الحصار يكمل سياسة القتل والتدمير

تاريخ الإضافة الإثنين 30 أيلول 2013 - 6:50 ص    عدد الزيارات 299    التعليقات 0

        

الحصار يكمل سياسة القتل والتدمير

فايز سارة

يستمر الوضع الإنساني بالتردي في مدن وقرى غوطة دمشق، وهذا الوضع نموذج لحال مناطق سورية أخرى، تخضع لحصار خانق من جانب قوات النظام. وبعض المناطق مستمر حصارها منذ نحو عام ونصف كما في مثال أحياء حمص القديمة، وبعضها قاربت مدة حصاره العام كما هو حال غوطة دمشق، وثمة مناطق يسير النظام نحو حصارها، كما تبين المؤشرات والوقائع في العديد من مدن وقرى القلمون.

وحسب الواقع، فإن فكرة حصار المدن والقرى في سياسة النظام، ليست جديدة؛ فقد استخدمت في العامين الماضيين على نحو واسع ضد مدن وقرى، كان منها الحصار الشهير لكل من بابا عمرو والقصير في حمص، وكلاهما انتهى بدمار المنطقتين بعد أن قتل واعتقل بعض سكانهما، وشرد الآخرون وهجِّروا في اتجاه مناطق سورية أخرى، أو جرى دفعهم للجوء إلى لبنان الذي يجاور المنطقتين.

والحصار هو طوق أمني عسكري صارم، هدفه منع دخول السكان وخروجهم، أو مرور البضائع والسلع، بما فيها السلع الغذائية والطبية التي يحتاجها السكان في حياتهم اليومية، ويحتاجون بعضها وخاصة الطبية بصورة متزايدة في ظل تزامن الحصار مع عمليات عسكرية يقوم بها النظام على المناطق المحاصرة قصفا بالطائرات أو بالمدفعية والصواريخ، وغالبا ما يترافق مع الحصار قطع الماء والكهرباء وخدمات الهاتف والإنترنت في سياق تشديد الحصار، وجعل الحياة شبه مستحيلة، خاصة لجهة فقد الماء والغذاء والدواء.

ويبدو هدف الحصار مركبا؛ إذ هو في أحد جوانبه تعبير عن سياسة انتقامية تمارس إزاء مناطق فيها مدن وقرى أغلبها ما يزال له دور وحضور (ولو رمزي) في الثورة على النظام وتعبيراتها سواء المدنية والسياسية أو العسكرية.

والهدف الرئيس الآخر للحصار هو إجبار تلك المناطق التي عجز النظام عن السيطرة عليها بالقوة وعبر الآلة العسكرية - الأمنية، على الاستسلام، وبالحد الأدنى إضعافها على أمل أن يؤدي إضعافها إلى سهولة السيطرة عليها، أو توفير ظروف تؤدي إلى استسلامها، وكلاهما يحقق للنظام هدفه في إعادة قبضته وسيطرته على تلك المناطق.

لقد أدت عمليات الحصار إلى تدهور شديد في حياة المحاصرين من الجوانب المختلفة، وخاصة الغذائية والصحية، وبطبيعة الحال فإن التدهور يصيب أكثر الفئات ضعفا داخل المناطق المحاصرة، ولا سيما الأطفال والنساء، ولم يكن مصادفة أن يعلن أخيرا موت أطفال ونساء بسبب الجوع الناجم عن حصار مدينة المعضمية القريبة من دمشق، والمحاصرة منذ أكثر من عام مضى.

المشكلة في عمليات الحصار أنها تكاد تكون خارج صورة الصراع في سوريا؛ إذ يجري الحديث عن صراعات وقتل واشتباكات وتفجيرات في وسائل الإعلام وفي دهاليز السياسة، لكن موضوع حصار المدن والقرى، وهو حاضر ومستمر منذ بداية الثورة وجزء رئيس في استراتيجية النظام، لا يجري التعرض له، وإن جرى ذلك فإن الحديث عن الحصار يقود مباشرة للحديث عن المساعدات الإنسانية والإغاثة، سواء ما تجود به المنظمات الدولية أو ما تقدمه المعارضة، وكله لا يجد له طريقا سالكا إلى المناطق المحاصرة، وبعض ما يصل من جانب المعارضة يكون وصوله من أصعب العمليات وأعقدها، فيما تكتفي المنظمات الدولية بالقول إن الظروف، ومنها العمليات العسكرية، تمنع عمليات الإغاثة، لكن الحقيقة أن النظام يمنع ذلك، وإن يكن عبر أساليب وطرق مختلفة.

إن مئات الآلاف من السوريين يعانون من الحصار ونتائجه المتزامنة مع قتل وتدمير يومي، وسط أقل القليل من الاهتمام الدولي، ووسط ضعف حجم المساعدات، وعدم القدرة على توصيلها إلى المحاصرين، وهذه كلها أمور ينبغي أن تتغير؛ حيث لا بد من جعل القضية في بؤرة الاهتمام الإعلامي والسياسي؛ لأنها أحد أهم تعبيرات الكارثة السورية التي خلقها النظام، ويفترض تعزيز تدخل المجتمع الدولي فيها ليس فقط في موضوع الإغاثة التي من المهم زيادتها، بل باعتبارها أحد موضوعات الصراع في سوريا، وأن الطريق الرئيس لعلاجها يكون برفع الحصار من جهة، ووقف العمليات العسكرية للنظام في تلك المناطق، ثم تقديم المساعدات الإغاثية للسكان هناك لمساعدتهم في العودة إلى حياتهم.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,670,372

عدد الزوار: 6,960,436

المتواجدون الآن: 71