هل ينزلق العراق نحو حرب أهلية؟

"بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لغزو العراق بقيادة الولايات المتحدة ، أجرت صحيفة "نيويورك تايمز" على الانترنت حوار مع لجنة من الخبراء لمناقشة ما إذا كانت الحرب تستحق التكاليف التي أُنفقت عليها في ضوء استمرار العنف والمشاكل السياسية. وفي ما يلي مساهمة مايكل نايتس، زميل ليفر في معهد واشنطن ومقره في بوسطن."

إن إحدى الوسائل لتوضيح ملامح قيام حرب أهلية هي وجود صراع تدعي فيه جهتان أنها الحكومة الشرعية: ويمكن القول بأن هذا لم يحدث في عام 2006 و 2007، وأنه لا يحدث الآن أيضاً.

على الرغم من أن العديد من الفصائل تنتقد رئيس الوزراء نوري كمال المالكي، إلا أن معظمها لا تزال تحتفظ بممثليها في البرلمان وبوزرائها في الحكومة الاتحادية. ولدى الأكراد شكوك مشروعة حول التزام المالكي بتقاسم السلطة، ولكنهم لا يحاولون الاستيلاء على السلطة منه بالقوة. بل على العكس من ذلك تماماً: انهم يسعون لردعه عن استخدام القوة العسكرية ضد حكومتهم التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في إقليمهم.

ويحتج العرب السنة مطالبون بمعاملتهم بصورة أكثر عدلاً، ولا يسعون بصورة نشطة لمحو الواقع العنيد المتمثل بتزعم الشيعة للحكومة. كما أن فرصهم في إطلاق انتفاضة على غرار "الربيع العربي" هي ضئيلة لأنهم أقلية طائفية، وليس مجموعة الأغلبية في البلاد.

وعلى الرغم من جميع شكاوى الفصائل الشيعية ضد رئيس الوزراء، إلا أن هذه الجماعات تميل إلى جانب المالكي في الأوقات العصيبة. ففي ميزانية 2013 التي تمت المصادقة عليها مؤخراً، تكاتفت معاً جميع الكتل الشيعية تقريباً لتمرير ميزانية مناهضة للأكراد بصورة قوية. وبدلاً من مراقبة اندلاع حرب أهلية، من المفيد بصورة أكثر التفكير عن العراق كمكان تبحث فيه مختلف الجماعات عن صفقة من الحكومة المركزية تكون مفضلة لها بصورة أكبر -- أي المزيد من الحكم الذاتي للأكراد ومعاملة متساوية لأهل السنة.

لننتقل إلى صلب الموضوع: هل أصبح العراق أكثر أم أقل عنفاً؟ هل يشعر العراقيون بأن ما يحدث في بلادهم هي حرب أهلية؟ بحلول بداية عام 2011 رأينا أن عدد الحوادث قد وصل إلى ما لا يقل عن 200 حادث عنف شهرياً في العراق، ومنذ بداية عام 2013، أفادت التقارير عن وقوع 800 حادث عنف كبير في الشهر. إن هذا الرقم هو أربعة أمثال معدل عدد أحداث العنف في غضون عامين، كما أن أحداث العنف التي أوردتها التقارير هي ليست سوى جزء بسيط من أعمال العنف الفعلية. وفي الواقع، -- وبشكل روتيني -- لا يتم إحصاء أشد أنواع أعمال العنف التي تقع في البلاد وهي: عمليات التهديد بالاختطاف غير المهلكة، وأعمال القتل، والتعذيب. وهذا النوع من الهجمات الذي يتم استهدافه في كثير من الأحيان ضد قادة المجتمع المحلي له تأثير متلاحق يتمثل باستمرار التطهير الطائفي أو العرقي من مناطق معينة، أو الحد من رغبة السكان المحليين في الإبلاغ ضد المتشددين. إنه غير مرئي ومزعج -- وأنا أطلق عليه اسم "العنف غير البارز والشديد التأثير".

سوف تأتي الضربة الكبرى في النصف الثاني من عام 2013، عندما يصطدم الابتهاج السني من انهيار نظام الأسد في سوريا مع التخوف الفائق لحكومة المالكي من أن تصبح هي الدومينو المقبل الذي قد يسقط. إن سوريا هي مثال ملائم للتوصل إلى نتيجة لأنها تجبرنا على طرح السؤال: إذا لم تقم الولايات المتحدة بغزو العراق قبل 10 سنوات، هل كات ستأخذ الآن ذلك الخيار بعين الاعتبار، بمشاهدتها صدام أو أحد أبنائه يسحق تمرد المدن العراقية في أعقاب "الربيع العربي"؟

إن ذلك سيعني اندلاع حرب أهلية.