إيران تستنزف رصيدها في العالم العربي بسبب تأييدها حملة الأسد القمعية

تاريخ الإضافة الإثنين 26 أيلول 2011 - 8:02 ص    عدد الزيارات 795    التعليقات 0

        

بينما تدخل الانتفاضة السورية شهرها السابع مترنحة، يبدو قادة ايران وكأنهم يدورون في دوامة، فهم يدركون ان حملة القتل المتواصلة التي ينفذها الرئيس (السوري) بشار الأسد ضد شعبه لا تكبّد آلافا من الارواح السورية البريئة فحسب، بل تتسبب ايضا في استنزاف سمعة ايران في المنطقة.
وحتى الآن، قامت كل الدول العظمى تقريبا بإدانة سلوك الابادة الجماعية الذي يمارسه الأسد - وحتى الجامعة العربية.
الرئيس السوري اصبح الآن يذكر بالزعيم الكمبودي (سيئ الصيت) بول بوت. فقوات الأسد تفتح النار على المواطنين لدى خروجهم من المساجد، كما ان تلك القوات تقوم بجرجرة المحتجين الذين اصابتهم من المستشفيات.
وبينما تواصل ايران الدفاع عن الأسد، بغض النظر عما يفعله، فإن المكاسب التي كانت قد حققتها من وراء جهدها الرامي الى كسب الود والنفوذ في العالم العربي باتت آخذة في التلاشي. وحاليا تشير نتائج استطلاعات للرأي الى انه لم يتبق من ذلك الود والنفوذ سوى القليل جدا.
ولهذا السبب تحديدا فإن الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد اطلق فجأة تصريحات خلال الشهر الجاري موجها انتقادا ضمنيا الى الرئيس الأسد الذي يعد حليفه الحقيقي الوحيد في العالم. فقد قال أحمدي نجاد بنبرة جازمة: «ان الحل العسكري ليس هو الحل الصحيح مطلقا (مع العلم بأن أحمدي نجاد كان قد أمر بتنفيذ أعمال وحشية مشابهة في سبيل إخماد مظاهرات ضخمة اكتسحت الشوارع في دولته قبل نحو سنتين)».
بالإمكان المراهنة على اي شيء على ان أحمدي نجاد اتصل مسبقا بالأسد وشرح له لماذا يتعين عليه ان يطلق هذه الملاحظة المراوغة. كما انه من المؤكد ان ذلك (الانتقاد الضمني) كان أقل مما ينبغي بعد فوات الأوان.
وتوضح نتائج استطلاع جديد للرأي اجراه المعهد العربي الاميركي ان الآراء والتصنيفات المؤيدة لإيران بين العرب قد تراجعت بشكل حاد وهذا الامر لا يقتصر على الدول المنافسة المجاورة لإيران، كالكويت والسعودية. ففي المغرب قبل خمس سنوات كان 82 في المئة ممن تم استطلاع آرائهم ينظرون نظرة مؤيدة لإيران. اما الآن فقد تراجعت تلك النسبة الى 14 في المئة. وينطبق الامر ذاته على الاردن، حيث تراجعت الآراء المؤيدة لإيران الى 23 في المئة بعد ان كانت 75 في المئة قبلا. وفي الكويت، التي هي جارة ايران، تدنى تصنيف ايران الى مستوى أسوأ اذ ان 85 في المئة من الآراء كانت مؤيدة لإيران في العام 2006 مقارنة بنسبة 6 في المئة الآن.
ومن المؤكد ان قادة ايران يدركون هذا الامر. وهم يعلمون ان عزلتهم تتزايد اكثر فأكثر. لكنهم يبدون غير قادرين على ان يتأقلموا مع الواقع الجديد في منطقتهم. فقادة كل من ايران وسورية كانوا ومازالوا في صدارة المنتقدين اللاذعين لإسرائيل - ويطلقون على انفسهم لقب «المقاومة» - آملين انهم سيتمكنون من توحيد شعبهم وتحصين انفسهم ضد الانتقادات الداخلية، ففي أواخر الشهر الفائت أعلن أحمدي نجاد انه «لن يكون هناك مكان» لإسرائيل بعد ان يشكّل الفلسطينيون دولة خاصة بهم.
لكن واقع الحال هو ان لا احد يتحدث عن اسرائيل في خضم الانتفاضة السورية الحالية مثلما هو الحال في جميع الانتفاضات العربية الاخرى. كما ان هذا الامر ذاته انطبق على الاحتجاجات الايرانية التي اندلعت في العام 2009. فهذه النغمة القديمة باتت لا تنطوي على اي مغزى في نظر جيل الشباب. فمتوسط الاعمار في ايران هو 26 سنة، وفي سورية 22 سنة، لكن ذلك لا يعني أن أولئك الشبان تعجبهم إسرائيل، وهو الأمر الذي أوضحته أعمال الشغب التي حصلت قبل فترة قصيرة أمام سفارة اسرائيل في القاهرة. لكن فكرة «المقاومة» لا تشكل ولو حتى هماً أولياً في حياتهم.
ومع ذلك، ومنذ بداية الانتفاضة السورية في مارس الفائت، دأبت ايران على شحن وارسال اسلحة عسكرية الى بشار الاسد، وهي الأسلحة التي يتم استخدامها لقتل مزيد من المواطنين السوريين - حيث وصل العدد الى 2600 على الاقل حتى الآن - كما انها (ايران) ترسل إليه الأموال لمساعدة حكومته على درء الانهيار الاقتصادي، بينما تقوم طهران في الوقت ذاته بإلقاء لائمة العنف (الدائر في سورية) على الولايات المتحدة والغرب.
وفي مثال ينطوي على نفاق بطريقة محددة، حثّ علاء الدين بوروجوردي - وهو مسؤول ايراني رفيع المستوى - المصريين أخيراً على ان «يساهموا في التصدي للتدخل الأميركي» في سورية. وفي وقت سابق من العام الحالي، احتجزت تركيا طائرة ايرانية كانت في طريقها الى دمشق وصادرت ما على متنها في صناديق معبأة بالبنادق الهجومية وقذائف المورتر والذخيرة. ولكن بيان حمولة الطائرة وصف الشحنة بأنها قطع غيار سيارات».
إذاً، فالسؤال هو: من الذي يتدخل حقاً (في سورية)؟
قبل أن يدلي أحمدي نجاد بتعليقه الانتقادي السخيف (المشار إليه آنفاً)، كانت حكومته قد ناورت وراوغت كي تبرر دعمها المستميت لسورية، وحتى الايرانيون الذين قاموا بمظاهرات تأييداً للثورة السورية تم وضعهم تحت الاقامة الجبرية. وعلّقت الحكومة (الإيرانية) مساعداتها لحركة «حماس» ... لأن قادة الحركة رفضوا التعبير صراحة عن دعمهم للأسد.
ووافقت ايران على بناء مجمّع للطيران العسكري في سورية، وذلك في الوقت الذي دأبت (طهران) على الشكوى من ان الولايات المتحدة واسرائيل تحاولان «اثارة حرب طائفية» في سورية، و«عرقلة الاصلاحات السياسية».
أحياناً يتعين على المرء أن يتساءل: «هل القادة أمثال أحمدي نجاد يظنون حقاً أن أي احد في أي مكان ينظر الى مثل تلك التصريحات إلا باعتبارها تصريحات كوميدية مثيرة للضحك؟».
إن موقف ايران قد بات آخذاً في الترنج. فبينما يلعب أحمدي نجاد - ويخسر - لعبة مزدوجة خطيرة في سورية، فإنه وعد باطلاق سراح شخصين أميركيين كانا مسجونين في ايران ليكتشف ان المحاكم الايرانية قد نقضت قراره بعد مرور 24 ساعة فقط ثم أمرت باطلاق سراحهما في نهاية المطاف يوم الأربعاء (الماضي). وبعد ذلك، وتحديداً قبل بضعة أيام، واجهت الدولة أزمة في الداخل. فلقد حذرت الحكومة من أن «مناهضين خطرين للثورة (الاسلامية الايرانية)» من الخارج يشجعون على نشر ألعاب المسدسات التي تعمل بالضخ العنيف للماء بين الشباب في المتنزهات العامة. وقال نائب قائد الشرطة الجنرال أحمد رادان ان قواته قد نفذت حملة اعتقالات (بهذا الخصوص).


* عن صحيفة «سان فرانسيسكو كرونيكل»

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,692,540

عدد الزوار: 6,961,522

المتواجدون الآن: 59