الخاصة تستنزف جيوب اللبنانيين ... والرسمية تنتظر «معجزات»

تاريخ الإضافة الجمعة 16 أيلول 2011 - 5:15 ص    عدد الزيارات 756    التعليقات 0

        

الخاصة تستنزف جيوب اللبنانيين ... والرسمية تنتظر «معجزات»
الخميس, 15 سبتمبر 2011
بيروت - فيرونيك أبو غزالة
 

الأصوات المنادية بالحرية والأنظمة العادلة تعلو من البلدان المجاورة للبنان، ثورات «الربيع العربي» لم يتوّقف تمدّدها، لكنها لم توجه رياح التغيير الى الساحة اللبنانية بعد، ففي هذا البلد هموم وأزمات كثيرة تجعل من تفكير المواطنين بالثورة صعباً، وتحديداً الهمّ المعيشي الذي يرافقهم في يومياتهم. وإذا كان شهر أيلول (سبتمبر) الجاري يرتبط بتطورات سياسية وأمنية كثيرة على صعيد المنطقة، فالعائلات اللبنانية يشغلها موضوع آخر، اذ يُعتبر هذا الشهر بالنسبة اليها أشبه بـ «كابوس»، بسبب الأعباء المالية التي تترتب عليها، جراء تسجيل الطلاب في المدارس والاستعداد لبدء دفع الأقساط، إضافة إلى شراء الكتب والقرطاسية وغيرها من المستلزمات المدرسية.

ويمكن لهذه القضية ألاّ تبدو ملحّة بالنسبة لمواطنين من بلدان عربية أخرى، حيث يتوافر التعليم الرسمي المجاني للطلاب جميعهم وبمستوى عالٍ جداً، إلا أنها في لبنان تُعتبر مصيرية بالنسبة للأسر التي تصبو إلى تقديم أفضل تعليم لأطفالها من دون أن تضطر إلى الاستدانة عند نهاية كل شهر.

ويعيش اللبنانيون أزمة مزدوجة تتكرر كل عام، لا بل تزداد صعوبة كلما اشتدت الأزمة الاقتصادية: تكلفة التعليم في المدارس الخاصة إلى ارتفاع مستمر، والمدارس الرسمية تعاني من مشاكل جوهرية تؤثر على جودة التعليم والقدرة على تأمين الأجواء الملائمة للطلاب ومستلزماتهم.

احتجاجات الأهالي هذا العام رفضاً لزيادة كلفة التعليم في المدارس الخاصة لم تلقَ آذاناً صاغية، إذ سجلّت «الحياة» خلال جولة على بعض هذه المدارس ارتفاعاً في أسعار القرطاسية في شكل غير مقنع أحياناً، اذ تصل كلفة 5 دفاتر ورقية عادية إلى 60 ألف ليرة لبنانية (نحو 40 دولاراً)، في حين تُباع في الأسواق بنصف هذا المبلغ كحدّ أقصى.

وكذلك الأمر بالنسبة للّباس الخاص بالمدرسة واللباس الرياضي، وصولاً إلى تكلفة النقل بالباصات، التي ارتفعت في شكل ملحوظ في معظم المدارس ووصلت إلى الضعف في بعضها. أمّا الكتب المدرسية التي تعود إلى المدارس الخاصة، فقد زاد سعرها بنسبة 10 في المئة كحدّ أدنى في جميع المكتبات، ما خلق جوّاً من الغضب لدى الأهالي الذين سئموا أيضاً تغيير الكتب سنة بعد سنة، ما يمنعهم من الاستفادة من الكتب المستعملة التي كانوا يبيعونها.

وتشرح رنا ياغي، التي تدير مكتبة في العاصمة بيروت، أنّ أسعار الكتب المستوردة ارتفعت عالمياً، وكذلك في لبنان، فيما تبقى أرباح المكتبات هي نفسها من دون زيادة. إلا انّ المواطنين لا يفهمون الأسباب التي تؤدي ببعض المدارس الخاصة إلى طلب أغلى الكتب وتغييرها كلّ سنة.

ولا يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، إذ أعلمت إدارات بعض المدارس الأهالي بأنّ هناك زيادة على الأقساط ستصلهم تفاصيلها بعد بداية الفصل الأول من العام الدراسي. وعند مراجعة هذه الإدارات، يتضح أنّ الأقساط المتصاعدة ترتبط أولاً بارتفاع رواتب الأساتذة من قبل الدولة نتيجة لزيادة الدرجات الثلاث لأساتذة التعليم الأساسي والدرجات الأربع ونصف الدرجة لأساتذة التعليم الثانوي. وهذه الزيادة توقّعها الأمين العام للمدارس الكاثوليكية في لبنان مروان تابت منذ بداية شهر أيلول، باعتبار أنّ الحكومة رفعت رواتب الأساتذة.

وعلى رغم أن وزارة التربية طلبت من المدارس الخاصة ألاّ يتعدّى معدل زيادة القسط السنوي 200 ألف ليرة ( نحو 133 دولاراً)، إلا أن هناك مدارس تجاوزت هذه الحدود بكثير، وفي هذه الحال، لا حلّ أمام الأهالي إلا اللجوء الى محكمة المجلس التربويّ القادرة على الحدّ من المخالفات. إلا أن التساؤل الذي لا يفارق أهالي الطلاب في كل مراجعاتهم لإدارات المدارس هو: هل يمكن تحميل التلاميذ كلفة زيادة أجور الأساتذة في ظل الأوضاع المعيشية الحالية؟ والجواب لا تملكه في هذه الآونة لا إدارات المدارس الخاصة ولا السلطات الرسمية، التي لا تزال جهودها الرقابية على هذه المدارس ضعيفة.

هذا الواقع الذي يواجهه أهالي الطلاب، يدفع كثيرين منهم إلى النظر مجدداً بإمكان تسجيل أولادهم في المدارس الرسمية، التي بات بعضها يتفوّق على «الخاصة» من ناحية المستوى التعليمي والنتائج. غير أن هذا القرار يتطلب أيضاً الكثير من البحث والتدقيق من قبلهم، إذ لا تتساوى المدارس الرسمية في ما يتعلق بنواح عدة، ومنها ملائمة المباني للطلاب، الرعاية الصحية، مستوى الأساتذة وصولاً إلى الإحاطة الاجتماعية بالتلاميذ. والفروق تبدو واضحة تحديداً حين تتمّ المقارنة بين المدارس الرسمية المتطوّرة في المدن ومراكز المحافظات، في مقابل تلك الموجودة في البلدات البعيدة عن العاصمة.

ففي قرى محافظة عكار مثلاً، لا يمكن إلا ملاحظة ضعف المدارس الرسمية، إذ إن المباني لا تناسب متطلبات التعليم، وهناك نقص حاد في عدد الأساتذة ذوي المستوى العالي، القادرين على إعادة إحياء هذه المدارس وجمع الطلاب فيها. والإهمال الحكومي لهذه المدارس يزيد من ابتعاد اللبنانيين عنها، ويذكِّر وليد خ.، وهو أستاذ ثانوي، أنّ العام الماضي كانت الصناديق المالية للمدارس فارغة ولم يستطع بعضها تأمين التدفئة لطلابها. ولا يتوقع وليد أنّ تتحسن الحال هذا العام، بل انه لا يستبعد زيادة الإضرابات احتجاجاً على واقع المدارس الرسمية، خصوصاً في المناطق النائية عن بيروت.

وسط هذا الوضع الاقتصاديّ المتأزم، يدخل الطلاب اللبنانيون إلى مدارسهم وكلّ ما يتمناه الأهالي أن يمرّ هذا العام من دون إضافات مالية تقصم ظهورهم.

لا تزال الرغبة بالتغيير الجذري لهذا الواقع خجولة، ويصعب أن تترك الهموم المعيشية مجالاً أمام اللبنانيين للتفكير بغيرها.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,515,389

عدد الزوار: 6,953,463

المتواجدون الآن: 69