الإيرانيون يستعدون للحرب

تاريخ الإضافة الأحد 8 كانون الثاني 2012 - 6:15 ص    عدد الزيارات 742    التعليقات 0

        

 

الإيرانيون يستعدون للحرب

مع تفاقم أزمة العملة وتزايد العداء مع الغرب

جريدة الشرق الاوسط... طهران: توماس إردبرينك وجوبي واريك*

في وقت زادت فيه ثقة المسؤولين الأميركيين بأن الضغط الاقتصادي والسياسي قد ينجح في تقويض الطموحات النووية لإيران، باتت الحالة السائدة في إيران اكتئابية وعدائية، مع استعداد الإيرانيين لفترة عصيبة ممتدة، إلى جانب خوفهم من اندلاع حرب.
وقد تجلى هذا التناقض الحاد في العاصمة الإيرانية هذا الأسبوع، حينما أعلن قائد عسكري رفيع المستوى عن «مرحلة حساسة» في صراع الدولة الطويل مع الغرب، واختزن عامة الشعب الإيرانيون كميات من السلع الحياتية الرئيسية. وظل التجار يراقبون الوضع في حالة يأس، مع هبوط الريال الإيراني إلى أكثر من ثلث قيمته، مؤديا إلى زيادات كبيرة في أسعار السلع المستوردة.
«أؤكد لكم أن هذا الوضع سيقود إلى حرب»، هكذا تحدث تاجر في سوق بايتخت الشهير في طهران، الذي لم يعرف نفسه سوى بأن اسمه ميلاد. وأضاف: «إنني وأسرتي وأصدقائي جميعا في حالة يأس».
وليس الشعور بالمواجهة الوشيكة مشتركا في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى، حيث أعرب مسؤولون حكوميون ومحللون عن رضائهم المشوب بالحذر لفكرة أن سياساتهم تجدي نفعا.
ولم ينكر المسؤولون الحكوميون الأميركيون السابقون والحاليون احتمالية حدوث مواجهة عسكرية، لكنهم استشعروا تهديدات من قبل قادة إيرانيين مؤخرا – من بينها تحذير حاملة طائرات أميركية هذا الأسبوع من عدم العودة إلى مضيق هرمز – في إشارات إلى تصاعد حالة الإحباط. ويقول مسؤولون أميركيون إن هذا يرقى إلى درجة تبرير لسياسة امتدت لسنوات من زيادة الضغط على إيران، التي تضمنت عمليات سرية، موجهة ضد الحكام الدينيين الإيرانيين من دون شن حرب.
«أسباب مشاهدتنا هذا التهديد الآن هو أنهم يستشعرونه»، هذا ما قاله دنيس روس، الذي كان واحدا من كبار المستشارين بالبيت الأبيض للشؤون الإيرانية قبل تركه منصبه العام الماضي. وقال إنه بالإضافة إلى عقوبات أقسى من المنتظر تفعيلها خلال أسابيع، فقد نجح البيت الأبيض في رفع تكاليف برنامج إيران النووي بشكل هائل. وقال روس: «الفيصل، في النهاية، هو: هل غيروا نهجهم؟».
وتعد إدارة أوباما إجراءات عقابية جديدة تستهدف البنك المركزي في إيران، بينما اتخذ قادة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع خطوة نحو فرض قيود على واردات النفط الإيرانية على أمل الضغط على إيران من أجل التخلي عن ما يرونه اتجاها نحو تطوير أسلحة نووية. وتزعم إيران أن برنامجها النووي مخصص لنشاط إنتاج الطاقة السلمي.
وأشارت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، إلى تعهد الاتحاد الأوروبي بحظر وصول النفط الإيراني إلى أوروبا، بوصفه «خبرا سارا جدا».
وقالت للصحافيين يوم الأربعاء الماضي «يتوافق هذا الإجراء مع تضييق الخناق على إيران من الناحية الاقتصادية». وأضافت: «نعتقد أن المجال الذي يمكننا من خلاله أن نضغط على إيران هو قطاعها النفطي».
وفي طهران، يستشعر الملايين هذا التضييق. ويقول اقتصاديون ومحللون مستقلون إن العقوبات قد تسببت في تفاقم المشكلات الاقتصادية المزمنة التي تعانيها الدولة وتسببت في أزمة عملة تقيد توفر نطاق واسع من السلع، من بينها أجهزة «آي فون» التي يتم استيرادها بشكل غير قانوني والأدوية المهمة.
وبينما يبدو أن الدولارات التي ضخها البنك المركزي في إيران في الأيام الأخيرة قد تسببت في استقرار الريال، قال متداولون في بورصات أجنبية يوم الأربعاء إنهم لا يبيعون دولارات لأن السعر الذي حدده البنك «مصطنع».
وفي خطوة أبرزت انعدام الخيارات في ما يتعلق بالتخفيف من وطأة أزمة العملة، لجأت السلطات الإيرانية إلى مطالبة الصرافين بتحديد أسعار صرف أقل للدولارات في مكاتب الصرافة يوم الأربعاء. كذلك، حجبت السلطات المواقع الإلكترونية التي أدرجت أسعارا حقيقية، بحسب «خبر أون لاين»، الموقع الإلكتروني الذي ينتقد الحكومة.
في طهران، حيث قد تضاءل الدعم العام المقدم للحكومة منذ أن قامت بقمع مظاهرات ضخمة للمعارضة في عام 2009، يلقي كثيرون باللائمة على قادة إيران وسياساتهم في ما يتعلق بالعقوبات، إضافة إلى زيادة عزلة الدولة دوليا وتوتر علاقتها مع الولايات المتحدة.
ويقول علماء اقتصاد ورجال أعمال إنه بعد سنوات من السياسات الاقتصادية المعيبة التي وضعتها حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد، تهدد كل مجموعة جديدة من العقوبات التي تستهدف زيادات دخول النفط الرئيسية في إيران بحدوث انهيار اقتصادي كامل.
«إنه قانون اقتصادي أساسي»، قال جامشيد إدالاتيان، أستاذ الاقتصاد المتقاعد والمصرفي السابق وعضو الغرفة التجارية في إيران. وأضاف: «عندما يعتري الناس القلق بشأن المستقبل، يبدءون شراء عملات قوية لاستخدامها في الأوقات العصيبة، والجميع متحير الآن بشأن المستقبل». لقد سادت حالة من الحيرة هذا الأسبوع في مركز بايتخت للتسوق، الذي يعد أكبر مركز لبيع أجهزة الكومبيوتر ومستلزماتها في طهران. وقد ارتفع سعر جهاز «أبل آي فون 4 إس»، الذي أعيد استيراده من دبي بالإمارات العربية المتحدة، والذي يحظى بشهرة كبيرة بين أوساط الشباب، كمعظم السلع المستوردة الأخرى. وقد زادت تكلفة الهاتف الآن بنسبة 35 في المائة.
كذلك، اختفى الصراف المشارك في معظم عمليات شراء الأجهزة التي قام بها التجار في دبي، ومعه ما يربو على مليون دولار بعد الهبوط المفاجئ للريال.
«لا أحد يشتري أو يبيع»، هذا ما قاله نادر كمالي، الذي يملك متجرا لبيع الهواتف الجوالة. وتساءل قائلا «كيف يمكن أن نحيا في ظل هذا الوضع؟!».
وتمتد حالة الألم لتطال قطاعات أخرى كبرى في الدولة. فبحسب وكالة أنباء العمل الإيرانية، أدى ارتفاع أسعار السلع والمواد الخام، الناتج عن هبوط قيمة الريال، إلى إغلاق 50 في المائة من الشركات في أكبر منطقة صناعية بالقرب من طهران.
وقد هبطت قيمة الريال مع إنهاء الحكومة عاما آخر من عمليات بيع النفط التي سجلت رقما قياسيا بتحقيقها عائدات تقدر بنحو 500 مليار دولار خلال خمس سنوات. وقد سعت السلطات إلى توزيع بعض من هذه العائدات الضخمة، محققة مستويات غير مسبوقة من السيولة.
وقد سمح أحمدي نجاد برفع أسعار الطاقة المحلية وأوقف المساعدات الحكومية الضخمة. غير أنه قد سعى في الوقت نفسه إلى التخفيف من حدة الأزمة من خلال إعانة حكومية مباشرة، بدفع نحو 40 دولارا شهريا لستين مليون مواطن إيراني.
وقد تسببت هذه الخطوات في رفع معدل التضخم خلال العام الماضي، من خلال زيادة أسعار الأغذية والإيجارات والمرافق والرسوم المفروضة على الطرق السريعة، مما تتسبب في تقليل متوسط دخل الأسرة الشهري في الحضر بنحو 550 دولارا. وطالب إدالاتيان بفرض إجراءات صارمة لمواجهة العاصفة التي سببتها العقوبات والسياسات الحكومية المعيبة.
وقال إن الحكومة يجب أن تفرض قيودا على الواردات غير الضرورية، مثل السيارات والتلفزيونات وأن تحكم سيطرتها على سوق الصرف الأجنبي.
قال: «ستفرض المزيد من العقوبات. ويجب أن نتخذ أهبة الاستعداد لمواجهتها». وكان من بين المتبرمين من هبوط قيمة الريال منتجو الأدوية وموردو السيارات والأغذية المستوردة وسائقو الشاحنات على الطرق الدولية. وفي بعض الحالات، قرروا وقف العمل نظرا لأنه لم يعد بإمكانهم تحقيق أرباح.
وقال سيافاش ساعدات إنه لم يكن يعلم أنه سيدفع مقابل السلع التي أمر بجلبها من الهند لمصنع «مينا» للأدوية الذي يملكه. «إما أن نقوم بتصفية أعمالنا أو سأجبر على تسريح العاملين»، هكذا تحدث.
* ساعد في إعداد التقرير المراسلان سوماي مالكيان ورامتين راستين.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,314,904

عدد الزوار: 6,986,886

المتواجدون الآن: 81