دعم الرئيس والجيش وبناء مؤسسات الدولة والبلديات المستقلون في غمرة المعركة الانتخابية ومواجهة الأحزاب

تاريخ الإضافة الثلاثاء 2 كانون الأول 2008 - 6:57 ص    عدد الزيارات 1226    التعليقات 0

        

لم يكن الرئيس ميشال سليمان في حاجة الى الاشارة الى اهمية وجود كتلة نواب مستقلين او وسطيين، حتى تندفع الى ساحة الاستعدادات الانتخابية مجموعات من المرشحين الذين يقدمون انفسهم على انهم وسطيون او مستقلون بين قطبي الصراع في البلاد 14 آذار او 8 آذار. فمن يدعون صفة الاستقلالية في الانتماء والقرار والتوجه كثر، وقد نزلوا الى الساح منذ مدة طويلة واعلنوا عن نيتهم المنازلة، وجاء تصريح رئيس الجمهورية ليزيد اندفاعاتهم ويؤكد صواب مواقفهم في التمايز عما عداهم من مرشحين.
من هم هؤلاء المرشحون المستقلون وماذا يريدون؟ سؤال ربما كان صعباً ما دامت معايير التصنيف صعبة ومختلطة بقدر تعدد الولاءات والانتماءات والغرضيات، لكن القاسم المشترك بين جميع هؤلاء المستقلين او الوسطيين هو استظلالهم جميعاً مبادئ 14 آذار العامة في الحرية والسيادة والاستقلال، اضافة الى دعم رئاسة الجمهورية ودولة المؤسسات والجيش، وما الى ذلك من عناوين عامة. لكنهم يؤكدون في الوقت عينه تمايزهم عن قوى 14 آذار والمنضوين تحت لوائها تنظيمياً ويقدمون في هذا السبيل تفسيرات وشروحا عدة لتبرير موقفهم.
تمتد مساحة المستقلين على اجمالي الدوائر المسيحية، ويكادون ان يكونوا فاعلين جداً ومؤثرين في بعض المناطق واقل تأثيراً في اخرى. وعلى سبيل المثال، يذهب آل المر الذين اعلنوا استقلالهم عن جميع الاتجاهات الحزبية الى مستوى متقدم في طرح حركتهم المستقلة عن القوى السياسية مجتمعة والمؤيدة لرئاسة الجمهورية، الى اعلان لائحة تتحدى الجميع. اما في دائرة بعبدا فيبدو ان لواء قيادة اللائحة المستقلة وتشكيلها معقود لرئيس بلدية عين الرمانة – الشياح ادمون غاريوس الذي احتشدت 12 بلدية مسيحية في ساحل بعبدا تأييداً له، وهو على ما يبدو يحظى بشعبية كبيرة تضاف الى التأييد الذي يناله من الاحزاب المسيحية المنضوية في 14 آذار، وفي مقدمها حزبا الكتائب و"القوات اللبنانية”. وفي كسروان، مجموعة المرشحين المستقلين التي لا يستهان بها، وهؤلاء يصرون على اعلان استقلاليتهم عن جميع القوى الحزبية، الامر الذي يلقى هوى في نفوس الكسروانيين الذين لا يستسيغ كثر منهم على ما يبدو منطق الاحزاب والتيارات.

 

"نيو - شهابية"
 

للسفير السابق سيمون كرم رأي آخر في هذه المسألة، وهو يرى في تشريح مسألة المستقلين ان وجودهم يتوقف على عاملين مهمين: اولاً مدى رغبة رئيس الجمهورية واستعداده لدعم هذه الفئة من المرشحين واحتضانها لكي تتمكن من الفوز، على ان تشكل لاحقاً ما يعرف بالكتلة الوسطية المرجحة او كتلة الرئيس. اما العامل الثاني في رأيه فهو مدى رغبة 14 آذار في خوض معركة كاملة على مستوى لبنان او ترتيب تسويات موضعية، ويضيف ان ما يجري حتى الساعة يشير الى حسم النتائج في الكثير من الدوائر، بدءاً من الدائرة الثانية في بيروت الى البقاع الغربي وصيدا وحاصبيا – مرجعيون وصولاً الى طرابلس وعكار حيث يبدو ان الترتيبات تسير قدماً لترتيب الاوضاع، بما يشبـــــه "ميني تحالف" رباعي يحفظ حقوق قوى 14 و8 آذار، في حين ستستعر المعركة الانتخابية في الدوائر المسيحية، وهذا ما يقتضي من المستقلين مزيداً من الاستعداد والجهوز، لأن كلاً من 14 و8 آذار يحمل في رأيه مشروعه الخاص، وعلى المستقلين اعداد مشروعهم البديل الذي يلتزم عناوين الدولة السيدة الحرة والاصلاحية، وربما "النيـــو شهابية" على طريقة "نيو قرنة شهوان" التي تحركت بقوة وانتجت تغييراً حقيقياً والا فأن المستقلين سيواجهون مأزقاً كبيراً.

 

المتن: المستقلون الأقوى
 

في المتن تبدو صورة المستقلين اكثر قوة في ظل زعامة النائب ميشال المر وقدراته الانتخابية التي تجعله بيضة القبان في ميزان المتن الدقيق، حيث تنبش الاحقاد والشؤون العائلية والاقطاعية والحزبيات الوطنية والخاصة عند ساعة الانتخابات، ووسط كل هذه المعمعة تبدو كتلة الناخبين المستقلين الاكثر تأثيراً في مجريات العملية الانتخابية. واستناداً الى المحامي اميل كنعان المرشح للمقعد الماروني في ساحل المتن، فإن الناخبين المستقلين هم الاكثر قوة في جبل لبنان كله ويتوزعون تحت عناوين الزعامات التقليدية والعائلات وفروعها. وفي رأيه ان كتلة الناخبين المحايدين في المتن وحده تبلغ 30 في المئة، وهم قادرون على تعطيل اكبر التحالفات والذهاب بالنتائج الى حيث يريدون لا الى حيث يريد الحزبيون من هذا الطرف او ذاك. ويقول كنعان: "أظهرت الاحصاءات الاخيرة في انتخابات 2006 الفرعية ارتفاع ارقام الرئيس امين الجميل عشرة آلاف صوت وتراجع ارقام النائب ميشال عون 18 الف صوت، ويعني ذلك في الحسابات المنطقية ان ثمة ثمانية آلاف لم يشاركوا في الانتخابات وحجبوا صوتهم عن الفريقين". ويرى ان اعداد المشاركين في انتخابات المتن هذه الدورة ستتجاوز 90 الفاً، مما يعني تعزيز نسبة المستقلين ببضعة الاف من الاصوات المهمة جداً.
أما عن هوية المستقلين السياسية فإن كنعان لا يدعي تمثيل خط رئيس الجمهورية، ويقول: "لم يعلن الرئيس انه سيقدم مرشحين، ولا يمكن أحدا ان يعلن انه سيؤلف كتلة على اسم الرئاسة ويحدد لها برنامجها السياسي(...)". يفضل كنعان الاعلان انه مرشح شعب 14 آذار الذي يتقاطع في رأيه مع طرح بكركي التاريخي المتمسك بسيادة لبنان وحريته واستقلاله، ويقول ان اهالي المتن زحفوا الى بيروت يوم 14 آذار لأن عناوين التظاهرات تستهويهم، وهي شعاراتهم في نهاية المطاف، وبهذا المعنى يعتبر كنعان ان اغفال هذه الوقائع قد يؤدي الى نتائج غير متوقعة، وعنده ان الرأي العام المتني غير راض عن خروج النائب ميشال عون عن خط 14 آذار ولا عن ممارسات قوى 14 آذار الحزبية، وهو يدعو الى استطلاع آراء الناس والاستماع اليهم لتلمس حقيقة مشاعرهم ورفضهم لكل ما يجري.
ويضيف: "عام 1964 نجح موريس الجميل وجميل لحود بأصوات المستقلين، وعام 1972 نجح البر مخيبر وكاد ان ينجح سليم سلهب بأصواتهم ايضاً، وفي دورة 2000 نجح الشيخ بيار امين الجميل ونسيب لحود باصوات المستقلين، وفي دورة 2005 فاز ميشال عون بأصوات المستقلين الذين سيقررون هذه المرة ايضاً مصير لبنان".

 

كسروان حرة
 

في كسروان الضائعة بين تأييدها للنائب ميشال عون والكنيسة المارونية ورئاسة الجمهورية والزعامات التقليدية، تبدو قوة المستقلين في مواجهة التيارات والاحزاب في 8 و14 آذار، والمساحة الوحيدة المتبقية للمستقلين هي الزعامات، والوجوه العائلية تسعى جاهدة الى البقاء على مسافة من المتصارعين، وفي مقدمها عائلة افرام المؤثرة والتي يتمسك رمزها نعمت افرام بمبدأ رفض الادلاء بتصريحات او تظهير اي موقف ممالئ سواء لـ 14 او 8 آذار، لكن الاكيد هو وقوفه في صف رئيس الجمهورية.
ويقول المرشح الكسرواني جوزف ابو شرف في تعريف المستقلين: "انهم كل من لا ينتمي الى حزب او تيار، يعمل من اجل السيادة والاستقلال". وفي رأيه ان لا وجود لمرشحين مستقلين منفردين وسط هذا الجو الشعبي الضاغط، وان كتلة الناخبين المستقلين ليست كبيرة، في حين يستمر موقف رئيس الجمهورية والكنيسة مؤثراً في انتخابات كسروان ومنطقتها، هذا اذا قرر الرئيس سليمان خوض المعركة صراحة.
اما النائب السابق منصور البون فيعتبر ان لا مستقلين في كسروان الا عائلة فرام ومنصور البون، رغم انه محسوب ضمناً على قوى الاكثرية، ويقول: "انا مع رئيس الجمهورية رغم اني لا اخفي تعاطفي مع 14 آذار وحركتها، لكنني "عند حزتها" مع الرئيس سليمان، ويجب ان يعلم الجميع هذا الامر".
اما عن اسباب هذه العلاقة الصلبة مع رئيس الجمهورية، فيقول البون انها قديمة جداً وتعود في احد اوجهها الى التعلق بالمدرسة الشهابية التي دفع والد منصور المرحوم النائب فؤاد البون  ثمن تأييده للرئيس فؤاد شهاب في ما يعتبره منصور "خسارة غيّرت وجه لبنان نحو الاسوأ". واستناداً الى البون، فإن "النيو شهابية" لا تزال موجودة، وستعود لتطل برأسها في الانتخابات النيابية المقبلة على مستوى المسيحيين ولبنان كله. ويعتبر ان اهالي كسروان تعبوا من 8 و14 آذار وان لسان حالهم انهم يريدون العيش بهدوء وتأمين حاضرهم ومستقبلهم بعيداً من الخلافات السياسية التي لم تتركهم يرتاحون. ويردد ان غالبية اهالي كسروان "قرفانين" من الاوضاع ويعتبرون ان المسيحيين ليسوا عجينة في يد هذا او ذاك من السياسيين، تارة يأخذوننا الى سوريا وتارة الى ايران، وفي رأيه ان هذا ما يعزز قوة الخط السيادي المستقل ويدعم حظوظه بالفوز.

 

في بعبدا
 

بعبدا التي تبدو محسومة في الشكل لقوى 8 آذار ليست كذلك في الواقع، فترشح رئيس بلدية الشياح – عين الرمانة ادمون غاريوس المستقل قلباً وقالباً والمؤيد لخط الرئيس الوسطي، اعاد خلط الاوراق كلها رأساً على عقب نظراً الى الشعبية التي يحظى بها، وتجلت في دعم احزاب الكتائب و"القوات" اضافة الى 12 بلدية له في ساحل بعبدا وتأييد كبير بين اهالي منطقته، وهو الذي حاز 85 في المئة من الاصوات في الانتخابات البلدية الاخيرة. واذا ثبت تحالف غاريوس مع النائب السابق صلاح حنين، اضافة الى انضمام النائب بيار دكاش اليهم، فسيعني ذلك انتصاراً مؤكداً لهذه اللائحة.
يقول غاريوس انه يخوض المعركة بإسم الشعب وتحت شعارات انمائية وبلدية. اما عن زيارته للعماد عون، فيروي انه زاره بناء على طلب الاخير وناقشا "اوضاع المنطقة الانتخابية ورؤيتنا للامور"، وخلص عون الى طلب وقت للتشاور. ويضيف غاريوس: "لكننا مع كل احترامنا للجميع لا نستطيع الانتظار". ويرى انه يتلاقى مع الاحزاب على عناوين دعم الرئيس والدولة والجيش وسلاح الدولة الواحد، وفي رأيه ان الاصطفافات السياسية كانت على حساب المواطن ولقمة عيشه، وهو يريد فعلاً الخروج من هذا الوضع البائس الى بناء دولة حقيقية قادرة على اطلاق ورشة الانماء والاعمار والبناء وتحقيق الكرامة الانسانية. ويؤكد ان قوة المرشحين المستقلين تنبع من التزامهم هذه الاقتناعات التي تساعد على انقاذ الوطن من الوضع الذي يعيشه.
ويكشف غاريوس ان تحالفه واضح واكيد حتى الساعة مع النائب السابق حنين، ويرى ان عنوان معركة المستقلين واحد: الانماء وتحسين نوعية عيش المواطنين وتعزيز العمل البلدي لما فيه مصلحة الوطن، اما العناوين السياسية فيختصرها بدعم مشروع الدولة والجيش. ولكن هل يجعله العنوان الاخير يخسر في مناطق الضاحية الجنوبية؟ يرد غاريوس بأن هذا الشعار سيكسب لائحته اصواتاً كثيرة، وفي قلب الضاحية.

 

كتب بيار عطاالله: 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,347,531

عدد الزوار: 6,987,899

المتواجدون الآن: 62