القوات الدولية في جنوب لبنان... صندوق بريد أم رهينة الصراع السياسي في المنطقة..!!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 30 آذار 2010 - 4:46 م    عدد الزيارات 857    التعليقات 0

        

بقلم مدير المركز حسان قطب

القوات الدولية في جنوب لبنان.. جاءت عقب الاجتياح الإسرائيلي المحدود لجنوب لبنان عام 1978م، والذي وصلت طلائعه إلى مشارف نهر الليطاني، وذلك لتنفيذ القرار الدولي الشهير رقم 425، والذي نص على انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وتسليم المنطقة للقوات الدولية.... هذه القوات بقي دورها محدوداً نظراً لتعقيدات الأوضاع اللبنانية وتداخلها وتشابكها آنذاك، بين الوجود السوري المسلح على الأراضي اللبنانية وقوات فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، والميليشيات اللبنانية المتنوعة والمختلفة والمتصارعة فيما بينها ونظراً لضعف الجيش اللبناني الذي كان يمر في مرحلة إعادة بناء وتجهيز... ولم يتعد عديد القوات الدولية المتواجدة في الجنوب آنذاك ما مجموعة (5500) جندي دولي..
وعقب حرب تموز/ يوليو عام 2006م، وعلى أثر صدور القرار 1701، تم تعديل دور القوات الدولية بما يتناسب مع طبيعة المرحلة وطبيعة الصراع والقوى المتصارعة.. وتم رفع عدد القوات الدولية إلى ما يقارب 13500 جنديًا مجهزين بعتاد يتيح لهم الدفاع عن أنفسهم وعن دورهم ويؤازرهم ما مجموعه 15000 جندي لبناني دخلوا الجنوب اللبناني لأول مرة.. بقرار سياسي وبرعاية دولية بعد أن كان حزب الله وملحقاته يثيرون الاعتراض على أي مشاركة فعلية للقوى النظامية للبنانية في الجنوب المحرر..
تقوم هذه القوات الدولية مشكورة برعاية المواطنين وتقديم المساعدات المادية والعينية في قرى الجنوب إلى جانب مساهمتها في حفظ الأمن إلى جانب الجيش اللبناني.. ورغم محدودية الدور الذي تقوم به هذه القوات الدولية إضافةً إلى عدم ممارسة أي رقابة فعلية أو صارمة في قرى الجنوب إلاّ بمؤازرة القوى النظامية والشرعية اللبنانية.. إلاّ أنها تعرضت للعديد من الاعتداءات والممارسات المرفوضة.. فقد تعرضت الكتيبة الإسبانية لتفجير استهدف إحدى دورياتها أسفر عن مقتل عدد من الجنود، كما تعرضت إحدى السيارات التابعة للقوات الدولية لتفجير على الطريق الدولية التي تربط الجنوب بالعاصمة بيروت كما تعرضت إحدى الدوريات لتفجير استهدفها قرب جسر القاسمية الحيوي.. في جنوب لبنان.. وتم الحديث عن كشف عدد من العمليات التي كانت تستهدف القوات الدولية في المنطقة الجنوبية.. هذا فيما يتعلق بالاعتداءات المسلحة، أما الاعتداءات المدنية والأهلية والتي يقوم بها جمهور حزب الله ورعاياه في المنطقة الجنوبية من لبنان.. فهي أكثر من أن تعد وتحصى.. إذ نادراً ما يمر يوم دون وقوع إشكال بين (الأهالي) والقوات الدولية في القرى والبلدات الجنوبية، ومصطلح (الأهالي) هذا درج على استعماله إعلام حزب الله باعتبار أنه غير موجود عسكريًا في منطقة الجنوب وللإشارة إلى أنه يحظى برعاية وحماية الأهالي من النساء والأطفال والشيوخ والعجزة.. من حادثة خربة سلم حيث انفجر مستودع الذخيرة. إلى حادثة طيرفلسية وجملة من الحوادث الأخرى التي وقعت في العديد من البلدات والقرى الجنوبية... وحول هذا الموضوع ... وحول هذا الأمر"عقدت اللجنة التنفيذية لحزب الكتلة الوطنية اجتماعها الدوري برئاسة الأمين العام جوزف مراد وحضور رئيس مجلس الحزب بيار خوري، وأصدرت البيان الآتي "يبدو أن حزب الله أصبح يخيف أيضًا القوات الدولية، فبعد حادثة مار مخايل الشهيرة والتي حيد بها الجيش اللبناني، أتت حادثة خربة سلم وتصدي "الأهالي" للقوات الدولية لتحيد تلك القوات"... وهذا التفسير والتوضيح لا تتبناه الكتلة الوطنية وحدها بل معظم القوى السياسية اللبنانية ولكن الكتلة الوطنية كانت لديها الجرأة للإفصاح والإعلان عن تفسيرها لمجريات الأمور والأحداث..
هذه الحوادث جميعها بقيت ضمن دائرة التساؤل والاستغراب والتشكيك والاتهام غير المستند إلى دليل أو وقائع تؤكد تورط هذا الفريق أو ذاك، إلاّ أنها جميعها كانت تؤشر إلى أن فريقًا بعينه يريد لهذه القوات الدولية أن تكون عمياء وعاجزة عن ممارسة دورها.. صحيح أنّ القوات الدولية لا تمنع بل لا تستطيع أن تمنع الطيران الإسرائيلي من التحليق في أجواء لبنان، وكذا الجيش السوري الممانع لم يمنع الطيران الإسرائيلي من قصف موقع (الكبر) السوري، ومن التحليق فوق القصر الجمهوري في شمال سوريا في اللاذقية. ومن قصف إحدى قواعد المقاومة الفلسطينية القريبة من دمشق.. ولكن الصحيح أيضًا أن وجود هذه القوات الدولية ساهم ويساهم في تأمين الاستقرار في الجنوب ولأبناء الجنوب ويقوم بنزع الألغام والقنابل العنقودية التي زرعتها إسرائيل خلال عدوانها... وهو ما لم تفعله عناصر حزب الله المنشغلة في شوارع بيروت والجبل في مراقبة باقي اللبنانيين..!!! كذلك فإنّ هذه القوات الدولية تقوم بتأمين أكثر من 8000 وظيفة للشباب اللبناني من الجنسين وفي كافة ميادين عملها وفيما يساهم في دعم وجودها.. وتأدية دورها.. وكذلك في تأهيل الطرقات والمدارس وإنشاء النوادي وسواها من مؤسسات الترفيه..
بقيت هذه الحوادث والإشكالات والاستهدافات.. موضع تساؤل، وهي ملفتة للنظر وبحاجة لقراءة متمعنة والبحث عن الطرف الذي يستفيد من تعطيل دور القوات الدولية أو إرهابها بحيث تصبح عاجزة ومشلولة وغير قادرة على القيام بدورها كما يجب..!! إلى أنْ جاء تصريح وئام وهاب المعروف الهوى والانتماء والارتباط والدور والهوية ليقول: "الإشارة الجديدة التي أطلقها، الوزير السابق وئام وهاب، وهو الذي كان أول من كشف المعلومات عن استدعاء عناصر من "حزب الله" للإدلاء بشهادتهم حول جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري من قبل فريق التحقيق لدى مكتب المدعي العام الدولي، إذ ربط بين المحكمة وقوات الطوارئ الدولية في الجنوب، قائلاً إنّ "تسييس المحكمة يخرب لبنان ويجعل من اليونيفل صندوق بريد"، الأمر الذي طرح تساؤلات في الأوساط الدبلوماسية حول هذا الربط خصوصاً وان وهاب لم يفصح عن طبيعة "صندوق البريد" إلاّ أنه ألمح إلى أن هذا الصندوق قد يكون متبادلاً، خصوصاً إذا ما اختارت الولايات المتحدة المحكمة أداة للضغط على "حزب الله" والجمهورية الإسلامية الإيرانية بعدما فشلت في الضغط على سوريا خلال السنوات الماضية"، معلناً أنه "لا يثق بالمحكمة الدولية أو بعملها"، محذراً من أنها قد تكون "مكيدة للانتقال من كمين إلى آخر".
رسالة وئام وهاب لا شك كانت بتكليف وبطلب من جهة معينة..!! خاصةً وأنه كان أول من كشف عن طلب المحكمة الدولية لعناصر من حزب الله للتحقيق معها.. ولا يمكن الشك أو القول بأن المحكمة الدولية هي التي أبلغته بطلبها هذا.!!!.. إذاً هناك جهة تقف خلف التسريب هذا وخلف التهديد أيضًا وبالتأكيد ليس وئام وهاب هو من يملك القدرة على التهديد والوعيد.. لأنه لا يملك من الأمر شيئًا.. وهذا التهديد إضافةً إلى أنه يجب أن يعيد فتح التحقيق في كافة الاعتداءات التي تعرضت لها القوات الدولية من جديد للنظر جدياً في الجهة التي ارتكبتها فعلاً لا تلميحاً وتغييباً.. وتجهيلاً للفاعل.. وبالتالي تحديد المستفيد..؟؟.. فإن هذا التصريح أيضًا قد يشكل أو يؤدي إلى وقوع أزمة دبلوماسية مع العديد من الدول التي تشارك قواتها في القوات الدولية والتي قد تسارع إلى سحب عناصرها وربما طلب اعتذار دبلوماسي رسمي من الحكم اللبناني على خلفية هذه التهديدات غير المبررة وعلى هذا الربط غير المقبول بين المحكمة الدولية وعملها والقوات الدولية ودورها.. كما أنه من الممكن أن تقوم هذه الدول المشاركة بسحب القوات العاملة لديها ضمن القوة الدولية من الجنوب.. مما سيترك الجنوب والجنوبيين وجزءٌ من الجيش اللبناني.. مكشوفين من الرعاية الدولية، ومعرضين لخطر العدوان الإسرائيلي في أية لحظة وسيترك الحدود الجنوبية مكشوفة دون حماية اللهم إلاّ إذا اعتبر البعض أن حماية لبنان ناتجة عن تصريح نصرالله الأخير الذي هدد به إسرائيل بالرد.. ثم كان الرد الخطابي الذي أطلقه نعيم قاسم ومفاده.... "أنه لا يوجد ناطق رسمي من الآخرين باسم حزب الله، فنحن نمتلك الشجاعة الكافية لنعبّر عن رأينا عندما تدعو الحاجة. ونسمع تصريحات ومواقف يجعلون منها مسائل كبرى ونصل في نهاية الأمر إلى قنابل صوتية إعلامية". وذكر قاسم أن أحدهم تحدّث عن موقف من رئيس الجمهورية، وآخرين عن معطيات قالوا إنها صحيحة عن المحكمة الدولية... و"نحن كحزب الله لسنا عاجزين عن أن نتحدث عن موقفنا، ولكن هناك بعض القضايا التي لا فائدة منها، والتي نربأ بأنفسنا أن نتحدّث عنها"...هذا الرد معناه أن حزب الله يتنصل من كلام وتهديد وئام وهاب للقوات الدولية ومن التهجم على رئيس الجمهورية.. ولكن يبقى المطلوب سؤال وئام وهاب عن الجهة التي أبلغته بالمعلومات وطلبت منه إطلاق هذه التصريحات.....!!

hasktb@hotmail.com

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,891,330

عدد الزوار: 7,007,386

المتواجدون الآن: 75