دور القاعدة في دولة مالي كما في اماكن اخرى يجب دراسته بعناية

تاريخ الإضافة الجمعة 15 آذار 2013 - 6:47 ص    عدد الزيارات 706    التعليقات 0

        

 

دور القاعدة في دولة مالي كما في اماكن اخرى يجب دراسته بعناية
تنظيم القاعدة الذي بدأ حركته وانتشاره في شمال أفريقيا وأعلن عن وجوده بقوة بعد سيطرته على مناطق واسعة وشاسعة من دولة مالي مستفيداً من المساحات الصحراوية الواسعة غير الخاضعة للرقابة من دول المنطقة، ومن حرية الحركة التي تتيحها له حركة التنقل ضمن قبائل وعشائر تلك الصحراء من الطوارق وغيرهم، ومستنداً إلى الوضع الإقتصادي الصعب الذي يعيشه ابناء تلك الدول المتجاورة مما يجعل إقناع الشباب الغاضب والجمهور الحانق على صعوبات الحياة عملية ليست بالصعبة.. كما ان إمكانيات تنظيم القاعدة التي يوظفها في خدمة السكان تجعله يحظى بالقبول والرضى بعد غياب الخدمات الرسمية والشعور العام لدى السكان بان الثروات الطبيعية لبلادهم يتم نهبها على يد السلطات التي يتم اتهامها بالفساد او بالتقصير. والمشهد في دولة مالي ودول المغرب العربي لا يختلف عن سواه في اليمن وسوريا والعراق والباكستان وأفغانستان.. إلى جانب ما يستجد من عناوين اخرى تدفع الشباب للإنخراط في الصراع المسلح والإلتحاق بهذه التنظيمات التي تتعدد اسماؤها واماكن انتشارها ولكنها تسير تحت راية واحدة وتنهل من نبع فكري واحد.. وقد دخلت مؤخراً لساحة الصراع إلى جانب القتال ضد المستعمر والاحتلال الغربي ومواجهة التهميش وتطبيق مفاهيم ومباديء الشريعة، شعارات وأسباب إضافية تحفز على القتال أهمها، الصراع المذهبي الذي بدأ يطل من بوابة الصراع مع القوى والاحزاب والمجموعات التابعة او المرتبطة بجمهورية إيران الإسلامية..الموجودة في عددٍ من الدول واهمها اليوم في سوريا والعراق، والتوتر والتشنج الذي بدأ يعصف ولو ضمن حدود معينة في لبنان عقب احداث بلدة عرسال ومؤخراً ما جرى في مدينة صيدا بين مجموعات رافضة لوجود حزب الله وبين عناصر تابعة له مؤيدة لإيران..والذي بدا يأخذ منحىً مذهبي..
وقد تبين خلال المعارك اتي جرت في دولة مالي وحتى تلك التي جرت في سوريا واليمن، مدى استفادة عناصر تنظيم القاعدة من التجربة الأفغانية، تعامل مجموعاتهم مع طبيعة الأرض والصراع، كما ظهر جلياً مدى استجابة هذه العناصر الإسلامية الجهادية في أي دولةٍ كانت بالتوجه والذهاب والالتحاق بمجموعات جهادية تحمل فكر ومفاهيم تنظيم القاعدة رغم عدم وجود حالة حزبية وتنظيمية هرمية تحدد من يذهب او أن يبقى.. وهذا يشكل خطراً اكثر حدة، لأنه من غير الممكن توقع حجم الانتشار وكيفية تأمين الالتحاق كما وجنسيات الجهاديين..
لذا يجب النظر بتمعن إلى ما يجري في مالي والاستفادة من قراءة واقع تلك الدولة الأفريقية وطبيعة الصراع الدائر هناك..
تعريف: تقع جمهورية مالي على الحافة الجنوبية لصحراء غرب أفريقيا، وتغطى مساحة تصل إلى اكثر من 1.241 مليون كلم مربع وتشترك في حدودها مع دول الجزائر والنيجر وبوركينا فاسو وساحل العاج وغينيا والسنغال وموريتانيا، ولا يوجد لديها منفذ بحري. يبلغ عدد سكانها حوالى 12.77 مليون نسمة مكون من 23 جماعة عرقية من بينها بامبارا وبيول وساراكول وغيرها. واللغة الرسمية فى مالى هي اللغة الفرنسية ولكن لغة بامبارا تستخدم على نطاق واسع فى البلاد. ويدين نحو 80 في المائة من سكان مالي بالاسلام والباقون مسيحيون ومؤمنون بديانات إقليمية تدور حول تأليه الحيوانات.
وهنا لا بد من الإشارة إلى تاريخ وحضور ودور (الطوارق) في الأزمة التي تعصف بدولة مالي حيث تحت عنوان «Un peuple dans la tourmente» نشرت صحيفة «لكسبرس» بتاريخ 25/01/2013 على موقعها الإلكتروني (L’Express.fr)  التحقيق التالي الذي أجراه الصحافي الفرنسي بوريس تيولاي, BorisThiolay ميدانياً. وفي ما يلي ترجمته التي نشرتها مؤسسة الفكر العربي: "يفخر رجال الطوارق بأنفسهم وهم يتلفّعون بحجابٍ يستر وجوههم، فلا تبين منه إلا عيونهم، ويعتمرون لفَّةً من القماش النيلي اللون، وجلابيب باللون النيلي نفسه، تصل إلى أخامص أقدامهم، فيُسمّيهم الغربيون «الرجال الزرق». والطوارق كلمة بربريّة تعني «الانعزاليون»، ويبلغ تعداد الطوارق جميعاً حوالى المليون ونصف المليون نسمة يعيشون متفرقين بين خمس دول: النيجر حيث يبلغ تعدادهم 800 ألف نسمة ومالي 500 ألف نسمة، والباقي في الجزائر وبوركينا فاسو وليبيا. ويجمع بين مختلف جماعات الطوارق اتّحادٌ سياسي إقليمي. والطوارق شعب بربري ما زال يعيش حياة البداوة، ومن تجارة القوافل بين أطراف الصحراء، فكان الطوارق قطّاع طرق يهاجمون القوافل وينهبونها. وينقسم مجتمع الطوارق إلى ثلاث مراتب، أرفعها مرتبة النبلاء تليها مرتبة رجال الدين وأخيراً مرتبة العبيد.. ومع أن تواتر حالات الجفاف الذي يُصيب المنطقة منذ العام 1973، وتناقص قطعان الماشية، أدّى إلى تراجع حياة البداوة، واندثار تقليدٍ يقضي بأن تكون المرأة هي مالكة الخيمة والقطيع، فإن حياة التنقّل ما زالت غالبة في معيشة الطوارق، وما زال المبيت في الخيمة أو في العراء عادة مفضَّلة، على الرغم من أن بعض شبّان الطوارق يمارسون ركوب الدراجات النارية والسيارات المتينة.
بدو «عاطلون عن العمل» ومتمرّدون: يعيش الطوارق هذا التقسيم بين جماعاتهم المختلفة، منذ أن بدأت أفريقيا تنقسم إلى دول مستقلة وذات حدود، في الستينيّات، وقد فُرِض عليهم أن يكونوا طوارق نيجيريّين وطوارق جزائريّين أو ماليّين أو ليبيّين.. وهكذا وجدوا أنفسهم يعيشون على حدود هذه الدول الوليدة، وعند أطراف الصحراء، في مناطق شاسعة بعيدة وغير قابلة للرقابة. وغالباً ما يقاومون موظفين حكوميّين قادمين من مناطق أخرى بُغيةَ فرض سلطة الحكومة المركزية عليهم. وفي تلك الفترة من الزمن، كان الطوارق في شمال مالي يشعرون وكأن هناك من لا يعرفونه ويأتي إليهم ليستعمرهم. لكن النظام الاشتراكي في عهد الرئيس موديبو كيتا (1960 - 1968) كان يرى في الطوارق فئة اجتماعية إقطاعية يجب اتّخاذ إجراءات معيَّنة تجاهها. فما كان من قبائل «أدرار» في منطقة كيدال، إلا أن تمرّدت في العام 1963 على النظام المركزي. وكان ردّ السلطات المالية على هذا التمرّد قمعياً دموياً. ومنذ ذلك الوقت، وتمرّد الطوارق في شمال مالي وشمال النيجر يتكرّر بين الفينة والفينة(1992، 1994 - 1996، 2006) وفي كلّ مرّة كانت تخرج المفاوضات بين الطوارق والحكومة باتفاقٍ يقضي بالمزيد من تطوير منطقة الطوارق ومنحها مزيداً من الحكم الذاتي. وكانت تلك المفاوضات تنتهي باتفاقيات جانبية تلعب فيها المحسوبية والمال وأنصاف الحلول الدور الرئيسي. في السنوات الثلاثين الماضية، أصاب مجتمع الطوارق تغيّرات عميقة؛ فبعد خسارة الكثير من قطعان الماشية بسبب الجفاف، تحوَّل قسمٌ كبير من الطوارق إلى العيش في المدن الصحراوية، بعدما فشلوا في التكيّف مع العيش في ضواحي مدن الساحل الصحراوي. كما هاجر آلاف العاطلين عن العمل منهم إلى ليبيا من أجل العمل في الصناعات النفطية، سعياً وراء الكسب المادي. وفي الثمانينيّات هبَّت رياح التمرّد على يد «العاطلين عن العمل» الذين لم يدَّخر العقيد معمَّر القذافي، جهداً لتأليبهم ضدّ الحكومة المركزية وفقاً للسياسة التي كان يتَّبعها الرئيس الليبي لزعزعة الأوضاع في البلدان المجاورة له. وهكذا، دخلت أفواج من الطوارق في صفوف الجبهة الإسلامية وتعلّمت حمل السلاح واستخدامه. حتى أن واحداً منهم ويُدعى إياد آغا غالي يتولّى اليوم قيادة التنظيم الإسلامي «أنصار الدين»، وكان في العام 1982، قد حارب في لبنان، كما حارب في تشاد، تحت قيادة ليبيّة.
نظرة تاريخية: كانت مالى فيما مضى جزءا من ثلاث امبراطوريات افريقية غربية سيطرت على التجارة عبر الصحراء وهى امبراطورية غانا وامبراطورية مالي (ومنها أخذت مالي اسمها) وامبراطورية سونغهاى. وقد وقعت مالي تحت السيطرة الفرنسية فى بداية القرن التاسع عشر، وفي أوائل عام 1959 اتحدت مالى والسنغال وصارت اتحاد مالي. وحصل اتحاد مالي على الاستقلال من فرنسا فى عام 1960. وتصنف الامم المتحدة (مالي) كواحدة من اقل البلدان نموا فى العالم. ويقال عن جمهورية مالي وبسبب مواردها الطبيعية انها من أغنى الدول، ومع ذلك فهي تعتبر في واقع الأمر من أشد البلاد فقراً في العالم.. وتشمل الموارد الرئيسية للبلاد على الذهب والحديد وتربة حجر الشب والدياتوميت والهالايت والفوسفات. وتعد الزراعة الصناعة الرئيسية فى مالي، والمحاصيل الرئيسية للبلاد هى الدخان والذرة والأرز والفول السوداني والقطن. ولكن البلاد لم تستطع تحقيق الاكتفاء الذاتي من امدادات الغذاء. ويمثل الذهب والقطن الصادرات الرئيسية للبلاد، والمعدات والنفط والغذاء الواردات الرئيسية لها. وتتمتع مالي بموارد سياحية غنية، حيث يوجد بها ثلاثة من مواقع التراث العالمي هى تومبكتو ودجيني وباندياجارا بالاضافة الى العاصمة باماكو، إلى جانب أن وسائل النقل فى البلاد ما زالت متخلفة. ويكفي مجرد إلقاء نظرة على إمكانات مالي حتى نكتشف حقيقة وأسباب واهداف الصراع على دولة مالي، وليتبين لنا ان ثروات دولة مالي الطبيعية هي:
الذهب: تعتبر مالي ثالث أكبر منتج للذهب في العالم مع إستمرار البحث الواسع عنه. ومالي مشهورة بذهبها منذ أيام الامبراطورية المالية الكبرى. ولدى مالي اليوم سبعة مناجم ذهب عاملة تشمل كالانا وموريلا في الجنوب وياتيلا وساديولا ولولو في الغرب ومناجم بدأت مؤخراً بإعادة الانتاج لا سيما (سياما وتمباكتو). وتشمل مشاريع استكشافات ذهب متقدمة كل من كوفي وكوديران وغونكوتو وكومانا وبنانكورو وكوبادا ونامبالا.
اليورانيوم: هناك إشارات مشجعة واستكشافات في حركة ناشطة. وتتولى الاستكشافات حالياً عدة شركات مع دلائل واضحة عن ترسبات يورانيوم في مالي. وتقع مكامن اليورانيوم في منطقة «فاليا» التي تغطي 150 كلم مربعاً من حوض فاليا - شمال غينيا. ويعتقد ان مكامن اليورانيوم في شمال شرق مالي والذي يغطي مساحة من الأرض تبلغ 19 ألف و930 كلم مربعاً يشمل مقاطعة جيولوجية بلورية واسعة تعرف بإسم، ادراردي ايفوراس. ويعتقد ان ترسبات اليورانيوم في مخزون «ساميت» بمقاطعة «غاو» وحدها يبلغ 200 طن.
الماس: تملك مالي الطاقة لتطوير استكشافات الماس. ففي منطقة «كايس» الإدارية اكتشفت 30 انبوب كمبرليتك أظهرت 8 منها آثار الماس. وقد التقطت 8 الماسات صغيرات في مقاطعة سيكاسو الإدارية جنوب مالي.
 خامات حديد وبوكسايت ومنغنيز: توجد موارد هامة منها في مالي لكنها لم تستغل بعد. تشير تقديرات إلى أن لدى مالي أكثر من مليوني طن من خامات الحديد تقع في مناطق جديان - كنيبا وديامو وبال. أما مخزونات البوكسايت فيعتقد انها في حدود 1.2 مليون طن تقع في مناطق كيتا وكنيبا وبافنغ - مكانا. وقد عثر على آثار لمعدن المنغنيز في بافنغ ومكانا وتونديبي وتاسيغا. ثم موارد معدنية أخرى كامنة في مالي منها ترسبات صخرية لكاربونات الكالسيوم تقدر بـ 10 ملايين طن في «غانغوتيري» وثلاثين مليون طن في «استرو» و2،2 مليون طن في «باح الهيري». وهناك مكنونات معدنية أخرى مثل النحاس والمرمر والجبس وكاؤلين وفوسفات ورصاص وقصدير وليثيوم وصخور ملحية. أما مكامن النفط في مالي فانها بدأت تجذب المستثمرين فعلاً وهي موثقة منذ سبعينات القرن الماضي حيث كشفت عمليات زلزلة وحفر مؤشرات محتملة من النفط. ومع ارتفاع أسعار النفط والغاز في العالم صعّدت مالي بحثها وانتاجها وصادراتها من البترول. ويمكن لمالي أيضاً أن تصبح طريق نقل استراتيجي لصادرات النفط والغاز لدول الصحراء إلى العالم الغربي. وهناك احتمال ربط حوض «تاوديني» بالسوق الأوروبية عبر الجزائر. كما بدأ العمل لإعادة توضيح معلومات جيولوجية وجيوغرافية جمعت سابقاً تركز علس خمسة أحواض رسوبية شمال مالي تشمل تاوديني وتامسنا ولومندين وديتش نارا وغوا... ومهما ذكرت وسائل الإعلام الرئيسية عن مالي فان هذه الحرب الجديدة ليست أكثر من نزاع على الموارد الطبيعية..
الواقع السياسي: دولة مالي التي كان ينظر إليها يوما ما بأنها من الديمقراطيات الأكثر استقرارا في افريقيا مع أكثر سكانها المعتدلون في اسلامهم، اختلف هذا الأمر منذ شهر ابريل/نيسان عام 2012، عندما سيطرت الجماعات المتسلحة المتشددة على المدن الرئيسية في شمال البلاد وسط حالة من الفوضى نتيجة انقلاب عسكري أطاح بالحكومة وشملت هذه المجموعات المتشددة القاعدة في بلاد المغرب ومجموعات مشابهة لها ولفكرها وأهدافها ويحذر خبراء الأمن من قيام هذه الجماعات بالتحرك والخروج خارج أماكن سيطرتها في شمال مالي حيث يمكن القيام بهجمات ارهابية في افريقيا واوروبا المسلحون الذين يقدر عددهم بنحو الف عنصر مدربون مسلحون بشكل جيد جدا وعلى الرغم من تدريب الولايات المتحدة وغيرها من الدول للجيش المالي الا ان هذه القوات المالية غير قادرة على التصدي لمثل هذه المجموعات ولذلك وصلت القوات الفرنسية لمساعدة القوات المالية وذلك بعد سيطرة الجماعات المتشددة على مدينة كونا الإستراتيجية منتصف البلاد..
شمال مالي ساحة حرب
بعد انهيار نظام القذافي كان لـ «قدامى المحاربين» هؤلاء دور بارز في الأحداث المأسوية التي جرت مطلع العام 2012.  حيث عادوا مع المئات من مناصريهم المقاتلين إلى شمال مالي، حيث رجّحوا كفة التوازن العسكري وباتت لهم الغلبة والتفوّق على الجيش المالي. وسرعان ما فرَّ من الجيش النظامي المالي عدد كبير من الجنود الطوارق الذين كانوا يشكّلون فيه نخبة تدرَّبت على يد الأميركيّين والفرنسيّين، والتحقوا بالمتمرّدين في الشمال، حيث تشكَّلت «الحركة الوطنية لتحرير إقليم أزواد» في شهر يناير/ كانون الثاني 2012، وهي حركة انفصالية «علمانية» تحالفت مع عدوّها السابق، تنظيم «أنصار الدين»، أي الجماعة الإسلامية المتحالفة مع تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي".
في 6 أبريل/ نيسان عام 2012، أعلنت «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» إقليم أزواد، الذي تعادل مساحته ثلثي مساحة مالي، إقليماً مستقلاً. لكن الأمم المتّحدة  سارعت إلى رفض الاعتراف بشرعية هذا الإعلان. كذلك، فإن مقاتلي الحركة سرعان ما مُنِيوا بهزيمة عسكرية وطُردوا من مدن كيدال وتمبكتو وغاو على يد مسلَّحي «أنصار الدين» و«تنظيم القاعدة» و«حركة الجهاد والوحدة في أفريقيا الغربية». ومذّاك، أخذت هذه التنظيمات الثلاثة تطبِّق الشريعة الإسلامية، في حين تراجعت «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» عن مطلبها الانفصالي وعن المطالبة باستقلال الإقليم، في محاولةٍ منها للعب دور في أيّ مفاوضات تجري لاحقاً؛ حتى أنها أبدت استعدادها لمساعدة القوّة الفرنسية التي شنَّت عملية «سرفال» (Serval) لطرد الجهاديّين الإسلاميّين من شمال مالي، والتي ما زالت لم تُـفـلِـح في إنجاز مهمّتها. في حين أعلن الجناح المعتدل في تنظيم «أنصار الدين» تمرّده على القيادي إياد آغا غالي، وأنشأ «حركة أزواد الإسلامية» التي أعلنت رفضها لأيّ شكلٍ من أشكال التطرّف والإرهاب»، وتعهَّدت بمكافحته.
نظرة على تنظيمات الجهاديين في مالي:
-1      حركة أنصار الدين: وهي حركة إسلامية تتقاطع مع تنظيم القاعدة في كثير من أطروحاته الفكرية والسياسية ويرأسها الدبلوماسي السابق في السعودية إياد غالي، وهو ظل مرتبطا بعلاقات قوية بمختلف قوى المنطقة وموريتانيا بشكل خاص قبل توطيد علاقته مع تنظيم القاعدة. ويطلق عليه لقب «ثعلب الصحراء» وقد تحول من قائد قومي إلى أمير جهادي.
-2      تشكيلات تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي:  يتقاسم هذا التنظيم المقاتل مع "أنصار الدين" السيطرة على أجزاء واسعة من الأراضي الأزوادية ظل يتخذها طول السنوات الماضية منطلقا لهجماته ضد دول الجوار، وسجنا للمخطوفين الذين جنى منهم أرباحا مالية، ويتوزع هذا التنظيم بدوره إلى عدة فصائل أبرزها:
أ‌-       كتيبة الملثمين:ويقودها الجزائري مختار بلمختار الشهير بلقبه بلعور، وهي الكتيبة الأقدم في المنطقة والأعرف بدروب الصحراء، وتتميز بعلاقات أميرها مع السكان المحلييين من الطوارق إضافته إلى تاريخه الطويل من الصراع من الجزائر وموريتانيا بشكل خاص، ويُذكر أن "بلعور" كان قد أعلن قبل شهرين عن تشكيل كتيبة "الموقعون بالدماء"، وهى التي نفذت عملية احتجاز الرهائن الغربيين بالموقع البترولى ببلدة أمناس جنوب شرق الجزائر.
ب‌-     سرية الفرقان:وقائدها يحي أبو الهمام، وهي الكتيبة الأكثر شراسة خلال السنوات الأخيرة ويوجد في عضويتها العشرات من الموريتانيين، وهو ما يفسر تكرار اشتباكها مع الجيش الموريتاني في معارك حاسي سيدي، وعدل بكرو وغابة واغادو.
ت‌-     كتيبة طارق بن زياد :ويقودها عبد الحميد أبو زيد وهي الكتيبة الأكثر سلفية وراديكالية، كما أنها الأكثر استفادة من عائدات خطف الرهائن، وهي كتيبة منوعة تضم كل مقاتلين من أغلب دول الساحل الإفريقي والمغرب العربي.
ث‌-     حركة التوحيد والجهاد:تنتشر في منطقة غرب افريقيا بقيادة سلطان الأزوادي وحمادة ولد محمد خيرو، وهي حركة حديثة النشأة وتضم في عضويتها مجموعات من المنشقين عن كتائب القاعدة الثلاث آنفة الذكر، ويغلب على عضويتها العنصر العربي. ولا يمكن الاستهانة بقوة أي من التنظيمات الجهادية المذكورة، فبحسب التقارير الإعلامية المتداولة فإن التنظيم استطاع خلال الأشهر الماضية تجنيد الكثير من الشبان الأفارقة في صفوفه، ضمن ما يمكن اعتبارها استيراتيجية لإنتاج " النسخة الإفريقية من القاعدة" بعد تراجع زخمها العربي، ثم إن عائد عمليات الخطف والسلاح الليبي بشكل خاص، أسهما في تزويد القاعدة بترسانة قوية يمكن أن تصمد لحين في وجه التدخل الدولي الذى بدأ في 11/1/2013..
3- الحركة الوطنية لتحرير أزواد: يوجد في شمال مالى أيضا وبعيداً عن القاعدة هناك ذات المشرب العلماني، والتي يبدو انه تم استيعابها من قبل القوات الفرنسية خاصة في معركة كيدال في 29 يناير/كانون الثاني، وينخرط في هذه الحركة الكثير من الأطر والسياسيين الأزواديين ويقودها (بلال أغ غالي)، ويتبع لهذه الحركة جناح عسكري ينخرط فيه أغلب الطوارق العائدين من ليبيا والمزودين ببقايا الترسانة العسكرية للقذافي، ولكن تظل القبلية ضعيفة أمام التنظيمات الأيدولوجية التي تخترقها وخاصة الجهاديين الذين يمكن ان يستهدفوها أو يؤثروا عليها في حال معاداتهم لقناعاتهم الجهادية.
القاعدة ترشد الإسلاميين لمراوغة الطائرات من دون طيار في مالي
وقد تبين خلال المعارك التي وقعت اخيراً حجم استعداد تنظيمات القاعدة للمواجهة مع القوات الفنسية وتلك الأفريقية المساندة لها حيثنشر موقع إيلاف....وثيقة للقاعدة عثر عليها في مدينة تمبكتو في مالي على وثيقة إرشادية تضم نصائح للمتشددين الإسلاميين لمساعدتهم على مراوغة الطائرات من دون طيار. ويبدو أن النصائح رغم أنها قديمة إلا أنها تشير إلى تصرف في غاية الذكاء، وتمنح أنصار القاعدة الوقت للهروب من أي غارة. وهي تضم 22 نصيحة للمتشددين الإسلاميين بخصوص كيفية مراوغة الطائرات من دون طيار، وتبعث برسالة خفية للمحللين العسكريين مفادها أن القاعدة باتت أكثر اتحاداً.
عدو يتقاسم المصالح: وقال بروس ريديل وهو خبير مخضرم طوال 30 عاماً في وكالة التجسس الأميركية (السي آي إيه) ويقوم الآن بإدارة المشروع الاستخباراتي لدى معهد بروكينغز: "تظهر تلك الوثيقة أننا لم نعد نتعامل مع مشكلة محلية معزولة، وإنما مع عدو يتواصل عبر القارات لتقاسم النصائح". وعلمت وكالة الأسوشيتد برس أن الإسلاميين تركوا وراءهم تلك الوثيقة بينما كانوا يقومون بعمليات كر وفر مع الجيش الفرنسي في مالي. وقد اكتشفها مراسل الوكالة داخل ظرف ملقى على أرضية مبنى في مالي كان يقيم به متشددون تابعون للقاعدة. وأثبت اكتشاف الوثيقة في مالي أن مقاتلي القاعدة في شمال أفريقيا كانوا يتحضرون لمهمة عسكرية سوف تنتقل من البر إلى الجو، من خلال التركيز على الطائرات التي تعمل من دون طيار، وأن أفرع القاعدة حول العالم تحاول أن توحد صفوفها، وهو ما أثار بشكل كبير حالة القلق لدى القوى الموجودة في الغرب.
تفكير سليم: كما أن النصائح التي احتوتها الوثيقة تعبر عن تفكير سليم. ومن بين هذه النصائح " استخدموا الدعائم الوهمية مثل الدمى أو التماثيل، وقوموا بتنظيمهم من حيث التكوين من أجل تضليل العدو". وكذلك "قوموا بوضع حصير أو سجاد أعلى السيارات من أجل إخفاء وجودها عن الطائرات الآلية" و"اختبئوا، ولا تدعوا الفرصة لضبطكم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر". وقال الكولونيل سيدريك ليغتون، المخضرم في سلاح الجو الأميركي طوال 26 عاماً والذي ساعد في تأسيس برنامج طائرات بريديتور "هذه ليست أساليب ساذجة. بل تظهر أنهم يتصرفون بطريقة غاية في الذكاء. وما تفعله تلك النصائح هي أنها تمنحهم مزيداً من الوقت، علماً بأن الوقت يحظى بأهمية كبرى في صراع كهذا. وسيستعينون به من أجل الخروج من منطقة ما، أو للإفلات من غارة ما، بسرعة كبيرة للغاية".
وصية أسامة: ومن بين النصائح الأخرى التي وردت في تلك الوثيقة "اختبئوا تحت الأشجار الكثيفة"، ويعتقد أن الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن هو من أوصى بذلك، بالإضافة إلى تعليمات بخصوص إنشاء "تجمع وهمي" باستخدام الدمى لتضليل العدو. وقد تم العثور على تلك الوثيقة في مبنى في مدينة تمبكتو القديمة التي كان يحتلها الإسلاميون العام الماضي، ويعتقد أن من قام بكتابتها هو أحد المتشددين (اليمنيين). وعكست الوثيقة حقيقة تنبؤ القاعدة في المغرب الإسلامي بالتدخل العسكري الذي سيحاول الارتكاز على الطائرات الآلية، مع تحول الحرب على الإرهاب من البر إلى الجو. كما أظهرت الوثيقة حجم واهمية التعاون القائم بين أفرع تنظيم القاعدة، وهو الأمر الذي وصفه خبراء أمنيون بأنه مبعث قلق كبير بالنسبة للقوى الغربية. وعاد الكولونيل ليغتون ليقول إن نجاح بعض النصائح سوف يعتمد على الظروف وعلى أنواع الطائرات الآلية المستخدمة. وأشارت في هذا السياق صحيفة "الدايلي تلغراف" البريطانية إلى أن بعض أنواع الطائرات الآلية الحديثة، مثل هارفنغ التي يستخدمها الفرنسيون أو إم كيو-9 ريبر، يتم تزويدها في بعض الأحيان بأجهزة استشعار تعمل بالأشعة تحت الحمراء وتتسم بقدرتها على التقاط الحرارة التي تكون منبعثة من سيارة قد تم إغلاق محركها للتو. لكن تلك الأجهزة المتطورة ستواجه صعوبة في اكتشاف سيارة متوقفة أسفل حصيرة طوال الليل، وذلك لأن درجة حرارتها تكون درجة حرارة الأشياء نفسها التي تحيط بها. هذا ويتم استخدام الطائرات من دون طيار بالفعل من جانب القوات الفرنسية في مالي لتجميع المعلومات الاستخباراتية بشأن جماعات القاعدة، وسبق لمسؤولين أميركيين أن قالوا إنه يتم وضع خطط لإنشاء قاعدة طائرات آلية في شمال غرب أفريقيا. وأوضحت التلغراف أن مؤلف تلك الوثيقة التي عثر عليها في تمبكتو هو شخص يدعى عبد الله بن محمد، وهو الاسم الحركي لأحد أكبر قادة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهو فرع التنظيم الذي يتخذ من اليمن مقراً له. وسبق أن تم نشر الوثيقة للمرة الأولى باللغة العربية على أحد المواقع المتشددة في الثاني من حزيران/ يونيو عام 2011، أي بعد وفاة بن لادن بشهر، وذلك وفقاً لما أوردته الصحيفة البريطانية عن ماتيو غودير الذي يعمل كأستاذ لدى جامعة تولوز الفرنسية. وتابع غودير حديثه بالقول إنه قد تم نشر تلك الوثيقة مؤخراً، قبل أسبوعين، على موقع متطرف آخر، بعدما بدأ يتردد عن إمكانية إنشاء قاعدة طائرات آلية أميركية في النيجر. وأضاف "وتدعم تلك الوثيقة حقيقة أنهم يعلمون أن هناك قواعد سرية للولايات المتحدة بالنسبة للطائرات الآلية، وأنهم يحضرون أنفسهم لما يمكن أن يواجهوه. كما تبين الوثيقة حقيقة أنهم كانوا يفكرون ويخططون لمثل هذا الموضوع منذ مدة طويلة".
استغلال الموارد الطبيعية: وإلى جانب الحصير والسجاد، استعان رجال القاعدة في مالي بموارد طبيعية أخرى في سبيل إخفاء سياراتهم، مثل الطين. ونقلت الصحيفة في هذا الصدد عن سكان محليين قولهم إن السيارات التي تخص مقاتلي القاعدة باتت مغطاة بشكل دائم بالطين. كما أظهرت الوثيقة مدى التآلف الذي بات عليه تنظيم القاعدة مع الهجمات التي يتم شنها بواسطة الطائرات الآلية، التي سمحت للولايات المتحدة بالقضاء على مجموعة من أبرز القادة في التنظيم دون الاضطرار لخوض معركة برية تتسم بالفوضى. وأوضحت مقدمة وخاتمة الوثيقة أن القاعدة تدرك جيداً مزايا الطائرات الآلية : فهي رخيصة نسبياً من حيث الكلفة والأرواح، كما أنها تخفف من ضغط الرأي العام الأميركي.
هل الحرب على الإرهاب وتنظيم القاعدة في شمال أفريقيا والمغرب العربي طويلة الأمد:
مع بداية العملية العسكرية كان الإصرار على النصر والفشل ماثلين بصورة متساوية خاصة بعد عملية احتجاز الرهائن من قبل ما يعرف ب" كتيبة الموقعون بالدم" في الجزائر في 19 و20 كانون الثاني/يناير، والتي راح ضحيتها حوالي 37 قتيلا من جنسيات مختلفة، ولكن لم يأت الأول من شباط/فبراير، إلا وأعلام النصر الفرنسي تلوح في الأفق ويأتي الرئيس هولاند إلى دولة مالين ليستقبل كالبطل المنتصر أمام العالم. وقد جاء التقدم السريع في مالي ليمنحه رصيداً داخلياً كان مهدداً في حال الفشل الذي كان يتهدد صورته كقائد غير قادر على اتخاذ قرارات صعبة ومصيرية، يحكم فرنسا المثقلة.. بأعباء الركود وأزمات البطالة والاقتصاد..وبتفاؤل يقول الخبراء انه ورغم بيانات الجهاديين الحماسيين من مصر إلى تونس والمغرب وما قامت به القاعدة في المغرب العربي في منشأة الغاز في عين أميناس، يبدو أن سيناريو الحرب الطويلة يمكن أن يستبعد في صحراء مالي لعدد من الأسباب نوجزها فيما يلي:
أ‌-       الاختلافات الإثنية والحاضنة الواسعة إفريقيا ودوليا لمنع ذلك.
ب‌-الاختلافات الثقافية وكون أغلب الجهاديين غرباء عن مالي وقادمين من دول أخرى، وخاصة الفاعلين فيهم.
أ‌-       التحفز الإقليمي والشمال الإفريقي- بما فيه الجزائر رغم انتقادات البعض لأدائها في عين اميناي- للحيلولة دون قيام دولة للقاعدة والجهاديين في هذه المنطقة.
ب‌-الأزمة البنيوية للتنظيمات الجهادية في مختلف دول المنطقة، وبما فيها القيادة المركزية للقاعدة في أفغانستان..
ت‌-الفشل الجزئي للإسلام الجهادي مع صعود الإسلام السياسي الذي يعتمد الديمقراطية أو الشعبوية سبيلا للصعود والسلطة ما بعد الثورات العربية مما جعل الفكرة الجهادية الانقلابية مأزومة ل حد بعيد وأقل جاذبية من ذي قبل.
ولكن مسار الأحداث التي بدات تظهر مؤخراً في مالي تشير إلى عكس هذا التحليل تماماً، إذ لا زال يمثل الوضع الأمني المصدر الأول للقلق، إذ إنه بعد مرحلة استعادة مدن الشمال الرئيسية من دون قتال جدي يبدو أن حربا من نوع آخر قد بدأت، وتتمثل في العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة أو في استهداف قلب المدن المحررة خصوصا غاو كبرى مدن الشمال، حيث قامت عناصر مقاتلة بالتسلل إلى قلب المدينة والسيطرة على قصر العدل وعلى دار البلدية. وجرت مؤخراً معارك حقيقية استخدمت فيها القوات المالية مدعومة بقوة فرنسية وبطوافتين من طراز «غازيل» الأسلحة الثقيلة لمواجهة المتسللين. وبحسب قيادة الأركان المالية، فإن العمليات العسكرية أسفرت عن مقتل 15 «إرهابيا»، فيما جرح جنديان فرنسيان وأربعة جنود ماليين. وأعلنت حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا في بيان لها أن «معركة تحرير غاو من المارقين قد بدأت». وفي الوقت عينه، تعرض موقع تابع للحركة الوطنية لتحرير أزواد المشكلة من الطوارق والتي تتعاون مع القوات الفرنسية، لعملية انتحارية أدت إلى مقتل خمسة أشخاص. ويقع الموقع على مدخل مدينة إينهال القريبة من مدينة تساليت، المحاذية للحدود الجزائرية. ووقع الاعتداء بسيارتين مفخختين كان يقودهما انتحاريان. ويرجح أن يكون استهداف الحركة المذكورة جاء للانتقام منها بسبب الموقف الذي التزمت به بعد انطلاق العملية العسكرية الفرنسية. وجدير بالذكر أن الحركة المذكورة انقلبت على «أنصار الدين» وعلى «القاعدة» وحركة التوحيد والجهاد مع اقتراب القوات الفرنسية من مدن الشمال الرئيسية. وكانت عملية انتحارية مشابهة تبنتها حركة التوحيد والجهاد حصلت على مدخل مدينة كيدال التي تتولى الأمن فيها القوة التشادية. وأعلنت باريس رسميا أنها «تتعاون» مع هذه الحركة. وتشكل هذه النقطة سببا للاختلاف بين باريس وباماكو، إذ إن السلطات المالية ترفض التفاوض معها وتضع شروطا كثيرة مستندة إلى أن الحركة ذات طابع انفصالي رغم اعترافها المتأخر بوحدة الأراضي المالية. ومع تكاثر هذه الأعمال المخلة بالأمن، تبدو المهمة الفرنسية والدولية لإعادة الاستقرار إلى مالي بالغة الصعوبة، بعكس الانطباعات الأولى. وتؤكد باريس على ضرورة السير بالعملية السياسية مع استمرار ملاحقة «الإرهابيين» في أقصى مناطق الشمال مستعينة بدول الجوار مثل موريتانيا والجزائر اللتين أغلقتا حدودهما.
الخاتمة
قد تتباين الأسماء من جبهة النصرة في سوريا إلى انصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، اما في اليمن وخلال السنوات القليلة الأخيرة ظهر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كفرع مقاتل في اليمن، إلى جانب الأسماء الكثيرة الاخرى لتنظيمات جهادية متواجدة في دول عربية وإسلامية عديدة، ولكن ما يجمعها جميعاً هو الفكر الجهادي الذي يقود حركتها ويفتح لها ابواب الصراع بعد تحديد عناوينه واهدافه، ورغم كل المؤتمرات والتوصيات والدراسات التي تنشر وتعلن إلا ان محاولات الدول الغربية والعربية للقضاء على هذه المجموعات جميعها تبوء بالفشل ويظهر مجموعات جهادية في اماكن لم تكن متوقعة وفي بيئات كان يفترض ان تكون بعيدة كل البعد عن هذا  الفكر سلوكه.. ومؤخراً دعا مسؤولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة وممثلون من نحو 50 بلدا، في 17 شباط/فبراير، إلى تعزيز قدرات الدول في مواجهة ظاهرة الإرهاب مجددين في الوقت ذاته استعدادهم للعمل معا من أجل القضاء عليها. وجاءت الدعوة ضمن البيان الختامي للمؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب الذي انعقد على مدى يومين في العاصمة السعودية، الرياض، بالتعاون مع الأمم المتحدة ومراكز مكافحة الإرهاب حول العالم. وبحث المؤتمر خلال أربع جلسات محاور الإستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب وتشمل التدابير الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون ومنع الإرهاب ومكافحته، وتدابير بناء قدرات الدول وتعزيز دور منظومة الأمم المتحدة في هذا الصدد. وقد أوضح الداعية والباحث السعودي طارق الحسين أن مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية الذي يقدّم الإرشاد والتوعية للمتطرفين ولمن يعتنقون فكر تنظيم القاعدة بهدف إعادة دمجهم في المجتمع، "يمثل تجربة غير مسبوقة في محاربة الإرهاب". ولفت إلى أن عددا من الدول ثمنت هذه التجربة واقتبست الكثير من فلسفتها وقامت بتطبيقها في مجتمعاتها المحلية. وأكد أن الأمن مسؤولية الجميع والتصدي لظاهرة الإرهاب بأبعادها الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والسياسية يجب أن يمثل هما عالميا. ودعا الدول لإجراء بحوث تناقش تحديات الأمن الدولي، مذكرا بأن مؤسسات المجتمع المدني لها أن تلعب دورا في مواجهة الإرهاب من خلال نشر ثقافة الحوار وتكريس قيم التسامح والتنبيه لمخاطر التطرف والتحذير من تبني الأفكار الشاذة. وختم قائلا إن "الدول التي تريد التخلص من الإرهاب يتوجب عليها التركيز على أمن المواطن لأن ذلك سيقود في نهاية المطاف إلى تحقيق أمن الأوطان".
 
 
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,783,126

عدد الزوار: 6,965,865

المتواجدون الآن: 68