القاهرة – اسطنبول.. شوارع مشتعلة

تاريخ الإضافة الأربعاء 5 حزيران 2013 - 7:43 ص    عدد الزيارات 647    التعليقات 0

        

نص اسرائيلي
القاهرة – اسطنبول.. شوارع مشتعلة
بقلم سمدار بيري ..."يديعوت احرونوت" – ترجمة "المصدر"

 

في احد المشاهد القوية من الرواية المصرية التي أصبحت فيلما ومسلسلا تلفزيونيا "عمارة يعقوبيان" يُستدعى رجل الاعمال الميسور الذي يحلم بأن يصبح مستورد سيارات من انتاج اليابان، الى لقاء مع "الكبير". ويمكنه فقط أن يخمن من سيلتقي وما هو الغرض: اجمال حجم الرشوة لقاء الرخصة، مع العلم انه اذا حاول التملص – فلن تكون صفقة. يصل رجل الاعمال الى فيلا فاخرة ويفاجأ بان يسمع بأن "الكبير" يطلب منه 10 ملايين دولار دون أن يرف له جفن. موضوع واحد واضح: اذا التزم، لن يكسب. اذا رفض، سيتورط مع القيادة.
طبيب الاسنان علاء الاسواني نشر "عمارة يعقوبيان" على اسم مبنى سكني فاخر كان موجودا في القاهرة قبل تسع سنوات من امتلاء  الميادين بالملايين في مصر في تظاهرات غضب اسقطت الحكم. وبالتوازي نشر اورهان باموك التركي رواية "الثلج" وبعدها "اسطنبول" وتنبأ بصعود الاسلاميين من حزب "العدالة والتنمية". باموك، مثل زميله من القاهرة، وصف التشوش وفقدان الهوية في اوساط الشباب بسبب صراعات الغرب والشرق داخل بحر من الاحجبة والحكم الواثق بأن كل شيء مسموح له تقريبا. قرأت الكتابين دون توقف. سلسلة قصص من الحياة تراوح بين الذل والغنى الفاحش، بين البؤس وانعدام الامل وطغيان الحكم الفاسد. كل ما اخرج المتظاهرين الى شوارع العالم العربي، كل بذور الثورة مكتوبة هناك أسود على أبيض. تسعة ابطال، تسع قصص، منثورة الواحدة داخل الاخرى لتشكل وصفة نبوءة.
ولكن "عمارة يعقوبيان"، مثل "الثلج"، هي مجرد وصف لمجتمع عفن. في الطبقات السبع في القاهرة يسكن أغنياء، بلطجية، موظفون كبار وضباط جيش وكذا صحافي كبير وغني. لوطي، يفرض نفسه على رجل وسيم، يحتاج ابنه الى علاج طبي باهظ وليس لديه من اين يدفع. والى سطح العمارة اقتحم بؤساء الحياة وعديمو الحظ. عيونهم ممزقة حسدا امام التبذير المنفلت، السيارات الفاخرة وحفلات الشهوة في الطبقات السفلى.
في احدى زياراتي الى القاهرة حل لي من كان في قائمة أبطال يعقوبيان، وكلهم شخصيات معروفة في السياسة والمجتمع اللامع، حلوا لي اللغز. سبعة منهم، وعلى رأسهم "الكبير"، يمكثون منذ سنتين خلف القضبان في سجن طرة.
لقد ترجم يعقوبيان الى 23 لغة. اما باموك فإلى 60 لغة. ونال باموك جائزة نوبل، اما الاسواني فاصبح ايقونة. باموك تُرجم بل واجريت معه مقابلات عندنا، اما الاسواني فرد كل الجهود لبيع حقوق الترجمة الى العبرية. باموك انتقد مذبحة الارمن، وكاد يصل الى السجن.
الاسبوع الماضي تعرفت، في دولة عربية، كيف يدل "يعقوبيان" و "اسطنبول" على الطريق الى الميادين. تركيا تصعد الان الى خريطة التظاهرات، الشباب الغاضبون اجتاحوا ميدان تقسيم في نهاية الاسبوع. الاسواني، الذي اصدر الان رواية جديدة (ورائعة) لا بد سيتحدث الناس عنها، واثق مثل باموك بأن الشوارع ستشتعل في الاماكن التي لم يفكر احد في القيادة الميّالة الى القوة فيها، بالضبط مثل مبارك واردوغان.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,604,297

عدد الزوار: 6,957,015

المتواجدون الآن: 51