الموت من أجل قضايا لا ناقة لنا فيها ولا جمل».
وكان خبر وقوع شبان لبنانيين تضاربت الأنباء حول عددهم، في كمين للجيش السوري، انتشر يوم الجمعة الماضي، وأثار توترا شديدا في طرابلس. وبلغ التوتر أشده يوم أمس، بسبب سريان شائعات طوال النهار أخافت السكان. فمرة قيل إنه تم خطف علويين من جبل محسن لمبادلتهم بالمفقودين، ومرة أخرى قيل إن أهالي المفقودين بالكمين سيغلقون الشوارع والمنافذ حتى معرفة مصير أبنائهم. وعمدت الجامعة اللبنانية إلى إغلاق أبوابها حذرا، كما طلبت بعض المدارس من ذوي التلاميذ أخذ أولادهم إلى المنازل تحسبا لأي طارئ. واضطرت بعض الدوائر الرسمية إلى إغلاق أبوابها باكرا.
لكن والد الشاب خضر علم الدين رفض كل التحركات والاعتصامات التي تقام باسم أهالي المفقودين قائلا: «نحن 17 عائلة تضررت أو أكثر.. هل نتسبب بالضرر لآلاف من العائلات الأخرى التي لا ذنب لها ولا علاقة بما حدث لنا؟». وقال علم الدين الذي كنا نتحدث معه بينما اعتصام يقام وسط طرابلس للمطالبة باستعادة المفقودين في تلكلخ - أحياء كانوا أو أمواتا: «نحن نرفض المتاجرة بدم ابننا من أجل المساومة عليه، ولا نرضى عن كل سلوك يؤدي إلى فتنة أو الإضرار بمصالح الناس، ولن نقبل المشاركة في اعتصام أو تظاهر نعرف سلفا أن غاياته لا علاقة لنا بابننا أو المفقودين، وإنما هو إضرار وأذى لمصالح الناس». وأضاف: «توسطنا لدى رئيس الحكومة ومستشار رئيس الجمهورية نصري خوري، لاستعادة جثمان ابننا من خلال العلاقة بين البلدين».
من جهة أخرى، أعلن يوم أمس أن الرئيس ميقاتي اتصل بممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وطلب منه التدخل لاسترجاع جثامين تلكلخ ومعرفة مصير الآخرين».
وأقيم اعتصام وسط طرابلس بعد عصر أمس شارك فيها النائب مصباح الأحدب، أمهل خلاله المعتصمون الدولة حتى يوم الأربعاء «وإلا فإن تصعيدا جديدا سيعلن عنه بالتشاور مع أهالي ضحايا الكمين في سوريا».
وردا على الشائعات الكثيرة التي سادت المدينة، والهلع الذي ساد بين الطرابلسيين لاستعادة أبنائهم من المدارس، قال المسؤول الإعلامي في الحزب العربي الديمقراطي عبد اللطيف صالح ظهر أمس لـ«الشرق الأوسط»: «إن أي علوي أو ساكن لجبل محسن لم يخطف. أبناؤنا لا يزالون في مدارسهم وأشغالهم، ولا نخاف من أهالي طرابلس الذين ليس من شيمهم الخطف. نحن نقدر أن هناك عائلات مكلومة ومفجوعة بأولادها ونتفهم ذلك. بل إن مشايخ طرابلس أظهروا اعتدالا وإدراكا للمسؤولية يشكرون عليه». وقال صالح، «إن ثمة شائعات كثيرة لا أساس لها من الصحة، وقد يكون طرف ثالث له مصلحة بإشعال الفتنة يتدخل خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي لإخافة الناس».
أما الشيخ بلال دقماق أحد الإسلاميين المعروفين في طرابلس فقال: «لا توجد خطه احتجاجية مدروسة من قبل الأهالي للتصعيد إنها مواقف ارتجالية متأتية من هول الحدث. هناك غضب من النظام السوري الذي يستفز الأهالي في لبنان ويزيد من حقدهم عليه. فمشاهد التمثيل بجثث اللبنانيين التي وصلتنا ولم يتم عرضها بعد، هي التي دفعت إلى الغضب الكبير اليوم (أمس)، نحن أمام ردود فعل على المشاهد البشعة». ورجح دقماق أن يكون عدد القتلى 16 شخصا وعدد الناجين هم ثلاثة وشخص واحد وقع في الأسر.
 
بوتين: لسنا محامين لنظام الأسد، قال إن نشر «الباتريوت» سيزيد التوتر.. وتركيا تنشر المقاتلات على حدودها

لندن: «الشرق الأوسط» .... فيما تظاهر نحو 250 شخصا أمام القنصلية الروسية في إسطنبول أمس للتنديد بزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبلادهم، منتقدين السياسات الروسية تجاه الوضع في سوريا.. قال بوتين إن بلاده ليست محاميا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، معلنا عدم التوصل مع تركيا إلى اتفاق حول سوريا، وملوحا أن رغبة تركيا في نشر صواريخ أرض - جو من نوع باتريوت للحلف الأطلسي على حدودها «سيزيد» التوتر مع سوريا.
وقال بوتين في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «لسنا مدافعين عن النظام السوري الحالي.. لقد قلتها أكثر من مرة لسنا محامين عن النظام السوري. هناك أشياء أخرى تثير قلقنا منها على سبيل المثال ما سيحدث مستقبلا» في هذا البلد. كما نقلت وكالة أنباء إيتار - تاس قوله إن «روسيا وتركيا لم تتوصلا حتى الآن إلى رؤية مشتركة حول وسائل تسوية الوضع في سوريا».
وأضاف الرئيس الروسي أن بلاده، التي تعد أحد آخر الدعائم الدولية لنظام الرئيس بشار الأسد، ستحافظ رغم هذه التباينات، على الحوار مع تركيا التي تطالب بتنحي الرئيس السوري، قائلا: «سنكون على اتصال مع تركيا لمتابعة العمل معا حول وسائل تطبيع الوضع في سوريا».
وأشار بوتين إلى أن رغبة تركيا في نشر صواريخ أرض - جو من نوع باتريوت للحلف الأطلسي على حدودها «سيزيد» التوتر مع سوريا، قائلا إن «وضع قدرات إضافية على الحدود لا يهدئ الوضع بل بالعكس يوتره».. ناصحا تركيا بـ«ضبط النفس»، مشيرا مع ذلك إلى أنه «يتفهم» هواجسها الأمنية.
ويأتي ذلك بينما أكد نشطاء أن قوات الحكومة السورية قصفت مواقع تابعة لمقاتلي المعارضة في بلدة رأس العين الحدودية مما أسفر عن سقوط 12 قتيلا ودفع تركيا إلى نشر مقاتلات بامتداد الحدود. وقالت مصادر أمن تركية إن طائرات تركية إف - 16 انطلقت من قاعدتها في مدينة ديار بكر في جنوب شرقي البلاد بعد الغارات الجوية على مقر الجيش السوري الحر في رأس العين في تحذير لدمشق بعدم تجاوز الحدود مع تركيا. وسيطر مقاتلو المعارضة السورية على رأس العين قبل نحو شهر في معركة تسببت في تدفق أكبر حركة للاجئين خلال الصراع القائم منذ 20 شهرا واختبرت مدى عزم تركيا على الدفاع عن نفسها في مواجهة أي امتداد للعنف.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية التركية لـ«الشرق الأوسط» إن المسؤولين الأتراك قالوا لبوتين إن عملية نشر صواريخ «باتريوت» تهدف إلى حفظ أمن تركيا ومواطنيها تحسبا لأي تطور سلبي في الوضع السوري، مشيرين إلى أن أنقرة تلاحظ ازديادا في المخاوف من انعكاسات سلبية للأزمة السورية، خصوصا بعد تساقط القذائف السورية على الأراضي التركية ومقتل المواطنين الأتراك.
وأشار المسؤول إلى أن المحادثات تطرقت إلى مؤتمر المعارضة في الدوحة، وخروجه بهيئة موحدة «بما في ذلك من فائدة لجهة توحيد جهود المعارضة وكلمتها» وأوضح المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن «المسؤولين الأتراك اتفقوا مع بوتين على أن الأمور تتجه في سوريا نحو الأسوأ، وأن هدف البلدين هو وقف شلال الدم في سوريا، لكن بطريقتين مختلفتين، وفي المستقبل لا بد أن نعمل على تغيير الأمور لكن طرقنا للتغيير مختلفة». وأضاف أن «الروس يعتقدون أن التغيير لا يزال ممكنا بواسطة الأسد، لكننا لا نرى ذلك، وكذلك قسم كبير من المجتمع الدولي، وأيضا المعارضة السورية التي ليست في وارد التعاون مع الأسد بأي شكل من الأشكال»، وأوضح المسؤول التركي أن «الجانبين اتفقا على ضرورة السعي والعمل لوقف نزف الدم السوري، وإن كانت الأمور ستجري بوسائل مختلفة».
وعما إذا كان المسؤولون الأتراك لاحظوا «تغييرا في الموقف الروسي»، قال: «مع (وزير الخارجية سيرغي) لافروف كلا، لكن مع الرئيس بوتين كانت بالتأكيد هناك مقاربة مختلفة، وقد أبدى بوتين انفتاحه على كل الأفكار والمقترحات للخروج من الأزمة».
 
العربي: نظام الأسد يمكن أن يسقط في أي وقت، يرى أن المعارضة تتقدم «سياسيا وعسكريا».. والمعركة الآن في دمشق

لندن: «الشرق الأوسط» ... صرح الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بأن نظام الرئيس بشار الأسد يمكن أن يسقط «في أي وقت»، معتبرا أنه يواجه معارضة تكسب مزيدا من الأرض كل يوم.
وسئل العربي الذي كان يتحدث باللغة الإنجليزية في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية متى يتوقع سقوط نظام الأسد؟ فأجاب: «إن هذا يمكن أن يحدث في أي وقت»، معتبرا أن الأوضاع «على الأرض توضح بجلاء أن المعارضة السورية تتقدم سياسيا وعسكريا. إنها تحقق تقدما كل يوم»، مشيرا إلى أن «المعارك تدور الآن في دمشق».
واعتبر الأمين العام للجامعة العربية أن الائتلاف الوطني السوري «يمضي قدما»، وتابع: «نحن على اتصال معهم ونقابلهم دوما» بعد أن اعترفت الجامعة العربية بالائتلاف الوطني السوري باعتباره «الممثل الشرعي للمعارضة السورية والمحاور الأساسي للجامعة العربية». وردا على سؤال عن احتمال أن يؤثر النزاع السوري على الدول المجاورة، فقال: «الاحتمال قائم ولا يمكن أن نستبعده».
وأعرب العربي عن أسفه لدعم روسيا لدمشق معتبرا أنه يمنع مجلس الأمن من تحقيق تقدم في الملف السوري، وقال «هذا يوضح أن المجتمع الدولي يجب أن يراجع الطريقة التي يعمل بها مجلس الأمن». وأكد أن «الروس يصرون على أن الأسد يجب أن يبقى حتى نهاية الفترة الانتقالية»، بينما تقضي الخطة العربية لتسوية النزاع بأن «تبدأ الفترة الانتقالية بتشكيل حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة وبالتالي يصبح الأسد من دون سلطات».
ورأى العربي أن الصين التي تؤيد سوريا كذلك في مجلس الأمن يمكن أن تغير موقفها. وقال إن «التصريحات التي يدلي بها الصينيون تشير إلى أنهم أكثر مرونة». وردا على سؤال عن دور إيران في النزاع السوري، قال الأمين العام للجامعة العربية «أقرأ في الصحف أن إيران تزود (النظام السوري) بالسلاح والمال» وهو ما «تنفيه طهران» الحليف الرئيسي لنظام الأسد في المنطقة. وتابع العربي: «لا أتوقع أن يتغير الموقف الإيراني، لأنه موقف دوغماتي لكنه ليس مؤثرا إلى هذا الحد في النزاع السوري».
 
كلينتون: أسلحة سوريا الكيماوية خط أحمر.. ولدينا خطة للتصرف إذا استخدمت، تقارير غربية سجلت نشاطا عسكريا غير طبيعي بالقرب من مستودعاتها

واشنطن: هبة القدسي .... حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون النظام السوري من استخدام السلاح الكيماوي ضد المعارضين في سوريا، وشددت خلال لقائها مع نظيرها التشيكي كارل شفارتسنبيرغ أمس على أن بلادها لن تقبل ذلك إطلاقا، وقالت إنه «خط أحمر بالنسبة للولايات المتحدة، نحن نحذر مجددا نظام الأسد بأن أفعاله تستحق الإدانة، وأن تصرفاته بحق شعبه مأساوية». وذلك بالتزامن مع تقارير استخباراتية غربية تشير إلى وجود «أنشطة عسكرية غير طبيعية» بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية، فيما أكدت دمشق أنها لن تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبها «تحت أي ظرف كان».
ولم تشر كلينتون إلى أدلة جديدة حول تحركات محتملة لمخزنات الأسلحة الكيماوية التي يملكها نظام الأسد، وقالت للصحافيين في براغ «لن أحدد ما سنقوم به في حال حصلنا على إثباتات قوية بأن نظام الأسد استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه، لكن يكفي أن أقول إننا نخطط لاتخاذ إجراءات في هذه الحال». وشددت كلينتون قائلة: «مرة أخرى نصدر تحذيرا قويا جدا لنظام الأسد أن سلوكهم مستهجن، وتحركاتهم ضد شعبهم مأساوية، لكن ليس هناك أي شك أن هناك خطا فاصلا بين الأهوال التي ألحقت حتى الآن على الشعب السوري، وبين الانتقال إلى ما يمكن أن يكون خطوة لإدانة دولية لاستخدام الأسلحة الكيماوية». وكانت إدارة الرئيس باراك أوباما قد تجنبت التدخل العسكري المباشر في مناقشة سبل حل الأزمة السورية، وطالبت الرئيس بشار الأسد بالتنحي والبدء في عملية انتقال سياسي سلمي ورفضت تسليح المعارضة السورية خوفا من سقوط الأسلحة في أيدي إرهابيين وزيادة عسكرة الصراع. وحذرت الإدارة الأميركية النظام السوري من التفكير في استخدام الأسلحة الكيماوية. لكن الرئيس أوباما أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي أن إقدام سوريا على استخدام الأسلحة الكيماوية قد يجبره على تغيير حساباته.
وتشير بعض التقارير الاستخباراتية إلى أن سوريا لديها مئات من الصواريخ البالستية القادرة على حمل رؤوس حربية كيماوية. وتشكل تلك الترسانة تهديدا خاصا لتركيا حليفة أميركا. وقد طلبت تركيا من حلف شمال الأطلنطي الموافقة على خطة لنشر صواريخ باتريوت بالقرب من حدودها مع سوريا من أجل تعزيز دفاعاتها الجوية، وهو الأمر الذي تعارضه روسيا - حليف سوريا - وتؤكد أن تلك الخطوة لن تؤدي إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة. وإذا وافق حلف الناتو على الطلب التركي في اجتماعه في بروكسل الثلاثاء، فإنه من المرجح أن يتم نشر تلك الصواريخ في غضون أسابيع قليلة.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول أوروبي أن واشنطن حذرت في وقت سابق نظام الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية وحذرت عدة دول غربية الحكومة السورية من التفكير في استخدام تلك الأسلحة ضد المعارضة، وتم إيصال تلك التحذيرات إلى دمشق عبر روسيا وغيرها من الوسطاء.
وأوضحت الصحيفة أن تلك التحذيرات للأسد جاءت بعد أن سجلت الاستخبارات الغربية نشاطا عسكريا غير طبيعي بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية في سوريا، مما دفع الدول الغربية إلى إجراء اتصالات عاجلة خلال الأيام الماضية لوضع خطط طارئة في حال ظهور ضرورة للتدخل بهدف منع استعمالها.
وقالت الصحيفة إن قلق الإدارة الأميركية يتزايد من وقوع الأسلحة الكيماوية في أيدي حزب الله، خاصة مع تصاعد نيران الحرب الأهلية في سوريا وتزايد القلق الأميركي مع إنشاء معسكرات تدريب لمقاتلي حزب الله بالقرب من بعض مواقع التخزين، لكن لا توجد أي مؤشرات على أن حزب الله يحاول الوصول إلى الأسلحة، وأغلب الظن أنهم أنشأوا معسكراتهم بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية لاعتقادهم أنهم لن يتعرضوا للقصف إذا كانت تلك الأسلحة في مكان قريب.
من ناحية أخرى، قال مسؤولون بالبنتاغون إن قادة القيادة المركزية العسكرية الأميركية وقيادة الأركان المشتركة قدموا للبيت الأبيض تقريرا منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي يتضمن تقييم الأوضاع في سوريا ومدى التأمين المفروض على الأسلحة الكيماوية التي تمتلكها، والموارد المطلوبة إذا تطلب الأمر التحرك بسرعة لتأمين تلك الأسلحة. وقال التقرير إن أي جهد عسكري أميركي للاستيلاء على مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية يتطلب حشد 75 ألف جندي، وأبدت وزارة الدفاع قلقها من قيام حزب الله اللبناني بإنشاء معسكرات تدريب بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية. وأشار المسؤولون إلى أن التقرير لا يتضمن خطة تفصيلية لكيفية تنفيذ مثل هذه المهمة؛ لكنه يتضمن خطة للطوارئ لتأمين عدد محدود من مستودعات الأسلحة الكيماوية السورية، وما يتطلبه من عدد من القوات العسكرية الأميركية. وأشار مسؤول عسكري بالبنتاغون إلى القلق الكبير من سقوط الأسلحة الكيماوية في الأيدي الخطأ مشيرا إلى قيام مقاتلي حزب الله بالتدريب بالقرب من مخزونات الأسلحة الكيماوية، وقال «هناك صعوبة في شحن تلك الأسلحة إلى خارج البلاد والمخاطر عالية في احتمالات تلوث المدن السورية، والهجوم على أي محاولات لنقل تلك الأسلحة إلى أماكن آمنة. ونتيجة لذلك فإن الكثير من المخزونات الكيمائية قد يتعين تدميرها في مكانها وهي مهمة خطيرة وتتطلب أعدادا كبيرة من القوات حول تلك المواقع».
من جهتها، قالت وزارة الخارجية السورية أمس إن «دمشق لن تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبها خلال المواجهات المستمرة منذ أكثر من 20 شهرا تحت أي ظرف كان». وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية في بيان تعقيبا على تصريحات كلينتون، إن «سوريا أكدت مرارا وتكرارا بأنها لن تستخدم مثل هذه الأسلحة - إن وجدت - ضد شعبها تحت أي ظرف كان».
 
الجيش الحر: «الكيماوي» سلاح النظام الأخير.. ولا نمتلك إمكانات مهاجمة مستودعاته، نقيب منشق من مرتبات «إدارة الحرب الكيماوية»: معلوماتنا عن التعامل معها أولية

بيروت: كارولين عاكوم ... رغم الحديث المتكرّر والتحذير الدائم من استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية في معاركه ضدّ الثوار والمدنيين، يعتبر المعارضون والقياديون في الجيش السوري الحر أنّ لجوء النظام إلى «الكيماوي» سيكون السلاح الأخير الذي يلجأ إليه حين يفقد الأمل في إمكانية الوصول إلى أي حل سياسي. وهذا ما يعبّر عنه النّقيب عبد السلام عبد الرزاق المنشق عن مرتبات «إدارة الحرب الكيماوية» في الجيش العربي السوري، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «سبق للنظام أن استخدم هذا النوع من الأسلحة، وإن كان بشكل محدود، السنة الماضية في بابا عمرو.. كما هدّد باستخدامه في الزبداني بعدما تمّ توزيع الأقنعة الواقية وما يعرف بـ(علب التصفية الحربية) على قواته، وهي أدوات يتم الاستعانة بها عند استخدام الأسلحة الكيماوية، وقد تمّ أيضا، إجراء تجارب عليها منذ شهر ونصف تقريبا، في منطقة المسلمية في شرق حلب بوجود خبراء إيرانيين».
ويلفت عبد الرزاق إلى أنّ النظام عمد إلى توزيع منشورات في صفوف قواته يقول فيها إنّ «العصابات الإرهابية هي التي تستخدم الأسلحة الكيماوية»، مؤكدا أنّه في بداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تم نقل الأسلحة الموجودة في مستودعات جبل القلمون إلى مطارات عدّة في سوريا، ولا سيما «مطار الضمير» في ريف دمشق. كما تمّ إيصال قسم كبير منها بسيارات مدنية إلى مواقع محدّدة في لبنان، وتحديدا في جبال القلمون. ويشير عبد الرزاق إلى أنّ النظام السوري الذي لم يوقع على اتفاقية الأمم المتحدة لحظر الأسلحة الكيماوية، يملك ترسانة كبيرة منها وهي تخضع لإدارة مراكز البحوث العلمية في حمص وحلب ودمشق واللاذقية ويديرها 3 عمداء من إدارة المخابرات الجوية، تحت إشراف خبراء من إيران وروسيا وكوريا الشمالية، وقد عمد في الفترة الأخيرة إلى إعادة توزيعها وتغيير أماكنها، بعدما كانت هذه الأماكن معروفة بالنسبة إلى المخابرات الأميركية».
وعما إذا كان عناصر الجيش الحر لديهم الخبرة الكافية للتعامل مع أسلحة كهذه، إذا عمد النظام إلى استخدامها، أشار عبد الرزاق إلى أنّهم لا يملكون إلا المعلومات الأولية في كيفية التعامل معها، وهي التدريبات التي يخضعون لها خلال خدمتهم العسكرية.. «لكن عمدنا إلى توعيتهم وتوعية المواطنين إلى هذه الأسلحة، من خلال مناشير تتضمّن المعلومات حولها، وأهمها أنّه غالبا يتم استخدامها من الطائرات التي تحلّق على علو منخفض وتترك خلفها سحابة دخانية، ويعرف صوت انفجارها بأنّه محدود وليس قويا.. فيما ينتشر في موقع الانفجار شظايا متوسطة الحجم بلون بني داكن». ويرى عبد الرزاق أنّ مهاجمة هذا النوع من المستودعات والاستيلاء عليها ليس بالأمر السهل بالنسبة إلى الجيش الحر الذي لا يملك لغاية الآن الإمكانات اللازمة للقيام بعمليات كهذه، لافتا إلى أنّ الأمر يحتاج إلى دعم عسكري ومخابراتي لتحديد أماكن وجودها بالدرجة الأولى ومن ثم استهدافها.
بدوره، اعتبر العقيد عارف الحمود، نائب رئيس الأركان في الجيش الحرّ، أن «النظام السوري جبان، بالتالي قد يأخذ بعين الاعتبار التحذيرات الدولية، لكنّ تاريخه الوحشي يؤكّد أنّه لن يتوانى عن استخدام الأسلحة الكيماوية لقتل أكبر عدد ممكن من شعبه»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ترسانة النظام السوري من الأسلحة الكيماوية كبيرة جدا، وهي ليست وليدة اليوم بل تعود لسنوات طويلة وموجودة في مستودعات في مناطق جبلية، ويتم إدارتها ضمن وحدات خاصة وأهمّها، الوحدة (417) في دمشق والوحدة (418) في حمص، المسؤولة عن تخزين الأسلحة الكيماوية وحراستها».
وفي حين لفت الحمود إلى أنّ النظام قد يكون عمد إلى نقلها إلى مواقع يعتبرها أكثر أمنا، أكّد أنّ هذه المستودعات هي ضمن أهداف الجيش الحر الذي إذا نجح في مهاجمتها.. وسيسلّمها إلى متخصصين لتعطيل مفعولها لأنّه لن يستخدم أسلحة ممنوعة دوليا. مشيرا أيضا، إلى أنّه «في حال قرّر النظام استخدامها فالإمكانات التي لدى الجيش الحر لغاية الآن غير قادرة على تعطيلها، إذ تحتاج بشكل رئيسي إلى أسلحة مضادة للطيران لتعطيلها والتخفيف قدر الإمكان من نتائجها».
 
الائتلاف السوري يجتمع في مراكش قبل مؤتمر أصدقاء سوريا، هيثم المالح لـ«الشرق الأوسط»: إطلاق الحكومة المؤقتة لسد ذريعة المجتمع الدولي

القاهرة: أدهم سيف الدين .... يسعى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في المغرب بمراكش في الثاني عشر من هذا الشهر إلى الحصول على الاعترافات الدولية ودفع المجتمع الدولي إلى اتخاذ قرارات أكثر وضوحا وقوة، مما يمكن المعارضة السورية من فرض إرادتها ووقف حمام الدم الذي لا تزال سوريا تغرق فيه منذ مارس (آذار) من العام الماضي.
لكن المطلوب من المعارضة السورية (الائتلاف السوري) توحيد قواها في الداخل والخارج وإنشاء حكومة مؤقتة كشرط من شروط الاعتراف بالائتلاف كممثل وحيد وشرعي للشعب السوري، رغم الاعتراف الفرنسي والبريطاني والتركي ومجلس التعاون الخليجي والأميركي الذي ما زال ينتظر تحقيق الشروط السابقة.
وسيعقد الائتلاف الوطني السوري اجتماعا في مراكش يومي 10 و11 من الشهر الجاري، قبل بدأ اجتماعات دول أصدقاء سوريا، والذي يطمح إلى أن يعلن عن إطلاق الحكومة المؤقتة من مراكش، واستكمال تنظيم المكتب السياسي، والذي يتألف من أحد عشر عضوا بمن فيهم الرئيس ونوابه، لسد ذريعة المجتمع الدولي.
وقال هيثم المالح عضو الائتلاف ورئيس اللجنة القانونية لـ«الشرق الأوسط»: «إن تشكيل الحكومة المؤقتة واستكمال البناء الداخلي والمكتب السياسي وتسمية رئيس الحكومة، هذه الأمور ستكون خطط الائتلاف لسد ذريعة الغرب في مؤتمر أصدقاء سوريا بمراكش، ونحن في الائتلاف نضم نحو 90 في المائة من القوى المعارضة».
ويلتقي هيثم المالح منتصف الأسبوع المقبل القوى الثورية من الفصائل المسلحة ومجالس الإدارة المحلية والتنسيقيات داخل الأراضي السورية، كخطوة سريعة لضم جميع هذه القوى تحت عباءة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وتقديمها كجسم سياسي موحد في المؤتمر.
وقال محمد السرميني عضو الائتلاف لـ«الشرق الأوسط» عبر «سكايب»، إن «خطط واستراتيجية الائتلاف لكسب الدعم السياسي في اجتماعات أصدقاء سوريا هي تجهيز مشروع الحكومة ليقدم للمجتمع الدولي»، وعن إطلاق الحكومة المؤقتة في مراكش قبل المؤتمر قال السرميني: «هذا ممكن، ولكن ليس بأكيد».
وأضاف المالح أن «الغرب مشتت في قراره تجاه الثورة السورية منذ عشرين شهرا تقريبا ويعلقون فشلهم على المعارضة، ولا يملكون رؤية سياسية تجاه ما يحصل في سوريا من عنف وقتل وتدمير».
وأكد مسؤولون أميركيون يوم الخميس الماضي أن الولايات المتحدة الأميركية تقترب من الاعتراف بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ممثلا شرعيا للشعب السوري، بمجرد انتهائه من استكمال بناء هيكله السياسي.
من جانبه، صرح روبرت فورد، السفير الأميركي لدى سوريا، خلال مؤتمر حول الأزمة الإنسانية في سوريا عقد الخميس الماضي، بأن الائتلاف يعتبر ممثلا شرعيا لتطلعات الشعب السوري وأنه «يحقق تقدما حقيقيا وأتوقع أن يتطور موقفنا مع تطور الائتلاف نفسه».
وسيتركز الدعم أيضا في مؤتمر مراكش على الجانب الإنساني والإغاثي للشعب السوري في الداخل والخارج، ممن يقبعون في المخيمات في الدول المجاورة لسوريا.. خاصة مع قدوم فصل الشتاء وافتقارهم إلى الكساء اللازم استعدادا لتدني درجات الحرارة المنخفضة في تلك المناطق.
وترى فرح الأتاسي، الناشطة السياسية الأمينة العامة لرابطة المرأة السورية، أن الشيء المهم هو أن يستقطب الائتلاف رؤوس الأموال السورية للدعم الإغاثي، والعمل على توحيد الجهود الإغاثية المتفرقة تحت مظلة واحدة. وقالت الأتاسي لـ«الشرق الأوسط» إن «الدعم الإنساني والإغاثي المقدم من الدول الغربية هو واجب أخلاقي ولا يحتاج إلى تفويض سياسي واعتراف دولي، وعلى الائتلاف الوطني السوري أن يسعى إلى حشد الدعم العسكري والسياسي لأجل إسقاط النظام».
 
أي بديل نريد؟

ميشيل كيلو... ليس من الحصافة في شيء أن ينتهج المعارض خطا يخدم نظاما يدمر وطنه ويقتله شخصيا. وليس من الحكمة دخول معارك يتم خلالها تقاسم جلد الدب قبل اصطياده، على الرغم من أن مخالبه ما زالت مغروسة في جسدنا، ويمكن أن تودي بحياتنا.
كان من المفترض أن تتم تعبئة وتوحيد أعظم قدر من القوة قبل رحيل النظام، ليكون إسقاطه مؤكدا وناجحا. ومع أنه من المنطقي ألا تتفق جميع الآراء والمواقف في أي حراك مجتمعي واسع ومتشعب كالحراك السوري، فإن بروز منظمات كانت هامشية عند بدء الثورة، لكنها تغلغلت إلى الشارع واحتلت موقعا مميزا داخل المعارضة، التي تبدل طابعها ولم تعد ما كانت عليه عند بدء الحراك، دل على وجود خلل خطير في العمل العام، مرده إلى أن هذه المنظمات لم تقدم أي إضافة إيجابية إلى ما يتعلق بإسقاط النظام: هدف الثورة المباشر، وإنما فرضت عليها هدفا يسود حوله خلاف جدي على مستوى تعبيراتها السياسية والعسكرية، أدى إلى تشتيت الجهود وإنهاك القوى وتمزيق الصفوف ووضعها بعضها في مواجهة بعضها الآخر، مثلما نرى هذه الأيام في مناطق مختلفة من سوريا، يعتبرها من يسيطرون عليها محررة من النظام وأطراف المعارضة في وقت واحد، على الرغم من أن المعركة ضد النظام لم تنته وليست واضحة النهايات بعد، وعلى الرغم من أن استمرارها يجعل التناقض الرئيسي معه وليس مع من يقاتلونه من المعارضين، مهما كانت انتماءاتهم مختلفة وخياراتهم متباينة عن انتماءات وخيارات الجهة التي حررت هذه المناطق، التي تعلن تصميمها على إخضاعها لحكم فئوي وغير متوافق عليه، أخذ بالفعل صورة إمارة إسلامية أعلن عن قيامها في مدينة حلب، ما لبثت أن باشرت عملها بطرد من استطاعت طردهم من مخالفيها في الموقف والرأي إلى خارج مناطق سيطرتها داخل المدينة الكبيرة، التي أحرقوا مزارات كثيرة فيها، وكتموا أنفاس سكانها وخاصة النساء منهم، اللواتي منعن من قيادة السيارات، وعوقبن أن قبض عليهن متلبسات بجرم السير سافرات أو منفردات في الشوارع.
لا ضرورة للتأكيد على ما يخلفه هذا السلوك من مشكلات لا لزوم لها، تقوض الحراك وتؤذي الشعب، وتفرض حكما طالبانيا في بلاد تثور منذ قرابة عامين ضد نظام استبدادي قديم خضعت له طيلة قرابة نصف قرن، وليس لديها رغبة في الرضوخ لحكم استبدادي جديد، يتكشف ضرره في المناطق المحدودة التي يسيطر عليها، بما يثيره من معضلات عويصة تحرف الثورة عن مسارها، وتمزق صفوف الثوار، وتقيم الحواجز والمتاريس بينهم، وبما يمثله من إرهاب يستغله النظام دون شك لكسب قطاعات واسعة كان قد خسرها من المواطنين، ويلمسه المقاتلون والمناضلون في الميدان من خلال تعرضهم لقدر من العداء لا مسوغ له، كان قد بدأ باستعمال المال السياسي ضدهم، ثم مر باستعداء الشعب عليهم، ووصل في النهاية إلى إبعادهم عن مناطق احتلها هؤلاء بالسلاح والعنف والتحريض المذهبي والآيديولوجي.
ماذا سيحدث إن تم «تحرير» بقية سوريا بهذه الطريقة؟ هل سنكافئ أمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وبناتنا على تضحياتهن بمنعهن من مغادرة المنازل، كي لا يرين شيئا خارجها؟ وهل سنرى في المرأة كائنا غير إنساني لا يستحق الحرية والمعرفة والحياة الحرة، فنعطل نصف مجتمعنا ونقتل روحه؟ وهل سنستورد من الآن فصاعدا نظرتنا إلى الإسلام من أفغانستان، لنستعين بها في إلغاء ما كان أجدادنا قد نشروه في العالم من إسلام وسطي ومتسامح، وعرفوا به من سعة الصدر ونقاء القلب وصدق الإيمان، فنتقدم إلى الخلف بدل أن نتقدم إلى الأمام؟ وهل سنحول بيوتنا إلى سجون لرجالنا الأحرار، الذين هانت عليهم الشهادة في سبيل كرامتهم، التي سنستبيحها ونحن نقيس بالمساطر طول لحاهم وسوالفهم وجلابيبهم؟ وهل سيتولى أمورنا بعد حكم القسوة والفظاظة حكم الجهل والهوى، الذي سيلغي حقوقنا، بما في ذلك حقنا في اختيار طريقة نومنا وكلامنا وتناول طعامنا؟ هل سيحكمنا من يكرهون الإنسان والحرية والتقدم والحق في الحياة ويحبون العبودية والذل والقتل، الذين سيقدسون قادتهم وسيجبروننا على عبادتهم والخضوع لإرادتهم؟. كنا نؤمن أن ثورة الحرية التي تبنت قيم العالم الحديث منتصرة لا محالة، ونؤمن اليوم أيضا أنها ستنتصر في نهاية المطاف لأنها اختيار شعب عافت نفسه الاستبداد والظلم، لكننا نرى ما يوضع في دربها من حسابات جزئية وولاءات دنيا، سبق لما يماثلها أن لعب دورا جديا في تقويض حركتين لم تكونا أقل شعبية من الحركات المذهبية الحالية، وعلق قطاع واسع من الشعب آمالا عراضا عليهما، هما الحركة القومية والحركة الاشتراكية، لكن طابعهما الآيديولوجي ما لبث أن قادهما للاستناد إلى تكوينات ما قبل مجتمعية ذات ولاءات دنيا، أجبرت الشعب على القيام بثورة للإطاحة بهما. في ضوء هذه الخبرة التاريخية، يكون ضربا من التخلي عن الوطن والشعب أن يحاول مذهبيون ضيقو الأفق وغرباء عن الفكر والمعرفة وضع يدهم بالسلاح على ثورة استشهد خلالها عشرات الآلاف من المواطنات والمواطنين من أجل حريتهم، التي اعتبروها فاتحة حياة جديدة سينعمون خلالها بالعدالة والمساواة، وسيرفضون إقامة أي نمط جديد من الاستبداد، ولكن المضاعف هذه المرة: مذهبيا وسياسيا.
يتواصل زخم الثورة السورية، ويتصاعد نضال السوريات والسوريين من أجل حريتهم، بينما تريد فئة مذهبية أخذ بلادنا إلى فوضى تجعلها غير قابلة للحكم، وعاجزة عن استعادة وضعها الطبيعي، لفترة طويلة مقبلة. في مواجهة هذه الفئة، تصير الحرية قدر شعبنا وسبيله إلى الحياة والكرامة، وطريقنا إلى المستقبل، الذي يجعلها خيارا إنقاذيا لا شك في أن الشعب سيتمسك به ويرفض أي نظام غيره، لتعارضه مع مصالح ورغبات معظم المواطنات والمواطنين، ومع أمن واستقرار المنطقة العربية برمتها.
ستقف سوريا خلال الفترة القصيرة المقبلة على مفترق طرق، ليس من المؤكد أنه سيأخذها إلى الحرية التي يصبو شعبها إليها، إن أفلت زمام الأمور من أيدي الوطنيين من أبنائها في المعارضة السياسية والمقاومة المسلحة. لذلك، من المطلوب اتخاذ ترتيبات تجعل الخيار الديمقراطي حتميا، وإلا وقع ما لا يريده وضاعت البلاد وهلك العباد. هل سيكون السوريون على مستوى المسؤولية التي تلقيها على عاتقهم هذه المهمة؟ هذا هو السؤال الذي يتوقف على بلورة إجابة صحيحة عنه مصير ومستقبل وطننا وشعبه!
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,368,132

عدد الزوار: 7,630,049

المتواجدون الآن: 0