تقارير...سياسة ترتيب الأولويات الأمريكية في مصر عقب الاحتجاجات.....قراءة الأحكام ضد جماعة «الإخوان المسلمين» في دولة الإمارات العربية المتحدة

هل سيزور أردوغان غزة؟....استبعاد حدوث انفراجة نووية في ظل ولاية روحاني....... الإرهاب الإيراني في ظل حكم الرؤساء "المعتدلين"

تاريخ الإضافة الخميس 4 تموز 2013 - 7:12 ص    عدد الزيارات 1885    القسم دولية

        


 

هل سيزور أردوغان غزة؟
فادي الحسيني
فادي الحسيني هو زميل باحث مشارك في "معهد دراسات الشرق الأوسط - كندا (ESRC)" ومرشح لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة سندرلاند في بريطانيا.
أعرب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مراراً وتكراراً على مدار العامين الماضيين عن رغبته في زيارة غزة. ولكن حتى قبل اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية في اسطنبول في أيار/مايو، اكتنف تلك الزيارة الغموض بسبب العديد من المخاوف السياسية واللوجستية، من بينها انقسام الكيان السياسي الفلسطيني والحاجة إلى موافقة مصرية وصعوبة تمخض أي شيء جوهري عن تلك الزيارة بخلاف مجموعة من إشارات حسن النية.
الخلفية
في عام 2006، كشفت الحكومة التركية النقاب عن علاقتها الرسمية بـ «حماس» عندما دعت رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، إلى أنقرة. وتبع تلك الزيارة زيارات أخرى قام بها العديد من مسؤولي «حماس» (على سبيل المثال، حضر مشعل الاجتماع الرئيسي لـ "حزب العدالة والتنمية" في عام 2012، ثم زار أنقرة مرة أخرى في أيار/مايو المنصرم بصحبة أحد زعماء الحركة اسماعيل هنية). وفي غضون ذلك، احتفظت تركيا بعلاقاتها التقليدية مع السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، الذي كان يزور البلاد بشكل متكرر.
وقد أعرب أردوغان عن رغبته في زيارة غزة أثناء زيارته إلى مصر خلال أيلول/سبتمبر 2011. وأعاد التأكيد على تلك الرغبة أثناء زيارته إلى برلين في تشرين الثاني/نوفمبر 2012. وفي عام 2013، أعاد ذكر هذه الفكرة مراراً وتكراراً: ففي آذار/مارس، قال إنه سيزور غزة الشهر القادم؛ وفي نيسان/أبريل، قال إن زيارته سوف تتم "في أواخر أيار/مايو"؛ وبعد لقائه مع الرئيس أوباما في الشهر نفسه (أيار/مايو)، قال إنه سيزور كلاً من غزة والضفة الغربية في نهاية حزيران/يونيو. وفي خضم تلك الإرجاءات، صرح أردوغان في التلفزيون التركي قائلاً "ليس هناك شك من حدوث تأخير في هذه الرحلة".
موقف الولايات المتحدة
أعربت واشنطن بوضوح عن اعتراضها على تلك الزيارة، حيث أشارت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية جين بساكي إلى أن الولايات المتحدة تعترض التعاطي مع «حماس»، "منظمة إرهابية أجنبية لا تزال قوة مزعزعة للاستقرار في غزة والمنطقة". وخلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى تركيا في نيسان/أبريل تحدثت التقارير أنه طلب من أردوغان إرجاء زيارته تخوفاً من أن تؤدي إلى إفساد الجهود الأمريكية الرامية إلى إحياء العلاقات التركية- الإسرائيلية ومحادثات السلام في الشرق الأوسط. وقد أثار الطلب اعتراضات تركية قوية، حيث قال وزير الخارجية أحمد داود أوغلو على سبيل المثال، "إن العامل الرئيسي لزيارة أردوغان إلى غزة لا يتعلق بما قاله كيري بل بمحادثات المصالحة بين الفلسطينيين".
الموقف الفلسطيني
أدانت السلطة الفلسطينية جميع الزيارات الرسمية إلى غزة التي قام بها زعماء أجانب، حيث قالت إنها لا تعمل سوى على تعميق الصدع الفلسطيني الداخلي. كما شدد الرئيس عباس على الحاجة إلى التمييز بين الدعم الإنساني والزيارات السياسية الرسمية، حيث إن الأخيرة تشير إلى أن غزة أصبحت كياناً منفصلاً عن الضفة الغربية.
وفيما يتعلق بتركيا، رد عباس على إعلانات أردوغان بتأكيده على ضرورة ألا يزور المسؤولون غزة للإعراب عن التضامن في وقت لا تزال فيه «حماس» و«فتح» منفصلتين. وفي المقابل، رحبت «حماس» بتلك الإعلانات وصورت الزيارة التركية بأنها استجابة طبيعية للحصار على غزة. وفي غضون ذلك، فإن الرأي العام الفلسطيني منقسم على نفسه.
ويرى بعض الفلسطينيين أن احتمالات وجود أردوغان في فلسطين تمثل فرصة نادرة. فأثناء حديثه إلى "وكالة الأنباء الألمانية" في نيسان/أبريل، قال نائب وزير خارجية «حماس» غازي حمد، "سوف تكون زيارة أردوغان حدثاً هاماً وتاريخياً لجميع الفلسطينيين". كما أعرب بعض الداعمين عن أن الرحلة يمكن أن تقلل من بعض القيود المفروضة على غزة وتساعد على "رفع الحصار"، كما تمت الإشارة إلى ذلك مراراً وتكراراً من قبل إسماعيل هنية ومسؤولين آخرين من «حماس». بيد يرى آخرون أن تواجد أردوغان في غزة يمكن أن يساعد على رأب الصدع بين «فتح» و«حماس».
ومع ذلك، يرى بعض الفلسطينيين أن الصراحة المطلقة لإعلانات أردوغان تعتبر دعماً وليداً لإعلان كيان مستقل جديد في غزة، ومن ثم انتهاك للقضية الوطنية الفلسطينية. وقد أعرب العديد من مسؤولي السلطة الفلسطينية عن هذا التخوف، من بينهم الرئيس عباس نفسه عندما أعرب عن إستيائه من الزيارات السياسية إلى غزة. وفي الواقع أن فكرة الميل الواضح لدى أردوغان وحزبه الحاكم تجاه «حماس» أصبحت واسعة الانتشار. وكما أشار الكاتب الفلسطيني حسام الدجني، تعتقد حركة «فتح» أن قيام زيارة من قبل شخصية تركية على مستوى رئيس الوزراء هي إشارة دعم فاضح لـ «حماس» وتعزيز حكم وسياسات الحركة.
وقد وصف معارضون آخرون الزيارة المزمعة بأنها "انتخابية" تهدف إلى الحصول على تأييد الرأي العام في تركيا، بدلاً من بذل جهد حقيقي لتحقيق نتائج ملموسة في غزة. وفي مقابلة مع قناة "الجزيرة" في 20 نيسان/أبريل، أكد مسؤول «فتح» يحيى رباح أن "قيام مثل هذه الزيارات إلى غزة تهدف إلى الحصول على الدعاية الشخصية وليس لها أي مضمون سياسي"، سواء من حيث "رفع الحصار" أو إحداث "مصالحة فلسطينية."
المسائل اللوجستية
يجب أن تتم أية زيارة إلى غزة عن طريق مصر، حيث إن إسرائيل تتحكم في الحدود البرية الأخرى وكذلك الحدود البحرية. إن الحصول على موافقة القاهرة يمكن أن يكون أمراً صعباً، إذ أن مصر ترى نفسها قائداً طبيعياً للعالم العربي وتؤمن بأن تركيا تحاول استعراض عضلاتها ضمن مجال النفوذ المصري التقليدي في المنطقة.
وعلاوة على ذلك، فإن الحاجة إلى موافقة مصر انطبقت على جميع الرحلات رفيعة المستوى التي أجريت سابقاً إلى غزة، بما في ذلك الزيارات التي قام بها أمير دولة قطر، ورئيس وزراء ماليزيا، ورجل الدين ذو التأثير الواسع يوسف القرضاوي. وكان من المقرر أن يزور الرئيس التونسي في كانون الثاني/يناير لكن زيارته ألغيت بناء على طلب السلطة الفلسطينية. وفي شباط/فبراير صرح الرئيس الإيراني المنتهية ولايته محمود احمدي نجاد أنه يود زيارة غزة "إن تم السماح له" عقب زيارته إلى مصر، غير أن ذلك التصريح لم يتحقق على أرض الواقع.
ما الذي يمكن أن يحققه اردوغان؟
نظراً لأن الزيارات التي قام بها مسؤولون أجانب آخرون إلى غزة لم تحقق سوى النذر اليسير من النتائج أو لم تحقق أية نتائج على الإطلاق، يرجح أن يكون هدف أردوغان هو ضمان أن تبرز زيارته وضع تركيا الجديد في المنطقة. بيد أن هذا لا يمكن أن يحدث ما لم تتمخض عن زيارته نتائج مؤثرة باستثناء خطابات التضامن والتعهدات بالتمويل.
وحتى الآن، فإن هدفه المعلن من الزيارة هو تعزيز المصالحة الفلسطينية وعدم "احتضان" فصيل سياسي واحد على حساب الآخر. كما أنه صرح بالفعل عن عدم توقع إحراز أي تقدم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين دون قيام مصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس». وتحقيقاً لتلك الغاية، يرى بعض المراقبين أنه قد يحث «حماس» على قبول الشروط التي وضعتها "اللجنة الرباعية الدولية" (أي الأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا) للاعتراف بالشرعية السياسية للجماعة. ويدعم هذه الفرضية حقيقة أن أردوغان طلب من مبعوث "اللجنة الرباعية" توني بلير إشراك «حماس» في مفاوضات السلام في عام 2010. وهذا الموقف ينسجم مع تعليقات المسؤولين الأتراك الذين برروا زيارة خالد مشعل لأنقرة في عام 2006، حيث قالوا إنها تمثل فرصة لحث «حماس» على جملة أمور من بينها نبذ العنف ضد إسرائيل.
وهناك احتمالات أخرى من بينها ما يلي:
·     إذا قرر أردوغان زيارة الضفة الغربية كذلك، سوف يقول بعض المراقبين إنه كان يحاول فقط إرضاء واشنطن. بيد قد تكون لديه أسبابه الخاصة للإصرار على تلك الزيارة الجانبية، والتي تتمثل تحديداً في الحفاظ على علاقة تركيا مع السلطة الفلسطينية. وهذا يعني دخول الضفة الغربية أولاً حيث يستقبله الرئيس عباس ثم السفر إلى غزة بعد ذلك -- وهو البروتوكول الصحيح إذا أرادت أنقرة إظهار نظرها إلى الفلسطينيين باعتبارهم كياناً موحداً وإلى رئيس السلطة الفلسطينية باعتباره رئيس الدولة.
·     يفترض أن يشمل أي سفر بين الضفة الغربية وقطاع غزة رحلة قصيرة بالطائرة أو السيارة عبر إسرائيل، مما يزيد من فرص توقف أردوغان للقاء المسؤولين الإسرائيليين.
·     وقد يرجئ أردوغان خططه إلى ما بعد المصالحة الفلسطينية بحيث يستطيع القيام بزيارته إلى جانب الرئيس عباس. ففي 22 نيسان/أبريل، صرح وزير الخارجية داود أوغلو بأنه "إذا وافق الفلسطينيون، فمن الممكن أن يذهب [أردوغان] إلى غزة مع عباس". وقدم عباس نفس الاقتراح أثناء زيارته في منتصف أيار/مايو إلى القاهرة، حيث قال: "في حالة تحقق المصالحة الوطنية الفلسطينية، نستطيع زيارة غزة مع أردوغان".
·     يمكن أن يخضع أردوغان للضغوط الأمريكية ويلغي زيارته كلية. فقد أكد المسؤولون الأمريكيون والأتراك على حد سواء على أهمية علاقاتهم الثنائية، واصفين إياها بأنها "نموذج للتعاون". كما يمكن أن يتأثر أردوغان بعلاقته الشخصية القوية مع أوباما (على سبيل المثال، في مقابلة مع مجلة "تايم" الأمريكية في كانون الثاني/يناير 2012، وصف أوباما رئيس الوزراء التركي بأنه أحد خمسة زعماء أجانب أقام معهم "أواصر ثقة").
 الخلاصة
في ضوء مصلحة أردوغان في الحفاظ على علاقات طيبة مع واشنطن والسلطة الفلسطينية و«حماس»، يستطيع المرء أن يستنتج أن أية خطط لزيارة غزة معرضة للتأجيل إلى أجل غير مسمى، لا سيما في ضوء الاضطرابات الداخلية الأخيرة التي تشهدها تركيا. لقد تم إرجاء الزيارة بالفعل مرات عديدة، وفي النهاية، قد تقرر أنقرة الانتظار إلى حين إتمام المصالحة بين «فتح» و«حماس» قبل اتخاذ مسار ثابت.
 
استبعاد حدوث انفراجة نووية في ظل ولاية روحاني
نعمة جيرامي
نعمة جيرامي هو زميل باحث في "مركز دراسات أسلحة الدمار الشامل" في "جامعة الدفاع الوطني" الأمريكية. الآراء الواردة في هذه المقالة تخص الكاتب ولا تعكس السياسة الرسمية أو موقف "جامعة الدفاع الوطني" أو وزارة الدفاع أو الحكومة الأمريكية.
على عكس الاعتقاد السائد بأن القادة الإيرانيين توحدوا منذ فترة طويلة حول البرنامج النووي، إلا أن المسألة في حقيقة الأمر كانت ولا تزال موضوعاً لعدة مناقشات قوية (وإن غير ظاهرة). وبعد أن أصبح محمود أحمدي نجاد رئيساً في عام 2005، قال المحافظون الإيرانيون إن المفاوضات النووية كانت بمثابة خيانة للقيم الثورية التي تكمن في صميم الجمهورية الإسلامية. بيد، حذر البراغماتيون والإصلاحيون من أنه في حالة إحالة الحكومات الغربية لقضية إيران النووية إلى مجلس الأمن الدولي، فإن ذلك قد يؤدي إلى مزيد من المواجهات التي يمكن أن تهدد بقاء النظام.
وفي سبيل توطيد القاعدة المحافظة، حوَّل أحمدي نجاد المسألة النووية إلى واقي ضد نشوء النزاعات بين الفصائل وعمل -- بدعم من المرشد الأعلى علي خامنئي -- على تهميش خصومه السياسيين بشكل منهجي. وشملت أهدافه كلا الرئيسَيْن السابقيْن أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، وهما حليفان رئيسيان للرئيس الجديد المنتخب حسن روحاني، الذي ترأس لسنوات فريق التفاوض النووي الإيراني قبل فوز أحمدي نجاد.
ومع ذلك، حدث انحراف مثير عن هذا النهج في عام 2009: فقد دعم أحمدي نجاد اقتراحاً بإرسال يورانيوم إيران المخصب بنسبة 20 في المائة إلى الخارج بحيث يمكن تحويله إلى وقود لـ "مفاعل طهران البحثي" في إجراء متواضع لبناء الثقة، لكن خامنئي رفضه في نهاية المطاف. وبعد انهيار ذلك الاتفاق، غيّر كبير المفاوضين النوويين خلال ولاية أحمدي نجاد، سعيد جليلي، موقفه ليصبح مناصراً لأدبيات "المقاومة" التي يفضلها المرشد الأعلى. لكن عندما خاض جليلي الانتخابات الرئاسية هذا العام كمرشح محافظ ، وجه مرشحون آخرون انتقادات حادة لمنهجه في المقاومة، شملت تقديم روحاني أوضح البدائل: طريق "الاعتدال والعدالة، وليس التطرف". و يشير انتصار روحاني المفاجئ إلى أن أسلاف أحمدي نجاد الذين كانوا مهمشين يوماً ما أصبحوا مرة أخرى على رأس نخبة إيران الحاكمة.
"الشيخ الدبلوماسي" لإيران
يعتبر روحاني سياسي مخضرم ومطّلع على أسرار النظام، وفي الوقت نفسه موالي للمرشد الأعلى، وتربطه علاقة وثيقة مع رفسنجاني -- المنافس السياسي الرئيسي لخامنئي. على سبيل المثال، عمل روحاني لمدة اثنين وعشرين عاماً في "مجلس تشخيص مصلحة النظام"، وهو هيئة استشارية ترأسها رفسنجاني لمدة طويلة. وقبل الانتخابات، ترأس "مركز الأبحاث الاستراتيجية"، وهو مؤسسة بحثية لشؤون السياسة الخارجية مركزها في طهران، كان "مجلس تشخيص مصلحة النظام" قد ضمها إليه رسمياً ومعروف عنها جيداً بأنها محسوبة على رفسنجاني. وهذا لا يعني أن روحاني يُكنُّ عداءً للمرشد الأعلى: فهو عضو في "المجلس الأعلى للأمن القومي" منذ عدة سنوات، حيث يشغل منصب الممثل المعين شخصياً من قبل خامنئي. كما أنه عضو في "مجلس الخبراء" -- الهيئة المكلفة بانتخاب وتنحية المرشد الأعلى.
وربما يُعرَف روحاني بصورة أفضل من خلال شغله منصب كبير المفاوضين النوويين أثناء رئاسة خاتمي، حيث اكتسب لقب "الشيخ الدبلوماسي" بفضل تعامله الحاذق مع المسألة أثناء المفاوضات التي امتدت لمدة طويلة مع دول E-3 (فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا) في الفترة 2003-2005. ووفقاً لمذكرة روحاني "الأمن القومي والدبلوماسية النووية" الصادرة باللغة الفارسية في عام 2011، كانت "هيئة الطاقة الذرية الإيرانية" مسؤولة عن الإشراف والتنفيذ الفني للمنشآت النووية قبل عام 2003 -- وهذا يعني أنه لم تكن لدى النظام حاجة لتعيين مسؤول عن القضية النووية إلى حين ما بعد الكشف العلني عن الأنشطة النووية السرية في عام 2002. ويوضح روحاني:
"في بداية التوترات والضغوط الدولية، واجهت إيران تحديات داخلية حادة بشأن الخطوات التي يلزم اتخاذها بخصوص الأزمة السياسية السلبية التي تحيط بالمسألة النووية. ففي آب/أغسطس 2002، عقدت منظمة «مجاهدي خلق» [جماعة إيرانية معارضة] مؤتمراً صحفياً صرحت فيه بأن إيران كانت لديها مرافق نووية سرية في ناتانز وآراك وكانت تستخدمها لإنتاج قنبلة ذرية...وفي ضوء هذه الضغوط والدعاية السياسية كانت لدى «المجلس الأعلى للأمن القومي» آراء حول كيفية التعامل مع المسألة تختلف عن تلك التي التزمت بها «هيئة الطاقة الذرية الإيرانية» ووزارة الخارجية. وكانت «هيئة الطاقة الذرية الإيرانية» ترى أن المسألة لا تمثل أهمية ولن تكون لها تبعات خطيرة على إيران. ورأت وزارة الخارجية أنه ستكون للوضع عواقب وخيمة."
وبحلول صيف 2003، قررت إيران أن التدقيق العام المتزايد لأنشطتها النووية يتطلب تدخلاً نشطاً من قبل "المجلس الأعلى للأمن القومي"، الذي ترأسه آنذاك حسن روحاني. وأُنيطت بالمجلس مهمة قيادة اجتماعات منتظمة ين الوكالات والتعامل مع السياسات المرتبطة بالمسألة النووية. وفي غضون ذلك، أصر خامنئي على أن يشغل روحاني المنصب الجديد وهو كبير المفاوضين النوويين، حيث عُهدت إليه مسؤولية ابتكار إطار عمل جديد للدبلوماسية النووية.
وفي ظل رعاية روحاني، قام "المجلس الأعلى للأمن القومي" بتأسيس هيكل هرمي لصنع القرارات النووية، مع لجان على مستويات المدراء والنواب والوزارات. وقد كانت استراتيجية المجلس بسيطة وهي: استغلال الفجوات بين الولايات المتحدة وأوروبا، والحيلولة دون قيامهم بإحالة قضية إيران النووية إلى مجلس الأمن الدولي، والعمل في الوقت ذاته على تعزيز قدرات دورة الوقود النووية الخاصة بالنظام. وكما أكد روحاني في خطاب له أمام "المجلس الأعلى للثورة الثقافية " في عام 2004 قائلاً "بينما كنا نتحدث مع الأوروبيين في طهران، قمنا بتركيب معدات في أجزاء من منشأة [تحويل اليورانيوم] في أصفهان، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل جداً لإكمال المشروع. وفي الواقع أنه من خلال خلق بيئة هادئة، تمكنا من إتمام العمل في أصفهان".
قدرة محدودة على تشكيل الاستراتيجية النووية
رغم كون روحاني أحد مستشاري خامنئي في الشؤون النووية الذين يحوزون على ثقة خامنئي، إلا أنه طالما أثبت أنه غير قادر على تغيير طريقة التفكير الراسخة للمرشد الأعلى حول هذه المسألة. ووفقاً لمذكرات روحاني، فإن "من بين إحدى أكبر المشاكل في [إيران] أن البيئة السياسية الداخلية أحياناً ما تعيقنا عن اتخاذ الإجراءات اللازمة حول قضايا دولية ووطنية هامة". وبمعنى آخر، فإن عملية صنع القرارات النووية تكون غير فعالة إذا كانت مقيدة من قبل السياسات الداخلية المعقدة والسلبية البيروقراطية التي يتبعها النظام.
وتشمل هذه العوائق قيوداً صارمة على الفرع التنفيذي للسلطة -- وهي معضلة أوضحتها رواية روحاني حول محاولاته إصلاح علاقات إيران العاصفة مع الولايات المتحدة وفي الوقت نفسه إنقاذ المفاوضات النووية من ضغوط "الشجار السياسي والدعاية وغياب علاقات العمل بين المسؤولين الإيرانيين" في الداخل. وعند مناقشة تعليق إيران الطوعي لأنشطة التخصيب أثناء مفاوضات E-3 في الفترة 2003-2005، زعم روحاني أن غياب العلاقات الدبلوماسية للنظام مع واشنطن كان "مشكلة جوهرية" حالت دون حل القضية النووية. فقد تخلى المرشد الأعلى عن المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة في ذلك الحين، ولم يكن أمام روحاني من خيار سوى السمع والطاعة.
وبعد ذلك، في نيسان/أبريل 2005 -- قبل أربعة أشهر من تولي أحمدي نجاد السلطة -- أصدر خامنئي تعليمات باستئناف أنشطة تحويل اليورانيوم في أصفهان، الأمر الذي أبطل فعلياً قرار التعليق الذي تفاوض عليه روحاني مع دول E-3 في إطار "اتفاق باريس" من تشرين الثاني/نوفمبر 2004. وقد حاول روحاني إقناع المرشد الأعلى بأن تبعات وقف قرار التعليق ستكون باهظة جداً. ولكن خامنئي غض الطرف عن تحذيره. وذكر روحاني، "قرر المرشد الأعلى تدشين المنشأة لأنه لم تكن قد اتضحت بعد هوية الرئيس القادم، وربما كان سبب ذلك لأنه قد يكون من الصعب التراجع عن قرار التعليق خلال فترة الإدارة القادمة".
ماذا نتوقع من سياسة إيران النووية في ظل رئاسة روحاني
تشير خلفية الرئيس المنتخب الجديد عن هذه المسألة إلى أمرين رئيسيين بالنسبة لسياسة إيران النووية في المرحلة القادمة. أولاً، أن خفض العقوبات الاقتصادية الحالية ومنع فرض عقوبات جديدة سيكون الركيزة الجوهرية لإدارة روحاني. وفي سبيل تحقيق ذلك الهدف، سوف تسعى طهران إلى إعطاء انطباع شكلي بـ "الصراحة" و"المزيد من الشفافية". وفي مؤتمره الصحفي الأول كرئيس منتخب، قال روحاني إن "عهد تعليق [التخصيب] قد ولّى"، لكن كتاباته تشير أيضاً إلى أن الخيار الأمثل لإيران هو اتباع تدابير لبناء الثقة وطمأنة المجتمع الدولي إلى أن البرنامج النووي هو لأغراض سلمية فقط ويجب شطبه من جدول أعمال مجلس الأمن.
ثانياً، سوف يتخلى روحاني عن منهج أحمدي نجاد القائم على "التوجه إلى الشرق" لتعزيز الدبلوماسية النووية، حيث سيركز بدلاً من ذلك على زيادة التفاعل مع الولايات المتحدة ودول E-3 وغيرها. وربما يسعى كذلك إلى الوئام مع المملكة العربية السعودية من أجل إعادة الدفء إلى العلاقات مع دول الخليج الفارسي المجاورة. ورغم أن ذلك قد يكون أمراً صعباً في ضوء دور إيران في الأزمة السورية، إلا أن حرص روحاني على خلق علاقات بنّاءة وتحجيم المعارضة الإقليمية لإيران سوف يجعلان دول الخليج تأتي على قمة أولويات سياساته الخارجية.
وسواء باستطاعة روحاني المناورة عبر حقل الألغام السياسية الداخلية في إيران لتحقيق وعود حملته الانتخابية هي مسألة مفتوحة. ولكن دون حدوث تغيير في العقلية النووية لخامنئي، فمن غير المرجح أن يكون روحاني -- سواء كان "شيخاً دبلوماسياً" أم لا -- قادراً على إبرام اتفاق ينهي المسرحية النووية المستمرة.
 
 الإرهاب الإيراني في ظل حكم الرؤساء "المعتدلين"
ماثيو ليفيت
ماثيو ليفيت هو مدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن.
جرى التسويق على نطاق واسع لفوز حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية الإيرانية على أنه تصويت احتجاجي ضد المتشددين ونافذة أمل لحدوث انفراجة دبلوماسية مع القوى الغربية. إلا أن هذه الفرضيات تحتم طرح السؤال التالي: ما مقدار الاعتدال الذي ينبغي توقعه من رئيس إيراني "معتدل"، لا سيما فيما يتعلق برعاية الدولة للإرهاب؟ تشير السوابق الماضية إلى ضرورة التخفيف من التوقعات وعدم المبالغة فيها.
بطاقة تقرير الإرهاب لرفسنجاني
لا يعتبر روحاني أول إيراني "معتدل" يفوز بالرئاسة. فقد كان أكبر هاشمي رفسنجاني الذي انتخب في عام 1989 يوصف مراراً وتكراراً بأنه معتدل هو الآخر. غير أنه وفقاً للاستخبارات الأمريكية، فإنه قد أشرف على سلسلة طويلة من المؤامرات الإرهابية أثناء فترة ولايته التي دامت ثماني سنوات.
وقد ربطت "وكالة الاستخبارات المركزية" الأمريكية رفسنجاني بمؤامرات إرهابية في مطلع عام 1985، عندما كان متحدثاً للبرلمان. وفي 15 شباط/فبراير 1985، أشارت تقديرات الوكالة إلى أن "الإرهاب الذي ترعاه إيران كان التهديد الأكبر على الأفراد والمنشآت الأمريكية في الشرق الأوسط...فقد زاد معدل الهجمات المدعومة من إيران بنسبة 30 بالمائة في عام 1984، كما فاقت أعداد القتلى في الهجمات التي رعتها إيران أعداد جميع الضحايا في الهجمات التي نفذها جميع رعاة الإرهاب الآخرين. وقد تورط كبار القادة الإيرانيين في تلك الهجمات الإرهابية الإيرانية مثل آية الله منتظري...ورئيس الوزراء [مير حسين موسوي] والمتحدث باسم المجلس الاستشاري رفسنجاني".
في آب/أغسطس 1990، أعدت "مديرية المخابرات العامة" التابعة لـ "وكالة الاستخبارات المركزية" تقييماً متعمقاً تحت عنوان "الدعم الإيراني للإرهاب: بطاقة تقرير لرفسنجاني". ووفقاً لما ذكرته الوكالة، فإن رعاية النظام للأنشطة الإرهابية استمرت بدون تراجع منذ وفاة آية الله الخميني في حزيران/يونيو الماضي: "ورغم أن رفسنجاني سعى لتحسين العلاقات مع بعض الدول الغربية منذ أن تولى الرئاسة بشكل مباشر في آب/أغسطس الماضي، فإن أحداث السنة الماضية تشير إلى أن طهران لا تزال تنظر إلى الاستخدام الانتقائي للإرهاب على أنه أداة مشروعة". إن الهجمات الإرهابية الإيرانية التي استهدفت "أعداء النظام" على مدار السنة الماضية "يرجح أنها حظيت بالموافقة مسبقاً من الرئيس رفسنجاني وغيره من كبار القادة"؛ ويستمر التقرير في تقييم الوضع ويشير إلى أنه رغم ذلك فـ "من المرجح أن يخضع تخطيط وتنفيذ هذه العمليات ... لإدارة كبار المسؤولين الآخرين، معظمهم حلفاء لرفسنجاني أو أشرف على تعيينهم". وقد خلص تقرير "وكالة الاستخبارات المركزية" إلى أن "رفسنجاني و[المرشد الأعلى] خامنئي سوف يراقبان عن كثب ويعتمدان التخطيط لتنفيذ هجوم ضد المصالح الأمريكية أو الغربية".
وفي رؤيتهم المستقبلية أشار محللو "وكالة الاستخبارات المركزية" إلى أن "رفسنجاني وغيره من القادة الإيرانيين سوف يواصلون استخدام الإرهاب بشكل انتقائي كأداة للسياسة الخارجية من أجل ترويع خصوم النظام ومعاقبة أعداء الإسلام والتأثير على القرارات السياسية الغربية" في عام 1990. وبعدها بعامين، اتضح أن تلك التقييمات كانت بعيدة الأفق. ففي عام 1992، سجلت "وكالة الاستخبارات المركزية" قائمة طويلة من الأنشطة الإرهابية الإيرانية، بدءً من الهجمات ضد المسؤولين الإسرائيليين والسعوديين والأمريكيين في تركيا وانتهاءً بمؤامرات استهداف المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتي السابق والمنشقين المناهضين للنظام في الخارج. كان الحدث الأكثر إثارة للاهتمام هو تفجير السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس (الذي تم بمساعدة «حزب الله» -- الوكيل اللبناني للنظام) عام 1992 والاغتيال العلني لأربعة منشقين إيرانيين في مطعم ميكونوس في برلين خلال العام نفسه.
وبعد ذلك قضت أعلى محكمة جنائية في ألمانيا برفض المزاعم التي ادعت بأن هجوم ميكونوس أشرف على تنفيذه "مستقلون"، وتوصلت في حكمها عام 1997 بأنه "قد [تم] تنفيذ عملية الاغتيال بصورة أكبر من خلال مشاركة القوى في إيران". وعن طريق تحديد رفسنجاني والمرشد الأعلى نفسه كمهندسي المؤامرة، خلصت المحكمة إلى أن "السلطات الإيرانية لا تسمح فقط بقيام هجمات إرهابية في الخارج...بل إنها تعمل أيضاً على تنفيذ تلك الهجمات". وأضافت المحكمة في قرارها إلى أنه متى واجه النظام معارضة سياسية فإن الحل البسيط الذي كان يلجأ إليه هو "تصفية" خصومه.
ثم سرعان ما قامت إيران و «حزب الله» بتنفيذ هجوم آخر في الأرجنتين. ووفقاً للمحققين المحليين، اتخذت مجموعة فرعية من "المجلس الأعلى للأمن القومي" الإيراني (لجنة العمليات الخاصة) قراراً نهائياً بالموافقة على تفجير مركز الجالية اليهودية في بوينس آيرس ("آميا") في الأرجنتين عام 1994. وقد ذكرت التقارير أن ذلك الاجتماع شمل خامنئي ورفسنجاني ووزير الاستخبارات علي فلاحيان ووزير الخارجية علي أكبر ولايتي. كما حضر الاجتماع عميلا الاستخبارات الإيرانيان محسن رباني وأحمد أصغري، اللذين كانا على معرفة مباشرة بالأرجنتين وأسديا المشورة إلى اللجنة بشأن تحديد الأهداف وشبكات الدعم اللوجستي والاستخباراتي المحلي التي يمكن استخدامها لتسهيل الهجوم والبيئة السياسية والأمنية في البلاد في ذلك الوقت.
"أبراج الخُبر": حالة دلالية
قبل سبعة عشر عاماً في هذا الأسبوع، اتحد عملاء إيرانيون مع عناصر لبنانيين وعملاء لـ «حزب الله» في السعودية لتفجير مجمع الإيواء العسكري "أبراج الخُبر" في المحافظة الشرقية للمملكة العربية السعودية. وقد أدى التفجير، الذي كان يعد أكبر هجوم غير نووي مسجل حتى ذلك الحين (حيث شعر به السكان في البحرين على بعد عشرين ميلاً)، إلى مقتل 19 من أفراد "سلاح الجو الأمريكي" وجرح 372 آخرين، إلى جانب العديد من المدنيين السعوديين ومواطنين لدول أخرى.
وقد وقعت مؤامرة الخبر أثناء تولي رفسنجاني الرئاسة وشغل روحاني منصب سكرتير "المجلس الاعلى للامن القومي". وعقب تحقيق واسع النطاق أجراه "مكتب التحقيقات الفيدرالي" في الولايات المتحدة، أدانت محكمة فيدرالية أمريكية في النهاية ثلاثة عشر شخصاً من «حزب الله» السعودي الذي ترعاه إيران وعميل غير محدد الهوية من «حزب الله» اللبناني أشير إليه باسم "فلان الفلاني".
وقد أشارت الاستخبارات والطب الشرعي وإفادات المشتبه بهم المحتجزين، إلى إيران. ووفقاً لتصريح مدير "مكتب التحقيقات الفيدرالي" لويس فريه، "اعترف منفذو التفجير بأنهم تلقوا تدريبات على يد "جهاز الأمن الخارجي الإيراني" ("فيلق الحرس الثوري الإسلامي") في وادي البقاع وتلقوا جوازات سفرهم في السفارة الإيرانية في دمشق، إلى جانب 250,000 دولار نقداً من العملية حصلوا عليها من الجنرال من "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" أحمد شريفي. وفي شهادته لاحقاً قال فريه أن "الهجوم تم بتخطيط وتمويل ورعاية القيادة العليا في حكومة الجمهورية الإيرانية، وأن "فيلق الحرس الثوري" الإيراني كان المسؤول عن تنفيذ ذلك المخطط" وأنه قد تم تنفيذه "من خلال الاستعانة بمنظمة «حزب الله» السعودية وأعضائها".
استمرار رعاية الإرهاب في ظل ولاية خاتمي
في أيار/مايو 1997، انتُخب محمد خاتمي ليصبح الرئيس الخامس لإيران بعد تقديم برنامج إصلاحي مميز أثناء حملته الانتخابية. وكان أنصار الحركة الراديكالية الإيرانية، ومن بينهم زعيم «حزب الله» حسن نصر الله، يؤيدون بقوة خصم خاتمي صاحب النزعة العلنية الأكثر ثورية، علي أكبر ناطق نوري.
وفي مذكرة بتاريخ كانون الأول/ديسمبر 1997، أكدت "وكالة الاستخبارات المركزية" أن قادة «حزب الله» أُصيبوا بالصدمة جراء فوز خاتمي "وكافحوا من أجل ضمان ألا يضعف انتخابه من دعم إيران" للجماعة. بيد أنه سرعان ما ثبت أن مخاوفهم لا أساس لها، عندما زار نصر الله طهران في تشرين الأول/أكتوبر 1997، إذ تعهد خاتمي وغيره من المسؤولين الإيرانيين بالاستمرار في تقديم الدعم مؤكدين على أن النظام لم يغير موقفه بشأن الجماعة أو عملياتها ضد إسرائيل. وبحسب مذكرة "وكالة الاستخبارات المركزية" فإن خاتمي "ينضم على الأرجح إلى غيره من القادة الإيرانيين الذين يقولون إن الدعم لـ «حزب الله» يعد جانباً جوهرياً من جهود طهران لتوطيد وضعها كقائد للعالم الإسلامي وراعي للمضطهدين".
والأهم من ذلك أن تقديرات "وكالة الاستخبارات المركزية" أشارت إلى أنه لم يكن بإمكان خاتمي سحب رعاية إيران لـ «حزب الله» حتى لو أراد ذلك. وكما ورد في المذكرة، فإن خاتمي "لا يمتلك على الأرجح سلطة إجراء مثل هذا التغيير بدون موافقة خامنئي، الذين كان منذ فترة طويلة أحد الأنصار الرئيسيين للجماعة".
الخاتمة
إن حقيقة فوز المرشح الأقل راديكالية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران أثارت حماسة العديد من المراقبين بشأن احتمالية انتهاج عملية أكثر اعتدالاً لصنع القرارات في طهران. بيد أنه بغض النظر عن الطريقة التي قد تؤثر بها انتخابات روحاني على المعضلة النووية، فإن تاريخ الجمهورية الإسلامية يشير إلى أن [انتخاب] رؤساء "معتدلين" أو "إصلاحيين" لا يعني حدوث اعتدال في رعاية إيران للإرهاب. وحتى لو كان روحاني يميل إلى كبح جماح تلك السياسات، إلا أنه لا توجد أدلة بأنه يمتلك السلطة لفعل ذلك بدون موافقة المرشد الأعلى، وهو أمر يبدو مستبعداً جداً في الوقت الحالي.
 
سياسة ترتيب الأولويات الأمريكية في مصر عقب الاحتجاجات
اريك تراجر
إريك تراجر هو زميل الجيل القادم في معهد واشنطن.
جاءت الاحتجاجات الجماهيرية في الثلاثين من حزيران/يونيو ضد جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، والتي أوردت التقارير أنها من بين الأكبر في التاريخ الحديث، لتمثل منعطفاً خطيراً للسياسة الأمريكية. ففي حين أن إدارة أوباما تنظر حتى الآن إلى صعود الرئيس محمد مرسي من خلال انتخابات حرة ونزيهة نسبياً كخطوة هامة نحو ترسيخ الديمقراطية في مصر، إلا أن تزايد الغضب الشعبي الهادر ضد الحكومة الإسلامية يمثل رسالة تذكير هامة بأن الانتخابات وحدها لا تستطيع أن تفضي إلى الاستقرار. لذا ينبغي على واشنطن أن تحاول الحد من الأضرار التي ستلحق بمؤسسات الدولة في مصر.
وتعكس الاحتجاجات مشاعر الإحباط العميقة والواسعة النطاق التي يشعر بها المصريون تجاه إدارة مرسي للفترة الانتقالية عقب مرحلة ما بعد مبارك. فأسلوبه غير الشامل في الحكم -- الذي اتسم بالإعلان الدستوري من 22 تشرين الثاني/نوفمبر الذي منح نفسه بمقتضاه صلاحيات تنفيذية مؤقتة مطلقة، وتمريره لاحقاً لدستور إسلامي عنوة -- دفع نشطاء المعارضة إلى الدعوة للإطاحة به منذ شهور. ومع تردي الأوضاع في الدولة بشكل كبير (مثل طوابير الغاز التي تمتد لساعات والانقطاعات اليومية المتكررة في الكهرباء وارتفاع أسعار المواد الغذائية والفراغ الأمني ​​الخطير) اكتسبت الحملة للإطاحة به من السلطة قوة دافعة وزخماً من قبل كتلة حاسمة من المصريين، وذلك ما عكسه حجم المظاهرات واسعة النطاق التي عمت أنحاء الجمهورية في الثلاثين من حزيران/يونيو.
وفي حين أنه لا توجد آلية قانونية لعزل مرسي من السلطة، إلا أنه أصبح الآن رئيساً شكلياً فقط. فهو لا يكاد يحظى بسيطرة تذكر على الشرطة إن كانت له سيطرة كهذه على الإطلاق، وهو ما دللت عليه مشاركة ضباط الشرطة في مظاهرات الثلاثين من حزيران/يونيو ورفض وزارة الداخلية حماية مقار جماعة «الإخوان»، والتي قام المتظاهرون بإحراقها لاحقاً. وخلال الأسابيع الأخيرة، أشار الجيش مراراً وتكراراً إلى استقلاله من خلال الإلماح إلى أنه قد يتدخل إذا شكلت الاضطرابات تهديداً على مؤسسات الدولة الحيوية، رغم أن الجنرالات لا يزالون مترددين تجاه اتخاذ هذه الخطوة. إن استمرار الاحتجاجات الجماهيرية سوف يُضعف المؤسسات المصرية بشكل أكبر، مما يجعلها أقل استجابة للرئيس الذي يُنظر إليه حالياً على نطاق واسع على أنه فقد شرعيته.
إن عكس هذا الانهيار في سلطة الدولة لن يحدث بين عشية وضحاها، وربما يستغرق سنوات في واقع الأمر. وعلى المدى القريب، ينبغي على واشنطن أن تجري تحليلاً لترتيب الأولويات وأن تقيِّم الأسلوب الذي يمكن به أن تستغل نفوذها للحد من الأضرار، وهو ما يعني تيسير سبل التوصل إلى نهاية سلمية للاحتجاجات بأسرع ما يمكن. وفي سبيل تحقيق تلك الغاية، ينبغي على إدارة أوباما أن تحث مرسي على الاستجابة لمطالب الجماهير المشروعة من خلال الأفعال وليس مجرد الكلمات. كما ينبغي لها أن تخبره أنه رغم فوزه بالسلطة عن طريق الانتخابات، إلا أنه في موقف شبيه بموقف مبارك منذ عامين، فضلاً عن أن عجزه عن تلبية مطالب الجماهير الحاشدة المنتقدة له الآن سوف يزيد من سقف المطالب بطرده من السلطة ويجعله غير قادر على الاستمرار في منصبه كرئيس للبلاد.
وأخيراً، يتعين على الإدارة أن تخبر مرسي بعبارات لا يكتنفها الغموض بأن العنف ضد المحتجين هو الخط الأحمر بالنسبة للولايات المتحدة. فإذا ردت كوادر «الإخوان» أو حلفاؤهم الإسلاميون على المظاهرات بالعنف، كما حدث في كانون الأول/ديسمبر، ينبغي حينها أن تكون واشنطن مستعدة لدعم تدخل الجيش، حيث إن استمرار حكم مرسي في تلك المرحلة سيكون عاملاً مساعداً وحافزاً على وقوع مزيد من أعمال الفوضى والعنف في البلاد.
 
قراءة الأحكام ضد جماعة «الإخوان المسلمين» في دولة الإمارات العربية المتحدة
لوري بلوتكين بوغارت
لوري بلوتكين بوغارت هي زميلة في برنامج سياسة الخليج في معهد واشنطن.
"في الثاني من تموز/يوليو، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة، أحكاماً متفاوتة على عدد من الأشخاص الذي ينتمون إلى "تنظيم سري"، شملت حكماً غيابياً يقضي بسجن 8 من أعضاء التنظيم لمدة خمس عشرة سنة، وحكمت حضورياً بسجن 56 من أعضاء التنظيم مدة عشر سنوات، وعلى خمسة أعضاء مدة سبع سنوات، فيما برأت المحكمة 25 متهماً، منهم ثلاث عشرة إمرأة . ووفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية، قررت المحكمة في جلستها في الثاني من تموز/يوليو مصادرة مليون و490 ألف درهم إماراتي من بعض المتهمين والشركات المشتركة، إضافة إلى مصادرة قطع أراض سكنية وتجارية تعود ملكيتها للبعض الآخر، كما قررت المحكمة إغلاق عدد من المراكز الاستشارية في إمارة عجمان، إضافةً إلى بعض المواقع الإلكترونية. المقالة التالية تُرجمت قبل إصدار قرار الحكم الآنف الذكر".
من المتوقع أن تُصدر محكمة إماراتية في 2 تموز/يوليو أحكامها في محاكمة أربعة وتسعين مواطناً مرتبطين بجماعة محلية منتمية لـ «الإخوان المسلمين» تعرف باسم "الإصلاح"، كانت قد وجهت إليه تهمة التحريض ضد نظام الحكم. وإذا ما صدرت أحكاماً قاسية، فيجب قراءتها ليس فقط كجهد لمعاقبة وردع النشاط السياسي والجنائي المزعوم، بل أيضاً كانعكاس لقلق الإمارات العربية المتحدة الحقيقي من «الإخوان» باعتبارهم يمثلون تهديداً خطيراً، لا سيما في وسط الانتفاضات الإقليمية المستمرة والسعي المتصور لـ جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية نحو الهيمنة على السلطة في القاهرة. بيد أنه لو كانت أبوظبي تأمل في تأمين دعم خارجي وداخلي أكثر قوة لإجراءاتها المستقبلية ضد «الجماعة»، فسوف تحتاج إلى تقديم أدلة علانية ملموسة على الجرائم التي ارتكبها أي من المتهمين المدانين.
دولة الإمارات تتعنت في موقفها
وحتى بعيداً عن المحاكمة، فإن الحكومة الإماراتية تتعنت في موقفها المناهض لـ «الإخوان» مؤخراً. ففي 19 حزيران/يونيو، أحالت السلطات ثلاثين شخصاً آخر (بعضهم إماراتيين، وبعضهم مصريين) إلى نفس محكمة أمن الدولة التي تحاكم الأربعة وتسعين متهماً. وقد تم احتجاز المدعى عليهم الجدد منذ أشهر ووُجهت إليهم تهم إقامة روابط تنظيمية ومالية مع جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية؛ كما ربطتهم السلطات بالأشخاص الذين ينتظرون صدور الأحكام ضدهم حالياً.
وفي 25 حزيران/يونيو، أكد قائد شرطة دبي اللواء ضاحي خلفان -- المعروف بصراحته -- تحذيراته المفزعة من جهود «الإخوان» للإطاحة بأنظمة الحكم في الخليج الفارسي. ورغم أن دولة الإمارات قد أفرجت عن عضو من جماعة «الإخوان» البحرينية في أوائل حزيران/يونيو بعد أن كانت قد احتجزته سراً لمدة شهرين تقريباً (على ما يبدو، بسبب كتابته تغريدات مؤيدة للمتهمين الأربعة وتسعين)، إلا أن هناك مواطن قطري محتجز منذ شباط/فبراير بتهمة دعم «الإخوان» لا يزال محتجزاً في الإمارات. وقد أوضحت السلطات الإماراتية أنها تخطط للاستمرار في نهجها العدواني تجاه أنصار «الإخوان» إلى ما هو أبعد من القضايا الحالية.
رد الفعل على أرض الواقع
في داخل دولة الإمارات، من المرجح أن تكون ردود فعل الجمهور على قرارات المحكمة محدودة حتى إن كانت الأحكام قاسية. فليس لدى الإماراتيين تقاليد في تنظيم مظاهرات حاشدة. وعلى عكس ما حدث في البحرين والكويت -- حيث خرجت أعداد غفيرة إلى الشوارع لتأييد العديد من المحتجزين والنشطاء المرتبطين بالاضطرابات الأخيرة -- لم تشهد دولة الإمارات سوى القليل من مظاهر إظهار الدعم للمتهمين الأربعة وتسعين. ثم إن العديد من هؤلاء الذين أعربوا عن ذلك الدعم في وقت مبكر (من بينهم أفراد أسر المتهمين) كانوا أنفسهم قد اعتقلوا وهم من بين الخاضعين للمحاكمة حالياً.
وإلى جانب عمليات الاعتقال والمحاكمات التي لم تحترم على ما يبدو المعايير الدولية للعناية الواجبة، فإن بعض الخطوات الأخرى التي اتخذتها الحكومة مؤخراً ثبطت بشكل إضافي من القدرة على التعبير السياسي في دولة الإمارات. على سبيل المثال، إن تشديد الرقابة على استخدام الإنترنت الذي أُعلن في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 قد أثر على كيفية استخدام الإماراتيين لوسائل التواصل الاجتماعي للتعبير السياسي. ونتيجة لذلك، يرجح أن تكون ردود الفعل على الإنترنت على الأحكام محدودة، فضلاً عن كونها غير متوازنة بل متحيزة مع منتقدي جماعة "الإصلاح".
إلا أن ردود الفعل الخافتة هذه ينبغي ألا تخفي ما يمكن أن يكون دعماً عاماً قوياً لجماعة "الإصلاح"، لا سيما في الإمارات الشمالية الأكثر فقراً والأكثر محافظة وتديناً. إذ يبدو أن العديد من المواطنين يتعاطفون مع الأجندة الاجتماعية لهذه الجماعة، إن لم يكن مع استخدام النشاط التحريضي لتحقيق الأجندة السياسية لـ «الإخوان». ينبغي عدم الاستهانة بأهمية التاريخ الطويل نسبياً للجماعة ونفوذها الواسع وقوتها التنظيمية في البلاد.
وإذا ما طرحنا المظاهر العامة جانباً، فإن قرارات المحكمة قد تحدث انقساماً داخل مجتمع دولة الإمارات. فالأحكام القاسية قد تعزز من الدعم التي تحظى به جماعة "الإصلاح" بين بعض الإماراتيين مع تشويه سمعة الجماعة لدى آخرين، ومن بينهم من يرغبون في تجنب إزعاج النظام السياسي الحالي في البلاد. إن صدور حكم غير قاسي بشكل غير متوقع، مثل الإدانة على جرائم أقل خطورة، من شأنه أن يمنح جماعة "الإصلاح" نافذة لكي تعلن انتصارها. وباختصار، فبغض النظر عن قرار المحكمة، فإن النهاية التي ستسفر عنها القضية سوف يقوي من عزم «الإخوان» لممارسة المزيد من النشاط السياسي.
التداعيات السياسية
تعرضت الحكومة الإماراتية منذ بدء المحاكمة لطوفان من الاتهامات باستخدام القضية لكبح جماح الدعوات السلمية للإصلاح، حيث إن بعض المتهمين الأربعة وتسعين قد وقّعوا على عريضة غير مسبوقة في آذار/مارس تطالب السلطات بوضع جدول لإجراء انتخابات برلمانية شاملة ومنح سلطة تشريعية كاملة إلى "المجلس الوطني الاتحادي". ينبغي على واشنطن أن تشجع أبوظبي على أن تظهر بشكل قاطع أن هذه القراءة خاطئة.
على سبيل المثال، إن إطلاع الجمهور على أية أدلة جنائية مقنعة بخصوص أي أحكام بالإدانة صادرة بحق المتهمين في الثاني من تموز/يوليو يمكن أن يسهم في فضح جماعة "الإصلاح" محلياً ودولياً، مما يوفر لحكومة الإمارات المزيد من الدعم لاتخاذ إجراءات مستقبلية ضد الجماعة عند الاقتضاء. إن اتباع الإجراءات الأمنية الصحيحة إلى جانب الإصلاح السياسي -- مثل توسيع قوائم الناخبين المقيدة جداً وتعزيز الصلاحيات المحدودة للمسؤولين المنتخبين -- يمكن أن يحصن أبوظبي ضد الأهداف السياسية لـ «الإخوان».
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة


السابق

تركيا تتهم «الشتات اليهودي» بتدبير احتجاجات ميدان «تقسيم» بإسطنبول... مئات الجنود البريطانيين في ليبيا لتدريب جيشها على مواجهة «المتطرفين».....سنودن يتهم أوباما بتجريده من حق المواطنة ويبحث عن ملجأ بعد تقاعس عالمي عن استقباله

التالي

جهاديو سيناء يستعرضون قوتهم بشن هجمات متزامنة على معسكرات الجيش....قوات الأمن المصرية تأمر باعتقال 300 شخص من الاخوان المسلمين ونقل مرسي إلى مقر وزارة الدفاع واحتجاز فريقه في مبنى للجيش...مصر: مرسي في عهدة الجيش .... وجماعة «الإخوان» تتحدث عن «انقلاب»....الجيش المصري يعلن إنهاء رئاسة مرسي بالاتفاق مع القوى السياسية ويعلق الدستور وتكليف رئيس «الدستورية» بإدارة شؤون البلاد..

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,412,409

عدد الزوار: 6,990,481

المتواجدون الآن: 68