التبانة - جبل محسن: تدمير ذاتي بقرار خارجي...السعودية رفضت استقبال الراعي رغم التزامه "شروط" قطر..."حماس" ترفض استغلال "يوم الأرض".. ...السوريون النازحون إلى البقاع: «مربعات» آمنة وروايات عن قوافل المنكوبين
لبنان: اللقاء المسيحي- الإسلامي في بكركي ينأى بنفسه عن الخلاف حول سورية والسلاح
الثلاثاء 27 آذار 2012 - 5:51 ص 2030 محلية |
لم يحمل البيان الصادر عن اللقاء التشاوري المسيحي - الإسلامي الذي عقد في بكركي أمس بدعوة من البطريرك الماروني بشارة الراعي لمناسبة عيد البشارة ومرور عام على توليه سدة البطريركية جديداً. فاللـقاء الذي شارك فيه مفتي الجمهورية الـشيخ مـحمد رشـيد قباني، نائب رئيس المجلـس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، شيخ عقل طـائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، رئيس المجـلـس الإسـلامي العلوي في لبنان الشيخ أسد عاصي، النائب البطريركي العام للأرمن الكاثوليك المطران جان تيروز ممثلاً البطريرك نرسيس بيدروس التاسع عشر، المطران ألكسي مفرج ممثلاً المطران الياس عودة عن طائفة الروم الأرثوذكـس والـمـطران بولـس دحـدح عن الـطائفة اللاتينـية، إضـافة إلى أعـضاء لـجنة الحوار المـسـيحي- الإسـلامي، اسـتهل بالحديث عن الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، إضافة إلى ضرورة الاحتكام إلى المؤسسات الدستورية لمعالجة الخلافات والاعتماد على الجيش لحل القضايا الأمنية وتعزيز الوحدة الوطنية بين جميع اللبنانيين واعتبار الدولة مصدر قوة لكل اللبنانيين. في حين ركز بيانه الختامي على الثوابت الأسـاسـية متجنباً الدخول في تفاصيل المواضيع الخلافية كسلاح «حزب الله» والموقف من الأزمة في سورية.
وأشـار البيـان الختامي إلى أن المجتمعين تـوقـفوا «عـند التـحـولات الـتي شـهـدتـها المنطقة وأدخلتها مرحلة تاريخية جديدة أدت إلى سـقـوط أنـظـمة سياسية عدة»، مؤكدين «حـق الـشـعوب في خـياراتها»، وأعربوا عن «خشيتهم مما قد يحصل إذا طال الوقت في البحث عن الطريق السليم لإرساء دولة القانون والعدالة والمساواة في تلك المجتمعات». وأملوا بأن «تتماسك الأسرة العربية بالمحبة والوحدة والتضامن والتنوع أمام تحديات العولمة وما يتهدد المنطقة من مخاطر ومخططات فتستعيد مكانتها ودورها في الأسرة الدولية». وتابع البيان أن المجتمعين توقفوا أمام المشهد السوري، وأعربوا عن «شجبهم للعنف المتمادي وحزنهم الشديد على الضحايا التي تسقط كل يوم»، وقال إنهم «يبتهلون كل يوم إلى الله أن يحفظ أمن سورية ووحدتها وسلامتها ويحقن دماء أبنائها».
كما أسفوا «لاستمرار دوامة العنف والتفجيرات المتكررة في العراق»، آملين بأن «يستعيد هذا البلد وحدته الداخلية في تنوعه ويقوم بدوره الحضاري ضمن الأسرتين العربية والدولية». ودانوا «ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ظلم واعتداءات مستمرة على الأرواح والمقدسات والممتلكات»، مطالبين المجتمع الدولي بـ «إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وتطبيق القرارات الدولية، لا سيما حق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم».
وأكد المجتمعون تحصين الوضع الداخلي اللبناني و «الوحدة الوطنية المبنية على العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين وصونها من أي تأثر للأحداث في المنطقة على خصوصية لبنان»، وشددوا على «خيار اللبنانيين الأساسي في أن يكونوا معاً في كيان ارتضوه وطناً نهائياً مستقلاً موحداً»، كما أسفوا لحال التفسخ السياسي الذي يصيب الساحة الداخلية وأكدوا أن لبنان لا يستطيع مواجهته إلا بالحوار الجاد والمعمق في المسائل الخلافية والتضامن والمسؤولية الوطنية التي هي الأسس الناجعة للوقوف في وجه كل ما يعصف بالوطن.
وأعرب المجتمعون عن تأييدهم «التدابير التي تتخذها الدولة في سبيل الحفاظ على أمن المواطن ودعوها إلى المزيد منها، ورأوا أن «الملف الاجتماعي الناتج من الأزمة الاقتصادية التي تنذر بأوخم العواقب يجب أن يلقى الاهتمام اللازم بعيداً من التجاذبات السياسية والمصالحة الضيقة». وأكدوا «متابعة العمل من أجل عقد قمة روحية إسلامية- مسيحية على مستوى العالم العربي لتعزيز العيش المشترك الإسلامي- المسيحي واستلهام تعاليم الدينتين وقيمهما وخبرات التاريخ المشترك».
وكان المجتمعون أعربوا في بداية اللقاء عن «أسفهم لوفاة البابا شنودة بطريرك الكرازة المرقسية الذي يعتبر من الشخصيات الاستثنائية التي تميزت حياتها بنضال لتعزيز العيش الواحد الإسلامي- المسيحي والالتزام بالقضايا الإنسانية وقضايا الوطن العربي وفي مقدمها القضية الفلسطينية»، كما عزوا سورية بوفاة شيخ العقل في السويداء».
وكان الراعي افتتح اللقاء بكلمة شدد فيها على أهمية الحوار لحل كل الخلافات التي من الممكن أن تطرأ نظراً إلى المستجدات على الساحتين الداخلية والإقليمية من أجل وحدة لبنان واللبنانيين.
قداس عيد البشارة
وكان الراعي ترأس قداس عيد البشارة والذكرى السنوية الاولى لتنصيبه في بكركي بمشاركة البطريرك نصر الله صفير، وأصدر الرسالة العامة الأولى بعنوان «شركة ومحبة»، وأكد أنه «لا يمكن إقصاء أحدٍ من المواطنين أو الاستغناء عنه أو إلغاؤه، أياً يكن دينه وثقافته ورأيه. لبنان بحاجة إلى كلِ طائفة ومذهب وحزب وفرد وجماعة. فهو ينهض بمساهمة الجميع، وبالقيمة المضافة التي يشكِلها الأفراد والجماعات. هذا هو موقفنا وموقف الكنيسة»، شاجباً «الانقسام والاستعداء والخلاف الناتج من الاختلاف في الرأي أو الدين أو الثقافة».
ودعا اللبنانيين الى «التعالي عن كلِ ما يفرِق في ما بينهم وعدم التلهي بالصغائر، في زمن ينتظر فيه من لبنان أن يقدم ذاته، على مساحة دول الشرق الأوسط، نموذجاً للعيش المشترك. فيكون السبيل الأول إلى ذلك تحقيق المصالحة المستدامة والوحدة الوطنية بين جميع مكونات الوطن».
وبعد حضوره القداس، عقد رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النيابي ميشال عون خلوة مع الراعي. وهنأ عون في تصريح البطريرك «لمناسبة مرور سنة على تسلمه رعيته الكبيرة ورئاسة الكنيسة المارونية».
وعن غياب قوى 14 آذار عن القداس، قال عون: «هذا أمر سياسي، انا جئت للتهنئة بالعيد».
وأصيب عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي إدغار معلوف بعارض صحي خلال القداس، ونقلت محطة «أو تي في» عن طبيبه أن «وضعه مستقر وهو عارض بسيط في ارتفاع ضغط الدم».
الشيخ حسن: تمنّينا تضمين بيان القمة الروحية الدعوة لحل سياسي بسوريا ولم يُستجب لنا
حتى الجمعة الماضي، كانت تعيش في عرسال 327 عائلة سورية بصفتها نازحة، وفي سعدنايل 260 عائلة. البلدتان بقاعيتان تقعان شرق لبنان. ويقول ناشطون في جمعيات أهلية ومدنية محلية إن العدد يرتفع مساء كل يوم وبنسب متفاوتة.
تحاذي عرسال الحدود مع سورية، وتفصلها عن سعدنايل بلدات كثيرة تمتد لنحو ساعة ونصف ساعة بالسيارة. يؤكد نازحون أن اختيار هاتين البلدتين لم يكن عشوائياً، إنما بسبب «الأمان» فيهما. والأمان في هذه الحال يعني اللون الطائفي، إذ أن أهالي البلدتين المختارتين من السنّة، بينما البلدات بينهما حيث ترفع صور كثيرة للأمين العام لـ «حزب الله» جنباً إلى جنب مع صور الرئيس السوري بشار الأسد، من الشيعة أو من خليط طائفي. الهاربون من آلة القتل في سورية استعاروا من اللبنانيين عبارتهم الشهيرة «مربعات أمنية» للإشارة إلى أن هذه البلدات تقع، في أذهانهم، تحت سيطرة «حزب الله».
نازحو البقاع، إضافة إلى سوريين كثيرين (غير مشمولين بتلك الأرقام) لجأوا إلى المنطقة من دون أن يحملوا هذه الصفة، لا اعتراف رسمياً لبنانياً بوجودهم. وإذا استثنينا تصريحات متفرقة بعضها لنواب في كتلة «المستقبل» تنتقد عدم الاهتمام الرسمي اللبناني بقضية النازحين إلى البقاع وعدم مساعدة الهيئة العليا للإغاثة هؤلاء أسوة بالسوريين النازحين إلى شمال لبنان، واستثنينا تصريحات أخرى لنواب ومسؤولين ضمن قوى 8 آذار تعتبر ما يجري في البقاع زيارات سوريين عادية لأقارب وأصدقاء لهم في لبنان، لا يبقى إلا واقع قاس فرض على عائلات مؤلفة بمعظمها من أم وأطفال كثر، ويوميات يعيشونها قلقاً على أقارب لم يحالفهم الحظ في الفرار أو أخوة فضلوا تهريب نساء العائلة «خوفاً على العرض» ولجأوا إلى الجبال والبساتين خوفاً من القتل أو الاعتقال.
هذه اليوميات تشبه يوميات النزوح اللبناني في كل شيء، حتى تكاد تماثلها: من تقاسم جميع الأطفال فراشاً رقيقاً على أرض مدرسة أو ملجأ أو قبو دار عبادة، إلى انتظار صندوق إعاشة ملصقة عليه ورقة بيضاء تذكر بـ «أهل الخير»، إلى الاحتجاج على انقطاع المياه، إلى دعاء الأمهات المتشحات بالأسود بأن ينزل الله بظالميهن ظلماً يفوق ما لحق بهن.
«الحياة» جالت على النازحين في سعدنايل وعرسال وبلدات أخرى في البقاع، وبدا ما يروى عن المناطق التي نزح الأهالي منها وعن حال النازحين مماثلاً لما رواه اللبنانيون النازحون من جنوب لبنان خلال حرب تموز (يوليو) 2006.
< في ساحة شتورة سيارات كثيرة لوحاتها سورية، لكن السوريين هنا وفي بلدات أخرى قريبة لا يحملون صفة نازحين بالمعنى الدرامي للكلمة. غالبية هؤلاء من ميسوري الأحوال خرجوا مع بدء الأحداث في سورية من مناطق كالزبداني ودمشق، ودخلوا إلى لبنان عبر المصنع وبطريقة شرعية، واستأجروا منازل في بلدات كالمرج وبرالياس وقب الياس، وحتى زحلة التي فضلها المسيحيون منهم خصوصاً، بسبب الانتماء الديني لأهلها. هؤلاء لا يشملهم التعداد الذي تجريه البلديات والجمعيات المدنية للنازحين السوريين.
على مسجد تعلبايا عند مدخل بلدة سعدنايل، ألصقت أوراق ملونة كتبت عليها عبارات: «لعيونك يا شام» و «حملة للتبرع بالمواد العينية والمادية للاجئين السوريين»، في ما يشبه الاعتراف الأول بوجود «لاجئين سوريين». أما داخل البلدة فيقول رئيس «رابطة شباب سعدنايل» الناشط عمر الحلبي إن النازحين 260 عائلة، وإن المعدل الوسط لأفراد كل عائلة هو 5. في سعدنايل وحدها حوالى 1300 سوري إذاً، وهو رقم يرتفع مع استمرار الثورة السورية. عائلات كثيرة نزحت خلال الأسبوعين الماضيين مع اشتداد القصف على المناطق المتاخمة للحدود مع لبنان.
غرفة تحت الدرج
يوصل درج إلى منزل من غرفتين. المنزل قديم، جدرانه من الحجر غير المطلي. تحت الدرج فتحة في الجدار تشكل الباب المؤدي إلى غرفة تنخفض نحو نصف متر عن سطح الأرض. الغرفة بلا نوافذ، ورائحة الرطوبة المنبعثة من جدرانها تزيد كآبة المكان.
السرير على يمين المدخل يتمدد عليه رجل مُقعد. أما الفرش الموزعة بطريقة الـ «مَدّة» العربية، والأغطية المرصوفة فوق بعضها بعضاً على الجانب، فلأفراد عائلتين تتقاسمان المكان، كل منهما مؤلفة من ستة أشخاص. في بضعة أمتار مربعة تحت الأرض يعيش 12 شخصاً معظمهم أطفال.
ترفض السيدة الثلاثينية تصويرها داخل الغرفة، وتضحك لدى سماعها كلمة «لاجئين». لم يعتد السوريون هذا الوصف لغير الفلسطينيين. تعرّف عن طفلاتها الأربع اللواتي يوحين بأنهن من عمر واحد، وتستعيد حكاية الهروب من معرّة النعمان قبل أسبوعين: «عندما اشتد القصف علـــينا خرجنا بالسيارة من المعرة. الوضع كان صعباً، وكلما اقترب القصف كنا نلجأ إلى البساتين لنختبئ، لساعتين أحياناً ثم نعود إلى السيارة ونكمل الطريق. هربنا بما علينا من ملابس، وتركنا حياتنا كلها في المعرّة. هكذا فعل جيراننا. لم يبق هناك إلا بضع عائلات. دخلنا إلى لبنان في اليوم الذي قيل فيه إنهم ضبطوا 7 مسلحين. كنا نسمع صوت الرصاص ولا نرى مسلحين».
تكثر السيدة من حمد الله، وتقول مرة بعد مرة: «نصيبنا. شو بدنا نعمل». لكن أكثر ما تشكر الله عليه هو معرفتها بالعائلة التي تملك المنزل في سعدنايل: «قدّموا لنا الملجأ من دون مقابل. وأمس أحضر لنا سعاة الخير صندوق كرتون فيه أغذية. وأتونا بأغطية وفراش لكل عائلة. أعطونا الحليب للأطفال، الله يعطيهم العافية». أما الطبابة، فمؤمنة لكل نازح سجل اسمه ومكان سكنه على بطاقة من البلدية، تخوله العلاج والحصول على دواء من دون مقابل».
الأهالي في سعدنايل لم يعبروا عن انزعاج من وجود هذا العدد من النازحين السوريين في بلدتهم. أئمة المساجد كما الجمعيات، حريصون على اعتبار احتضان هؤلاء قضية دينية وأخلاقية سامية. هذا الأمر تتحدث عنه السيدة وهي تروي أن الجميع لاقاهم بالترحاب، لكن «الواحد منا، بيننا وبين أنفسنا يحس بالثقل. عندما يكون الشخص في بلده يختلف الأمر. الله يهدّي الأحوال بالمعرة، بدنا نروح».
تتدخل الشقيقة لتروي فصولاً أخرى. تقول إن زوجها مقعد، وان زوج شقيقتها خرج بعربة ليبيع الكعك من أجل تأمين المصروف «فصندوق الإعاشة لا يكفي. وبرقبتنا صغار، والأسعار في لبنان مرتفعة جداً». تستعيد يوميات المعرة لدى سؤالها عن مسلحين في بلدتها: «أي مسلحين؟ كان كل شـــيء عادياً، وفجأة دخلوا (الجيش السوري). كنا نعيش في أمان، ولكن منذ صارت المشاكل، لم يعد أحد يأمن الخروج من داره. من يرونه يذبحونه ولا نعرف من يقتل ولماذا. الآن لا نعرف شيئاً عن الحال هناك. حتى الاتصالات انقطعت، وبيوتنا لا نعرف إذا بقيت. احتلوا بيوتاً كثيرة غادرها أصحابها».
ترتفع ضحكات الصغيرات اللواتي تكاد صورتهن أن تكون واحدة: ضفائر شقر ووجوه حمر متشققة وخجل بينما يتحدثن عن اشتياقهن للمدرسة في المعرة و«المنشية» والرفيقات. ولدى سماع الأم تتحدث عن ذعر إحداهن من دوي القصف، تبادر أكبرهن: «صار قتلى كتير، لكنني لم أخف. كانت ماما تصرخ وترتجف وتطلب أن نقول: يا لطيف يا لطيف».
قرب المنزل- الملجأ تقع «رابطة أبناء سعدنايل» التي تتولى التواصل مع النازحين. يقول الحلبي إن شبان سعدنايل أخذوا على عاتقهم بداية، تقديم المساعدة للنازحين على قاعدة «إذا دق شخص خائف باب بيتنا لن نقفله في وجهه». البداية إذاً كانت بتبرعات دعا إليها أئمة المساجد، إضافة إلى مساعدات قدمتها جمعيات ائتلاف الخير والرابطة والهيئة الصحية وأزهر البقاع. وصار كل من يملك غرفة أو دكاناً مقفلاً يقدمه لعائلة نازحة. عندما ارتفع عدد النازحين، استؤجرت منازل تدفع بدلها البلدية والجمعيات التي انضم إليها سعاة خير عرب وجمعيات محلية وأجنبية وخليجية، أما «تيار المستقبل» الذي توسم البلدة باسمه فـ «لم يقدم ليرة واحدة لنازح في سعدنايل» كما يقول الحلبي.
«النازحون إلى سعدنايل يصلون إليها من مشاريع القاع أو عرسال عبر «التهريب» أي أنهم يخرجون من الأراضي السورية في صورة غير شرعية، ولا تسجل أسماؤهم على الحدود. أما الجرحى بينهم، فينقلون عبر أشخاص أو عبر الصليب الأحمر إلى مستشفى شتورة أو الشمال بحسب الحالة. ولمستشفى شتورة قصة صارت معروفة. في البداية كان الناشطون يتعرضون لمضايقات قالوا إنها من مخابرات الجيش ومن عناصر «حزب الله»، ما اضطرهم أحياناً إلى تهريب جرحى من المستشفى إلى الشمال. أما بدل العلاج فكانت تتكفل به التبرعات»، يضيف الحلبي.
هل نقلتم مقاتلين للعلاج في لبنان؟ يجيب: «لا نعرف إذا كانوا مقاتلين أو مسلحين. ننقل جرحى، وبعد العلاج يعودون إلى بلادهم. نحن لا نعرف أصلاً إذا كان بين المصابين مَن هم مع النظام السوري، ولكن من باب الحذر ولأسباب أخرى أمنية نجمع معلومات عن الشبان الموجودين في البلدة وأماكن سكنهم».
عرسال
على بعد نحو ساعة ونصف ساعة من سعدنايل، تبدو عرسال هادئة بينما الأهالي متجهون للمشاركة في تظاهرة دعماً للثورة في سورية بعد صلاة الجمعة. على طريق فرعي قرب مدخل البلدة يغص مستوصف رفيق الحريري بالنازحين ومعهم أطفالهم. تتحدث الناشطة العاملة في المستوصف وهيبة الفليطي عن 27 عائلة دخلت عرسال في الليل الفائت. وتقول انه بعدما كان النزوح في الأسابيع الماضية من مناطق حمص وبابا عمرو تحديداً، صار كثيفاً من مناطق القصير وجوسية والنزارية، وبين النازحين جرحى كثر.
وتتحدث عن استضافة البلدة النازحين في بيوت لا يشغلها أصحابها وفي مصليات، لكن «البلدة قد لا تتسع لنازحين جدد. وإذا استمر التدفق لا نعرف ماذا سنفعل»، وهو أمر يبدو رئيس البلدية علي الحجيري قلقاً منه، خصوصاًَ أن لا اعتراف حكومياً بقضية النازحين إلى البقاع، ما يحمّل البلديات مسؤولية جسيمة.
الفليطي تـــشير إلى مساعدات طبية كثيرة تقـــدم للنازحـــين، بعضها من منظمة «أطــــباء بلا حدود» وتتردد أقاويل عن نيتها إنشاء مستشفى مـــيداني في الــبلدة، إضافة إلى مؤسسات أخرى مثل «أم آي سي» الطبية، كما قدم بعض الصيدليات إلى المستوصف أدوية مجاناً. وتلفت إلى أن السوريين يحاولون التكتم كثيراً لدى الإدلاء بمعلومات عنهم وعن عائلاتهم، خصوصاً الشبان. وتروي أن «أحد الجرحى بدا متكتماً على اسمه واسم بلدته، ولما أصررنا، أعطى اسم شاب من البلدة. لاحقاً عرفنا من سوريين آخرين أنه مقاتل، وأنه عاد إلى سورية».
«لعيونك يا حمص. الدم والمال والروح بترخص»، اللافتة هذه رفعت على مدخل عرسال. وفي بيوت كثيرة في البلدة يروي نازحون أن ثياباً وأطعمة وأدوية قدمت لهم، وان أحداً لم يبخل بشيء، إنما على ألسنة كثيرة تكرر عتب على حكومة لبنان التي «لم تنظر لحالنا».
في مصلّى يصعب الوصول إليه بالسيارة، بسبب رداءة الطريق، تقطن عائلة من ثمانية أشخاص، يقول الشاب من آل عمار والذي لم يتجاوز عمره 16 سنة إن حالها أحسن من أحوال غيرها بكثير. المقارنة هنا بين حال العائلة ووضع أقارب له نزحوا إلى مصلى آخر في البلدة. في ذاك المصلى ترقد صبية تتعافى من إصابة برصاصة في الرأس، بينما العائلة كلها لم تتعافَ من صدمة مقتل الابنة الأخرى برصاصة أطلقها العسكري نفسه.
حكاية الصبيتين يرويها الشاب: كانوا طالعين من الزرار، عندما أوقفهم الحاجز طالباً منهم العودة. وبينما تلتف السيارة أطلق العنصر الرصاص عليها فأصاب رغدة (13 سنة) وقتل ملك (18 سنة). دفنا ملك وخضعت رغدة لعلاج أولي. بعد ثلاثة أيام هربنا مجدداً».
لقصة الهروب شرح يطول. ويقول الشاب: «صرنا نتنقل ضمن مجموعات من خمسة. واتفقنا على أن من يسقط منا برصاص القناص نتركه ويكمل البقية الطريق. دخلنا بيوتاً كثيرة نعرف أنها آمنة، إلى أن وصلنا إلى الحدود. هناك وضع الله في طريقنا أولاد حلال أمنوا دخولنا إلى لبنان». ولكن، لماذا إلى عرسال؟ يجيب الشاب: عرسال آمنة، ويبتسم. وبعد إلحاح، يقول: «المناطق الثانية لحزب الله، ونحن ما صدقنا كيف هربنا من اللي عندنا».
هرّبونا الى لبنان حرصاً على شرفهم
تتوسط الأم المتشحة بالأسود كنّتيها وابنتها، وتشير بيدها صوب طفلة رضيع لم تكمل الشهر، لتسأل: ما ذنب هذه الطفلة أن تأتي الى العالم ولا ترى والدها؟
السؤال أثار موجة بكاء لا يبدو أنه غاب اصلاً عن هذا المنزل الذي قدمته عائلة من عرسال تقطن في منزل مجاور، الى ست عائلات من آل عامر، لكل منها أربعة أطفال. العائلات نزحت من القصير الإثنين قبل الماضي «عندما اشتد القصف هناك». أما تفاصيل الهروب، فتطلب الأم التكتم عنها، تقول: «لا نعرف كيف هربنا. دبّروا لنا الوضع وأتينا الى هنا فوراً». تلك العائلات لم تتسجل بعد لدى البلدية، لأن «الرجل الوحيد معنا مسن ومريض بالسكري. نحن نساء لا نجيد التصرف في هذه الحالات».
تتولى الابنة الحديث نيابة عن أمها بعد أن دهمتها نوبة بكاء مفاجئة: «أخي استشهد قبل هروبنا بثلاثة ايام. دفناه وجئنا. زوجي معتقل منذ ستة أشهر ولا نعرف عنه شيئاً. أخي كان قاصداً الدكان لشراء خبز عندما دهم الجيش البلدة وأطلق عليه القناصة رصاصة أردته. وزوجي كان عائداً من وظيفته عندما أخذوه ولم نعد نعرف عنه شيئاً». تدلّ على زوجة اخيها الاخرى التي لم تبلغ بعد العشرين من عمرها وتتابع: «هذه أيضاً زوجها شهيد. قتله قناص».
يثير السؤال عما اذا كان القناص من المسلحين أم الجيش النظامي الكنّةَ الثانية، فتردّ بانفعال: «ليس عندنا مسلحون، ولو كان عندنا لما فعلوا بنا هذا. الله عليه»، فتنهرها حماتها قائلة: «يصطفل شو بدنا فيه»، قاصدة الرئيس بشار الاسد.
تتشارك الشابات الثلاث والام الحديث لترسمن صورة كاملة: عندما تركنا القصير لم يكن بقي فيها الا عائلات قليلة لا نعرف ما حل بأفرادها. الله لا يوفقه. والرجل الوحيد معنا مسن مريض، ولا يكفّ عن البكاء، خسر شابين والخمسة الباقون لا نعرف عنهم شيئاً بعدما فروا الى الجبال، ليس لأنهم ارتكبوا جرماً، بل لأن الجيش ما ان يدخل الى بلدة حتى «يلمّ» كل من يقع تحت يده، ومن لا يُقتل يختفي اثره. يتذرعون بالمسلحين ليدخلوا الى البلدات. دهموا بيوتنا وسرقوها بحجة البحث عن المسلحين. يشهد الله كيف أوقفوا الدبابة على باب البيت وحملوا عليها كل ما في المنزل من ادوات كهربائية وأغطية ومواد. لو وجدوا سلاحاً في المنزل لقلنا إن لهم الحق. باتوا ليلتين في بيوتنا... البلدة بأكملها عرفت ما حل بالنسوة في حمص، عندما اجبروهن على التجرد من ملابسهن والسير عاريات امام الدبابات، بينما الجنود يسخرون منهن. رفض إخوتنا ان يحصل لنا ما حصل لنساء حمص، فساعدونا على الفرار الى لبنان حرصاً على عرضهم وشرفهم».
تدفع الرواية الأم الى البكاء مجدداً، وتقول: «كل واحدة منا كان عندها دار. هجّرنا...». تقاطعها ابنتها بالصراخ: «الله لا يوفقه، هجّرنا من ديارنا».
وعما اذا كان التهجير طاول البلدات السنّية دون غيرها، تقول الام: «حرام هذا الحكي. هذا يروّج له النظام. القصف لا يميّز بين سني وعلوي ومسيحي. جيراننا المسيحيون رحلوا قبلنا، وتركنا مفتاح بيتنا عند جيراننا العلويين وعرفنا اخيراً انهم هجروا أيضاً».
هل تتمنى الأم لو لم تحصل الثورة في سورية؟ تجيب: «والله كان احسن. كانت العالم حاسدتنا على عيشتنا. كان أمن وأمان، صار بدهم حرية هلق». تتدخل الكنّة: «بالنسبة الى الميسورين في سورية، الحال قبل الثورة كان أفضل. ولكن للفقراء الموت ولا المذلة. الرجال تُذَل من اجل برميل مازوت سعره 7 آلاف. والفقير من وين بيجيب؟». فترد الاخرى: «بالنهاية طلعت براسهم. هذا عمي عمره 50 سنة سرقوا له سيارتين خلال بحثهم عن مسلحين، ولما راح ليطالب بهما اعتقلوه ولا نعرف مصيره. وزوجته دفعت اموالاً طائلة للذين يعدون بإرشادها الى سبيله، لكنهم أخذوا الأموال وأنكروا».
لبنانيون - سوريون
تفتح قضية السوريين النازحين الى لبنان الباب امام مشكلة انسانية لها طابع خاص. فبين النازحين الذين يقطنون بلدات سورية مثل جوسية وغيرها اشخاص يحملون الهويات اللبنانية، وان كانوا عاشوا حياتهم كلها جزءاً من الشعب السوري. من هؤلاء ثماني عائلات نزحت قبل 20 يوماً هرباً من القصف، وتوزعت بين منازل قدمها اهالي من عرسال. غير ان المشكلة كانت في رفض احتساب هؤلاء في عداد النازحين السوريين، مع العلم ان بيوتهم تقع في سورية وانهم تركوها خوفاً من القتل. بين هؤلاء النازحين نساء حوامل واطفال رفضت المستوصفات استقبالهم مجاناً لأنهم ليسوا سوريين.
لن ينتظر رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» ميشال عون، ومن خلاله وزير الطاقة جبران باسيل، انعقاد جلسة مجلس الوزراء اللبناني بعد غد الأربعاء ليدلي بدلوه في شأن الخطة البديلة لاستئجار البواخر لتوليد الطاقة الكهربائية المقترحة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وسيبادر نواب التكتل الى «تهشيم» هذه الخطة ليكون في وسع من يشاركهم الرأي الانقضاض عليها، مع ان باسيل، ونقلاً عن مصادر وزارية، كان وراء تعطيل البدائل لتعويض النقص في التيار الكهربائي، رافضاً تشكيل مجلس ادارة جديد لشركة كهرباء لبنان وتعيين أعضاء الهيئة الناظمة للطاقة أو الاستعانة بالصناديق العربية والإسلامية والدولية لتمويل مشروع اعادة تأهيل معامل الانتاج والشبكات.
وأكدت المصادر الوزارية لـ «الحياة»، ان المشكلة في ملف الكهرباء ليست في إصرار رئيس الحكومة على الاستئثار بالقرار، كما يدعي وزراء «تكتل التغيير» ومعهم وزير المال محمد الصفدي، الذي انضم اليهم أخيراً بعدما اتخذ لنفسه مسافة عن ميقاتي اعتقاداً منه بأنه سيكون المرشح الأوفر حظاً لرئاسة الحكومة في حال تقررت اطاحة الحكومة الحالية.
ولفتت المصادر نفسها الى ان ميقاتي، كما نقل عنه عدد من الوزراء، ليس طرفاً في تبادل الاتهامات على خلفية الاختلاف القائم في ملف الكهرباء، وقالت انه فوجئ بأن أزمة الكهرباء أخذت تتفاقم يوماً بعد يوم وانه اضطر لطرح خطة بديلة بسبب الاختلاف في داخل اللجنة الوزارية على موضوع استئجار البواخر انطلاقاً من دراسة الجدوى الاقتصادية والمالية لهذا الخيار قياساً الى الخيارات الأخرى، وبالتالي وجد نفسه مضطراً للتدخل على قاعدة ان انشاء معامل جديدة ومتطورة على الأرض سيكون أقل كلفة من تلك التي سيتكلفها إنتاج الطاقة عبر البواخر.
ورأت ان المشكلة تقنية بامتياز وليست سياسية ولن تحسم باللجوء الى التصويت في مجلس الوزراء بين خطة باسيل ومشروع ميقاتي، وان الحل يكمن في مناقشة المجلس للخطتين على ان يكلف لجنة دولية، ليس للنظر في الاختلاف وأسبابه، وانما لتقديم البدائل المجدية التي تؤمّن الحلول الدائمة، لا الموقتة، تحت ضغط ان لبنان سيعيش بدءاً من مطلع الصيف أزمة كهربائية وان الحل الذي هو الآن في متناول اليد يكمن في استئجار البواخر، على رغم ان كلفتها عالية جداً.
وسألت المصادر عن أسباب تصاعد الحملة على ميقاتي من قبل أهل بيته الذين هم شركاء في حكومته وهل لجأوا الى فتح النار عليه لأسباب كهربائية أم لأغراض سياسية غير مرئية حتى الساعة وبالتالي لماذا لا يتم الاحتكام الى المعايير التقنية، وهل لأن رئيس الحكومة سيكون على حق في نظرته الى الحلول المطروحة لتجاوز الأزمة في التيار الكهربائي؟
وقالت ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليس طرفاً في المبارزة القائمة حالياً حول كيفية تعويض النقص في التيار الكهربائي وان ما يهمه هو تفادي المشكلة قبل أن تنفجر في مطلع الصيف، مؤكدة ان علاقته مع ميقاتي على أحسن ما يرام وانه يلومه على تردده في حسم خياراته.
وكررت المصادر قول ميقاتي بأن بري «يعرف البئر وغطاها» وهو ليس غريباً عن المشاحنات التي تدور في داخل الحكومة، وسألت: «ماذا ستكون النتيجة إذا حسم رئيس الحكومة أمره، ألا يُتهم بالاستئثار وبإلغاء الآخرين؟ وهل يكيل له البعض في الحكومة الاتهامات لأنه بادر الى تحديد مكامن الخلل وأسباب المشكلة في الكهرباء، ويتهم بأنه يتعاطى في شؤون غيره؟». وقالت ان ميقاتي، عندما وضع تقريره عن الكهرباء وأودعه مجلس الوزراء لدرسه، لم يقصد مصادرة صلاحية احد، بمقدار ما انه ترك للمجلس أن يتخذ القرار المناسب.
أما القول بأن ميقاتي يؤخر إصدار التعيينات الإدارية وان عون سلّف رئيسي الجمهورية والحكومة موقفاً يجب أن يؤخذ في الاعتبار، وتمثَّل في موافقته على إقصاء وزير العمل شربل نحاس، فإن مصادر وزارية محايدة تسأل: «هل ان هذا الكلام يعني تقديم مكافأة لعون في التعيينات من خلال مقايضته على استبعاد وزير أصر على مخالفة قرار مجلس الوزراء؟».
وقالت هذه المصادر: «طالما ان هناك من يدعو الى معاملة عون بالمثل وان تصرف المكافأة له في التعيينات الإدارية، فإن المشكلة ليست عند ميقاتي وانما في الاختلاف بين رئيس الجمهورية وزعيم التيار الوطني الحر على تعيين رئيس جديد لمجلس القضاء الأعلى، وان ميقاتي ورئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط يدعمان موقف العماد سليمان ويعود للأخير القرار في هذا الخصوص».
وتوقفت المصادر عينها أمام الحملة المنظمة التي تستهدف ميقاتي، ورأت انها تتجاوز ملف الكهرباء الى التعيينات، وان هناك من بدأ يهدد بالانسحاب من الحكومة ليخفي التباين القائم داخل قوى 8 آذار حول التعيينات، مشيرة الى ان ميقاتي لن يتزحزح عن قناعته وإلى ان التهديد بتغيير الحكومة لن يبدل من موقفه، والى ان لا مانع لديه من البحث عن رئيس آخر وقد يكون الصفدي أوفر المرشحين لخلافته.
وأضافت ان ميقاتي وحليفه أحمد كرامي يدعمان ترشح الصفدي لرئاسة الحكومة إذا كان ثمن بقائه في الحكومة الرضوخ لسياسة الابتزاز التي تمارس عليه. لكن هل ان الظروف مواتية لتبديل هذه الحكومة؟ ومن هو البديل؟ ومن يؤمن بقاء الأكثرية الحالية كأكثرية في الحكومة العتيدة؟
وتابعت ان بري يعرف قبل غيره من المسؤول عن تجميد الوضع وشل الحكومة ومنعها من التصدي للملفات العالقة، «فهل يكون ثمن بقاء الحكومة الموافقة على بياض لكل ما يطرحه عون الذي يتصرف على ان الانتخابات النيابية ستجري غداً».
وأكدت المصادر ان التناقض ليس بين ميقاتي وبعض قوى 8 آذار انما بين المكونات السياسية التي تتشكل منها الأخيرة. وعلى سبيل المثال فإن «حزب الله» يدعم بقاء هذه الحكومة ولا يريد العبث بها في مقابل اعتقاد عون بأن الانتخابات ستحصل غداً، وان لا هم عنده سوى تحقيق انتصارات لتوظيفها في حملاته الانتخابية.
وأضافت المصادر: «ليس صحيحاً القول ان قوى 8 آذار متفاهمة على التعيينات، ومن يحمل على الحكومة ينطلق من احتمال البحث في مرحلة لاحقة في ضرورة تبديلها وهو يستعد لأن يكون رأس حربة في إطاحتها فيما هو يتطلع أولاً وأخيراً الى حصته في التعيينات»!
وقالت ان قرار تغيير الحكومة ليس بيد هذا الفريق أو ذاك، وان أي تبديل لها لا يمكن عزله عن الأزمة الراهنة في سورية، والنظام السوري ليس في وارد التحريض على تغييرها وعندما يقرر يكلف محلياً من ينوب عنه. وعزت السبب الى انه يعتبر ان الحكومة الحالية ورقة بيده ولا يريد أن يفرط فيها، إلا إذا تكونت لديه معطيات تدفعه لرفع الغطاء عنها.
وزادت: «أما القول ان هذه الحكومة لن تشرف على الانتخابات النيابية في حال أتاحت الظروف المحلية الإقليمية المترتبة على تداعيات الأزمة في سورية إتمامها في موعدها وان البديل سيكون حكومة حيادية، وتحديداً من «التكنوقراط»، فإن لا بديل من ميقاتي الذي كان أول من طرح فكرة من هذا القبيل في المشاورات لتأليف هذه الحكومة ولا نظن ان هناك من يقدم المساعدة له لتحقيق ما يصبو اليه حتى ولو جاءت الفكرة متأخرة».
لم يحصل سفراء دول الاتحاد الأوروبي من رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» ميشال عون في اجتماعهم معه الخميس الماضي في حضور عضو التكتل إبراهيم كنعان على أجوبة واضحة عن الأسئلة التي طرحوها عليه وتتعلق بضرورة تطبيق القرارات الدولية خصوصاً القرار 1701 والموقف من الأزمة في سورية وضرورة احترام لبنان المواثيق الدولية التي تحمي النازحين السوريين.
وعلمت «الحياة» من مصادر أوروبية أن عون تحدث لدقائق في مستهل اللقاء ثم أعطى الكلام للنائب كنعان الذي حاضر لأكثر من ساعة ركز فيها على دور التكتل في التغيير والإصلاح ومحاربة الفساد وعدم التفريط بالمال العام متهماً الحكومات السابقة بهدر 11 بليون دولار بلا رقيب أو حسيب في غياب قطع الحساب للموازنات. ووفق المعلومات، فإن عون تجنب الإجابة عن أسئلة محددة طرحت عليه سواء حول موقفه من المحكمة الدولية وسلاح «حزب الله» في الداخل أم في شأن تماديه في الدفاع عن النظام في سورية. وهذا ما دفع بسفيرة الاتحاد الأوروبي أنجلينا ايخورست إلى تذكيره في موقف أعلنته فور انتهاء اللقاء بوجوب احترام لبنان التزاماته الدولية.
ولفتت المصادر إلى أن الحوار الأوروبي مع عون ضروري، لكنها رأت أن الأخير حرص، عبر كنعان، على تكرار اتهاماته للحكومات السابقة على رغم أنه شارك في اثنتين منها.
أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن رد فعله على مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي «جاء حاداً بعض الشيء ربما، ولكن ذلك بقدر محبتي واحترامي لموقع البطريرك ومقام بكركي الذي كنا وسنبقى نحترمه»، نافياً وجود أزمة مع بكركي.
ورأى خلال استقباله في معراب امس وفداً من القطاع النسائي في «القوات» أن «لبنان لم يشهد حكومة على شاكلة الحكومة الحالية الأكثر فساداً في تاريخه بدءاً من الكهرباء مروراً بالأوضاع السيئة للهاتف والاتصالات الخليوية، وصولاً الى فضائح المناقصات على أنواعها». وكشف ان «النظام الـسـوري حـاول تـسويق فكرة ان المـسيحيين هم أقلية ضعيفة في لبنان وكلّ من تعاون مع هذا النظام برر تحالفه بهذا المنطق»، مشدداً على ان «هذه الصبغة - الدعاية غير صحيحة على الإطلاق وان الوضع المسيحي بألف خير».
وأكّد أن «القوات اللبنانية هي الحزب الوحيد الذي لم يُبدل بموقفه تجاه النظام السوري طيلة 35 عاماً ولو أنها دفعت ثمن هذا الموقف غالياً» وأنه من «أشد المطالبين بقيام الدولة اللبنانية الفعلية لتحقيق الاستقرار والأمن».
وحض الحضور على التحضير للانتخابات النيابية المقبلة «في ظل نظامنا الديموقراطي، فنحن أمام مواجهة صعبة وعلينا أن نكون بأكمل جاهزية لتأمين الاقتراع للمغتربين في أماكن تواجدهم».
وسأل جعجع: «ما هو المشروع السياسي لتكتل التغيير والاصلاح؟ فعلى سبيل المثال أقاموا معركتهم تحت شعار اعادة حقوق المسيحيين الى الدولة لكن جلّ ما فعلوه هو إقالة أي موظف لا يؤيدهم والإتيان بآخر ينتمي الى التيار الوطني الحر».
وانتقد المدافعين و «المطالبين» بحقوق المسيحيين «الذين بانت جهودهم الحثيثة من خلال إعاقة التعيينات الإدارية طيلة 8 أشهر ومن ضمنها رئاسة مجلس القضاء الأعلى التي يجب أن تتم وفقاً للأقدمية والدرجات والكفاءة»، مشيراً الى ان «هناك مرشحَين يتمتعان بتلك المواصفات ولكن تكتل التغيير والاصلاح يُصر على ترشيح أحدهم لا يتمتع بالدرجات والأقدمية ذاتها، فحتى حلفاؤه يرفضون السير باقتراحه وبالتالي تبيّن ان حقوق المسيحيين لدى الجنرال هي مقتصرة على التيار الوطني الحر، وهنا أسأله أين حصّل حقوق المسيحيين، أفي الأمن العام»؟
رأى رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة أن «الحكومة اكتفت بإثارة فضائح الأطعمة والأدوية من دون معالجتها بطريقة مؤسساتية»، مؤكداً أن «تيار المستقبل» لم يتهم الشيخ أحمد الأسير بالتطرف، وقال: «نحن دعاة انفتاح واعتدال ونمارسهما عملاً وقولاً ولا ندعي أننا نحتكرهما».
وانتقد السنيورة في ندوة صحافية عقدها على هامش استقباله وفوداً في مكتبه في الهلالية أمس، «أداء الحكومة في معالجتها لمختلف قضايا الناس الاجتماعية والاقتصادية، وفي مقدمها تلك المتعلقة بالكهرباء والاتصالات والأمن الغذائي وملف الأطعمة والأدوية الفاسدة»، لافتاً إلى «أن ذلك جاء بجزء منه ليغطي على فضائح أخرى».
وقال: «نشهد خلال هذه الفترة كيف يتردى الوضع بسبب الأداء الحكومي غير المسبوق في تاريخ الحكومات اللبنانية والخلافات ما بين أعضاء هذه الحكومة في المسائل التي يثيرونها وفي الضجيج الذي يحدثونه، وفعلياً نسمع ضجيجاً ولا نرى طحيناً في كل المسائل». واعتبر «أن هذه الحكومة لا توحي بالثقة بأداء وزرائها والخلافات المستمرة في ما بينهم على اعتبار كل وزير لديه أهدافاً من هذه الحكومة يتعارض مع الوزراء الآخرين أو كل مجموعة لها اهتماماتها وأغراضها وهذا الأمر ينعكس على أوضاع الناس».
وعن الكهرباء، قال: «الوزراء في ما بينهم مختلفون حول موضوع توليد الطاقة، لا سيما أن هذه الوزارة فعلياً على مدى السنوات الست الماضية مسؤول عنها وزراء في الأحزاب والمجموعات التي تتولى الحكم الآن في البلد، بالتالي طرحت أخيراً أن يصار إلى الاستعانة بالبواخر ونشأ موضوع خلاف نتيجة أنه لم يصر إلى إجراء عملية شفافة تنافسية عن حق كما أنه صار هناك تمنع على مدى سنوات بعدم الموافقة على اللجوء إلى الصناديق العربية والدولية للتمويل التي ليس فقط تقدم لنا تمويلاً ميسراً ولآماد طويلة وبفوائد منخفضة، بل أنها تقدم لنا التمويل الذي نحن بحاجة ماسة إليه وتواكب عملية التلزيم وتؤمن شرطاً أساسياً هو التنافسية الحقيقية والشفافية».
ولفت إلى تردي قطاع الاتصالات، وقال: «اتخذنا موقف المعارضة ونحن مستمرون بها، لكننا معارضة مسؤولة عندما يكون هناك أمر الحكومة تقوم به في شكل جيد، نحن نقف إلى جانب هذا الأمر أما عندما يكون هناك خطأ نحن نقف حتماً ضد هذا الأمر». وتابع: «قد يقول قائل إن هذه الحكومة تواجه مشاكل عدة بما يتعلق بسورية وغيرها، اعتقد أن الحكومات التي سبقت في الأعوام 2007 و2008 و2009 و2010 واجهت حروباً ومشاكل وأحوالاً أمنية غير صحيحة واغتيالات واعتصامات وأزمة مالية دولية مررنا بها ومع ذلك استطعنا أن نبحر في مياه شديدة الصعوبة وحققنا هذا الأمر، لماذا؟ لأن هذه الحكومة لا توحي بالثقة لا بأداء وزرائها ولا أيضاً بالخلافات المستمرة في ما بينهم».
واستغرب الإجراء الذي لجا إليه وزير الثقافة في موضوع الآثار في وسط بيروت، وقال: «أن يكون هناك استسهال لمحو ذاكرة بيروت ومحو تاريخ بيروت وتاريخ لبنان، أعتقد أن ذلك فيه مضرة كبيرة».
وعن السجال بين الشيخ أحمد الأسير و «تيار المستقبل»، قال: «نحن لم نتهم الشيخ أحمد الأسير بالتطرف، أعتقد أن هذا لأنه لا يعبر عن موقف تيار المستقبل، نحن لا نتهمه بالتطرف ونحن ليست مهمتنا أن نعطي توصيفات وتصنيفات للناس بأن هذا متطرف وهذا غير متطرف، نحن من الذين كانوا يؤمنون وما زلنا نؤمن أننا ضد عملية ما يسمى فحص الدم ونحن لا نقبل فحص الدم لنا ولا نقبله لغيرنا، نحن نقول إن الرأي العام هو الذي يحكم على تصرفات الآخرين».
أسف رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري امام وفد اتحاد المعلمين العرب برئاسة أمينه العام فرج الله مرتضى، عن «للوضع الذي وصل اليه العرب»، مشدداً على «أهمية العودة الى روح التضامن والتنسيق»، وقال: «عدونا واحد وهو اسرائيل، وعلينا الا نستسلم لمحاولات استفراد كل بلد عربي لأن الدور سيأتي على أشقائه الآخرين».
واوضح بري ان «هذا اللقاء له اثر خاص لدي لانني لاول مرة منذ 33 عاما ونيف احضر لقاء فيه شخصية ليبية لان الشخص المعني، فرج الله مرتضى، كان احد اوائل المنتفضين ضد النظام الليبي البائد».
وسجل بري «للحكومة الليبية الجديدة اهتمامها بقضية الامام موسى الصدر ورفيقيه التي اكدت انها ليست قضية لبنانية فحسب بل قضية عربية واسلامية وانسانية، وانها تشعر بالعار لاختطافهم في عهد النظام السابق».
وقال بري ان وفداً ديبلوماسياً وقضائياً لبنانياً سيزور مرة اخرى ليبيا قريباً»، وآمل ان «يستعجل الاخوة الليبيون بهذه القضية حتى تصل الى خواتيمها».
الى ذلك علق وزير الصحة علي حسن خليل على الخلاف بين بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالقول ان بري «يرى بوضوح ان هناك تعثراً غير مبرر في كثير من الملفات، فالحكومة يجب ان تلتقط اللحظة وتعالج هذه الامور وتشعر اللبنانيين بأنها حكومة قادرة. وعدم معالجة هذه الملفات هو ما يزعج الرئيس بري».
ولفت وزير الزراعة حسين الحاج حسن إلى أن «التهور السياسي يشوب مواقف بعض الفئات السياسية التي تتهجم على الجيش اللبناني وتتهور في تعاطيها مع مؤسسة على مستوى أهمية الجيش ودوره في الدفاع عن الوطن والحفاظ على السلم الأهلي ووحدة المؤسسات من فريق سياسي لطالما كان يدعي سعيه للعبور إلى الدولة»، مستغرباً «كيف يمكن أن يكون هذا العبور على حساب الجيش اللبناني؟».
ودعا الحاج حسن إلى «حل سياسي في سورية يحفظ لها موقعها المقاوم ويحقق فيه بالمقابل جميع الإصلاحات التي ينشدها الناس والشعب، فكما أن سورية تعتبر حاجة للاستقرار في المنطقة فهي ستبقى أيضاً لاعباً أساسياً في السياسة الإقليمية وركناً محورياً في جبهة المقاومة».
وشدد وزير الخارجية عدنان منصور على ان «ليس من مصلحة لبنان قطع العلاقات الديبلوماسية او التجارية مع سورية»، معتبراً ان «على لبنان ان يساعد سورية للخروج من ازمتها لا محاولة التعرض لها لاسباب شخصية».
وأكد «حصول تسلل من لبنان الى سورية وبالعكس وكذلك حصول تهريب سلاح، والقوى الامنية استطاعت ضبط عناصر مسلحين»، معلناً ان «سورية لم تطلب رسمياً منا تسليمها أي شخص موقوف في لبنان».
ولفت عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النيابي فريد الخازن الى انه «عندما تكلم العماد ميشال عون سابقاً عن الاستقالة من الحكومة لم يكن يمزح»، وقال: «لسنا هواة استقالة وإحداث مشاكل ولكن لدينا مشاريع تخص كل لبنان واذا كانت الحكومة تريد افشال المشاريع فنحن سنتخذ موقفاً من ذلك».
حددت قيادة الجيش اللبناني قلعة الشقيف - النبطية وجهة سير المشاركين في مسيرة «يوم الارض» المقررة الجمعة المقبل. وكانت مسيرة العام الماضي التي توجهت الى الحدود الجنوبية للبنان انتهت بسقوط ضحايا بالرصاص الاسرائيلي.
وتمنى منسق الإعلام في «اللجنة الوطنية للمسيرة العالمية الى القدس» عبدالملك سكرية في بيان امس، على المشاركين «الذين سيتوجهون من معظم الأراضي اللبنانية ومن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الالتزام برفع علمي لبنان وفلسطين في هذه المناسبة، وتحميل المسؤولية لكل من يعمد الى رفع علم أو شارة تدل الى انتماء ولون حزبي لهذه الجهة أو تلك»، مناشداً إياهم «التصرف بما يليق بهذه المناسبة، والترفع عن أي حساسيات خدمة للهدف الأسمى وهو فلسطين». وأكد «سلمية المسيرة وحضاريتها تحقيقاً للغاية المنشودة، والتعاون مع قيادة الجيش لتسهيل وصول المشاركين وسلامتهم».
المصدر: جريدة الحياة