لماذا يرفض الأسد التفاوض؟

تاريخ الإضافة السبت 5 كانون الثاني 2013 - 5:38 ص    عدد الزيارات 338    التعليقات 0

        

 
عبد الكريم أبو النصر

لماذا يرفض الأسد التفاوض؟

 

"المعلومات التي تلقاها أخيراً مسؤولون أميركيون وأوروبيون من شخصيات داخل نظام الرئيس بشار الأسد تشير الى وجود صراع جدي بين تيارين في القيادة السورية يتخوفان معاً من إنهيار النظام ومن نهاية سلطة المجموعة الحاكمة على البلد ويختلفان على طريقة معالجة الأزمة : التيار الأول الأكثر تشدداً وتصلباً يضم قيادات وشخصيات نافذة مقربة من الأسد دعم منذ إنطلاق حركة الاحتجاج خيار الحسم العسكري - الأمني ولا يزال مصمماً على مواصلة الحرب ضد الثوار والمعارضين بقطع النظر عن الكوارث التي تصيب سوريا والسوريين ومن غير أن يعرف تماماً الى أين تتجه الأوضاع. هذا التيار خائف من التراجع ومستعد للأسوأ وليست لديه معطيات تجعله واثقاً من الإنتصار وهو يقود سوريا الى المجهول. التيار الثاني واقعي والمنتمون اليه ليسوا ضمن الحلقة الضيقة المحيطة بالأسد. ويرى هذا التيار ان النظام يجب أن يقبل الحقائق ويعترف ضمناً بالفشل وبأن مواصلة الحرب لن تحقق له أياً من أهدافه لأن النصر العسكري مستحيل، وعلى هذا الأساس يجب أن يعلن وقف القتال من طرف واحد ويطرح مبادرة سلام بالتفاهم مع روسيا والصين يدعو على أساسها الى الحوار مع المعارضين ومختلف الأفرقاء من أجل إيجاد حل للأزمة يتضمن تنازلات متبادلة ضرورية ويوفر حماية لما تبقى من الدولة ومؤسساتها ويضمن مصالح القوى الشعبية المرتبطة به". هذا ادلت به الينا مصادر ديبلوماسية أوروبية وثيقة الإطلاع في باريس.
وأوضحت المصادر الأوروبية ان خمسة عوامل أساسية تدفع الأسد الى رفض التفاوض مع ممثلي المعارضة والى الإمتناع عن التعاون الجدي مع الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الأخضر الابرهيمي: هي الآتية :
أولاً - يرفض الأسد التفاوض على الحل السياسي للأزمة لأن نظامه ضعيف وليس قوياً، ذلك انه فقد قدرته على حكم سوريا وألحق به الثوار والمعارضون خسائر كبيرة وحققوا مكاسب وإنجازات عسكرية وسياسية وإستراتيجية مهمة فاجأت الكثيرين فباتوا هم الذين يحاصرون النظام ويدفعونه الى التفكك والسقوط تدريجا.
ثانياً - فقد الأسد المبادرة ولن يستطيع أن يفرض مطالبه وشروطه على المعارضين وعلى الدول الغربية والإقليمية المعنية مباشرة بمصير سوريا، والموافقة على التفاوض مع خصومه ستفضح هذا الواقع وتكشف ضعفه.
ثالثاً - يدرك الأسد ان العرض الدولي - الإقليمي المطروح عليه والمعروف بإسم إتفاق جنيف تجاهل الإشارة اليه والى دوره ولم ينص على بقائه في السلطة ولم يطلب منه الإشراف على عملية التفاوض مع المعارضة بل انه يهدف الى إنهاء نظامه وإقامة نظام جديد ديموقراطي تعددي بديل منه من طريق إطلاق مفاوضات في إشراف الوسيط الدولي - الإقليمي وتأليف حكومة موقتة " تمارس الصلاحيات التنفيذية الكاملة وتضم أعضاء من الحكومة الحالية وممثلين للمعارضة وتتشكل على أساس الموافقة المتبادلة".
رابعاً - يدرك الأسد ان القيادة الروسية تبتعد عنه تدريجاً وتتوقع سقوط نظامه ولن تقدم اليه عرضاً ينقذه ويضمن بقاءه في السلطة. أما إيران فإنها عاجزة عن إقناع أي دولة مؤثرة بمساندة بقاء النظام السوري.
خامساً - يدرك الأسد ان قوى المعارضة الحقيقية في الداخل والخارج إضافة الى القوى الثورية متفقة على هدف أساسي تتمسك به هو ضرورة رحيل النظام بكل رموزه ومرتكزاته مما يعني ان الدخول في عملية تفاوضية يتطلب إستسلام الرئيس السوري وموافقته على الرحيل وعلى إنهاء نظامه بتركيبته وطبيعته وتوجهاته الحالية.
وقال لنا مسؤول أوروبي مطلع: "إن الجهود الديبلوماسية والسياسية لإنهاء الأزمة السورية ستنهار ولن يتمكن أي وسيط دولي من إطلاق عملية سياسية جدية إذا تركت الدول الكبرى مصير البلد في أيدي الأفرقاء السوريين أنفسهم العاجزين عن الإتفاق ما لم يحدث إنقلاب داخل النظام يطيح الأسد والمرتبطين به. فالحل يجب أن يقترحه ويشرف على تنفيذه زعماء الدول البارزة والمؤثرة إستناداً الى الحقائق على الأرض والمصالح العليا للسوريين. لكن هذه الدول تفضل حتى الآن ترك الأفرقاء السوريين يواصلون الإقتتال الى أن تنهكهم الحرب وتضعفهم أكثر فأكثر فيقبلون حينذاك ما يرفضونه حاليا. والأمر الأكيد المتفق عليه بين الدول المؤثرة هو ان الأسد والمرتبطين به لن يشاركوا في صنع سوريا الجديدة وبنائها لأن النظام الحالي سيسقط إما من طريق الحرب وإما من طريق المفاوضات وسيحكم البلد نظام جديد مختلف جذرياً عن النظام العام".

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,292,624

عدد الزوار: 6,986,094

المتواجدون الآن: 75