وزيرة الخارجية الأميركية الجديدة

تاريخ الإضافة الثلاثاء 11 كانون الأول 2012 - 6:19 ص    عدد الزيارات 695    التعليقات 0

        

 

وزيرة الخارجية الأميركية الجديدة
توماس فريدمان
بدأ الرئيس الأميركي باراك أوباما تحديد أسماء فريقه للأمن القومي الجديد حيث من المرجح أن يتولى السيناتور جون كيري منصب وزارة الدفاع في حين أن السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس هي في طليعة المرشحين لتولي منصب وزيرة الخارجية. السيناتور كيري خيار ممتاز لوزارة الدفاع، لكني لا أعرف رايس جيداً، لذا لا أملك رأياً بشأن أهليتها لتولي المنصب، لكني أعتقد بأن ارتباك تصريحاتها حول ليبيا لا تمنعها من الوصول إلى المنصب. مع ذلك، فإن كان لي رأي في هذا المجال، فإن مرشحي المفضل لهذا المنصب يكون وزير التربية الحالية آرن دانكان.
أجل أعلم أن دانكان لا يسعى للمنصب ومن المرجح أن لا يعيّن فيه. لكني أرشحه لأني أعتقد بأنه في هذا الوقت المهم يجب أن يكون السؤال ليس من يجب أن يكون وزيراً للخارجية فحسب، بل ما هي المهمات التي على وزير خارجية القرن الحادي والعشرين القيام بها.
فلنبدأ بالبديهي. جزء كبير من مهماته سيكون التفاوض. حسناً، أي شخص كان ليفاوض مع اتحاد معلمي شيكاغو كما فعل دانكان عندما كان مشرفاً عاماً على المدارس العامة في شيكاغو قبل الانتقال إلى واشنطن، لوجد أن التفاوض مع الروس والصينيين سيكون بمثابة نزهة بسيطة على الشاطئ. جزء كبير من مهمات وزير التربية (ووزير الخارجية) هو دفع الحلفاء والخصوم للتوافق على الأشياء التي لا يتوافقون عليها من الناحية المبدأية - ودفعهم للاعتقاد في النهاية بأن الفكرة كانت لهم أصلاً. ثقوا بي، إذا كان بإمكانه التوصل إلى اتفاق مع راندي وينغارتن، رئيس الاتحاد الأميركي للمعلمين، فبإمكانه القيام بذلك مع (رئيس الجمهورية الروسي) فلاديمير بوتين و(رئيس الحكومة الإسرائيلية) بنيامين نتنياهو.
كما أن جزءاً كبيراً من مهمات وزير الخارجية إيجاد أرضية مشتركة بين المكونات المختلفة: الكونغرس، الدول الخارجية، الشركات الكبرى، البيت الأبيض، البنتاغون والديبلوماسيين. والشيء نفسه يصح على المراقب العام للمدارس، لكن المكونات التي عليه أن ينسق بينها الأرضية المشتركة أكثر إحباطاً فهي تسمّى "الأهل" و"المعلمين" و"الطلاب" و"مجالس المدارس".
هناك نقطة أهم: المسألة الأكثر استحواذاً لاهتمام العالم اليوم هي النمو، وفي هذا الإطار فإن السن، وتحسين مستوى التعليم للشبان هو اليوم الرافعة الأهم للنمو الاقتصادي. وبكلمات أخرى، فإن التعليم اليوم أصبح المفتاح الرئيس للسلطة المستدامة. وأن يكون لديك وزيرٌ للخارجية هو في الواقع أحد أهم المراجع العالمية في التعليم، فإن الجميع سيرغب من دون شك التحدث إليه. على سبيل المثال، سيكون مفيداً جداً أن يكون لدينا وزير للخارجية يمكنه إطلاق جلسات تفاوض مع قادة حركة "حماس" (إذ فكّرنا يوماً في الحديث إليهم) وسؤالهم: هل تدركون كم أن أطفالكم متأخرون؟", قد تكون هذه الجملة مفيدة أكثر من: "لماذا لا تعترفون بإسرائيل؟"
ويقول مايكل ماندلباوم، الخبير في الشؤون الخارجية في جامعة جون هوبكنز: "المسألة الأهم في العالم اليوم هي النمو، والعالم منقسم إلى فريقين أولئك الذين يحصلون عليه وأولئك الذين لا يحصلونه".
ويضيف: "إذا كنت تتعامل مع الشرق الأوسط، قد يكون من المفيد جداً أن يكون لديك من يقول للفرقاء الآخرين لماذا يسيرون في الاتجاه الخاطئ وكيف أن مشاكلهم ليست في الواقع ما يعتقدونها وأن الحلول التي يعتقدون أنها مناسبة ليست كذلك".
بالفعل، فإن الإسلام واحد من أعظم الديانات التوحيدية في العالم، لكنه ليس الحل للتنمية العربية اليوم. الرياضيات هي الحل. التعليم هو الحل. دفع الشرق الأوسط للتركيز على هذا يعزز مصالحنا وازدهاره أكثر من أي شيء آخر. وكما نرى في مصر، فإن القيام المفاجئ للديموقراطية العددية من دون تحسين مستوى التعليم لن يكون مستقراً.
وفي الوقت نفسه، مع استمرار تقلّص ميزانيتنا الخارجية، فإن قسماً كبيراً منها سيتحول من الهبات التقليدية إلى "السباق نحو القمة" والتي كانت وزارة التربية في عهد دانكان رائدة في تطبيقها لإصلاح نظام المدارس الأميركية. سيكون علينا أن نقول للدول المحتاجة إن أفضل واحدة منها تتقدم بأفكار جديدة لتعليم شبانها وشاباتها أو إحكام تطبيق القوانين فيها ستحصل على مساعدات منا. السباق التحفيزي هو مستقبل المساعدات الخارجية.
أخيراً، هناك سبب جعل وزراء الخارجية الأميركية منذ نهاية الحرب الباردة يقطعون أميالاً حول العالم أكثر مما تركوا بصماتهم على التاريخ الحديث. فقبل العام 1995، كانت وظيفة وزير الخارجية تقتضي منه العمل على إنهاء أو تجنب النزاعات والتوقيع على الاتفاقيات الكبرى لمراقبة الأسلحة. هذه كانت أكثر مهمات الديبلوماسية البطولية. لحسن الحظ أن اليوم، هناك بضع حروب كبرى على طريق الانتهاء، وتركز الاتفاقات الكبيرة على التجارة والبيئة أكثر من الأسلحة النووية وهذه أهداف صعبة جداً للتحقيق. كما أن على وزير الخارجية اليوم التعامل مع دول فاشلة أو مارقة أكثر. لقد كان على الوزيرة هيلاري كلينتون بشكل خاص أن تجمع فرقاء المعارضة السورية في إطار مشترك، كخطوة ضرورية لإقناعهم بالقيام بالشيء الصحيح. اليوم، ولكي يدخل وزير الخارجية في التاريخ، عليك إجبار الدول على التعامل مع الأولويات.
باختصار، لا زلنا في وضع لا غنىً عنا فيه، لكن المشاكل أصبحت أكثر تعقيداً. لم يعد حلفاؤنا كما كانوا وكذلك أعداؤنا، الذين أصبحوا أقل قوة، لكنهم يتمتعون بدعم رجال ونساء غاضبين. على كثير من الدول أن تعود إلى أسس بناء القدرات البشرية قبل أن يصبحوا شركاء لنا في أي موضوع. لذا ففي حين أنه من غير المرجح أن نولي وزير التربية الحالي وزارة الخارجية، فلنفهم على الأقل لماذا هذه الفكرة ليست سخيفة.
ترجمة: صلاح تقي الدين
 
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,992,509

عدد الزوار: 7,011,323

المتواجدون الآن: 78