ليست معركة ضد الجيش.. ولكن؟!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 25 حزيران 2013 - 7:27 ص    عدد الزيارات 325    التعليقات 0

        

 

ليست معركة ضد الجيش.. ولكن؟!
بقلم صلاح سلام
ليست معركة ضد الجيش اللبناني.. ولا يجب أن تكون.
ولا هي مواجهة بين عاصمة المقاومة صيدا والجيش الوطني.. ولا يجب أن تكون.
وقطعاً لا يجوز تصويرها، وكأنها «تصفية حساب»، بين طائفة معينة وأحد رموز الشرعية.. ولا يجب أن تكون.
ليس بين أهل العقل والحكمة من اللبنانيين من يُفكّر بخوض معركة مع الجيش الذي يشكّل الحصن الأخير للسلم الأهلي في البلد، وصيدا مدينة الشرعية والوطنية، كانت وستبقى الحاضنة الكبرى للمؤسسة العسكرية وللأجهزة الأمنية، أما الطائفة السنّية فتاريخ مواقفها المُشرّفة يُؤكّد مدى تمسكها بمشروع الدولة والأجهزة الشرعية، وفي مقدمتها الجيش وقوى الأمن الداخلي.
ولكن كل تلك الوقائع لا تُقلّل من حجم المخاطر الناتجة عن الاشتباك الحاصل بين قوة من الجيش ومجموعات الشيخ الأسير، على خلفية حالة الاحتقان السائدة في الشارع، واستطراداً لأجواء التشنج السياسي والأمني، وما يواكبها من حوادث متنقلة بين مختلف المناطق اللبنانية.
* * *
طبعاً، من حق الجيش أن يردّ على المبادرين بإطلاق النار على عناصره وإيقاع الإصابات المباشرة على ضباطه وجنوده، ويتخذ قرار الردّ أهمية مضاعفة مرات عدّة، وعلى مستوى الوطن كلّه، إذا كان قرار القيادة التعامل بحزم مع جميع العناصر والمجموعات المسلحة في البلد، بغض النظر إلى أي فريق سياسي أو حزبي انتموا، حتى يكون التعامل مع الجميع على قدم المساواة، وبنفس المعايير، وصولاً إلى إلغاء الانطباع السائد لدى البعض عن وجود «أبناء ست وأولاد جارية» في هذا المضمار بالذات، أو أن الأمن بالتراضي يُطبّق استنسابياً، مع فئة من دون الأخرى.
ثمة اعتبار آخر لإنجاح الجيش في مهمته في عبرا، يقضي بحصر العملية في المكان المحدّد لها، والتركيز على العوامل والعناصر المسببة، وعدم السماح بتوسيع المدى الجغرافي للمهمة الأمنية، حتى لا تتحوّل إلى عملية عقاب جماعي لمنطقة بكاملها، أو حتى للمدينة وأهلها.
ولأن الأوضاع في البلد بالغة الحساسية، والمناخات في صيدا وجوارها مشحونة بسموم الفتن على أنواعها، فإن دخول طرف ثالث على خط الاشتباك بين الجيش ومجموعة الأسير، من شأنه أن يزيد النار اشتعالاً، ويُساعد على توسيع دائرة المواجهة ونقلها إلى مناطق أخرى، بما يُهدّد الأمن والسلم الأهلي بشكل جدّي وخطير.
* * *
إن حرص اللبنانيين على الالتفاف حول الجيش الوطني ينبع من تمسكهم بمشروع الدولة، وحماية السلطة الشرعية باعتبارها الملاذ الآمن للجميع، من دون أي تمييز سياسي أو حزبي، طائفي أو مناطقي.
ودفع اللبنانيون الأثمان الباهظة، عبر سنوات سوداء من الحرب العبثية، عندما انقسم الجيش في حرب السنتين، فكان أن انهارت الدولة، بعدما سقط آخر دفاع عن الشرعية ووحدة المؤسسات الدستورية والإدارية والأمنية.
ولا نخال أن ثمة بين اللبنانيين من يريد أن يتجرّع هذه الكأس المرة والمسمومة، مرّة أخرى، خاصة وأنه لم يبق من رموز الشرعية الناشطة حالياً، سوى رئاسة الجمهورية والمؤسسة العسكرية، بعدما تمّ تغييب السلطة التشريعية وتعطيل مجلس النواب المشكوك بشرعية التمديد لنفسه، وبعد هذه العرقلة المتعمدة لتعطيل السلطة التنفيذية، وتأخير تشكيل الحكومة العتيدة.
ولكن مسؤولية الحفاظ على الدولة والشرعية والجيش الوطني، لا تعني أكثرية اللبنانيين المغلوبين على أمرهم، بقدر ما هي مسؤولية الأطراف السياسية الفاعلة، وخاصة «حزب الله»، بما يملك من قدرات وإمكانيات وأدوار تجاوزت المقاييس والحدود المحلية، وأصبحت تضاهي قدرات الدولة، إذا لم نقل أن «دولة الحزب» أصبحت أقوى من الدولة الشرعية!
ومما يُضاعف مسؤولية «حزب الله» في هذه المرحلة بالذات، التداعيات العاصفة التي أثارها اشتراكه المباشر في الحرب الدائرة في سوريا، وردود الفعل العنيفة التي حاصرت لبنان، واللبنانيين، المقيمين منهم والمنتشرين، خاصة في بلدان الخليج.
ما يجري في صيدا لا يمكن فصله عن تداعيات قتال «حزب الله» في سوريا، تماماً مثل الأحداث المتنقلة من البقاع الشمالي إلى البقاع الأوسط ، ومن طرابلس إلى عكار والمناطق الشمالية الحدودية، وبالتالي فإن دعم الجيش ومساعدته، تكون في معالجة أسباب التوترات والأحداث الأمنية المختلفة، وليس فقط تغطية المهمات الميدانية التي تكلّف الجيش والناس غالياً، وتهدر الكثير من الإمكانيات والطاقات في غير أهدافها الصحيحة.
البلد على حافة المنزلق الخطير. وعملية الإنقاذ تتطلب التحرّك السريع، والتنازلات من الجميع، وخاصة من «حزب الله»، وذلك قبل فوات الأوان، وقبل سقوط السقف على رؤوس الجميع!

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,995,950

عدد الزوار: 6,974,221

المتواجدون الآن: 89