الاقتصاد والدين طريقا تركيا إلى القارة السمراء

تاريخ الإضافة السبت 14 شباط 2015 - 7:49 ص    عدد الزيارات 789    التعليقات 0

        

 

الاقتصاد والدين طريقا تركيا إلى القارة السمراء
أنقرة – باسل الحاج جاسم
تشكّل العلاقة التركية - الأفريقية جانباً جديداً ومهماً في السياسة الخارجية التركية، ويعد اهتمام أنقرة الخاص ونشاطها البارز في الصومال تحديداً، مؤشراً على رغبتها في أن تصبح لاعباً نشطاً في القارة الأفريقية عبر الجهود الحكومية وغير الحكومية.
يرتكز الدور التركي الجديد في القارة السمراء بنسبة كبيرة، على المساعدات التنموية والإنسانية، بالإضافة الى اهتمام كبير بتنشيط العلاقات التجارية.
تمثّل المساعدات والتجارة أهم أسس التعاون التركي - الأفريقي، وعلى سبيل المثال سعت تركيا الى إنشاء قواعد اقتصادية في جيبوتي، بدلاً من قواعد عسكرية، حيث تعتبر جيبوتي من أكثر الدول الأفريقية أهمية لناحية الاستراتيجية الجغرافية، لهذا تجد فيها قواعد عسكرية لدول عدة، على رأسها فرنسا واليابان.
وينظر بعض المراقبين إلى التطوّر في العلاقات بين تركيا ودول أفريقيا، على أنه شكل من أشكال المنافسة بين تركيا والدول الكبرى التي تتطلّع الى تطوير وجودها فى أفريقيا، بخاصة في المجالات الاقتصادية.
وقال محمد حبيب، نائب رئيس جامعة أديس أبابا في إثيوبيا، إن الشراكة الاقتصادية بين تركيا وأفريقيا، بدأت تقترب من تحقيق الأهداف التي اتُّفق عليها في القمة الأولى للشراكة الاستراتيجية بينهما، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول القارة بلغ 23.4 بليون دولار في عام 2014، فيما بلغ حجم التبادل بين تركيا ودول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، 5.7 مليار دولار، وهذا ارتفاع كبير مقارنة بحجم التبادل التجاري المسجّل بين تركيا ودول أفريقيا في عام 2003 والذى بلغ حوالى 5.4 مليار دولار.
وأشار محللون الى أن هناك بعداً استراتيجياً لنقل العلاقات بين أفريقيا وتركيا من التعاون والتبادل، إلى مستوى التكامل وتبادل المصالح، بخاصة أن تركيا لديها إمكانات لزيادة الاستثمار في الخارج من خلال اقتصادها الديناميكي وسعة حجم سوقها الداخلية، بالإضافة إلى قدراتها الصناعية العالية، والقوى البشرية المؤهلة التي تمتلكها، فضلاً عن أن السوق الأفريقية تعد سوقاً واسعة للمنتجات التركية. في المقابل، يمكن أن تؤدي دول أفريقيا دوراً مهماً في تأمين واردات تركيا، وخصوصاً في قطاعي الزراعة والمعادن، في مقابل استفادتها من الخبرات والتجارب التي تمتلكها تركيا، وتقاسمها على أساس النفع المشترك للطرفين.
ويمكن تقسيم تطوّر السياسة الخارجية التركية تجاه القارة الأفريقية، الى ثلاث مراحل، الأولى تبدأ في 1998 عندما تبنت تركيا ما أطلق عليه «الخطة الأفريقية»، واستمرت حتى عام 2005، الذي أعلنت أنه عام أفريقيا، وقد عملت تركيا خلال هذه الفترة على إرساء الدواعم الدبلوماسية، وإعداد منهجية في التعامل مع القارة السمراء.
المرحلة الثانية خلال الفترة بين عامَي 2005 و2011، حيث عملت تركيا على تقوية علاقاتها بأفريقيا على المستويات كافة، وحصلت على منصب مراقب في الاتحاد الأفريقي عام 2005، ثم أصبحت حليفاً استراتيجياً في 2008، وانضمت الى البنك الأفريقي للتنمية، كما عملت على تقوية علاقاتها بهيئة المنظمات الحـكومية الدولية للتنــمية في شرق أفريقيا، والتجمع الاقتصادي لدول غرب أفريقيا، ما ساهم في إعطاء هذه العلاقة شكلاً مؤسسياً، كذلك، عقد المؤتمر الأفريقي التركي عام 2008، وزادت حركة التجارة بين الطرفين في هذه الفترة.
أما المرحلة الثالثة، فقد بدأت في عام 2011 مع الاهتمام التركي بالوضع في الصومال، ودور تركيا في إلقاء الضوء على ما يعانيه الشعب الصومالي، إذ استضافت مدينة اسطنبول المؤتمر الصومالي الثاني خلال عام 2012، تحت عنوان «تحديد المستقبل الصومالي أهداف عام 2015»، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة وبمشاركة 57 دولة، و11 مؤسسة إقليمية ودولية، ونوقشت خلاله قضايا ملحّة، مثل المياه والطاقة والطرق والنزعات الانفصالية.
وتولي أنقرة في إطار رغبتها في أن تصبح لاعباً سياسياً في أفريقيا، حلّ المشكلات المزمنة في القارة الأفريقية اهتماماً كبيراً، واستدعى التوجّه التركي الجديد نحو أفريقيا توسعاً في الحضور الديبلوماسي التركي، فتمت زيادة عدد السفارات التركية في القارة من 12 عام 2002 الى 39 سفارة عام 2014.
من ناحية أخرى، لفت الاهتمام التركي بالجانب الأفريقي، انتباه لاعبين دوليين، أبدوا رغبتهم في التعاون مع تركيا في هذا الصدد، إذ عقد مسؤولون أتراك مشاورات مع مسؤولين من أميركا وإسبانيا وبريطانيا والسويد والاتحاد الأوروبي حول التعاون في القارة الأفريقية، وقد اقترح بعض الدول مثل فرنسا، أن تنفذ تركيا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، بعثات تجارية مشتركة في أفريقيا لمواجهة نجاح الصين في الاستحواذ على جانب كبير من الصفقات التجارية مع الدول الأفريقية.
كما تمثّل الروابط الدينية والتاريخية عنصراً مهماً في دعم العلاقات التركية الأفريقية. يذكر أن إدارة الشؤون الدينية في تركيا لم تكن، تاريخياً، تؤدي أي دور على مستوى السياسة الخارجية، وكان دورها مقتصراً على تلبية احتياجات المسلمين داخل البلاد، إلا أن ذلك تغيّر في عهد السياسة الخارجية التركية النشطة ومتعددة المستويات.
وأصبح الدين أحد أبعاد قوة تركيا الناعمة بخاصة في أفريقيا، ما انعكس على دور الإدارة الدينية، ومن أدوارها الآن جمع القيادات الدينية الأفريقية للاجتماع في اسطنبول، وهذا تحول مهم لتركيا، الدولة العلمانية وفق دستورها.
وتعدّ استضافة تركيا لقاء رجال الدين الأفارقة في اسطنبول عام 2006، والذي ضمّ ممثّلين عن 21 دولة، مؤشراً الى نقطتي تحوّل كبيرتين في السياسة الخارجية التركية، الأولى، تغيّر رؤية الدولة في التعامل مع الجماعات والمؤتمرات ذات التوجه الديني، إذ أصبحت تراها وسيلة لتحقيق المصالح القومية التركية بالقوة الناعمة، والثانية إدراك تركيا أن استكمال سياسة الانفتاح على أفريقيا ودعمها يتطلبان توظيف البعد الديني.
وتراهن تركيا في استراتيجيتها الاقتصادية مع أفريقيا، على غياب العقد التاريخية التي تعكّر علاقات شعوب القارة مع باقي الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، وعلى كون قسم من سكان هذه القارة من المسلمين، لإقناع الدول الإفريقية بضرورة الانفتاح الاقتصادي البيني، في مواجهة تكتلات الدول الكبرى .
وأورد تقرير للاتحاد الأفريقي أن تركيا تشارك في 6 بعثات أممية لحفظ السلام في أفريقيا، فضلاً عن المساهمات التركية في مجال التعليم والصحة في القارة، التي بلغت 772 مليون دولار، الى جانب ارتباط تركيا بـ 20 اتفاق تعاون مع دول أفريقيا في مجالات الصحة والبنية التحتية.
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,959,806

عدد الزوار: 7,010,144

المتواجدون الآن: 75