إيران تهدد حرية الملاحة الجوية في الخليج

تاريخ الإضافة الإثنين 10 كانون الأول 2012 - 8:02 ص    عدد الزيارات 758    التعليقات 0

        

 

 
إيران تهدد حرية الملاحة الجوية في الخليج
إيدي بوكس, مايكل آيزنشتات, و مايكل نايتس
في الشهر الماضي، اعترضت طائرة إيرانية نفاثة طائرة أمريكية بدون طيار غير مسلحة وأطلقت النار عليها في المجال الجوي الدولي. وفي هذا الأسبوع، عرضت إيران مشهداً لما ادعت أنه طائرة بدون طيار من طراز "سكان إيغل" "ScanEagle" تابعة للبحرية الأمريكية تم أسرها، وهي تهمة أنكرتها واشنطن بشكل قاطع. وتُظهر هذه الإجراءات والخطاب الإيراني وجود حملة عدائية متزايدة ضد الولايات المتحدة تتخذ من موضوع الطائرات الأمريكية بدون طيار حطباً لإشعالها.
في الوقت الراهن، فضلت واشنطن عدم الرد على حادث تشرين الثاني/نوفمبر، لكنه يلزمها أن تؤكد على أن لا تصبح هذه المجابهة سابقة تُحد من حرية الملاحة الجوية الأمريكية في الخليج الفارسي. يتعين على الولايات المتحدة أن تحتفظ بحقوقها الاستطلاعية، خصوصاً في ضوء التهديد الذي تمثله إيران على حركة السفن في المنطقة والرغبة الواضحة منها في متابعة السير لامتلاك أسلحة نووية. وبالنظر إلى المدى القصير الفاصل بين الموانئ الإيرانية والممرات الملاحية التجارية الرئيسية فإن القدرة على الاكتشاف السريع لأية استعدادات بحرية استفزازية هي الهدف الأسمى [للولايات المتحدة]. أما إذا تم تغيير مسار المراقبة الجوية وجمع المعلومات الاستخبارية بعيداً عن الحدود الإيرانية، فسوف تواجه قوات التحالف فجوة استخباراتية حادة في اكتشاف استعدادات النظام العدائية أو حتى ما هو أسوأ من ذلك وهو النشاطات النووية المشبوهة.
الاعتراض الجوي
في صباح 1 تشرين الثاني/نوفمبر أطلقت طائرتان إيرانيتان من طراز "سوخوي-25 فروغفوت" للهجوم الأرضي النار على طائرة أمريكية من طراز "بريداتدور إم كيو-1". ويشير استخدام طائرات "السوخوي-25" غير المجهزة برادار إلى أن رادارات المراقبة الأرضية في إيران قد تتبعت "البريداتور" ثم أرسلت "السوخوي-25" في الوقت الصحيح تماماً، وأرشدت الطيارَيْن بفعالية نحو الطائرة فجعلاها في الموضع المثالي لإطلاق النار الذي يتيح لهما التصويب على هذا الهدف الذي يصعب اكتشافه. وبما أن "السوخوي-25" هي ذات مدى قصير إلى حد ما، كان على رادارات المراقبة الأرضية إرشاد القناصيْن إلى الهدف بأقل قدر من التأخير. وبشكل عام، فإن القيام بعملية الاعتراض في منطقة الخليج أظهرت مهارات مراقبة وملاحة جيدة وقدر كبير من التنسيق.
 
ويشير استخدام "السوخوي-25" كذلك إلى أن الحادثة كانت استعراضاً للقوة جيد التخطيط. فقد وردت تقارير عن امتلاك إيران ثلاث عشرة طائرة من طراز "سوخوي-25"، سبعة منها كانت طائرات عراقية احتجزت بعد لجوء طياريها إلى إيران إبان حرب الخليج عام 1991. و "السوخوي-25"، بخلاف الطائرات الإيرانية من طراز "إف-5s" و "إف-14s" و "إف 4s"، ي تعتبر منصة قصف جوي داعم صممت للتحليق البطيء والمنخفض على ميدان القتال وهي ليست طائرة اعتراضية. ويقودنا استخدامها ضد "البريداتور" إلى أن العملية قد تكون بمبادرة "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" الذي لا يراقب أي مقاتلات جو – جو-- و "السوخوي-25" هي طائرته الوحيدة العالية الأداء. ويشير ذلك أيضاً إلى الدرجة التي يبقى بها "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" والقوات الجوية المنتظمة كيانان مستقلان لا يعملان بشكل جيد مع بعضهما البعض.
قد تكون هناك أسباب فنية أيضاً وراء اتخاذ هذا القرار: فقد تمكنت "السوخوي-25" بسرعتها البطيئة من التجنيح فوق "البريداتور" (التي تحلق بسرعة تبلغ حوالي 100 عقدة) ومحاولة ضربها بمدفعها، وهو إنجاز كان يمكن أن يكون أكثر صعوبة على مقاتلة أسرع. على سبيل المثال، في عام 2006، تطلبت ملاحقة طائرة بدون طيار من طراز "أبابيل" تابعة لـ «حزب الله» بالقرب من حيفا من قبل طائرة إسرائيلية من طراز "إف-16"، تخفيض السرعة لدرجة قريبة من التهاوي (أقل من 200 عقدة) من أجل اعتراضها؛ ثم كان على الطيار أن يستخدم مناظر الخوذة جنباً إلى جنب مع صاروخ "بايثون 4" ذي القدرة العالية على المراوغة من أجل إسقاط الهدف.
حرية الملاحة الجوية
كان حادث شهر تشرين الثاني/نوفمبر حدثاً سياسياً فاصلاً إلى جانب كونه حدثاً عسكرياً. فقادة "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" كانوا يضغطون لسنوات عدة نحو تجاوز حدود اللامقبول، كاستهداف أقرب حلفاء أمريكا من خلال احتجاز أفراد الجيش البريطاني في العراق عامي 2004 و 2007. كما أن "قوة القدس" التابعة لـ "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" كانت قد دبرت عملية اختطاف وقتل خمسة جنود أمريكيين في كربلاء في كانون الثاني/يناير 2007. ومنذ ذلك الحين، انخرط "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" في سلوك استفزازي بالقرب من سفن البحرية الأمريكية في الخليج، حيث أخذ يشن هجمات وهمية طائشة ويقذف مواد في مسار السفن الأمريكية تشبه الألغام. والآن حيث أطلقت إيران النار على طائرة أمريكية، فقد رفعت بذلك خطر قيام مواجهة عسكرية في الخليج.
يبقى التحديد الدقيق لموقع حادث شهر تشرين الثاني/نوفمبر غير متضح الملامح، حيث تذكر التقارير أن ذلك كان في المنطقة القريبة من مدينة بوشهر الساحلية عبر الخليج من الكويت. وتدعي إيران أن الاعتراض تم داخل نطاق اثني عشر ميلاً بحرياً، بينما تقول الولايات المتحدة أن ذلك حدث في المجال الجوي الدولي، على بعد ستة عشر ميلاً من الساحل، أي أربعة أميال خارج المجال الجوي الإيراني. وهذا يوضح الطبيعة المعقدة لحدود المجال الجوي في الخليج، مع الأخذ في الاعتبار الجزر المتنازع عليها والساحل البحري غير المستوي. ويكمن الخطر في أن طهران قد تعتقد أن المجابهات الجوية في المجال الجوي المتنازع عليه هي طريقة جيدة لحشد الدعم القومي للنظام في الوقت الذي تترسخ فيه آثار العقوبات الاقتصادية الدولية، مما يترتب عنه خلق موقف أكثر ارتباكاً في المنطقة.
وقد كان للحادثة أيضاً عدة تداعيات هامة على القانون والعرف الدولي، فمن الناحية التاريخية، تحدت الولايات المتحدة حوادث عدائية وقعت في المياه الدولية والمجال الجوي الدولي، وإذا لم ترد على هذه الإهانة الأخيرة فقد يقوض ذلك حرية تحركها في الخليج. يتعين على واشنطن أن تثبت أن الطائرات بدون طيار لا تختلف عن الطائرات التي تعمل بطيار من الناحية القانونية، حيث إن المهمات الاستطلاعية (المأهولة وغير المأهولة) مسموح بها بموجب القانون الدولي. وإذا تركت هذه الحادثة دون حل فيمكن أن تحيق المخاطر بطائرات "آر سي ـ 135 ريفيت جوينت" الضخمة و طائرات "يو-2" و "آر كيو-4 غلوبال هوك" و "طائرات الإنذار المبكر الأرضي" المعروفة بـ "نظام رادار الهجوم على الهدف والمراقبة المشتركة - JSTARS" التي تراقب النقاط الساخنة في جميع أنحاء العالم عندما تحلق في مجال جوي متنازع عليه أو حتى بالقرب منه.
الخيارات الأمريكية
ينبغي على واشنطن أولاً أن تتعامل بشكل دبلوماسي أكبر حيال حادث الاعتراض في شهر تشرين الثاني/نوفمبر وذلك برفع قضيتها عبر وكالات الأمم المتحدة مثل "محكمة العدل الدولية" و "منظمة الطيران المدني الدولي". وسيكون الهدف من هذا المنحى هو حل أي خلافات مع إيران بشأن حدود مجالها الجوي ومنع حدوث تصعيد مستقبلي. وفي الماضي، رد الأسطول الخامس الأمريكي بسرعة وبحزم على حوادث الاستفزاز الإيرانية البحرية، ويتعين على واشنطن أن تسلك ذات السبيل في الجو. إن طائرة "البريداتور" التي تكلف حسب بطاقة سعرها مبلغاً طائلاً يصل إلى 4 ملايين دولار ليس لها أن تُذر هكذا في الرياح. وعلاوة على ذلك؛ فإنها طائرات عسكرية تحمل علم الولايات المتحدة ولابد أن يتم التعامل معها على هذا الأساس.
يجب على الحكومة الأمريكية أن تقترح أيضاً إجراء حوار مع إيران بشأن إجراءات منع "الأنشطة العسكرية الخطرة". ويسمح القانون الدولي للطائرات المحاربة أن تستطلع وجود طائرة بلد آخر في المجال الجوي الدولي، وأثناء الحرب الباردة، أدركت واشنطن وموسكو الحاجة للاتصالات اللاسلكية عند القيام بهذه الطلعات، وقد اجتمع ممثلو الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ووضعا بروتوكولاً لمنع "الأنشطة العسكرية الخطرة" يضمن سلامة أطقم الطائرات ويلطف أجواء التصعيد غير المرغوب فيها الناتجة عن "سوء الفهم" المحتمل.
وإذا لا تستجيب إيران دبلوماسياً، ينبغي أن تقوم الولايات المتحدة أيضاً بمهام حرية الملاحة متعددة الجنسيات بإشراك مستخدمين لمياه الخليج الفارسي، وخصوصاً دول "مجلس التعاون الخليجي". فمثل هذه الطلعات المشتركة سوف تحسن من قدرات التشغيل البيني وتضمن الأنشطة العسكرية المسموح بها في ممر تسلكه الرحلات المدنية بصورة مكثفة. وهذا من شأنه أن يبعث إلى إيران رسالة واضحة مفادها: يجب احترام حدود المجال الجوي الدولي، على غرار الحدود البحرية.
وأخيراً، وكحل أخير، ينبغي على واشنطن أن تنظر في تزويد طائرات "البريداتور" بقدرة للدفاع الذاتي والإعلان عن مثل هذه الحقيقة. وكانت "القيادة المركزية الأمريكية" قد زودت "البريداتور" بصواريخ "ستينغر" قبل أكثر من عقد، عندما بدأت العراق حملتها التي لم تدم طويلاً لإسقاط الطائرات بدون طيار. و "ستينغر" هي صواريخ تندفع باتجاه الحرارة يصل مداها إلى ثلاثة أميال، وهذه القدرة قد تدفع إيران إلى إعطاء "البريداتور" متنفساً أرحب؛ وفي أسوأ الأحوال، سوف تتيح الصواريخ فرصة أكبر للطائرة للبقاء إذا تعرضت لهجوم. وبالإضافة إلى ذلك، على الإدارة الأمريكية أن تنبه طهران بهدوء بأنها تحتفظ بحقها في ضرب القواعد الجوية الإيرانية إذا ما بدأ النظام بهجمات عدائية، وأن ذلك الثأر سوف يكون في الوقت والمكان اللذين تختارهما واشنطن. وقد يحجم " فيلق الحرس الثوري الإسلامي" عن التضحية بقاعدة كاملة مقابل التصدي لواحدة من الطائرات الأمريكية بدون طيار.
  
المقدم إيدي بوكس هو ضابط في سلاح الجو الأمريكي وزميل زائر للشؤون العسكرية في معهد واشنطن. مايكل آيزنشتات هو مدير الدراسات العسكرية والأمنية في المعهد. مايكل نايتس هو زميل ليفر في المعهد.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,977,889

عدد الزوار: 7,010,809

المتواجدون الآن: 75