سوريا على مشارف عام جديد!...رفضَ الغرب أن يتدخل في سورية عسكرياً... فكان تدخل دولي من نوع آخر....باريس ترفض أن يكون الأسد جزءا من الحل السياسي في سوريا، تقارير فرنسية: أمام الإبراهيمي مهلة شهرين وإلا فالحسم عسكري...«الحر» يتقدم في معرة النعمان.. ويقترب من السيطرة على مطار «منغ» في حلب، معارك الشمال متواصلة.. وأنباء عن استخدام الفوسفور الأبيض في إدلب وعربين في ريف دمشق

مصدر تركي لـ«الشرق الأوسط»: إيران تستخدم الملف الكردي ضدنا... قائد الشرطة العسكرية السورية فر على دراجة نارية ....الإبراهيمي يدعو إلى حكومة انتقالية بـ«صلاحيات كاملة» أو قرار «ملزم» من مجلس الأمن

تاريخ الإضافة السبت 29 كانون الأول 2012 - 4:37 ص    عدد الزيارات 2106    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

مصدر تركي لـ«الشرق الأوسط»: إيران تستخدم الملف الكردي ضدنا... قائد الشرطة العسكرية السورية فر على دراجة نارية والإبراهيمي يقترح حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة
جريدة الشرق الاوسط... بيروت: ثائر عباس... تصاعد التوتر في العلاقات الإيرانية - التركية على خلفية التباين في مواقف البلدين من الأزمة السورية، والاتهامات المتبادلة بين الطرفين بالضلوع في دعم أطراف الأزمة في سوريا، بينما بلغ الاستياء التركي حدا كبيرا من «معلومات» عن دعم إيراني لتنظيم «العمال الكردستاني» المحظور في تركيا، الذي يقاتل الجيش التركي منذ الثمانينات.
وقال مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده «مستاءة جدا من قيام بعض الدول بمحاولة استعمال الملف الكردي من أجل مواجهة تركيا ومعاقبتها على وقوفها إلى جانب التطلعات المشروعة للشعب السوري». وأشار المصدر إلى «معلومات خطيرة» وصلت إلى القيادة السياسية التركية من «مصادر موثوقة» عن وجود معسكرات تدريب للتنظيم الكردي في الأراضي الإيرانية، مشيرا إلى أن بعض جرحى المواجهات مع الجيش التركي يتلقون العلاج في الأراضي الإيرانية، وهذا أمر يظهر تطورا خطيرا في الموقف. في غضون ذلك, دعا الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي إلى سوريا أمس إلى تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة لحين إجراء انتخابات، مؤكدا على وجوب أن يكون التغيير «حقيقيا».. بينما أصرت المعارضة السورية على شرط رحيل الأسد قبل أي مبادرة تهدف إلى حل الأزمة السورية.
ودعا الإبراهيمي إلى تشكيل حكومة «كاملة الصلاحيات»، موضحا أن «كل صلاحيات الدولة يجب أن تكون موجودة في هذه الحكومة» التي يفترض أن «تتولى السلطة أثناء المرحلة الانتقالية». إلى ذلك، أشار تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أمس إلى أن اللواء المنشق عبد العزيز جاسم الشلال، قائد الشرطة العسكرية، قام - بحسب مصادر المعارضة - يوم الأربعاء بمحاولة هروب جريئة عبر الغابات والطرق الطينية باستخدام دراجة نارية لمدة أربع ساعات، قبل عبور الحدود إلى تركيا، وذلك بعد إعداد استغرق أسابيع.
 
توتر تركي ـ إيراني.. وأنقرة «ممتعضة» من تصريحات إيرانية تتهمها بحماية إسرائيل، مصادر تركية لـ «الشرق الأوسط»: جرحى «الكردستاني» يتلقون العلاج في إيران.. ومعلومات عن معسكرات لهم عند الحدود
بيروت: ثائر عباس... تصاعد التوتر في العلاقات الإيرانية – التركية على خلفية التباين في مواقف البلدين من الأزمة السورية، والاتهامات المتبادلة بين الطرفين بالضلوع في دعم أطراف الأزمة في سوريا، بينما بلغ الاستياء التركي حدا كبيرا من «معلومات» عن دعم إيراني لتنظيم «العمال الكردستاني» المحظور في تركيا الذي يقاتل الجيش التركي منذ الثمانينات.
وقال مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده «مستاءة جدا من قيام بعض الدول بمحاولة استعمال الملف الكردي من أجل مواجهة تركيا ومعاقبتها على وقوفها إلى جانب التطلعات المشروعة للشعب السوري». وأشار المصدر إلى «معلومات خطيرة» وصلت إلى القيادة السياسية التركية من «مصادر موثوقة» عن وجود معسكرات تدريب للتنظيم الكردي في الأراضي الإيرانية، مشيرا إلى أن بعض جرحى المواجهات مع الجيش التركي يتلقون العلاج في الأراضي الإيرانية، وهذا أمر يظهر تطورا خطيرا في الموقف. وأشار المصدر إلى أن المعلومات تتحدث عن وجود تنسيق عال بين هذه الأطراف، وهذا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية التركية ولا يمكن السكوت عليه، مشيرا إلى أنه ليس من قبيل الصدفة اشتعال المناطق المحاذية للحدود مع إيران بعد اندلاع الثورة السورية. وقال المصدر إن الجانب السوري بدوره يسعى إلى استغلال هذا العامل عبر تشجيع المنظمات الانفصالية على استخدام أراضيه، وهذا أمر لا يمكن السكون طويلا عليه، مذكرا بأن «البرلمان التركي فوض الجيش بالقيام بما يلزم في سوريا من أجل الدفاع عن تركيا من أي نيات عدوانية للمنظمات الإرهابية».
وقد أرخت هذه «التوترات الإقليمية» بثقلها على الزيارة التي قام بها الناطق بلسان الخارجية الإيرانية رامين مهمانبراست إلى تركيا أمس، إذ أكدت مصادر تركية أن أنقرة أبلغته استياء شديدا من تصريحات أدلى بها رئيس الأركان الإيراني حول نشر منظومة «باتريوت» المضادة للصواريخ في الأراضي التركية. وصرح مسؤول تركي لصحيفة «توداي زمان» التركية بأن الغرض الوحيد لنشر منظومة «باتريوت» هو الدفاع عن حدود تركيا، مشددا على أن «تركيا ليس لديها نيات عدوانية تجاه سوريا أو أي دولة أخرى». وأضاف أن المسؤولين الأتراك أعربوا خلال اجتماع مع مهمانبراست عن استيائهم إزاء موقف إيران بشأن نشر المنظومة المضادة للصواريخ. وكان رئيس أركان الجيش الإيراني الجنرال حسن فيروزي آبادي قد صرح بأن نشر منظومة «باتريوت» يهدف إلى حماية إسرائيل من الهجمات الصاروخية الإيرانية وعرقلة قيام روسيا بالدفاع عسكريا عن سوريا. ورأى أن الدول الغربية تمهد لحرب عالمية عندما وافقت على نشر المنظومة على طول الحدود التركية - السورية.
وشدد الناطق الرسمي باسم الداخلية الإيرانية رامين مهمانبراست على ضرورة أن تكون الانتخابات هي الحل الأمثل لحل المشاكل التي تعانيها بعض دول المنطقة مثل سوريا والبحرين وإيران. وأكد في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الصحافي الذي عقده في الجمعية الصحافية في تركيا، ضرورة أن «تكون تلك الانتخابات حرة ونزيهة، وتجري تحت رقابة دولية، يختار الناس على أساسها مستقبل بلادهم، وأن يحترم الجميع نتائجها»، ودعا إلى ضرورة «منع أي أطراف خارجية تريد الزج بنفسها في المسائل الداخلية لتلك الشعوب».
وأكد ضرورة أن يكون التعاون المختلف بين دول المنطقة قائما على أرضية صلبة آمنة تدفع بتلك العلاقات إلى الأمام، موضحا أنه يتعين على كل من تركيا وإيران أن تبذلا كل ما في وسعهما لمساعدة دول المنطقة على حل مشاكلها وأزماتها التي تعانيها، وذلك من خلال تعاون بناء يسفر عن إيجاد الحلول لكل الأزمات.
وعلى صعيد العلاقات التركية - الإيرانية، أشار مهمانبراست إلى أن «بعض الدول في المنطقة قد لا تكون سعيدة من الصداقة بين تركيا وإيران»، مشيرا إلى أن «إسرائيل والدول التي تحبها وتدعمها لا يريدون استقرارا في المنطقة، لأن الاستقرار لا يخدم مصالحهم التي تتجلى في الفوضى التي يحرصون دائما على إثارتها». ولفت إلى أن تركيا وإيران عليهما أن تتعاونا معا في سبيل مكافحة المنظمات الإرهابية، وذلك من منطلق أنهما دولتان جارتان وصديقتان، تزداد بينهما العلاقات بشكل كبير، ولا سيما العلاقات التجارية.
إلى ذلك، ناقش مجلس الأمن التركي أمس الوضع في سوريا إضافة إلى القضايا الداخلية مثل الإرهاب والتدابير اللازم اتخاذها لمكافحته. وذكرت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء أن المجلس انعقد، أمس، في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة، برئاسة رئيس البلاد عبد الله غل على مدار أربع ساعات بحضور رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ونوابه، وعدد من الوزراء الأعضاء في المجلس. وبحث المشاركون في الاجتماع أحدث المستجدات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأعربوا عن «قلقهم الشديد» جراء استمرار العنف والاشتباكات في سوريا. وأكدوا على «ضرورة استمرار المساعي التي تبذلها تركيا والمجتمع الدولي بغية إيجاد حل سلمي للأزمة السورية من شأنه وقف آلة القتل والدمار التي تحصد أرواح السوريين الأبرياء». وتناول المشاركون في الاجتماع أبعاد الوضع الإنساني السوري في فصل الشتاء وبحث الجهود التي تبذلها الحكومة التركية من أجل تلبية احتياجات نحو 150 ألف لاجئ سوري تستضيفهم تركيا على أراضيها.
 
يعرب الشرع: النظام في أسوأ أيامه.. والحل لن يكون إلا باعتماد الشعب على نفسه... قال لـ «الشرق الأوسط» إن ضربات «الجيش الحر» الموجعة أسفرت عن تحرك دولي وإقليمي
كارولين عاكوم.... اعتبر العقيد يعرب الشرع، رئيس فرع المعلومات بالأمن السياسي، وابن عم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، الذي أعلن انشقاقه في أغسطس (آب) الماضي، أن النظام السوري يعيش اليوم أسوأ أيامه، وهو الآن يركز معظم قواته في دمشق للدفاع عن آخر معقل له، آملا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن يقوم المجتمع الدولي بأي دور للتخفيف عن الشعب في معركة باتت نهايتها معروفة.
وفي حين لفت الشرع إلى أن عددا من أفراد عائلة الأسد ومن المقربين منه غادروا سوريا حاملين معهم أموالهم، وأن الكثير من أبناء الطائفة العلوية غير راضين عن أفعال النظام، كشف أنه تمت تصفية عدد كبير من الضباط والعسكريين أو سجنهم بسبب رغبتهم في الانشقاق، مؤكدا كذلك أنه تم اعتقال وقتل عشرات العناصر والخبراء الروس والإيرانيين والذين ينتمون إلى حزب الله، خلال مشاركتهم في المعارك.
وفي ما يلي نص الحوار..
* كيف تقيّم وضع النظام السوري اليوم، وهل تعتقد أن سقوطه بات قريبا؟
- النظام السوري اليوم في أسوأ أيامه.. فداخليا، هو لا يزال يواجه شعبه بالقتل والتهجير والاعتقال، وهي سياسة أثبتت فشلها طوال ما يقارب عامين وأوصلته إلى طريق مسدود بشهادة حلفائه. مع العلم بأنه لا يواجه بحربه هذه شعبا أعزل خرج مطالبا بحريته وكرامته، وبقي متمسكا لمدة ستة أشهر بخياره السلمي، حيث اضطرته ممارسات النظام لحمل السلاح للدفاع عن نفسه وماله وعرضه.
النظام سقط منذ سقوط أول قتيل في محافظة درعا، في 18 مارس (آذار) 2011، عندما واجه المظاهرات السلمية بإطلاق الرصاص المباشر عليها. وهو يخسر، يوما بعد يوم، بضربات المعارضة المسلحة المتمثلة في «الجيش الحر» بكل ألويته وكتائبه، والمزيد من المدن التي يسيطر عليها، كما أنه يقوم بتركيز معظم قواته في دمشق للدفاع عن آخر معقل له. لذا، بات سقوط النظام وشيكا ويتوقف على مستوى التقدم الذي سيحرزه «الجيش الحر» في العاصمة دمشق بشكل خاص، حيث يضيق الخناق عليه أكثر فأكثر، والمسألة باتت مسألة وقت لا أكثر.
* ما الذي يعوق أو يؤخر سقوطه.. وما هو الحل برأيك؟
- تأخر سقوط النظام يعود لأسباب خارجية وداخلية.. الداخلية تتمثل في انحياز قيادات كثيرة من العسكريين والمدنيين لـ«الباطل» ووقوفهم مع النظام في حربه ضد الشعب السوري، وكذلك اعتماده على كتائب خاصة مدنية تسمى «الشبيحة» قام بتسليحها وأطلق لها العنان للقيام بعمليات الذبح والقتل وترهيب الشعب السوري، بالإضافة إلى التأثير على المسؤولين في النظام لا سيما من هم مغلوب على أمرهم تحت وطأة الخوف والترهيب، ومنعهم من الانشقاق وإعلان موقفهم الصريح. وميدانيا، مما لا شك فيه أن استخدام النظام لأعتى أنواع الأسلحة التدميرية من طيران ودبابات ومدافع وأسلحة فتاكة جديدة، وآخرها استخدامه أسلحة تحمل غازات سامة في مناطق معينة إضافة إلى استخدامه صواريخ «سكود»، كلها أمور تؤثر سلبا على الواقع الميداني وعلى سير المعارك. أما الأسباب الخارجية التي تؤخر سقوطه فتتمثل في الدعم المالي والبشري والتسليحي اللامحدود من روسيا وإيران وحزب الله ودول أخرى.
لذا فالحل لن يكون إلا باعتماد الشعب السوري على نفسه سلميا وعسكريا، من دون انتظار أي حلول خارجية، لأنه وعلى امتداد سنتين والمجتمع الدولي يقوم بدور الصامت والمتفرج. «نسمع جعجعة ولا نرى طحنا» حتى هذه اللحظة، متسلحين بحجج واهية لا أساس لها، خاصة بعد توحيد المعارضة سياسيا وعسكريا تحت مظلة الائتلاف الوطني السوري وقيادة الأركان المشتركة لـ«الجيش الحر».
فالواقع على الأرض أسرع وأجدى من أي حلول سياسية سمعناها لسنتين مضتا ولم يتحقق منها أي شيء على أرض الواقع. لكني في الوقت عينه أرى أن أي حل سريع ضمن برنامج زمني محدد وقصير لا بد أن يتضمن رحيل بشار الأسد ومحاكمته محاكمة عادلة، والحوار مع بعض مسؤولي النظام الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء تمهيدا لتشكيل حكومة انتقالية، نتمكن عندها من الوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية كما يريد الشعب السوري.
* برأيك.. هل المعارضة أصبحت اليوم قادرة على حسم المعركة سياسيا وعسكريا؟
- من الطبيعي أن ما يحدث على الأرض من عمليات عسكرية يقوم بها الجيش الحر بضرباته الموجعة للنظام هي التي تفتح أي كوة على الحل السياسي، وهذا ما بدأنا نلمسه أخيرا من خلال التحرك الإقليمي والدولي، وطرح الكثير من المبادرات السياسية حتى من قبل حلفاء النظام.
وبالتأكيد فإن السوريين باتوا واثقين من قدرتهم على حسم معركتهم مع النظام، على الرغم من التكلفة البشرية والمادية الناتجة عن همجية ردود أفعاله في وجه تقدم الجيش الحر على الأرض، وهذا أمر محسوم وبات أمرا واقعيا، وبقي أن نأمل أن يقوم المجتمع الدولي بأي دور لتخفيف هذه الخسائر، في معركة باتت نهايتها معروفة.
* هل صحيح أن الأسد هو الذي يقوم بالإشراف شخصيا على العمليات العسكرية.. وما هو اللواء أو الألوية التي يعتمد عليها الأسد بشكل أساسي في العمليات العسكرية؟
- بشار الأسد أشرف شخصيا على العمليات العسكرية في بداية المعركة، لكن عندما توسعت دائرة العمليات وأصبحت تشمل معظم الأراضي السورية لم يعد يسيطر على كامل الوحدات العسكرية، فأعطى صلاحيات واسعة لقادة هذه الوحدات للتصرف واتخاذ القرارات التي يرونها مناسبة. ولكن في كل الأحوال فإن رأس النظام هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة وكل الأسلحة المستخدمة في قتل الشعب السوري تحت إمرته وقيادته، وما حصل ويحصل يجري تحت سمعه وبصره وعلى مسؤوليته. مع العلم بأن الأسد يعتمد في العمليات العسكرية على الفيالق والفرق والألوية والكتائب العسكرية.. وقد تحركت كل هذه الوحدات من أماكن تمركزها الأساسية حسب الحاجة بهدف إنهاء الثورة؛ لكن هناك وحدات عسكرية تستخدم أشد أنواع البطش والقتل والعنف من ذبح وتصفيات جماعية ميدانية، وهذه الوحدات هي «الحرس الجمهوري» و«الفرقة الرابعة» و«عصابات الشبيحة المرتزقة» من المدنيين، وهؤلاء أيضا استخدموا الأسلحة المتنوعة ومنها السكاكين لذبح المدنيين من الشعب وهذه كلها حقائق ووقائع موثقة.
* ماذا عن مصدر الدعم العسكري له.. وهل صحيح أن هناك خبراء عسكريين روسا وإيرانيين إضافة إلى عناصر من حزب الله يشاركون في القتال؟
- مصدر الدعم العسكري هو السلاح الروسي والإيراني، وبالتأكيد أن هناك خبراء وفنيين عسكريين روسا وإيرانيين، وآخرين من حزب الله، يشاركون في التدريب وفي المعارك الميدانية، وقد وقع في الأسر عشرات منهم، كما سقط بعضهم خلال المعارك.
* ما هي صحة المعلومات التي تقول إن هناك شخصيات كثيرة في النظام أصبحت معارضة له وتنوي الانشقاق، كما أنها في بعض الأحيان تتم تصفيتها؟
- نحن على تواصل مع الداخل، وهناك الكثير من الكوادر والشخصيات والمناصب العسكرية والمدنية يقفون في صف الثورة، ولم يعودوا قادرين على تحمل ما يفعله النظام بحق الشعب السوري من تدمير للبشر والحجر والبنى التحتية، وهناك الكثير منهم يستعدون للانشقاق. لكن منهم من يخضعون للمراقبة الشديدة، ومنهم من يتوجسون من الخطوة خوفا على عائلاتهم وأهلهم وأقاربهم. وقد تمت تصفية وسجن عدد كبير من الضباط والعسكريين بسبب رغبتهم في الانشقاق. لكني أؤكد أن الكثير من أبناء الطائفة العلوية غير راضين عن أفعال النظام، ونسبة التململ في صفوفهم تزداد بشكل مستمر.
* وما مدى صحة المعلومات التي تقول إن الأسد هرّب عائلته إضافة إلى شخصيات مقربة منه إلى خارج سوريا؟
- هناك الكثير من الأشخاص في عائلة الأسد ومن النظام ومن المقربين منه قد غادروا سوريا فعلا، حاملين معهم أموالهم إلى دول أخرى، لكن بالتأكيد، سيأتي اليوم الذي نتمكن فيه من استعادة المال العام الذي يتم تهريبه وإخراجه خارج سوريا.
* هل برأيك سيتمكن الأسد من إنشاء دولة علوية في سوريا كما تشير بعض المعلومات.. وهل ترى أنه يسعى إلى ذلك؟
- بداية، لا بد من الإشارة إلى أن مشكلة السوريين ليست مع طائفة بعينها، بل هي مشكلة مع عصابة حاكمة واستبدادية ومستفيدة من عمليات النهب وسرقة خيرات البلاد.. الدولة العلوية المزعومة مرفوضة من الشعب السوري برمته ومن كل طوائفه، وسواء أراد الأسد إنشاء دولة علوية أو لا فإن هذا المشروع لن يكتب له النجاح، وقد رفع السوريون منذ انطلاقة الثورة المباركة شعار «واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد». والشعب السوري عموما لن يسمح بإنشاء هكذا دولة، وسيقوم بالقضاء على أي مشروع من هذا النوع، والأيام القادمة ستثبت ذلك.
* كيف تمكنت من الهرب إلى خارج سوريا، ومع من تواصلت للقيام بهذه الخطوة؟
- أنا لم أهرب، وإنما أعلنت انشقاقي عن النظام بسبب كل الجرائم التي يقوم بها، والتي لا تتوافق مع الحد الأدنى من تعاليم الديانات السماوية ولا مع الأخلاق والقيم الإنسانية.. علما بأن طبيعة عملي في الأمن كانت إدارية وليست ميدانية ولا علاقة لها بما كان يحصل من ممارسات تجاه الشعب الثائر على الأرض. وقبل ذلك حاولت تقديم استقالتي مرات عدّة، وكانت آخرها في شهر يونيو (حزيران) الماضي، وقوبلت جميعها بالرفض، بعد ذلك تم التخطيط المحكم لعملية الانشقاق بالتنسيق مع بعض كتائب «الجيش الحر» في درعا وريفها إلى أن تمكنت من الخروج بشكل آمن مع عائلتي إلى خارج سوريا.
* هل نتوقع أن يكون ليعرب الشرع منصب في السلطة في المرحلة الانتقالية.. وما هي علاقتك بالمعارضة السياسية والعسكرية؟
- أقولها بكل صدق وصراحة، ليس لدي أي طموح في تولي أي منصب أو سلطة في المرحلة الانتقالية أو القادمة، ولم أكن كذلك حتى خلال حكم النظام القاتل.. ومنذ أكثر من عشر سنين - بسبب عدم تأقلمي وانسجامي مع طبيعة عمل الأجهزة الأمنية والممارسات السيئة التي تقوم بها تجاه المواطنين - فقد لجأت إلى متابعة الدراسات العليا والبحث العلمي في المجالين القانوني والإداري، وكنت قبل انشقاقي بصدد إعداد رسالة الدكتوراه والأبحاث المتعلقة بها، وطموحي الآن هو استكمال رسالة الدكتوراه والعمل بعدها في المجال الأكاديمي في الجامعات السورية والعمل في المحاماة من خلال نقابة المحامين. وهذا ليس تهربا من مسؤولياتي، لأن جيل الثورة هو الأحق والأجدر بقيادة وإدارة شؤون البلاد، وسأكون جاهزا لتقديم أي نصائح أو خبرات تصب في المنحى الذي يؤسس للدولة التي خرج الشعب السوري ثائرا في سبيلها.
* ما هي معلوماتك عن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، ومواقفه السياسية، لا سيما أن هناك شائعات كثيرة حوله، والبعض شكك حتى في المقابلة الأخيرة التي أجريت معه؟
- ليست لدي أي معلومات عن فاروق الشرع، لكن مواقفه السياسية كانت واضحة ولا لبس فيها ولا غموض في أكثر من تصريح، وعلى الرغم من صلة القرابة التي تربطني به، فلا يوجد أي تواصل معه منذ انشقاقي وخروجي من الأراضي السورية.
* هل لديك معلومات عن جهاد المقدسي، وهل تتواصل معه، لا سيما أن المعلومات الأخيرة تفيد بأنه يتعاون مع الاستخبارات الأميركية؟
- أيضا، لا أملك أي معلومات عن المقدسي، ولم يكن هناك أي تواصل بيننا، ولا أعرف عنه أي شيء. لكن المؤكد أن هناك إشارات استفهام واضحة حول وضعه وما حدث له، ولن أستبق النتائج لأدخل في التخمينات والاحتمالات.. وننتظر الأيام القادمة التي قد تحمل الجديد حول هذه القصة.
 
 
مصادر المعارضة: اللواء الشلال عبر الحدود التركية بدراجة نارية... جدل حول حجم صلاحيات أرفع المنشقين العسكريين عن الأسد
جريدة الشرق الاوسط... بيروت: كريم فهمي وريك غلادستون*
واجهت الحكومة السورية من جديد أزمة مثيرة للحرج؛ عندما تحول اللواء المسؤول عن منع الانشقاقات داخل المؤسسة العسكرية إلى منشق أيضا، والقيام بما وصفه الثوار يوم الأربعاء بمحاولة هروب جريئة عبر طرق فرعية باستخدام دراجة نارية وعبور الحدود إلى تركيا.
كان المنشق هو اللواء عبد العزيز جاسم الشلال قائد الشرطة العسكرية، أحد أرفع الضباط في الجيش السوري، والذي تخلي عن الرئيس بشار الأسد بعد ما يقرب من عامين من بداية الثورة ضده.
جاء خبر انشقاق الشلال، في وقت ينبئ فيه النشاط الدبلوماسي المكثف عن إمكانية التحرك باتجاه التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية. وكان نائب وزير الخارجية السوري قد زار موسكو لعقد اجتماعات مع مسؤولي الكرملين، وكان المبعوث الدولي الذي التقى الأسد في دمشق بداية الأسبوع الجاري يخطط هذا الأسبوع لزيارة موسكو. وقد أشارت روسيا، أحد أقوى المدافعين عن الأسد، في الأسابيع الأخيرة إلى أنها منفتحة إلى انتقال متفاوض عليه يسهل تنحيه عن السلطة.
وقال رموز المعارضة إن هروب الجنرال الشلال استغرق أسابيع من الإعداد وانتهى بأربع ساعات من ركوب دراجة نارية إلى الحدود التركية، والقيادة عبر الغابات والطرق الطينية. وفي فيديو بثته قناة «العربية» قال اللواء إنه قام بهذه الخطوة «لأن الجيش السوري انحرف عن مهمته في حماية البلاد وتحول إلى عصابة تقتل وتدمر». وقال الجنرال: «فقد جيش النظام السيطرة على غالبية البلاد».
استقبل مقاتلو المعارضة نبأ انشقاق الجنرال بأنه أكثر من مجرد ضربة رمزية للحكومة؛ كون منصب الجنرال يجعله مسؤولا بصورة رئيسية عن تطبيق عملية القمع التي يمارسها الأسد بحق المعارضين وضمان ولاء القوات المسلحة.. وكقائد للشرطة العسكرية، كان اللواء الشلال مسؤولا عن القسم الذي كان أنيط به وقف الانشقاقات. وترأس أيضا قوة قامت بحماية السجون التي يعتقل فيها المعارضون المدنيون.
ويقول الرائد إبراهيم مطاوع، الذي فر من الجيش السوري قبل عام، إن الانشقاق يعد الملاذ الأخير للمسؤولين ذوي الرتب الكبيرة من أمثال الشلال، وقال: «إنهم يفكرون في ذلك فقط عندما يبدأ الخوف والخطر في تهديدهم بشكل مباشر، وعندما لا يتمكن النظام من حمايته».
لم يكن الجنرال الشلال أحد أفراد الحلقة الداخلية للأسد.. ويرى محللون أن الانشقاقات التي قام بها مسؤولون آخرون ممن يحتلون مناصب رفيعة، من بينهم رئيس وزراء وعميد بارز ومتحدث شهير باسم الحكومة، لم يكن لها تأثير واضح على قبضة نظام الأسد في الحكم. وما أثار الجدل بشكل أكبر كان فشل المعارضة في جذب أي من الضباط البارزين - أو ضباط الصف - الذين ينتمون إلى الأقلية العلوية، أو تهدئة مخاوف العلويين من أن الثورة التي يقودها السنة تهدد وجودهم.
لكن انشقاق اللواء الذي أدان القوات المسلحة علنا يتوقع أن يقوض محاولات الأسد الحفاظ على معنويات قواته.
وقال لؤي مقداد، المنسق الإعلامي والسياسي للجيش السوري الحر، المؤسسة التي تجمع مجموعة قتال الثوار، إن مفاوضات انشقاق الشلال بدأت قبل أسابيع، بعد أن تواصل معارفه مع قادة المعارضة. وأشار مقداد إلى أن اللواء حاول الانشقاق عدة مرات من قبل، لكن المحاولات أجهضت لما وصفه بـ«أسباب تقنية»، دون تقديم أي تفاصيل إضافية.
وقد أدلى قادة الثوار بروايات مختلفة حول السلطة التي كان الجنرال يتمتع بها في سوريا. وقال أحد القادة إنه كان عضوا في «خلية الأزمة» لقادة الجيش، التي تتألف من مسؤولي الأمن والاستخبارات الذين ينسقون خطة الحكومة في الحرب. فيما قال الملازم عدنان دايوب، قائد الثوار في حماه، إن الجنرال الشلال كان مسؤولا عن السجون.. وقال: «الله وحده يعلم عددها»، وكان مسؤولا دون شك عن جرائم ارتكبت فيها. وأضاف الملازم: «إنه ملوث من رأسه إلى أخمص قدميه، وغدا سيتحول إلى بطل».
وقال قائد آخر إن اللواء الشلال وكثيرا غيره من القادة العسكريين - تم تجريدهم من سلطاتهم خلال العامين الماضيين؛ وكانوا رموزا فقط. ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول أمني سوري إن اللواء كان على وشك الإحالة للتقاعد عندما انشق.
وكان المنشق المدني الأعلى رتبة حتى الآن هو رئيس الوزراء السابق رياض فريد حجاب، والذي فر إلى الأردن يوم 6 أغسطس (آب). وخلال الأسابيع القليلة الماضية وردت تقارير غير مؤكدة عن انشقاق محتمل للمتحدث باسم وزارة الخارجية جهاد مقدسي، الذي يجري اتصالات خارجية كثيرة، والذي اختفى من الساحة العامة منذ بداية ديسمبر (كانون الأول).
وأوردت «الغارديان» هذا الأسبوع أن المقدسي فر إلى الولايات المتحدة وكان يتعاون مع الاستخبارات الأميركية.. لكن باتريك فينتريل، المتحدث باسم وزارة الخارجية في واشنطن قال يوم الأربعاء إن مقدسي غير موجود في الولايات المتحدة.
لا يزال مكان ومصير مقدسي غير معروف. ويشير المسؤولون الأميركيون إلى أنهم لا يعرفون مكانه وأن التقارير التي وردت هذا الشهر التي تشير إلى رحيل المقدسي إلى لندن غير صحيحة.
وفي لبنان عاد وزير الداخلية السوري محمد إبراهيم الشعار، الذي يتعافى في مستشفى في بيروت من الجروح التي أصيب بها في التفجير الانتحاري الذي وقع في الثاني عشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) خارج وزارة الداخلية في دمشق، إلى العاصمة السورية يوم الأربعاء بحسب مسؤولين أمنيين لبنانيين.
وفي إشارة على تنامي الضغوط على كبار المسؤولين السوريين نقلت وكالة أسوشييتدبرس عن مسؤول بالأمن اللبناني قوله إن الشعار ترك المستشفى على عجل خشية تعرضه للاعتقال في لبنان؛ بعدما تلقت السلطات معلومات عن احتمالية صدور أمر اعتقال دولي بحقه لدوره في قمع الانتفاضة السورية.
* أعد التقرير كريم فهيم من بيروت وريك غلادستون من نيويورك وشاركت هويدا سعد من بيروت وإيلي باري من موسكو وهالة الروبي من دبي وإريك سكميدت من واشنطن.
* خدمة «نيويورك تايمز»
 
«الجيش الحر» يسيطر على كافة القرى المسيحية في ريف إدلب بعد دخوله إلى اليعقوبية، أهاليها يؤكدون عدم تعرضهم لأي إساءة
بيروت: «الشرق الأوسط»... سيطر الجيش السوري الحر، بعد تمكنه من دخول قرية اليعقوبية ذات الغالبية المسيحية في ريف إدلب يوم أمس الخميس، على كافة القرى التي يقطنها مسيحيون في محافظة إدلب، التي تقع شمال سوريا وتمتد على مساحة 6100 كيلومتر مربع.
وأعلنت كتائب «أحرار الشام» سيطرتها على قرية اليعقوبية بعد أكثر من أسبوع من المعارك الضارية، تمكنت خلالها من «إعطاب دبابة واغتنام أربعين قذيفة دبابة، وتدمير ثلاث سيارات ذخيرة»، وفق ما ذكرته. ويعيش في القرية، التي تبعد عن مدينة حلب 140 كلم وعن العاصمة دمشق 385 كلم، وترتفع عن سطح البحر 480م، نحو 2000 مسيحي يتناقص عددهم في الشتاء ليصل إلى 400 بسبب إقامة الكثير منهم في المدن الرئيسة.
ويأتي دخول الجيش السوري الحر إلى القرى والمناطق المسيحية، كما تقول مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، في سياق «معركته الشاملة لتحرير كامل محافظة إدلب من وجود القوات النظامية، نظرا لامتلاك هذه القرى مواقع استراتيجية تمنح مقاتلي المعارضة حرية الحركة».
ويظهر شريط فيديو، بثه ناشطون على مواقع المعارضة السورية على الإنترنت، منذ أسبوعين، دخول عناصر المعارضة إلى قرية جديدة المسيحية التي لا يتجاوز عدد سكانها الـ250 نسمة، ومعظمهم من كبار السن. ويبين الشريط كنيسة القرية وقد وقف أمامها أحد ضباط «الجيش الحر» ليؤكد «أن المكان لم يتعرض للأذى، مطمئنا سكان القرية أنهم بأمان».
ويوضح جورج، وهو متعهد بناء يقيم في العاصمة دمشق ويتحدر من قرية «جديدة»، لـ«الشرق الأوسط» أنه «على تواصل مع أهله الذين يقيمون بالقرية»، مشيرا إلى «أنهم وبقية سكان القرية لم يتعرضوا لأي أذى أو مكروه، بل على العكس فإن (الجيش الحر) ومنذ دخوله إلى القرية يؤمن الخبز والطحين للسكان». ويضيف جورج: «شعرنا برعب كبير حين عرفنا بدخول (الجيش الحر) إلى القرية، وكنا نظن أنهم سيقتلون أهلنا ويذبحونهم، لكنه تبين لنا أن كل ذلك كان من الأوهام التي زرعها النظام في عقولنا».
وكان «الجيش الحر» قد أحكم سيطرته الشهر الماضي على قريتي الغسانية وحلوز اللتين يقطن فيهما سكان مسيحيون. وتقع القريتان بمحاذاة منطقة جسر الشغور التي تضم بدورها حارة يقطن فيها نحو 2000 مسيحي.
ويعيش في محافظة إدلب، التي تعد بحكم المحررة بسبب سيطرة «الجيش الحر» على مساحات كبيرة منها، نحو 3000 مسيحي يتوزعون على مذاهب عدة، أبرزها الروم الأرثوذكس والأرمن واللاتين والبروتستانت والمتجددون (المعمدانيون).
ويعمل نحو 17% منهم في أعمال إدارية وحكومية وقسم آخر في أعمال واستثمارات خاصة.. غير أن التعداد الفعلي للمسيحيين الموجودين في محافظة إدلب أقل من المعلن بكثير، بسبب الهجرة الكبيرة للمحافظات المجاورة وخاصة حلب، حيث يتمركزون في أحياء الميدان والسريان الجديد.
 
مقرب من جهاد مقدسي يروي أسرار الساعات الأخيرة قبل اختفائه، قال لـ «الشرق الأوسط» إنه «في قبضة النظام السوري حتى يثبت العكس»
دبي: محمد نصار... انشق أم استقال أم اختطف.. المهم أن ما بات واضحا هو أن جهاد مقدسي، الناطق باسم الخارجية السورية، اختفى فجأة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.. فجميع الاتصالات معه مقطوعة بحسب مقربين.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه بريطانيا أنه لم يصل إليها، تنفي واشنطن علمها بمكان وجوده، وتتعدد الشائعات في لبنان التي كانت المكان الذي اختفى منه، في حين يلتزم النظام السوري الصمت حيال القضية، مصرا على موقفه بأن الرجل في إجازة. فما هو مصير جهاد مقدسي؟ أسئلة كثيرة وشائعات أكثر تحيط بالموضوع، لكن «الشرق الأوسط» تمكنت من الحصول على تفاصيل مهمة لتحركات مقدسي في الأسابيع الأخيرة قبل اختفائه، وحتى الليلة التي انقطع فيها عن العالم الخارجي.
ويروي مصدر وثيق الصلة بمقدسي، كان يحرضه على «ترك السفينة الغارقة» منذ أسابيع عدة قبل انشقاقه، أن مقدسي اعتاد السفر إلى لبنان أسبوعيا لقضاء ثلاثة أيام مع عائلته المقيمة هناك بسبب الأوضاع في سوريا. ويشير إلى أن مقدسي دخل الأراضي اللبنانية ليلة الثلاثين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي الموافق يوم الجمعة، مضيفا: «يتصل جهاد مقدسي بي بانتظام كلما وصل إلى لبنان أسبوعيا»، مؤكدا أن «آخر تواصل بيننا كان يوم الخميس، وهو آخر تحرك لجهاد مقدسي من دمشق باتجاه لبنان».
ويشير المصدر المقيم في بيروت إلى أنه تفاجأ في 2 ديسمبر (كانون الأول) بإعلان استقالة مقدسي عبر أغلب وسائل الإعلام الموالية لنظام الأسد، في حين كان الخبر بأن جهاد انشق عن النظام وفقا لوسائل الإعلام الأخرى. وبعيد الإعلان عن خبر الانشقاق بساعة حاول الوسيط الاتصال بجهاد على هاتفه السوري، فرن الهاتف وصوت الرنين لا يشير إلى أن الهاتف في وضعية التجوال الدولي الذي يحتاجه المسافر إلى لبنان لتفعيل الخط السوري. ثم بعد ذلك بساعة تقريبا، عاود المصدر الاتصال بجهاد على ذات الرقم، فكان الخط مغلقا.. مؤكدا أن هذا أحد أول المؤشرات التي تدل على أن جهاد كان إما في سوريا أو لبنان قطعيا ولم يغادر إلى أي وجهة أخرى.
ويقول المصدر: «فوجئت تماما عندما سمعت هذا الخبر»، مؤكدا أن مقدسي «ومن خلال علاقتي الوطيدة به، لا يتأخر عن الرد على أي رسالة أرسلها له أكثر من ساعة على أكثر تقدير»، مضيفا أن «جهاد من النوع الذي يستحيل أن يغيب ساعتين متواصلتين عن التواصل مع العالم، مما يعني أنه تحت إقامة جبرية قطعا».
ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن مقدسي لم يسافر إلى بريطانيا «نظرا لعدم توجهه إلى السفارة البريطانية لأخذ تأشيرة الزيارة أو اللجوء، كما أنه لا يحمل الجنسية البريطانية؛ وهو عكس ما يشاع بأن جهاد يحملها»، مؤكدا أن مقدسي أنبأه بذلك في مناسبات سابقة. عدا عن كل ذلك، فإن اسم جهاد مقدسي «لم يرد على أي خطوط متوجهة إلى بريطانيا، ولو أن الأمر كذلك لأعلنت السلطات البريطانية».
ويزيد المصدر بأن جهاد في حال فكر في الانشقاق، فإن لندن لن تكون خياره المفضل. فبالإضافة إلى الأسباب آنفة الذكر، فإن «أعداءه في بريطانيا من الجالية السورية كثر، خاصة أنهم يتهمونه بالإساءة لهم عن طريق تصوير المتظاهرين السوريين أمام السفارة السورية في لندن، ونقل تلك الصور إلى الأمن السوري الذي كان يبتز كل من تظهر صورته ضمن تلك المظاهرات».
وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية أكدت أن مقدسي تمكن من مغادرة العاصمة السورية هاربا عن طريق مطار بيروت إلى الولايات المتحدة، في حين نقلت عن مسؤولين بريطانيين أن مقدسي لم يصل إلى المملكة المتحدة.
ويشير المصدر - الذي تربطه علاقة وثيقة بجهاد - إلى أنه كان يتواصل مع جهاد ويحرضه على «مغادرة المركب الغارق»، الأمر الذي قابله جهاد قبل أشهر «لا قبولا ولا امتناعا»، مكتفيا بالقول «إن شاء الله يكون خيرا»، ولاحقا أسر جهاد للمصدر بأنه يرغب في مغادرة الخارجية للتفرغ للعمل الأكاديمي، وهو ما يمكن أن يكون مؤشرات على رغبته بمغادرة المركب بحسب المصدر، إلا أن الأمور تطورت بينهما لاحقا حتى صرح جهاد برغبته في مغادرة المشهد الرسمي في سوريا نهائيا «لأن الحالة السورية تراوح وتدور في حلقة مفرغة، وحسم الأمر من أحد الطرفين أصبح مستحيلا ومستقبل سوريا في قبضة المجهول».
ويوضح المصدر أن جهاد من النوع «الفطن جدا، ولديه جانب أمني في تركيبته الشخصية، ومقرب جدا من الأسد ويعتبر من الدائرة الضيقة.. لكن يبدو أنه كان ينسق مع أكثر من طرف للابتعاد عن المشهد، الأمر الذي سهل اختراق تحركاته».
وتساءل المصدر: «لو أن مقدسي انشق عن النظام هل كان النظام السوري ليتجرأ أن يعلن بأن الرجل في إجازة لمدة ثلاثة أشهر؛ تحسبا من أن يخرج مقدسي وينفي ذلك؟ لكن الحديث عن أنه في إجازة - بحسب صحف حكومية سورية - يشير بما لا يدع مجالا للشك إلى أنه تحت قبضة النظام أو أحد حلفائه في لبنان». وهنا يعتبر المصدر أن «مقدسي تحت قبضة النظام السوري حتى يثبت العكس»، ويؤكد أن «البيان المثير للجدل الذي قراءه جهاد بما يتعلق باستخدام السلاح الكيماوي في سوريا، والذي أكد امتلاك دمشق لهذا النوع من الأسلحة، كان حرفيا كما سلم له من الخارجية ولم يقم بارتجال حرف واحد».
إلى ذلك، تخوف مصدر مقرب من عائلة مقدسي - رفض الإفصاح عن اسمه - من أن يكون جهاد «في قبضة النظام السوري أو ضيافة حلفائه في لبنان (حزب الله أو القومي السوري الاجتماعي)».
وتتحدث تقارير غربية عن أن مقدسي تمكن من الوصل إلى الولايات المتحدة الأميركية، وأنه يتعاون مع استخباراتها.. لكن مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية نفى في وقت سابق علم الوزارة بمكان وجوده، وإذا ما كان مقدسي قد وصل إلى الولايات المتحدة أم لا.
ويشار إلى أن مقدسي يتقن اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية بطلاقة، وهو أب لطفلين. وكان يزور عائلته المقيمة في بيروت خلال عطل نهاية الأسبوع ويمكن أن يقال إنه ارفع شخصية مسيحية تنشق عن النظام بحسب تعبير وسائل إعلام معارضة.
 
الإبراهيمي يدعو إلى حكومة انتقالية بـ«صلاحيات كاملة» أو قرار «ملزم» من مجلس الأمن، حراك دبلوماسي في موسكو.. وروسيا تنفي وجود «خطة» مشتركة مع أميركا لحل النزاع
لندن: «الشرق الأوسط»... بينما تشهد موسكو حراكا دبلوماسيا متزايدا لحل الأزمة السورية، دعا الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي أمس إلى تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة لحين إجراء انتخابات، مؤكدا على وجوب أن يكون التغيير «حقيقيا».. ولم يوضح الإبراهيمي ما سيكون عليه مصير الرئيس السوري بشار الأسد نتيجة هذا «التغيير»، فيما نفت موسكو التي تستقبل الإبراهيمي السبت، وجود خطة مشتركة أميركية روسية للحل في سوريا.
وقال الإبراهيمي في مؤتمر صحافي عقده قبل مغادرته دمشق متوجها إلى بيروت أمس: «إن الوضع في سوريا يشكل خطرا كبيرا؛ ليس فقط على الشعب السوري، وإنما على دول الجوار، بل على العالم»، وإن «الوقت ليس في صالح أحد». وعبر عن الأمل في أن «يساعد كل من له إمكانية على الخروج من هذه المحنة التي تتخبط فيها سوريا، وألا يبخل بالجهد»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ودعا الإبراهيمي إلى تشكيل حكومة «كاملة الصلاحيات»، موضحا أن «كل صلاحيات الدولة يجب أن تكون موجودة في هذه الحكومة» التي يفترض أن «تتولى السلطة أثناء المرحلة الانتقالية». وشدد على أن «التغيير المطلوب ليس ترميميا ولا تجميليا.. الشعب السوري يحتاج ويريد ويتطلع إلى تغيير حقيقي، وهذا معناه مفهوم من الجميع». وقال إن المرحلة الانتقالية يفترض أن تنتهي بانتخابات «إما أن تكون رئاسية إن اتفق أن النظام سيبقى رئاسيا»، أو برلمانية في حال «الاتفاق على تغيير النظام في سوريا إلى نظام برلماني».. وتنتهي الولاية الحالية للرئيس الأسد في 2014، بينما يستمر مجلس الشعب حتى 2016.
ولم تثمر زيارة الأيام الخمسة عن توافق طرفي النزاع على سبل الحل، ونفى الإبراهيمي تقديم مشروع متكامل، محبذا إرجاء ذلك إلى حين «تكون الأطراف وافقت عليه كي يكون تنفيذه سهلا». ولمح إلى أن الفشل في الاتفاق قد يدفع نحو «الذهاب إلى مجلس الأمن واستصدار قرار ملزم للجميع»، علما أن مجلس الأمن فشل ثلاث مرات في استصدار قرار حول سوريا بسبب استخدام روسيا والصين الداعمتين للنظام حق النقض (الفيتو).
ونفت موسكو الخميس وجود خطة مشتركة روسية - أميركية لتسوية في سوريا، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ألكسندر لوكاشفيتش «لم يكن هناك وليس هناك مثل هذه الخطة، وليست موضع بحث». وكانت تقارير صحافية رجحت بعد اجتماع الإبراهيمي في 6 ديسمبر (كانون الأول) في دبلن مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، التوصل إلى اتفاق حول حكومة انتقالية مع منع الأسد من الترشح لولاية جديدة في 2014.
وأشار لوكاشفيتش إلى أن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، الذي وصل إلى موسكو أول من أمس، أجرى محادثات في وزارة الخارجية، على أن تعلن «النتائج لاحقا». وإذ أكد استناد المقاربة الروسية إلى اتفاق جنيف، اعتبر أن «جعل رحيل رئيس منتخب حجر أساس لأي حوار هو انتهاك لكل الاتفاقات التي تم التوصل إليها»، في إشارة إلى رفض المعارضة السورية أي حديث عن حل لا يشمل رحيل أركان النظام.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس أن وحدات من مشاة البحرية، المخصصة لعمليات مكافحة الإرهاب، الموجودة على متن مجموعة السفن الروسية المنتشرة قرب سواحل سوريا ستجري تدريبات على تأمين السفن. وقالت الوزارة في بيان أوردته قناة «روسيا اليوم» إن البحارة الروس سيجرون مجموعة من التدريبات على الدفاع الجوي والسفن والغواصات، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وأشار البيان إلى أن سفينتي الإنزال الكبيرتين «نيقولاي فيلتشينكوف» و«أزوف» التابعتين لأسطول البحر الأسود الروسي قد عبرتا منطقة مضيقي البوسفور والدردنيل وستنضمان قريبا إلى مجموعة السفن الروسية التي تتكون من الطراد الصاروخي «موسكو» وسفينة الحراسة «سميتليفي» والناقلة «إيفان بوبنوف» والقاطرة «ب س 406»، موضحا أن مجموعة السفن تقوم بتنفيذ مهمات الخدمة القتالية في الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط.
 
 
باريس ترفض أن يكون الأسد جزءا من الحل السياسي في سوريا، تقارير فرنسية: أمام الإبراهيمي مهلة شهرين وإلا فالحسم عسكري
جريدة الشرق الاوسط... باريس: ميشال أبو نجم
غابت ردود الفعل الدولية، خاصة الغربية، عن التحركات الدبلوماسية التي تتمحور حول المبعوث العربي - الدولي الأخضر الإبراهيمي الموجود في دمشق منذ ثلاثة أيام. وفي حين نفى الإبراهيمي وكذلك موسكو وجود «خطة روسية - أميركية» للحل في سوريا، بقيت الإدارة الأميركية ومعها العواصم الغربية صامتة إزاء التسريبات الإعلامية التي تؤكد العكس، وتجزم بأن الدبلوماسي الجزائري نقل للرئيس السوري مضمون الخطة ومن عناصرها بقاء الأسد في منصبه ولكن من غير صلاحيات حتى انتهاء ولايته عام 2014 وحرمانه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأمس، أدلت باريس بدلوها في الجدل القائم، مؤكدة، من جهة، أنها «تدعم جهود الإبراهيمي من أجل حل سياسي»، وأنها «على تواصل منتظم معه»، غير أنها في المقابل تعتبر أن لا مكان للرئيس السوري في عملية الانتقال السياسي.
وقال فانسان فلورياني، الناطق المساعد باسم الخارجية الفرنسية، في إطار مؤتمر صحافي إلكتروني أمس، إن بلاده تتمنى «أن يستغل الإبراهيمي مناسبة وجوده في دمشق لتمرير الرسائل المناسبة لبشار الأسد»، وأولى هذه الرسائل أن الرئيس السوري «لا يمكن أن يكون جزءا من الحل السياسي». الأمر الذي أكدته باريس على لسان أعلى مسؤوليها أكثر من مرة، وذلك «بسبب استمراره في اللجوء إلى العنف الذي يزداد وحشية ضد شعبه ولتحمله المسؤولية عن موت 45 ألف ضحية» في هذا النزاع.
ويتواءم الموقف الفرنسي مع موقف الائتلاف السوري لقوى المعارضة والثورة الذي رفض بقاء الأسد وطالب بتنحيه والمجموعة العاملة معه عن السلطة شرطا لقبول «خطة» الإبراهيمي. وبذلك تؤكد باريس على موقف ثابت ربط (منذ صدور بيان جنيف أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي) انطلاق العملية السياسية برحيل الأسد المسبق. وبذلك يعود الخلاف على تفسير بيان جنيف إلى النقطة التي انتهى عندها قبل ستة أشهر، حيث يرى الغرب أن البيان يدعو لرحيل الأسد، بينما يتمسك الجانب الروسي بأن البيان لم يشر لهذا الرحيل وأن هذا الموضوع يعود الحسم فيه للسوريين أنفسهم.
وترى باريس أن التطورات التي حصلت في سوريا منذ شهر يونيو وحتى اليوم جعلت بيان جنيف بحاجة إلى إعادة نظر. وتشير المصادر الفرنسية إلى أن عدد القتلى نهاية الشهر المذكور كان في حدود 10 آلاف قتيل، بينما ارتفع اليوم إلى 45 ألف قتيل فضلا عن الدمار الكبير وتشريد مئات الآلاف من السوريين.
غير أن المصادر الفرنسية تلحظ «أشياء إيجابية» في المرحلة الأخيرة، تتمثل في بداية مراجعة موسكو مواقفها من النظام السوري. وبحسب باريس، يبدو أن الطرف الروسي وصل «اليوم» إلى قناعة مفادها أن عليه أن يبدأ العملية التفاوضية مع الولايات المتحدة الأميركية التي اجتازت محطة الانتخابات الرئاسية فيما الرئيس أوباما يتأهب للبدء في ولايته الثانية. ورغم اعتبار المصادر الفرنسية أن موسكو «قد لا تكون تملك المفتاح السحري لتغيير المواقف في سوريا ولتفرض على الرئيس السوري حلا لا يرتضيه»، فإنها تعتبر أن «أوراق الضغط» التي بحوزتها تجعله «يفكر مرتين» قبل أن يدير ظهره لسنده الدولي الأول ويرفض «النصيحة» التي قد تسديها إليه.
ولا تعير باريس أهمية كبيرة لما يصدر عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمسؤولين الآخرين لجهة رفض التدخل ورفض الطلب من الأسد التنحي أو القبول باقتراحات الإبراهيمي أو غيره، لأن القيام بعكس ذلك «يمكن أن يفضي إلى نتائج عكسية».
وتفيد تقارير فرنسية أن الأوضاع «يجب أن تتضح في الشهرين المقبلين، وفي نهاية شهر فبراير (شباط) المقبل بحد أقصى، لمعرفة ما إذا كانت هناك إمكانية لتحقيق حل الانتقال السياسي أم إن الأمور سائرة إلى الحسم العسكري وإلى معركة كسر عظم في دمشق»؛ فمع نهاية فبراير المقبل سيكون انقضى التمديد الأوروبي الجديد لحظر إرسال السلاح إلى سوريا؛ وتحديدا إلى المعارضة المسلحة، مما سيشكل ورقة ضاغطة إضافية على النظام. كذلك ستكون قد انقضت «مهلة الانتظار» المطلوبة من الائتلاف السوري الجديد لتشكيل حكومة انتقالية تحظى بالاعتراف الفعلي والدولي، مما سيؤكد شرعيتها ويمكنها من التوجه إلى المطالبة بمقعد سوريا في المحافل الإقليمية والدولية وأهمها الأمم المتحدة.
وبحسب الخبراء القانونيين الفرنسيين، فإن أي مطلب صادر عن سلطات شرعية يعتبر شرعيا. وبموجب هذه القاعدة ستكون الحكومة الانتقالية السورية مؤهلة لاحتلال مقعد سوريا لدى الأمم المتحدة ولإبرام اتفاقات والمطالبة بالحماية العسكرية أو التزود بالسلاح وخلاف ذلك. ولذا يبدو أن مهمة الإبراهيمي هي ربما «المحك» الدبلوماسي الأخير قبل التغليب النهائي للخيار العسكري الذي سيتوجه إلى الطرفين (السلطة والمعارضة المسلحة في سوريا) بعد أن تكون الجهود السياسية قد أجهضت...
 
 
«الحر» يتقدم في معرة النعمان.. ويقترب من السيطرة على مطار «منغ» في حلب، معارك الشمال متواصلة.. وأنباء عن استخدام الفوسفور الأبيض في إدلب وعربين في ريف دمشق
 
جريدة الشرق الاوسط... بيروت نذير رضا.... أعلن الثوار السوريون أمس، اقتراب سيطرتهم على مطار منغّ في حلب، حيث دارت اشتباكات عنيفة في محيط المطار العسكري، بالتزامن مع مواصلتهم القتال على تخوم منطقة معرة النعمان بغرض السيطرة عليها.
وتزامنت تلك التطورات مع اشتباكات عنيفة شهدتها أحياء عدة من دمشق وريفها، التي شهدت انفجار سيارة مفخخة في منطقة «سبينة»، بينما تناقل ناشطون أنباء عن استخدام قنابل الفوسفور الأبيض المحرم دوليا في عربين في ريف دمشق وفي إدلب، وسط تواصل القصف الذي أسفر عن مقتل ما يزيد على 80 شخصا في حصيلة أولية، بحسب لجان التنسيق المحلية.
وفي الوقت الذي ذكر فيه ناشطون أن مقاتلي المعارضة المسلحة اقتحموا مطار منغ العسكري في ريف حلب، نفى عضو تجمع حماه الثورة المقدم الركن مسعف صبوح السيطرة الكاملة على المطار. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي الجيش السوري الحر «حققوا تقدما كبيرا على جبهة المطار، ونفذوا عمليات نوعية داخله»، لافتا إلى أن الثوار «يحاولون الآن (مساء أمس) اقتحام المطار العسكري».
وأشار صبوح إلى أن المعارضة «إذا سيطرت على المطار الواقع في منطقة أعزاز، تكون قد سيطرت على شمال حلب بالكامل، بدءا من مدخلها الشمالي في دوار الليرمون في حلب، حيث يوجد فرع المخابرات الجوية»، لافتا إلى أن ريف حلب كما المدينة «شهدا أمس معارك عنيفة بين مقاتلي الجيش الحر والقوات النظامية».
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن اشتباكات عنيفة شهدها محيط مدرسة الشرطة في بلدة خان العسل. في هذا الوقت، واصل الجيش السوري الحر تقدمه على محور معرة النعمان في ريف إدلب في عملية أطلقها قبل يومين للسيطرة على المنطقة. وأشار المقدم الركن صبوح إلى أن العمليات أمس «انقسمت إلى محورين، بغية السيطرة على معسكر وادي الضيف ومعسكر الحامدية».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن العمليات «انطلقت أمس بتمهيد مدفعي وقصف بصواريخ محلية الصنع، قبل أن يبدأ الهجوم الذي حرر حواجز صالة اللجين ومدرسة عين قريع في جنوب معرة النعمان، وحاجز الزعلانية شرق المعرة»، لافتا إلى أن المعارضين «شنوا هجوما على مبنى السماد الذي يعتبر مفتاح معسكر وادي الضيف».
وإذ أكد انهيار معنويات القوات النظامية «بسبب نقص إمداداتها»، أشار إلى أن القوات النظامية «تستعيض عن خسائرها بقصف مديرية معرة النعمان والريفين الجنوبي والشرقي بالذخائر العنقودية»، لافتا إلى «استخدام القوات النظامية قنابل بثت غازات بيضاء يتوقع أنها فوسفور أبيض، وهو مادة حارقة محرمة دوليا». وقال إنه «إذا تمت السيطرة على معرة النعمان، فإن الجيش الحر يكون قد أحكم سيطرته على طريق الإمدادات من حماه إلى حلب، بعد سقوط ريف حماه الشمالي، ما يجعل المعارضين على مقربة من تحرير كامل شمال سوريا».
إلى ذلك، بث ناشطون سوريون شريط فيديو على «يوتيوب» قالوا إنه قصف من جانب القوات الحكومية على مدينة عربين في ريف دمشق باستخدام القنابل الفسفورية المحرمة دوليا. ويقول أحد الناشطين في الفيديو إن المدينة تتعرض لقصف بالقنابل «المحرقة» بينما تظهر الصور حرائق تتصاعد منها أعمدة من الدخان الأبيض.
وفي حين أعلن الجيش الحر أنه أسقط مروحية فوق مطار المزة العسكري قرب العاصمة دمشق، أفاد المركز الإعلامي السوري أن مدينة الزبداني تعرضت فجر أمس لقصف عنيف بأكثر من ألفي قذيفة شملت راجمات الصواريخ والمدفعية والدبابات وقذائف الهاون والقنابل الانشطارية، أسفر عن تدمير مائتي منزل.
في ريف دمشق أيضا، أعلن المرصد السوري تعرض المناطق المحيطة في بلدة الذيابية للقصف، مشيرا إلى تعرض المناطق الواقعة بين عربين وحرستا لإطلاق نار من رشاشات متوسطة. وفي بلدة حوش عرب ومحيطها دارت اشتباكات عنيفة بالتزامن مع قصف تتعرض له المنطقة، كما في محيط بلدتي عقربا وبيت سحم. ولفت المرصد إلى قصف تعرضت له التعلة وسقبا كما تعرضت بلدة مسرابا للقصف.
وأفاد المركز الإعلامي السوري أن إحدى كتائب الجيش الحر تمكنت من تدمير حاجز جسر النبك في منطقة القلمون، مما أدى إلى مقتل 15 جنديا نظاميا.
في هذا الوقت، أفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن «إرهابيين فجروا سيارة مفخخة في السبينة، شارع النهر في ريف دمشق، صباح أمس، ما أدى إلى استشهاد أربعة مواطنين وإصابة عشرة آخرين معظمهم من طلاب المدارس». أما قناة «العالم» الإيرانية، فأفادت بمقتل عدد من المسلحين قرب جامع ابن الوليد في حجيرة بريف دمشق.
وفي حمص، أفاد ناشطون عن قصف بالطائرات وراجمات الصواريخ تعرضت له أحياء حمص القديمة ودير بعلبة ومدن الحولة والرستن وتلبيسة والغنطو، كما تعرضت مدينة الرستن لقصف عنيف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ بعد أن قصفها الطيران الحربي بالبراميل المتفجرة.
وفي حماه، أعلن معارضون عن إسقاط طائرة من نوع ميغ في مدينة مورك، في حين أفاد المرصد السوري بمقتل أربعة أشخاص بقصف تعرضت له مدينة الميادين في دير الزور. أما في درعا، فأفادت لجان التنسيق بقصف استهدف منطقتي لجاه وبصرى الحرير.
 
 
سوريا على مشارف عام جديد!
أكرم البني... جريدة الشرق الاوسط... بعيدا عن التنبؤات وتوقعات علماء الفلك والأبراج وبعيدا عن الأوهام والأضاليل، ثمة أحداث مؤلمة تجري على الأرض السورية تفوح برائحة الدم والخراب، يتمنى لها المتفائلون أن تنتظم في مسار خلاصي يبدأ بوقف العنف، فتغيير جذري يزيل الاستبداد ويرسي قواعد الحياة الديمقراطية في البلاد، بينما يخشى المتشائمون أن تؤدي رعونة السلطة وإصرارها على منطق القوة والعنف إلى الانزلاق نحو المجهول، وأوضح ما فيه المزيد من الضحايا والدمار والتشرد، وربما حرب أهلية مديدة تقود إلى تخندقات وانقسامات عميقة بين أبناء الوطن الواحد.
لا ريب في أن العام الجديد سيضع حدا لمعاناة السوريين، يقول المتفائلون ويعتقدون أن الصراع وصل أوجه وصار استمراره، باعتراف الجميع، عبثيا وأشبه بحالة استنزاف لقوى عاجزة عن الحسم، والأهم انحسار الثقة بالنظام عموما وبخياره العنفي وقد جرب على مرأى من العالم كل أصناف الأسلحة والخطط الحربية ولم ينجح في إضعاف الثورة أو الحد من قدرتها على التجدد، بدليل تنامي أعداد المسلحين واتساع المساحات والمناطق الخارجة عن السيطرة، وتكاثر حالات التهرب من المسؤولية والانسحاب من صفوف الجيش والأمن ومن حزب البعث وملحقاته النقابية، الأمر الذي يضع، برأي هؤلاء، الحالة السورية على نار حامية، عربيا ودوليا، لإحداث التغيير المطلوب، ويرجحون أن تحتل المشهد نخبة من الشخصيات المعارضة للتفاوض على نقل السلطة، وقيادة مرحلة انتقالية تنتهي بإقرار دستور جديد وإجراء انتخابات عامة.
يعتبر المتشائمون أن سلطة على مثال السلطة السورية لن تتوانى عن جر المجتمع كله إلى الاقتتال والخراب من أجل الحفاظ على امتيازاتها وبقائها في الحكم، مما ينذر بتفكيك البنية الوطنية وعناصر تماسكها وتقويض الدولة وجر البلاد إلى حرب أهلية قد تطول، وخير برهان الازدياد المطرد للعنف ولأعداد الضحايا والمفقودين والمشردين، واستخدام مختلف الأسلحة، والقصف العشوائي لأماكن السكن في معظم المدن والأرياف السورية، وحصارها المزمن والضغط على حاجاتها وخدماتها وشروط معيشتها، تعزز هذا الخيار شخصيات فاسدة ومرتكبة ترفض التنازل عن مواقعها وامتيازاتها حتى لو كان الطوفان، وتبحث عن فرصة للإفلات من المحاسبة والعقاب، ربما عبر تحصين نفسها ضمن وسطها الاجتماعي وفي مناطق تستطيع الدفاع عنها إن فشلت سيطرتها على المجتمع ككل، مطمئنة إلى الدعم السخي من حلفائها، وخاصة إيران التي لن تتخلى ببساطة عما راكمته من نفوذ طيلة عقود، وإلى مجتمع دولي لا يكترث بما يحصل من فظائع وأهوال، وكأنه بشعوبه وحكوماته يتفرج على هذا الفتك اليومي بالمدنيين، مثلما يتفرج على مسلسل تلفزيوني أو صور من عالم آخر، والفاجعة في التحذير الأممي الأخير للنظام بأن استخدام السلاح الكيماوي خط أحمر، بما هو إباحة لكل ما دونه من وسائل القمع والتنكيل!
تستقبل البلاد عاما جديدا والوضع الاقتصادي وصل إلى الحضيض، لقد أفضى القصف والتدمير إلى انهيار القطاعات الإنتاجية والخدمية، وخربت حمم القذائف والآليات الثقيلة الأراضي الزراعية، ومنع الانتشار الأمني الكثيف نقل المحاصيل بصورة آمنة إلى الأسواق، وأفضى شح المواد الأولية جراء وقف الاستيراد، وضعف التسويق ومنافذ التصدير، إلى انهيار الصناعة، فأغلقت مئات المصانع أبوابها أو قلصت إنتاجها، وسرح الآلاف من عمالها، ولاقى قطاع السياحة المصير الأسوأ كأن دوره انتهى اليوم تماما، مثلما انتهت فرص الاستثمار، وبديهي ألا يأمن رأس المال لساحة معرضة لمزيد من الفوضى والاضطراب، ناهيكم بتعطل أغلب المشاريع الاستثمارية التي كانت تسير بصورة طبيعية، وتراجع دور البنوك العامة والخاصة جراء العقوبات وهروب الكثير من رؤوس الأموال إلى الخارج، والأهم تدهور معيشة المواطن، إن لجهة عدم توافر السلع الأساسية التي تفقد تماما في المناطق الساخنة، كالخبز والمواد الغذائية والأدوية والغاز والمازوت، أو لجهة انهيار القدرة الشرائية، مع خسارة الليرة السورية أكثر من 50% من قيمتها، أو لجهة تهتك وتفكك شبكات الخدمات التعليمية والصحية، دون أن ننسى معاناة المهجرين داخل البلاد الذين آثروا الانتقال من المناطق الخطرة، أو اللاجئين في البلدان المجاورة، حيث أفضى تسارع الزيادة في أعدادهم إلى انحسار القدرة على توفير أهم الاحتياجات الإنسانية لهم!
المدهش مع إطلالة السنة الجديدة أن غالبية السوريين، ورغم سوء عيشها وما تكابده، لا تزال متحمسة للثورة وللتغيير، وتتطلع إلى التخلص من الاستبداد أيا تكن الآلام، في إشارة إلى تكيفها السريع مع شح الموارد، خاصة في المناطق التي خرجت عن سيطرة السلطة، حيث تترك بلا كهرباء ولا ماء وتحرم من أبسط الحاجات الحيوية للعيش، مما يظهر عمق التحدي وحجم المسؤولية الواقعة على عاتق المعارضة بمكونيها السياسي والعسكري، وعلى الكوادر الميدانية واللجان الأهلية في تلك المناطق، إن لجهة خلق نمط من التعاون الصحي بين الناس والتوزيع العادل للاحتياجات المعيشية، وإن لجهة الحد الحازم من التجاوزات والخروقات التي يمكن أن تنشأ في ظل غياب دور الدولة، والغرض بذل كل الجهود لإظهار صورة صحية وإيجابية عن مجتمع واعد ينسجم مع شعارات الحرية والكرامة التي تبناها، ويقطع الطريق على المتصيدين في المياه العكرة، والمشككين في قدرة الحراك الثوري على إدارة البلاد وتنظيم حياة الناس.
«إننا محكومون بالأمل».. هي عبارة يتبادلها بعض النشطاء وهم يستقبلون عاما جديدا، ربما بقصد الاعتراف بأن مخاض الثورة سيكون صعبا جدا أمام آلة عسكرية مدججة بأفتك الأسلحة، وسوف يكتظ بالضحايا والآلام وبمعاناة ومكابدة لم يشهد شعب ثائر لها مثيلا، وربما لإظهار الثقة بجدوى استمرار الثورة وبأن توحيد صفوفها وتصويب أخطائها، قد يخفف من وطأة هذا المخاض وثقله ويعجل وصول الناس إلى حقوقهم وما يتطلعون إليه!
 
رفضَ الغرب أن يتدخل في سورية عسكرياً... فكان تدخل دولي من نوع آخر
 
الحياة...ياسر أبو هلالة *

عندما أبلغني أبو سياف (محمود الشلبي) اختيار مجلس الشورى واللجنة الشرعية أبا أنس الصحابة (محمود عبداللطيف) أميراً لـ «جبهة النصرة» في سورية لم أستغرب الخبر. وعندما عاد ونفى لم أستغرب النفي أيضاً. فالجبهة المتهمة بأنها واجهة لتنظيم «القاعدة» والتي صنفتها أميركا بأنها تنظيم إرهابي ليست بالتنظيم الحديد الذي له قيادة مركزية يسمع الجند أوامرها فيطيعون، بمقدار ما هي مجاميع تربطها شبكة معقدة من الأمراء والشيوخ محلياً وعربياً ودولياً.

أبو سياف مصدر الخبر هو من شيوخ التيار السلفي الجهادي في الأردن وعضو مجلس الشورى فيه. وقد أمضى على خلفية أحداث مدينة معان أكثر من عشر سنوات في السجن بعد أن حكم عليه بالمؤبد، وخرج بعفو إثر الاعتصامات الجماهيرية التي نظمها التيار السلفي الجهادي للإفراج عن معتقليه. وكان واحداً من أبرز النشطاء في تلك الاعتصامات، أبو أنس الذي تعرفت إليه أكثر عندما كان المسؤول الإعلامي في التيار، وكان يتواصل في قضايا معتقلي التيار سواء في العراق أم في الأردن.

في نفي الخبر جاء «إننا في القسم الإعلامي لجبهة النّصرة ننفي ما تناقلته بعضُ وسائل الإعلام عن مقتل الشيخ الفاتح أبو محمد الجولاني - حفظه الله، ونبشّر الأمة بأنه بخير يتقلب في نِعم الله التي لا تُعدّ ولا تحصى». وأضاف اليبان: «أنّ الأخوين المجاهدين: أبو جليب وأبو أنس الصحابة (اللذان ورد ذكرهما في بعض الأخبار) قائدان ميدانيان؛ لكن ليس أحدٌ منهما هو المسؤول العام لجبهة النصرة. وهما ولله الحمد بخير وعافية».

الخبر ينفي ولا يكذب، ويصفهما بالقائدين الميدانيين. ويبدو أن الخبر أراد أن يوضح للسوريين أن «القاعدة» وعى الدرس العراقي ولن يكون أردني أو مصري قائداً للتنظيم فلقب «الجولاني» يكشف أن القائد العام هو سوري يستعين بقادة ميدانيين من خارج البلاد، وأبو جليب هو إياد الطوباسي المتزوج بأخت أبو مصعب الزرقاوي والذي انتقل من العراق إلى سورية. وأعلن عن مقتله في التلفزيون السوري. لكن تسريب الخبر قد يشي بخلافات استخدم الإعلام للتأثير فيها.

عرّفني إلى أبو أنس أول مرة منظّر التيار الشيخ أبو محمد المقدسي، أثناء استقباله المهنئين بعد الإفراج عنه. أسرّ إلي وأشار إلى أحد المهنئين وقال من المهم أن تتعرف إليه، هذا كان من أوائل من دخلوا إلى العراق مع شيخه أبو أنس الشامي (قتل عام 2004 في غارة أميركية) وكان مرافقاً للزرقاوي واعتقل في سورية والأردن أكثر من مرة. تعرفت إلى الشاب الذي تلمس بنيته العسكرية من المصافحة. وكان كتاباً مفتوحاً تجول من خلاله في عالم «القاعدة» والتيار السلفي الجهادي عموماً. إلا أنه يرفض التسجيل على الكاميرا.

يجسد الشاب الفلسطيني الأصل تحولات التيار السلفي، فهو ابن الزرقاء التي تشكل مدينة الطبقة العاملة في الأردن من أبناء المخيمات والعشائر، فيها تجد المجتمع الأردني مصغراً، منها أبو مصعب الزرقاوي وعشيرته بنو حسن، وفيها أبناء المحافظات الأردنية كلها الذين خدموا في معسكرات الجيش العربي واستقروا بها، وفيها أبناء من خدموا في مناجم الفوسفات التي نضبت في الرصيفة، ومصفاة البترول وبقية الصناعات بما فيها صناعات الخمور.

شيخه الأول أبو أنس ممن قدموا من الكويت بعد احتلالها، وهو بدأ سلفياً أقرب إلى الإخوان، وعرف بتفوقه العلمي الشرعي، وهو صغير حفظ القرآن الكريم وموطأ ابن مالك، ولم يعرف عنه عنف أو تنظير للعنف، بعد احتلال العراق تحول الشيخ، ومعه طلابه إلى السلفية الجهادية ولحقوا بقافلة أبو مصعب الزرقاوي الذي بدأ مستقلاً عن «القاعدة» في «جماعة التوحيد والجهاد»، وقد قتل أبو أنس قبل انضمام الزرقاوي إلى القاعدة رسمياً.

بعد الربيع العربي كان يمكن ملاحظة التحول على أبو أنس الصحابة الذي وجد في الاعتصامات السلمية سلاحاً يضغط فيه على الحكومات لتحقيق مطالبه سواء كانت جزئية تتعلق بالإفراج عن شيوخه ورفاقه المعتقلين أو تطبيق الشريعة. وصار الفتى الذي ينسق لتجنيد المقاتلين وتدريبهم والتخطيط للهجمات وتنفيذها «حراكياً» يتواصل مع الإعلام ويرتب لقاءات مع ذوي المعتقلين ومنظمات حقوق الإنسان. ترك التيار السلفي الجهادي ينشط حراكياً لاعتبارت أمنية تقوم على إبقائه تحت العين وفي الوقت نفسه استخدامه لضرب صورة الحراك. وهو ما تم في ما عرف بأحداث الزرقاء التي اعتقل فيها أبو أنس بتهمة الاعتداء على المتظاهرين الموالين للدولة وعلى رجال الأمن إلا أنه برِّئ وأفرج عنه.

لا يمكن الجزم بعمق التحول لدى أبو أنس أو رفاقه، هل هو بمستوى ما حصل مع الجماعة الليبية المقاتلة التي نظرت لتحولها، وهي اليوم تقبل نتائج صناديق الانتخاب التي لم تحظ فيها بحضور أو أنها كانت هدنة نتيجة ارتباك أحدثه الربيع العربي. ما يمكن تأكيده أن الثورة السورية ساهمت في عودة التيار إلى القتال سبيلاً لتحقيق الأهداف، وبمقدار ما رشدت الثورات في تونس ومصر وليبيا واليمن التيار ساهمت الثورة السورية في إعادته إلى المربع الأفغاني، وليس العراقي.

في الثورة الليبية قدم التيار السلفي الجهادي تراجعاً كبيراً عندما خاض معركة في ظل تحالف دولي يضم العدو الأول بالنسبة إليه وهو أميركا ومعها فرنسا وغيرها من دول ظل يناصبها العداء. في الثورة السورية استنجد السوريون بالتدخل الدولي ولم يأتِ إلى اليوم، جاءهم تدخل دولي من خلال الجهاد العالمي. أبو أنس واحد من الذين لبّوا، وعلى ما يبدو فإنه تعلم الدرس العراقي. فحتى اليوم لم يسجل على «جبهة النصرة» ما سجل على «جماعة التوحيد والجهاد» في العراق، و «القاعدة» لاحقاً. فقد تبنّت الجماعة قبل التحاقها بـ «القاعدة» الصور المروعة التي قطعت فيها رؤوس المختطفين، وبعد تحولها إلى «القاعدة» وبعدها مجلس شورى المجاهدين ثم دولة العراق الإسلامية لم تتوقف عن تبني عمليات تفجير استهدفت مدنيين.

انتقدت المعارضة السورية على رأسها معاذ الخطيب رئيس الائتلاف المرعي قراراً أميركياً وغربياً بتصنيف «جبهة النصرة» ضمن المنظمات الإرهابية، وهو بذلك ينسجم مع رأي عام سوري يعتبرها فصيلاً مقاتلاً للنظام الدموي. وهي لم تقم بعمل يصنف ضمن الإرهاب. بل تستهدف مقار أمنية تمارس فيها أبشع أشكال الإرهاب الذي توثقه تقارير منظمات حقوق الإنسان.

لا يمكن القول إن التيار السلفي الجهادي تحول تياراً مدنياً يدافع عن حقوق الإنسان، أو أصبح كجماعة «الإخوان المسلمين». لكن من يدرس تجربة الفتى أبو أنس يمكنه القول إن الربيع العربي أحدث تحولاً كبيراً في التيارات السلفية الجهادية باتجاه السلمية ونبذ العنف، بمقدار ما أعطت الثورة السورية مشروعية للعمل المسلح بغطاء دولي. وهو ما أعاد تلك الحركات إلى المربع الأفغاني لا العراقي. ففي أفغانستان كانت الدول الغربية والعربية المتحالفة معها تصرف النظر أو تشجع وصول المقاتلين العرب إلى أفغانستان، واعتبرهم الإعلام الغربي أبطال حرية. تكاد الصورة تتكرر في سورية مع فارق مهم، أن الأميركيين لم يزودوا المقاتلين بصواريخ ستينغر هذه المرة!

 * إعلامي وكاتب أردني


المصدر: جريدة الشرق الأوسط

ملف فلسطين وغزة..في ذكرى 7 أكتوبر..

 الإثنين 7 تشرين الأول 2024 - 5:03 ص

الغزّيون ملّوا الحروب ويحلمون بحياة تشبه الحياة.. لا يهمهم مَن يحكم القطاع بعد وقف القتال..والهجر… تتمة »

عدد الزيارات: 172,917,146

عدد الزوار: 7,717,176

المتواجدون الآن: 0