صحافة إسرائيلية

تاريخ الإضافة الأربعاء 20 حزيران 2012 - 6:35 ص    عدد الزيارات 755    التعليقات 0

        

 

سوريا ولعبة الأمم: من سيحسم المعركة؟
عائلة الأسد آمنت دوما بأن لبنان هو محافظة سورية فصلت عنها بمؤامرة استعمارية. وقد رحل حافظ الأسد الى أجداده قبل أكثر من عقد من الزمان، إلا ان رؤياه الكبرى تتجسد بطريقة فظيعة: لبنان لم يصبح سوريا، سوريا أصبحت لبنان. لا لبنان في عصرنا هذا بالطبع، حيث يسود هدوء متوتر بين الطوائف المختلفة؛ بل لبنان السبعينيات والثمانينيات للحرب الاهلية التي هي في واقع الأمر حرب قبلية ودينية. لبننة سوريا: ارساليات سلاح سرية وأفعال ذبح جماعية وسلسلة من المصالح التي تلعب بين الاطراف المتقاتلة التي تنشغل بالتطهير العرقي. سوريا، مركز الاستقرار الاقليمي منذ الستينيات، اصبحت مستنقعا يتصبب دما. التاريخ السوري الحديث يكتب الان من جديد، والصدمة الحالية ستعتبر الفصل الأكثر ظلامية منذ قيام الجمهورية.
الإعلان الرسمي للأمم المتحدة عن وجود حرب أهلية ليس ذا مغزى بحد ذاته. فالقانون الدولي لا يتعاطى بشكل مختلف مع الدول التي تعيش مثل هذه الحرب؛ فعلى أي حال النظام يسيطر في دمشق وسيعتبر المسؤول عما يجري في أرجاء الدولة. غير أن انهيار الدولة السورية وتعريف القتال كحرب أهلية ستعزز أكثر فأكثر اولئك الذين يدعون الى العمل بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، عمل يرمي الى «إعادة الأمن والسلام الى المنطقة».
التعزيز هو أساسا فكري؛ سياسيا، روسيا والصين تواصلان منع كل عمل حقيقي. الواقعيون سيقولون انهما تريدان أن تمنعا سوريا من أن تصبح منطقة نفوذ أميركية اخرى. المتهكمون سيضيفون: الروس والصينيون لا يريدون ان يقع السوريون في فكاك الديمقراطية، من الانتخابات المفتوحة والحرة.
يوجد في هذا شيء، ولكن المصلحة السورية نقية من الايديولوجيا: بوتين لا يشعر بالتزام تجاه عائلة الاسد شخصيا، وبتعابير معينة اصبحت عبئا عليه. ولكنه يريد أن يحافظ على آليات القوة القائمة في النظام، آليات تضمن له بان تواصل دمشق كونها منطقة نقوذ ذات مغزى لروسيا. بوتين يواصل النظر الى العالم عبر المناظير الشوهاء لانهيار الاتحاد السوفياتي؛ ثورة سورية هي فقدان لذخر استراتيجي.
أمس تبين كم هي الحرب الاهلية السورية لعبة بين القوى العظمى. فلاول مرة تتهم الولايات المتحدة موسكو بتوريد سلاح هجومي لنظام الاسد. هيلاري كلينتون حذرته من نقل مروحيات هجومية الى سوريا حاولت عمليا الكشف علنا عن خدعة بوتين ونظامه، اللذين يدوران العيون وبالتوازي يوقعان على صفقات سلاح جديدة مع دمشق. واشنطن لم تبدأ بعد بتوريد السلاح الهجومي رسميا للثوار، ولكنها في الطريق الى هناك، والمعاني الناشئة واضحة: الحرب في سوريا يمكن أن تصبح ليس فقط حمام دماء طائفي بل وايضا معركة مبعوثين بين القوى العظمى.
بمفهوم ما، نحن بتنا هناك. كميات السلاح الكيماوي والبيولوجي، امكانيات القتل الكامنة، الاهمية الاقليمية لسوريا، كل هذه تستدعي قيادة دولية يمكنها ومستعدة للعمل على حسم الامور بسرعة. في هذه اللحظة، لا توجد مثل هذه القيادة.
معاريف
 
عملية الحفاظ على إسرائيل اليهودية
بدأت «عملية الحفاظ على إسرائيل اليهودية» في ليل يوم الأحد. بهذه العبارة وصف الوزير ايلي يشاي طرد رعايا جنوب السودان الماكثين في اسرائيل. ان 700 انسان أكثرهم من النساء والأولاد أصبحوا مركز اشتغال حكومة إسرائيل في هذه الايام وبعد الانتهاء من طردهم ينتظرنا في ساعة خير الاستمتاع بدولة بلا جريمة وأمراض وأحياء عُسر.
قبل ثلاثة أيام فقط من بدء العملية استقر رأي المحكمة على رفض الاستئناف بشأن لاجئي جنوب السودان وأعلنت أنه قابلون للطرد. وقضت ايضا بأنه يحق لهم الآن وقد زالت الحماية الجماعية عنهم ان يقدموا طلبات لجوء على أساس تفصيلي، وهذا حق لم يكن لهم حتى اليوم، وطلبات منع طرد لأسباب طبية. وتشمل هذه الطلبات مثلا صغارا وكبارا مرضى سيضر بهم بشدة أن ينقطع عنهم العلاج الطبي بمرة واحدة. ومنحتهم المحكمة اسبوعا، وهو مدة ضئيلة، يفترض خلالها ان يقدم طالبو الطلبات التفصيلية هذه الطلبات الى وزارة الداخلية، أما الآخرون فيفترض أن يحزموا أمتعتهم وأن يعودوا الى الدولة التي لم يكن فريق منهم فيها قط.
منحهم القضاة اسبوعا. لكن ايلي يشاي وبنيامين نتنياهو متعجلان و«عملية الحفاظ على اسرائيل اليهودية» مُلحة. فقد اعتقدا ان هذا الاسبوع كثير. لأنه كم يُحتاج من الوقت لحزم الأمتعة للسفر الى البيت واغلاق حسابات المصارف وافتكاك ايداعات صناديق التقاعد ومشاجرة أرباب عمل يتهربون من الدفع وأن تستوثق من ان جميع الشهادات التي تحتاجها في يدك وان ترتب لنفسك مكانا تصل اليه في جنوب السودان وتُعد الاولاد للوداع وتُقبل الحاضنة وتتنفس تنفسا عميقا وتمسح الدموع؟.
أجل، يبدو ان الاسبوع كثير، ومن المؤكد ان ثلاثة أيام كافية.
وهكذا داهم مراقبو وحدة عوز بعد ثلاثة أيام من حكم المحكمة أحياء سكنية وأماكن عمل ودور عبادة وبدأوا الاعتقالات. وقد اعتُقل ناس كانوا في طريقهم الى المصرف لسحب مالهم وأُخذت امرأة مريضة بمرض دماغي كانت في طريقها الى تقديم طلب منع طرد بسبب حالتها الطبية (بقي زوجها متخلفا مع اربعة من أبنائهما الصغار)، واعتُقل اولاد أُرسلوا الى محابس. وكل ذلك صحيح مناسب في «عملية الحفاظ على إسرائيل اليهودية».
سافرنا في نيسان الأخير لاجراء جولة في جنوب السودان. وتحدثنا الى ناس عادوا من إسرائيل في السنتين الاخيرتين، وتجولنا في الشوارع والأسواق والمستشفيات واستعرضنا مستوى البنى التحتية والخدمات في عاصمة الدولة الشابة. وبرغم أننا رأينا العوز الشديد والظروف الصعبة التي تغلب على الدولة، وبخلاف موقف زملائنا من المنظمات، اعتقدنا أنها لا تلغي امكانية العودة اليها. ونشرنا استنتاجاتنا في تقرير صحفي في صحيفة «يديعوت احرونوت» وفي برامج في المذياع والتلفاز وفي لجان مختلفة، وما نزال نتمسك بهذا الرأي.
مع ذلك يمكن إتمام العودة بصورة انسانية وبطريقة تعترف بضعف المطرود وبالصدمة النفسية الصعبة التي تشتمل عليها العملية. فمواطنو جنوب السودان وأبناؤهم لا يُطردون الى الدول الاسكندنافية بل الى دولة هي في ازمة انسانية وتعاني عدم استقرار الحكم والأمن والاقتصاد. وهم يعودون الى عائلات لم يروها منذ سنين والى ظروف عيش قاهرة بلا ماء جارٍ وبلا كهرباء في أكثر ساعات النهار وبلا خدمات صحية ملائمة. ويكادون يعودون بلا موارد ومن غير أن يتم منحهم فرصة لاكتساب ثقافة هنا أو مهنة (وعلى ذلك فانه لا يمكنهم أن يجدوا عملا). انهم يعودون الى المجهول.
كانت إسرائيل طوال سنين مشاركة فيما يتم في جنوب السودان وأيدت مباشرة وغير مباشرة المتمردين والدولة التي كانت في طور النشوء. فموقع جنوب السودان الاستراتيجي بجوار دول مسلمة معادية يجعلها اليوم ايضا دولة تهتم بها اسرائيل اهتماما كبيرا. وكان اولئك الذين حظوا هنا بلجوء في ساعاتهم الصعبة يستطيعون ان يصبحوا سفراءنا الأشد اخلاصا. لكن إسرائيل اختارت مقابل ذلك أن تعاملهم معاملة الحيوان، فبدل أن تدعهم يغادرون الدولة في كرامة اختارت الحكومة أن ترسل لتعقبهم رجال شرطة ومراقبين وان تطردهم مثل مجرمين خطيرين. ما أشد غباء هذا وما أشد عنفه وما أشد عدم مناسبته.
في «إسرائيل اليهودية» لـ ايلي يشاي طُمست تماما الحدود بين الملائم وغير الملائم، وبسبب تفسير فخامة الوزير المعوج لماهية اليهودية يتركنا مسلوبي القيم العامة والانسانية الأساسية. نحن ايضا اسرائيليات ويهوديات لكنه لن يبعد اليوم في الطريق الذي يقودنا فيه يشاي الذي يُعرَّف فيه كل من يخالفه ويخالف رفاقه في الحزب بأنه غير ملائم لـ «اسرائيل اليهودية».
شيري تننباوم وغاليا تسبار
إسرائيل اليوم
 
لا رجوع عن شبر أرض
من الصعب جدا الوصول للحكم من غير مجموعة مؤيدين ذات التزام عميق بأهداف الحركة السياسية، لكن من الصعب جدا الحكم حينما تطلب هذه المجموعة الجوهرية الى الزعيم تحقيقا دقيقا للمبادىء التي تتفق عليها الحركة. وقد جرب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذا جيدا على جلده في الاسبوع الماضي حينما عمل في حزم شديد على مجابهة الداعين الى قانون التسوية وحظي بسبب ذلك بانتقاد لاذع جدا من مؤيديه العقائديين الذين شعروا بأنه يُدير ظهره لعقائدهم المشتركة.
كتب الدكتور مئير آفي زوهر عن هذه الظاهرة في بحث أتمه في سبعينيات القرن الماضي عن العلاقة بين حزب العمال البريطاني واتحاد الروابط المهنية «تي.يو.سي». وكانت تلك الايام هي الايام التي سبقت حكم تاتشر، وكانت الاتحاد المهنية في ذروة قوتها، وكان يستطيع ممثل كل اتحاد في مؤتمر حزب العمال ان يصوت باسم اعضاء اتحاده الكثيرين. وساد تفاهم كامل بين حزب العمال والاتحادات المهنية في سنوات المعارضة. وظهر اعضاء من البرلمان في اجتماعات الاتحادات وشاركوا في المظاهرات والاحتجاجات وحاربوا حرب الاتحاد المهني بما أوتوا من قوة، لكن حينما عاد حزب العمال البريطاني الى الحكم تغير الوضع من النقيض الى النقيض، فلم تستطع الحكومة أن تؤيد جميع مطالب الاتحادات المهنية ووجدت نفسها تواجههم وجها لوجه. وفي غضون زمن قصير أصبح وزراء الحكومة وخبراء الاقتصاد خاصة «خونة» في نظر الاتحادات المهنية من اولئك الذين وعدوا حينما كانوا في المعارضة كي يحصلوا فقط على اصواتهم وأداروا لهم ظهورهم حينما جلسوا على كراسيهم.
حينما عاد المحافظون الى الحكم عاد الوئام الى العلاقات بين الاتحادات المهنية وحزب العمال. وما تلا ذلك معروف، فبعد ان انتخبت مارغريت تاتشر لرئاسة الوزراء جعلت مكافحة الاتحادات في مقدمة برنامج عملها، أما زعيما حزب العمال (جون سميث في البدء وطوني بلير بعد ذلك) فركبا الموجة وألغيا المادة التي تُمكّن مندوبا في المؤتمر من التصويت باسم آخرين. لكن المبدأ بقي على حاله وهو أنهم اخوة في المعارضة و»خونة» في الحكم.
كانت حركة حيروت تستطيع ان تضمن وحدة الصفوف وان تؤيد بعد حرب الايام الستة مبدأ «لا رجوع عن شبر ارض»، لكن حينما وصلت الى الحكم أو من اجل الدقة بعد ذلك بسنة، تخلى مناحيم بيغن عن ارض تزيد مساحتها على مساحة دولة اسرائيل بثلاثة اضعاف بعد ان وعد بأن يسكن قرية زراعية في شبه جزيرة سيناء. ووجد اسحق شمير الذي انتخب على موجة معارضة مؤتمر دولي، وجد نفسه على رأس الوفد الاسرائيلي في مدريد. وتخلى شارون عن غزة بعد ان رفض التخلي عن نتساريم، ويجد نتنياهو نفسه ينشر بيوتا في تل الاولبانه.
يبدو انه لا علاج لهذا الحال، فجوهر التأييد لا يستطيع أن يُهادن ولا يريد أن يُهادن، ويدرك الزعماء انه يوجد محيط ويوجد عالم وتوجد مصالح أخرى يصادم بعضها الالتزامات العقائدية التي كانت في فترة المعارضة. ان خيبة أمل النواة الجوهرية ليست ظاهرة متكررة فقط، بل تصور أيضا لحظة استقلال من انتُخب ليقود.
يوسي بيلين
إسرائيل اليوم
 
الإسرائيليون: أين الدول العربية؟
أغرقت الجماهير جادة روتشيلد يهودا وعربا وكبارا وشبابا. «الشعب يريد العدل»، صرخوا ورفعوا لافتات ضخمة. فبعد سنين طويلة من الرقاد رفع اليسار الإسرائيلي رأسه في فخر وأخرج عشرات آلاف المؤيدين الى الشوارع. ونقلت الحافلات شبابا بملابس الحركة الى ميدان رابين حيث خُطط لمسيرة النهاية. وبدت شولاميت ألوني مبتهجة الى جانب نعومي حزان. وصاحبهما احمد الطيبي السيد المهذب في بطء واهتمام. وتحركت عدسات التصوير ورفع أحمد يديه الى أعلى.
نهض الشعب فجأة واستقر رأيه على التظاهر من أجل المُثل والقيم وحقوق الانسان التي هي مصطلح بسيط جدا لكنه يحتاج الى الكثير جدا. وسار عشرون من اعضاء جماعة «الأدباء» الذين يلتقون في كل يوم جمعة في الجادة للتوقيع على عرائض والاحتجاج على ليبرمان والمستوطنين، في مقدمة السائرين. بل بدا رجال الشرطة الذين يُظهرون في الايام العادية التجهم لمتظاهري اليسار المتطرف، بدوا مشجعين ومُصغين. ومر شابان يضعان قبعتين كبيرتين للمتدينين قرب رجال الشرطة وقالا صائحين «كل الاحترام» لثلاث شقراوات من النرويج جئن ليكن نشيطات سلام. وأضاع اليمين الفرصة فكان العرض كله للاحزاب العربية وشريكاتها الطبيعية من اليسار المتطرف ومن منظمات حقوق الانسان.
وانتظر على المنصة عميره هاس وحنين الزعبي وجدعون ليفي، وقال كل واحد منهم حينما حانت نوبته لا يمكن التسليم بعد لهذا الظلم ولهذه القسوة وصفق الجمهور لهم. ونحن الذين جربنا في الماضي ما تعنيه الجرائم على الانسانية لن نستطيع الصمت بعد. «يجب الضغط على العالم والضغط على حكومة اسرائيل. يجب الضغط. ويجب ان نكتب ونقول هذه الحقيقة وإن لم تكن سهلة الهضم. ان الأحداث كلها تصبح قزما حينما يتم الكشف عن هذه المشاهد ولا يجوز ان ندع هذا يستمر»، صاحت الزعبي ورفعت صورة والد يحمل جثة ابنته وذرفت احدى الشرطيات دمعة.
كان نشيد النهاية مؤثرا تأثيرا خاصا. وكان محمد بركة الى جانب رائد صلاح ويوسي سريد ونوعم تشومسكي الذي جاء في رحلة جوية خاصة الى البلاد للمشاركة في المسيرة. فهذه الليلة كلنا اسرائيليون وكلنا بشر، وكلنا متألمون وكلنا نطلب العمل. ويكفي صمتا. وظهرت على الشاشة المقسومة صورتا أبو مازن وسلام فياض. إننا جميعا في هذه الليلة أبناء الشرق الاوسط وأبناء ابراهيم، قالوا معا تقريبا بلغة انجليزية فصيحة.
وتم خفت الأضواء حينما غنت حافا البرشتاين اغنية ثنائية مع أفيف غيفن. وأصبح لكلمات «جندي أسود يضرب جنديا ابيض» معنى مميز حينما بُثت على الشاشات الصور القاسية من مذبحة حمص. وصاح بعضهم من بين الجمهور «الأمم المتحدة جوفاء»، وانضم الآخرون اليه. وصاح متظاهر من أم الفحم: «أين الدول العربية؟».
نُقل هذا منذ يومين ببث حي في القنوات الثلاث واشتغل المحللون في واحدة منها بتوقيت المسيرة. «ماذا توقعتم؟»، قال المحلل السياسي متكتفا. «ليس كل شيء خدعا ومصالح. اذا كان يمكن ضبط النفس في البدء فانه منذ اللحظة التي ظهرت فيها الصور من المذبحة في سوريا أصبح من الطبيعي ألا يصمت اليسار في اسرائيل ومنظمات حقوق الانسان، فنحن في عالم العولمة. ولا يستطيع الاسد ان يفعل ما شاء. ويوجد ناس يهمهم العدل لا في اوروبا فقط بل في اسرائيل ايضا».
«إسمح لي أن أُضيف»، قال محلل آخر متهكما تهكما خاصا. «هذا برهان آخر على ان اليمين يهتم ببيوت الاولبانه وبالتلال وبالهدم أو بعدم الهدم في الوقت الذي تجري فيه قرب البيت في سوريا مذبحة شعب. ومذبحة اولاد. فاذا لم يكن هذا برهانا على ان الاحتلال يُفسدنا فلست أعلم ماذا أقول». وانتهى البث بالاحتفال.
لكن ربما لا يكون هذا وقع قط.
يديعوت احرونوت
 
من هو الوطني ومن هو الخائن؟
سُمع تنفس الصعداء حينما واجه قانون التسوية سور الانضباط الائتلافي الذي فرضه بنيامين نتنياهو. وكان يُخيل للحظة ان نسيما من المنطق نجح في أن يجد له طريقا يتغلغل منه الى قلعة التطرف القومي. فقد أدرك بيبي آخر الامر ان البؤر الاستيطانية والبناء غير القانوني في المناطق قد تجلب كارثة على إسرائيل. وكان الفرح كبيرا جدا حتى انه غطى على الثمن الضخم وهو 851 وحدة سكنية جديدة، وحيّان من اجل المستولين على ميغرون وبناء مؤقت غير قانوني في معسكر الجيش الاسرائيلي من اجل مستوطني جفعات الاولبانه. لكن ماذا تكون بضع عشرات من ملايين السواقل اذا قيست بانتصار القانون العظيم وانتصار المحكمة العليا وأصحاب الأرض؟
ان أصحاب الأرض في الحقيقة لم ينتصروا كثيرا، فسيظلون ينظرون الى أملاكهم من بعيد ولن يحصلوا على تعويض ولن يستطيعوا فلاحة الارض التي سُلبت منهم. لكن النصر منذ البدء لم يكن لهم بل لنا نحن أصحاب الضمير الخالص من الباحثين عن الاحتلال القانوني والمستنير ومن المخلصين للمحكمة العليا وممن لا يهمهم ألبتة حصار غزة أو الاعتقالات الادارية بل «ما يفعله الاحتلال بالمجتمع الاسرائيلي» فقط. وقد «انتصرنا» هذه المرة.
واليكم كلفة النصر. قبل اسبوع ظهرت ابتسامة وخازة أدق من دقيقة حينما توجت مجلة «تايم» بيبي ملكا على اسرائيل. لكن بازاء السخرية الاسرائيلية من المبالغة الاميركية يتبين ان مجلة «تايم» أشد فهما للواقع السياسي في اسرائيل. فلولا الانضباط الائتلافي الذي فرضه نتنياهو ولولا أمر حظر الانشقاق الذي سلمه لوزرائه فلربما جاز قانون التسوية. لكن بيبي ليس البالغ المسؤول الذي يدس الفهم في أذهان وزرائه ونوابه. وهو ليس قائد القاطرة الحكيم الذي ينجح في النجاة بالقطار حينما يبدأ الانطلاق الى الأمام بلا كوابح. ان بيبي ملك أو هو مستبد على وجه أصح، فهو يوزع أوامر ويمنع قوانين لأنه قادر. وعلى سبيل المثال حينما عرض عليه رئيس الكنيست رؤوبين ريفلين في تموز الماضي الاشكال الدستوري لقانون القطيعة، رفض بيبي الملك تعليلاته. وفُرض الانضباط الائتلافي على منتخبي الشعب وجاز القانون. لأنه ما الذي يفهمه المستشار القانوني للكنيست الذي عرض الاشكال الدستوري في صلاحيات الملك؟.
ان الائتلاف الضخم الذي يتحكم به بيبي يُمكّنه بصورة غير ديمقراطية في ظاهر الامر من ان يصد أو يبادر الى قوانين كما يشاء، وان يُجيز البناء في المناطق أو يهدم البيوت. لكن هذه نتيجة هامشية فقط لتحول أهم كثيرا. فقد نجح بيبي في تغيير طريقة الحكم في اسرائيل. وما تزال المرحلة الحالية تُظهر زينة الديمقراطية فيوجد في الظاهر احزاب كثيرة لكن حزبا واحدا في واقع الامر ذا أسماء كثيرة يُصرف امور الدولة؛ وتوجد معارضة في الظاهر لكن مكانتها كمكانة عامل اجنبي؛ ويستمع بيبي في ظاهر الامر لأصوات من الشارع لكنه لا يرى لسوى القوة العظمى الاميركية قوة على الفرض مثل كل مستبد في منطقتنا.
هذه هي المرحلة المؤقتة نحو الانتقال الى الطريقة الرئاسية ومنها الى الاستبداد الرسمي. وليس امتحان طريقة النظام الجديدة هو الادارة السليمة أو حقوق المواطن أو الاقتصاد الزاهر بل لها امتحان واحد فقط هو ميزان قوة الحاكم بازاء المستوطنين، ويتعلق نجاح استبداده بقدرته على ان يكف جماح 8 في المائة من جملة السكان اليهود واستعداده لتعريفهم في مسألة «من هو الوطني» و»من هو الخائن». ويتعلق استمرار حكمه بتأييد الطائفة الاستيطانية التي تطلب دفعات من العقارات وقوانين قطيعة وحظر حرية التعبير وقانون النكبة ايضا. أما فيما عدا ذلك من شؤون فيحق لوزراء الملك ان يتلهوا كما يشاؤون ما لم يمطوا حدود الرخصة التي أُعطيت لهم في مسائل أساسية كطريقة الحكم ومكانة طائفة المستوطنين.
ان «انتصار» نقل مستوطني ميغرون وتل الاولبانه ليس اظهارا لانتصار القانون بل لانتصار مستبد وأبناء طائفته الذين وافقوا على الثمن الباهظ. وليست المحكمة العليا هي التي حددت سلطة الدولة لأن قانون التسوية لو جاز لبخر قرار المحكمة العليا. ان الملك هو الذي قرر هل يتبنى القرار أو يُغري به قوانين مواليه، لكن لا مكان للشكوى لأن الملكية لا الديمقراطية هي التي ميزت دائما طريقة الحكم اليهودية، وبيبي يعود الى المنابع فقط.
تسفي برئيل
يديعوت احرونوت
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,361,957

عدد الزوار: 6,988,379

المتواجدون الآن: 78