لمح إيتان هابر، رئيس ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق اسحق رابين، هذا الأسبوع، إلى أنه لم يظهر في تاريخ إسرائيل كله زعيم سياسي واحد تجرأ على أن يقول لا للولايات المتحدة، مؤكدًا أن هذا يدل على مدى إدراكهم مبلغ ارتهان وجود دولتهم بتبعيتها المطلقة لتلك الدولة العظمى.
وأضاف أن على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك أن يستوعبا جوهر هذه الحقيقة التاريخية، وألا يتورطا في قول لا لمعارضة واشنطن شن هجوم عسكري إسرائيلي على إيران بهدف كبح مشروعها النووي.
تجدر الإشارة في هذا الشأن إلى أن تبعية إسرائيل للولايات المتحدة ناجمة، من الناحية التاريخية، عن عوامل تحيل إلى قواسم مشتركة عدة بين الدولتين تعززت عقب حرب 1967، وتوصف في الأدبيات الإسرائيلية بأنها "عوامل موضوعية"، وفي الوقت نفسه ناجمة عن عوامل أخرى توصف بأنها ذاتية، في مقدمها إصرار رئيس الحكومة الأول، ديفيد بن غوريون، منذ البداية على وجوب أن تكون إسرائيل جزءا من "العالم الحرّ" بزعامة الولايات المتحدة.
بيد أن العامل الأهم كامن في واقع كون إسرائيل دولة غير مستقلة من الناحية الاقتصادية، وهو ما أشار إليه السفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن زلمان شوفال في سياق "ورقة عمل" بشأن تطور العلاقات الإسرائيلية- الأميركية قدمها في مؤتمر هرتسيليا الذي عقد أخيرًا.
ووفقًا لتلك الورقة فإن إسرائيل أصبحت منذ عام 1976 تحظى بأكبر نصيب من المعونات الخارجية الأميركية السنوية من بين سائر دول العالم، ويشمل ذلك منحة المعونة العسكرية السنوية الثابتة بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
وبالإضافة إلى المعونات الثابتة، تلقت إسرائيل مرارًا رزم معونات أميركية خاصة، كالتي حصلت عليها على شكل هبات عقب توقيع اتفاقيتي السلام مع مصر والأردن، واتفاق "واي ريفر" مع الفلسطينيين، وضمانات القروض (10 مليارات دولار) لاستيعاب الهجرة اليهودية من دول الاتحاد السوفياتي السابق في عام 1992، وأخيراً اتفق على ضمانات قروض أخرى بقيمة مماثلة.  وفي سياق هذه العلاقات الاقتصادية، يُشار أيضا إلى الاتفاقية الثنائية التي وقعت قبل أكثر من 20 عامًا، والمتعلقة بإقامة سوق حرة للبضائع بين الدولتين، وشكلت مساعدة كبيرة للصادرات الإسرائيلية للولايات المتحدة إبان الأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت بإسرائيل في أواسط الثمانينات، إلى قرار وزير الخارجية الأميركية الأسبق جورج شولتز إقامة هيئة مشتركة سُمّيت "مجموعة التطوير الاقتصادي المشترك، أميركا- إسرائيل" (JEDG) والتي وفرت حلولا لمشكلات إسرائيل الاقتصادية الدورية.