6 عوامل تُمهّد... للتغيير

تاريخ الإضافة السبت 15 شباط 2014 - 7:04 ص    عدد الزيارات 289    التعليقات 0

        

 

 
6 عوامل تُمهّد... للتغيير
شارل جبور
الرهان كان وسيبقى على تحسين شروط المواجهة الخارجية والداخلية من أجل دفع «حزب الله» إلى التراجع عن مشروعه الإقليمي والتنازل للدولة اللبنانية، لأنّ الرهان على الضربة القاضية في السياسة مستحيل، فضلاً عن أنه غير مطلوب، كونه يؤسس لمشروع غلبة يُبقي النار تحت الرماد، ويجعل الطرف المغلوب يتحيّن الفرصة المؤاتية للانقلاب على الواقع المستجد.
من هذا المنطلق المطلوب من القوى الداخلية عدم الاستقالة من دورها باتّباع سياسات انتظارية كارثية، إنما تحمّل مسؤولياتها في قيادة المواجهة السياسية لتهيئة الظروف الداخلية وإنضاجها تمهيداً للتقاطع والشبك مع اللحظة الخارجية المؤاتية من أجل إسقاط الستاتيكو وإعادة خلط الأوراق ودفع الخصم إلى الانكفاء أمام المعطيات الجديدة، وهذا تحديداً ما حصل في العام 2005، حيث أدى تقاطع العوامل الخارجية والداخلية إلى إخراج الجيش السوري من لبنان، ولولا الأخطاء التي ارتكبت لكانت دينامية هذا التقاطع أفضَت، ربما، إلى إيصال لبنان إلى شاطئ الأمان.
فالأولوية اليوم لمواكبة التحولات الخارجية المتصلة بالأزمتين السورية والنووية الإيرانية بعمل سياسي داخلي تراكمي، بدلاً من الاكتفاء بالتفرّج على هذه التحولات، لأنّ كل من يعتقد أن المجتمع الدولي ينتظر اللحظة لتحقيق تطلعات قسم من اللبنانيين هو واهم، لأنه عدا عن أنّ هذا المجتمع يريد أزمة بالناقص، دَلّت الأزمة السورية أنه فقد أيّ حِس انساني أو قيمي يدفعه للدفاع عن حرية جماعة أو سيادة بلد، فضلاً عن أنه لو لم تكن البيئة اللبنانية مهيئة للتغيّر في العام 2005 لكان الجيش السوري ما زال في لبنان.
 فالأساس يبقى في ملاقاة التحولات الخارجية ببيئة حاضنة داخلية، ولا مبالغة بالقول إنّ الوضع في لبنان اليوم بات مهيئاً للتغيير أكثر من أي وقت مضى، ويكفي في هذا السياق التدليل على المؤشرات الآتية:
أولاً، "حزب الله": لم يسبق أن شعرت البيئة الحاضنة للحزب بهذا القلق على الوجود والمصير كما اليوم، فهي باتت مهددة من داخلها وليس فقط من الخارج العربي والدولي، الأمر الذي يجعلها أكثر تقبّلاً لتنازلات سياسية تتصل بالسلاح ودور الحزب الفوق لبناني.
ثانياً، "التيار الوطني الحر": إنّ تخلّي التيار، للمرة الأولى منذ وثيقة التفاهم في العام 2006، عن دوره كرأس حربة في الدفاع عن "حزب الله" يُسقط الغطاء المسيحي واستطراداً الوطني عن الحزب ولو جزئياً، ومن الواضح أن حسابات التيار، بمعزل عمّا إذا كانت شخصية أو غيره، تبدلت في هذه المرحلة، وهذا التبدّل يؤدي إلى تسهيل عملية التغيير.
ثالثاً، الوضع السنّي: محاولة "حزب الله" استتباع القيادات السنية على طريقة النظام السوري من دون الأخذ في الاعتبار طبيعة المرحلة والصراع السني-الشيعي والمواجهة السعودية-الإيرانية أدت إلى حشر حلفائه في الطائفة السنية وإرباكهم، ما أدى إلى انكفائهم وبالتالي خسارته الغطاء السني الجزئي الذي كان يحظى به.
رابعاً، الحزب الاشتراكي: ميزان القوى الذي نشأ مع الثورة السورية والتموضع الحاسم للمملكة العربية السعودية لن يسمحا للنائب وليد جنبلاط بتكرار تجربة تزكية خيار "حزب الله" داخل الطائفة السنية، أو اعتماد خيارات تتناقض وتتعارض مع البيئة السنية، ما يفقد الحزب أي غطاء درزي مُحتمل لخياراته.
خامساً، بعبدا: بمعزل عن المواقف السيادية التي يتخذها الرئيس ميشال سليمان، أو التحوّل في دوره ومواقفه في السنتين الأخيرتين، وعودة بعبدا إلى تأدية دورها المؤتمَن على السيادة والاستقلال، إلّا أن الأساس يبقى في رفع رئاسة الجمهورية عنوان تحييد لبنان الذي يؤدي إلى حل معضلة سلاح "حزب الله"، في حال توافرت له المقومات المطلوبة والأرضية الخصبة.
سادساً، بكركي: وضعت الوثيقة الصادرة عن البطريرك الماروني ومجلس المطارنة حداً نهائياً لكلّ محاولات استغلال موقع بكركي التاريخي، وأعادت هذا الصرح إلى دوره الوطني في تصدر المواجهة دفاعاً عن معنى لبنان وسيادته واستقلاله.وأهمية وثيقة بكركي تكمن في تقاطعها مع بعبدا بالدعوة إلى الحياد، أي حَمل المرجعيّتين الروحية والزمنية للموارنة مشروعاً سياسياً انقاذياً للبنان.
لكل هذه الأسباب وغيرها بات الوضع مهيئاً للتغيير، الأمر الذي يرتّب على 14 آذار مسؤولية تاريخية، كونه يفترض بها أن تشكّل الرافعة لهذا التغيير، والحاضنة لهذا التحوّل، وأن تؤدي الدور الذي لعبته القوى السيادية بين عامي 2000 و2005، وذلك بتبدية خيار المواجهة على السلطة، ومبدأ الثورة على السياسة الواقعية، وتدفع الوضع قُدماً باتجاه حل معضلة سلاح "حزب الله"، على غرار حل معضلة الوجود السوري... فهل 14 آذار على مستوى المرحلة؟ بالتأكيد كلا، ومشاركة البعض منها في الحكومة أكبر دليل، لأنّ هذه المشاركة تؤدي إلى تَرييح "حزب الله" وتُجهض كل العوامل المساعدة لعزله والمؤاتية لدفعه إلى التنازل... لمصلحة لبنان.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,710,671

عدد الزوار: 6,962,350

المتواجدون الآن: 68