الاشتباكات في الداخل اللبناني تنهك الجيش والاقتصاد وتعزز الأزمة السياسية..

تاريخ الإضافة الأربعاء 12 كانون الأول 2012 - 5:05 ص    عدد الزيارات 650    التعليقات 0

        

بقلم مدير المركز... حسان القطب

 

الاشتباكات المفتعلة والتي يؤسس لها البعض سواء في الشمال بشكل خاص أو في أي منطقة اخرى من لبنان إنما تنهك القوى الأمنية وتستنزف قدراتها، كذلك فهي تضع كافة القوى الأمنية في مواجهة مباشرة مع مختلف شرائح الشعب اللبناني المنقسم بين الولاء للوطن او الولاء للمرجعية الدينية، التي أرسى قواعدها الخطاب الديني العالي النبرة الذي انطلق منذ سنوات، ونقل كافة الشعارات والعناوين والمواقف، من موقعها الوطني، إلى خدمة طموحات وأهداف ومصالح طائفة ومذهب، ومرجعيتها سواء كانت حاضرة في الداخل او متواجدة في الخارج، وما يؤكد هذا التصور، هو ان هذا الفلتان الأمني يبقى دائماً تحت سقف محدود سواء بالزمان أو حتى بالمكان، وكذلك في تحديد حجم وطبيعة الصراع، بشكل كافٍ لنقل او توجيه رسائل وإشارات القلق لمن يهمه الأمر، دون الوصول لمرحلة الحسم او تصعيد الصراع على نحو واسع يصعب معها لاحقاً ضبطه والاستفادة من نتائجه او تحمل تبعاته... كما ان الهدف منها دون شك هو خدمة نظام سوريا الذي كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن قرب سقوطه بعد تعاظم انتصارات المعارضة وعجز ما تبقى من قوات النظام السوري المسلحة عن استعادة زمام المبادرة واسترجاع ما تخسره سواء من أرض او سلاح وحتى من تأييد بعض القوى الدولية..
وبطبيعة الحال يترك هذا الواقع الأمني أثره السلبي على الوضع الاقتصادي اللبناني الذي يعاني أصلاً من تردي بالغ نتيجة الانقلاب السياسي الذي قام به حزب الله وتشكيل حكومة الرئيس ميقاتي مما أبعد كافة الدول الداعمة والراعية للاستقرار اللبناني عن تعزيز الوضع الاقتصادي في لبنان.. وتركت هذه المسؤولية لهذه الحكومة .. ومن كان وراء تشكيلها وتقديمها للرأي العام المحلي والدولي.. وهنا تقف إيران  وهي بيت القصيد، عاجزة عن تقديم يد العون لهذه الحكومة رغم الوعود المتكررة منها والتي لم تر النور بعد، رغم مرور عامين تقريباً.. بإنشاء مشاريع إنمائية وخدماتية، او تدعيم خطة تطوير الكهرباء وغيرها، وهي التي اعتادت في الأساس أي (إيران) على دعم طائفة وفريق حزبي ضمن هذه الطائفة، وليس حكومة وكيان ومؤسسات.. كما انها تعاني أصلاً من ازمة اقتصادية حادة نتيجة العقوبات الدولية وخطر نشوب ازمة عسكرية ومواجهة مع المجتمع الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة.. كما انها متورطة في دعم النظام السوري لإطالة امد الصراع إلى أبعد مدى ممكن.. مما يرهق إمكانياتها المالية والعسكرية والبشرية.. دون الحديث عن حجم الخسائر في قيمة الاستثمارات الإيرانية الهائلة التي تم توظيفها في سوريا، والتي سينكشف لاحقاً حجمها عقب سقوط النظام السوري، والتي تقدر بعشرات المليارات وهي أرقام كافية بحد ذاتها لاشعال ثورة في إيران التي يعاني شعبها من نقص في الخدمات والسلع الأساسية والعملات الأجنبية وازدياد حدة التضخم والاتفاع الأسعار..
في الداخل اللبناني برزت أيضاً عدة ملفات مقلقة اولها عودة الحديث عن الاغتيالات والتي قد تستهدف مجموعة من القيادات السياسية والاعلامية والدينية، وأكد الوزير شربل (وزير الداخلية) ان الأسماء كثيرة.. والعبوة التي وجدت في الطريق الجديدة كانت بداية مؤشر مقلق.. عن مدى استعداد من يريد القيام بهذه العملية للتضحية بأرواح مواطنين مدنيين أبرياء للوصول إلى الهدف المفترض تماماً كما حدث في متفجرة الأشرفية التي استهدفت اللواء وسام الحسن.. إضافةً إلى انه يؤشر إلى مدى الرغبة في تعطيل الحياة السياسية في لبنان أو الهيمنة عليها عبر تغييب أكبر عدد ممكن من القيادات السياسية والدينية عن لبنان مهما كان الثمن. (المفتي الشعار) وغيره من القيادات السياسية ذات اللون الواحد سواء بالتهديد او بالتنفيذ إذا لزم الأمر.. خاصةً ونحن على أبواب انتخابات نيابية مفترض أن تتم في شهر حزيران/يونيو المقبل/ مهما كان قانون الانتخابات وشكله، ومهما كانت احتمالات إجراء الانتخابات في موعدها ضئيلة..
كما يجب الإشارة إلى ان استمرار هذا الواقع الأمني غير المستقر، وأمام عجز الدولة عن حسم وإنهاء كل خلل أمني، وامام تدخل البعض في عمل الأجهزة الأمنية من القوى السياسية إلى جانب تلكؤ وتباطؤ القضاء في ممارسة دوره ومعالجة الملفات القضائية العالقة امامه، او أن يقوم بتسطير استنابات بحق المتورطين ومحاكمتهم.. فإن هذا كله يشكل عاملاً قوياً يدفع بعض القوى في المجتمع اللبناني نحو التطرف، نتيجة الشعور بالاستهداف او بالدونية أو بعدم التوازن في التعامل بين فريق وفريق.. وقد أشار الأستاذ صلاح سلام وهو الصحافي والكاتب والناشر المعتدل في مقالته الأخيرة إلى شعور أبناء الطائفة الإسلامية السنية في لبنان بالاستهداف، ومن ضمن هذا ما تتعرض له مؤسسات الطائفة من استهداف نتيجة التدخل والتلاعب الإقليمي بها (دار الفتوى)، ولا يخفى ما يتركه هذا من أثر سلبي على جمهورهم مما يدفعهم للتطرف..ومعالجة التطرف ليس قضية آنية من الممكن معالجتها بقرار او بموقف، او حتى باعتذار، ولكنها تتطلب تربية وإعادة تثقيف وتوجيه، مما يتطلب وقتاً طويلاً وقد تأخذ هذه العملية اجيال وجهود بالغة للخروج من هذه الدوامة.. وهذا ما نخشى ان يقع فيه لبنان إذا ما استمر البعض في ممارسة سياسة التجاهل والتعالي على شركائه في الوطن، والالتفات إلى معالجة ملفات انتقائية وتجاهل أحداث ومشاكل أمنية، والانخراط في مشاريع سياسية ومحاور إقليمية ... وحينها يصبح الخلل الأمني والانهيار الاقتصادي أمراً واقعاً نعيشه، وتتعذر حينها المعالجة السياسية إلا بتدخل خارجي وفرض حلول قد لا تتلاءم مع البعض وتؤسس لصراعٍ جديد بعد حين..ولكن ليس لاستقرار سياسي وأمني واقتصادي دائم ..

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,351,880

عدد الزوار: 6,988,072

المتواجدون الآن: 65