مهاجرون إلى النمسا يعتبرونها «عدواً» وآخرون يفرضون الشريعة في ألمانيا وهلع أوروبي من تصاعد «العنف الإسلامي» والجاليات ضحية التطرف والانعزال

تاريخ الإضافة الإثنين 9 شباط 2015 - 7:33 ص    عدد الزيارات 751    التعليقات 0

        

 

مهاجرون إلى النمسا يعتبرونها «عدواً» وآخرون يفرضون الشريعة في ألمانيا وهلع أوروبي من تصاعد «العنف الإسلامي» والجاليات ضحية التطرف والانعزال
محمد خلف.... * صحافي عراقي مقيم في صوفيا
أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «برتلسمان» الألمانية أن 57 في المئة من الألمان يعتبرون الإسلام تهديداً، فيما رأى 61 في المئة منهم «أن هذا الدين لا يتلاءم مع العالم الغربي». وقال 40 في المئة منهم أنهم يشعرون «بأنهم غرباء وأجانب في بلدهم». وكشف الجانب الآخر من الاستطلاع الذي أجري في أوساط المسلمين عن ظاهرة مثيرة وهي «أن المسلمين من الجيل الثاني والثالث من المهاجرين هم أكثر تديناً من آبائهم». وكانت الكاتبة الإيطالية أوريانا فلاتشي قالت في كتابها «قوة المنطق» «إن الإسلام أخذ يغزو أوروبا»، وهي في طريقها إلى أن «تتحول شيئاً فشيئاً إلى إمارة أو مستعمرة إسلامية»، ويرى الكاتب الكندي مارك ستيون «أن الدول الأوروبية لن تستطيع الصمود أمام أسلمة الحياة وزحف الثقافة الإسلامية في القرن الواحد والعشرين لأسباب عدة أهمها: عامل الثقافة والعقيدة، والعامل الديموقراطي وعامل إحساس السكان المسلمين بأحقيتهم بوراثة أوروبا». وتذكر البيانات الصادرة عن الهيئات الأوروبية المعنية «أن النسبة المطلوبة للحفاظ على عدد سكان أوروبا يستلزم نسبة ولادة تبلغ 2.1 للمرأة الواحدة، فيما النسبة الحالية هي 1.5 وهي سائرة نحو التدني»، هذا مقابل معدل نمو لدى المسلمين يتراوح بين 2.5 في المئة و3 في المئة. وتوقعت دراسة أخرى «أن يتدنى عدد سكان أوروبا من 375 مليون نسمة إلى 275 مليون نسمة عام 2075 إن لم تستمر الهجرة الى البلدان الأوروبية». ويحتاج الاتحاد الأوروبي إلى 1.6 مليون مهاجر سنوياً ليحافظ على التوازن بين المواطنين العاملين والمتقاعدين، أما الآن فهو يحتاج إلى نحو 14 مليون مهاجر لسد النقص الحاصل من قبل.
تتباين البيانات الخاصة بأعداد المسلمين الذين يعيشون في أوروبا، ويشير بعضها إلى أنهم الآن نحو 45 مليوناً (5 - 6) ملايين في فرنسا، و4 ملايين في ألمانيا، و (2 - 3) في بريطانيا.
في مدينة برشلونة وصل عدد المسلمين من سكانها إلى 30 في المئة، وفي مدينة سالت 40 في المئة، وفي استوكهولم عاصمة السويد 20 في المئة، و25 في المئة من المسلمين في كل من روتردام وأمستردام، وفي لوتن المدينة الثالثة في بريطانيا أكثر من 50 في المئة من سكانها مسلمون. وفي محاضرة له توقع النائب الهولندي غيرت وايلدرز أن ترتفع نسبة المسلمين في أوروبا في غضون السنوات العشر المقبلة إلى 25 في المئة من عدد السكان الإجمالي». وقال الباحث البريطاني كريستوفر كالدويل أنه في عام 2006 «كان 57 في المئة من المواليد الجدد في بروكسيل من المسلمين يحملون أسماء مثل محمد وآدم ومهدي وحمزة». هذا يحدث في وقت شهدت أوروبا تراجعاً ديموغرافياً عام 2010، إذ بلغ تعداد سكانها 500 مليون نسمة أي بزيادة 1,4 مليون نسمة عن السنة التي قبلها، وتعود هذه الزيادة في 19 دولة أوروبية إلى الهجرة، وفق البيانات الرسمية.
وتتحدث مجموعات سياسية وبحثية أوروبية مختلفة عما تسميه نشوء «مجتمع مواز» للمهاجرين المسلمين في المجتمعات الأوروبية، يعيش وفق نظمه وتقاليده الخاصة، ويطبق الشريعة الإسلامية منغلقاً على نفسه في ما يشبه الغيتوات، في محاولة للتشديد على تمايز الهوية واختلافها لدى المسلمين عن شعوب البلدان الأخرى. واعتبر تقرير أصدرته الوكالات الأميركية الـ16 في عنوان «اتجاهات الإرهاب العالمي وتداعياته على الولايات المتحدة»، أن أوروبا أصبحت بؤرة مركزية يستخدمها الجهاديون للهجوم على المصالح الغربية و «أن الخلايا المتطرفة داخل الشتات الإسلامي الواسع في أوروبا، تسهل عمليات التجنيد وشن الهجمات في المدن كما حدث في واشنطن ونيويورك وبرلين ولندن وغيرها». ونبه الخبير السويسري في قضايا الإرهاب دورون زيمرمان أوروبا إلى أنها «تقف على قنبلة أمنية موقوتة لافتقارها إلى ميكانيزم يتيح التصدي لخطر التطرف الإسلامي». وذكر مدير وكالة الأمن والاستخبارات الهولندية روب بيرثولي «أن مئات الهولنديين غادروا منذ أوائل عام 2013، وفي غضون أشهر معدودة إلى سورية والعراق للقتال في صفوف الجماعات المتشددة، وعلى شكل موجات فاجأت الجميع». وقال: «إن الحركة السلفية الهولندية أصبحت تشكل أخيراً أرضية أخرى حاضنة للجهادية»، بعد أن كان السلفيون يدعون إلى «الدعوة» خلال السنوات الماضية وهي بمثابة عازل مع دعوتهم إلى الخطاب اللاعنفي، فيما يتحدث الدعاة الأجانب الآن خارج المساجد ويدعون إلى الجهاد القائم على العنف وهم ينجحون في جذب كثر من الشباب، معتبراً «أن الخطاب الأجنبي أكثر تطرفاً بكثير». ويحدد تقرير صادر عن وكالة الاستخبارات الهولندية أربعة مسارات رئيسية في تشكل الحركة الجهادية في هولندا هي: «أولاً، إن الجهاديين الهولنديين تعلموا من نظرائهم في بريطانيا وبلجيكا، فهم يعبرون عن آرائهم وأفكارهم بطرق استفزازية جديدة، بل قانونية في الوقت نفسه، مستغلين حرية التعبير التي يستخدمونها بذكاء لتجنب العقوبات القانونية. ثانياً، إن التحول في الحركة الجهادية حدث مع تعلمها من أخطائها السابقة بحيث أصبحت أكثر احترافاً في عملياتها، وتعلم المسافرون للقتال أن يكذبوا بإخبارهم الأجهزة الأمنية أنهم ذاهبون للمشاركة في حفل زفاف أو رؤية أقاربهم وذويهم، ما يقيد يد السلطات المعنية. ثالثاً، تبني الحركة الجهادية وسائلَ الاتصال الاجتماعية كوسيلة لنشر أفكارها ورسالتها في شكل احترافي مذهل، واستخدامها بدينامية غير مركزية وسريعة ومرنة، فضلاً عن العمل في شكل مستقل. رابعاً، إن الصراع في سورية يتمتع بجاذبية أيديولوجية للجهاديين المحتملين».
مساجد أوروبا
وتنشط حملات تجنيد الإسلاميين في بعض المساجد التي تنتشر في مدن أوروبا، وكثير منها سريّ، وليس مرخصاً، ويتحدث تقرير صادر عن دائرة منسق الإرهاب الأوروبي جيل دي كيرشوف عن أربع مجموعات ناشطة في هذا المجال هي: المجموعة السلفية للدعوة والقتال، المجموعة الإسلامية للمقاتلين المغاربة، التكفير والهجرة والدولة الإسلامية». ورصد تقرير أعدته لجنة الأمن والدفاع في البرلمان الهولندي، «أن خلايا الإسلام المتشدد تعمل لجذب النساء إلى صفوفها وتجنيدهن للعمل الجهادي المسلح».
وتواجه بعض البلدان الأوروبية التي فيها أقليات أو جاليات مسلمة، أخطار نشوب توترات على أساس ديني، وهو ما حذر منه الخبير الأميركي في قضايا الإسلام روبرت سبنسر الذي يترأس مؤسسة (جهاد ووتش) المختصة بدراسة ظواهر التطرف الديني في العالم، مشيراً إلى أن التوتر بين المسلمين والمسيحيين في أوروبا يتنامى باضطراد مهدداً بتكوّن ما سماه في تقريره «جيوباً إسلامية»، في شكل خاص في ألبانيا ومقدونيا والبوسنة التي يشكل المسلمون فيها نسباً هي على التوالي 70 في المئة و30 في المئة و60 في المئة من عدد السكان الإجمالي. ويتحدث سبنسر عن توجهات مثيرة للقلق في أوساط هذه الجاليات المسلمة في أوروبا، وهي ميلها إلى الانعزال في غيتوات دينية وإثنية في ضواحي المدن الأوروبية، موردا مثالاً على ذلك ما سماه «الغيتو الإسلامي»، والحلقات العرقية المرتبطة به في الضواحي التي تحيط بالعاصمة الفرنسية باريس.
تمر الدول الأوروبية عموماً بمرحلة إعادة نظر جذرية في سياستها تجاه المهاجرين المسلمين على أراضيها، في ظل تزايد الكلام عن نفوذ الإسلام المتشدد في أوروبا وانعكاساته السلبية على الهوية والتعددية الثقافية وقيم الديموقراطية وأنماط العيش ومنظومة القيم الأوروبية.
وتزداد المخاوف في أوروبا ممّا يسمى خطر أسلمتها وذلك في ظل التزايد الديموغرافي الكبير للمهاجرين المسلمين، وتراجع الولادات في غالبية الدول الأوروبية، فضلاً عن التطرف والتشدد الواضحين اللذين طرآ على هوية الإسلام خلال السنوات الماضية وتنامي التيارات المتشددة والسلفية الجهادية بزعامة «القاعدة» والدولة الإسلامية وبوكو حرام وغيرها. وأصبح من المألوف قيام مسؤولي الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بإطلاق التصريحات عن وجود مواطنين يحملون جنسية بلادهم يقاتلون في صفوف «داعش» والجماعات الجهادية الأخرى، ووفق دي كريشوف، فإن «عدد هؤلاء يرتفع باستمرار بحيث وصل حتى الآن إلى 5 آلاف مقاتل يشكلون تهديداً خطيراً لأمن مجتمعاتهم بعد عودتهم إلى بلدانهم، وقد اكتسبوا خبرات ومهارات في العمل الإرهابي».
وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أقرت بمرارة قبل فترة بفشل مشروع اندماج المهاجرين في بلدها، وهو ما كرره رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كامرون حين تحدث عن فشل السياسة البريطانية التي تشجع التعددية الثقافية، واعتبارها المسؤولة عن تصاعد التطرف الإسلامي، وهذا للأسف هو حال جميع مشاريع وبرامج الاندماج الأوروبية، بما في ذلك السويد التي كانت تعد النموذج الناجح والمتطور لاندماج المهاجرين وبناء مجتمع متعدد الثقافة.
في استطلاع أجري قبل 4 سنوات في النمسا شارك فيه 500 من أفراد الجاليات الإسلامية، أعلن 76 في المئة منهم أنهم يصنفون أنفسهم على أساس الدين الإسلامي لا على أساس الجنسية التي يحملونها، فيما قال 79 في المئة منهم في ردهم على سؤال عن موقفهم من الدولة التي يحملون جنسيتها، أنهم يعتبرونها (عدوة)! وينقسم المسلمون في النمسا إلى أربع مجموعات وفق تصنيف أعدته وزارة الداخلية، وهي: (متزمتة دينياً وتشكل 18 في المئة) و (دينية تقليدية 27 في المئة) و (معتدلة 31 في المئة) و (علمانية 24 في المئة). ويبلغ عدد مسلمي النمسا نحو 400 ألف نسمة من مجموع 8 ملايين، أي أن نسبتهم 4.35 في المئة من مجموع السكان الكلي. وتكشف بحوث أعدتها مؤسسات مختصة «أن 45 في المئة من المسلمين في النمسا يرفضون الاندماج في المجتمع ولا يوجد في هذا فروق بين من يعتبرون جيلاً ثالثاً، أو أول ولا في الأصول بين من قدم من تركيا أو الشيشان أو الدول العربية». ووفقاً لنتائج استطلاع قام به الدكتور مارك سيغمان الباحث الأميركي في مجال الإرهاب والطب النفساني، وشارك فيه 400 شخص مرتبطين بـ «القاعدة» في الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا وشمال أفريقيا وأوروبا، فإن «85 في المئة منهم أصبحوا متشددين في الغرب وليس في بلدانهم الأصلية.
أوروبا والخطر الأكبر
لم تكن هذه الاتجاهات مثيرة للقلق والمخاوف لدى الأوروبيين، ولكن هذه المشاعر بدأت بالانبعاث والنمو مع تنامي نفوذ التيارات الإسلامية المتطرفة، لا سيما السلفية منها داخل المجتمعات الأوروبية، وشروعها في التقوقع والانعزال، ومن ثم تبلور تيارات عنفية بدأت في ممارسات داخل البيئات التي تؤويها تتعارض مع منظومة القيم الأوروبية، ما كان له الدور الأكبر في تدهور العلاقات بين المهاجرين من المسلمين وبين المجتمعات والأنظمة السياسية الحاكمة، وتزايد الكلام في الإعلام الأوروبي عن «الخطر الأخضر» الذي حل محل «الخطر الأحمر» الشيوعي، فعلى سبيل المثال أعلن المدعو أبو عمران البلجيكي وهو من أصول سورية في مؤتمر صحافي في بروكسيل، أن هدف تنظيمه السلفي هو إسقاط النظام العلماني الحاكم وفرض الشريعة الإسلامية في بلجيكا التي يوجد فيها وفق زعيم حزب (فلانس بلانغ) القومي المتشدد فيليب ديونتر «300 مسجد من بينها 67 مسجداً تحت سيطرة عناصر سلفية متشددة وعنفية، وفيها يتم تجنيد الجهاديين». وفي ألمانيا قامت مجموعة من السلفيين تطلق على نفسها اسم «شرطة الشريعة» يقودها ألماني اعتنق الإسلام بدوريات في شوارع مدينة فوبيرتال لفرض تطبيق الشريعة والطلب من مرتادي النوادي الليلية عدم شرب الكحول أو سماع الموسيقى ولعب القمار، وهذا دفع المتحدثة الرسمية بأسم «بيغيدا» كاثرين أورتيل إلى التساؤل «كيف يمكن السماح بظهور مجتمعات موازية في ألمانيا؟ بأن يملك قضاة إسلاميون الحق في تطبيق العدالة، وأن تحرض المدارس الإسلامية على كراهية المواطنين الألمان؟». هذا فيما توصل تحقيق أجرته الحكومة البريطانية إلى أدلة عن محاولات منسقة لأسلمة عدد من المدارس الحكومية في مدينة «برمنغهام» من جانب الأجهزة الإدارية لتلك المدارس في إطار مخطط لترسيخ «الإسلام المتشدد» في مناهج المدارس، ولقد نجح المسلمون في مدينة (Tower Hamlets) بلندن بتغيير بعض أسماء الشوارع بأسماء إسلامية، ويبلغ عدد المسلمين في بريطانيا 2.7 مليون نسمة أي ما يعادل 4.8 في المئة من السكان ككل، وفي مدينة مالمو (Malmo) ثالث أكبر مدينة في السويد، تنتشر عصابات إسلامية مسلحة وسكان المدينة من المسلمين في غالبيتهم لا يعرفون اللغة السويدية، على رغم وجودهم لأكثر من 20 عاماً، أما الدنمارك فشهدت حديثاً المدرسة الأولى التي يكون كل طلابها من المسلمين.
وتلقي نتائج استطلاع للرأي أجرى في ألمانيا قبل أسابيع قليلة، الضوء على تزايد مشاعر مناهضة للإسلام والمسلمين في كل دول أوروبا، وليس في ألمانيا وحدها التي أعلن واحد من كل ثمانية من مواطنيها استعداده للمشاركة في مسيرة مناهضة للمسلمين تنظمها أسبوعياً حركة الاحتجاج المعروفة باسم «أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب» – بيغيدا - ويتضح من الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «فورسا» لحساب مجلة «شتيرن» الألمانية «أن 13 في المئة ممن شاركوا أبدوا استعدادهم للانخراط في مسيرات مناهضة للمسلمين إذا ما نظمت في المدن التي يعيشون فيها، فيما أعرب 29 في المئة عن اعتقادهم بأن «الإسلام يؤثر في نمط الحياة في ألمانيا». وفي الدنمارك وجد ميكيل دينكير من حزب الشعب الدنماركي في انعدام لحم الخنزير في وجبات الأطفال في رياض الأطفال سبباً لإثارة حالة الغضب الشعبي، لأن عدم وجود اللحم هو أحد الأمثلة على ما سماه «فقدان الدنمارك هويتها» نتيجة لمراعاتها تقاليد وشعائر الأجانب الدخلاء. وفي فرنسا أصبحت «الجبهة الوطنية» المتشددة أكثر الأحزاب شعبية، وفي دول أخرى مثل النمسا وبريطانيا وتشيخيا وفنلندا وهولندا، تحظى هذه الأحزاب بشعبية واسعة ويتزايد عدد نوابها في البرلمانات الوطنية ناهيك عن البرلمان الأوروبي كما أظهرته الانتخابات الأخيرة. وفي اليونان يقوم حزب النازيين الجدد «الفجر الذهبي» بالترويج علانية لعودة الفاشية، ولقد أصبح له الآن في البرلمان الجديد 17 نائباً على رغم أن زعيمه وبعض قادته يقضون أحكاماً في السجون بسبب ترويجهم للأفكار النازية والعنصرية، وهذا ما يفعله الحزب القومي المتشدد «جوبيك» في المجر بدعم فرقة من المذهب القومي العنصري.
وفي فرنسا التي تضم كبرى الجاليات المسلمة في أوروبا، توجه العشرات إلى المكتبات لشراء كتاب الصحافي إريك زيمور «الانتحار الفرنسي» الذي يصور ويسجل شعور الفرنسيين بالإحباط حيال أوضاع بلادهم والناجمة كما يعتقدون عن «وجود شعب في قلب شعب آخر»، ويحذر هذا الصحافي من أن استمرار هذا الوضع سيقود فرنسا إلى الفوضى والحرب الأهلية، داعياً إلى ترحيل 6 ملايين فرنسي مسلم، ووضعهم في بواخر وإرسالهم إلى دولهم التي قدموا منها، حتى ولو كانوا من الجيل الرابع من المهاجرين. وذاع صيت رواية الكاتب الفرنسي ميشال ويلبيك التي تدور أحداثها في عام 2022 ويتخيل فيها فوز مسلم بالرئاسة الفرنسية وقيامه بفرض تعدد الزوجات وأسلمة البرامج التربوية.
فتوحات إسلامية في أوروبا
أيقظ الهجوم الوحشي على مكاتب أسبوعية «شارلي إيبدو» الساخرة، مشاعر الخوف لدى فئات يتزايد عدد أفرادها في مجتمعات أوروبا من المسلمين، كما رفع من منسوب الكراهية التي نجحت الجماعات القومية المتشددة في حشدها في النفوس مهددة بانهيار أحد أهم أسس منظومة القيم التي ترسخت خلال الخمسين عاماً الأخيرة في أوروبا، وهي التسامح الديني والعرقي ونموذج المجتمعات المتعددة الثقافة والدين. فلقد بدأت حملة جديدة ضد ما يسمى «المد الإسلامي» أطلقها أساسا حزب «بريطانيا أولاً» أحد أكثر الأحزاب اليمينية تطرفاً في المملكة المتحدة، والذي يبني سياسته العامة على خصوصية المجتمع البريطاني كمجتمع غربي مسيحي من خطر المهاجرين المسلمين، وتبعته حملات مماثلة تحت اسم «قوات الدفاع البريطانية الأولى، وهي تقوم بتنظيم احتجاجات أمام دور المسلمين في بريطانيا وتنشيط دوريات مراقبة «مسيحية» في البلاد. والحملات هذه كلها لا تخلو من عنصرية تحذر من «فتوحات إسلامية» جديدة تستهدف المجتمعات الغربية في خطاب غير مسبوق يرتبط بالصعود الدراماتيكي لتنظيم «الدولة الإسلامية» على الصعيد العالمي والشرق أوسطي، مستعينة في منشوراتها بمقاطع من القرآن والأحاديث التي يراها المنظمون إقصائية، وذلك من أجل تحقيق المزيد من التأثير عبر ربط هذه النصوص الدينية بصور الإرهاب في الشرق الأوسط وبالعمليات الإرهابية في 11 أيلول (سبتمبر)، وتلك التي حصلت في مدريد ومن ثم في لندن والسويد وبلغاريا والآن في باريس. وتمددت هذه الحملة من بريطانيا إلى مجتمعات دول أوروبية اخرى مخاطبة مواطني الولايات المتحدة ألمانيا نيوزيلندا وأستراليا، وتأسست في تلك الدول صفحات مساندة للحملة البريطانية الأم مثل «America First,FreeAustrallia». ويتعاظم دور حركات مماثلة في ألمانيا «بيغيدا» ضد «أسلمة ألمانيا»، وأخرى في هولندا وبلجيكا وسويسرا وهنغاريا وغيرها.
ويعم اليوم في أوروبا الرعب من تنامي الوجود والنشاط الإسلاميين، لدرجة أنه التهم كل فئات المجتمع بعد إرهاب باريس. وخرجت الأحاديث عن سياقاتها المألوفة حتى الآن في الإعلام الغربي عن المهاجرين المسـلمين، فعلى سبيل المثال أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» بزعامة ساركوزي «أن 86 في المئة من الفرنسيين يشعرون بأن أعداد المهاجرين باتت كبيرة، وقال 73 في المئة أنهم باتوا يشعرون بعدم الأمان نتيجة لذلك».
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,960,016

عدد الزوار: 7,010,152

المتواجدون الآن: 77