الثقة المتصادمة>: ميقاتي يلتزم المحكمة وحزب الله يرفضها قراراً وأحكاماً

السنيورة يحجب بإسم <المستقبل> ثقة الرئيس الشهيد ... وبهية الحريري تحذّر من الإنقسام والعزل

تاريخ الإضافة السبت 9 تموز 2011 - 6:19 ص    عدد الزيارات 2622    القسم محلية

        


 

الثقة المتصادمة>: ميقاتي يلتزم المحكمة وحزب الله يرفضها قراراً وأحكاماً
السنيورة يحجب بإسم <المستقبل> ثقة الرئيس الشهيد ... وبهية الحريري تحذّر من الإنقسام والعزل  
 في 7 تموز 2011 نالت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثقة، لتكون اول حكومة بعد اتفاق الطائف، لا تتمتع بشيء من مواصفات حكومة الوحدة الوطنية، التي كانت حكومة الرئيس سعد الحريري، التي سقطت بالثلث المعطل في 25 كانون الثاني 2011، آخر صيغها، حرصاً على العيش المشترك والاستقرار، ومواجهة التحديات والازمات.
بهذه المحصلة، مضت حكومة الرئيس ميقاتي الى قدرها، بـ68 نائباً (او 56 نائباً كما قال الرئيس امين الجميل) اي بفقدان 42 نائباً عن حكومته الاولى عام 2005. وهذا العدد هو ما يشكل كتلة <لبنان اولاً>، التي عمودها الفقري نواب تيار <المستقبل> والتي حجبت الثقة على لسان نوابها، في جلسات المناقشة، وهي ثقة التي وصفها الرئيس فؤاد السنيورة بأنها <ثقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري>.
ومع ان الرئيس ميقاتي، أضاف الى بيانه الوزاري التزامات صريحة وعلى رؤوس الاشهاد بالمحكمة الخاصة بلبنان، اضافة الى 15 تعهداً ازاء كل القضايا المطروحة من التعيينات الى الامن والاقتصاد والادارة والقضاء، فإن كتلة <المستقبل> ومعها حلفاؤها من 14 آذار رفعت الغطاء بصورة كلية عن حكومة اعتبرتها <حكومة حزب الله وحلفائه>، عبر مفاجأة رئيس المجلس ومباغتة رئيس الحكومة ونواب 8 آذار بالخروج من الجلسة على نحو جماعي، في سابقة هي الاولى من نوعها في الحياة البرلمانية اللبنانية، وفي شكل من اشكال الاعتراض النيابي والشعبي لفريق كبير من اللبنانيين، يشكل نصف الشعب اللبناني او يزيد، وايصال رسالة الى من يعنيهم الامر، ان فريق 14 آذار يرفض بصورة قاطعة تغطية <الانقلاب والانقلابيين> والشق الثاني من الرسالة، اعلان بدء المعركة السياسية لاسقاط الحكومة.
وبقدر ما خرجت الحكومة متثاقلة الخطى بالثقة الهزيلة، فإن مصادر نيابية محايدة، قرأت بين تجديد الرئيس ميقاتي التزاماته بالمحكمة والمطالعة ذات البنود الثلاثة حول حجم التزامه، واعلانه <انه لن يقبل بالتراجع عن احقاق الحق والعدالة، فكيف الحال اذا كانت دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري شهيد كل لبنان>، وكذلك اعلانه صراحة التزامه بالقرار 1757 الذي انشأ المحكمة، وما ذهب اليه رئيس كتلة <الوفاء للمقاومة> النائب محمد رعد، من رفض موصوف <للمحكمة وما يصدر عنها>، والتي وصفها بأنها <لا تصلح اصلاً لتسلم منصة الحكم القضائي>، واعتبارها <تجاوزاً موصوفاً للقانون الدولي ومصادرة للسيادة اللبنانية و<فاقدة للصدقية والموضوعية>، و<اداة سياسية في يد الديكتاتورية الاميركية والحركة الصهيونية>، واصفاً القرار الاتهامي بأنه <اتهام سياسي ظالم>، داعياً <لوقفة تاريخية> تسهم في احباط ما وصفه بالمشروع التآمري، مشروع ازمة مرشحة للانفجار في اي وقت كلما اقتربت استحقاقات المحكمة واجراءاتها وتطور الموقف.
اذاً، تمضي حكومة الرئيس ميقاتي إلى قدرها بثقة متصادمة وفقدان التغطية النيابية والسياسية من اولياء الدم، دم الشهداء الذين سقطوا بعد الجريمة المروعة التي ذهب ضحيتها الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وبانتظار جلاء الموقف العربي والإقليمي والدولي والأوروبي من أداء حكومة الرئيس ميقاتي، فان العبرة تبقى في وضع ما التزمت به في بيانها الوزاري، أو في ما التزم به هو شخصياً في رده على النواب، ميزان التبصر في المواقف اللاحقة، والتحدي الاول: هل تنجح الحكومة في التخفيف من حدة الانقسام وصولاً إلى زواله، كما تعهد رئيسها، ألم تأخذ البلد إلى تعميق الانقسام، في غمرة تحولات تزلزل دول المنطقة كيانات وأنظمة؟.
الانسحاب من الجلسة ترقب وانتظار، فماذا في طيات يوم الثقة الغائبة والمتصادمة؟ وماذا عن ورشة الأفعال، بعدما أطلق رئيس الحكومة سلسلة من الوعود والالتزامات ستبقى عناوين المرحلة ومحور المنافسات السياسية والمواجهات التكتيكية بين الحكومة والمعارضة.
ويستفاد من الأجواء المحيطة بالفريقين الموالاة والمعارضة، أن كل طرف سيتربص للاخر لتصيّد اخطائه وينطلق منها لشن حملته لكشف نقاط ضعفه، لأن طبيعة المرحلة تستبعد إمكانية حسم المواجهة بالضربة القاضية.
وأكّد مصدر في كتلة <المستقبل> لـ <اللواء> التعامل الجدي مع الالتزامات التي أطلقها رئيس الحكومة حول موضوع المحكمة بحيث لن يتورع نواب <المستقبل> وجمهوره عن دعم رئيس الحكومة في حال تنفيذ هذه الالتزامات وتصديه لمعارضي التعاون مع المحكمة، رغم الموقف الذي ترجمه نواب 14 آذار بالانسحاب من جلسة التصويت على الثقة، تعبيراً عن رفضهم تكريس الانقلاب الذي حصل، ورفضهم ان يكونوا شهود زور.
ولاحظ المصدر أن الانسحاب بشكل جماعي كان قراراً متخذاً من اجتماع البريستول، الا انه زاد الاقتناع به نتيجة عدم اقتناع النواب برد الرئيس ميقاتي الذي لم يتحدث إلى مسألة تمويل المحكمة، فضلاً عن أن دفاعه عن كلمته <مبدئياً> في فقرة المحكمة، لم يكن موفقاً، بعدما تبين أن وزير الخارجية السابق علي الشامي اشتغلها بتحريك من وزير الخارجية السوري وليد المعلّم، أثناء اجتماع وزراء الخارجية العرب، من دون أن يطلع عليها لا رئيس الجمهورية ولا رئيس حكومة تصريف الأعمال آنذاك سعد الحريري، لافتاً إلى رقم الثقة الذي تحقق وهو 68 صوتاً لم يسجل بتواضعه منذ حكومة الرئيس عمر كرامي في العام 2004، حيث نالت حكومته يومذاك 59 صوتاً ضد 29 وامتناع 20 وغياب 20 نائباً.
أما مصادر الموالاة التي لم تخف ارتياحها لهذه النتيجة المرصودة، فقد أكدت العمل من جهتها على الاسراع في إطلاق ورشة المشاريع والانجازات، وبت مجموعة من الخطوات، في مقدمها ملف التعيينات الحساسة خاصة في حاكمية مصرف لبنان ورئاسة الأركان في الجيش وملء بعض المراكز الأمنية الشاغرة، على أن تكون الخطوة التالية فتح ملف الإدارة، بدءاً من تعيين المحافظين وصولاً إلى ملء الشواغر في الإدارات والمؤسسات العامة. اليوم الثالث
وكانت وقائع جلسة اليوم الثالث والأخير، والتي انتهت بالتصويت على الثقة، عند الرابعة إلا ثلثاً من بعد الظهر، قد تميّزت، خلافاً لأجواء اليوم الثاني، بجو سياسي ديموقراطي راقٍ وحضاري، خلت من مناكفات وسجالات، وظهر أن منسوب الحدة والتوتر تراجع إلى حدٍّ كبير مما كان عليه الحال في اليومين الماضيين، رغم احتفاظ نواب المعارضة بالتصويب على رئيس الحكومة والسلاح والدفاع عن المحكمة، في مقابل دفاع نواب الاكثرية عن الرئيس ميقاتي والسلاح ونعت المحكمة بنعوت متعددة.
وسبق رد الحكومة، على لسان الرئيس ميقاتي، مداخلات لثمانية نواب، سطع من بينهم نجم النائب سامي الجميّل من خلال تصويبه المباشر على سلاح <حزب الله> وانتقاده اللاذع لموقفه من المحكمة والقرار الاتهامي، وتشكيكه بالقرائن والأدلة التي عرضها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وهو ما استدعى رداً من النائب علي عمار الموصى بضبط النفس، مصوباً بعض المعلومات التي جاءت في مداخلة الجميّل، في حين ذهب زميله النائب نواف الموسوي أبعد من ذلك، حين كشف ما اعتبره اسراراً تثبت تعاون الحزب مع المحكمة ومع لجنة التحقيق الدولية، من خلال وجود مكتب للجنة في الضاحية الجنوبية، وذلك قبل الوصول الى اخذ القرار بوقف التعاون معها واعتبارها بمثابة عدوان على المقاومة، كما ذهب الموسوي الى حد تقديم اخبار للنيابة العامة، عندما اتهم رئيس شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي العقيد وسام الحسن بتسريب مضمون القرار الاتهامي الذي اتهم اربعة عناصر من الحزب الى احدى وسائل الاعلام، كاشفا بأن أحد هؤلاء (مصطفى بدر الدين) كان له دور في تنظيم مقاومة الاحتلال الاميركي في كل من الكويت والعراق.
كما تميزت الجلسة، بمداخلة مطولة للنائب السيدة بهية الحريري، حذرت من خلالها الحكومة من ادخال لبنان في اعراض المنطقة، ولما وصفته بـ <لعبة الامم>، وتساءلت في سياق مخاطبتها الرئيس ميقاتي: <هل نحن من قايض على دماء الشهداء من اجل رئاسة الحكومة>، مذكرة بأنها كانت قد سمت الرئيس ميقاتي لترؤس الحكومة بعد جريمة اغتيال الرئيس الحريري، ومؤكدة بأن تيار <المستقبل> يريد ان يتسامح وان يتصالح على اساس كشف الحقيقة.
اما الرئيس فؤاد السنيورة فقد كانت له مداخلة مطولة، كانت بمثابة مرافعة سياسية في تداول السلطة والوسطية والقوة في مواجهة الحق، ورفض معادلة الاختيار بين العدالة والاستقرار باعتبارها معادلة غير اخلاقية، وختم مخاطبا الرئيس ميقاتي: ان الرئيس رفيق الحريري يحجب عنكم الثقة، بسبب اختياره الابهام والالتباس في فقرة المحكمة في البيان الوزاري وتغطية الانقلاب على المحكمة والتنكر لحق الشهداء.
واعتبر ان ما اقدمت عليه الحكومة في موضوع المحكمة لم تقدم عليه اي حكومة اخرى، وهي في ذلك كحال رجل حمل بيده اليمنى قلماً وفي اليسرى ممحاة يكتب باليمين ويمحو باليسار. وهو ما رد عليه لاحقاً الرئيس ميقاتي قائلا: بأنه يكتب عادة بقلم حبر، في حين انه (اي السنيورة) يكتب بقلم رصاص.
 
تحليل سياسي
الثقة··· بتراء!
كتبت نادين سلام:
نالت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثقة المبتورة من فئة معينة دون الأخرى، بعد سجالات عقيمة وإهانات متبادلة أسقطت عن المجلس ومن بداخله هيبة الموقع وحس المسؤولية، وكرّست كل فريق خلف متاريس مواقفه حيث باتت العودة عنها في منتهى الصعوبة!·
لم تكن الثقة للحكومة بالمرحلة السهلة التي تجاوزها المواطن بوعي تجاوز ممثليه تحت قبة البرلمان الذين تركوا العنان للكلام الصبياني و?<الحركات الشوارعية> لتضفي بعض الـ?Suspense على الجلسات، أو بالأحرى لتسجل حضور البعض بشكل لافت!·
ولكن، يتساءل اللبناني عمّا بعد الثقة بعد العرض المشوّق الذي قام به نواب البرلمان؟ فأية حكومة وأية إنجازات في ظل الهجوم والهجوم المضاد الذي ساد في الأيام الثلاثة الماضية؟·
وهل ستستخدم الأكثرية سلاح التصعيد كلما كان للمعارضة موقف حاسم تجاه أداء الحكومة؟ عندما اختار فريق 8 آذار، ومن انضم إليه، تشكيل حكومة اللون الواحد، كان على علم لما ينتظره من معارضة الفريق الآخر، وهي أصول اللعبة الديمقراطية، إلا أن الممارسة على الأرض جاءت مخالفة، فكانت محاولات مستمرة من قبل البعض لإلغاء الآخر وكأنه الممثل الحصري لطائفته واللاعب الأساسي على الساحة السياسية!·
إن العرض الذي دار في جلسات مناقشة البيان الوزاري أثبت أن الكيدية هي سياسة الجميع، فكل فريق يحاول أن يسقي غريمه من الكأس التي شرب منها في موقعه السابق· الأكثرية الجديدة تحاول الإمساك بزمام الأمور والسيطرة على مرافق الدولة بالتي هي أحسن أوبما تمليه قوة السلاح، ملوّحة بفتح الملفات التطهيرية والإصلاح ضد الفساد! أما المعارضة الجديدة، فتمارس نفس المعارضة الصمّاء التي عانت هي منها في الحكومات السابقة، فلا فترة سماح ولا فرص (لا مجانية ولا مدفوعة!)، فهي منقضّة على الحكومة ومصمّمة على إسقاطها عند أوّل فرصة··· كحق شرعي مارسته المعارضة السابقة ضدها، مع فارق أنها كانت متستّرة تحت غطاء الشراكة في حكومة الوحدة الوطنية إلا أنها انتهزت اول فرصة لطعن رئيسها وإسقاطها برمّتها!·
إن الممارسة العرجاء للديمقراطية في لبنان تفرغها من مضمونها وتجعلها معطلة في وقت هي مقدّر لها أن تشكّل دافعاً قوياً لتحسين الأداء المؤسساتي في الدول المتحضرة وتحصيل حقوق المواطن على أتمّ وجه·
لقد أثبت اللبناني انه توّاق للاستقرار والتنمية وتحقيق الطموحات بالعيش الكريم بعيداً عن التجاذب السياسي والمتاجرة بلقمة العيش، ولكن من جهة أخرى، أثبتت القوى السياسية أن ارتهانها <للعبة الأمم> كما أسمتها النائب بهية الحريري، أقوى من أن تقدّم التنازلات لتحقيق مصلحة الوطن العليا، فهل يحتاج لبنان لربيع جديد يطهره من القضايا الخلافية، ويلمّ شمل قاعدته الشعبية حتى تطيح بكل من تسوّل له نفسه أن يفرّق حتى يَسُدْ؟·
وإلى أن تحين هذه اللحظة، فليكن الله بعون المواطن حتى يسدّ ثغرات الانقسامات العميقة في الشارع وتبقى ممارساتها مقتصرة على المؤسسات ضمن الديمقراطية السليمة والسلمية!·
 
واقع الإنقسام السياسي يُعيق حركة الحكومة بعد نيلها ثقة نصف المجلس النيابي
عقبات تحول دون معاودة الحوار الوطني لخلاف على مواضيعه ومرجعيته
<محاولة معالجة الإنقسام بالعودة إلى طاولة الحوار دونها عقبات ومحاذير عديدة صعب تخطيها>
خرجت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من المجلس النيابي حائزة على ثقة أكثر من نصف أعضاء المجلس النيابي بقليل، بينما حرمت من نيل ثقة النصف الآخر تقريباً لتجسّد بهذه الصورة واقع الانقسام السياسي الحاد الذي اعترف رئيس الحكومة شخصياً بوجوده في ردّه على كلمات النواب، وتعهد بمعالجته والتخفيف من وطأته من خلال معاودة جلسات الحوار الوطني والارتكاز إلى دستور الطائف، في حين أنه لم يستطع منذ تسميته رئيساً للحكومة قبل ستة أشهر تقريباً من التقليل من حدة هذا الانقسام أو تجاوزه، لأسباب عديدة بعضها داخلي وخارجي، يرتبط بانضمام الرئيس ميقاتي طائعاً ومختاراً إلى صفوف تجمّع الأكثرية الجديدة، ولم يبق في موقع حيادي مقبول يستطيع من خلاله أن يقرّب بين الأطراف المتخاصمين من بعضهم البعض، إما لعدم مقدرته السياسية والشخصية للعب مثل هذا الدور، وإما لعدم السماح له من قبل التحالف السوري - الإيراني للقيام بذلك، في سبيل إبعاد القوى السياسية المناهضة لهذا التحالف بعيدة عن المشاركة في سلطة القرار، انتقاماً منها لرفضها التنازل عن المحكمة الدولية كما هو معلوم للجميع وتسهيلاً للإمساك بسلطة القرار السياسي الداخلي في لبنان كما كان الحال عليه قبل الانسحاب السوري من لبنان في العام 2005، والسعي قدر الإمكان لانهاء كل ما نتج عن هذه الحالة سياسياً وسلطوياً، كما تسرب ذلك علناً في مواقف الاطراف السياسيين لهذا التحالف في اكثر من مناسبة سياسية·
ويبقى السبب الاقليمي والاهم، وهو محاولة التحالف الايراني السوري استعمال لبنان كساحة نفوذ وموقع تأثير في الصراع السياسي الدائر حالياً مع دول الخليج العربي عموماً وتحديداً المملكة العربية السعودية في اكثر من دولة عربية، وسعي هذا التحالف من خلال الامساك بالواقع السياسي الداخلي واسقاط حكومة الوحدة الوطنية، تجذير حالة الانقسام السياسي الداخلي، لاظهار مدى قدرة نفوذ وتحكم هذا التحالف في المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة والغرب عموماً حول الملف النووي الايراني من جهة ومنع محاولات اضعاف النظام السوري واسقاطه على حدٍ سواء، بعدما امتدت حمى الانتفاضات العربية الى سوريا فجأة خلافاً لكل التوقعات بهذا الخصوص من جهة ثانية·
اما محاولة معالجة هذا الانقسام بالعودة الى طاولة الحوار الموعودة، فدونها عقبات ومحاذير عديدة، ليس من السهل تخطيها في ظل استمرار انعدام الثقة القائمة بين كل الاطراف السياسيين المتخاصمين في الوقت الحاضر، وعدم وجود مرجعية سياسية او شخصية سياسية مسؤولة تستطيع جمع هذه الاطراف على طاولة الحوار الوطني من جديد، بعدما اهتزت ثقة الاطراف السياسيين في المعارضة تحديداً برئيس الجمهورية المؤهل للعب مثل هذا الدور بفضل موقعه الجامع، بعد انحيازه لرغبة اطراف سياسية دون الاخرى في الازمة السياسية القائمة، كما حصل في قيامه بتأجيل الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة الحالية، بمعزل عن موافقة تحالف قوى 14 آذار والدور الذي لعبه الوزير المحسوب على فريقه في اسقاط حكومة الوحدة الوطنية بإرادة سورية - ايرانية خلافاً لكل الأسس التي تشكلت على اساسها حكومة الوحدة واخيراً الاقدام على الموافقة التي لم تراع فيها اسس الوفاق الوطني والوحدة الداخلية، في حين لم يوافق على توقيع مراسيم اول تشكيلة حكومة قدمها اليه الرئيس سعد الحريري بحجة انها لم تكن ميثاقية خلافاً للواقع، في حين ان الهدف الحقيقي كان عدم اغضاب الأطراف السياسية المتحالفة مع سوريا وإيران فقط لا غير· يضاف إلى ذلك أيضاً المواضيع والقضايا التي ستدرج على جدول طاولة الحوار، لا سيما وأن هناك قضايا ومسائل تمت الموافقة عليها في السابق بالإجماع ولم تنفذ حتى اليوم، بل هناك محاولات للتراجع عنها كما يحصل في موضوع المحكمة الدولية تحديداً، ومواضيع لا يزال الخلاف قائماً على البت فيها كموضوع سلاح <حزب الله> مثلاً·
وفي ضوء ما تقدّم، تبدو نوايا رئيس الحكومة بالعمل على التخفيف من حالة الانقسام السياسي السائد حالياً تصطدم كذلك، بواقع الانقسام العربي والإقليمي الذي يرخي بظلاله على المنطقة ككل وعلى لبنان تحديداً، ولا تبدو في الأفق ملامح تجاوزه في وقت قريب، ما لم تظهر تحركات ونوايا جدية في هذا الخصوص، لذلك من الصعب على اللبنانيين تجاوز مؤثرات واقع هذا الانقسام الاقليمي ما دام بعض الأطراف اللبنانيين وتحديداً حلفاء سوريا وإيران، يتفاعلون مع هذا الانقسام ويحرصون على تعميم حالته على الواقع اللبناني، تارة بفعل التهديد بقوة السلاح غير الشرعي لحزب الله للاستئثار بواقع السلطة لصالحهم كما يحصل اليوم، وتارة بشل الحياة السياسية كما حصل في السابق، وقد يؤثر هذا الواقع سلباً على حركة الحكومة ويشل قدرتها في ممارسة مسؤولياتها·
معروف الداعوق
 
 
 
 

المصدر: جريدة اللواء

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,208,804

عدد الزوار: 6,982,972

المتواجدون الآن: 73