تقارير...غالبية العرب غير مؤهلة للديموقراطية!....الضفة الغربية: شراء هدوء ما قبل العاصفة...الأمم المتحدة تدق ناقوس خطر تعرّض 6 ملايين عراقي للجوع

حزب الله يخاطر بدعم الأسد ويريد نصرًا مهما كان الثمن!....مبادئ القتال في القُصير: تغيير النظام السوري لسير الحرب....مساعدة قوات الأمن في الشرق الأوسط: مناهج جديدة لمرحلة جديدة

تاريخ الإضافة الجمعة 7 حزيران 2013 - 5:57 ص    عدد الزيارات 1975    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

مبادئ القتال في القُصير: تغيير النظام السوري لسير الحرب
جيفري وايت... جيفري وايت هو زميل للشؤون الدفاعية في معهد واشنطن وضابط كبير سابق لشؤون الاستخبارات الدفاعية.
ليست المعركة المحتدمة في مدينة القصير وما حولها في محافظة حمص في سوريا مجرد صدام آخر بين أطراف القتال، إنها معركة شاملة لها أثر جوهري كبير على الحرب، على غرار المعركة للسيطرة على حلب في صيف 2012. وعلى الرغم من المقاومة الحازمة من جانب الثوار، تعدُّ هذه المعركة من المعارك التي يجب أن يفوز بها النظام. وإذا عرفنا ما لديه من الأفضليات في الوقت الحالي، فإن النصر سيكون على الأرجح حليفاً لدمشق. فمدينة القصير تقع بالفعل تحت وطأة القدرات المتقدمة التي يحظى بها النظام وتلك التي يمتلكها حلفاؤه، وخاصة «حزب الله». وربما الأهم من ذلك، يبدو أن قوات بشار الأسد بصدد وضع مجموعة من "مبادئ القتال في القصير" من شأنها صياغة مسار الحرب خلال الفترة المقبلة.
أهمية المعركة
تتمتع المعركة للسيطرة على القصير بقدر من الأهمية لعدة أسباب؛ فالمنطقة تُشرف على الطريق الجنوبي المتجه إلى الساحل مروراً بمحافظة حمص، معقل أنصار النظام من العلويين الشيعة. كما أنها تسيطر على المسارات الجنوبية إلى مدينة حمص، حيث تستمر معاناة قوات النظام. وبالإضافة إلى تهديد القرى الشيعية في المنطقة، فإن سيطرة الثوار على القصير تعوق وصول النظام إلى وادي البقاع في لبنان، في حين تسهّل نقل إمدادات السلاح إلى الثوار عبر الحدود إلى المنطقة الغربية الوسطى في سوريا. إن النصر في هذه المعركة سوف يكون ذا أثر جوهري جيد على موقف النظام في محافظة حمص بوجه عام، وهو أمر ضروري للإبقاء على كل من إمكانية الوصول إلى الساحل وتأمين خط الاتصال الحساس من دمشق.
وتكتسب هذه المعركة أيضاً قدراً كبيراً من الأهمية على الصعيد السياسي والنفسي. فبالنسبة للنظام، تتوفر بمنطقة القصير فرصة مميزة لاستعراض قوته أمام الحلفاء والأعداء على حد سواء. كما أن النصر فيها من شأنه أن يعزز مرونته ويؤكد الالتزام من جانب مؤيديه. أما بالنسبة للمعارضة، فسوف تزيد الهزيمة من التوترات الداخلية وتثير الشكوك أيضاً، حيث سيلقي كل فصيل من الثوار باللوم على الفصائل الأخرى ويحملهم سبب الهزيمة بينما يتساءل كيف سيتمكنون من الصمود في وجه القدرات المتنامية للنظام. وإذا تمكنت قوات الأسد من مواصلة تحقيق المزيد من الانتصارات، فسوف تتضاعف هذه التأثيرات أيضاً.
وبناءً على ذلك، تتمثل أهداف النظام لخوض هذه المعركة في بسط النفوذ على المنطقة وتكبيد الثوار هزيمة عسكرية وسياسية ونفسية كبيرة. وعلى الرغم من أن تحقيق هذه الأهداف يخدم النظام بشكل جيد في جميع مؤتمرات السلام، إلا أن المعركة قد بدأت قبل انعقاد مؤتمر "جنيف الثاني" ببعض الوقت، ولا تزال دائرة لكثير من الأسباب الأخرى التي تفوق القوة التفاوضية أهمية.
مبادئ القتال في القُصير
تهدف استراتيجية النظام في هذه المعركة إلى دحر الثوار عن المنطقة الريفية جنوب مدينة القصير وشمالها، وعزل المنطقة لمنع انسحاب الثوار، ثم قصف المدينة وضواحيها لإلحاق خسائر وكسر المقاومة قبل الإغارة مباشرة على المدينة. ولتنفيذ هذا النهج، اتخذ النظام مزيج من الخطوات شملت استخدام قوات نظامية (يقال إنها تضم عناصر من "الفرقتين المدرعتين الثالثة والرابعة" و"الحرس الجمهوري") وقوات غير نظامية ("جيش الدفاع الوطني"). وربما الأكثر أهمية، أن النظام يستعين بقوات «حزب الله» لتوفير قوات مشاة فعالة وجديرة بالثقة في هذه المعركة المكلفة والمستمرة. كما تفيد مصادر الثوار بأن النظام قد سحب بعض القوات النظامية من منطقة دمشق وحتى محافظة درعا في الجنوب لخوض هذه المعركة. وعلاوة على ذلك، دعمت قوات الأسد الجوية والصاروخية العمليات الأرضية بشكل مكثف، حيث أفادت التقارير بأنه تم تنفيذ ست عشرة غارة جوية وثلاث هجمات بصواريخ أرض- أرض في مدينة القصير في 29 أيار/مايو وحده. ويمثل هذا المزيج من القوات النظامية وغير النظامية وتلك الحليفة -- المدعومة بكثافة من قِبَل القوات الجوية والمدفعية -- الصيغة الحالية لخوض المعركة من جانب النظام.
وفي الوقت الحالي، يشارك حوالي 5000 - 6000 جندي من القوات الحكومية في المعركة، إلى جانب حوالي 2000 عنصر من مقاتلي «حزب الله». وقد تلقت كلتا المجموعتين بعض التعزيزات خلال الأيام القليلة الماضية، مما يعكس مدى صلابة المقاومة من جانب الثوار وحاجة النظام إلى نصر مؤزر. كما أن هناك تقارير غير مؤكدة من قبل المعارضة ادعت أيضاً أن مقاتلين إيرانيين يشاركون في القتال.
 ويعدُّ الهجوم على القصير من التحركات التي تتم على مستوى العمليات التنفيذية: إذ تجمع قوات الأسد بين القتال والمناورة لتحقيق أهداف استراتيجية في ساحة المعركة في حمص. وتعتبر قدرة النظام على التفكير في مثل هذه العمليات وتنفيذها في هذه المرحلة من الحرب برهاناً على مرونته وقدرته على التكيُّف وعلى الدعم الوطيد من جانب الحلفاء -- روسيا وإيران و «حزب الله». ولم تُبد قوات الثوار حتى الآن أية قدرة على التجاوب مع هذا النوع من التحرك، ويعود ذلك أساساً إلى أمور قيادية وتنظيمية تجعل من الصعب التركيز وتنسيق تواجد قوات كبيرة بين مختلف المحافظات.
وعلاوة على ذلك، فقد ثبت أيضاً صعوبة تعامل الثوار مع بعض التكتيكات المحددة من جانب النظام، على الرغم من تقديمهم أداء أفضل عند هذا المستوى. وقد استخدم النظام ميزته الكاسحة بالقوة النارية لتشتيت قوات الثوار وكسب الأرض ببطء. وعلى الرغم من أن تمتع المعارضين بميزة التضاريس والعزم الأكيد على القتال جعل ذلك عملية مكلفة، إلا أن تحركات النظام في الوقت الحالي تحمل حتمية معينة تجاههم. وببساطة، تواصل قوات الأسد تقدمها-- حيث أن الغارات عادة ما تشمل القصف التمهيدي بقذائف المدفعية والقوات الجوية، والتسلل إلى منطقة الهدف، ثم تنفيذ هجمات المشاة المدعومة بالمدرعات. ويتم استخدام صواريخ أرض- أرض لقصف المناطق الخلفية للثوار بحيث يتم تدمير جميع الملاجئ حتى أكثرها عمقاً، وفقاً لمصادر المعارضة.
وبالنظر إليها معاً، فإن "مبادئ القتال في القصير" توضح كيف سيدفع النظام بمسيرة الحرب نحو الأمام:
·         الدمج بين وحدات نظامية وغير نظامية وأخرى حليفة للتحول إلى قوة قتالية فعالة وجديرة بالثقة
·         عزل مناطق الهدف للحيلولة دون وصول تعزيزات أو إمدادات جديدة إلى الثوار أو هربهم
·         قصف مناطق الهدف بجميع الوسائل المتاحة لإضعاف الدفاعات وزيادة محنة المدنيين المحاصرين هناك
·         عندما تحتوي إحدى مناطق الهدف على قواعد مركزية للثوار وأخرى نائية، يتم دفعها نحو الداخل بهدف الضغط على
           المدافعين
·         تنفيذ غارات متكررة لبسط النفوذ على المناطق المحورية، وإلحاق الخسائر، وإجبار المدافعين على استهلاك مؤنهم
·         الاستفادة من تميز النظام بالقوة النارية وقدرته على تنسيق العمليات ودعمها.
ويمكن توقع قيام الحكومة والقوات المتحالفة معها بتطبيق هذه المبادئ طالما تؤدي إلى النصر.
التداعيات
لقد تمكن النظام من إحراز تقدم بطيء لكن لا يمكن إنكاره في القصير، حيث كبَّد مقاتلي الثوار وقادتهم خسائر كبيرة على الرغم من خسائره الكبيرة هو نفسه، والنكسات المحلية التي أصابته في بعض الأحيان. وقد تم ضغط قوات المعارضة في المنطقة إلى جيبٍ آخذ في التضاؤل يمتد من محافظة حمص الشرقية إلى القصير والمناطق المحيطة المتاخمة لها. وربما لم يتم بعد عزل المدينة وتأمينها بشكل تام، لكن هذه النتيجة تبقى بين الاحتمالات الواردة خلال الأيام القليلة المقبلة. وبعدها، يصبح أمر سقوط المدينة مجرد مسألة وقت.
وتُخبرنا الاستراتيجية والتكتيكات التي تقود إلى هذه النتيجة بالكثير عن الطبيعة المتغيرة للحرب، لاسيّما القدرة الهجومية المجدَّدة للنظام واعتماده المتزايد على القوات غير النظامية والمتحالفة. وتلك عوامل من شأنها إجبار الثوار ومؤيديهم على إدراك الوسائل اللازمة للصمود أمام تحدي النظام.
ومع ذلك، ليست هذه هي المعركة الأخيرة أو الحاسمة بالنسبة لسوريا. وأحد أسباب ذلك، أن الثوار يحققون بعض النجاح في مناطق أخرى، من بينها محافظة حماة الشرقية ودرعا وحلب. كما أن المعارك في هذه الحرب تميل، بشكل أوسع نطاقاً، إلى التمخض عن نتائج غير تامة حيث تتآكل آثارها مع مرور الوقت. فكلا الطرفين يعاني من صعوبة تأكيد الانتصار، وغالباً ما يجدا بأنهما يقاتلان مجدداً على الأرض ذاتها، كما في مدينة حمص وريف دمشق ومحافظتي حلب ودرعا. وتبدو القُصير مختلفة في هذا الصدد، لكن يبقى أن نرى ما تحمله الأيام.
 وأياً كان الأمر، فإن المعركة من أجل السيطرة على القصير مهمة في حد ذاتها وكذلك من أجل بيان الكيفية التي ستسير بموجبها الحرب خلال الفترة الحالية. وبمعرفة النتائج التي تم التوصل إليها حتى الآن، يجب على الثوار أن يقوموا بترتيب بيتهم السياسي والعسكري بسرعة. كما يلزمهم أيضاً أن يظهروا أن بإمكانهم إما هزيمة هذه العمليات أو جعلها باهظة التكلفة بحيث تجعل النظام يتخلى عنها. ولا بد، كذلك، من قيام تحرك سريع من جانب مؤيدي الثوار من الأجانب، على الأقل فيما يتعلق بتزويد قوات الثوار بالوسائل اللازمة من أجل مقاومة أكثر فاعلية. وربما لن ينعقد مؤتمر السلام المقترح أبداً، ويبدو أنه حتى في حال انعقاده، فإن مآله سيكون إلى الفشل، لذا فإن تأخير المساعدة العسكرية أكثر من ذلك يعتبر وصفة جيدة لتحقيق النظام للمزيد من الانتصارات.
 
 
مساعدة قوات الأمن في الشرق الأوسط: مناهج جديدة لمرحلة جديدة
براين وينسكي.... العقيد براين وينسكي (الجيش الأمريكي) هو زميل عسكري زائر في معهد واشنطن.
يؤكد "الربيع العربي" بما يتخلله من أحداث على أن القوات المسلحة هي أكثر المؤسسات استيعاباً لما تمر به بلدان الصحوة العربية بل وأكثرها استدامةً وتحملاً في خضم الفوضى السياسية المتأججة، كما من الضروري والحتمي أن تبقى العلاقات بين القوات المسلحة في هذه البلدان قوية أبية وجديرة بالثقة. وفي الوقت الذي تضاءلت فيه جهود المساعدة الدولية، تستطيع الولايات المتحدة تحقيق العديد من أهداف مساعدة قوات الأمن بأقل التكاليف وبطابع غير رسمي عبر إتاحة المزيد من فرص التعليم العسكري المهني (PME) وتوسيع نطاق برامج تبادل الضباط إلى جانب دمج وحدات الدول الشريكة في التمارين والتدريبات على الأراضي الأمريكية.
التعليم العسكري المهني
يوفر برنامج "التعليم والتدريب العسكري الدولي" (IMET) التابع لوزارة الخارجية الأمريكية العديد من الفرص للطلاب الوافدين من الدول الحليفة والصديقة، بما في ذلك الدورات التدريبية قصيرة الأجل لتدريب الطلاب العسكريين وضباط الصف فضلاً عن الدورات التدريبية التي تدوم لعامٍ واحدٍ والتي تقدمها "الكلية الحربية" و"كلية القيادة والأركان الأمريكية" بفرع الخدمة. وقد شارك أكثر من نصف مليون طالب أجنبي في برامج التعليم العسكري المهني الأمريكي منذ عام 1950، كما يحضر ما يقرب من 200 طالب من أكثر من 125 دولة دورات تدريبية لعامٍ واحدٍ في أمريكا سنوياً. ويُعد برنامج التعليم العسكري المهني وسيلة ممتازة لتعريف الأفراد من الدول الشريكة على برامج التدريب العسكري الأمريكي. كما يساعد هذا البرنامج أيضاً على إبراز الأهمية التي يوليها الجيش الأمريكي لحقوق الإنسان وسيادة القانون وكذلك السيطرة المدنية على القوات المسلحة.
وربما يُعد إرسال الدول الشريكة قادة بارزين إلى الدورات التدريبية العسكرية الأمريكية الأمر الأكثر أهميةً. وقد تولى ثلاثة وعشرون من خريجي "الكلية الحربية للجيش الأمريكي" منصب رئيس الدولة في بلادهم. وبالإضافة إلى ذلك، حصل ما يقرب من نصف كبار الضباط الذين تلقوا تعليمهم في "كلية الحرب البحرية" على رتبة العلم، كما تنقل أكثر من 200 ضابطاً (حوالي 10 في المائة) بين الرتب ووصلوا في النهاية إلى قيادة القوات البحرية لبلادهم. وفي "كلية القيادة والأركان الأمريكية"، حصل أكثر من نصف الخريجين الأجانب على رتبة العلم، كما يشغل معظمهم مناصب مؤثرة جداً في جيوش بلادهم. وحيث يتقلد الخريجون الأمريكيون والأجانب مناصب ذات أهمية بالغة، فقد نجحت هذه العلاقات في تعزيز سبل التواصل والتنسيق الفعال بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
المشاركة الشرق أوسطية
تُعد الأردن والبحرين خير مثال على حلفاء رئيسيين شارك رؤساؤهم في دورات تدريبية عسكرية أمريكية. فالعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني قد حضر "مدرسة الدراسات البحرية العليا"، كما تخرج ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة من "كلية القيادة والأركان الأمريكية". كما حضر العديد من كبار الضباط العسكريين الأردنيين والبحرينيين دورات تدريبية أمريكية أيضاً من خلال برنامج "التعليم والتدريب العسكري الدولي"، وهم يتمتعون الآن بعلاقات شخصية ومهنية مع عدد لا يحصى من كبار الضباط الأمريكيين العاملين في "القيادة المركزية الأمريكية" و"القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية" و"القيادة المركزية لقوات الجيش الأمريكي".
 وبالمثل، نظراً لمشاركة مصر الثابتة في دورات برنامج "التعليم والتدريب العسكري الدولي"على مر السنين، فقد شارك غالبية قادتها العسكريين الحاليين في دورات تدريبية أمريكية في مرحلة ما من حياتهم المهنية. وفي مستهل ثورة 2011، استغل المسؤولون الأمريكيون علاقاتهم مع هؤلاء الضباط للحصول على تقارير مفصلة عن الأوضاع والإحاطة بالأحداث الجارية. وفي غضون ذلك، كان سلوك الجيش المصري عموماً أثناء الثورة أكثر مسؤولية ومهنية عما كان يعتقده الكثيرون، وإن كان ليس مثالياً.
إنشاء معهد إقليمي
في الوقت الراهن، يتعذر على برنامج "التعليم والتدريب العسكري الدولي" قبول جميع الطلاب الذين ترغب الحكومات الشريكة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إرسالهم، ويرجع ذلك أساساً إلى قيود توافر الأماكن والعدد المحدود للطلاب الناطقين بالإنجليزية. وفي السنة المالية 2011، استضافت الولايات المتحدة 1801 طالباً أوروبياً في أماكن برنامج التعليم العسكري المهني، ولكن لم يحضر سوى 994 طالباً فقط من الشرق الأدنى. وعلى الرغم من أن معظم الجيوش الأوروبية وقوات حلف شمال الأطلسي يملكون معاهد برنامج التعليم العسكري المهني الخاصة بهم، إلا أن العديد من الشركاء في الشرق الأوسط لا يملكون مثل هذه المعاهد، كما أنهم سيرحبون بكل تأكيد إذا جاءتهم الفرصة لتدريب المزيد من قادتهم الواعدين في الولايات المتحدة.
ويتلخص أحد الحلول في إنشاء معهد تدريبي مخصص للمنطقة. على سبيل المثال، من الممكن أن يدعم "معهد الشرق الأدنى للتعاون الأمني" (NEISC) أولويات "القيادة المركزية الأمريكية" -- وبدرجة أقل -- "القيادة الأمريكية في افريقيا" "أفريكوم"، وكذلك "مكتب وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى". وستيستكمل "معهد الشرق الأدنى للتعاون الأمني" الجهود التي يضطلع بها "مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية" (NESA) التابع لـ "جامعة الدفاع الوطني"، والذي يركز على القضايا الاستراتيجية وإنماء سبل الحوار مع العاملين في الأمن القومي على المستوى التنفيذي من المنطقة، والعديد منهم حضروا دورات برنامج "التعليم والتدريب العسكري الدولي". وما بين "معهد الشرق الأدنى للتعاون الأمني" و"مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية"، تملك الولايات المتحدة العديد من الأماكن الجاهزة لتثقيف ضباط الدول الشريكة والتأثير فيهم طوال حياتهم المهنية، بدءً من طالب عسكري وحتى لواء.
وفيما يتعلق بعروض الدورات التدريبية، من الممكن أن يتضمن "معهد الشرق الأدنى للتعاون الأمني" مجموعة من البرامج على النحو التالي:
·         دورات تدريبية قصيرة الأجل للطلاب العسكريين وضباط الصف تركز على التدريب التكتيكي للوحدات الصغيرة
·         برنامج تأهيل ضباط الصف
·         دورة معادلة لدورة الضباط بدرجة نقيب
·         برنامج قيادة تقدمه "كلية القيادة والأركان الأمريكية"، يستهدف من هم برتبة رائد ومقدم ويتمتعون بإمكانات عالية
وسوف يتم تعريف الطلاب على مزايا السيطرة المدنية والقيم العسكرية المهنية وخدمة البلاد وحقوق الإنسان بالإضافة إلى القدرات العسكرية التقليدية. وللتغلب على حاجز اللغة، يمكن تقديم إرشادات "معهد الشرق الأدنى للتعاون الأمني" ومواد الدورة التدريبية باللغة العربية، الأمر الذي يُمكّن الولايات المتحدة من تدريب وتثقيف عدد أكبر من القادة الصاعدين في المنطقة يزيد عما يسمح به برنامج "التعليم والتدريب العسكري الدولي" حالياً.
ويرى عدد من المراقبين دون أدنى شك أن التكلفة تمثل حاجزاً أمام زيادة فرص التعليم العسكري المهني، إلا أن التمويل الذي تتطلبه مثل هذه البرامج يُعد ضئيلاً نسبياً. على سبيل المثال، تبلغ تكلفة التشغيل السنوي لـ "معهد نصف الكرة الغربي للتعاون الأمني" (WHINSEC) - الذي يقدم التعليم العسكري المهني للدول الشريكة في أمريكا الوسطى والجنوبية - ما يقرب من 12 مليون دولار. وستكون احتياجات "معهد الشرق الأدنى للتعاون الأمني" أصغر حجماً من حيث التكلفة، حيث تبلغ التقديرات المتحفظة لنفقات التشغيل السنوي أقل من 10 ملايين دولار.
مناورات متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة
 تهدف المناورات العسكرية متعددة الجنسيات إلى تعزيز التعاون وتقوية العلاقات وتعزيز الشراكات كما تعكس على نحو أفضل عصراً سوف تكتسب فيه جميع العمليات العسكرية المرتقبة مكوناً متعدد الجنسيات. كما أن فرص التدريب المشترك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا محدودة، لكن هناك العديد من الطرق التي تسمح بشمل دول شريكة في فعاليات التدريب في الولايات المتحدة، خاصة في مراكز التدريب على القتال في فورت ايروين بولاية كاليفورنيا وفورت بولك بولاية لويزيانا.
على سبيل المثال، يستطيع "مركز التدريب الوطني" (NTC) في فورت ايروين دمج إحدى شركات تصنيع الدبابات العراقية بكل سهولة في التناوبات التي يقوم بها "فريق اللواء القتالي المدرع". كما تم تجهيز الفرقة الميكانيكية التاسعة للجيش العراقي بدبابات من طراز M1 ويمكنها الاستفادة بشدة من استخدام أسطول دبابات التدريب M1 المتوفرة في "مركز التدريب الوطني". ويمكن للغويين العرب في الجيش الأمريكي تسهيل عملية التواصل والتنسيق الأساسي مع الوحدة العراقية الزائرة، ومن شأن فرصة العمل مع أحد جيوش الدول الشريكة أن تعزز بشدة من الخبرة التدريبية للموظفين الأمريكيين. كما ستدخل العلاقات التكتيكية طور التعزيز، والذي بدوره سيكون له صدى في أوساط القيادات العليا في كل من الجيشين. وسيلقى المشاركون العراقيون تدريبهم في أفضل أماكن التدريب على الأسلحة المشتركة في العالم، كما سيرون بأم أعينهم فوائد التدريبات والتمارين القاسية والواقعية ضد خصم افتراضي يتمتع بقدرات مذهلة.
وبالمثل، يمكن أن يشمل "مركز التدريب المشترك على التأهب" (JRTC) في فورت بولك على وحدات من دول شريكة مثل سرايا مشاة أردنية في مناوباتها الخاصة بـ "فرق اللواء القتالي" الإقليمية. إن دعوة الأفراد الأردنيين لحضور الدورات التدريبية الكائنة في الولايات المتحدة من شأنها أن تفتح الباب حتى أمام تدريبات ودورات تدريبية أكثر تعاوناً في الأردن.
وتتوافر أيضاً خيارات لقوات أقل عدداً. فيمكن لقيادة القوات البرية المصرية إجراء محاكاة ثنائية بكل سهولة أو إجراء تدريب داخل مقر القيادة مع "القيادة المركزية لقوات الجيش الأمريكي" أو وحدات مكونة من قيادات عسكرية إقليمية في الولايات المتحدة. وبالنظر إلى الأوضاع الراهنة في مصر نجد أن قدرة "القيادة المركزية الأمريكية" على إجراء مناورة "النجم الساطع" التقليدية محدودة للغاية.
التبادلات الموسعة
يمثل تبادل ضباط الأركان مع جيوش دول المنطقة أهمية خاصة بالنسبة للجيش الأمريكي حيث إن ما يقرب من 90 في المائة من القوة العسكرية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متمثلة في القوات البرية. وعلى الرغم من أن الجيش الأمريكي يضطلع في الوقت الراهن بمهمة دمج الضباط الذين يتم تبادلهم من الدول الشريكة، إلا أنه يقوم بذلك على مستوى الفرقة أو مستويات أعلى، وينحدر الضباط المعنيون بشكل عام من دول حلف شمال الأطلسي (على سبيل المثال، بريطانيا، كندا) أو أستراليا. ومن خلال إضافة الضباط الذين يتم تبادلهم من الدول المحددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يمكن للوحدات والمقرات الأمريكية المسؤولة عن تلك المناطق أن تعزز إلى حد كبير من استيعابها لما يجري في المنطقة وتعزيز سبل التعاون في المستقبل.
ومن الواضح أن مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأدنى ستظل جوهرية من الناحية الاستراتيجية في المستقبل القريب. ومن خلال صقل مهارات معظم القادة الواعدين عن طريق التدريب العسكري المهني في الولايات المتحدة، وزيادة برامج تبادل الضباط ودمج الوحدات الأجنبية في الدورات التدريبية الكائنة في الولايات المتحدة، يمكن لواشنطن كسب نفوذ طويل الأمد مع جيوش الدول الشريكة في جميع أنحاء المنطقة وبأقل التكاليف.
 
الضفة الغربية: شراء هدوء ما قبل العاصفة
ناثان ثرول وروبرت بلتشر...
* بلتشر نائب مدير «برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، وثرول محلّل في شؤون الشرق الأوسط (في «مجموعة الأزمات الدولية»)
فيما يُسكب الكثير من الحبر عن الجهود التي يبذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، بما في ذلك إعلانه هذا الأسبوع عن رؤيته لتحقيق نهوض اقتصادي في الضفة الغربية، كُتب القليل نسبياً عن المكان الذي سيجد الفلسطينيون والإسرائيليون أنفسهم فيه في حال انهارت المحادثات المنشودة. لقد كان العام الماضي الأكثر اضطراباً في السياسة الفلسطينية منذ سيطرت حماس على قطاع غزة في عام 2007، حيث ارتفعت وتيرة العنف في الضفة الغربية منذ عملية «عمود السحاب» في غزة، ما أطلق تكهنات باندلاع انتفاضة ثالثة. ووجدت السلطة الفلسطينية نفسها في أزمة مالية خانقة غير قادرة على دفع رواتب موظفيها أو وقف التردي الاقتصادي، وأعقب ذلك استقالة رئيس الوزراء سلام فياض.
ودفعت الاحتجاجات المتعلقة بالوضع الاقتصادي التي بلغت أوجها في أيلول (سبتمبر) 2012، وبالأسرى لدى إسرائيل في شباط (فبراير) ونيسان (أبريل) 2013، بالكثيرين إلى التساؤل عن احتمال اندلاع انتفاضة أخرى، أو حتى نهاية السلطة الفلسطينية. وعلى رغم وجود بذور مثل تلك الحالة، فإن جميع الأدلة تشير إلى أن مثل تلك المخاوف، أو الآمال بالنسبة للبعض، مبالغ بها. فحتى الآن، ليس هناك مؤشر إلى توافر كتلة حرجة من الفلسطينيين ستدفع النظام السياسي الفلسطيني إلى نقطة الغليان أو التحرك بحدّة نحو المواجهة مع إسرائيل، التي تحاول تجنب الوصول إلى ذلك الوضع بإبقاء اقتصاد السلطة الفلسطينية عائماً والحد من حدوث إصابات بين الفلسطينيين، خصوصاً سقوط قتلى. وفي ظل غياب قيادة فلسطينية موحدة واستراتيجية جامعة، وما دام الشعب الفلسطيني منقسماً ومستنزفاً، لن تحظى انتفاضة شعبية بالكثير من الجاذبية.
إلّا أن كون الوضع المالي للسلطة الفلسطينية والأسرى المضربين عن الطعام أهم القضايا التي دفعت إلى خروج احتجاجات كبيرة، فإن ذلك يظهر ضآلة آفاق السياسة الفلسطينية ومحدوديتها اليوم. في حين تعتبر القضيتان محوريتين في الحياة الوطنية، فإن ثمة أسباباً لتمحور النشاط السياسي حول هاتين القضيتين، فهما لا تتسببان في أي انقسام أو ضغينة (باستثناء تلك الموجهة ضد فياض). القضيتان تحظيان بدعم جميع الأطراف ولا تلامسان في شكل مباشر القضايا الاستراتيجية المحورية كالانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة والاحتلال الاسرائيلي. وتحظى القضايا الثانوية نسبياً بالجاذبية بالتحديد لأن الفصائل الرئيسة تسمح بالتعبئة حولها ولأن الفلسطينيين العاديين يشعرون بأن لديهم القدرة على المطالبة بالتغيير. وحالما كانت الاحتجاجات تهدد بتجاوز الحدود التي رسمتها القيادة، كان يُكبح جماحها بسرعة.
ثمة رغبة لدى بعض الفلسطينيين باستغلال الاحتجاجات والاستياء المستمر لإحداث تغييرات كبيرة، إلّا أن قلة منهم مستعدة للقفز نحو المجهول، حيث إن لديهم مخاوف حيال ما يمكن التغييرات الجذرية في السلطة الفلسطينية أن تعنيه، سواء للحركة الوطنية أو للفلسطينيين أنفسهم. لم يتمكن أولئك الذين يدعون إلى «إنهاء أوسلو» حتى الآن من إقناع الفلسطينيين في شكل عام بالتحرك، لأنه ليس من الواضح ما يمكن أن يترتب على ذلك من جهة، ومن جهة أخرى ليس هناك ضمانات على أن ذلك سيحل مشاكلهم.
لهذا السبب، فإن التقارير التي تنذر بدنو أجل السلطة الفلسطينية تبدو مبالغاً بها. لقد أثبتت إسرائيل أنها تعتبر وجود السلطة الفلسطينية، إن لم يكن ازدهارها، مصلحة وطنية لها. عمق الانقسامات بين فتح وحماس هو ما يعطي فتح دافعاً للمحافظة على السلطة الفلسطينية بصفتها أقوى مؤسساتها. يعتقد ديبلوماسيون غربيون والكثير من الفلسطينيين أن مبالغ كافية من الأموال ستستمر في التدفق في المستقبل المنظور للمحافظة على حياة السلطة الفلسطينية، وأن الرئيس محمود عباس سيبقى حاضراً وسيفعل ما بوسعه لتأخير الخطوات التي تتسبب بمخاوف كبيرة إزاء المواجهة مع إسرائيل، إذ لا تزال المساعدات الممنوحة للفلسطينيين، وخصوصاً للسلطة الفلسطينية، بالمعنى الحرفي، تشتري الوقت.
على رغم ذلك، فإن فصلاً جديداً يجرى تدشينه، حيث تتعرض السياسة الفلسطينية والسلطة الفلسطينية لتحوّلات جذرية. لم يعد الحديث عن خلافة عباس محظوراً، وهو ما يشير إلى أن الضفة الغربية تدخل في مرحلة انتقالية يحاول كثيرون تأجيلها. عندما يرحل عباس الذي يبلغ من العمر 78 عاماً، ستنتهي حقبة كاملة بالنسبة للحركة الوطنية، فهو آخر زعيم يتمتع بمكانة وطنية وشرعية تاريخية وملتزم فعلاً بالتسوية التفاوضية التي يفضّلها العالم. من غير المحتمل أن يكون «انهيار» السلطة الفلسطينية حدثاً عابراً، ولن يكون «تفككها» ناتجاً من إرادة واعية بمقدار ما سيكون محصلة عملية تتمثل في التفريغ التدريجي للمؤسسات التي لم تكن يوماً قوية.
لا تعود جذور هذه التحوّلات إلى ضعف السلطة الفلسطينية فحسب، بل أيضاً إلى ضعف النظام السياسي الفلسطيني، وربما في شكل أكثر جوهرية غياب شرعيته وهو الأمر الذي يشكل في سياق الاحتلال أكبر تهديد لاستقرار الضفة الغربية. إذ يمكن نظاماً يتمتع بالشرعية أن يتحمل ضغوطاً كبيرة، أما النظام الذي لا يحظى بولاء حقيقي فلا يمكنه تحمل الكثير من الضغوط. إن شراء الوقت من خلال الحلول الموقتة سيحقق بعض الأهداف ويمكن أن يؤجل الانهيار، لكنه لا يعدو كونه إجراءً سطحياً. أما محاولة التصدي للمسببات المحتملة للصراع فإنها ستؤدي على الأرجح إلى نشوء المزيد من هذه المسببات.
 
ويمكن استئناف المفاوضات أن يساعد في تأجيل التصعيد، ليس لأن الفلسطينيين يؤمنون بما يمكن أن تقدمه هذه المفاوضات، بل لأنها ستمنح القيادة الفلسطينية مبرراً أو ذريعةً لتأجيل التحركات التي يمكن أن تطلق ديناميكية تصعيدية، مثل الخطوات التي يمكن أن تتخذ في المحكمة الجنائية الدولية أو غيرها من الهيئات الدولية، ولأنها يمكن أن تقنع البعض في قوات الأمن بأن دور السلطة الفلسطينية كمشروع وطني لم ينتهِ بعد. أما انهيار المفاوضات فسيخاطر بتسريع الديناميكيات نفسها التي صممت لإحباطها، وبالتالي فإن المفاوضات من أجل المفاوضات أضرارها أكثر من منافعها.
من المشكوك به أن تتحمل السلطة الفلسطينية اختبار الزمن أو الضغوط التي يمكن أن يحدثها تنامي الإحباط. من الناحية الموضوعية، فإن الكثير من الظروف مؤاتٍ لاندلاع انتفاضة موجودة: فهناك الاستياء السياسي، وانعدام الأمل، والهشاشة الاقتصادية، وارتفاع حدة العنف وشعور طاغٍ بأن التعاون الأمني يحقق مصالح إسرائيلية وليست فلسطينية. وفي مرحلة ما قد يقرر الفلسطينيون أن مصلحتهم على المدى البعيد تتحقق من خلال عدم الاستقرار، وأنهم يمكن أن يقتربوا من تحقيق مبتغاهم فقط بتوجيه هزة للوضع الراهن. ستكون النتيجة مختلفة على الأرجح عن الانتفاضة الثانية كما كانت الانتفاضة الثانية مختلفة كثيراً عن الأولى. لكن، ما لم يتم اتخاذ خطوات لتوحيد شرعية المؤسسات الفلسطينية وتعزيزها ودفع الإسرائيليين والفلسطينيين نحو سلام شامل، فإن حدثاً آخر يزعزع الاستقرار هو أمر محتوم. وحتى ذلك الحين، فإن دولارات المساعدات لا يمكن أن تحقق أكثر من شراء الوقت.
 
 
حزب الله يخاطر بدعم الأسد ويريد نصرًا مهما كان الثمن!
إيلاف...لميس فرحات         
ثمة تململ بين شخصيات شيعية غير مؤيدة لحزب الله أو لتورطه في الحرب السورية، ويتساءلون إن كان أحسن المراهنة على بشار الأسد، ويقولون إنه يخاطر في ذلك، وهو مستمر يريد تحقيق انتصاراته في سوريا ولو كلفه ذلك ألف رجل.
بيروت: تكتظ مدافن ضاحية بيروت الجنوبية بالمشيّعين يودّعون أحباء فقدوهم في القتال بين صفوف حزب الله في سوريا، وهذا دليل على الثمن الباهظ الذي تدفعه الجماعة الشيعية بربط مصيرها بمصير الرئيس السوري بشار الأسد. فقد نقل حزب الله مقاتليه خارج الحدود اللبنانية للمرة الأولى، في ما وصفه أمين عام الحزب حسن نصر الله بالمرحلة الجديدة، نقلت أهدافه من مقاومة إسرائيل إلى محاربة التكفيريين في سوريا. أنصار حزب الله انضموا بحماس إلى المعركة الجديدة، مع تقارير تتحدث عن قوائم انتظار طويلة للتسجيل للقتال إلى جانب قوات الأسد. لكن محللين يشككون في مدى قدرة الحزب على الاستمرار في شبه احتكار التأييد بين الشيعة في لبنان، في ظل انخراطه في حرب طويلة تعمل على استنزافه لوجستيًا وتهدد الاستقرار اللبناني الهش.
يقول فننفذ
قرار حزب الله بإرسال آلاف الرجال إلى سوريا محاولة محفوفة بالمخاطر لضمان بقاء محورها الداعم، جغرافيًا كممر للسلاح الايراني، وسياسيًا للدفاع عن حزب الله ضد اتهامات بأنه مجرد أداة إيرانية. البعثة الجديدة التي انطلق فيها حزب الله ضد المعارضة التي تتألف بأغلبيتها من السنة تحمل تداعيات ذات نكهة طائفية وتعمق الانقسامات الموجودة بالفعل في لبنان.
ومنذ أن تعهد نصر الله بدعم الأسد في خطاب ألقاه في 25 أيار (مايو) الماضي، بدأت الإشارات شبه اليومية عن انتقال الحرب السورية إلى لبنان، بدءًا من إلقاء صاروخين على الضاحية الجنوبية، وتهديد الجيش الحر باستهداف معاقل حزب الله، وصولًا إلى الاشتباك بين مقاتلي الحزب وثوار سوريين بالقرب من بعلبك في البقاع، هو الأول على الأراضي اللبنانية منذ بدء الصراع في سوريا.
وعلى الرغم من هذه التداعيات السلبية، يبدو أن شعبية حزب الله بين مؤيديه لا تتزعزع بسهولة. في مدفنة روضة الشهيدين في الضاحية الجنوبية لبيروت، يدفن أحد الأهالي فقيده في قاعة بجانب أولئك الذين لقوا حتفهم في محاربة اسرائيل. يجلس علي الفضل على كرسي بلاستيكي عند قبر أخيه، قائلًا: "ما حدث ليس مؤلمًا. كلنا نتمنى الشهادة، وما يقوله حسن نصر الله ننفذه".
الحصان الرابح
تم تشكيل حزب الله في العام 1982 بهدف معلن، وهو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان. وسرعان ما تحول الحزب إلى حركة سياسية هائلة مع قوة شبه عسكرية مسلحة بشكل جيد ومعروفة ببراعتها في حرب العصابات، ويعتقد عمومًا أنها أقوى من الجيش اللبناني.
قال نديم شحادة، المحلل في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن: "بقاء حزب الله يعتمد على دعم حصان السباق الرابح، فقد ربطوا مصيرهم بالأسد وهذا خطر للغاية، إنها مغامرة كبيرة".
وسعى حزب الله لإقناع أنصاره بضرورة الانخراط في المعركة إلى جانب الأسد بالقول إن المعارضة السورية هي مجموعة من التكفيريين المتطرفين الذين تدعمهم إسرائيل والولايات المتحدة.
في حي النبعة في بيروت، تجمع الخميس محمد الحاج حسن، وهو سياسي شيعي يعارض حزب الله، وغيره من الشيعة المستقلين ومن ممثلي الأحزاب المتنافسة لمناقشة كيفية طرح معارضة صحيحة، ومنع الشيعة في البلاد من أن يصبحوا معزولين سياسيًا واجتماعيًا كرد فعل عنيف ضد انخراط حزب الله في الصراع السوري.
مهما كلف الأمر
قال شربل عيد، من حزب القوات اللبنانية، إن الدعم الذي يحظى به حزب الله من حلفائه المسيحيين والدروز سيذوي مع مرور الوقت، لكن الدعم الشعبي من المجتمع الشيعي في البلاد لن يتزعزع، بسهولة ويحتاج إلى وقت أطول. قال: "نحتاج لأشهر كي يحدث التغيير في الرأي في أوساط الطائفة الشيعية"، مشيرًا إلى أن قرار حزب الله هو مهمة طويلة الأمد وليس معركة آنية وحسب.
وقال مسؤول عسكري إن مهمة الحزب في سوريا قد تستغرق عامًا أو اكثر، وحتى يظل الحزب محتفظًا بالدعم الشعبي فهو بحاجة لتحقيق انتصارات سريعة لم تتحقق بعد. ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الانسان في بريطانيا، خسر حزب الله على الاقل 76 مقاتلًا في القصير من بين 141 في سوريا كلها.
لكن مع تدفق التوابيت إلى الداخل اللبناني، لا يبدو أن حزب الله سيلين في المرحلة المقبلة، إذ يقول المحلل المقرب من حزب الله محمد عبيد: "سيتأكدون من تحقيق النصر حتى لو كلفهم ألف رجل".
 
 
الأمم المتحدة تدق ناقوس خطر تعرّض 6 ملايين عراقي للجوع
إيلاف...أسامة مهدي           
في بلد كالعراق لم يتجاوز عدد سكانه 35 مليون نسمة، يعيشون على بحيرة كبيرة من النفط، رفعت موازنته السنوية إلى 118 مليار دولار، فإن حوالى 6 ملايين من مواطنيه يعانون الحرمان من الغذاء أو هم معرّضون لانعدام الأمن الغذائي، إضافة إلى أن ربع عدد أطفاله يعانون توقف النمو البدني والفكري بسبب نقص التغذية المزمن.
أسامة مهدي: جاء ذلك في تقرير لبعثة الأمم المتحدة في العراق، أطلقته اليوم لمناسبة اليوم العالمي للبيئة، وسلّطت فيه الضوء على أهمية الإدارة البيئية المستدامة لضمان الأمن الغذائي، محذرة من خطر معاناة 6 ملايين عراقي من الحرمان الغذائي والضعف.
وقالت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية جاكلين بادكوك "يركز شعار اليوم العالمي للبيئة لهذا العام على التقليل من هدر الطعام". وأكدت بادكوك بقولها "قبل أن نتحدث عن هدر الطعام في العراق، علينا أن نتحدث عن إنتاج الأغذية والإمدادات الغذائية".
أمن غذائي هشّ
وأشارت إلى أن الأمن الغذائي في العراق يتسم بالهشاشة، حيث يعاني 1.9 مليون عراقي على الأقل أو ما يعادل 5.7 في المائة من السكان الحرمان من الغذاء وعدم الحصول على ما يكفيهم من الطعام كل يوم، كما إن هناك 4 ملايين عراقي آخرين معرّضون لانعدام الأمن الغذائي، إضافة إلى معاناة واحد من كل أربعة أطفال من توقف النمو البدني والفكري بسبب نقص التغذية المزمن.
وأوضحت أنه في حين كان للصراع أثر كبير على الإنتاج الغذائي في العراق خلال السنوات الأخيرة، فإن تغير المناخ والضرر البيئي يعرّضان أيضًا الزراعة التقليدية للخطر.
وأشارت بادكوك إلى أن "مستويات المياه في الأنهار والسدود آخذة في الانخفاض، وتهدد تملح التربة مساحات واسعة من الأراضي، خاصة في الجنوب، كما تؤدي تقلبات المناخ إلى الفيضانات وتلف المحاصيل، في حين تسبب سوء إدارة الأراضي في إزالة الغابات والتصحر وزيادة في العواصف الرملية والترابية التي تلحق خسائر بمليارات الدولارات كل عام".
العراق يعتمد على الخارج في تأمين غذائه
وقالت المسؤولة الأممية إنه نتيجة لهذه العوامل، يعتمد العراق بشكل متزايد على الواردات لتلبية الاحتياجات الغذائية المحلية، فقد وصلت القيمة الإجمالية للواردات الزراعية في عام 1985 إلى 1.7 مليار دولار أميركي، وفي عام 2008 زادت هذه القيمة إلى حوالى 5 مليارات دولار، تم إنفاقها على الأغذية الأساسية، مثل القمح والأرز والماشية.
وأشارت إلى أنه رغم أن هنالك بوادر نمو في القطاع الزراعي في ظل زيادة إنتاج التمور والفواكه والخضر، فإن ما بين 60 و70 في المائة من الخضر المستهلكة من قبل العراقيين لا تزال تُستورد من البلدان المجاورة. وأوضحت أن العراق يستورد بين 3 و4 ملايين طن من القمح سنويًا، إضافة إلى الأغذية الرئيسة الأخرى، مثل لحوم الأبقار والدواجن والأرز والدهون والألبان والشاي والسكر.
يذكر أن الجفاف الذي ضرب العراق بين عامي 2008 و2009 قد ألحق الضرر بحوالى 40 بالمائة من الأراضي الزراعية، فيما كانت المحافظات الشمالية الأكثر تضررًا، حيث تجاوزت نسبة المساحات المتضررة نصف الأراضي المزروعة. وبحسب الحكومة العراقية، فإن 92 بالمائة من المساحة الكلية للبلاد مهددة بالتصحر، ما يؤدي إلى تزايد تحويل الأراضي إلى أراض مجدبة وقاحلة.
كما حدث انحسار كبير للغطاء النباتي في جميع أنحاء العراق، حيث نقصت المساحة الكلية المغطاة بالنباتات بين الأعوام 1992 و2012 بنسبة 65 بالمائة في محافظة ديالى في الوسط، و47 بالمائة في محافظة صلاح الدين الغربية، و41 بالمائة في محافظة البصرة الجنوبية.
وفي وقت يتوقع أن يتجاوز عدد سكان العراق 42 مليون نسمة بحلول عام 2020 فإنه بحاجة إلى توفير 9 ملايين طن من القمح سنويًا في ذلك الوقت إذا أراد أن يحافظ على متوسط مستويات إمدادات الغذاء، التي كانت سائدة بين أعوام 1998 و2008، والتي تبلغ 213 كيلو غرام للفرد الواحد في العام.
كما يتوقع أن يهبط متوسط إنتاج القمح بنسبة 12.5 بالمائة بحلول عام 2020 نتيجة لتناقص هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، ما سيؤدي إلى أن يتجاوز الاعتماد على واردات القمح من الخارج بنسبة 70 بالمائة، الأمر الذي ينذر بخطر جدي يهدد الأمن الغذائي في العراق، كما تؤكد الأمم المتحدة.
الأمم المتحدة تقترح إجراءات تحدّ من تفاقم مخاطر تعرّض العراقيين للجوع
وشددت نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق على ضرورة التزام العراق برعاية أراضيه وممراته المائية"، خاصة وأن عدد سكانه سيتجاوز 42 مليون نسمة في عام 2020.
وقالت "لذا فمن الضروري أن تستمر الحكومة في وضع السياسات والممارسات البيئية السليمة، التي من شأنها أن تعيد الزراعة العراقية إلى سابق عهدها، وتضمن الإمدادات الغذائية للفئات الأكثر ضعفًا.
وأكدت ضرورة تأهيل وتطوير الزراعة في العراق، وإدخال إصلاحات على نظام توزيع الغذاء بالبطاقة التموينية، التي يعتمد عليها أكثر من 60 بالمائة من العراقيين، إضافة إلى اتخاذ إجراءات عملية لمكافحة التصحر وتحقيق التنمية المستدامة وتحسين إدارة المياه والحدّ من مخاطر الجفاف ومواجهة التصحر مع تعزيز الإنتاجية الزراعية.
يذكر أن الأمم المتحدة تدير مجموعة من المشاريع لدعم الاحتياجات الفورية للعراقيين المعرّضين لانعدام الأمن الغذائي، فضلًا عن البرامج التي تدعم الإدارة البيئية المستدامة وبناء قدرات المؤسسات الحكومية والمزارعين.
 
"من الشام لبغدانِ...الى مصر فتطوانِ" غالبية العرب غير مؤهلة للديموقراطية!
الحياة....عزت صافي ... * صحافي لبناني
العالم العربي بأسره، من مشرقه إلى مغربه، خائف. ثمّة وحش فالت اسمه: القتل والتقسيم. وهو وحش ذو وجهين: وجه عسكري مكشوف، ووجه ديني مزيّف...
المواطن العربي، أينما كان في بلاده، أو في أصقاع الأرض، يحاول أن يحجب عن عينيه شاشة التلفزيون، وأن يهرب من نشرات الأخبار في الإذاعات، وهو يتردد قبل أن يفتح صحيفة الصباح خوفاً من مناظر الأشلاء والدمار والنحيب، تتبعها مشاهد قوافل النزوح إلى المجهول.
لا يستطيع هذا المواطن أن يراجع تاريخه. كأن ليس لهذا التاريخ بداية. فمن أين يبدأ العربي تاريخه إذا بحث عن زمن للحرية والاستقرار والكرامة مع العدالة؟.. بهذا المعنى يجد العربي نفسه قابعاً تحت الاستعمار. إنه الاستعمار الوطني. إنه الاستبداد، الأفظع من الاستعمار.
هل صار الاستعمار الأجنبي مقبولاً بالمقارنة مع الاستعمار الوطني؟.. تساؤل من هذا يستدعي اللعنة. لكن على من؟
ثمة مشهد لا يغيب عن ذاكرة العين العربية، وقد دخل في التاريخ المسجل بالصوت وبالصورة وباللحظة. إنه مشهد يعود إلى اليوم التاسع من نيسان (أبريل) عام 2003 يوم دخل الجيش الأميركي مدينة بغداد. كانت عيون العالم مفتوحة على المشهد، وكان العالم محشوراً في مساحة لا تزيد عن مساحة شاشة تلفزيون.
يومها كان رأس صدام حسين شامخاً فوق تمثال ضخم في «ساحة الفردوس» وسط عاصمة الرشيد. كانت الكاميرا تتركز للحظات على وجه صدام، ثم تتحول لتستقر على فوهة مدفع دبابة أميركية مرابطة قبالة التمثال.
كان المشهد بطيئاً وصامتاً. لكنه كان ناطقاً من دون كلام. ففي حركة الكاميرا بين وجه التمثال وفوهة مدفع الدبابة بدا وكأن هناك نظرات توعد متبادلة بين رأس صدام وفوهة المدفع الأميركي.
أمام ذلك المشهد كان الناظرون إلى الشاشة في العالم العربي وخارجه يحبسون أنفاسهم بانتظار اللحظة الآتية. لحظة انطلاق قذيفة تطيّر رأس التمثال.
لكن ذلك لم يحدث. فالدبابة الأميركية لم تطلق قذيفة. إنما رمت حبلاً طويلاً من نوع حبال المشانق. وكان هناك من التقط طرف الحبل ثم تسلّق التمثال العالي ليعقد الحبل حول عنق صدام، ثم يغطي الوجه بالعلم الأميركي.
في تلك اللحظات هدأت أنفاس ملايين من المشاهدين لتثور أنفاس ملايين أخرى. لقد شهر الجلاد هويته أمام المحكوم عليه بالإعدام كي يعرفه قبل تنفيذ الحكم.
في تلك اللحظات التي مضى عليها عقد من السنين انطبع المشهد صارخاً أمام صاحب الأمر في البيت الأبيض، وفي مبنى البنتاغون في واشنطن. ثم، في لحظات، انقلب المشهد رأساً على عقب. لقد ظهر من نزع العلم الأميركي عن وجه التمثال ليضع العلم العراقي مكانه.
هل حدث ذلك خطأ جرى تصحيحه فوراً، أم أنه حدث عمداً ليجري تصحيحه على أنه كان خطأ؟
الاحتمال الثاني هو الأصح، لأنه من غير الممكن أن يكون العلمان الأميركي والعراقي حاضرين في اللحظة عينها.
أمام ذلك المشهد وصلت الرسالة إلى الملايين حول العالم. فقد ارتسم في الأذهان وجه الرئيس الأميركي جورج بوش الأب الذي رسمه نظام صدام حسين على بلاط مدخل فندق بغداد لكي تدوسه أقدام آلاف العابرين دخولاً وخروجاً.
تلك الصورة – اللوحة المرسومة بالفسيفساء كانت «ممسحة» على باب أشهر فندق في بغداد، وقد أرادها صدّام حسين فعل انتقام سياسياً ومعنوياً، من الولايات المتحدة الأميركية ورئيسها الذي أرسل جيوشه من وراء الأطلسي لإخراج الجيوش العراقية من دولة الكويت التي غزاها صدام غدراً وظلماً في ليلة ظلماء.
لم ينته مشهد بغداد في ذلك اليوم بتغطية وجه صدام بالعلم الأميركي ثم نزعه فوراً لإبداله بالعلم العراقي. ففي لحظة تاريخية أيضاً امتد الحبل من عنق التمثال لينعقد بمقدمة الدبابة الأميركية. وقد أخذت الدبابة تتحرك ببطء إلى الوراء حتى انخلع التمثال من قاعدته، وتهاوى من عليائه إلى «ساحة الفردوس» فتزاحمت أقدام الجمهور على دوسه.
حدث ذلك قبل عشر سنوات، وقد رسخ المشهد في التاريخ كشاهد على نهاية ديكتاتور.
لكن ذلك كان قد حدث بمدفع دبابة أميركية وفي غياب الشعب العراقي عن ساحة الفردوس.
في زمن صدام حسين قضى مئات الآلاف من الشهداء ظلماً، ومن دون تمييز بين مذهب ومذهب. وهدرت ثروة العراق ببلايين الدولارات وعمّ السواد والحزن والألم كل أقطار العرب.
... ولكن.. كيف حال العراق اليوم؟.. بل إلى أين يتجه العراق اليوم؟ وأين حصل الخطأ؟.. في الداخل، أم في الخارج؟.. وإلى أين تمضي مصر، وتونس، وليبيا، واليمن؟
وإلى أين تمضي سورية؟.. بل من يرسم لسورية الآن مستقبلها القريب، والبعيد؟.. وإلى أين يمضي لبنان البائس الحظ بموقعه، وأهله، وجيرانه؟ ومن يتولى رسم مستقبله في الداخل، أم في المحيط القريب؟ أم في المحيط البعيد؟.. وماذا تنوي إيران وأميركا، ومن خلفها إسرائيل؟.. ولا حاجة بعد للسؤال عن فلسطين.
وبالإجمال، إلى أين تمضي الثورات العربية؟... وعلى أي نظام سوف تستقر؟.. هل ثمة أمل بالديموقراطية والحرية؟
قد يخطر لصحافي، أو باحث، أن يجري تحقيقاً، أو استطلاع رأي، فيروح يسأل الناس عشوائياً: هل الأوضاع في بلاد الثورات العربية أفضل مما كانت قبل الثورات أم أسوأ؟
لا يقصد الصحافي، أو الباحث، الوصول إلى نتيجة تعلن فشل الثورات، أو تعميم الإحباط من النتائج، حتى الآن. فتلك القوافل من الشهداء الذين لا ينقطع سيلهم، وكل ذلك الدمار والحزن والقهر والعذاب، لا بدّ أن ينتهي بسقوط الديكتاتور الذي لا يزال يعاند ويكابر.
يقصد الصحافي أن يسأل ويسمع ليعرف: هل قامت الثورات في غير وقتها، أم أنها أخطأت في حساباتها، أم أنها خدعت الشعوب فقادتها على عماها حتى أمسكت بمصيرها؟ ينزل الصحافي في جادة الحبيب بورقيبة في تونس، مهد الثورات العربية الحديثة، فيسأل عابراً تجاوز السبعين: هل أنت سعيد يا سيد بما حصل في تونس؟
لا يتلفت الرجل حوله ولا يحاذر الجواب، بل يقول بصوت مرتفع: لست سعيداً. ومن أين تأتيني السعادة. تونس الآن بائسة، وفقيرة، وتتراجع إلى الوراء. وإذا أردت الصراحة أقول لك أني أحنّ إلى عهد بورقيبة الذي تسلم علم الاستقلال الأول، وفتح نوافذ البلاد على المدنية. صحيح أن حوسته كانت فاسدة، وكان يكره التيارات اليسارية ويحاربها، لكنه كان أيضاً يكره التيارات المتعصبة والمنغلقة.
أتعلم، يا سيد؟ يقول التونسي السبعيني للصحافي، ثم يتابع: كان بورقيبة شجاعاً وحاسماً مع هؤلاء السلفيين، وأنا شاهد على حادثة في جامعة تونس. أنا كنت أستاذاً للعلوم الاجتماعية، وقد جاء الأمن يوماً واقتاد أكثر من عشرة طلاب من مختلف الصفوف، وكان بينهم اثنان من طلابي.
لم نعرف إلى أين أخذ الأمن هؤلاء الطلاب، لكننا اكتشفنا إنهم كانوا من الذين غرر بهم السلفيون فأدخلوهم في نشاطاتهم السرية. أتعلم، يا سيد، إلى أين أخذ الأمن هؤلاء الطلاب؟.. لقد أخذهم إلى قصر قرطاج فتسلمهم مدير الدرك وقادهم إلى مكتب الرئيس بورقيبة. وبعد أسبوع عاد أحد الاثنين من طلابي إلى الجامعة فاقتحم مكتبي ليقول لي مزمجراً بصوت خافت: أنظر ماذا فعل بي بورقيبة!
هل تعلم، يا سيد، ماذا فعل بورقيبة بذلك الطالب؟ لقد نتف له شعيرات ذقنه. كان ذلك الطالب في نحو الثامنة عشرة، وكانت تلك الشعيرات الأولى النابتة في ذقنه.
لم ينتبه الصحافي إلى أنه لم يعد وحيداً مع الرجل التونسي السبعيني على ناصية جادة الحبيب بورقيبة، فقد توقف حولهما آخرون بينهم امرأة تجاوزت الستين تجرأت لتتدخل وتقول: أنا توظفت في عهد بورقيبة وخدمت في عهد زين العابدين بن علي. أنا مؤمنة لكني سافرة الرأس والوجه، وعندما تسلّمت حركة النهضة الحكم حاول مديري في المكتب أن يلزمني بارتداء الحجاب، فرفضت. قلت له أنك لست أكثر تقوى وإيماناً مني، وأنا لي حريتي، وأنا أتحمل مسؤوليتي.. لكنه حقد علي وتسبّب بإنهاء خدمتي قبل بلوغي سن التقاعد. وأنا الآن لدي عائلة تعيلني وهي في حال متردية.
وقال الصحافي للرجل السبعيني وللمرأة الستينية: لكن غالبية التوانسة أعطت «حركة النهضة» الفوز في الانتخابات أليست هذه هي الديموقراطية بالنتيجة؟
فعلق الرجل: أنت، يا سيد، تحاسبنا وكأننا متمرسون بالديموقراطية، كما الأوروبيين. نحن، يا سيد، لم نخرج بعد إلى الحرية. لقد حكمنا بورقيبة بحزبه عقداً بعد عقد، حتى بلغ سن العجز والخرف، ثم جاء «بن علي» يرث الحزب، والإدارة، «الجيش، والدرك، والمخابرات، وينشئ جمهورية فساد سياسي ومالي وإداري. وكما فعل بورقيبة راح بن علي يجدد رئاسته إلى أن أشعل ذلك البائع الفقير الجوال النار في ملابسه فاحترق «بن علي» سريعاً، هل تعتقد، يا سيد، أن ذلك الشاب الذي اشتهر بيأسه وبانتقامه الفظيع من الحياة، هو الشهيد التونسي الأول من أجل العدل والحرية؟.. اسمع، يا سيد، إننا نجل الـ «بو عزيزي». إنه فاتح ثورتنا التي لم تكتمل بعد. إلا أننا الآن في مواجهة مع وضع أصعب من الوضع الذي كان في زمن «بورقيبة» وزمن «بن علي». في ذلك الزمن كانت المواجهة بين الشعب ونظام الحكم المتجسّد بشخص الرئيس وزمرته. أما الآن فالمواجهة بين توانسة وتوانسة، في الشارع، وفي الأحياء، وفي البيوت.
وختم الرجل مودعاً الصحافي: اسمع، يا سيد، نحن نستورد كل شيء من الغرب الديموقراطي، لكننا لا نستطيع أن نستورد الديموقراطية... اسمع، يا سيد: إن غالبية العرب غير مؤهلة بعد للديموقراطية. وقال الصحافي للتونسي: عرب المشرق يرددون لشاعركم العظيم أبو القاسم الشابي قوله: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.
فعلّق التونسي: ونحن عرب المغرب نردّد نشيدكم التاريخي «بلاد العُربِ أوطاني.. من الشام لبغدانِ.. إلى مصرَ فتطوانِ..» سامحني.
 
 
 
 
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,378,330

عدد الزوار: 7,630,397

المتواجدون الآن: 0