حكومة التوافق الفلسطيني في مواجهة عقدة التنمية المستقلة

تاريخ الإضافة الخميس 12 حزيران 2014 - 7:49 ص    عدد الزيارات 385    التعليقات 0

        

حكومة التوافق الفلسطيني في مواجهة عقدة التنمية المستقلة

 نبيل السهلي

 

من أهم التحديات التي تواجه حكومة التوافق الفلسطيني التخطيط للتنمية المستقلة في ظل احتلال مديد، وارتفاع وتيرة الاستيطان بغية فرض الأمر الواقع التهويدي. لذلك يرى محللون اقتصاديون أن ثمة مخاوف حقيقية من عدم القدرة على تحقيق التنمية الاقتصادية الفلسطينية في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي.

 

 

وتؤكد دراسات أكاديمية بان هناك عدة عوامل تحول دون التنمية، في المقدمة منها سيطرة إسرائيل على أهم مفاتيح الاقتصاد الفلسطيني، حيث تهيمن على نحو 96% من إجمالي التجارة الخارجية الفلسطينية، وبات العجز في الميزان التجاري الفلسطيني عنوان العلاقة القسرية بين الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي. ونتيجة تراجع أداء الاقتصاد الفلسطيني بسبب سياسات الاحتلال الرامية إلى تهميش القطاعات الاقتصادية الفلسطينية المختلفة، اضطر الآلاف من قوة العمل الفلسطينية إلى العمل في الاقتصاد الإسرائيلي.

 

 

وما يعيق حكومة التوافق الفلسطيني التي يترأسها رامي الحمدالله، تحكم إسرائيل بعنصر الأرض، حيث تعتبر الأرض الفلسطينية من أهم عناصر الإنتاج لتحقيق تنمية مستقبلية، ولهذا تطرح أسئلة عديدة عن إمكانية التنمية من دون تفكيك معالم الاحتلال الإسرائيلي، ونقصد هنا المستوطنات الإسرائيلية الجاثمة على الأرض الفلسطينية، والتي أقيمت على أهم المناطق الفلسطينية، حيث تحقق أهدافاً إسرائيلية متعددة، وفي المقدمة منها محاولة فرض أمر واقع تهويدي يصعب الانفكاك عنه من جهة، ومنع التواصل الجغرافي الديموغرافي العربي من جهة أخرى. وتبعاً للحقائق الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، فإنه لا يمكن تحقيق تنمية حقيقية من دون تفكيك معالم الاحتلال وبشكل خاص الاستيطان الإسرائيلي.

 

 

واللافت أنه رغم الحديث المتكرر عن مسار للتنمية والمفاوضات، يواجه الفلسطينيون ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة النشاط الاستيطاني في ظل قيادة «الليكود» بزعامة بنيامين نتانياهو لسدة الحكم في إسرائيل، حيث تشير المعطيات إلى ارتفاع عدد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية إلى نحو 550 ألف مستوطن إسرائيلي في عام 2014، منهم 350 ألفا يتمركزون في 151 مستوطنة في مناطق جغرافية إستراتيجية في الضفة الغربية، فضلاً عن 200 ألف مستوطن في الجزء الشرقي من مدينة القدس المحتلة، إضافة إلى طوقين من المستوطنات حول المدينة يصل عددها إلى 26 مستوطنة.

 

 

ولم تخف المؤسسة الإسرائيلية المخططات الإستراتيجية بشأن القدس، والتي تهدف إلى مصادرة القسم الأكبر من مساحتها وعقاراتها ومحالها التجارية، وجعل العرب أقلية في مدينتهم بحيث لا تتجاوز نسبتهم 12% من سكانها بحلول عام 2020. وتبعاً للحقائق الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، فإنه لا يمكن تحقيق تنمية حقيقية من دون تفكيك معالم الاحتلال وبشكل خاص الاستيطان الإسرائيلي الذي شكل على الدوام حجر الزاوية لفرض يهودية الدولة عبر تغييب الجغرافيا العربية وخاصة في مدينة القدس.

 

 

تشير الدراسات إلى أن السياسات الاقتصادية الإسرائيلية أدت بعد احتلال مديد إلى رزمة من النتائج الكارثية على الاقتصاد الفلسطيني. وعلى الرغم من توقيع اتفاقات أوسلو في أيلول (سبتمبر) 1993 بقيت أهم مفاتيح الاقتصاد الفلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، فبات السوق الفلسطيني ثاني سوق للاقتصاد الإسرائيلي بعد السوق الأميركي، وتتحكم إسرائيل بنحو 96% من إجمالي التجارة الخارجية الفلسطينية بشقيها الصادرات والواردات، والعجز في الميزان التجاري الفلسطيني هو عنوان لعلاقة قسرية مع الاقتصاد الإسرائيلي.

 

 

وفي الوقت نفسه وعلى الرغم من الإغلاقات الإسرائيلية المتكررة بوجه قوة العمل الفلسطينية، فإن نحو عشرة آلاف عامل فلسطيني ما زالوا يعملون في الاقتصاد الإسرائيلي حالياً، في مقابل 120 ألف عامل قبل انتفاضة الأقصى عام 2000، الأمر الذي يؤكد تحكم إسرائيل في نسبة كبيرة من الدخل القومي الفلسطيني، وبذلك فإن المجتمع الفلسطيني عرضة لابتزازات سياسية دائمة. وما يزيد الوضع سوءاً سيطرة السلطات الإسرائيلية على نحو 100 مليون دولار شهرياً من الضرائب المفروضة على العمال العرب من الضفة والقطاع الذين يعملون في الاقتصاد الإسرائيلي وعلى حركة التجارة الفلسطينية عبر المعابر الإسرائيلية .

 

 

حكومة التوافق الفلسطينية ستواجه تحديات أخرى فرضتها سياسات الاحتلال، التي أدت إلى تراجع أداء كافة القطاعات الاقتصادية الفلسطينية، وظهور أزمات اقتصادية واكبت وتواكب تطور الاقتصاد الفلسطيني، وتشتد وطأتها مع ارتفاع وتيرة الحصار الإسرائيلي والعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني والبنى التحتية للاقتصاد الفلسطيني. وتشير معطيات وتقارير البنك الدولي إلى تفاقم أزمة البطالة لتصل معدلاتها إلى نحو 40% في قطاع غزة و20% في الضفة الغربية، الأمر الذي أدى إلى انتشار الفقر المدقع بين ثلثي الأسر الفلسطينية في المنطقتين.

 

 

لمواجهة تحديات التنمية في ظل الاحتلال، لا بد من خطط وطنية فلسطينية بديلة، تأخذ في الاعتبار القدرات الاقتصادية لدى الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات. وتبعاً لذلك يجب مشاركة القوة الفلسطينية الصامتة والفعاليات الاقتصادية المختلفة في رسم المستقبل الواعد للدولة الفلسطينية المنشودة، وإعطاء بعد عربي رسمي وشعبي من اجل التخطيط للتنمية، حيث يمتلك العرب مقدرات وطاقات اقتصادية، فالدول العربية تساهم بنحو 30% من إنتاج النفط في العالم سنوياً، وتستأثر في الوقت ذاته بحوالى 60% من احتياطه.

 

 

كما تحتم الضرورة العمل على إعادة توطين رأس المال الفلسطيني المهاجر والمقدر بنحو 60 بليون دولار، وهذا سوف يعزز فكرة دعم التنمية المستقلة تدريجياً بعد احتلال مديد، كما تمكن الإفادة من صناديق التمويل العربية، حيث بمقدورها تمويل مشاريع عربية في الأراضي الفلسطينية، وتهيئة الفرص لزيادة التجارة البينية بين الدول العربية والاقتصاد الفلسطيني بعيداً من الابتزاز والضغوط الإسرائيلية والدولية للفلسطينيين. وكذلك لا بد من تحسين أداء القائمين على المال العام الفلسطيني، والقيام بعملية إصلاح حقيقية في إدارة المال الذي هو للشعب الفلسطيني في المقام الأول وليس لأشخاص ومحسوبيات وفصائل بعينها.

 

 

ويبقى القول إنه ليس بمقدور حكومة التوافق الفلسطيني التخطيط للتنمية الفلسطينية المستقلة من دون إرادة سياسية صادقة في المقام الأول. بحيث تبدأ بتبني خطاب سياسي حقيقي جامع لجهة تفكيك معالم الاحتلال، من نشاطات استيطانية وسيطرة على مقدرات الشعب الفلسطيني، وهناك قرارات دولية أقرت بعدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي وضرورة تفكيك المستوطنات وترحيل المستوطنين وبطلان الأعمال كافة التي قامت بها إسرائيل لتغيير الطابع الجغرافي والديموغرافي وبشكل خاص في مدينة القدس التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمة دولتهم المنشودة، عندئذ يمكن الحديث عن إمكان التخطيط لتنمية فلسطينية مستقلة.

 

 

 

 

 

 

* كاتب فلسطيني

 

 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,620,920

عدد الزوار: 7,035,511

المتواجدون الآن: 68