آشتون بعد لقائها كلينتون: حان وقت التغيير في سوريا

لندن لا تستبعد مذكرة توقيف دولية بحق الأسد.. وأردوغان يشدد على انتقال سلس للسلطة

تاريخ الإضافة الخميس 19 أيار 2011 - 5:00 ص    عدد الزيارات 2701    القسم دولية

        


يبدو أن تحولاً دولياً إزاء ما يجري في سوريا آخذ في التبلور باتجاه تشديد الخناق أكثر فأكثر على النظام السوري الذي يواصل عمليات القمع بحق المدنيين.
وتوازياً مع تأكيد اكتشاف مقبرة جماعية في درعا وأنباء عن قصف مدينة نوى في المحافظة بالدبابات وانتشار الجثث في شوارع تلكلخ القريبة من حمص، برزت مجموعة من المواقف الأوروبية والأميركية تمثلت بتأكيد وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون عقب لقائها نظيرتها الأميركية هيلاري كلينتون في واشنطن أمس، أن "وقت التغيير في سوريا حان".
وفيما توقع وزير بريطاني أن تصدر "المحكمة الجنائية الدولية" مذكرة اعتقال بحقه، كان سفراء دول الاتحاد الأوروبي يبحثون في بروكسل توسيع العقوبات ضد المسؤولين السوريين لتشمل الرئيس السوري بشار الأسد.
ولفت أمس حدثان بارزان، الأول تشديد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على ضرورة أن يكون في سوريا انتقال سلس ومنظم للسلطة، والثاني تأكيد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن هناك غالبية "بصدد التشكل" في الأمم المتحدة لإدانة قمع الثورة في البلاد.
وزيرة الخارجية الأميركية التي وصفت الوضع في سوريا عقب لقائها آشتون في واشنطن أمس، بأنه "يثير قلقاً كبيراً"، أكدت "سنتخذ خطوات اضافية في الأيام القادمة لعزل نظام الأسد وزيادة الضغوط عليه".
وقالت كلينتون إن "رسالتنا (لنظام الأسد) كانت واضحة وثابتة منذ البداية، أوقف العنف والاعتقال، أطلق كل السجناء السياسيين والمعتقلين، ابدأ بالاستجابة لمطالب الشعب عبر عملية تغيير ديمقراطية موثوقة وشاملة".
وأوضحت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي للصحافيين أن "وقت التغيير في سوريا أزف"، موضحة أنها توجهت الى واشنطن "لبحث ما يمكننا القيام به"، مضيفة أنه "من الملح للغاية أن تتحرك الحكومة السورية" تحت طائلة ان يقوم المجتمع الدولي بـ"النظر في كل الخيارات".
وأضافت "أظن أننا كلنا نعلم جيداً أن الوضع خطير جداً"، معربة عن قلقها بسبب عدد القتلى الذين سقطوا والاشخاص الذين اعتقلوا في سوريا خلال الأحداث الأخيرة، لافتة إلى أن سفراء الدول الأوروبية يجتمعون في بروكسل على اساس يومي لمناقشة ما يمكن وينبغي فعله.
وذكرت المسؤولتان أن مزيداً من الخطوات ستتخذ ضد النظام السوري "خلال الساعات والأيام المقبلة".
ومن واشنطن كذلك، حذر البيت الأبيض الحكومة السورية أمس من أن "المجال يضيق" أمامها لوقف حملتها العنيفة ضد المظاهرات المطالبة بالديمقراطية لتجنب مزيد من العقوبات الأميركية.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني للصحافيين عندما سئل عما إذا كانت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجهز عقوبات إضافية ضد الحكومة السورية "نتطلع إلى اتخاذ إجراءات إضافية"، لكنه امتنع عن تحديد إطار زمني وإعطاء تفاصيل بشأن الخطوات التي تجري دراستها.
وفي بروكسل ناقش سفراء البلدان السبعة والعشرين في الاتحاد الاوروبي بعد ظهر أمس، احتمال فرض عقوبات على الرئيس السوري ولكنهم أرجأوا اتخاذ قرار في هذا الشأن الى اجتماع الوزراء الأوروبيين الاثنين المقبل، كما أعلن مصدر ديبلوماسي رافضاً كشف هويته أن "المناقشات تتقدم" بهدف توسيع قائمة افراد النظام السوري الذين فرضت عليهم عقوبات لتشمل (الرئيس) الاسد، لكن "القرار تم ارجاؤه الى الاجتماع المقبل لوزراء خارجية" الاتحاد الاوروبي الاثنين المقبل في بروكسل.
وقال ديبلوماسي أوروبي آخر "إنهم يحتاجون الى بحث الامر على المستوى الوزاري..، لأن الموضوع حساس الى درجة لا يمكن أن يحسمه السفراء"، وأضاف أن "الاتجاه في الوقت الراهن هو استهداف (الرئيس) الأسد لأنه لم يحصل أيّ تغيير في سوريا".
وكان وزير الدولة البريطاني لشؤون القوات المسلحة نك هارفي رجح قيام المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الأسد لأجل ما اعتبره دوره في حملة القمع العنيف ضد المتظاهرين.
وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" أمس إن تصريح هارفي جاء بعد اعلان ناشطين سوريين اكتشاف مقبرة جماعية خارج محافظة درعا التي كانت محور حملة عسكرية مكثفة في الأسابيع الماضية.
وفي أنقرة نصحت تركيا الولايات المتحدة بإعطاء الرئيس السوري مزيدا من الوقت لتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها، محذرة من أن أي تدخل أحادي في سوريا لن يكون مرغوبا فيه.
وذكر مصدر في الخارجية التركية عقب لقاء رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان السفير الأميركي في أنقرة فرانسيس ريتشاردوني أمس، أن أردوغان شدد خلال اللقاء على ضرورة أن يكون هناك انتقال سلس ومنظم للسلطة في سوريا.
وقال المصدر إن الوضع في سوريا كان في مقدمة الموضوعات المدرجة على أجندة لقاء أردوغان مع ريتشاردوني الذي جاء عقب زيارة نائب رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال جيمس كارترايت ولقاءاته مع المسؤولين العسكريين في تركيا على مدى 3 أيام ركزت على الوضع في سوريا والشرق الأوسط.
وأضاف أن سوريا كانت القضية الأولى في مباحثات أردوغان مع السفير الأميركي، لكن التطورات الإقليمية أيضا نوقشت خلال اللقاء الذي عقد في مهبط للطائرات في ضاحية للعاصمة أنقرة واستغرق 50 دقيقة.
وفي باريس تحدث وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمس عن أن فرنسا وبريطانيا قريبتان من كسب تأييد تسعة أصوات لقرار بشأن سوريا في مجلس الأمن، وقال أمام البرلمان الفرنسي، "علينا أولا أن نتجنب الفيتو ثم نجمع تسعة أصوات.. نحن نقاتل مع أصدقائنا البريطانيين للوصول إلى نتيجة".
وأضاف "ما زلنا مهددين بفيتو صيني وروسي لكن يبدو أن غالبية من تسعة أصوات تتجمع ونحن نتحدث الآن"، لكن جوبيه لم يحدد فحوى القرار. وأضاف "لسنا بمفردنا. للحصول على قرار من مجلس الامن ينبغي تفادي لجوء عضو دائم الى الفيتو ومن ثم تأمين تسعة اصوات. نعمل مع اصدقائنا البريطانيين منذ ايام بل اسابيع لبلوغ هذه النتيجة".
وذكّر وزير الخارجية الفرنسية بأن فرنسا "حضت الرئيس بشار الاسد على التزام برنامج اصلاحي يأخذ تطلعات شعبه في الاعتبار. لكنه لم يستمع الينا، فبادرنا عندها الى ادانة واضحة لاستخدام العنف الدامي".
وبالنسبة الى عقوبات الاتحاد الاوروبي بحق 13 شخصية سورية، اقر جوبيه بأن فرنسا "لم تنجح في ادراج اسم الرئيس السوري على هذه اللائحة"، مضيفاً "لن نستسلم، نحن نواصل التحرك في هذا الاتجاه برغم تردد بعض شركائنا ان لم نقل رفضهم"، من دون ان يسمي هؤلاء الشركاء.
وفي الداخل السوري وبعد أنباء عن مقبرة جماعية في درعا نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية أنها عارية عن الصحة "جملة وتفصيلاً"، تمسكت "المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا" بوجود تلك المقبرة وقالت انه تم انتشال 24 جثة منها.
وأضافت انه "بعد اكتشاف جثامين 34 شخصا (أول من أمس) من مدينتي جاسم وانخل في حقول القمح المحيطة تم اليوم التعرف الى سبعة جثامين لأشخاص آخرين".
وأكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن المقبرة الجماعية التي أعلن اكتشافها في درعا تبين بعد التدقيق أنها مقبرة تخص عبد العزيز أبا زيد وأولاده الأربعة سامر ومحمد وسليمان وسمير.
وذكر مدير المرصد رامي عبدالرحمن الذي يتخذ من بريطانيا مقراً أن "أبا زيد وأولاده الأربعة فقدوا فجر يوم 25 نيسان (ابريل) الماضي حين اقتحم الجيش السوري مدينة درعا بعد أن غادروا منزلهم خوفاً من الاعتقال، وعلم المرصد من أقرباء أبا زيد أن الجيران أبلغوهم بوجود رائحة أموات في تل محمد القريب من منزل العائلة، فتوجهوا إلى المكان (صباح أول من أمس) وعثروا على جثمان أحد أبناء أبا زيد بعد أن حفروا قليلاً في كومة من التراب والقش وتعرفوا عليه من ملابسه".
وتابع عبدالرحمن أن أقرباء أبا زيد "ابلغوا الجهات المختصة في مدينة درعا وجاء فوج الأطفاء والنيابة وأخرج جثامين أبا زيد وأبنائه الأربعة الذين تم تسليمها لاحقاً الى عائلتهم، وساد غضب شديد بين أوساط المشيعين" بعد ظهر أول من أمس.
وفي سهل حوران قال نشطاء ان دبابات سورية دخلت أمس مدينة جنوبية بعد أن طوقتها خلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة. وأضاف نشطاء من المنطقة ان الجنود أطلقوا نيران مدافع رشاشة في الهواء مع دخول الدبابات وحاملات الجند المدرعة مدينة نوى التي يقطنها 80 ألف نسمة وتقع على بعد 60 كيلومترا إلى الشمال من مدينة درعا.
وقال ناشط أمس إن "القوات الآن تمشط الاحياء في نوى وتعتقل عشرات الرجال".
وقال مدافعون عن حقوق الانسان ان بلدتي إنخل وجاسم في الجنوب لا تزالان محاصرتين ايضا مضيفين ان الاعتقالات الجماعية متواصلة في سهل حوران ومناطق اخرى في سوريا.
وقال شهود فروا من تلكلخ إن الجثث تتناثر في شوارع البلدة السورية بعد ان تدخل مسلحون موالون للرئيس الاسد لسحق الاضطرابات. وقال اللاجئون الذين تحدثوا الى "رويترز" بعد فرارهم من بلدتهم، ان الهجوم بدأ بعد ان نظم سكان تلكلخ احتجاجات يوم الجمعة تدعو الى اطاحة الرئيس السوري.
وقال السكان ان عشر حافلات وصلت يوم السبت تحمل قوات امن بينها مجموعة غير نظامية تعرف باسم "الشبيحة" الذين يرتدون الملابس السوداء والاشرطة الحمراء. وأضاف السكان انه بحلول الاحد حاصرت دبابات البلدة وبدأ القصف.
وقال عمر وهو نجار سار لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة مع زوجته وطفليه اللذين يبلغان عاما الى بلدة البقيعة الحدودية اللبنانية يوم الاحد الماضي، إن "الدبابات والقناصة أطلقوا النار عشوائياً. دمروا منزلي. ودمروا خزان المياه. الشوارع غرقت بالمياه وتناثرت جثث القتلى".
وقال سكان من البلدة انهم لا يمكنهم احصاء الجثث في الشوارع لأنهم عندما يبرحون منازلهم يتعرضون لاطلاق النار.
ويقول مدافعون عن حقوق الانسان ان عشرات الاشخاص اعتقلوا منذ الاثنين وان قوات الاسد تطلق النار على عدة احياء في المدينة التي يسكنها 30 الفا.
وقالت جماعة لجان التنسيق المحلي الحقوقية نقلا عن شهود عيان ان عدة اشخاص قتلوا في هجوم أمس، مضيفة ان 12 مدنيا قتلوا بالفعل في قصف الجيش واطلاق نيران القناصة في الايام الثلاثة الماضية.
وسمع مراسل لـ"رويترز" على الجانب اللبناني من الحدود اطلاق نار وتمكن من مشاهدة دخان يتصاعد من قرية العريضة الواقعة بين تلكلخ والحدود.
وقالت احدى المقيمات في تلكلخ بالهاتف "لقد دمروا المنازل وقطعوا الكهرباء والمياه. المصابون يحتضرون بين ايدينا والقتلى متناثرون في الشوارع." واضافت انها تختبئ في قبو مع سبع اسر.
وقالت وكالة الانباء السورية (سانا) ان قوات الامن اشتبكت مع عناصر ارهابية مسلحة مطلوبة في تلكلخ امس، فقتلت عددا منهم واعتقلت اخرين وصادرت اسلحة وذخيرة وملابس عسكرية.
ونقلت عن مصدر عسكري قوله ان 15 عنصرا من قوات الامن اصيبوا.
ودعت المعارضة السورية الى اضراب عام اليوم.
وجاء في بيان نشر على موقع "الثورة السورية 2011" الذي شكل محرك حركة الاحتجاج التي انطلقت منتصف آذار (مارس) الماضي، أن اليوم "الأربعاء 18 أيار (مايو) سيكون يوم إضراب عام في سوريا".

(رويترز، يو بي أي، أ ف ب، سانا)


المصدر: جريدة المستقبل

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,590,376

عدد الزوار: 6,956,450

المتواجدون الآن: 75