من حركة مسلحة عراقية الى تيارات سياسية ... «الصحوة» تخلى عنها الأميركيون... والحكومة و«القاعدة» تتسابقان على استقطاب عناصرها

تاريخ الإضافة الأحد 19 تشرين الأول 2008 - 9:43 ص    عدد الزيارات 1305    التعليقات 0

        

بغداد - بقلم عدي حاتم
يفتح السباق على استقطاب مجالس «الصحوة» بين الحكومة العراقية وتنظيم «القاعدة» ملف احتمالات الصراع في العراق على مصراعيه، خصوصاً مع تسليم القوات الأميركية مسؤولية الصحوة الى حكومة بغداد التي سيتوقف عليها خيار إدارة نحو 100 الف مقاتل، أبدى معظمهم امتعاضه من أسلوب تخلي الأميركيين عن التجربة بعد عامين من انطلاقها ولم يتوان آخرون عن التهديد بحمل السلاح في ما لو صحت شكوك وشائعات عن نية الاحزاب السياسية التي تقود الحكومة تصفيتهم اعتقالاً أو إقصاءً ما تنفيه الدوائر الحكومية بشدة.
وكانت تجربة مجالس الصحوة انطلقت في محافظة الأنبار السنية، وتأسست على يد عدد من عشائرها بدعم أميركي وانزعاج حكومي عراقي في حزيران (يونيو) من عام 2006 لمطاردة تنظيم «القاعدة» والجماعات المتطرفة، وتولى الشيخ عبدالستار أبو ريشة قيادتها حتى مقتله في هجوم انتحاري في ايلول (سبتمبر) من عام 2007 بعد اسبوع من لقائه الرئيس الأميركي جورج بوش في الرمادي.
نجحت «صحوة» الأنبار في طرد «القاعدة» التي كانت تعد مدن الأنبار عاصمة لدولتها الاسلامية ما شجع على تشكيل مجالس جديدة في المحافظات والمناطق السنية الاخرى.

نقل الصلاحيات
ومع نقل ملف نحو 54 ألف عنصر من عناصر «الصحوة» في بغداد من الجيش الأميركي الى القوات العراقية نهاية الشهر الماضي.
يفترض ان تدفع الحكومة رواتب تقدر بـ 15 مليون دولار بواقع 300 دولار للشخص الواحد مدة سنة تقريباً على ان يتم ضم نسبة 20 بمئة من مقاتلي الصحوة الى الشرطة والجيش فيما يتحول الآخرون الى وظائف مدنية.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ أكد ان «القوات لن تتمكن من استيعاب اكثر من 20 بالمئة من عناصر الصحوات بعد التأكد من خلفياتهم الأمنية».
لكن المستشار العام للصحوات ثامر التميمي (أبو عزام) قال لـ «الحياة» ان «هناك اتفاقاً مع الحكومة يقضي بضم جميع عناصر الصحوات الذين تنطبق عليهم الشروط الى الأجهزة الأمنية من دون الالتزام بالنسبة المعلنة».
ويوضح التميمي ان «الشروط الواجبة لدخول الجيش والشرطة هو ان ينجح مقاتل الصحوة في الفحص الطبي ويكون حاصلاً على شهادة الثالث متوسط».
وأشار الى ان البقية سيتم ضمهم الى وظائف مدنية في القطاع العام».
وبارك أبو عزام نقل ملف الصحوات الى الحكومة واصفاً ذلك «بالإنجاز والمطلب الوطني». 
لكن قادة مجالس «الصحوة» لا يشاركون أبو عزام تفاؤله بل يعتبر بعضهم ذلك تنصلاً من الأميركيين ومحاولة لتصفية وجودهم.
ومنح شجاع الأعظمي مسؤول «صحوة» الغزالية غرب بغداد الحكومة العراقية مهلة حتى نهاية الشهر الجاري لحسم ملف الصحوات.
وقال لـ«الحياة» اذا لم تضم الحكومة الصحوات الى الأجهزة الأمنية فسنترك العمل وربما يعود البعض للعمل مع الجماعات المسلحة». وتساءل الأعظمي عن سبب وجود اسم ميليشيا على الاستمارات التي وزعتها الحكومة على مجالس «الصحوة» لتضمينها معلومات عنهم.
وقال: «لماذا ملييشيات الأحزاب يتم ضمها الى الحكومة خلال شهر ونحن منذ سنة ونصف لم تضمنا الدولة الى الاجهزة الامنية؟».
وزاد: «مقاتلو الصحوة اصبحوا مكشوفين لدى عناصر «القاعدة» والميليشيات وأي عمل آخر غير العمل الأمني سوف يعرضهم الى الخطر وهم في الاساس لايتقنون مهنة اخرى غير القتال فمعظمهم ضباط سابقون ومقاتلون محترفون».
 محمد الكحلة مسؤول «صحوة» منطقة العامرية في بغداد يقول لـ «الحياة» بدوره ان «الصحوة لن تقبل بالنسبة التي حددتها الحكومة وتطالب بضم جميع عناصرها الى الجيش والشرطة».
أما الشيخ علي حاتم السليمان شيخ مشايخ الدليم وأحد مؤسسي صحوة «الأنبار» فيحمّل الأحزاب الاسلامية السنية والشيعية المتنفذة في الحكومة والبرلمان مسؤولية عرقلة دمج الصحوات بالأجهزة الأمنية، موضحاً لـ «الحياة»: «ان الحزب الاسلامي والمجلس الأعلى الاسلامي والتيار الصدري وبعض الأطراف في الائتلاف العراقي الموحد (شيعي) وجبهة التوافق (سنية) هم من يقفون ضد دمج الصحوات في الاجهزة الأمنية».
اما عن ملاحقة  الحكومة بعض عناصر «الصحوة»، فيجمع قادتها انهم لا يريدون ان يكونوا فوق القانون ويرحبون بتطبيقه على الجميع بعدالة لكنهم يخشون «القضايا الكيدية». ويكشف أبو عزام «انه اتفق مع الحكومة على  ايقاف ملاحقة الصحوات وتشكيل لجنة قانونية مهنية لمراجعة القضايا المرفوعة ضدهم، «مشيراً الى ان «منظومة الصحوة لا توفر حصانة لأي أحد ونحن مع خضوع الجميع للقانون لكننا نتخوف من القضايا الكيدية».

القاعدة وايران
ولا يستبعد قادة «الصحوة» محاولة «القاعدة» وبعض الفصائل المسلحة المناوئة للحكومة والقوات الأميركية استقطاب مقاتلي «الصحوة» مرة أخرى.
وكان تنظيم «القاعدة» أوقف جميع عملياته الموجهة الى عناصر «الصحوة» في تعليمات سرية وزعت على انصاره في العراق ودعاهم (الصحوة) الى العودة من جديد الى صفوف «القاعدة», ويؤكد قادة أمنيون ان انخفاضاً كبيراً حدث في وتيرة استهداف عناصر «الصحوة» خلال الأسابيع الماضية بعد ان كانت نسبة 70 في المئة من عمليات القاعدة موجهة اليهم.
وكان تقرير لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) حذر من انقلاب الصحوات اذا لم يتم استيعابهم في وظائف حكومية، على رغم إقراره بدورهم في تحسن الوضع الأمني في العراق الذي قال انه وصل الى 77 بالمئة.
ويتهم قادة الصحوات ايران وما يسمونها الأحزاب الدينية المرتبطة بها بعرقلة دمجهم بالأجهزة الأمنية، ويؤكد  شجاع الاعظمي مسؤول صحوة منطـقـة الغزالية بـبـغداد ان هنـاك اطـرافاً في الحكومة تريد افشال مشروع «الصحوة», وقال ان «رجال الصحـوة انـقلبوا ضد القـاعدة وقـاتـلوها بعد ان اكتشفوا ارتباط عناصرها بإيران وهم لا يسمحون لمشروع طهران بالنجاح في العراق».
وحذر الاعظمي من امكانية انقلاب «الصحوة» وتحولها الى مجاميع مسلحة مناوئة للحكومة والقوات الأميركيـة أو استقطابها في «القاعدة» اذا لم يتم احتواؤها في الأجهزة الأمنية، مشيراً الى «ان عناصر الصحوة يتقاضون 300 دولار فيما يتقاضى الجندي أو الشرطي اكثر من 900 دولار أميركي».
لكن الناطق باسم الحكومة علي الدباغ  كشف من «ان الحكومة تبذل جهوداً حثيثة من أجل إعادة دمج مقاتلي الصحوة في المجتمع عبر برامج خاصة لتأهيلهم ومنع عودتهم إلى دائرة العنف وقطع الطريق على الجهات التي تحاول استغلالهم».
لكن الدباغ شكك بولاء بعض قادة المجالس لما سماه «العراق الجديد»، مهدداً اياهم «بتطبيق قانون مكافحة الإرهاب ضدهم اذا استمروا باطلاق التصريحات التي تربك الوضع الأمني».
القوات الأميركية أعلنت بدورها عن ارتدادات عكسية لمقاتلي «الصحوة» وقال الميجر جنرال جيفري هاموند قائد القوات الأميركية في بغداد في تصريحات» اذا قدر لهذا البرنامج أن يفشل، فسيعود هؤلاء بوضوح الى الشوارع غاضبين، وستقوم القاعدة بتجنيدهم».

الصحوة والسياسة
يعتزم الكثير من قادة الصحوة  ولوج عالم السياسة والمشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة وتعويض ما فاتهم بعدما أجبروا على مقاطعة الانتخابات السابقة.
وأنشط الاستعدادت في محافظة الأنبار, ويقول الشيخ علي حاتم السليمان ان هناك تكتلين سياسيين لأبناء «الصحوة» الأول يقوده الشيخ احمد أبو ريشة ويحمل اسم حركة صحوة العراق، والثاني هو مجلس إنقاذ الأنبار بزعامة حميد الهايس.
أما أبو عزام فيؤكد ان مجالس «الصحوة» في بغداد شكلت حركة سياسية لخوض الانتخابات باسم «جبهة الكرامة» وتتحالف مع أحزاب قومية وعشائرية بعيداً من الاستقطاب الطائفي والعرقي.
ويكشف شجاع الأعظمي لـ«الحياة» عن دخوله ومقاتليه قائمة «تجمع العراق المستقل» التي يتزعمها سعد عاصم الجنابي لخوض الانتخابات المقبلة في العاصمة بغداد.
ويقول: «هناك محادثات لتشكيل ائتلاف يضم جبهة الكرامة الوطنية التي يرأسها أبو عزام وجميع عناصر الصحوات في بغداد»، مستبعداً أي تحالف مع الحزب الإسلامي لأنه «لم يخدم السنة وخذلهم».
 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,373,855

عدد الزوار: 7,066,091

المتواجدون الآن: 65