خوفاً من تقليد النظام الايراني، الجيش المصري يتدخل!

تاريخ الإضافة الأحد 7 تموز 2013 - 7:44 ص    عدد الزيارات 309    التعليقات 0

        

 

خوفاً من تقليد النظام الايراني، الجيش المصري يتدخل!
سليم نصار - لندن
في العاشر من كانون الأول 2012 أصدرت مجلة "تايم" الاميركية عدداً خاصاً توجته بصورة الرئيس المصري محمد مرسي الذي إختارته "رجل السنة" مع عنوان بارز يقول: أهم شخص في الشرق الأوسط
كتب مدير التحرير في "تايم" ريتشارد ستينغل، في مقدمة الحديث الذي أجراه مع مرسي، ان رئيس مصر الجديد يمكن أن يتحول فرعوناً إذا هو تجاهل إرادة الشعب ومبادىء الديموقراطية.
وقال إن الرئيس تعهد، أثناء المقابلة، باستلهام عقيدة الاسلام التي تؤمن حرية التفكير والتعبير لكل مواطن، مع الحرص على تطبيق حقوق المساواة لمختلف الطوائف. وكرر أثناء المقابلة أكثر من مرة أنه رئيس كل المصريين، وليس رئيس جماعة "الأخوان المسلمين" فقط.
وعليه، نشرت المجلة في العدد ذاته خلاصة إستطلاع الرأي الذي قامت به ليظهر أن نسبة 65 في المئة من الشعب المصري تؤيد خيار الرئاسة لمحمد مرسي... بينما ظلت نسبة المعارضين في حدود 35 في المئة.
بعد مرور سنة على ولاية محمد مرسي، أجرى المركز المصري لبحوث الرأي العام إستطلاعاً للرأي حول رضا المواطنين على اداء رئيس الجمهورية.
وجاءت النتيجة مخيبة لآمال نسبة كبيرة جداً من المواطنين الحياديين الذين راهنوا على نجاح ممثل جماعة "الأخوان". ولم تكن تلك النتيجة محصورة بسكان المدن الكبرى كالقاهرة والاسكندرية، وإنما شملت المحافظات، بدءاً بالوجه القبلي... وإنتهاء بالوجه البحري.
وإستغلت شلة من الشباب الثوري النقمة العارمة في البلاد لتشن حملة "تمرد" ركزت نشاطها على جمع أكبر كمية من تواقيع المارة بهدف سحب الثقة من الرئيس مرسي. وإستطاعت خلال فترة زمنية قصيرة جمع أكثر من 22 مليون توقيع يطالب أصحابها بضرورة إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة.
في الذكرى الأولى لتسلمه الحكم، ألقى محمد مرسي خطاباً إستفزازياً حمل فيه على كل معارضيه، ومهدداً منتقديه بالانتقام إذا ما هم واصلوا تحريضهم على قلب نظام الحكم، والتشكيك بشرعية مقامه. وإستغل هذه المناسبة أيضاً ليُعدِّد، على الهواء، أسماء الذين يشك في سلوكهم من قضاة وإعلاميين وإداريين.
وكان من الطبيعي أن يُقابَل خطابه بالاحتجاج والتذمر، كونه إستغل منصبه ليتهجم على منتقدي حكمه. وأعرب عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية السابق، عن أسفه وإمتعاضه لأن الرئيس مرسي ذكر أسماء المحتجين على ادائه السياسي، بحيث أنه صنفهم بين الخصوم.
وإستنكر الكاتب محمد حسنين هيكل ذكر الرئيس المصري أسماء شخصيات عامة خلال خطابه، مشدداً على الفارق بين حديث رئيس حزب ورئيس دولة، وانه لا يجوز الخلط بين الاثنين.
وحول هذا الموضوع أعلن بعض المسؤولين المصريين أن محمد مرسي لا يستطيع الخروج من حظيرة مكتب الإرشاد العام لجماعة الأخوان المسلمين. ومعنى هذا أنه لا يمكنه التصرف كرئيس لكل المصرييين، كما أعلن مراراً. ومثل هذا الانتماء العقائدي يمنعه من فتح حوار وطني مع معارضيه بسبب الإنغلاق والتوهم أن حزبه يملك الحقيقة الكاملة.
إنطلاقاً من هذه المفاهيم المتناقضة، فان المعركة التي حركت الجماهير في مصر أصبحت معركة الحسم النهائي بين الليبراليين والعلمانيين من جهة... والأصوليين المتزمتين من جهة أخرى.
كتب المحلل السياسي جيمس تروب في مجلة "فورين بوليسي" مقالة حول الانحراف الديموقراطي في بلدان مثل مصر وتركيا والبرازيل. وقال إن مرسي يتوجه الى أنصاره الذين لا يشكلون الغالبية المطلقة على أنهم الشعب الذي يحكم باسمه. لذلك فهو يعتبر المعارضة شريحة مهمَّشة وخاضعة لتوجيهات قوى خارجية.
بعد مرور سنة من ولاية مرسي، إضطرت المعارضة الى نقل نشاطها مرة أخرى الى الشارع مع إستبدال شعار "إرحل يا مبارك" بشعار "إرحل يا مرسي". والسبب أن صندوق النقد الدولي رفض منح مصر القرض الضروري لانعاش الاقتصاد الهزيل وقدره ثمانية مليارات دولار ونصف المليار. وذكر في حينه ان الرئيس رفض إحداث تغييرات سياسية ومالية تؤثر على طبيعة النظام القائم. وكان ذلك بتوجيه من المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع الذي أعلن: "يبدو أن حلم الشيخ حسن البنا في إحياء الخلافة الاسلامية قد إقترب".
في سنة 1928 أعلن حسن البنا إنشاء جماعة "الأخوان المسلمين"، محدداً أهدافها بالعمل على إحياء فكرة الخلافة الاسلامية. وهذا ما دعا الدكتور بديع، مرشد عام الجماعة، الى القول إنه بعد 84 سنة وصل "الأخوان" الى حكم مصر. وقد إختاروا محمد مرسي رئيساً للجمهورية التي تستلهم في خطواتها المحسوبة نظام الجمهورية الاسلامية في ايران. لذلك قارن أحد المعلقين بين توجهات لجنة الدستور في مصر وبين السلطات الدينية والدنيوية التي يملكها مرشد النظام علي خامنئي. وهذا ما يفسر تقرب مرسي من ايران، الأمر الذي فاجأ الولايات المتحدة التي سارعت الى تجميد مبلغ أربعة مليارات دولار و800 مليون، كان من المتوقع أن تمنح لمصر كقرض مسهل. وتبع هذا القرار تردد من قبل صندوق النقد الدولي.
كشفت مصادر قريبة من القيادة العسكرية في القاهرة أن شعبة المعلومات كانت تراقب باهتمام الطريقة التي إتبعها "الأخوان" من أجل السيطرة على مؤسسات الدولة. ولوحظ أنهم قلدوا خطوات الخميني في الاستيلاء على الدولة بعدما تلطى وراء الرئيس بني صدر مدة من الزمن. وبالمقارنة، لاحظ كبار الضباط في مصر أن "الجماعة" أنشأت هيئة عليا مستقلة تماثل في دورها دور هيئة تشخيص مصلحة النظام في ايران.
وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي دعا كبار ضباط القيادة الى إجتماع مغلق تقرر خلاله إستغلال التظاهرات الضخمة من أجل إجهاض مشروع جماعة "الأخوان." وقد تحفظ بعض الجنرالات عن توقيت العملية لأن الدول الكبرى - خصوصاً الولايات المتحدة - ليست في وارد دعم الانقلابات العسكرية، كما فعلت حيال إنقلابات جمال عبدالناصر ومعمر القذافي وعبدالله السلال. عندئذ إقترح وزير الدفاع تمويه دور الجيش وإظهاره بمظهر القوة التنفيذية لممثلي الطوائف والقيادات الشعبية المؤثرة. لذلك إستُدعيَ على عجل كل من: شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وبابا الكنيسة القبطية تواضروس، ومفوض جبهة الانقاذ الدكتور محمد البرادعي، وممثل عن حزب النور السلفي.
ومع أن الدعوة وُجِّهَت أيضاً الى محمد مرسي، إلا أنه رفض الحضور لئلا يُقال أنه تراجع عن موقفه المعارض لأي تغيير أو تعديل قد يمس بشرعية إنتخابه. بقي موضوع تبرير العملية، لأن مثل هذه الخطة تحتاج الى قرار من رئيس الجمهورية باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وقد إستند الجيش في هذا الموقف الى المادة التي تمنحه حق التدخل في حال تعرض الأمن القومي للخطر. لهذا السبب قام وزير الدفاع بالقاء بيان مقتضب باسم كل الحاضرين، يكلف بموجبه رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور بادارة شؤون البلاد. وحصر مهمة الجيش بتنفيذ خريطة طريق مستقبلية تُعنى بتشكيل حكومة كفايات ولجنة تضم كل الأطياف لمراجعة التعديلات الدستورية.
وقد رحبت المؤسسة العسكرية بهذا الاخراج السياسي، وخصوصاً المشير حسين طنطاوي الذي أحاله مرسي الى التقاعد كعقاب على دوره الداعم لمنافسه أحمد شفيق.
تأييداً لهذه الخطوة الشجاعة، تلقت قيادة الجيش آلاف البرقيات من زعماء الأحزاب العلمانية والليبرالية والأقباط، وحركات النساء واتحادات الفنانين الذين أطلقوا على محمد مرسي لقب "الرئيس مرسيليني" تذكيراً بالديكتاتور الايطالي موسوليني!
وقالت صحف القاهرة أنه سينزل في تاريخ مصر كرئيس أمضى أقصر فترة في الحكم، كونه بقي في كرسي الرئاسة أقل من المدة التي خدم فيها محمد نجيب بستة أشهر. ويتوقع المراقبون أن ينعكس هذا الحدث بشكل إيجابي على مسار "الربيع العربي"، بحيث تصبح مصر المرجعية السياسية القادرة على المشاركة في صنع مستقبل العالم العربي. وسيكتمل هذا الدور بعد تشكيل حكومة إئتلاف وطني تهتم بتحديد موعد الانتخابات النيابية المقبلة. وفي ظل البرلمان الجديد يُصار الى مراجعة بنود الدستور بواسطة لجنة صياغة تأخذ في الاعتبار الأمور الحساسة المتعلقة بالشريعة الاسلامية ودور الرئيس، ومكانة المرأة وحقوق الأقليات. وحول النشاطات الحزبية، سيصدر قانون يتعلق بجمع الأسلحة على أنواعها، ومن مختلف الخلايا الحزبية السرية. وعندما ينتهي الجيش من تنفيذ هذه المهمة، تقوم جماعة "الأخوان المسلمين" بانتخاب أمانة عامة جديدة تبدأ نشاطها بالاعلان عن حزب سياسي معارض ليس له علاقة بحسن البنا ولا بتاريخ نزاع أربك مصر مدة 84 سنة!
كاتب وصحافي لبناني

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,485,018

عدد الزوار: 6,993,296

المتواجدون الآن: 68