نحو مصالحة بين الحريري ونصر الله بتشجيع من جنبلاط وبري

تاريخ الإضافة الجمعة 17 أيلول 2010 - 7:51 ص    عدد الزيارات 2680    التعليقات 0    القسم محلية

        


ميتشيل يواجه بدفتر شروط للمفاوضات ··· ونصائح عربية لحزب الله بعدم اختبار الشارع مجدداً
نحو مصالحة بين الحريري ونصر الله بتشجيع من جنبلاط وبري
فضل الله وفياض يعتبران المحكمة إسرائيلية ··· وخلافات لجنة المال ترفع التمويل إلى الهيئة العامة

ألقى ملف المحكمة الدولية بظلاله الثقيلة على المشهد الداخلي برمته، فيما كان الموفد الأميركي لعملية السلام جورج ميتشل يجري لقاء مهماً مع الرئيس بشار الأسد وينتقل إلى بيروت، ليبدأ من عين التينة لقاءات تشمل اليوم الرئيس ميشال سليمان، لنقل رسائل واضحة تتعلق برغبة الأميركيين برؤية الموقف هادئاً على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، ومتعهداً بتحريك المسار اللبناني مع المسار السوري <لانجاز السلام العادل الشامل>.

ومع أن التكتم كان سيّد الموقف بعد لقاء ميتشل مع الرئيس نبيه برّي، فان الموقف اللبناني الذي سيسمعه الموفد الأميركي من الرئيس سليمان سينطلق من ثوابت حق العودة ورفض التوطين، ووحدة المسار التفاوضي مع دمشق، وهو ما أكّد عليه ليلاً رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي اعتبر انه <من الجنون التفكير بفصل المسارات>.

وكشف جنبلاط في مقابلة أجراها ليلاً مع تلفزيون المؤسسة اللبنانية للارسال L.B.C عن محاولة ينسق فيها مع الرئيس برّي لترتيب لقاء مصالحة بين الرئيس سعد الحريري والامين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله للبحث في سبب الأزمة الراهنة والكامن في الموقف من المحكمة الدولية، على اعتبار ان الرئيس الحريري هو صاحب الكلمة الفاصلة سياسياً في هذا الملف، لكنه لم يعط تفاصيل عن هذه المحاولة، علماً ان الأجواء العامة في البلد، بلغت حداً من الاحتقان، أمس، دفعت بالكثيرين إلى تشبيه ما يجري بعشية التطورات التي دفعت بوزراء المعارضة الى الاستقالة في العام 2006، وإلى طرح اسئلة مقلقة عمّا إذا كانت هذه التطورات المرتبطة بالمحكمة الدولية ستأخذ البلد مجدداً الى الشارع، انطلاقاً من أن المهلة التي اعطاها <حزب الله> للمعنيين بمظلة الامان العربية، تنتهي مع نهاية شهر آب لتسوية مسألة القرار الاتهامي.

وفي هذا السياق، علمت <اللواء> أن <حزب الله> تبلغ نصيحة بوجوب نزع فكرة تحريك الشارع في إطار الضغط الذي يمارسه لتعطيل مسار المحكمة تمهيداً لاسقاطها، والاكتفاء بحصر الاشتباك في إطار المؤسسات، سواء على صعيد مجلس النواب، أو في مجلس الوزراء، على اعتبار أن الشارع قد يستدعي مجموعة من التدخلات العربية والإقليمية وستكون لها اخطار مدمرة على البلد. وبالتالي فانه من غير المسموح إعادة إنتاج سيناريوهات شبيهة بما حصل عشية 7 أيّار، علماً انه في الإمكان نقل معركته إلى داخل المؤسسات، وهو ما حصل أمس داخل جلسة لجنة المال والموازنة، حسب ما توقعت <اللواء>، حيث كشفت هذه الجلسة المستور وأسقطت آخر الاقنعة على صعيد الكباش بين الأكثرية والمعارضة بالنسبة الى المحكمة وتمويلها، مع ان هذا البند تمّ ترحيله الى الهيئة العامة، بعد انسحاب نواب الأكثرية، خوفاً من التصويت عليه لغير مصلحتهم، نظراً لرجحان كفة عدد نواب المعارضة عليهم في الجلسة المسائية.

وفي موازاة هذه النصيحة، ذكرت معلومات أن رئيس الجمهورية الذي أعلن أمس الأوّل موقفاً دقيقاً من السجالات الحاصلة، أجرى، بعيداً عن الأضواء سلسلة اتصالات مع رئيس الحكومة ومع قيادات في الداخل، مشيرة إلى انه يبحث مجموعة خطوات عملية من شأنها استرداد الأزمة إلى داخل المؤسسات، من بينها تقريب موعد جلسة الحوار الوطني المقررة في النصف الثاني من شهر تشرين الاول، ودعوة مجلس الوزراء استثنائياً لعقد جلسة يوم الثلاثاء المقبل، عشية سفره إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء.

جولة ميتشيل

وبعيداً عن هذه الاجواء، يطلع الموفد الاميركي جورج ميتشيل الرئيس سليمان ظهر اليوم على ما آلت اليه المفاوضات المباشرة عن المسار الفلسطيني - الاسرائيلي والمرحلة المقبلة من المفاوضات على المسارات الاخرى.

واشارت مصادر لبنانية مطلعة ان الرئيس سليمان سوف يشدد من جانبه على ضرورة حصول لبنان على ضمانات تتعلق بعودة اللاجئين الفلسطينيين ومنع التوطين في لبنان، خصوصاً وان أي سلام لن يتحقق من وجهة نظر لبنان، ما لم تتحقق العودة وما لم يطبق القرار 194.

واوضحت المصادر اللبنانية المطلعة ان الموقف اللبناني من السلام مع اسرائيل بات واضحاً ومن الثوابت، فلبنان لن يكون إلا آخر بلد عربي يوقع السلام مع اسرائيل، اما عملية التفاوض فسقفها الالتزام بمبادرة السلام العربية التي اقرتها جامعة الدول العربية، وبكافة بنودها، بما فيها منع التوطين واستعادة كافة الاراضي العربية المحتلة الخ.

يشار الى ان لقاء ميتشيل مع الرئيس بري احيط بستار من الكتمان، حيث لم تتسرب اية كلمة عن طبيعة الحوارات التي جرت بين الرجلين باستثناء ان المبعوث الاميركي اكد لرئيس المجلس ان الادارة الاميركية حريصة على ان لا تتم اية تسوية في المنطقة على حساب لبنان او على حساب سوريا.

سقوط الاقنعة

مثلما عنونت <اللواء> بالأمس كانت <المعركة في لجنة المال> حيث شكلت المناقشات بين نائبي حزب الله حسن فضل الله وعلي فياض ومعهم نائب تكتل التغيير والاصلاح عباس هاشم من جهة، وبين نواب كتلة المستقبل والنائب عن كتلة القوات اللبنانية إنطوان زهرة من جهة ثانية، التصريح الاوضح عن المواقف السياسية الحقيقية بشأن المحكمة الخاصة بلبنان، بعد ان تولت المداهنة السياسية والرسائل المزدوجة خلال الاسابيع القليلة الماضية تدوير الزوايا وتفكيك صواعق التفجير.

فخلال مداولات لجنة المال والموازنة النيابية لمناقشة البند العالق في موازنة وزارة العدل والمتعلق بتمويل المحكمة، رفع النائب فضل الله سقف النقاش السياسي بقوله إن <الحزب لا يعترف بالمحكمة الدولية وهي مرفوضة من قبلنا لأنها تمثل مشروعاً إسرائيلياً يستهدف رأس المقاومة ولدينا ادلة ملموسة على ذلك> وهو موقف جاراه فيه النائب فياض. فسأل النائب في كتلة المستقبل جمال جراح عن هذه الادلة واعداً بأنه <كنائب في تيار المستقبل عن البقاع الغربي سيقف مع حزب الله في معركة إسقاط المحكمة إذا وضع بين يديه دليل واحد على إسرائيليتها> غير أن فضل الله إكتفى بتكرار القول إن حزب الله يمتلك ادلة ملموسة تدعم موقفه.

وحين سئل النائب فضل الله عن سبب عدم إعتراض الحزب على إقرار مجلس الوزراء مرسوم سلفة الخزينة لتسديد حصة لبنان من تمويل المحكمة قال: <كانت موافقتنا جزء من المناخ الايجابي الذي رغبنا في المساهمة في اشاعته خلال مهلة أيلول إفساحاً في المجال أمام معالجات جدية كنا ننتظرها لكل المسار الراهن للمحكمة وهذه المهلة إنتهت وبالتالي ستسمعون منا كلاماً واضحاً من الآن فصاعداً>.

وفي الرد على فضل الله وفياض شكر النائب زهرا زميليه <لوضوحهما في التعبير عن هذا الموقف بعيداً عن اي التباس> كما شكرهما على ذلك النائب أحمد فتفت الذي إعتبر أن موقف فضل الله وفياض يستحق التنويه <لأنه بات واضحاً أن المسألة ليست في التفاصيل التي أثيرت خلال الأسابيع الماضية بل في أصل المحكمة التي لم يعد خافياً أنكم ترفضونها بالكامل>، فتدخل النائب فياض بالقول <ليكن واضحاً اننا لا نرفض المحكمة فقط بل نعتبر ان هذه المحكمة ومن سيمولها ويدعمها هم جزء لا يتجزأ من المشروع الاسرائيلي وحزب الله غير معني بتغطية تمويل مشروع الفتنة الاسرائيلي الذي تحمله المحكمة من جيوب المواطنين اللبنانيين>.

أمام هذه المواقف حاول رئيس اللجنة إبراهيم كنعان إجتراح مخرج خلال فرصة الغداء فأجرى سلسسلة إتصالات بنواب المستقبل والقوات عبر النائب الجراح وتدارس معهم فكرة عدم التصويت على بند تمويل المحكمة وإحالته على الهيئة العامة لمجلس النواب الأمر الذي وافق عليه نواب الاغلبية غير أن نواب حزب الله وأمل اصروا على التصويت بعد التئام جلسة لجنة المال والموازنة في الخامسة عصراً ما دفع بنواب المستقبل والقوات الى الإنسحاب من الجلسة.

وفي متابعة للتطورات الموقف السياسي في إثر إجتماع لجنة المال والموازنة، رأت مصادر سياسية مطلعة <أن البلاد دخلت مرحلة جديدة كلياً مع المواقف التي عبر عنها نواب حزب الله بحيث ان الامور باتت مفتوحة على إحتمالات صعبة وحساسة>، وإذ سئل مصدر نيابي عن تقديره لهذه الإحتمالات وعما إذا كان اللبنانيون على عتبة 7 ايار جديد إبتسم المصدر النيابي بمرارة معلقاً بالقول <يا ريت.. نحن في 14 شباط 2005، في الساعات التي سبقت إغتيال الرئيس الحريري والله اعلم من سيكون الهدف المقبل.. بعد إجتماع اليوم فتنا على غير محل>..

مذكرة الجلب

في غضون ذلك، نقلت مصادر سياسية مقربة من مرجع سياسي استياءه من ما وصلت اليه الامور في البلاد من تشنج وتوتر ستزيدها مذكرة الجلب القضائية في حق اللواء السيد تأزيماً، وربما تتطور الى تحرك في الشارع من قبل فريق المعارضة، لا سيما وان القضاء اللبناني تأخر في الرد على مواقف السيد خمسة ايام، وان حزب الله والعماد ميشال عون يحتضنان السيد، وكان الاخير دعا الى عصيان أوامر ميرزا.

واعرب المصدر عن خشيته من استغلال المعارضة لمذكرة جلب وتحويل السيد <بطلا قوميا> والعودة بالبلاد الى حالة الاعتصامات والصدامات.

ونقل المصدر عن المرجع السياسي استياءه من تعاطي المعارضة مع قضية المحكمة، وفي طريقة الرد على ما اعلنه الرئيس سعد الحريري من مراجعة لمواقفه والتي استدعت منه خيارات قاسية على صعيد فريقه السياسي، ومن يمثل، وذلك كله بهدف تهدئة الوضع الداخلي في مواجهة التطورات الاقليمية والدولية الكبيرة التي تمر بها المنطقة.

وتساءل المرجع المذكور عن المطلوب اليوم، فالنائب وليد جنبلاط اجرى مراجعته ودفع ايضا بالرئيس سعد الحريري الى اجراء هذه المراجعة واعلان ما اعلن في صحيفة <الشرق الاوسط؛ ألم يكن ذلك كافيا؟ أم المطلوب الاعلان بأن الرئيس رفيق الحريري مات خطأ في حادث عام.

ورأى المصدر ان القضاء اخطأ في خطوة ملاحقة السيد بعد خمسة ايام على مؤتمره الصحافي، اذ ان هذه الملاحقة كان يجب ان تتم مباشرة بعد المؤتمر الصحافي او على ابعد تقدير في اليوم التالي، وليس انتظار الضوء الاخضر من وزير العدل الذي لم يتخذ قراره في شأن تحريك الحق العام، إلا بعد لقاء الرئيس نبيه بري.

وفي هذا السياق، كشف مصدر قضائي ان مذكرة الجلب الصادرة عن النيابة العامة التمييزية احيلت الى قسم المباحث الجنائية لجلب السيد بصفة مدعى عليه بجرم تهديد امن الدولة والنيل من دستورها وتهديد رئيس مجلس الوزراء والتهجم عليه وعلى القضاء والاجهزة في الدولة.

وذكر بأن المباحث الجنائية قصدت منزل السيد في الجناح، وتبين انه مسافر، وسيتم لاحقا استدعاءه للمثول امام قسم المباحث واستجوابه فور عودته من الخارج، وفي حال تمنع عن الحضور قد يضطر القضاء عندها الى اصدار مذكرة احضار.

واوضح المصدر ان مذكرة الجلب ليست في اي شكل مذكرة توقيف، ويمكن لوكيل السيد ان يحضر امام مدعي عام التمييز لطلب الاستمهال وتأجيل حضور موكله طالما انه خارج البلاد في شكل علني ومعروف بحيث لا مجال في هذه الحال لاعتباره مجهول الاقامة، مشيرة الى انه حتى هذه اللحظة لم يصدر اي استنابة بتوقيف السيد على المعابر الحدودية.

وفي مقابلة مع L.B.C رأى جنبلاط انه لا حاجة لان يستعمل السيد اللهجة التصعيدية تجاه الرئيس الحريري، كما لا حاجة لفريق تيار المستقبل ان يهاجم السيد في المقابل، مضيفاً بأن السيد ربما كان يريد توريط السوريين، مشيراً الى ان تعابيره لا تتناسب والآداب العامة وآداب الخطاب خصوصاً في ما يتعلق بالتخاطب مع الرئيس الحريري، معلناً رفضه لكلام السيد والتهجم على مؤسات الدولة، ولكلام العماد عون، محذراً من فخ لايقاع الفتنة في لبنان.

وشدد جنبلاط على أنه من الخطأ في هذا التوقيت وفي ظل الجو الحالي إلقاء تمويل المحكمة، إذ لا يمكن اتخاذ هكذا قرار من قبل فريق واحد، فأما أن نأخذ القرار معاً أو لا يمكن ذلك، وقال: ><اذا كانت العدالة مصيرها الفتنة وتهديد السلم الأهلي فالسلم الأهلي أهم>.

لكنه لاحظ انه <بدل الثناء على كلام الحريري لصحيفة الشرق الأوسط حصل في المقابل هجوم، وكأن هناك من هو في 8 آذار أو 14 أذار من لا يريد التقارب السوري - اللبناني، داعياً إلى انتظار دراسة وزير العدل حول شهود الزور مؤكداً بأن هذا الموضوع لا يحل في الشارع ولا في التراشق الاعلامي أو عبر المنابر، ولكن يجب كشف من هم شهود الزور، وانا أريد محاكمتهم.

وإذ أكد جنبلاط انه لا يمكن للوضع ان يفلت أمنياً إلا بقرار مركزي من الأحزاب، لفت ان هناك معادلة هي سوريا - حزب الله - ايران، ففي هذه المعادلة أتى القرار الظني يزعزع هذه المعادلة، إلا انه لا يمكن زعزعتها، وعلينا القبول بهذه المعادلة، معرباً عن اعتقاده بأن التسوية السورية - السعودية لن تهتز، فهناك ثقة كبيرة من الملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز والأسد.

 

أبعاد ومرامي مطالبة رعد لإلغاء المفاعيل السياسية لجريمة إغتيال الحريري
دعوة لإغلاق ملف الجريمة محلياً والترهيب بقوة <السلاح> لتبديل موازين السلطة
لا شك ان موقف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي طالب فيه بوجوب إلغاء كل المفاعيل السياسية الناجمة عن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مستنداً فيه الى ما قاله رئيس الحكومة سعد الحريري مؤخراً، بأن اتهامه لسوريا في جريمة اغتيال والده بالمرحلة الماضية كان اتهاماً سياسياً، إنما يحمل في طياته كل ما يرغب فيه <حزب الله> وحلفاؤه ويعملون ما في وسعهم لتحقيقه من اهداف واهمها، اعتبار هذه الجريمة الارهابية النكراء وكأنها حدث أمني عارض من ضمن الاحداث الامنية العديدة التي شهدها لبنان في تاريخه الحافل، وبالتالي لا تستأهل مثل هذا الاهتمام الذي تلاقيه حالياً من خلال تولي المحكمة ذات الطابع الدولي القيام بمتابعة التحقيقات والملاحقات الجنائية المطلوبة لكشف مرتكبيها والمتورطين بها، وبالتالي لا بد من وقف مسار هذه العملية القضائية الاكبر في تاريخ لبنان والمنطقة والبدء بطي هذا الملف الارهابي وكأنه لم يكن واستمرار تجهيل المجرمين الحقيقيين وابقاء هوياتهم طي الكتمان واعطاء صك براءة لكل من حامت حولهم الشبهات بارتكاب هذه الجريمة، إن كانوا في سدة المسؤولية الامنية الرسمية يوم حدوثها او كل من قام بعمل نافر وملموس وعلى مرأى كل اللبنانيين لطمس آثار هذه الجريمة او اعاقة التحقيقات الجارية فيها·

اما الهدف الثاني الذي رمى اليه النائب رعد من موقفه هذا وبوضوح تام، فيتلخص بوجوب ازالة كل ما نجم من مترتبات عن هذه الجريمة في التركيبة السلطوية للدولة اللبنانية بكاملها واعتبار كل ما نتج عنها من تبديلات في مواقع وموازين القوى السياسية وكأنه لم يكن·

ولكن النائب رعد لم يحدد ماهية التركيبة البديلة للتركيبة السياسية القائمة وان كان المفهوم من موقفه اولاً بداية اتجاه <حزب الله> الى عدم الاعتراف بالتركيبة السياسية للدولة اللبناني ككل لانها انبثقت عن الانتخابات النيابية التي حصلت في ربيع العام 2005 ونتج عنها انتخابات رئاسية في العام 2008، ادت الى وصول رئيس الجمهورية الى سدة رئاسة الجمهورية التي يمارس من خلالها مهماته الدستورية، في حين كان على النائب رعد ان يدقق كثيراً قبل اطلاق موقفه هذا، للتمعن بمحطة الانتخابات النيابية التي جرت في ربيع العام 2009، وبعد اسابيع معدودة من خطوة اطلاق سراح الضباط الاربعة المشتبه بضلوعهم في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وبالرغم من كل محاولات <حزب الله> إستغلال هذا الخطوة لصالحه في الانتخابات النيابية المذكورة ضد الفريق السياسي الداعم للمحكمة الدولية، إلا ان نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة أظهرت ان اكثرية اللبنانيين ما يزالون يدعمون التركيبة السياسية التي تمثلهم في مراكز السلطة السياسية حتى اليوم، وهذا ما يخالف كل الادعاءات التي يتذرع بها النائب رعد في موقفه الاخير ويتجاهل فيها الوقائع والمترتبات السياسية التي اصبحت راسخة في توجهات هؤلاء اللبنانيين وخياراتهم السياسية في دورتين انتخابيتين متتاليتين وليس في الدورة التي اعقبت جريمة اغتيال الرئيس الحريري، فقط، وهو ما يدل على تمسكهم بقناعات راسخة ترتكز على ثوابت العيش المشترك والسيادة والاستقلال وذلك بعد ثماني سنوات على ارتكاب هذه الجريمة، وهذا اكبر مؤشر على رفض هؤلاء اللبنانيين العودة الى التركيبة السلطة والزمن السياسي الذي سبق جريمة الاغتيال هذه·

ويبقى السؤال المطروح بعد موقف النائب رعد بوجود إلغاء المفاعيل السياسية لجريمة اغتيال الرئيس الحريري، هل المطلوب إسقاط هذه التركيبة السلطوية بالوسائل السياسية والديموقراطية التي يرتكز عليها النظام اللبناني، وهذا يتم من خلال الانتخابات النيابية وخيارات الشعب اللبناني الذي اثبت مؤخراً رفضه التجارب مع ممارسات حزب الله وسياساته التي ترتكز على استعمال سلاح <المقاومة> في الصراع السياسي الداخلي كما حصل في احداث السابع من ايار المشؤوم واحتلال وسط بيروت وتعطيل المؤسسات الدستورية، وأخيراً الاشتباكات المسلحة في برج ابي حيدر في العاصمة، ام انتظار الاستحقاق الانتخابي النيابي المقبل، او اللجوء الى هذا السلاح من جديد لتحقيق هدفه في الانقلاب على مقاليد السلطة وادخال البلاد في أتون مرحلة جديدة من الصراع الذي تتداخل فيه كل العوامل المحلية والاقليمية المتشابكة التي ترخي بتفاعلاتها السلبية على الواقع اللبناني بكل تعقيداته؟

معروف الداعوق


 

 


 

المصدر: جريدة اللواء

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,149,104

عدد الزوار: 6,980,629

المتواجدون الآن: 57