إسرائيل تباشر خطوات انتقام من السلطة الفلسطينية على وقع تنافس انتخابي

تاريخ الإضافة السبت 10 كانون الثاني 2015 - 7:47 ص    عدد الزيارات 660    التعليقات 0

        

 

إسرائيل تباشر خطوات انتقام من السلطة الفلسطينية على وقع تنافس انتخابي
الحياة...القدس المحتلة - امال شحادة
الهجمة التي بدأتها إسرائيل على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، لا تنحصر بالمعاني والتصريحات التي تطلقها القيادة الإسرائيلية، علناً، سواء أمام الإسرائيليين أو أمام الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. إنها هجمة تحمل في طياتها أهدافاً عدة يقف خلفها، في شكل أساس، رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، الذي يخوض معركة انتخابية ليست سهلة، وربما واحدة من أكثر المعارك الانتخابية التي تهدد مكانته. فنتانياهو اليوم أمام مأزق داخل حزبه وفي اليمين وفي إسرائيل، عموماً. فهو كان أقدم على خطوة تبكير موعد الانتخابات ليعطي درساً لحلفاءه في الائتلاف، لكنه وجد نفسه اليوم مهدداً بخسارة الحكم. فخصومه يبذلون كل جهد في التحالفات والاتفاقات ليتكتلوا ويشكلوا أكثرية تكون قادرة على إسقاطه في الحكومة. واستطلاعات الرأي تعطيهم أملاً حقيقياً بالفوز.
ونتانياهو كأي رئيس حكومة سبقه، يستغل هذه الأزمة ليصدرها إلى الخارج وما شهدته الحلبة الدولية من مناكفات وتطورات في ملف القضية الفلسطينية، والخطوات التي تكثفها السلطة الفلسطينية في مواجهة إسرائيل، كانت فرصة كبيرة يسعى نتانياهو لاستغلالها بكل قوة ويتعامل معها كفرصة ذهبية لمواجهة خصومه في الانتخابات. فهم يحاولون تركيز المعركة الانتخابية على القضايا الاجتماعية والاقتصادية مستغلين إخفاقاته، وهو يحاول التركيز على القضايا السياسية والأمنية، باعتبارها ملعبه المفضل.
وتمكنه من إفشال المشروع الفلسطيني في مجلس الأمن رفع أسهمه وجعله يتنفس الصعداء ويدخل بقوة في المعركة الجديدة مع السلطة بعد أن توجهت إلى محكمة لاهاي بطلب الدخول إليها. فالطلب الفلسطيني أشعل الحلبة السياسية والحزبية الإسرائيلية من جديد، حيث يستغله كل طرف لمصلحته الانتخابية واستغلال نتانياهو لهذا الطلب وصل ذروته عندما استهل جلسة حكومته بإعلان أن الحكومة الإسرائيلية ستقف كحد السيف إلى جانب الجيش وقادته أمام تهديد السلطة الفلسطينية في محاكمتهم كمجرمي حرب، ومهدداً في الوقت نفسه أن هذا الجيش لن يهدأ وسيواصل الدفاع عن إسرائيل وأمنها بكل إصرار وقوة وفي مقدار هذا الإصرار ستدافع الحكومة، بكل هيئاتها ومؤسساتها عن الجنود والضباط.
وفي ظل التطورات الأخيرة على الساحة الدولية والخطوات التي اتخذتها وتهدد باتخاذها السلطة الفلسطينية عاد الموضوعان الأمني والسياسي يتربعان على رأس القضايا التي تحتل أجندة الإسرائيليين من سياسيين وعسكريين وحتى من مواطنين، وفي هذا يسجل نتانياهو حتى اللحظة نقطة في صالحه.
تنسيق مع واشنطن
القرار الفوري الذي اتخذه نتانياهو في منع تحويل نحو مئة مليون يورو من أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة الفلسطينية، لم يواجه بمعارضة شديدة من قبل الإسرائيليين. وقبل أن يتخذ هذا القرار وقتاً من النقاش والمعارضة أو الانتقاد خرج نتانياهو في قرار آخر أعلن فيه أن مكتبه أعد وثيقة تتضمن سلسلة نشاطات في مواجهة خطوات السلطة الفلسطينية وأبرزها إعداد لوائح اتهام ضد قياديين في السلطة الفلسطينية وفي مقدمهم رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، معلناً في رده على طلب الدخول إلى محكمة «لاهاي»، أن أول من يجب معاقبته ومحاكمته على جرائم حرب هي السلطة الفلسطينية التي تحالفت مع حركة «حماس»، واصفاً الحركة في تصريحاته بالإرهابية.
وفي إسرائيل كلمة إرهابيين باتت عنواناً بارزاً لحملات التخويف والترهيب، وهي حملات تحولت إلى نهج تمارسه القيادتان السياسية والعسكرية في معاركهما. فإسرائيل، تحدثت في شكل واضح إنها ستكون قادرة في غضون أيام على إعداد ملفات مدعومة بأدلة ووثائق تدين القيادة الفلسطينية في الولايات المتحدة ودول أوروبية بارتكاب جرائم حرب. وهناك طواقم تعمل في المكاتب الحكومية المختلفة، منذ شهور لهذه القضية. وستعقد اجتماعات خلال الأسبوع الجاري، يليها انعقاد جلسة للمجلس الوزاري السياسي – الأمني، لاتخاذ قرار تفصيلي في شأن الرد الأوسع على الخطوة الفلسطينية.
وادعت إسرائيل أن نشاطها هذا يتم بالتنسيق مع شخصيات في الإدارة الأميركية وبأنها تعد لحملة موازية في مضمونها مطالبة الولايات المتحدة وإقناعها بضرورة تهديد السلطة الفلسطينية بوقف المساعدات الأميركية إذا واصلت إجراءاتها ضد إسرائيل في المحكمة الدولية. وذكر مسؤول امني، عبر مختلف وسائل الإعلام أن إسرائيل «لا تنوي الدفاع عن نفسها على الحلبة الدولية فقط وإنما ستهاجم ولديها ما يكفي من الذخيرة». وأضاف: «في كل ما يتعلق بجرائم الحرب، فان الزبدة مدهونة على رأس أبو مازن ورفاقه، وهم من قرر الخروج إلى الشمس»، بهذه الكلمات وبهذه الثقة الكبيرة بنجاح خطواتها انطلقت إسرائيل نحو معركتها الجديدة في مواجهة طلب الانضمام إلى المحكمة الدولية. وتعاملت إسرائيل بلامبالاة وعدم اهتمام مع التهديدات التي أطلقها مسؤول المفاوضات صائب عريقات، في لقاءات مع صحف إسرائيلية وقال فيها إن السلطة تنوي التوجه إلى الدول العربية وإلى أمين الجامعة العربية كي تقدم طلب دعم اقتصادي للسلطة طالما تواصل قرار التجميد الإسرائيلي. وبان السلطة ستطالب بتطبيق فوري لقرار القمة العربية الأخير في الدوحة، في شأن منح شبكة أمان اقتصادي للسلطة بقيمة 100 مليون دولار شهرياً، في حال فرض عقوبات عليها من جانب إسرائيل والولايات المتحدة. فيما أكد أبو مازن أنه ماض في برنامجه لنيل الاعتراف والعضوية الفلسطينية في مختلف المؤسسات الدولية.
وقد جاء الرد مباشرة من بنيامين نتانياهو بتجنيد حكومته وكل الهيئات القانونية الإسرائيلية للتصدي لهذه الشكاوى ورفع دعاوى أخرى فيما هدد وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شطاينتس، بخطوات أشد شراسة وقوة ضد الفلسطينيين في حال نفذوا تهديداتهم برفع الدعاوى إلى «لاهاي». ونقل عن مسؤول إسرائيلي أن وقف تحويل أموال الضرائب يشكل الخطوة الأولى فقط رداً على الخطوة الفلسطينية، وبحسب قوله فإن «الخطوة الملموسة والواسعة ستأتي لاحقاً».
الاعتراض الإسرائيلي على هذه الحملة الشرسة ضد السلطة الفلسطينية جاء متواضعاً جداً. فرئيس حزب العمل المعارض والمنافس الأول لنتانياهو في الانتخابات القريبة، اسحق هرتسوغ، اعتبر أن خطوة تجميد حوالي مئة مليون يورو إلى السلطة الفلسطينية في غير مكانها قائلاً: «الضعيف أمام أبو مازن على الحلبة الدولية، يتخذ إجراءات لا تساعد وحدها حقاً، جنود الجيش في لاهاي، ولن توقف تحرك الفلسطينيين في العالم». وبمثل هذا الرد سعى هرتسوغ، هو الآخر لاستغلال الموضوع في معركته الانتخابية ولكن بصوت خافت. أما الرئيس السابق، شمعون بيريز، فجاء رده أكثر خجلاً إذ قال خلال مشاركته في ما يسمى منتدى «سبت الثقافة» في تل أبيب «أن لدى أبو مازن مشاكله الخاصة، لديه ملايين اللاجئين وحماس وهجمات من كل جانب، ولكنه يصمد أمام ذلك وأنا أقدره».
وهرتسوغ، الذي اكتفى بهذا التصريح، سيجد بتصريحات القائد في فتح، جبريل الرجوب، لموقع «واللا» الإخباري منفذاً آخر يستفيد منه ليواجه سياسة نتانياهو في كل ما يتعلق بالمسار السلمي تجاه الفلسطينيين وعدم اتخاذه خطوات لتحريك العملية السلمية. فقد قال رجوب «إن أحزاب اليمين الإسرائيلي هي التي دفعت الفلسطينيين للتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، بحيث رفضت المفاوضات ورفضت تجميد المستوطنات أو التعامل مع الفلسطينيين كجيران أو شركاء. بل إنها لا تعترف بحقيقة وجودنا». وأضاف: «نحن نفضل الحوار والمفاوضات، لكنه لم يكن أمامنا هذه المرة أي خيار». وفي رده على سؤال حول التوقيت وما إذا كانوا يقدمون بذلك هدية لنتانياهو، قال الرجوب: «الانتخابات التمهيدية في الليكود لا تهمنا. في كل مرة جاؤوا وقالوا لنا هناك انتخابات في مجلس الشيوخ وانتخابات في إسرائيل»، وانتخابات داخلية في الليكود. كفى، السلام هو مصلحة فلسطينية إسرائيلية وعليكم أن تفهموا بأننا جميعاً نأكل من الصحن ذاته».
الحديث عن معسكر السلام في إسرائيل سيكون أيضاً مادة يستغلها اسحق هرتسوغ وغيره من قيادات الأحزاب لدعم مواقفهم في حملاتهم الانتخابية فقد قال الرجوب: «نريد العمل مع معسكر السلام في إسرائيل، كي يتظاهر معنا في الشوارع من أجل إنهاء الاحتلال داخل حدود 67. لدينا خريطة طريق ونحن نمضي في اتجاه واضح ومباشر – انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية. آن الأوان كي يقوم المعسكر المتعقل في اسرائيل ويقول كفى، ويطالب بالانفصال عن سرطان الاحتلال. علينا بناء مستقبل من السلام والتعايش لأولادنا، على أساس الدولتين للشعبين. هذه هي استراتيجية القيادة الفلسطينية. نحن لسنا معنيين بأي شكل من الأشكال بالعنف. توجهنا إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، في رسالة واضحة لإسرائيل كي تفهم بأن العنف وسفك الدماء ليس جزءاً من سياستنا، على رغم أن سياسة الاحتلال هي التي تدير الإرهاب ضدنا. إذا قامت الحكومة الإسرائيلية غداً وقالت إن الزمن أصبح ناضجاً لإنهاء الاحتلال، فسيرد الشريك الفلسطيني بالإيجاب».
صحيفة «هارتس» لم تكتف بانتقاد قرار تجميد الأموال والتهديدات بسلسلة خطوات جديدة بل تحدثت في شكل واضح عن خطورة إفشال إسرائيل لمشروع قانون الدولة رافضة أن يسجل انتصاراً لنتانياهو وحكومته.
وقالت في افتتاحية لها إن فشل المشروع يعيد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى المربع الأول ويدفع الفلسطينيين للتوجه إلى محكمة العدل الدولية وكلا النتيجتين سيئتان لإسرائيل. وعلينا أن لا نتحمس للمساندة الأميركية، خصوصاً أن مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، سمنتا باور قالت في كلمتها انه يجب أن لا يُرى فشل المشروع الفلسطيني كانتصار لسياسة الأمر الواقع. فهذا الواقع لا يمكن أن يستمر.
وتنتقد الصحيفة الموقف الأميركي متسائلة: «ما الغضاضة في أن يقرر مجلس الأمن الدولي جدولاً زمنياً للمفاوضات وموعداً محدداً لإنهاء الاحتلال؟ هل تملكون خططاً سياسية أخرى لم تطرح بعد؟ أم أنكم تنطلقون من حسابات حزبية، حيث أنكم تخشون أن يربح اليمين الإسرائيلي الانتخابات فيما لو صدر قرار إيجابي في مجلس الأمن»؟ وتضيف الصحيفة «أن الاعتراض على المشروع في مجلس الأمن لم يكن نابعاً من ذكر قضية اللاجئين ولا قضية القدس، بل إن الغضب الإسرائيلي ناجم عن الجرأة الفلسطينية في اتخاذ خطوات أحادية الجانب وإثارة الاستفزاز. فتحويله إلى صراع دولي يشكل تهديداً حقيقياً للسياسة الإسرائيلية التي تريد أن تبقي بأيديها احتكار إدارة الصراع وإقرار كل ما يتعلق بالمفاوضات». وتنهي الصحيفة» «إن هذا التصويت في مجلس الأمن يجب أن يكون جرس إنذار يوقظ الإسرائيليين على مصلحتهم الحقيقية ليقرروا أية قيادة لهم يريدون، هل تلك التي تعطيهم الأمل في التغيير أو تلك التي تبقيهم جالسين على برميل من البارود؟».
والحديث عن برميل من بارود يأتي للرد على السؤال الذي يطرح مع تصعيد حملة نتانياهو ضد محمود عباس، وإذا كان بخطواته هذه يريد إسقاط رئيس السلطة الفلسطينية؟ فان فعل ذلك هل سيضمن شريكاً فلسطينياً تكون إسرائيل قادرة على ضمان أمنها واستقرارها أو التفاوض معه لدفع عملية السلام؟
أسئلة كثيرة الرد عليها سيكون متعلقاً أيضاً بالتطورات على الساحتين السياسية والحزبية الإسرائيلية والمعركة الانتخابية، التي من المتوقع أن تحتدم مع مطلع الشهر المقبل.
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,454,484

عدد الزوار: 6,951,314

المتواجدون الآن: 68