«التربية الوطنية» في لبنان خلال الأزمات: مواعظ أخلاقية أم درء للانقسامات؟

تاريخ الإضافة الإثنين 21 شباط 2011 - 6:39 ص    عدد الزيارات 1768    التعليقات 0

        

«التربية الوطنية» في لبنان خلال الأزمات: مواعظ أخلاقية أم درء للانقسامات؟
بيروت – فيرونيك أبو غزالة

أزمات مختلفة تعيشها مادة التربية الوطنية في مدارس لبنان، ولا تنحصر المشكلة في الانقسامات السياسية وحدها، بل في الحافز الأساسيّ للتعامل مع هذه المادة، كأنّها إضافة الى المنهج التربويّ لا طعم لها ولا لون. تختلف طريقة تقديم المادة بين مدرسة وأخرى، ومتابعة طريقة تقديم مادة التربية الوطنية للطلاب في المدارس الخاصة أو الرسمية تكشف بعض العوائق أمام تبادل الرسائل التربوية بين الأستاذ والتلامذة، فالمشكلة الأساسية أنّ الجدّية هي عنصر غائب عن صفوف التنشئة المدنية، وغالباً ما تنحرف المحادثات بين الأستاذ والطلاب الى مناقشات سياسية وجدل عقيم، خصوصاً حين يكون التلامذة في عمر يتمتعون فيه بالقدرات للردّ على أي تعبير يتلفّظ به الأستاذ، ولا يوافقون عليه.

ويروي جان، أستاذ مادة التربية الوطنية في مدرسة خاصة، معاناته خلال محاولته إيضاح بعض الأفكار لطلابه، اذ يُواجَه بسيل من الانتقادات والتهكّم من هذه «المثاليات» كما يقول الطلاب. ويضيف: «في هذه الأيام، لا يمكن إخفاء أي شيء عن الطلاب، فحين تقول لهم على سبيل المثال انّ المقاومة على أنواعها كفيلة بإحباط المخطّطات الصهيونية كما ورد في كتاب السنة التاسعة، يبدأ نقاش بين الطلاب أنفسهم ولا ينتهي إلا بتدّخلي لفضّ النزاع». ويشبّه جان ما يحصل في ساعات التربية الوطنية بطاولة الحوار الوطنيّ، «حيث كلّ فكرة تُقدَّم لها نقيضٌ مباشر، ما يخلق حالة من الجدل غير المجدي».

وليست آراء الطلاب مخالِفة جداً لرأي الأستاذ. فاليري (13 عاماً) لا تجد منفعة في مادة التربية الوطنية، وتتذكّر يوم سألت الأستاذ عن إمكان استفادة الطلاب من هذه المادة فأجابها الأستاذ: «لا منفعة، لأنّها كلّها مثاليات لا يمكن تطبيقها». ومنذ هذه اللحظة تجد فاليري صعوبة في دراسة المادة وتراجعت علاماتها بشكل كبير، وتقول: «إذا كان الأستاذ غير مقتنع بما يدرّسه، فلِمَ يجب ان نقتنع نحن؟». كذلك يرى جاد (12 عاماً) أنّ ساعات التربية هي كناية عن «وعظ» فقط من قبل الأستاذ، خصوصاً أن المناقشات تغيب في مدرسة جاد ويصبح الدرس تلقيناً فقط.

التعاطي السلبيّ مع مادة التربية الوطنية يطغى على المواقف، إلا أنّ بعض الأفكار الإيجابية تبرز أيضاً، لتعطي بصيص أمل بإمكانات التغيير في طريقة تقديم هذه المادة للطلاب كي تؤدي الدور المطلوب، وهو كما يقدم في الكتب: «وحدة الوطن من وحدة التربية الوطنية للمواطن». وتربط ليال، مُدرّسة المادة، وسبق أن شاركت في العديد من الدورات التدريبية حول طرق التعليم وتقديم المواد التربوية للطلاب، نجاح هذه المادة بالمدرِّس «الذي يجب أن يكون مقتنعاً بالمادة الدراسية، وأن يحاول إيصال رسائل وطنية الى التلاميذ ويحجم عن نقل مشاعره الخاصة تجاه ما هو موجود في الكتاب». وتعتبر ليال أنّ «الفريق الذي أشرف على وضع كتاب التربية محترف وقدّم مادة مميّزة على صعيد تنمية الحسّ الوطنيّ، إلا أنّ انجرار الأستاذ وراء تعليقات التلاميذ والجدل السياسي هو الذي يؤدي إلى فشل الساعة وتحوّلها إلى اللهو بدل الجدية».

بين الواقع والقيم «المثالية» التي تقدّمها مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية، تناقضٌ يعيشه أطفال لبنان وشبابُه، فمن يصدّقون؟ المواد التربوية تبشّر بمجتمع نشيط وناقد للسلطات السياسية وذي قدرة على التغيير، فيما الحالة السياسية والاقتصادية تظهر المجتمع الذي يعاني من أخطر الآفات ولا يجد طريقة لإيصال صوت شعبه الى الطاقم السياسيّ الحاكم.

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,741,635

عدد الزوار: 7,041,040

المتواجدون الآن: 84