هل تنقذ «عبرا» جديدة طرابلس من حرب أهلية؟

تاريخ الإضافة الثلاثاء 5 تشرين الثاني 2013 - 7:01 ص    عدد الزيارات 326    التعليقات 0

        

 

 
هل تنقذ «عبرا» جديدة طرابلس من حرب أهلية؟
شارل جبور
الخطأ الذي ارتكبه الشيخ أحمد الأسير في صيدا كان في جرّه إلى الاشتباك مع الجيش اللبناني، أمّا الخطيئة التي ارتكباها رفعت وعلي عيد في طرابلس فكانت في ضلوع حزبهما في تفجيرَي طرابلس إلى ان تثبت التحقيقات خلاف ذلك.
الفارق بين حال الأسير وحال "الحزب العربي الديموقراطي" أن الحال الأولى كانت مرفوضة من "حزب الله"، فيما الحال الثانية مدعومة منه، ولكن المشترك في الحالتين أن عجز الحزب عن التخلص من الأسير عبر مواجهة مباشرة معه وحاجته الى دفعه لمواجهة مع الجيش، يوازيها عجز الحزب أيضاً عن مواصلة تظليل "الحزب العربي" بعد تفجيرَي طرابلس، وبالتالي الشيء بالشيء يذكر بعد اكتشاف مخطط سماحة-المملوك، حيث أن الأدلة والإثباتات جعلتا الحزب حينذاك ينأى بنفسه عن هذا الملف.
فلو نجح الأسير بتجنّب الاصطدام بالجيش الذي دبّره الحزب لكان بقيَ لغاية اللحظة في عبرا وأكثر من عبرا بالتأكيد، ولو لم يتورط "الحزب العربي" في تفجيرَي طرابلس، وعلى التحقيقات وحدها أن تثبت براءته خصوصاً أن الأدلة دامغة بدءاً من الوقائع المتصلة بالاتصالات والكاميرات وصولاً الى التوقيفات والاعترافات، لَما كان بالإمكان الحديث عن توقيف علي عيد ومَن يظهره التحقيق فاعلاً ومتورطاً على غرار توقيف ميشال سماحة.
وإذا كان أحد لا يشكّ بأنّ لبنان يعيش في فوضى ما بعدها فوضى، إلا أنه ما زال لهذه الفوضى حدود، والدليل أنّ "حزب الله" الذي اعتبر المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري قديسين يعمل المستحيل على إخفاء أيّ أثر لهم، ولذلك يستحيل على عيد المُتهم بتفجيرَي طرابلس أن يرفض المثول للتحقيق معه والبقاء حيث هو معلوم الإقامة في تحدّ ما بعده تحدّ للدولة وسلطتها وهيبتها، وفي استفزاز ما بعده استفزاز لطرابلس وأهلها.
فهذا التطور القضائي وضع الأزمة الطرابلسية أمام مفترق طريق جديد: إمّا أن تحزم الدولة أمرها وتوقف عيد للتحقيق معه، ما يؤدي إلى تنفيس الاحتقان الموجود وإبقاء الأمور ممسوكة من قبل الدولة، أو أنّ الأهالي سيعمدون إلى تحصيل حقهم بأنفسهم، ما يعني اندلاع مواجهة سنية-علوية ستكون نتائجها كارثية، وقد جاءت حادثة إطلاق النار في محلّة الملولة في طرابلس على "فان" كان متجهاً إلى جبل محسن وأدّت إلى جرح ستة من ركابه وهم من العمال العلويين، لتؤشّر إلى خطورة الوضع ودقته واحتمالات تطوّره نحو مواجهات مفتوحة، وأي مواجهة من هذا النوع يستحيل حصرها في بقعة جغرافية معينة.
وتجنباً لهذا الوضع الذي وضع نفسه فيه "الحزب العربي الديموقراطي"، يقتضي من علي عيد إمّا المثول أمام القضاء والتسليم بنتائج التحقيقات، أو دخول الجيش اللبناني بالقوّة إلى جبل محسن وخروج عيد ونجله وغيرهما على طريقة شاكر العبسي وأحمد الأسير.
وعلى أثر هذه الخطوة يتولّى الجيش مسؤولية الأمن في طرابلس عموماً وجبل محسن تحديداً، وتتولى القيادات السياسية مسؤولية طَي الصفحة الخلافية التاريخية بين الطرفين والمنطقتين وتفويت الفرصة على النظام السوري الذي يريد إعادة إنتاج الحرب الأهلية، كما يريد تصوير طرابلس وكأنها قندهار وتركيع أهل هذه المدينة التي باتت تشكل رمزاً للعنفوان ومعركة السيادة ورفض الوصاية على لبنان، إذ تدفع طرابلس وحدها ضريبة المواجهة عن كل لبنان واللبنانيين.
فما أظهرته التحقيقات في جريمتَي تفجير مسجدَي السلام والتقوى وَضعَ الدولة على المحك، إذ إن عدم إقدامها يعني الدخول في الجولة 18 التي لن تقتصر تداعياتها على طرابلس التي ستشهد هذه المرة حسماً لطرف على آخر، إنما ستتمدّد لتُشعل حرباً مذهبية في كل لبنان.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,294,781

عدد الزوار: 6,986,199

المتواجدون الآن: 63