أخبار لبنان..رفض أميركي - فرنسي متجدِّد للتصعيد..ونصرالله يرسم مسار الرد على «قصف القنصلية غداً»..ميقاتي يطلق نفير المواجهة مع حملة تستهدفه..فرنجية إلى باريس اليوم وفرنسا تتبنّى "الخيار الثالث"..تنسيقٌ أميركي - فرنسي عن كثب لمنْع انزلاق لبنان إلى حرب أوسع..«حزب الله» بعد زاهدي يدوْزن ويطرق باب نهاريا.. ممنوع عودة السُّنَّة إلى المقاومة..لبنان يتقصّى هوية لغم أرضي استهدف جنوداً دوليين في الجنوب..«الكتائب» يحذّر من تحويل بيروت إلى واحدة من عواصم المحور الإيراني..تحرك سفراء «الخماسية» في لبنان يصطدم بعدم نضوج الظروف لانتخاب الرئيس..الخلاف بين الأحزاب المسيحية يعرقل الاتفاق على وثيقة بكركي..بتهمة الإثراء غير المشروع..دعوى قضائية في فرنسا ضد رئيس الوزراء اللبناني..

تاريخ الإضافة الخميس 4 نيسان 2024 - 3:11 ص    التعليقات 0    القسم محلية

        


رفض أميركي - فرنسي متجدِّد للتصعيد..ونصرالله يرسم مسار الرد على «قصف القنصلية غداً»..

ميقاتي يطلق نفير المواجهة مع حملة تستهدفه..ومطالب أوجيرو أمام مجلس الوزراء..

اللواء..في وقت يعقد فيه اليوم مجلس الوزراء جلسة، ذات طابع مالي واداري روتيني، ما خلا امكانية العودة الى طرح موضوع «الدمج المصرفي»، اتجهت البوصلة الاقليمية والدولية جنوباً، لمعرفة مسار الردّ على استهداف اسرائيل بالاغتيال من الجو والبحر قيادات الصف الاول في فصائل «محور الممانعة» في ضوء مؤشرات غير قاطعة، من ان الرد سيأتي عبر جبهات المساندة، لا سيما جبهة الجنوب، حيث ستبرز إبرة «البوصلة العسكرية» في ضوء استكمال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ما اعلنه امس لجهة حتمية النصر، الآتي بعد «طوفان الاقصى»، في كلمته غداً في احتفال يوم القدس العالمي، الذي يصادف في يوم الجمعة الاخير من شهر رمضان. مع التذكير ان السيد نصر الله سبق له واشار انه سيتحدث عن المجريات العسكرية منذ عملية «طوفان الاقصى» في 7 ت1 2023 الى اليوم، لا سيما بعد الضربة الاسرائيلية ضد السفارة الايرانية في دمشق. في المشهد المقابل، يتصرف جنرالات الحرب الاسرائيليين وفي مقدمهم وزير الدفاع يؤاف غالانت، الذي نقل عنه في ختام تدريب لفحص جاهزية الجبهة الداخلية في حيفا ان «الحرب على الحدود الشمالية تشكل تحدياً صعباً لنا، لكنها ستكون كارثية على حزب الله ولبنان»، مع الانكار مجدداً من ان «تل ابيب لا تريد حرباً مع لبنان». وهذا المشهد المكفهر، حدا بالناطق باسم اليونيفيل اندريا تيننتي الى التحذير من ان الوضع في جنوب لبنان خطير للغاية ومقلق، وان اي خطأ في الحساب يمكن ان يشغل نزاعاً اوسع في جنوب لبنان. وسط ذلك، بقي الموقف الدولي داعياً لاحتواء التصعيد، وعدم الانجرار الى عمليات متوسطة وهذا ما حدث خلال لقاء وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لجهة ضرورة منع توسع الازمة في غزة وتجنب اي تصعيد مع لبنان. وعليه، رأت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الحركة السياسية المحلية في البلاد والتي لا تزال تحت تأثير العطلة يفترض بها أن تتفاعل في منتصف الشهر الحالي مع عودة النشاط الرئاسي، في حين تبقى تداعيات الغارة الإسرائيلية على القنصلية الأيرانية في دمشق محور متابعة، فضلا عن المواقف التي أطلقت من قبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لاسيما تأكيده أن طوفان الأقصى وما جرى في جبهات مساندة وضع الكيان الصهيوني على حافة الهاوية وملامح هذا الأمر ستظهر مع الوقت. وقالت المصادر أن هناك توجسا من المرحلة المقبلة لاسيما بالنسبة إلى توتر الأجواء في الجنوب وعودة التصعيد مع فشل أي مسعى لإنجاز تهدئة محددة.

الحملة على ميقاتي والملاحقات المقبلة

على ان الاخطر محلياً، هو ما كشفه المكتب الاعلامي للرئيس نجيب ميقاتي من ان «حملة اعلامية واسعة النطاق ستنطلق اليوم في وسائل اعلام خارجية ومحلية، بهدف الاساءة الى دولته وافراد عائلته»، حسب بيان المكتب. ووفقاً للمعلومات، فإن الحملة تنطلق من ان جمعيتين في فرنسا تقدمتاب دعوى قضائية في حق الرئيس ميقاتي وافراد عائلته بـ«تهمة الإثراء غير المشروع وتبييض الاموال». وحسب المكتب الاعلامي، فإن الرئيس ميقاتي وافراد عائلته «باشروا اجراءات قضائية لدى المحاكم الخارجية واللبنانية للتصدي لهذه الحملة المغرضة، وكشف الضالعين فيها ومموليها»، وهي ستلاحق جميع المتورطين في هذه الحملة قضائياً في لبنان وخارج لبنان. وعشية جلسة لمجلس الوزراء ستعقد اليوم وتناقش في قضايا حياتية، اجتمع الرئيس ميقاتي مع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، وجرى عرض للأوضاع الأمنية في البلاد وشؤون تتعلق بوزارة الداخلية. وإجتمع رئيس الحكومة مع حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وعرض معه الاوضاع المالية والمصرفية. حياتياً، يعرض اليوم مجلس الوزراء مطالب موظفي اوجيرو وتتعلق بالمراسيم التي أُقرّت في المجلس، وقال الوزير جون القرم نحاول الآن تأمين التمويل لما تم إقرارُه سابقاً، ونتمنى حل هذه المعضلة في الجلسة غداً.ولفت القرم إلى أن «استمرار تحرك موظفي «أوجيرو» مناط بهم لا بنا كوزارة، شرط التحلي بروح المسؤولية لأن الإنترنت هي مسألة مهمة للموظفين وللبلد والقطاع الصحي والاقتصاد الوطني»، مشدداً على «وجوب التمييز بين حقهم في الإضراب، وهو حق دستوري، وبين تعطيل المرفق العام».

الوضع الميداني

ميدانياً، بقيت القرى الامامية الجنوبية في واجهة الاعتداءات، واستخدمت قوات الاحتلال القنابل الفوسفورية في القصف على عيتا الشعب. واعلنت المقاومة الاسلامية عن استهداف مجموعة من جنود العدو اثناء قيامهم بعملية تحصين موقع المرج بالقذائف المدفعية. كما أعلن «حزب الله» في بيان أن عناصره استهدفوا موقع الراهب وتجمعًا لجنود الجيش الإسرائيلي في محيطه بالأسلحة الصاروخية. كما استهدفوا «تجمعا لجنود العدو الإسرائيلي في خلة وردة بالأسلحة المناسبة وأصابه إصابة مباشرة». ونعى «حزب الله» حسن إبراهيم علول مواليد عام 2003 من بلدة السكسكية الجنوبية.

فرنجية إلى باريس اليوم وفرنسا تتبنّى "الخيار الثالث"

نداء الوطن..عشية زيارة رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية الى باريس، أبلغت مصادر ديبلوماسية «نداء الوطن» أنّ المقاربة الفرنسية للاستحقاق الرئاسي تشدّد على أنه «لا يمكن الخروج من الشغور الرئاسي إلا عن طريق خيار ثالث يؤمّن التوازن الوطني ولا يعطي انطباعاً أنّ فريقاً تغلّب على آخر». وسيزور فرنجية العاصمة الفرنسية اليوم يرافقه الوزير السابق روني عريجي. وأشارت المصادر الى أنّ فرنجية سيسمع من محدّثيه الفرنسيين عن ضرورة «التفتيش عن خيار رئاسي خارج اسمَي جهاد أزعور وفرنجية». وكشفت المصادر عن «توافق ضمن اللجنة الخماسية على أمرين: الأول، ضرورة الانتخاب وفق القواعد الدستورية بالذهاب الى جلسة مفتوحة بدورات متتالية. والثاني، عدم ممانعتها في أن تشكّل مبادرة تكتل «الاعتدال» مخرجاً بين الرئيس نبيه بري الذي يطالب بحوار، وبين من يرفض الحوار. وهذه المبادرة تقوم على تداعي النواب الى جلسة انتخابية لا يترأسها أحد فلا تشكّل عرفاً ولا تخرق الدستور وتفسح في المجال أمام انتخابات رئاسية». وأوضحت المصادر أنّها مقتنعة بأنّ «حزب الله» لن يمضي الى الانتخابات الرئاسية قبل أن تنتهي الحرب في غزة. وقالت إنّ اللجنة الخماسية «اتفقت على عدم طرح أسماء مرشحين تاركة الأمر للبنانيين أنفسهم».

تنسيقٌ أميركي - فرنسي عن كثب لمنْع انزلاق لبنان إلى حرب أوسع

«حزب الله» بعد زاهدي يدوْزن ويطرق باب نهاريا...

الراي.. | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- استهداف مراقبي الأمم المتحدة في جنوب لبنان... لغز اللغم

لا تترك الوقائعُ المتسارعةُ في المنطقة، والتي يرتبط لبنان بصفائحها الساخنة عبر «الأوعية المتصلة»، مجالاً لأي التباسٍ في ما خصّ تَحَلُّل المؤسسات و«ذوبانها» على وهجِ أزماتٍ سياسية ومالية لـ «دولةٍ فاشلة» لم يكن ينقصها إلا اقتيادها إلى ضفاف حرب غزة، قبل الانجراف إلى رياحها اللاهبة، ليتأكّد أنها باتت «خارج الخدمة» نظاماً تشغيلياً وربما تركيبةً وهيْكلاً دستورياً. ويأتي التقاطُع النادر بين الاعتبارات الاستراتيجية لإيران والمصلحة اللبنانية على عدم الانزلاق إلى حربٍ واسعة عبر «بوابة جهنّم» المفتوحة في غزة، بمثابة عامِلٍ «غير متحَكّم» به من «الدولة المحلية» أَمْكَنها الركونُ إليه منذ أن فَتح «حزب الله» جبهة المشاغَلة في الجنوب (8 أكتوبر) للمضيّ في «حروبها الصغيرة» داخلياً، والاكتفاء بإزاء مَخاطر الصِدام الكبير - الذي ما زال محتملاً إما بقرار كبير من إسرائيل وإما بخطأ كبير من «الممانعة» في تقدير فعلٍ أو ردّ فعل – بموقفِ المتفرّج أو مَن يسجّل مواقف لم تتوانَ حتى عن تكريس التصاقٍ غير مسبوق بين لبنان الرسمي و«حزب الله». وإذا كان هذا الالتصاق قابلتْه مراراً قوى لبنانية معارِضة بوصْفه من «عوارض» القصور الرسمي في «إدارة المخاطر» بما يتلاءم مع حراجة المرحلة، فإنّ البُعْدَ الأكثر رسوخاً للتماهي بين «حزب الله» ولبنان الرسمي، إلى حدّ اعتبار بعض الأوساط أن الحزب صار بمنزلة «الدولة العميقة»، يَجِدُ أفضل تعبيراته في حرص إيران على مبدأ «المعاملة بالمثل» مع ذراعها القوية والأكثر اكتمالاً في ما احتضنتْه الثورة الإسلامية، بحيث أن ما يصحّ عليها في ما خص المخاطرة بالحرب الكبرى يصحّ عليه. ولعلّ آخِر تعبيراتِ هذا الأمر تجلّتْ بعد «هجوم القنصلية» في دمشق ومقتل الجنرال في فيلق القدس محمد رضا زاهدي، حيث لم يَبْرز أي «اشتباهٍ» في أن إيران ستتصرف بإزاء هذه الضربة على عكس ما فعلت، سواء عقب اغتيال الجنرال قاسم سليماني في بغداد أو قادة في الحرس الثوري في سورية (بعد طوفان الأقصى)، وسط أجواء لدى دوائر عليمة تفيد أن طهران لن تتخلّى عن «العقل البارد» والمرونة في تفسير النكسات كما استيعابها، وصولاً للتعاطي مع ضربة يوم الاثنين على أنها في سياق معركة مفتوحة تشارك فيها إيران «في كل طلقة» من أذرعها ومن المتوقَّع والطبيعي أن يَسقط فيها إيرانيون على يد اسرائيل التي «تأخّرتْ حتى في الردّ». وما يَعْني لبنان في هذه القراءة، أنه في موازاة «ترقية» إيران لحزب الله والاحتفاظ به كـ «احتياط استراتيجي» لأي «حرب وجودٍ» تُفرض عليها، فإنّ اسرائيل بدورها وفي احتسابها احتمالاتِ الصراع الواسع تنطلق من تسليمٍ بأن أي استهداف شامل للحزب هو بمثابة إعلان حرب على الدولة في لبنان، باعتبار أنها وحزب الله باتا واحداً، في ضوء وضعية «الدولة الساقطة» (بالمعنى الاستراتيجي) بالكامل والتي زُجَّت في فوهة بركان غزة من دون أي «مقاومة سياسية» فاعلة. ومن هنا، ترى هذه الدوائر أنّ جبهة جنوب لبنان لن تخرج عن ديناميتها المعهودة، من جانب حزب الله، ما خلا بعض «التوسيع المدروس» لزوم المسار «التذكيريّ» لإسرائيل بالجهوزية الدائمة لأي تصعيد والاستعداد لإلحاق مزيد من مناطق الشمال بزنار النار كلما تمادت في الخروج عن قواعد الاشتباك وهدّدت، على ما شكّله استهدافُ الحزب الثلاثاء (للمرة الاولى) مستعمرة «غشرهازيف» القريبة من نهاريا براجمة من صواريخ ‏الكاتيوشا. وفيما كان الترقب يسود الكلمات التي ستُلقى في الاحتفال الذي أقامته «اللجنة الدولية لإحياء يوم القدس العالمي» تحت عنوان «منبر القدس» وبُثت في قاعة رسالات في بلدية الغبيري (الضاحية الجنوبية) وكل «دول المحور» لكل من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، قائد أنصار الله عبدالملك الحوثي، رئيس المكتب السياسي لـ «حركة حماس» إسماعيل هنية، الأمين العام لـ «حركة الجهاد الإسلامي» في فلسطين زياد نخالة وكلمة المقاومة العراقية - هادي العامري، برز حسْمُ أن إصابة 3 مراقبين عسكريين تابعين لهيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة في جنوب لبنان يوم السبت ناجم عن لغم، وليس عن استهداف بمسيّرة قيل حينها إنها إسرائيلية. وفي حين اتّهم الجيشُ الاسرائيلي «حزب الله» بأنه هو المسؤول عن زرع «العبوة الناسفة» في مرحلة سابقة وانفجارها أثناء قيام المراقبين بدورية راجلة على طول الخط الأزرق في وادي قطمون في خراج رميش، ذكرت وسائل إعلام لبنانية قريبة من الحزب أن اللغم هو من مخلّفات الاحتلال الاسرائيلي. ‏وفي موازاة ذلك، حضر الملف اللبناني في محادثات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في باريس حيث تلاقى مع نظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه على ضرورة تفادي توسع الصراع في لبنان وإيجاد حل ديبلوماسي مع تأكيد التنسيق عن كثب مع فرنسا في هذا السياق، في غمزٍ من مقترحاتٍ للبلدين، يتولّاها عن الجانب الأميركي الموفد آموس هوكشتاين عبر ما يُعرف بـ «الحل المتدرّج» لتطبيق القرار 1701، وسبق لسيجورنيه نفسه أن أودع بيروت شخصياً ورقة فرنسية في شأنها. وعلى وقع هذه المناخات الديبلوماسية، كان لافتاً توزيع سفارة إحدى دول أوروبا الشرقية رسائل لكل رعاياها في لبنان تتضمن خطة عمل للانسحاب في حال حدوث أي حرب. وتتضمن الخطة، بحسب وسائل إعلام لبنانية، تحضير جواز السفر والوقت المحدد للحضور إلى المطار وعدد الحقائب التي يجب اصطحابها معهم.

تداعيات اقتصادية واستراتيجية واجتماعية لـ«جبهة الشمال»: إسرائيل وتحدي الهروب الكبير

الاخبار..حمزة الخنسا.. منذ أشعلت المقاومة في لبنان الجبهة الشمالية لإسرائيل إسناداً لغزة، في اليوم التالي لعملية «طوفان الأقصى»، يتكتم العدو على خسائره البشرية والمادية على هذه الجبهة. فيما تحوّل الفرار الجماعي للمستوطنين إلى مادة سجال أساسية في الداخل الإسرائيلي، وعنصر الضغط الأساسي على المؤسستين السياسية والعسكرية في إسرائيل، وسُخّر لإيجاد حل لهذه المعضلة موفدون دوليون حملوا إلى لبنان رسائل ترهيب وترغيب، لإقناع المقاومة بفصل الجبهات. وهو ما يشير إلى التأثير الكبير لفتح هذه الجبهة على كيان العدو، استراتيجياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً. تداعيات «جبهة الشمال» وما تسببت فيه لا تقتصر على المدى اللحظوي الذي ينتهي بانتهاء الحرب، ولا على الخسائر الاقتصادية على أهميتها. إذ تمكّن النزوح من اختراق الوعي الجمعي لمستوطني الشمال، ولسكان الكيان. بالتالي، فإن تغيّرات استراتيجية على صعيد الديموغرافيا والقوة الاقتصادية والمناعة الوطنية والتركيبة المجتمعية بدأت بالتشكّل، سواء لجهة نظرة الصهيوني إلى قيمته الذاتية والوطنية أو ارتباطه بالأرض، أو حتى في جدوى التصدي والتضحية للدفاع عن «حدود إسرائيل» الضغط الكبير الذي يولّده عمل المقاومة انطلاقاً من الحدود اللبنانية الجنوبية باتجاه الجليل في شمال فلسطين المحتلة، ليس ناجماً عن اعتبارات عسكرية فحسب، بل لأن الجليل في حدّ ذاته أشبه بدولة متكاملة المزايا تقريباً تُعتبر رافداً اقتصادياً وأمنياً وعسكرياً كبيراً لإسرائيل. يلعب الشمال عموماً دوراً مهماً في تحصين «حدود إسرائيل» عبر إنشاء سياج بشري يدخل في المعادلات العسكرية و«الوطنية» وعدم تعريض الحدود لمساحات رخوة وضعيفة استراتيجياً. كما أنه من ضمن الاعتبارات الأساسية لضمان الامتداد الجغرافي لإسرائيل، بالحفاظ على التسلسل الجغرافي لمساحات التوطين، وتثبيت هوية الأراضي. فضلاً عن أن طبيعته الطبوغرافية تضفي عليه أهمية عسكرية استراتيجية، إذ يتضمن مرتفعات وجبالاً عالية تعطي أفضلية في السيطرة الميدانية والتكتيكية، وتسمح بإنشاء قواعد عسكرية ومراكز اتصالات ومراقبة على القمم، كما تقدّم أفضلية في السيطرة الميدانية والاستخباراتية والتكتيكية. أضف إلى ذلك أن مجاورة الجليل للبنان وسوريا، أعطته أهمية عسكرية عالية، تضاف إلى أهميته في التراث الصهيوني والوعي القومي، من حيث المكانة الدينية ومركزية الدور الذي لعبه في تأسيس إسرائيل، باعتباره موطن قدامى المحاربين والكيبوتسات القديمة ولاحتوائه على مستوطنات تهريب المهاجرين اليهود من سوريا ولبنان. كل ذلك، يجعل خسارة الجليل بمثابة خسارة كل إسرائيل، ويحوّله إلى جبهة دفاعية وهجومية استراتيجية. بحسب قاعدة بيانات أعدّها «مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير» (يوفيد)، يُعد الشمال خزاناً مائياً وأرض المياه والينابيع والأنهار، ويضم أراضيَ خصبة وتنوعاً طبوغرافياً يسمح بتنوع المحاصيل ووفرتها. ومع استخدام التقنيات المتقدمة وطرق الري المتطورة، تحوّل الشمال إلى مركز زراعي وصناعي، وصار الجليل مصدراً رئيسياً للأمن الغذائي في إسرائيل. فمن مستوطنات الشمال، يأتي 80% من إنتاج الدواجن و40% من محاصيل الحمضيات، و95% من التفاح. وفيها أكثر من 30 مصنعاً تنتج أفخر وأجود أنواع النبيذ للاستهلاك المحلي والتصدير. وتبلغ قيمة الإنتاج السنوي لمزارع النحل في الشمال 1.1 مليار دولار. وللجليل (خصوصاً الأعلى) أهمية سياحية كبيرة، إذ يقصده سنوياً حوالي 1,5 مليون سائح، ويتميز باجتذابه للسياحة الداخلية كمقصد للبيئة الريفية في الإجازات والمناسبات. وهو يشتمل على 211 موقعاً للسياحة الزراعية (جولات في مصانع النبيذ ومصانع التقطير والجعة ومتاحفها - القطف الذاتي في البساتين)، و557 موقعاً للسياحة الطبيعية (محميات طبيعية - غابات - جداول وأنهار وشلالات - ينابيع معدنية ساخنة - كهوف طبيعية - منتجعات صحية وشعبية - معالجة روحية - الغابات والحدائق الوطنية)، و527 موقعاً للأنشطة السياحية (مسارات تسلق طبيعية - مراكز تزلج - تخييم - أنشطة مائية - مسارات للمشي والدراجات)، و243 موقعاً للسياحة الثقافية (متاحف تاريخية - متاحف تاريخ المستوطنات في الشمال - مهرجانات موسيقية - مهرجانات فنية - مواقع أثرية). منذ الثامن من تشرين الأول 2023 انقلب كل ذلك رأساً على عقب. أُخليت عشرات المستوطنات وأُغلقت المصانع وسُرِّح العمّال وهُجرت البساتين والسهول. حتى كانون الأول الماضي، وصلت أضرار الأمن الغذائي إلى 60%، في حين كانت محاصيل زراعية بقيمة 20 مليون شيكل لا تزال على الأشجار في الجليل الأعلى (القطاع الأوسط وجزء من القطاع الشرقي)، بسبب نقص الأيدي العاملة الزراعية الذي وصل إلى 80% حتى كانون الأول، وزاد إلى أكثر من 90% في الأشهر الأخيرة. ودُمّر بشكل كامل أكثر من ثماني مزارع دواجن في مستوطنات شلومي وشتولا ومرغليوت ودوفيف وغيرها، ولحق تدمير جزئي بـ 30 مزرعة أخرى، ما أدى إلى نفوق مئات آلاف الطيور. وأُغلق أكثر من 24 مرعى لأسباب أمنية، وتُركت أعداد كبيرة من الأبقار والماشية من دون رعاية أو عمال لحلبها، في حين لم يتمكن الجنود من التعامل معها، أو الوصول إليها. ولا تقتصر الخسائر الزراعية على المحاصيل فقط، بل تشمل ضرب القدرة على الإنتاج بالجودة والكمية في الموسم المقبل، وقد تمتد الأضرار لسنوات عدة، نتيجة عدم تأهيل التربة وتسميدها، وتجهيز البساتين، وتقليم الأشجار، ورعايتها من الحشرات والأمراض، وكلما طالت مدة الحرب ارتفع حجم الأضرار واتسع تأثيرها الزمني على الزراعة، وفي حال لم يتم تدارك الأزمة الزراعية قد يكون قطاع الحمضيات أمام خسائر تُقدّر بـ 4 مليارات شيكل. على صعيد الخسائر الصناعية والسياحية، تراجع متوسط إنتاج 85 مصنعاً كبيراً في الشمال والجليل الأعلى إلى نحو 70%. وأقفل مصنع «عدسات حانيتا» أبوابه وقرر الانتقال إلى حيفا أو نهاريا، ما سيؤدي إلى خسارة كيبوتس حانيتا مليون شيكل سنوياً وفقدان سكانه إلى فرص العمل. وتجمّد القطاع السياحي كلياً، فخسر منتجع حرمون موسم التزلج، علماً أنه منتجع التزلج الوحيد في إسرائيل، ويستقبل بين 300 و400 ألف زائر سنوياً، ما تسبب بخسارة عشرات الملايين من الشواكل، وفقدان 400 من الموظفين أعمالهم وتحولهم إلى عاطلين عن العمل. كما تسببت الأضرار البالغة في شلومي في انخفاض النشاط التجاري إلى 75% في تشرين الأول الماضي. وانتقلت شركة «Yamoja» التي تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية من كريات شمونة إلى البرتغال. وفي ما يتعلق بأضرار المنازل والبنى التحتية، فقد تقدّمت المنارة بأكثر من 7000 طلب أضرار حتى كانون الأول 2023 (130 منزلاً من أصل 155 تضررت، منها 30 دُمّرت تماماً). وتسببت ناقلات الجنود المدرعة بضرر في الطرق وأنابيب المياه والصرف الصحي والغاز، والبساتين. وتعرّض نحو 140 منزلاً لأضرار جزئية، ودُمر حوالي 10 منازل (حتى بداية شباط) في المطلة. سُجّلت أضرار بمليارات الشواكل في المنازل والبنية التحتية والمحال التجارية في أكثر من 20 مستوطنة حتى كانون الأول 2023. فيما تعرّضت المؤسسات التعليمية والمنشآت الترفيهية داخل المستوطنات لأضرار جسيمة. وأصيبت كابلات الكهرباء الرئيسية، ولحقت أضرار جسيمة بخطوط تزويد الكهرباء للجنود، في ظل عدم قدرة العمال على صيانة الأضرار إلا ليلاً أو تحت الضباب. وفيما تقدّمت حانيتا بأكثر من 800 طلب عن حالات ضرر حتى كانون الأول 2023، تضرّر حوالي 520 موقعاً في كريات شمونة حتى كانون الثاني 2024.

يتعدّى تأثير الخسائر الاقتصادية الحدود المادية إلى إضعاف وتفكيك «الرابط المقدس» بالأرض

تتعدّى الخسائر الاقتصادية على الجبهة الشمالية في تأثيراتها الحدود المادية، إلى قدرتها على إضعاف وتفكيك الرابط المقدس بالأرض، إذ يُصنف مؤسسو ومزارعو المستوطنات والكيبوتسات الشمالية بشكل خاص؛ كسلالة متفرّدة في المجتمع الصهيوني ساهمت في تحديد «حدود البلاد» وثبّتت جذور الصهيونية، لذا فإن أي ضعف أو أذى قد يصيب العلاقة بين المزارع و«أرضه» هو مسّ بحدود الدولة. كما أن طبيعة المجتمعات التعاونية تفرض ضرراً شاملاً على كلّ مستوطني الكيبوتس في حال تعرض منشأة أو مزرعة للضرر. على أن ما يجعل الأضرار الاقتصادية في الشمال تفوق في خطورتها الأضرار في غلاف غزة، ليس الخسائر المادية فقط رغم ضخامتها، بل طبيعة الأضرار التراكمية في مسار تصاعدي يضرب مباشرة قدرة أصحاب المصالح والمزارع على الصبر والتعويض والتفاؤل... ومجدداً استهداف عنصر الصمود والتمسك بالأرض. والمعضلة الحالية بالنسبة إلى إسرائيل، هي دخول الاقتصاد في الجنوب دائرة التعافي مقابل توسع الخسائر والتداعيات الاستراتيجية الاقتصادية في الشمال. وبالرجوع إلى الأرقام التي قدّمتها دراسة لمعهد «أهارون» للسياسة الاقتصادية، فإن خسارة الناتج المحلي الإجمالي السنوي بلغ 20 مليار شيكل حتى أواخر عام 2023، وسُجّل انخفاض بنحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي للفرد، ونمو سلبي للاقتصاد بنسبة 2%، وعجز بنحو 5%. ومع استمرار السيناريو العسكري الحالي على الجبهة الشمالية، فإن التقدير يشير إلى الزيادة في نفقات الحرب بقيمة 111 مليار شيكل حتى نهاية عام 2024، وعجز بنسبة 6.8%، لتكون نسبة الدين حوالي 71.6% في نهاية 2024.

كلفة الإخلاء

أُخليت بأمر رسمي 43 مستوطنة حدودية بشكل كلي (باستثناء كريات شمونة إخلاء شبه كلّي)، و14 مستوطنة أُخليت بغالبيتها رغم عدم صدور أمر رسمي، وتمّ إخلاء 20 مستوطنة جزئياً لم يصدر في حقها أمر رسمي. وشكا المستوطنون من غياب خطة إجلاء منظّمة وواضحة، فضلاً عن غياب موازنة واضحة، ما عكس غياباً شبه كلّي للدولة في الاستجابة السريعة لهم ولمشاكلهم، علماً أنه كلما طالت مدة النزوح، وجد النازحون مكاناً آخر للاستقرار، وأصبحوا أكثر قدرة على الانتقال والتكيف في مجتمع جديد، ما يرفع احتمالية عدم عودتهم إلى الجليل مجدداً. وتعززت هذه الفرضية مع عدم قدرة حكومة الاحتلال وأجهزتها على متابعة وتنسيق إقامات النازحين في الفنادق، ما عرّض كثيرين منهم لمشاكل مالية ونفسية واجتماعية، وللطرد من الفنادق التي خُصّصت لاستقبال نازحي الشمال.

استنفار عربي وغربي ومحاولات اختراق من جعجع وخصوم حماس: ممنوع عودة السُّنَّة إلى المقاومة

الأخبار ... تشهد الساحة السنية غلياناً سياسياً غير مسبوق منذ سنوات. فإلى الفراغ الذي خلّفه ابتعاد الرئيس سعد الحريري عن العمل السياسي بضغط سعودي، فرض انخراط تنظيم «الجماعة الإسلامية» في المقاومة ضد العدو الإسرائيلي تحديات جديدة على أطراف محلية تشمل قوى وشخصيات سياسية ودينية واقتصادية تعتبر نفسها معنيّة بالساحة السنية، بالتزامن مع اهتمام خارجي، خصوصاً من الأميركيين والبريطانيين والسعوديين والمصريين والإماراتيين.المفارقة أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يتصرف وكأنه أبرز المعنيين بإحداث اختراقات كبيرة في الساحة السنية. ورغم أنه يتصرف كصاحب نفوذ قوي في الشمال من خلال تحالفه مع النائب أشرف ريفي، إلا أنه وجد في الآونة الأخيرة أن الأمر لا يستقيم من دون بناء علاقات أوسع في الشمال وخارجه. وقد حاول بالفعل التواصل مع آل كبارة فلم يلقَ تجاوباً، فيما حاول جنوباً توسيع نطاق علاقات فريقه السياسي والنيابي من شرق صيدا وجوارها إلى إقليم الخروب والشوف، وكذلك في الساحة البيروتية حيث التقى شخصيات من بينها نواب ومقرّبون سابقون من فريق الحريري، سعياً إلى دخول العاصمة عبر شخصيات لها حضورها الاجتماعي والأكاديمي والخيري. وهو أجرى لذلك جولة لقاءات انتهت إلى نتيجة واحدة: «لا رغبة لنا بالعمل السياسي الآن، ولا يمكننا التعاون معك في ظل خلافك الحادّ مع الرئيس الحريري»! وبحسب مصادر متابعة، فقد تعزّزت هذه الجهود بعد الزيارة الأخيرة للحريري إلى بيروت في شباط الماضي، إذ تدرس قوى عملت في فلك 14 آذار الواقع التمثيلي للعاصمة في حال حصلت انتخابات بلدية أو استعداداً للانتخابات النيابية المقبلة. وما يقوم به جعجع يصبّ في خانة قيام تحالف سياسي واسع يجمع القواعد السنية مع الزعامة الدرزية والقوى التي تدور في فلك القوات اللبنانية لتشكيل أغلبية نيابية تهدف مسيحياً إلى رفع الغطاء عن التيار الوطني الحر وإخراجه من المشهد السياسي أو تحويله إلى قوة ثانوية على غرار حزب الكتائب، وتهدف «وطنياً» إلى خلق حالة تقول لحزب الله وحلفائه بأنه لا يمكن إدارة البلاد بالصورة التي تجري فيها الأمور اليوم. وتعمل هذه القوى وراء جعجع على خلفية الخشية من أن يعمد الحريري إلى بناء تحالفات مباشرة مع الرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط على قاعدة عدم الصدام مع حزب الله، وأنه في حال حصل ذلك فإن هذا التحالف لن يكون لديه مرشح لرئاسة الجمهورية أفضل من سليمان فرنجية. وعلمت «الأخبار» أن محاولات معراب اختراق السّاحة السنية لم تنجح سوى في «قطف» بعض الشخصيات التي خفت حضورها السياسي كالنائب السابق عمار حوري (التقى جعجع أخيراً) الذي لم يتمكّن من تشكيل حالة شعبيّة بيروتيّة عندما كان نائباً عن «تيّار المستقبل» في العاصمة، ولا حتّى بعد انقطاعه عن الحريري وابتعاده عن التيّار. كما يواجه انتقادات واتهامات بالفساد باعتباره رئيس مجلس أمناء وقف «البر والإحسان» بعدما تقدّم ناشطون العام الماضي باستدعاء إلى المحكمة السنيّة الشرعيّة للتحقيق في أعمال مجلس أمناء وقف البر والإحسان والمؤسسات التابعة له، خصوصاً جامعة بيروت العربية، رغم محاولات المحكمة ودار الفتوى «ضبضبة» الملف. كذلك لم يتمكّن جعجع هذه السنة من إنجاح الإفطار الذي يدعو إليه المشايخ سنوياً، إذ غابت حماسة علماء الدين السُّنَّة الذين عادةً ما يحضرون هذه المناسبات. وجاءت الإشارة «الفاقعة» من دار الفتوى بعدما تقصّد مفتي الجمهوريّة اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أن يكون ممثله في الإفطار القاضي الشيخ وسيم فلاح الذي لا يُعدّ من الوجوه القياديّة في عائشة بكّار بعدما اعتاد المفتي أن يُمثّل بأقرب مستشاريه.

محاولات معراب في بيروت لم تنجح سوى في «قطف» شخصيات خفت حضورها السياسي كالنائب السابق عمار حوري

وإلى هذه المحاولات الداخلية لاختراق الساحة السنية، ثمّة جهد ترعاه السفارة المصرية في بيروت، بدعم من السفارة السعودية، لمواجهة «النمو المتزايد» للجماعة الإسلامية. واستنفرت عواصم عربية وغربية معنية قوى ناشطة في الساحة السنية، من دار الفتوى إلى جمعيات وبقايا التيارات الناصرية وأطر إسلامية مناهضة للإخوان المسلمين، لإطلاق حملة تهدف إلى احتواء حالة التضامن مع حركة حماس والعمل على عزل الجماعة بوصفها الحليف الأبرز لحركة حماس. ويجري في هذا الإطار بث شائعات كثيرة، كالحديث عن انقلاب رعته حماس في قيادة الجماعة وعن استقطابها كوادر من شباب الجماعة للعمل في صفوفها، وعن تأمين رئيس الحركة في الخارج خالد مشعل تمويلاً سنوياً كبيراً للجماعة لتعزيز قدراتها كفصيل مقاوم. ويحمل المصريون خصوصاً على الأمين العام للجماعة الشيخ محمد طقوش، واتهامه بقيادة مناورة وضعتها حماس لخلق واقع في الساحة السنية تكون مرجعيته الإخوان المسلمين في المنطقة، بمساعدة من قطر. وإلى الحملة المباشرة على الجماعة من زاوية علاقتها بتنظيم الإخوان، تجري إثارة موضوع التسليح من ناحية أنه «لم يعد خياراً واقعياً ومرغوباً لدى السُّنَّة في لبنان». وهي نغمة سبق أن قادها تيار المستقبل حتى في زمن الحريري الأب، ويتولاها اليوم الفريق الرافض لفكرة انخراط سنّة لبنان من جديد في المعركة المباشرة ضد العدو الإسرائيلي، ويتهم الجماعة الإسلامية بأنها أداة لتوسيع نفوذ القوى الحليفة لإيران مثل حزب الله وحركة حماس. واستغلّ هؤلاء ظهور مقاومين من الجماعة بسلاحهم خلال تشييع أحد الشهداء في العاصمة لترهيب أبناء بيروت والمدن اللبنانية، علماً أن الجميع يعرف أن هذه الظاهرة لا تعكس نمطاً في سلوك الجماعة ولا نهجاً لديها، وأنها ظاهرة تعبّر عن لحظتها ليس أكثر. يبدو أن هذا التناتش للساحة السنية في لبنان سيعيدها من جديد إلى الواجهة، لتكون مكاناً لسجال ونشاط اعتقد كثيرون أنهما انتهيا مع إبعاد الحريري عن الحكم وشرذمة التمثيل السياسي البديل.

لبنان يتقصّى هوية لغم أرضي استهدف جنوداً دوليين في الجنوب

إسرائيل: «حزب الله» زرعه سابقاً

الشرق الاوسط..بيروت: نذير رضا.. حسمت التحقيقات الأولية في ملف إصابة 3 عناصر من «المراقبين الدوليين» في جنوب لبنان، أنها ناتجة عن انفجار لغم أرضي كان مزروعاً في منطقة قريبة من الشريط الحدودي مع إسرائيل، من غير تحديد هوية اللغم حتى الآن، حسبما قال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، فيما سارعت إسرائيل للقول إنه عائد لـ«حزب الله». وأصيب ثلاثة جنود تابعين لبعثة «المراقبين الدوليين» الأممية ومترجمهم اللبناني يوم السبت الماضي، إثر انفجار تعرضوا له في أطراف بلدة رميش بجنوب لبنان، المحاذية للحدود مع إسرائيل، خلال قيامهم بدورية راجلة. وتباينت التقديرات حول طبيعة الهجوم؛ إذ تحدثت معلومات عن غارة من مسيّرة إسرائيلية، لكن إسرائيل نفت تنفيذ غارة على القوة الأممية. وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن التحقيق المشترك بين «اليونيفيل» ومخابرات الجيش اللبناني، أكدت أن الإصابات ناتجة عن انفجار لغم أرضي كان مزروعاً في المنطقة، وهو واحد من ثلاثة ألغام مضادة للأفراد وُجدت في البقعة نفسها. ورفض المصدر توجيه أي اتهامات لأي جهة بالمسؤولية عن زرع تلك الألغام، قائلاً: «لا يمكن تحديد هوية اللغم، قبل انتهاء التحقيقات ومعرفة طبيعته ونوعه ومن هي الجهات التي تستخدمه». ووقع الانفجار في منطقة قطمون والتي تبعد عن الحدود مسافة تقل عن كيلومتر واحد، وهي منطقة حرجية غير مأهولة بالسكان، وواظبت القوات الإسرائيلية على قصفها منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول)، تاريخ بدء «حزب الله» معركة ضد إسرائيل من جنود لبنان لـ«مساندة غزة»، بالقذائف المدفعية والغارات الجوية. وكان «حزب الله» أعلن في 4 مارس (آذار) الماضي، أنه أحبط محاولة إسرائيلية للتسلل إلى وادي قطمون مقابل بلدة رميش ‌‌عبر استهدافها بالأسلحة الصاروخية. وفي المقابل، تشير وتيرة القصف المتواصل إلى أن إسرائيل تعتقد أن مقاتلي الحزب يقيمون في تلك الأحراش الحدودية المتصلة شرقاً بأحراش عيتا الشعب، وتنطلق منها مقذوفات باتجاه المواقع العسكرية الإسرائيلية، وقد واظبت على استهدافها بالقذائف الحارقة بغرض كشف الغطاء النباتي. وتولى فريق أمني لبناني يضم خبراء عسكريين إلى جانب فريق يضم خبراء في «اليونيفيل»، التحقيقات منذ يوم السبت الماضي، وكانت التحقيقات اللبنانية تجري تحت إشراف القضاء اللبناني المختص. وخلصت التحقيقات يوم الثلاثاء إلى النتيجة الحاسمة بأن الإصابات ناتجة عن انفجار لغم ضد الأفراد. ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر قضائي لبناني قوله إن «القضاء العسكري اللبناني ينتظر التقرير الخطي النهائي للتحقيق من أجل تحديد المسؤوليات».

إسرائيل تتبرّأ من اللغم

وألقى الجيش الإسرائيلي باللوم على «حزب الله» اللبناني في إصابة المراقبين ومترجمهم، مشيراً إلى أنهم أصيبوا في انفجار عبوة زرعها الحزب في وقت سابق. من جهته، قال مصدر مقرّب من «حزب الله» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الحزب «لن يردّ بالتأكيد على اتهامات الإسرائيليين»، مشيراً إلى أن «المسألة في أيدي (اليونيفيل) والجيش اللبناني، والتحقيق ما زال مفتوحاً».

بتهمة الإثراء غير المشروع..دعوى قضائية في فرنسا ضد رئيس الوزراء اللبناني

باريس: «الشرق الأوسط»..تقدّمت جمعيتان بدعوى قضائية في فرنسا أمام النيابة العامة المالية الوطنية ضد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، لاتهامه بجمع ثروات بطريقة غير مشروعة، حسبما علمت «وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم الأربعاء، من مصدر مطّلع على الملف. ورفعت، أمس، كلّ من منظمة «شيربا» غير الحكومية لمكافحة الجريمة المالية، و«تجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان» الذي أسّسه عدد من المودعين في البنوك اللبنانية المتضررين من تبعات الأزمة المالية التي يشهدها البلد منذ 2019، دعوى ضد ميقاتي. وجاء في نص الدعوى أنه «من المرجح أن يكون نجيب ميقاتي استحوذ على عقارات مختلفة في فرنسا والخارج عبر هيئات مختلفة، ومن خلال تحويلات مالية كبيرة جداً مع شقيقه طه ميقاتي على وجه الخصوص». من جهته، ردّ ميقاتي في بيان تلقته الوكالة قال فيه إن «ما تمتلكه العائلة جرّاء أعمال شركاتها التجارية التي تعود لسنوات طويلة يتسم بالشفافية التامة والالتزام بالقوانين المرعية، وبأعلى المبادئ الأخلاقية». وأضاف: «لم تتم إدانة أي شخص في العائلة أو في مجموعة الشركات العائلية بأي ملف قضائي، سواء في لبنان أو في أي مكان آخر في العالم». ويتطرّق النص إلى جرائم مالية تشمل غسل الأموال والتآمر ضمن مجموعات منظمة. وسبق أن تقدّمت هاتان الجمعيتان بشكوى ضد الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة المستهدف منذ مايو (أيار) 2023 بمذكرة توقيف دولية أصدرتها القاضية الفرنسية المكلّفة التحقيق في أمواله وممتلكاته في أوروبا بعد تغيّبه عن جلسة استجواب استدعته إليها في باريس. وأوردت الدعوى أن ميقاتي «يجسّد مع شقيقه وكلّ أفراد محيطهما بالنسبة للرأي العام اللبناني، المحسوبية وتضارب المصالح اللذين أوصلا لبنان إلى وضعه الحالي». وذكّرت بأن تصنيفات «فوربس» تقدّر حالياً ثروة كلّ من الأخوين ميقاتي بـ2.8 مليار دولار، ما يجعلهما من أغنى الأثرياء في لبنان. ورأت الجمعيتان أن «الفساد في لبنان على ارتباط وثيق منذ منتصف التسعينات بعمل الدولة» ما قد يكون سمح بإثراء ميقاتي وشقيقه. وقال محاميا الجمعيتين ويليام بوردون وفنسان برنغارت إن «استخدام السيد ميقاتي المنهجي (...) لحسابات خارجية وملاذات ضريبية (...) يجعله وعائلته مشتبهاً بهم بغسل الأموال والاحتيال الضريبي (فضلاً عن جرائم أخرى) على نطاق واسع منذ سنوات». ويغرق لبنان منذ خريف 2019 في انهيار اقتصادي غير مسبوق، لم يبق قطاع أو طبقة اجتماعية بمنأى عن تداعياته مع تدهور قيمة العملة المحلية، وتراجع قدرة الدولة على تأمين الخدمات الأساسية. ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال برئاسة ميقاتي عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية فيما يشترط المجتمع الدولي من إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي يساعد لبنان على النهوض من مأزقه الاقتصادي.

«الكتائب» يحذّر من تحويل بيروت إلى واحدة من عواصم المحور الإيراني

بيروت: «الشرق الأوسط».. حذّر حزب «الكتائب اللبنانية» من تحويل بيروت إلى واحدة من عواصم المحور الإيراني، ومن أن يكون لبنان منطلقاً لعمليات الردّ والثأر وتصفية حسابات إقليمية. وجاءت مواقف «الكتائب»، في بيان، إثر اجتماع مكتبه السياسي الدوري برئاسة النائب سامي الجميل، حيث توقف عند الأحداث الميدانية الأخيرة، لا سيما المتعلقة باستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق والتهديدات التي تلتها، محذراً من «أن يكون لبنان منطلقاً لعمليات الردّ والثأر وتصفية حسابات إقليمية، ما يمكن أن يزيد من انغماس لبنان في حرب يرفضها أبناؤه ولا يؤمنون بأنها في مصلحة وطنهم». ورفض «الكتائب» أن «تتحوّل بيروت، التي كانت منارة الحضارة والثقافة، عنوة إلى واحدة من عواصم المحور ومقرّ للمنظمات الإرهابية ومنبر لقادة الميليشيات التابعة لإيران تحت مسمّى يوم القدس أو اجتماعات لقادة محاور (الساحات المتحدة)». وذلك في إشارة إلى الاحتفال الذي نظمه «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، الأربعاء، بمناسبة «يوم القدس»، وتحدث فيه، وفق ما جاء في الإعلان عنه، «قادة محور المقاومة، رئيس الجمهورية الإيرانية إبراهيم رئيسي، وأمين عام (حزب الله) حسن نصر الله، ورئيس المكتب السياسي لـ(حركة حماس) إسماعيل هنية، وقائد أنصار الله عبد الملك الحوثي، وأمين عام (حركة الجهاد الإسلامي) في فلسطين زياد نخالة». وقد بثّت الكلمات مباشرة في مقر الاحتفال، وفق الإعلان «في دول محور المقاومة لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران وفلسطين». وفي كلمته، خلال الاحتفال قال نصر الله: «البعض يركز على حجم التضحيات ويتجاهل حجم إنجازات المقاومة بهدف خدمة العدو»، مؤكداً على «أهمية الثبات والصمود ومواصلة العمل واليقين بأنّ النصر آت، وهذا يرتبط بغزة وكل الجبهات المساندة والمشاركة». وشدد على أنه يجب العمل «لنخرج من هذه المعركة منتصرين ثابتين، وأن تُلحق الهزيمة بالعدو وكل من يقف خلفه ويجب البناء على ذلك». من جهة أخرى، توقف بيان «الكتائب» عند جريمة قتل سيدة وزوجها في منطقة الأشرفية في بيروت يوم الاثنين، حيث عبّر عن قلقه من «التفلت الأمني وانتشار عمليات القتل والعنف المستشري في الكثير من المناطق اللبنانية، من طرابلس إلى بيروت وآخرها في الأشرفية»، مؤكداً أن الأمر «بات يحتاج إلى إجراءات أمنية استثنائية ومشددة تقوم بها الأجهزة الأمنية مع انتشار ظاهر وعلني في الأحياء والطرقات للتعويض عن غياب الدولة الذي يمكن أن يدفع المواطنين إلى خيارات عشوائية».

تحرك سفراء «الخماسية» في لبنان يصطدم بعدم نضوج الظروف لانتخاب الرئيس

نظراً لتعذر خلط الأوراق في البرلمان اللبناني

الشرق الاوسط..بيروت: محمد شقير.. يستعد سفراء «اللجنة الخماسية» المعتمدون لدى لبنان لاستكمال جولتهم على رؤساء الكتل النيابية فور انتهاء عطلة الأعياد، لحثهم على إخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم بانتخاب رئيس للجمهورية. ويأتي هذا التحرك من دون حصول أي تبدُّل في الأجواء السياسية يدعو للتفاؤل في إمكانية إحداث خرق يمكن التأسيس عليه لوقف تعطيل انتخاب الرئيس، في ظل الانقسام الحاد في البرلمان الذي يقطع الطريق على محور الممانعة وقوى المعارضة للتفرُّد بإنهاء الشغور الرئاسي، ما لم يتبادلا تقديم التسهيلات المطلوبة لتعبيد الطريق أمام وقف التمديد للأزمة الرئاسية. وهذا ما يشكل، كما يقول مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط»، إحراجاً لـ«حزب الله»، لأنه يتطلب منه تبيان مدى استعداده للدخول في تسوية تحت عنوان التوافق على الرئيس. فلجنة السفراء، المؤلفة من السعودي وليد البخاري، والأميركية ليزا جونسون، والفرنسي هرفيه ماغرو، والمصري علاء موسى، والقطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، أعدت برنامجاً للقاءاتها يشمل رؤساء الكتل النيابية: جبران باسيل، رئيس «التيار الوطني الحر»، ومحمد رعد، رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله)، وسامي الجميل، رئيس حزب «الكتائب»، وطوني فرنجية من تيار «المردة»، إضافة إلى كتلة «الاعتدال الوطني»، على أن تقاطع السفيرة جونسون اللقاء المقرر مع باسيل بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه، والموقف نفسه ينسحب على رعد، نظراً لانتمائه إلى «حزب الله» الذي أدرجته واشنطن على لائحة الإرهاب.

لا جديد في المعطيات السياسية

وتأتي لقاءات سفراء «الخماسية» في ظل عدم تبدُّل المعطيات السياسية التي كانت حاضرة في لقاءاتهم التي شملت سابقاً البطريرك الماروني بشارة الراعي، ورئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وأضيف إليها لاحقاً توتر العلاقة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وبكركي على خلفية اتهامه وأعضاء البرلمان بحرمان الدولة اللبنانية من انتخاب رئيسها. كما أضيف إليها ما يمكن أن يترتب على لبنان من مخاوف في حال قرر «حزب الله»، بالتضامن مع إيران، الرد على إسرائيل من لبنان للثأر منها على الغارة التي شنها الطيران الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، وأدت إلى مقتل مسؤولين في «فيلق القدس»، مع أن المواجهة المفتوحة بين إسرائيل والحزب تجاوزت الخطوط الحمر، وتكاد تطيح بقواعد الاشتباك، من دون أن تشمل حتى الساعة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية اللبنانية – الإسرائيلية التي لا تزال في منأى عن تبادل القصف. وتعاملت مصادر دبلوماسية غربية مع قرار تعليق سفراء «الخماسية» لقاءاتهم إلى ما بعد انتهاء عطلة الأعياد، من زاوية رغبتهم بتمديد الفرصة أمام الوساطة الأميركية - المصرية - القطرية بين إسرائيل وحركة «حماس»، لعلها تتوصل إلى تحقيق وقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية يُفترض أن ينسحب على جنوب لبنان، ما يُسقط تذرّع «حزب الله» بربطه بين الجبهتين، ويفتح الباب أمام عودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين للتحرك بين بيروت وتل أبيب سعياً لتطبيق القرار 1701.

في انتظار نضوج الظرف الداخلية

لكن تعذُّر الوصول إلى وقفٍ للنار على الجبهة الغزاوية، على الأقل في المدى المنظور، لم يمنع سفراء «الخماسية» من تكثيف لقاءاتهم التي يُفترض أن تشمل لاحقاً ما تبقى من الكتل النيابية، والنواب من مستقلين وتغييريين، في محاولة قد لا تكون مضمونة النتائج ما لم تنضج الظروف الداخلية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم، بصرف النظر عن ترحيب الكتل النيابية بمبادرة كتلة «الاعتدال»، كونها مضطرة للتجاوب معها، إعلامياً، لإبعاد التهمة عنها بأنها مسؤولة عن تعطيل انتخاب الرئيس. وفي هذا السياق، لم يتردد سفراء «الخماسية» في دعمهم لمبادرة كتلة «الاعتدال»، انطلاقاً من أنهم يشكلون مجموعة دعم ومساندة لتسهيل انتخاب الرئيس، وإن كانوا ليسوا في وارد الإنابة عن النواب في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ويعود لهم، كما يقول مصدر سياسي نقلاً عن السفراء لـ«الشرق الأوسط»، التوافق على الآلية، سواء من خلال اللقاءات، أو المشاورات، أو الحوار، أو غيرها من وسائل التواصل، لوضع انتخابه على سكة التطبيق بالأفعال لا بالأقوال. وبكلام آخر، وبحسب المصدر نفسه، يبدو أن الظروف المحلية ليست ناضجة لانتخاب الرئيس، وهذا ما يصطدم به سفراء «الخماسية» من جهة، ويؤخر عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، بعد أن كان تعهّد بالمجيء في يناير (كانون الثاني) الماضي لتسويق ترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث، كمخرج لفتح ثغرة في انسداد الأفق أمام انتخاب الرئيس من جهة ثانية. ويتردد أيضاً أن الظروف الخارجية، كما يقول المصدر، ليست ناضجة حتى الساعة لانتخابه، وإن كان يلقي بالمسؤولية على الكتل النيابية، بذريعة أن «الخماسية» مستعدة لمساعدة النواب لانتخاب الرئيس، شرط أن يبادروا إلى مساعدة أنفسهم، لأنهم بذلك يحصلون على الدعم الخارجي.

خلط الأوراق السياسية في البرلمان

وعليه، فإن الشروط لإنضاج الظروف السياسية لتسهيل انتخاب الرئيس تكمن في خلط الأوراق السياسية في البرلمان، على قاعدة أن يتقدم الخيار الثالث على سواه من الخيارات، وهذا يشكل نقطة تلاقٍ بين سفراء «الخماسية»، على خلفية أن محور الممانعة يقف حالياً أمام استحالة تأمين النصاب بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان لانتخاب الرئيس في أول دورة انتخاب، ولاحقاً بأكثرية نصف عدد النواب+1، أي 65 نائباً، شرط ضمان حضور ثلثي الأعضاء، وهذا ما ينسحب أيضاً على قوى المعارضة. ولم يعد أمام النواب سوى التوافق على الخيار الثالث، طالما أنه لا قدرة لمحور الممانعة في إيصال مرشحه، زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، والأمر نفسه ينطبق على قوى المعارضة التي تقاطعت مع باسيل على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، وإلا فإن ما يقال بخلاف ذلك يصب في خانة تقطيع الوقت لملء الفراغ، إلى حين يتقرر إخراج الاستحقاق الرئاسي من الحلقة التي يدور فيها، خصوصاً أن مبادرة كتلة «الاعتدال» ستبقى بعيدة المنال، لئلا نقول، بحسب المصدر السياسي، بأنها ستصطدم مع الوقت، بحائط مسدود، لافتقادها أولاً إلى الآلية المطلوبة لتسويقها، وثانياً لعدم استعداد معظم الكتل للانخراط فيها، لأن من يريد أن «يبيع» موقفه لن يفرط فيه مجاناً بلا ثمن سياسي يفوق قدرة «الاعتدال» على تأمينه.

الخلاف بين الأحزاب المسيحية يعرقل الاتفاق على وثيقة بكركي

الراعي يحذّر من ممارسات تعطي لبنان وجهاً طائفياً بغيضاً

الشرق الاوسط..بيروت: كارولين عاكوم.. تتنامى الخلافات بين الأفرقاء المسيحيين اللبنانيين المشاركين في لقاءات مبادرة البطريركية المارونية التي تسعى لإصدار «وثيقة إنقاذية وطنية جامعة»، في وقت يستمر فيه البطريرك الماروني بشارة الراعي في التصويب على من «يأخذ الانتخابات الرئاسية رهينة لحسابات شخصية، وفئوية» منتقداً ما قال إنها «ممارسات تعطي لبنان وجهاً طائفيّاً بغيضاً». وكان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قد وصف لقاءات بكركي بـ«طبخة بحص»، لعدم ثقته بموقف «التيار الوطني الحر» من سلاح «حزب الله»، ليعود الأخير ويردّ عليه مستهجناً «الكلام الذي يشكك بجدوى هذا الحوار، لما فيه من إساءة للبطريركية المارونية، وللأطراف المشاركين، وللقضايا الوجودية». وأعلن في بيان بعد الاجتماع الدوري لتكتل «لبنان القوي» تأييده «للحوار الحاصل في بكركي لصياغة وثيقة وطنية تحدّد الموقف من الثوابت، وتؤكد على مبدأ الشراكة المتوازنة، وتبلور خطة عمل لترجمة ما يتم الاتفاق عليه».

جمود الأعياد

وبعدما كان قد عقد لقاء في بكركي بين ممثلين للأحزاب والأفرقاء المسيحيين قبل نحو أسبوعين، وقاطعه «تيار المردة»، تؤكد مصادر مطّلعة على الحراك لـ«الشرق الأوسط» أن «اللقاءات ستستكمل في الفترة المقبلة، وجمودها في الأيام الماضية كان بسبب الأعياد». لكن في الوقت عينه لا تعوّل المصادر كثيراً على النتائج «لأسباب مرتبطة بالخلافات الجذرية بين الأفرقاء، وتحديداً بين (التيار) الذي لا يبدو أنه سيذهب بعيداً في مواقفه ضدّ سلاح (حزب الله) فيما تعتبر الأحزاب المعارضة الأخرى وعلى رأسها حزبا (القوات) و(الكتائب) أن أهمية الوثيقة تكمن بتصويبها على مشكلة السلاح الذي بات يشكّل الأساس لكل الأزمات في لبنان، وهو ما لا يزال نقطة خلاف أساسية بين المشاركين في اللقاءات». ويبدو موقف «التيار» واضحاً في مقاربته لسلاح «حزب الله»، حيث يعتبر أن سلاح الحزب هو عنصر قوّة لحماية لبنان، وأنه كان قد انتقد استخدامه في حروب الآخرين، وعبّر عن رفضه الانخراط بالحرب على غزة، وقال رئيس الجمهورية السابق ميشال عون «لسنا مرتبطين بمعاهدة دفاع مع غزة»، وهو ما من شأنه أن ينعكس خلافاً في الوثيقة النهائية التي ستصدر عن لقاءات بكركي.

خطوة يتيمة

وهذا الأمر يتحدث عنه الوزير السابق، ومسؤول العلاقات الخارجية في «القوات» ريشار قيومجيان، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» «على قدر ما يقترب (الوطني الحر) من صلب المشكلة المتمثلة بسلاح (حزب الله) والقرار الاستراتيجي نقترب من التوافق»، داعياً التيار إلى «ترجمة هذا الأمر عملياً على الأرض، والتأكيد على أن الجيش هو القوى العسكرية الوحيدة المخولة حمل السلاح، والدفاع عن لبنان». ويعتبر أن انتقاد «التيار» لمبدأ وحدة الساحات وفتح جبهة جنوب لبنان هو خطوة يتيمة لا تفي بالغرض المطلوب، مؤكداً «لا نريد أن نستمر بالكذب على اللبنانيين».

الراعي والمحبة

وفيما من المتوقع أن تتضمن وثيقة بكركي دعوة إلى تطبيق الدستور، وانتخاب رئيس للجمهورية، جدّد البطريرك الماروني بشارة الراعي انتقاده لمعطلي الاستحقاق، محذراً من الممارسات التي تعطي لبنان وجهاً طائفيّاً بغيضاً. وقال في الذكرى الثالثة عشرة لبداية خدمته البطريركيّة: «ما أحوج كلّ مجتمع بشريّ اليوم، وبخاصّة المجتمع اللبنانيّ، إلى الشركة والمحبّة، وهو في حالة تباعد، ونزاعات، وعداوات، ولا ثقة، ونفوذ البعض، وتعطيله نصوص الدستور لمآرب خاصّة، كما هي الحال لعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة المأخوذ كرهينة لحسابات شخصيّة، وفئويّة، من دون أي اعتبار لتفكّك الدولة، وفقر المواطنين، ربمّا المقصودين. باتت هذه الحالات تعطّل ميزات لبنان الدستوريّة الأساسيّة، وهي المساواة بين المواطنين على اختلاف أديانهم، لكونهم ينتمون إلى لبنان الدولة بالمواطنيّة لا بالدين... وبالتالي لا يوجد دين للدولة في لبنان، ومصدر الدستور مدنيّ صرف. ولكن من المؤسف أن نشاهد اليوم ممارسات تناقض كلّ هذه الميزات، وتعطي لبنان وجهاً طائفيّاً بغيضاً». وتحدث عن «ميثاق العيش معاً مسيحيّين ومسلمين المعروف بالميثاق الوطنيّ (1943) الذي جدّده اتفاق الطائف (1989)، وأدخله الدستور (1990)»، مؤكداً أنه «لا شرعيّة لأي سلطة تناقض العيش المشترك»، مشيراً إلى أن هذا الميثاق يقوم على أمرين: «حياد لبنان، والمشاركة المتوازنة والمتساوية في الحكم والإدارة، من دون أن تكون هذه المشاركة قائمة على محاصصة طائفيّة، وحزبيّة، وتكتّليّة نيابيّة...».



السابق

أخبار وتقارير..قتل عمال الإغاثة الأجانب يزيد عزلة إسرائيل..في الذكرى الـ 75 لتأسيسه..«الناتو» أقوى لكنه تحت التهديد..أوكرانيا وغزة على جدول بلينكن في باريس..بوتين: سنكشف مدبّري هجوم موسكو..هجوم بمسيّرة على موقع صناعي في روسيا يبعد 1300 كلم من أوكرانيا..روسيا تعيّن قائداً جديداً لأسطولها بالبحر الأسود إثر هجمات أوكرانية..ترامب يحيط نفسه بمساعدين متعصبين..وزيرة الخزانة الأميركية تزور الصين في الفترة من 4 إلى 9 أبريل..بايدن يشدد على حماية الاقتصاد الأميركي وشي: لن نقف مكتوفي الأيدي..

التالي

أخبار فلسطين..والحرب على غزة..استجابة محدودة لحفل إفطار البيت الأبيض بسبب السياسة الأميركية تجاه غزة..بايدن: إسرائيل «لم تفعل ما يكفي» لحماية عاملي الإغاثة.. الشرطة الإسرائيلية تقمع احتجاجات القدس بعنف..و«الشاباك» يُحذّر..واشنطن: الأمم المتحدة ليست المكان للاعتراف بدولة فلسطينية..«فتح» تهاجم تدخلات إيران وترفض المساس بالأردن..«فتح»: طهران قررت مقاتلة إسرائيل لآخر قطرة دم عربية..الأمم المتحدة تعلق نشاط المساعدات ليلا في قطاع غزة..نتنياهو محاصر بالخارج ومهدد في الداخل..لا اتفاق بين تل أبيب وواشنطن على «خطة رفح»..الجامعة العربية: إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هي الطريق الوحيد للسلام..

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,239,794

عدد الزوار: 6,983,924

المتواجدون الآن: 65