قطر في غزّة: فكّ الحصار أم كسر العجز السُنّي الإقليمي؟

تاريخ الإضافة السبت 27 تشرين الأول 2012 - 6:45 ص    عدد الزيارات 397    التعليقات 0

        

 

 
قطر في غزّة: فكّ الحصار أم كسر العجز السُنّي الإقليمي؟
جاد صليبا
الدبلوماسيّة القطريّة «لا ترتاح» أبداً، وأميرُها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مُصمِّم على تحويل بلده الصغير لاعباً إقليميّاً ودوليّاً من الدرجة الأولى، فهو «يخيط شباكه» في المنطقة والعالم بخُطى ثابتة قادتْهُ مُنذ أيّام إلى غزّة، في زيارة أثارت صدى إعلاميّاً وسياسيّاً مُدويّاً بسبب الرسائل والدلالات التي تحملها. فهل كسرت هذه الزيارة الحصار الإسرائيلي على غزّة وحسب، أم أنّها كسرت أيضاً العجزَين العربي والسُنّي الإقليمي؟
خرجت حركة "حماس" من سوريا إثر بدء الإضطرابات فيها، ببيان "ناري"، قالت فيه للرئيس بشّار الأسد إنّ تحالفها معه هو "ضدّ العدوّ الصهيوني، وليس ضدّ الشعب السوري"، وهو ما اعتبره النظام السوري "خيانةً ونكراناً للجميل"، وأثار حفيظة إيران.
 
وتبيَّن للحركة لاحقاً أنّ الرئيس "الإخواني" مُحمّد مُرسي الذي يُفترض أنّه داعمها الأوَّل، مُكبّل اليدَين، لأنّ هُموم مصر الداخليّة والتهديدات الأميركيَّة بوقف المُساعدات لمصر إذا هُدِّد أمن إسرائيل، لا تزال تقضّ مضجعه، وتمنعه بالتالي من احتضان "حماس" أو دعمها على النحو المطلوب.
 
وفي تُركيا، إستعرض رئيس الوزراء التُركي، حليف "حماس" الإيديولوجي، عضلاته مراراً في المنطقة، لكنّ مُحاولته فكّ الحصار عن غزّة بإرساله سفينة "مافي مرمرة" باءت بالفشل، بعدما منعتها إسرائيل. وحاليّاً، يضع أردوغان "حماس" في أسفل اهتماماته الإقليميّة، ليس بإرادته، بل رغماً عنه، لإنشغاله بتداعيات الأزمة السوريَّة التي جعلته حائراً بين استرضاء الولايات المُتّحدة أو روسيا.
 
أمّا المملكة العربيّة السعوديّة التي لم تكُن العلاقة بينها وبين "حماس" في السنوات الماضية على ما يُرام، بسبب علاقة الحركة مع إيران، فانشغلت في الأشهر الأخيرة بوُلاة عهدها وبسباق التسلّح خوفاً من برنامج إيران النووي، وبمُحاولة منع "الربيع العربي" من دقّ أبوابها.
 
وأمام هذا "العجز السُنّي الإقليمي"، لم تجد "حماس" من يدوس سجّادها الأحمر، إلّا الأمير القطري، الذي اغتنم فرصة جديدة لترسيخ قوّته في المنطقة، وتسجيل فوز دبلوماسي جديد. ولم يعُد الشيخ حمد بعد الآن خائفاً من صورة أردوغان ومُرسي رافعَين أيديهما مع بعض في أنقرة كرمز للقوّة السُنّية في المنطقة، بعد تأكّده أنّ لكلّ منهما إستحقاقات داخليّة وخارجيّة ستمنعهما من تأدية دور إقليمي يفوق الدور القطري أهمّية، أقلّه في السنتَين المُقبلتَين.
 
الرؤية الإسرائيليّة
 
من جهتها، فوجئت إسرائيل بالشيخ حمد في غزّة، مُعتبرةً أنّ زيارته "ألقت بالسلام تحت عجلات الحافلة، وأنّها تدخّل فى الخلافات الفلسطينيّة الداخليّة". والمُضحك أنّ تلّ أبيب تُريد أن تظهر وكأنّها مُهتمّة بالسلام حقّاً، في وقت هي لا تُريد سوى اللاإستقرار في المنطقة، حتّى يتسنّى لها تأدية دور الشرطي وتوجيه صواريخها نحو حدود البلدان المُجاورة. والمُفاجئ أيضاً أنّ إسرائيل باتت تخشى على المصالح الفلسطينيّة أكثر من الفلسطينيّين والعرب أنفسهم.
 
إلّا أنّ الحقيقة ظهرت في تقارير إستخباريّة لوزارة الدفاع الإسرائيليّة، كشفت "قلق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك، من تنامي قدرة سياسة "البترودولار" القطريّة على حدود إسرائيل، ما من شأنه تقوية قدرات "حماس" العسكريّة".
 
فيما أشار تقرير إستخباريّ آخر لوزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، إلى قلق مُستقبلي من "اصطفاف قطري - مصري مع "حماس" ضدّ تلّ أبيب، ومن مُحاولة الدوحة لاحقاً، زعزعة الحدود الإسرائيليّة الشرقيّة عبر دعم الإسلاميّين في الأردن، حيث تُحاول عمّان حتّى الآن كبح مُحاولاتهم لإشعال ثورة".
 
رسالة إلى إيران
 
ولعلّ زيارة أمير قطر التاريخيّة إلى غزّة وجّهت رسالة أيضاً إلى القيادة الإيرانيّة، مفادها أنّ "حماس" لم تعُد بعد الآن "طفلة طهران المُدلّلة"، وأنّ قطر مُصمّمة على منع الإمتداد الشيعي في المنطقة. كذلك، فإنّ الأموال القطريّة التي ستتدفق إلى غزّة، ستقطع نهائيّاً في نظر الشيخ حمد، صلات "حماس" بطهران، فالقطريّون يدركون جيّداً أنّ الإيرانيّين سيسعون بعد سقوط الأسد إلى مُسامحة "حماس" وغُفران "هفواتها" لإرجاعها إلى الحضن الإيراني، وهذا ما يسعى السُنّة إلى منعه بأيّ ثمن.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,249,379

عدد الزوار: 6,984,248

المتواجدون الآن: 81