لبنان والعراق يعانيان من نفس الداء..!!!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 6 نيسان 2010 - 4:23 م    عدد الزيارات 906    التعليقات 0

        

مدير المركز حسان قطب

المواطن العربي الذي يراقب الوضع في لبنان والعراق يرى ويلمس حجم التشابه بين الواقعين السياسيين في كلا البلدين.. فالاحتلال الأميركي أنتج واقعاً سياسياً معقداً ومربكاً في دولة العراق.. يتلخص في انقسام سياسي ومذهبي وطائفي وهجرة داخلية إضافةً إلى الهجرة للخارج.. ومؤسسات أمنية ضعيفة وسلاح منتشر بين أيدي المواطنين.. ثم ظهور الميليشيات المسلحة العراقية.. فيلق بدر، وجيش المهدي وفرق الموت، وفيلق القدس، وبعض العصابات المسلحة الأخرى، التي دخلت  العراق مع جيش الاحتلال، ووجدت البيئة السياسية والاجتماعية والدينية المناسبة لتقديم حالة الفوضى على حالة بناء دولة المؤسسات، وأصبحت هذه المجموعات قوى مسلحة منظمة تحظى بالرعاية والعناية والتدريب والتسلح والدعم المالي، لا لمواجهة قوات الاحتلال، ولكن لحماية المشروع الفارسي في العراق، والالتصاق بالمرجعيات وتنفيذ أوامرها ونواهيها، والإنصات لها والالتزام بقراراتها.. هذا في العراق... أما في لبنان وبعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، فرض على لبنان حكومةً وشعباً وجيشاً، أن يتغاضى عن تسلح حزب الله واستمراره في التدريب والتجييش والإعداد والتثقيف.. بداية لاسترجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا... ولكن بعد أن توقف الحديث عن تحرير المزارع لرفض الدولة السورية ترسيم الحدود في تلك المزارع قبل الانسحاب الإسرائيلي.. بدأ الحديث عن أن هذا السلاح وهذا الوجود المسلح، يجب تشريعه ضمن ما يسمى (الإستراتيجية الدفاعية) وبالتالي يصبح في لبنان جيشان، الجيش النظامي والقوى الأمنية الرسمية، وميليشيا حزب الله الشيعية، التي تلتزم سياسات وأوامر الولي الفقيه السيد الخامنئي، في إيران.. وليس قرارات الحكومة اللبنانية والمصلحة اللبنانية العليا.. وما حضور نصرالله قمة دمشق إلى جانب نجاد والأسد إلا خير دليل على ذلك...!!
إذاً كافة المسلحين والميليشيات المسلحة والتنظيمات الشيعية السياسية والعسكرية المتواجدة في العراق ولبنان، إنما تحظى برعاية وبقيادة واحدة موحدة، وبالتالي يصبح المشهد العراقي مشابه تماماً للمشهد اللبناني، وللدلالة على هذا الموضوع أكثر فقد انتدب حزب الله في لبنان الشيخ محمد الكوثراني وهو عضو مكتبه السياسي، ومن خريجي حوزات النجف الدينية، مسؤولاً عن ملف العراق، لدى حزب الله، ومكلف بالتنسيق والتواصل بين الفريقين... الشيعيين... في كلا البلدين.. وقد أعلنت وأذيعت صفته هذه خلال استقباله لأحدى الشخصيات العراقية التي زارت لبنان مؤخراً حيث كان في استقبالها على أرض مطار بيروت رفيق الحريري الدولي... إلى جانب بعض المسؤولين اللبنانيين..
هذا التنسيق والتواصل بين فريقين متشابهين في الانتماء والتربية والتوجه والأهداف والارتباط بالمرجعية الدينية نفسها وهنا نعني المرجعية الدينية السياسية وليس الفقهية... وهذا معناه أن كافة هذه القوى سواء المتواجدة في لبنان أو في العراق إنما تعمل على خدمة المشروع عينه والمرجعية إياها. وهذا معناه أيضاً أن تعاطي القوى الشيعية العراقية مع الواقع السياسي العراقي ومع عملية بناء الدولة ومؤسساتها، ومع مكونات المجتمع العراقي المتعددة والمتنوعة.. الدينية منها والسياسية،  متشابه إلى حد بعيد من حيث الشكل والمضمون مع مثيله اللبناني.. ويمارس دوره وسياساته بالطريقة التي يمارسها حزب الله مع الواقع اللبناني والتي نتحدث عنها  مرارا وتكراراً، بل ونعاني منها على كافة المستويات..
- إن وجود ميليشيات مسلحة تتصف بوحدانية الانتماء الديني والمذهبي لا الوطني... وارتباطها بمشروع ديني تاريخي.. يلغي كل وصف إيجابي لها، بل ينزع كل شرعية عن وطنية هذه الميليشيات وسلاحها وعناصرها.. بل وكل مصداقية عن أدبياتها وخطاباتها ومنشوراتها وإصداراتها التي تتحدث عن مواجهة المحتل في العراق.. أو عن النية والرغبة في دعم المقاومة الفلسطينية وتحرير فلسطين بالنسبة لحزب الله في لبنان.. هذا الواقع المرير الذي يعانيه العراق من وجود ميليشيات مسلحة محلية طائفية ومذهبية ووجود قوات احتلال أجنبية يفتح الباب واسعاً أمام قوى خارجية لتمارس على أرض العراق كل ما يمكنها من أفعال وممارسات لمنع عودة دولة العراق قلب الأمة العربية وبوابتها الشرقية، دولة قوية ذات منعة وسيادة وحضور إقليمي ودولي..
- إن عرقلة بناء مؤسسات الدولة، والعمل على عدم استقرار عمل كيانات الدولة الدستورية والإدارية إنما هو بهدف تعزيز  دور هذه الأحزاب والميليشيات الخدماتي والوظيفي والأمني على حساب دور مؤسسات الدولة.. وبالتالي تصبح قيادات هذه الأحزاب والميليشيات هي مرجعية المواطن..... وانتماؤه الطائفي والمذهبي وحده يربطه بهذه المجموعات فقط،... وليس وحدة التفكير والهدف والحس الوطني... ويغيب حينها أو يتضاءل إلى الحد الأدنى دور مؤسسات الدولة، وتنعدم خدماتها لدرجة تدفع المواطن إلى الالتصاق أكثر فأكثر بهذه القوى والأحزاب والميليشيات والمرجعيات، ويكون حينها خادماً مطيعاً لسياساتها وأهدافها..
- إضعاف الوحدة الوطنية بل تجاهلها تحت ستار عناوين ورايات ويافطات ومواقف تتجاوز الوطن ومواطنيه بل الأمة وجمهورها..وقد أفاض عضو قيادة حزب الله نواف الموسوي في شرح هذا الأمر والتوجه بكل صراحة ووضوح رغم التوضيح الذي أصدره لاحقاً، إلا أن الكلام الذي أطلقه في إحدى الحسينيات ونشره حزب الله كان كافياً... الموسوي ألقى كلمة في احتفال تأبيني في حسينية الإمام الهادي في الأوزاعي، وزعتها الوحدة الإعلامية في "حزب الله"، قال فيها: "إن المعركة التي نخوضها ليست موجهة ضد طرف داخلي، بل هي معركة دفاع عن السيادة اللبنانية وعن الأمن الوطني اللبناني والسيادة الوطنية اللبنانية وعن الكرامة اللبنانية، ويخرج بعض النواب الأغرار ليقول إن نواب المقاومة شهّروا، فهو إما غير متابع ولا يقرأ وإذا قرأ لا يدرك المقصود مما يقرأ.. إلى ذلك قال الموسوي: "عملنا من أجل الوحدة الوطنية ومن أجل الوحدة الإسلامية، هو في سبيل تدعيم أولوية المقاومة، وبالتالي إذا دار الأمر بين المقاومة وبين أي شكل من أشكال الوحدة، فإن الأولوية ستكون للمقاومة وقد بين تاريخ المقاومة أنه حين تعلق الأمر باستمرارها، بقوتها، ببقائها وتقدمها، فإنها لن تقم اعتبارا لأي أمرٍ آخر..ويجب أن تكون هذه رسالة واضحة لمن يظن أنه عبر تخويف المقاومة بالفتنة المذهبية يمكن أن ينال من تمسكها بخيارها أو بنهجها المقاوم، عليه أن يفهم هذه الحقيقة بوضوح أن المقاومة تعتبر الأولوية هي المقاومة وليس لأي شيء آخر".. هذا الكلام الذي أطلقه الموسوي بكل وضوح وصفاء ونبرة تهديدية وليس توجيهية لا يحتمل التأويل ولا التفسير بل القراءة بتمعن والتفكير في مواجهته لأنه يصدر عن مرجع قيادي يفترض انه مدرك ويفهم مقاصد كلامه..إضافة إلى أن الموسوي لم يحترم تفكير وفهم النواب اللبنانيين والمواطنين اللبنانيين أيضاً، فإن كلام الموسوي هذا الذي قاله بخصوص الشأن اللبناني، ينطبق على الواقع العراقي..فسلاح جيش المهدي وقوات بدر وفيلق القدس وفرق الموت، قد أمعنت وارتكبت كل أشكال الموبقات والجرائم التي أدت إلى انقسام العراق ديموغرافياً وسياسياً وامنياً وإدارياً، وأباحت للمحتل أن يقوم بتسليح وتدريب قوات الصحوة العراقية التي هي ميليشيا سنية لحفظ الأمن في مناطق السنة، لحمايتها من تنظيم القاعدة ة والتنظيمات الطائفية الأخرى....ولم تلتفت هذه القوى للوحدة الوطنية الرافعة الأساسية لأي عمل مقاوم..تماماً كما فعل ويفعل حزب الله في لبنان..!!
- المشهد السياسي الحالي سواء في العراق أو في لبنان، متشابه إلى حد كبير، فالانتخابات اللبنانية أنتجت أكثرية نيابية لم تستطع تشكيل حكومة إلا بعد النزول عند شروط حزب الله، الذي هدد بتعطيل تشكيل الحكومة وعملها وصولاً للتهديد ب7 أيار/ مايو جديد... وبعد أن مارست دمشق بالتنسيق مع طهران بعض الضغوطات الشكلية على حلفائها.. مما  أعادها إلى المشهد السياسي اللبناني... كلاعب إيجابي وليس سلبي.. واليوم التقاطر الشيعي العراقي إلى طهران غداة انتهاء الانتخابات العراقية ومحاولة تشكيل تحالف برلماني أكثري جديد بهدف إطاحة الأكثرية البرلمانية التي حصلت عليها كتلة نواب (العراقية).. يشكلان وجهان لعملة واحدة..!! فطهران هنا تلعب دور دمشق بالنسبة للبنان...والقيادات الشيعية التي ذهبت إلى طهران اتهمت كتلة نواب العراقية بأنها تمثل الروح (البعثية، الصدامية).. تماماً كما اتهم حزب الله الأكثرية النيابية اللبنانية وحكومة الرئيس السنيورة بأنها أكثرية وهمية، وتخدم المشروع الأميركي في المنطقة.. وكلام الموسوي الذي ورد معنا هنا ليس بعيداً عن هذا الأمر...
لذلك نرى أن الواقعين اللبناني والعراقي يعانيان من نفس العوارض الطائفية والمذهبية، والرؤية السياسية التي يقدمها هذا الفريق المرتبط بطهران سواء اللبناني أو العراقي لا تتجاوز طموحات معينة فئوية ورغبات دفينة لا تقدم حلولاً لمشاكل كلا البلدين والشعبين.. ومواجهة هذا المشروع يجب أن تكون بتعزيز الروح الوطنية وتفعيل المشروع الوطني الذي يقوم على بناء دولة مؤسسات لا دولة محاصصة وبناء مؤسسات وطنية مرجعيتها المشروع الوطني والتصويت الديمقراطي الحر للناخب اللبناني والعراقي.. الذي يرى قيادته داخل الوطن لا خارجه..

hasktb@hotmail.com

 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,822,998

عدد الزوار: 7,004,940

المتواجدون الآن: 78