الانتخابات الإيرانية: النظام ينازل نفسه والمعارضة تنافس بـ«المقاطعة»

تاريخ الإضافة الأربعاء 29 شباط 2012 - 7:15 ص    عدد الزيارات 601    التعليقات 0

        

 

الانتخابات الإيرانية: النظام ينازل نفسه والمعارضة تنافس بـ«المقاطعة»
هاشم المرتضى
يذهب الإيرانيون إلى صناديق الانتخاب للمرة الأولى منذ العام 2009، عام الانتخابات الرئاسية التي شكلت نقطة تحول تاريخية في مسار الثورة الإسلامية وجمهوريتها الإسلامية، وحتى في خريطة توزيع القوى بين أركان الثورة وأبنائها وأعدائها، في أعقاب مواجهة شعبية وأمنية وإعلامية وصلت بالبلاد إلى حافة الفوضى.
فانتخابات مجلس الشورى لهذه الدورة تشهد غيابا كبيرا لمرشحي ما يعرف بالتيار الإصلاحي، ولعل ذلك من نتائج الانتفاضة الخضراء التي انتهت على مشهد مشتت لهذا التيار، فالقادة بين مسجون وتحت إقامة جبرية ومن بقي حرا طليقا أخذ العبرة من رفاقه، أما الجمهور فتشتت محبطا وتحول إلى مجموعات صغيرة تتقاذف التهم بين بعضها البعض في أسباب الفشل الذي يقول البعض ان علته الأساسية التعويل الكبير لدى من هم في الداخل على من في الخارج، إضافة إلى رفع سقف التوقعات والمطالبات وعدم القبول ببعض التسويات المطروحة والتي كان من شأنها ان تسمح لمن كانوا يعرفون بتيار الموج الأخضر بتثبيت موقعهم ضمن فسيفساء الحكم.
إذاً معارضة الإصلاحيين لم تعد فعليا موجودة، مع لحظ بعض جيوب المقاومة السياسية التي يحاولون إحياءها عبر قوائم كالجبهة الديموقراطية الشعبية برئاسة مصطفي كواكبيان، رئيس تكتل النواب الاصلاحيين في البرلمان، الذي يحاول عبر مرشحيه المئة على امتداد خريطة البلاد القول ان الإصلاحيين لم ينتهوا، لكن ذلك لم يمنع أصواتا معارضة من الدعوة للامتناع عن المشاركة.
هذا التشتت في التيار الإصلاحي يترافق مع غياب لركن رئيسي في تركيبة النظام عن المشهد، الشيخ هاشمي رفسنجاني، رئيس الجمهورية السابق، ورئيس لجنة تشخيص مصلحة النظام، والذي اتضح بغياب حزبه كوادر البناء عن الانتخابات، ان محمود احمدي نجاد نجح فعليا في القضاء على نفوذه داخل مؤسسات الحكم والعسكر، رغم فشله في إقصائه تماما ونهائيا عن أي منصب رسـمي لا بل تقـديمه للمحاكمة بتهم فساد وغيره، لكن تدخل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي حال دون ذلك.
بل انعكس سلبا على احمدي نجاد الذي تحول فجأة إلى شخصية مستفزة لعدد من أركان الثورة بمن في ذلك قادة في الحرس الثوري، ولعل الأكثر استفزازا كان نشاط مدير مكتب الرئيس إسفنديار رحيم مشائي وما سرب في الأروقة الداخلية الإيرانية عن إمكانية أن يعمد الرئيس لترشيحه في الانتخابات المقبلة ليحل مكانه.
هكذا انفرط عقد تحالف النظام الذي خاض الانتخابات الرئاسية عام 2009، وأصبح على طرفي المواجهة، لكن ذلك لا يعني ان أيا من الطرفين موحد، أي ان معارضي احمدي نجاد من المحافظين يخوضون هذه المعركة بأكثر من قائمة وكذلك الذين يناصرونه، وفي هذا الإطار يلاحظ ان من كان يوصف بالمرشد الروحي لأحمدي نجاد، آية الله مصباح يزدي، يقود لائحة تضم وزراء سابقين في حكومة الرئيس، وهو وإن كان يجاهر بدعم الرئيس إلا ان اللائحة تعلن بوضوح معارضتها لرئيس مكتبه مشائي، في المقابل تعتبر أقوى لوائح المحافظين «الجبهة المتحدة للمحافظين»، وهي تمثل رئيس مجلس الشوري علي لاريجاني ومرشح الرئاسة السابق محمد باقر قاليباف ويرأسها رئيس جامعة الإمام الصادق في طهران آية الله محمد رضا مهدوي كاني، والمعركة المتوقعة قد تكون اكثر ضراوة من أي معركة، لأن خصوم اليوم حفظ بعضهم بعضا جيدا من تحالف الأمس، ولدى كل طرف منهم دراية كبيرة بتكتيكات الخصم وأساليبه ومفاتيحه الانتخابية.
لكن بغض النظر عن نتيجة الانتخابات وحجم الكتل في مجلس الشورى المقبل، فإن التحدي الأهم للنظام سيكون في ضمان أكبر نسبة مشاركة في عملية الاقتراع، لا سيما أن الرهان لدى المعارضين يبقى على تسجيل أكبر نسبة مقاطعة لتوجيه رسالة إلى الداخل والخارج بأن الأكثرية في ايران لم تعد مقتنعة بأن صناديق الاقتراع تعكس خياراتها، وهذا ربما الذي دفع وسائل الإعلام الرسمية وبعض الشخصيات البارزة للتأكيد أن كل ورقة اقتراع لأي طرف كانت ستشكل رصاصة في قلب أعداء الجمهورية الإسلامية.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,597,988

عدد الزوار: 6,997,289

المتواجدون الآن: 54