شباب سوريون يبتكرون طريقة جديدة للتظاهر تغيظ قوات الأمن

أعنف هجوم على حماه.. قصف كل 10 دقائق.. قيادي في التحالف الوطني يكشف لـ«الشرق الأوسط» عن دعم مالي عراقي لسوريا

تاريخ الإضافة الأربعاء 3 آب 2011 - 7:29 ص    عدد الزيارات 2711    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

أعنف هجوم على حماه.. قصف كل 10 دقائق
أوروبا توسع عقوباتها وتشمل 5 مسؤولين سوريين.. ومجلس الأمن يعقد جلسة طارئة * موسكو تحث دمشق على وقف القمع
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
واصلت القوات السورية أمس «مجزرة حماة» لليوم الثاني عشية عمليات شرسة، أسفرت عن مقتل نحو مائة من المناهضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقصفت الدبابات، أمس، أحياء سكنية في المدينة بعد صلاة العشاء في أعنف هجوم على المدينة. وفي غضون ذلك، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا لإجراء مشاورات حول الأزمة بعد مطالبة دول كبرى بتدخله لوقف العنف.
وقال شهود عيان إن الدبابات السورية قصفت أحياء سكنية في شتى أنحاء حماه أمس، وبدأ القصف المكثف بعد صلاة العشاء وتركز على المناطق القريبة من دوار بلال شمال غربي المدينة وفي منطقة الجراجمة في الأحياء الشرقية والشمالية بالقرب من مسجد عمر بن الخطاب.
وروى الشهود لوكالة «رويترز»: «تسقط القذائف مرة كل 10 دقائق»، وأمكن سماع صوت القذائف والانفجارات في خلفية الاتصال. كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ناشط حقوقي أن «هناك 10 دبابات تقصف بشكل عشوائي دوار بلال».
وبينما لم ترد حصيلة لضحايا القصف، قال ناشطون في وقت سابق أمس: إن قوات الأمن قتلت 8 أشخاص على الأقل، وذكرت اللجان التنسيقية المحلية في سوريا أن 6 مدنيين لقوا حتفهم في هجوم قوات الأمن على منطقة الحامدية في حماة، وأضافت الجماعة المعارضة أن مدنيا لقي حتفه في منطقة دير الزور شرق سوريا كما قتل آخر في مدينة البوكمال القريبة من الحدود العراقية.
يأتي ذلك بينما هنأ الرئيس السوري بشار الأسد، في كلمة أمس، الجيش السوري «الوطني» في الذكرى الـ66 لتأسيسه. وتسارعت وتيرة الاتصالات الدولية لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث تطورات الوضع في سوريا. وطلبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون من مجلس الأمن الدولي التحرك من دون تأخير لوضع حد لأعمال العنف. وقالت في بيان: «آن الأوان ليتخذ مجلس الأمن موقفا واضحا بشأن ضرورة إنهاء أعمال العنف» في سوريا. وفي تشديد للعقوبات على النظام السوري، أضاف الاتحاد الأوروبي أسماء 5 سوريين آخرين إلى القائمة السوداء للأشخاص والشركات المرتبطين بحملة القمع، بعد أن كان قد فرض 3 مجموعات من العقوبات على النظام السوري. وفي خطوة لافتة أدانت روسيا القمع والعنف في سوريا ودعت الطرفين، الحكومة والمعارضة، إلى ضبط النفس.
 
الأسد الأب سحق انتفاضة «الإخوان المسلمين» في الثمانينات... والابن يسير على خطاه في مدينة حماه
كركوتي لـ«الشرق الأوسط»: الهجمة الوحشية للنظام تؤكد خشيته من الثورة الشعبية الآخذة في التصاعد
بيروت: «الشرق الأوسط»
واصلت الدبابات السورية أمس قصف وسط مدينة حماه (تبعد نحو 210 كيلومترات شمال دمشق)، مما أسفر عن مقتل أربعة مدنيين، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» عن شاهدي عيان أمس. ويأتي ذلك بعد يوم من إعلان جماعات حقوقية سورية أن قوات الأمن قتلت 80 شخصا في المدينة، في أحد أدمى الأيام في الانتفاضة الشعبية المندلعة في سوريا منذ خمسة شهور ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد.
وفيما اعتبرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «الجيش دخل حماه لتطهيرها من جماعات مسلحة كانت ترهب المواطنين»، فقد أعادت مشاهد الدمار والجثث وروائح الدم والدخان المنبعثة في أنحاء المدينة تذكير السوريين والعالم بمشاهد من المجزرة التي تعرضت لها حماه في مطلع الثمانينات على يد الرئيس الراحل حافظ الأسد، على خلفية سعي جماعة «الإخوان المسلمين» إلى الإطاحة بحكمه.
ولاقت وحشية النظام السوري في حماه مواقف مستنكرة وإصرارا على مواصلة التحركات حتى تحقيق الأهداف المرجوة منها. وفي هذا السياق، اعتبر عضو المكتب التنفيذي للمؤتمر السوري للإنقاذ (أنطاليا) محمد كركوتي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهجمة الوحشية الجديدة التي تقوم بها قوات من الجيش والفرق الخاصة والمرتزقة في سوريا ضد الشعب السوري ستعمل على تقليص جديد لبقاء السفاح بشار الأسد في السلطة». وقال: «تؤكد هذه الهجمة مجددا خشية السلطة (التي فقدت حتى توصيف النظام)، من الثورة الشعبية السلمية العارمة، التي تعم سوريا، والآخذة بالتصاعد كلما تصاعدت وحشية وقمع السلطة».
وشدد كركوتي على أن «اقتحام الدبابات بدون إنذار لمدن حماه والبوكمال ودير الزور وغيرها، وقيام القوات البربرية المساندة لها بعمليات قتل عشوائية نالت من الأطفال قبل الرجال، يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليات، ليس فقط لحماية المدنيين العزل في سوريا، بل أيضا لحماية القيم الإنسانية، التي يزدريها سفاح سوريا منذ اليوم الأول للثورة».
وجدد كركوتي التأكيد على أنه «لا مكان لسلطة الأسد وعصابته في سوريا، وهو لم يكتسب شرعية أصلا لكي يفقدها»، مشددا على «ضرورة حماية هذه الثورة المجيدة، التي انطلقت من أجل حرية سلبت منذ قرابة خمسة عقود من الزمن». وطالب باسم «المؤتمر السوري للتغيير» بمحاكمة بشار الأسد وأعوانه على الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب السوري»، ولفت إلى أن «أي حوار مع هذه السلطة البربرية، ليس سوى محاولة لقتل إرادة شعب بأكمله»، مناشدا «الدول العربية الوقوف إلى جانب هذا الشعب، الذي يسعى إلى دولة ديمقراطية مدنية، تكفل الحقوق والواجبات لكل لفرد فيها، وفق مفهوم التعددية».
وأعرب كركوتي عن اعتقاده بأن «ما مارسه المجتمع الدولي من ضغط على هذه السلطة، لا يرقى إلى مستوى المجازر التي ترتكبها، ومن واجب المجتمع الدولي الآن، أكثر من أي وقت مضى، أن يستكمل عزل الأسد، مع التأكيد على رفض التدخل الخارجي في سوريا».
وتعود معاناة مدينة حماه، (وهي رابع أكبر مدينة سوريا وتقطنها أغلبية سنية قوامها 700 ألف نسمة) مع نظام الأسد الأب إلى عام 1982، مع سعي جماعة «الإخوان المسلمين» أواخر السبعينات إلى الإطاحة بالرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد وحكومته عن طريق اغتيالات سياسية وحرب عصابات. وبعد نصبها في فبراير (شباط) عام 1982 كمينا لقوات حكومية كانت تبحث عن معارضين في حماه، هاجمت قوات حكومية سورية المدينة وأزالت أحياء قديمة فيها في محاولة لسحق الانتفاضة المسلحة لجماعة الإخوان المسلمين التي احتمت في المدينة.
واستمرت العملية ثلاثة أسابيع، تراوح عدد القتلى خلالها بين عشرة آلاف وأكثر من 30 ألفا من إجمالي عدد السكان الذي بلغ حينها 350 ألفا. واعتقلت السلطات السورية بعد ذلك الكثير من أعضاء الجماعات الإسلامية المحلية.
 
أوروبا توسع نطاق العقوبات وتشمل 5 مسؤولين سوريين.. وموسكو تحث على وقف العنف بـ«أشد لهجة»
واشنطن تفكر في فرض مزيد من العقوبات * مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة.. ولندن تدعو إلى مزيد من الضغط الدولي على دمشق
لندن - عواصم عالمية: «الشرق الأوسط» باريس: ميشال أبو نجم
تواصلت أمس ولليوم الثاني حملة الاستنكار الدولية ضد القمع الذي تمارسه قوات الأمن السوري ضد المتظاهرين المناوئين لنظام الرئيس بشار الأسد. ووسع الاتحاد الأوروبي نطاق العقوبات المفروضة على حكومة دمشق بتجميد أصول وحظر سفر خمسة أشخاص آخرين على صلة بالحملة الدموية لقمع الاحتجاجات، محذرا من مزيد من «الخطوات» إذا استمر العنف، كما تزايدت المطالبات بعقد جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الأوضاع في سوريا. ومن جانبه، قال الأمين العام لحلف الأطلسي (الناتو) آندريه فوغ راسموسن إن «الشروط لم تتضافر» لتدخل عسكري.
وقالت واشنطن أمس إنها تدرس احتمال فرض مزيد من العقوبات على دمشق، معربة عن أملها في أن يبعث مجلس الأمن الدولي برسالة «قوية وموحدة» ضد حملة القمع الدموي التي تشنها القوات السورية ضد المتظاهرين.
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر للصحافيين «سبق أن فرضنا مجموعة من العقوبات ضد (الرئيس بشار) الأسد ونظامه». وأضاف: «لا يزال هذا (تشديد العقوبات) خيارا ندرسه حين نفكر في اتخاذ الخطوات التالية ومن بينها، كما ذكرنا سابقا، فرض عقوبات على النفط والغاز». كما دعا تونر مجلس الأمن الدولي، الذي من المقرر أن ينعقد في وقت لاحق الاثنين (أمس) في نيويورك، إلى اتخاذ خطوات أكثر تشددا».
وأضاف: «بالطبع نعتقد أنه من المهم أن نبعث برسالة قوية وموحدة إلى الأسد ونظامه. ولكنني لا أستطيع الآن التنبؤ بنتيجة» الاجتماع. وتسعى أوروبا والولايات المتحدة إلى القيام بمحاولة جديدة الاثنين (أمس) لإجبار مجلس الأمن الدولي على إدانة حملة القمع الدموية التي يشنها الأسد على المتظاهرين، حسب دبلوماسيين. إلا أن المجلس الذي يضم 15 دولة لا يزال منقسما حول كيفية الرد على حملة القمع في سوريا، حيث تطالب الدول الغربية باتخاذ تحرك قوي، بينما تهدد الصين وروسيا باستخدام الفيتو ضد أي قرار رسمي. ومن المقرر أن يجري المجلس مشاورات مغلقة الساعة 5:00 مساء (21:00 بتوقيت غرينتش) بعد الإدانات الواسعة لحملة القمع التي ذهب ضحيتها نحو 140 شخصا أول من أمس معظمهم في مدينة حماه.
ومع إعلان توسيع نطاق العقوبات الأوروبية لتشمل خمسة أفراد آخرين على صلة بأعمال العنف، حذرت كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي من أنه قد تكون هناك المزيد من الخطوات «إذا استمرت القيادة السورية في مسارها الحالي»، بحسب «رويترز».
وأوضح دبلوماسي، طالبا عدم ذكر اسمه، أن أسماء خمسة مقربين آخرين من الأسد قد تضاف اعتبارا من اليوم إلى لائحة الأشخاص المحرومين من التأشيرة الذين تم تجميد أرصدتهم.
وقد أقرت أوروبا 3 رزم من العقوبات بحق مسؤولين من النظام من بينهم الرئيس السوري شخصيا وشركات على علاقة بالحكم وكذلك مسؤولون في الحرس الثوري الإيراني متهمون بمساعدة النظام السوري على قمع المحتجين.
ومن جانبه، قال الأمين العام لحلف الأطلسي في مقابلة مع صحيفة «ميدي ليبر» الفرنسية الصادرة أمس إن «الشروط لم تتضافر» لتدخل عسكري في سوريا. وأضاف راسموسن «في ليبيا نقوم بعملية بالاستناد إلى تفويض واضح من الأمم المتحدة ولدينا دعم دول المنطقة. هذان الشرطان لم يتوفرا في سوريا».
وأشار ناشطون حقوقيون إلى مقتل 136 شخصا الأحد في سوريا من بينهم مائة خلال هجوم واسع للجيش في حماه (وسط) في «أحد أكثر الأيام دموية» منذ بدء الحركات الاحتجاجية في أواسط مارس (آذار)، بحسب الناشطين.
ومن جانبها، حثت ألمانيا أمس الرئيس السوري على وضع نهاية للعنف ضد المحتجين، وقال كريستوف شتيجمانز المتحدث باسم الحكومة «تدين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأقوى لهجة تصرفات الحكومة السورية ضد مواطنيها المدنيين». وأضاف في مؤتمر صحافي عادي «تحث (ميركل) بشكل واضح الرئيس الأسد على وقف العنف ضد شعبه على الفور».
وكانت ألمانيا قد دعت إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، لكن من المرجح أن تبرز الدعوة الألمانية مجددا الانقسام العميق حول الملف السوري في مجلس الأمن الذي لم يتمكن حتى الآن من الاتفاق ولو على بيان يدين القمع المستمر في سوريا منذ أربعة أشهر. وتقدمت فرنسا وثلاث دول أخرى (بريطانيا وألمانيا والبرتغال) منذ أسابيع عدة بمشروع قرار يندد بالقمع في سوريا ويدعو إلى إجراء إصلاحات سياسية، إلا أن الصين وروسيا العضوين الدائمي العضوية في مجلس الأمن عارضا النص.
وقال المتحدث باسم البعثة الألمانية في الأمم المتحدة ألكسندر ايبيرل إن ألمانيا طلبت أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا أمس لمناقشة العنف المتفاقم في سوريا.
وكانت ألمانيا تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي حتى منتصف ليل الأحد ثم تولت الهند رئاسة المجلس خلال أغسطس (آب). وقال المتحدث إن بعثته طلبت من البعثة الهندية ترتيب مشاورات مغلقة لمجلس الأمن في وقت لاحق أمس. كما كان وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني قد دعا في وقت سابق إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث تطورات الوضع في سوريا.
من جهته، طالب وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ بـ«مزيد من الضغط الدولي» على سوريا رافضا في الوقت نفسه إمكانية تحرك عسكري برعاية الأمم المتحدة.
وقال هيغ لإذاعة «بي بي سي»: «نريد مزيدا من الضغط الدولي وبالتأكيد ضغط فعلي لا يمكنه أن يأتي من الدول الغربية وحدها». وأضاف أن «هذا يشمل (ضغوطا من جانب) الدول العربية وتركيا التي كانت ناشطة جدا في محاولة إقناع الرئيس (السوري بشار) الأسد بالإصلاح بدلا من القيام بهذه الأعمال المروعة».
وردا على سؤال عن احتمال تدخل عسكري في سوريا تقرره الأمم المتحدة، استبعد الوزير البريطاني هذا السيناريو، وقال «إنه إمكانية ليست مطروحة وحتى إذا كنا نؤيدها والأمر ليس كذلك».
كما نددت كندا بشدة بـ«العنف الوحشي» الذي مارسه النظام السوري في حماه «ضد شعبه»، مؤكدة أن الرئيس السوري بشار الأسد عليه أن يختار بين قيادة الإصلاح أو التنحي، وأفاد البيان «ندعو حكومة سوريا والمعارضة إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن الاستفزازات والقمع». وأضافت الوزارة أن «موسكو تعرب عن قلقها الشديد من معلومات تفيد بسقوط الكثير من القتلى (في حماه)، وأن اللجوء إلى القوة سواء ضد المدنيين أو ممثلي هيئات الدولة غير مقبول ويجب أن يتوقف».
وتعتبر دعوة وزارة الخارجية الروسية أمس إلى النظام السوري الأشد لهجة منذ بداية حركة الاحتجاج.
وفي تطور لاحق أمس، عبر الرئيس التركي عبد الله غل عن شعوره بالارتياع جراء استخدام قوات الأمن السورية للأسلحة الثقيلة بما في ذلك الدبابات في قمع الاحتجاجات في حماه.
وأضاف غل في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الأناضول: «التطورات الأخيرة في سوريا زادتنا قلقا على قلق. لقد راعنا ما رأيناه في التغطية الإعلامية لأحداث أمس. استخدام الأسلحة الثقيلة في حماه ضد المدنيين أصابني بصدمة عميقة».
وقال: إنه مضطر للحديث علنا بسبب الهجوم في حماه الذي يأتي عشية بدء شهر رمضان، وأوضح: «لا يمكننا البقاء صامتين والقبول بالأجواء الدموية في رمضان.. فهذا مناقض تماما لروح رمضان.. وهي فترة يتوقع فيها الناس تأمين الهدوء وتنفيذ الإصلاحات»، وحذر الرئيس التركي من أنه ليس بمقدور سوريا أن تخفي أحداث حماه عن الأنظار حيث بات بمقدور الناس في كل مكان رؤية ما يحدث بفضل وسائل الاتصال الحديثة بخلاف ما حدث عام 1982 حينما سحق الرئيس الراحل حافظ الأسد والد الرئيس الحالي انتفاضة إسلامية مسلحة في المدينة ذاتها مما أسفر عن مقتل الآلاف.
ومن المتوقع أن يكون الملف السوري أحد المواضيع الرئيسية التي سيناقشها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم غير الرسمي في بولندا اليوم وغدا، في إطار ما يسمى «اجتماعات غيمنيش» الدورية التي تحصل مرتين في العام.
ولا ينتظر أن يصدر عن الاجتماع قرارات محددة، لأن غرضه «تشاوري» ويهدف إلى توفير الإطار الملائم لوزراء الخارجية الالتقاء والبحث بحرية وصراحة تامة في مواضيع الساعة وعلى رأسها الموضوع السوري.
وتعلق باريس أهمية كبرى على اجتماع اليوم كونه سيشكل فرصة لمسؤولي السياسة الخارجية الأوروبية للنظر بصراحة تامة فيما يمكن عمله وفيما هو متعذر للتعامل مع النظام السوري بعد يوم الأحد الدامي في حماه ومدن سورية أخرى.
وترى باريس، وفق ما تعترف به مصادرها، أن هامش التحرك ضد سوريا «محدود» ما دام مجلس الأمن بقي عاجزا على التغلب على انقساماته. وما تسعى إليه باريس سياسيا أمران: وضع حد للعنف وتحقيق إصلاحات جذرية. لكن المصادر الفرنسية تؤكد على أمرين؛ الأول: أنها «فقدت أي أمل» من حصول إصلاحات حقيقية في سوريا وأن الوقت الذي كان ملائما للإصلاحات قد مضى، والثاني: أن الرئيس السوري بشار الأسد ربما لا يملك كافة الأوراق داخليا ما يعني تجاذبا داخل النظام وتصارعا بين الأجنحة.
 
قيادي في التحالف الوطني يكشف لـ«الشرق الأوسط» عن دعم مالي عراقي لسوريا
قال إن المالكي وافق على دفع 10 مليارات دولار لدمشق بأوامر إيرانية
لندن: معد فياض
كشف مصدر بارز في التحالف الوطني العراقي المؤتلف مع كتلة دولة القانون بزعامة نوري المالكي، رئيس الحكومة العراقية، عن أن «إيران ضغطت على حلفائها في بغداد من أجل دعم السلطات السورية بمبلغ 10 مليارات دولار»، مشيرا إلى أن «المالكي رضخ لهذا المطلب الإيراني وقام بالفعل بدعم الرئيس السوري بشار الأسد ماديا».
وأضاف المصدر القيادي في التحالف الوطني، الذي يضم أحزابا شيعية مدعومة من قبل إيران، وهي المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وحزب الفضيلة الذي يتزعمه جمال عبد الزهرة (وكالة) وتيار الإصلاح بزعامة إبراهيم الجعفري، قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس: «إن السفير الإيراني في بغداد، حسن دنائي فر، نقل رسائل شفوية من مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي، والجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، إلى قادة التحالف الوطني، كل على حدة، تتضمن ضرورة دعم الرئيس السوري ماديا وبمبلغ حدده بـ10 مليارات دولار»، مشيرا إلى أن «الطلب الذي جاء بصيغة أوامر قد وافق عليه المالكي باعتباره رئيسا للحكومة العراقية».
وكشف المصدر أن «بعض أعضاء التحالف الوطني أبدوا اعتراضاتهم على قيمة المبلغ وليس على مبدأ مساعدة الرئيس الأسد، لكن السفير الإيراني أبلغهم بأنه غير مخول بمناقشة الموضوع، وأن مهمته هي نقل صيغة الرسالة الصادرة من جهات دينية وسياسية إيرانية عليا»، منبها إلى «إننا في التحالف الوطني نعاني من الإحراج كون الشعب العراقي يعاني من أزمات اقتصادية حادة بينما نوافق على دفع مبلغ 10 مليارات دولار لإنقاذ الرئيس السوري من محنته بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليه».
وكانت اللجنة الخماسية الإيرانية المكلفة متابعة الملف العراقي، التي يشرف عليها مرشد الثورة الإسلامية خامنئي، قد اتخذت جملة إجراءات من شأنها تسخير الإمكانيات العراقية لدعم النظام السوري، وحسب المصدر القيادي في التحالف الوطني، فإن «السفير الإيراني قد أوجد للتحالف الوطني صيغة مناسبة لدعم النظام السوري، بحيث تدفع الأموال باعتبارها ضمن الاتفاقيات الاقتصادية التي تم إبرامها وتفعيلها بين بغداد ودمشق نهاية الأسبوع الماضي».
وكان وزير الاقتصاد والتجارة السوري، محمد نضال الشعار، قد اختتم الأسبوع الماضي زيارة إلى العراق التقى خلالها المالكي، رئيس الوزراء، كما التقى عددا من الوزراء العراقيين، ونتج عنها توقيع عدد من الاتفاقات الاقتصادية. وكان المالكي قد أكد خلال استقباله الوزير السوري، وطبقا للبيان الصادر عن مكتبه، «حرص الحكومة العراقية على تطوير التعاون التجاري والاقتصادي مع سوريا في المجالات كافة بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين».
من جهته نفى هاشم حاتم، مدير عام العلاقات الاقتصادية الخارجية في وزارة التجارة العراقية، «أن يكون العراق قد قام الآن بالذات بتوقيع المزيد من الاتفاقات مع سوريا في وقت تواجه فيه اضطرابات داخلية». وقال في تصريحات في وقت سابق من الأسبوع الحالي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاتفاقات التي جرى التوقيع عليها الآن بين العراق وسوريا هي معظمها اتفاقات موجودة منذ سبعينات القرن الماضي، وكل ما جرى هو إعادة تفعيل بعضها وتوجيه البعض الآخر نظرا لتغيير السياسة الاقتصادية العراقية من الاقتصاد الموجه، كما كان معمولا به على عهد النظام السابق إلى اقتصاد السوق مثلما هو نهجنا الحالي».
وحسب المصدر القيادي في التحالف الوطني فإن «الحكومة العراقية أبرمت اتفاقيات جديدة وفعلت قديمة مع سوريا، بضمنها 3 اتفاقات في مجالات الصحة والتجارة والاستثمار، ودفعت مبلغ الـ10 مليارات دولار تنفيذا لإرادة إيرانية بحتة».
وحول تفاعل أزمة المالكي مع بقية الكتل المتحالفة معه ضمن التحالف الوطني أكد المصدر أن «المالكي يخشى أن تؤدي خلافاته مع حلفائه إلى تصدع التحالف، وبالتالي سيخسر معركة الاحتفاظ بمنصبه، ولهذا استعان بطهران للضغط على بقية الأطراف الشيعية للتحاور والالتزام بدعمه»، مشيرا إلى أن «سليماني عهد بسفيرهم في بغداد بالقيام بهذه المهمة».
وكشف المصدر أن «السفير الإيراني فر هو أحد الضباط البارزين في فيلق القدس وكان يعمل في حرس الثورة الإسلامية كمسؤول علاقات بين الحرس والأحزاب الشيعية المعارضة التي كانت في إيران وقد التقيته أنا شخصيا مرات عدة وقتذاك، وفي مرحلة التنسيق بين السلطات الإيرانية والمعارضة العراقية الذين يعرفهم فر شخصيا وبينهم المالكي الذي كان قد التقاه في طهران ودمشق وتربطهما علاقات وثيقة»، منبها إلى أن «هذا ما يبرر حرص المالكي على زيارة فر في المستشفى عندما تعرض قبل أسبوعين لحادث بسيط، إذ ليس من البروتوكول في شيء أن يزور رئيس الوزراء سفير دولة جارة، بل هذا من اختصاص دائرة العلاقات في وزارة الخارجية».
كما كشف القيادي في التحالف الوطني عن قيام وفد بزعامة قيادي في حزب الدعوة ومستشار بارز لدى المالكي بزيارة لإيران مؤخرا، مشيرا إلى أن «الوفد عاد من طهران حاملا مقترحات إيرانية لدعم نظام الأسد».
يذكر أن هناك مبالغ كبيرة تعود للحكومة العراقية مودعة في المصارف السورية لم يجري الحديث عنها خلال وجود الوفد التجاري السوري ببغداد مؤخرا، حيث اعتبر المراقبون أن هذه المبالغ ستبقى لدعم السلطات السورية حاليا.
من جهته، نفى خالد الأسدي، عضو مجلس النواب العراقي عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، أن «يكون العراق قد دعم النظام السوري بمبلغ عشرة مليارات دولار»، معتبرا «هذا الكلام عاريا عن الصحة». وقال الأسدي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس «إن العراق بحاجة لأي مبلغ لإصلاح أوضاعه، فكيف يتبرع بعشرة مليارات دولار لسوريا، كما أن الحكومة السورية ليست بحاجة إلى أي مساعدات مادية»، مشيرا إلى أن «العراق يرتبط بعلاقات طيبة مع سوريا، فهي بلد جار والشعب السوري أشقاؤنا، ونتمنى لهم أن يتوحدوا وأن تبقى سوريا قوية».
 
رامي عبد الرحمن ينقل صوت المتظاهرين السوريين من منفاه
مستقل لا ينتمي إلى تيار سياسي.. ومصدر المعلومات شبه الوحيد عن ضحايا القمع
لندن: «الشرق الأوسط»
بعيدا عن بلده، يقود رامي عبد الرحمن شبكة تضم 200 ناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا تبلغه دقيقة بدقيقة عن القمع الذي يمارسه نظام الرئيس بشار الأسد. وقال عبد الرحمن (40 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية من منزله في بريطانيا: «نحن أناس عاديون ونعيش حياة طبيعية ولدينا أسر. ليست لدينا مكاتب ونعمل من بيوتنا أو من أماكن عملنا».
وفرض المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يديره، نفسه على الساحة الإعلامية الدولية كواحد من مصادر المعلومات الرئيسية حول الحركة الاحتجاجية التي يواجهها النظام السوري منذ أكثر من 4 أشهر.
وبما أن الصحافيين الأجانب لا يستطيعون العمل بحرية في سوريا، يشكل ناشطوه، بلوائح المتظاهرين القتلى التي تعتمد على سجلات دخولهم إلى المستشفيات، مصدر المعلومات شبه الوحيد عن ضحايا القمع.
وعبد الرحمن، المولود في بانياس على الساحل السوري المتوسطي، هو الناشط الوحيد في الشبكة الذي يعيش في الخارج. ولتجنب تفكيك هذه المنظمة في حال اعتقال أحد أعضائها، لا يعرف الناشطون فيها بعضهم بعضا. وهم على اتصال بواسطة شبكة «سكايب» وشبكتي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر» وبالبريد الإلكتروني والهواتف التي لا تظهر أرقامها. ويقول معارضو عبد الرحمن إنه ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين ويسعى إلى تحقيق هدفها السياسي. أما السلطات السورية فتتهمه بالسعي إلى زعزعة استقرار البلاد.
وأكد هذا الناشط: «أنا مستقل.. لا أنتمي إلى الإخوان المسلمين ولا إلى الحزب الشيوعي»، ووصف نفسه بأنه قريب من ناشطين سياسيين آخرين مثل ميشال كيلو. وأضاف: «لا نتلقى أموالا من أحد»، مؤكدا أن «أعضاء هذه الشبكة هم الذين يمولون الموقع».
ويؤكد عبد الرحمن أنه يلتزم الحذر حيال المعلومات التي يقوم بنقلها، ويرفض تأكيد تلك التي تحدثت عن انشقاقات في الجيش السوري أو دعم من إيران لنظام الرئيس الأسد. وشنت السلطات السورية هجوما أول من أمس على مدينة حماه (وسط)، مما أدى إلى سقوط نحو مائة قتيل وأثار موجة من الإدانات الدولية.
كانت حماه قد شهدت عام 1982 حملة قمع عنيفة للإخوان المسلمين أودت، بحسب بعض التقديرات، بحياة نحو 20 ألف شخص. وقال عبد الرحمن: إن تكرار مجزرة كهذه لم يعد ممكنا الآن في عصر الشبكات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية مثل المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أسسه قبل 5 سنوات.
وأكد أن «الديمقراطية ستنتصر في سوريا خلال 6 أشهر». وقال: «نمر بمرحلة صعبة جدا، لكن يجب علينا أن نصبر كأننا في حرب. علينا ألا نتراجع الآن». وتابع: «إن سوريا لن تعود كما كانت أبدا» بعد اندلاع الحركة الاحتجاجية في 15 مارس (آذار) الماضي في أوج تلك التي جرت في تونس ومصر ثم ليبيا.
ويشير إلى أن التزامه الدفاع عن حقوق الإنسان يعود إلى حادث شهده عندما كان في السابعة من عمره. ويقول: «رأيت رجال أمن يضربون أختي». ولتجنب توقيفه في بلده انتقل عام 2000 إلى بريطانيا حيث يعيش مع زوجته السورية وابنتهما البالغة من العمر 5 سنوات.
وهو لا يأخذ على محمل الجد الدعوات التي تطلقها الدول الغربية إلى الرئيس الأسد لإصلاح بلده. وأكد عبد الرحمن: «لا أثق بالأسرة الدولية. الشعب السوري هو الذي عليه تولي الأمر».
 
شباب سوريون يبتكرون طريقة جديدة للتظاهر تغيظ قوات الأمن
حملة «أسبوع المعتقلين ـ أحرار وراء القضبان»
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
قامت مجموعة من الشباب بابتكار طريقة جديدة للتظاهر والاعتصام تغيظ قوات الأمن ولا تعطيهم مبررا لاعتقالهم أو تفريقهم، وذلك من خلال التجمع في مكان عام يتفق عليه سابقا ويرتدون ملابس بلون واحد، ولا يقفون في المكان بل يتحركون بشكل عشوائي، ويتحدثون مع بعضهم وكأنهم يتوقفون في المكان بشكل عادي، ومساء أول من أمس، نفذوا التجمع الثاني لهم ضمن حملة «أسبوع المعتقلين - أحرار وراء القضبان»، وكتب أحد المنظمين على صفحة خاصة بالحملة: «وصلنا إلى حديقة السبكي عند الساعة الـ7 مساء، وكنا بمزاج سيئ بسبب الأحداث المحزنة في حماه ودير الزور وباقي الأماكن، ولكن ما إن بدأ الشباب بالقدوم تدريجيا حتى شعرنا بالأمل، وخلال ربع ساعة امتلأ الشارع بالشباب وبعض العائلات، وقد حضر معظمهم مرتديا ثيابا باللون الأبيض». وعبر الناشط المنظم عن ذهوله من حجم الاستجابة للدعوة، وقال «لم نتخيل أن تكون الأعداد المشاركة جيدة، وخصوصا بعد الأحداث الدامية»، مشيرا إلى تأثير اللون الأبيض الذي كان لون ملابس المجتمعين «لقد كانت تلك الملابس البيضاء أشد قوة على رجال الأمن من أي كلمات أو أي هتافات».
ووصف المشهد بأن «بعض المجتمعين كانوا يتحركون جيئة وذهابا في الشارع، والبعض الآخر توقف عند باب الحديقة، أما رجال الأمن فقد كان الغضب والانزعاج واضحين في عيونهم، لأنهم لم يعلموا ماذا يجب أن يفعلوا»، ويتابع «توجه أحد رجال الأمن وبدأ يصرخ بصوت عال (عملتوا عجقة بعدوا من هون)، ولكن لم يهتم له أحد، بل على العكس التزم الشباب بالوقوف وعدم الرحيل، وأصبحوا يتهامسون بين بعضهم (البلد بلدنا والواحد فيه يوقف وين ما بده)، وقد حاول بعض العناصر إثارة الخوف من خلال إيهام الواقفين باعتقال رفاقهم، لكن أحدا لم يتأثر، وخرج أصحاب المحلات ليتفرجوا على الشباب المتجمعين بكثافة بقمصان بيضاء، وأحد المارة راح يستجدي الشباب (شو في فهمونا منشان الله)». وأطرف شيء حدث حسب الصفحة «عندما أتى 4 من عناصر الشرطة باللباس الأبيض، فقالت إحدى الفتيات المشاركات لرفيقتها (عمو الشرطي مشارك معنا)، وانفجر الشباب بالضحك مما أحرج رجال الشرطة». استمر النشاط لنحو ساعة، ثم انصرف الجميع وسط ذهول الناس والأمن والشرطة.
والمجموعة التي تشكلت على موقع «فيس بوك» مؤخرا تحت اسم «الأسبوع السوري» تعرف نفسها على أنها «مشروع لإنضاج الحركة الاحتجاجية في سوريا وبناء خريطة عمل يتم تنفيذها على أرض الواقع»، فهو «فكرة ولدت من رحم انتفاضة الشعب السوري ضد النظام القمعي الفاسد، حاملة معها ملامح الحراك الشعبي، التي تمثلت من خلال نضال أسبوعي ضد قوة القمع والفساد في سوريا»، وتقول المجموعة في توصيف نفسها «حيث إن الحل الأمني أصبح في الآونة الأخيرة هو المشهد الطاغي على الأحداث الذي انعكس سلبا على الحراك في الشارع السوري وزيادة الرقعة الاحتجاجية من حيث الكم والنوع.. أصبحت هناك تساؤلات عن وجود بدائل للمواجهة تكون رديفا قويا للانتفاضة تعمل جنبا إلى جنب مع المظاهرات المنطلقة في مختلف المناطق»، وأنه «من هنا رأينا أن المرحلة المقبلة يجب أن تتسم بالتخطيط ووضع آليات عمل واقعية مدروسة، حيث إن الشارع السوري يفتقر لوجود آليات عمل واضحة تساعد على رفع وتيرة المشاركة في الشارع»، و«لم يكن هناك خطة عمل موحدة بين كل المناطق وكان التنسيق يتمحور في معظم الأحيان حول الحراك يوم الجمعة وتسميته وتبقى بقية أحداث الأسبوع رهينة بتطورات الوضع لكل منطقة تبعا لحركة الشارع أو التخطيط التابع لتلك المنطقة الذي في معظم الأحيان لا يصل لشريحة كبيرة من سكان المنطقة»، لذا قامت مجموعة من الشباب بإطلاق مبادرة سميت «الأسبوع السوري» تهدف لوضع آليات عمل وأفكار منهجية مساندة للحراك اليومي للشارع السوري، حيث «يتم طرح تلك الآليات عبر خطة عمل أسبوعية تسمح للشارع السوري بالتحرك والمشاركة بكافة فئاته، مراعين خصوصية كل منطقة وكل شريحة مشاركة وقدرتها على المشاركة».
 
 
شهداء حماه يتجاوزن الـ136 ومظاهرات بعد التراويح تتحدى القمع
دبابات سورية تقصف دوار بلال عشوائيا في أعنف هجوم على المدينة
دمشق – لندن: «الشرق الأوسط»
أكدت مصادر محلية في مدينة حماه لـ«الشرق الأوسط» أن شهداء حماه الذين سقطوا يوم الأحد الدامي، تم دفنهم من دون تشييع في حديقة تقع قريبا من جامع السرجاوي، وفي حديقة أخرى بالقرب من مشفى الحوراني. وقدرت المصادر عدد شهداء حماه خلال أول من أمس بـ130 شهيدا، سبعون منهم دفنوا قريبا من السرجاوي والباقون قريبا من مشفى الحوراني. وأشارت المصادر إلى عدم وجود رقم دقيق بعد لعدد الشهداء، قبل أن تتابع أنه يوم أمس سقط أيضا نحو 6 شهداء نتيجة القصف المدفعي على المدينة، ليكون العدد نحو 136 شهيدا. ويشار إلى أن وحدات من الجيش السوري اقتحمت المدينة بشكل مفاجئ فجر يوم الأحد، من أربعة محاور وقامت بقصف عشوائي، رافقه إطلاق رصاص ودخول قوات الأمن إلى المدينة.
وفي دير الزور، سقط 12 شهيدا على الأقل لدى اقتحام الجيش لمدينة دير الزور الذي ترافق مع إطلاق نار واشتباكات بين الجيش والأهالي الذين حاولوا منع تقدم الدبابات وقوات الأمن، وسادت أجواء من التوتر الشديد في المدينة بعد انتشار نبأ اعتقال الشيخ نواف راغب البشير شيخ مشايخ قبيلة البقارة في سوريا، وسقط شهيد يوم أمس في مدينة البوكمال في محافظ دير الزور برصاص قوات الأمن. وانتصارا للمدن التي اقتحمتها الدبابات، عمت المظاهرات مساء أمس وأول من أمس معظم المناطق والمدن السورية بعد صلاة التراويح. وفي ريف دمشق، سقط شهيدان على الأقل في مدينة الكسوة وحي القدم، بحسب ما أفادت به مصادر حقوقية، نتيجة تفريق المظاهرات بالرصاص الحي. كما خرجت مظاهرتان كبيرتان في منطقة الميدان، وتم تفريقهما بالقوة وبالغازات المسيلة. وعمت المظاهرات ريف دمشق: جديدة عرطوز، وفي عربين، والتل، والزبداني، ودوما، وحرستا، وزملكا، على الرغم من حملات الاعتقالات والملاحقات. وقال ناشطون إن يوم أمس الاثنين الأول من رمضان ومع الفجر دخلت 22 دبابة جديدة مدينة الزبداني، وقام رجال الأمن والجيش بنشر حواجز على كل الدوارات في المدينة، وقاموا بإغلاق كل الطرق الفرعية، ونشر قناصة بالزبداني ومضايا، كما دخلت الكثير من ناقلات الجنود للمدينة، بعد خروج مظاهرة حاشدة ليل الأحد في الزبداني بعد صلاة التراويح بحجم مظاهرات يوم الجمعة. ويشار إلى أنه كان في المنطقة 15 دبابة قبل دخول الـ22 دبابة يوم أمس.
وفي مدينة درعا البلد، تم تفريق مظاهرة تحدت حظر التجول المفروض على المدينة وراحت النساء تزغرد في الشوارع، وتم تفريق المظاهرات بالرصاص الحي، كما خرجت مظاهرات في داعل (ريف درعا)، ونعى يوم أمس ناشطون من درعا العقيد الركن محمد مصفى مفضي الحاج علي (أبو أنس) وهو من أبناء بلدة خربة غزالة في حوران، وقال الناشطون إن العقيد أبو أنس قتل على يد الأمن يوم الأحد (أول من أمس) في الساعة الواحدة ظهرا، وكان في مكتبه في كتيبة الصواريخ في بصر الحرير. وقد وصل جثمانه إلى خربة غزالة يوم أمس عند الساعة الواحدة ظهرا من مستشفى تشرين العسكري، وقام أهالي البلدة بطرد باص للأمن وتلفزيون الدنيا والتلفزيون السوري الذين كانوا يرافقون الجثمان، وأضاف الناشطون أن أحد الضباط برتبة عميد في مشفى تشرين العسكري حاول تهدئة أسرة العقيد القتيل، ولكن ابنه البكر رفض ذلك ورفض إجراء مقابلة مع تلفزيون، وأعاد الناشطون سبب اغتيال العقيد لموقفه من المتظاهرين العزل ورفضه الحل الأمني.
أفاد ناشط حقوقي أن دبابات تابعة للجيش السوري قامت مساء أمس بقصف أحد الأحياء السكنية في ضواحي مدينة حماه التي أوقع هجوم الجيش السوري عليها منذ أول من أمس 136 قتيلا. وقال هذا الناشط الموجود في المكان: «هناك عشر دبابات تقصف بشكل عشوائي دوار بلال، وهو حي سكني في ضواحي حماه»، وكان صوت القصف مسموعا عبر الهاتف. وبدأ القصف المكثف بعد صلاة العشاء، وتركز على المناطق القريبة من دوار بلال في شمال غربي المدينة وفي منطقة الجراجمة في الأحياء الشرقية والشمالية بالقرب من مسجد عمر بن الخطاب. وقال شهود عيان لـ«رويترز» في اتصال هاتفي إن القذائف تسقط مرة كل عشر دقائق.
 
حماه ودير الزور خرجتا عن سيطرة الحكومة السورية
ستضعان مزيدا من الضغوط على دول أخرى كي تتبنى نهجا أشد ضد الأسد
بيروت: ندى بكري وأنتوني شديد*
قال نشطاء ومواطنون سوريون إن القوات الأمنية والجيش السوري نفذوا هجوما على مدينة حماه ومدن سوريا أخرى تشهد اضطرابات قبل فجر أول من أمس، ليقتل على الأقل 70 مواطنا في أوسع إجراء قمعي وأكثره شراسة من جانب حكومة الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة انتفاضة ضد حكمه بدأت قبل 4 أشهر.
وجاءت الغارات المتزامنة على الكثير من المدن السورية قبل يوم من بدء شهر رمضان، الذي تعهد نشطاء بأن يرفعوا خلاله من وتيرة تحركاتها بتنظيم احتجاجات ليلية. ويظهر مدى الهجوم وارتفاع حصيلة القتلى عزم الحكومة على قمع الانتفاضة بالقوة، على الرغم من الإدانة الدولية وإصلاحات مؤقتة ووهمية، في الأغلب، تهدف بشكل واضح دفع المحتجين لتقليل سقف مطالبهم.
ومن المؤكد أن مشاهد إراقة الدماء في حماه ودير الزور، وهما المدينتان اللتان خرجتا عن السيطرة الحكومية، ستضع المزيد من الضغوط على دول أخرى، لا سيما الولايات المتحدة، كي تتبنى نهجا أشد ضد الأسد. ووجه مسؤولون أميركيون وأوروبيون انتقادات حادة للرئيس السوري، وعادوا ليوجهوا المزيد من هذه الانتقادات أول من أمس. ووصف الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إجراءات الحكومة داخل حماه بأنها أحداث «مروعة تبرهن على الهوية الحقيقية للنظام السوري». ولكن لم تطالب إدارته بعد رسميا الأسد بترك السلطة كما فعلت مع العقيد معمر القذافي في ليبيا.
وقال أوباما: «مرة أخرى يبدي الرئيس الأسد أنه غير مستعد وغير قادر على الاستجابة للمطالب المشروعة للشعب السوري». وأكد أنه «خلال الأيام المقبلة ستستمر الولايات المتحدة في زيادة ضغوطنا على النظام السوري والعمل مع آخرين بمختلف أنحاء العالم لجعل حكومة الأسد في معزل».
وتلقي هذه الهجمات ضوءا جديدا على قرارات الحكومة السورية، التي تبدو تفتقر إلى استراتيجية متساوقة في تقلباتها بين وعود بالإصلاح وعمليات قمع وحشية.
وانتهى الهجوم على مدينة حماه قبل مجيء الليل، في إشارة على أن الحكومة عازمة على ترويع مدينة ينظم فيها المواطنون احتجاجات أسبوعية يوم الجمعة ولم تبد أي إشارات على الرضوخ في مواجهة الضغوط. كما ألقت القوات السورية أيضا القبض على زعيم قبلي في مدينة دير الزور شرق البلاد نهاية الأسبوع، ومن المؤكد أن عملية الاعتقال هذه ستثير مشاعر الغضب داخل مدينة يتحلى سكانها بروح التحدي، علاوة على أنهم مسلحون. وتشير هذه الإجراءات إلى أن الحكومة في حالة تيه أثناء تعاملها مع أحد أكبر التحديات على مدار 4 عقود من الحكم الديكتاتوري.
ومن حماه، قال الناشط عمر حبال في مكالمة تليفونية: «لن يتراجع الشارع. لقد قررت المدينة الدفاع عن نفسها، وإذا كانوا يحسبون أنهم قادرون على قمع التجمعات، فهم أغبياء».
وكانت أبشع العمليات داخل مدينة حماه، التي توجد بوسط سوريا ويعيش فيها 800.000، حيث قتل 50 شخصا على الأقل، وفقا لما أفادت به لجان التنسيق المحلية، حركة معارضة تساعد على تنظيم وتوثيق الاحتجاجات. وقدم نشطاء تقديرات مختلفة لحصيلة القتلى، وقال البعض إن عدد القتلى وصل إلى 76 قتيلا أو أكثر. وكان من المستحيل التثبت على الأرقام خلال يوم سادته الفوضى وكثر فيه الكلام عن رفض بعض أفراد الجيش الخدمة ودعوات للانتقام ومزاعم حكومية بوجود متمردين مسلحين يطلقون الرصاص على المدنيين.
ومنذ يونيو (حزيران) لا يوجد وجود أمني يذكر داخل حماه، مما مكنها من التأكيد على نوع من الاستقلالية. وخلال الأسابيع الأخيرة، قام سكان محليون ببناء متاريس مؤقتة باستخدام أعمدة الإنارة وكتل صخرية وأجولة ممتلئة بالرمال لمنع القوات الأمنية من دخول المدينة مرة أخرى. ولكن هذه الدفاعات لا تمثل شيئا في مواجهة دبابات وسيارات مصفحة بدأت عدوانها من 4 اتجاهات قبل الفجر. وكان الكثيرون في سوريا يعتقدون أن الحكومة لن تجرؤ على السعي لاستعادة حماه، على ضوء تاريخها الدامي مع الحكومة. يذكر أنه في عام 1982، وبناء على تعليمات من الرئيس السابق حافظ الأسد، قضى الجيش السوري على انتفاضة إسلامية بالمدينة، وهي إحدى أبرز المدن المحافظة في سوريا، وأدى ذلك إلى مقتل 10.000 شخص، وربما أكثر من ذلك بكثير، ويعد هذا الحادث من بين الأحداث الأكثر وحشية في تاريخ الشرق الأوسط الحديث.
ويوم الأحد، ذكر سكان محليون روايات أليمة عن شباب يحاولون منع طريق الدبابات بأشياء لا تتجاوز العصي والحجارة والقضبان الحديدية، وقام بعض الرجال الشباب في المدينة، الذين دافعوا عن المتاريس ليلا على مدار أسابيع، بإضرام النيران في إطارات سيارات. وناشدت مستشفيات المواطنين التبرع بالدم مع ارتفاع حصيلة الضحايا خلال اليوم. ونشرت على شبكة الإنترنت مقاطع فيديو تظهر أعمدة دخان تخيم على شوارع المدينة. «مذابح.. تحدث مذابح هنا»، بهذا صرخ الناشط عبادة أرواني في مكالمة تليفونية. وأضاف: «التاريخ يعيد نفسه. إنه يعيد نفسه».
وقال أرواني إن السكان هتفوا «الله أكبر» بينما كانوا يقفون في طريق الدبابات. وقال إنه رأى قتلى وجرحى في أماكن متفرقة بين المتاريس في الشوارع. وكان إطلاق الرصاص وحشيا مما أعاق المواطنين عن إنقاذهم أو نقل الجثث. واختلط صوت دوي طلقات الرصاص مع صرخات تعلو من مكبرات الصوت داخل مساجد المدينة.
ويقول سكان محليون إنه بحلول الليل رحلت الدبابات وعاد هدوء نسبي إلى المدينة. ويقول أرواني: «يعرفون أن حماه ليست مسلحة، ولذا شنوا هذه الحملة. إنهم جبناء. يأتون إلى هنا ليقتلونا لأنهم يعرفون أنهم يستطيعون فعل ذلك».
وقدمت الحكومة السورية رواية مختلفة تماما للأحداث، وهي رواية طعن فيها كل من تحدثنا معهم عبر الهاتف. وقالت الحكومة إن عشرات من المسلحين وقفوا على أسطح المنازل وكانوا «يطلقون الرصاص بغزارة لإرهاب المواطنين»، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء السورية (سانا). وأضافت الوكالة أن مجموعات متمردة أضرمت النيران في مراكز للشرطة وقامت بتخريب ممتلكات عامة وخاصة ووضعت عوائق في الطرقات. وقالت: «تقوم وحدات الجيش بإزالة المتاريس وحواجز الطرقات في مداخل المدينة».
وكانت الرواية الحكومية للأحداث تؤكد زعم الحكومة بأنها تواجه انتفاضة مسلحة يقودها مسلحون تدعمهم دول أجنبية. وقالت الحكومة إن هذه المرة حمل مسلحون بنادق وقاذفات «آر بي جي»، ولكن لم ير سلاح واحد في الشوارع عندما قام صحافي في «نيويورك تايمز» بزيارة المدينة الشهر الماضي. ووصف المتحدث باسم السفارة الأميركية في دمشق، جي جي هاردر، رواية الحكومة بأنها «محض هراء». وقال: «يتحدثون عن عصابات مسلحة، ولكن توجد عصابة واحدة مسلحة في هذه المدينة، إنها الحكومة السورية نفسها».
* خدمة «نيويورك تايمز»
 
دير الزور: المحافظ رفض دفع الرواتب ومظاهرات بعد صلاة التراويح
الناشط راتب سليمان: العوائل هربت إلى القرى
لندن: «الشرق الأوسط»
قال الناشط السوري راتب سليمان المقيم بلندن وهو من مدينة الزور (تبعد عن العاصمة دمشق 400 كيلومتر) في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «لقد وصلتني أخبار دير الزور هذا الصباح (أمس) وهي استشهاد طالب الثانوية العامة (البكالوريا) قاسم عبد الواحد الناصر من مواليد 1988، وهو أحد أقاربي مساء أول من أمس وقد قتل على أيدي المخابرات العسكرية من قبل القناصة عندما خرج من بيته لزيارة أحد الأصدقاء وقد تم تشييعه في منطقة البصيرة صباح أمس، وأقاموا له العزاء في بيت جده عبد الرحيم الناصر، وكذلك تأكدنا أن المحافظ في دير الزور يرفض تسليم الموظفين والمتقاعدين رواتبهم والعاملون في الدولة مستاؤون من تصرفات المحافظ الجديد سمير عثمان الشيخ بسبب عدم تسليمهم رواتبهم، والبلد محاصرة من قبل الشبيحة والدبابات وإطلاق نار متقطع في كل جهات المدينة أصاب الناس بالذعر والرعب خاصة في أحياء الجورة والقصور والعمال، وقد اجتمع وجهاء القبائل على خلفية اعتقال الشيخ نواف راعب البشير شيخ مشايخ البقارة واجتمعوا مع الجهات الأمنية للاتفاق على وقف إطلاق النار وقتل الناس العزل وانسحاب الدبابات من المدينة وإطلاق سراح الشيخ نواف». وأوضح أن «معظم العوائل بما فيهم الأطفال والنساء قد رحلوا إلى القرى والمناطق القريبة مثل البصيرة والميادين والحسينية والكسرة. وقد نزح عدد كبير من النساء والأطفال في دير الزور إلى أقاربهم في المدن المجاورة». وأوضح أن الدبابات تقصف البيوت الآمنة وتقتل الأبرياء في مناطق حي الجورة وحي القصور ومحاولة في هذا الصباح من قوات الأمن والشبيحة لدخول حي القصور، ولكن تصدى لهم الأهالي ومنعوهم من الدخول والدبابات تمركزت في أنحاء متعددة من المدينة وستقوم مظاهرات في دير الزور بعد صلاة التراويح حسب التصريحات من أبناء تنسيقية دير الزور ويشدد أبناء دير الزور على أن مظاهراتهم سلمية، ولم يستخدموا أي سلاح بل واجهوا الدبابات بصدور عارية.
 
تيار المستقبل يخرج عن صمته ويدين رسميا «مجازر» سوريا
أحمد الحريري لـ«الشرق الأوسط»: موقفنا يتطور حسب الأحداث
بيروت: بولا أسطيح
قال الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري إن «موقف التيار مما يحصل في سوريا يتطور حسب تطور الأحداث هناك»، لافتا إلى أن «ما حصل أول من أمس في حماه تخطى أي منطق وذلك عشية شهر رمضان المبارك مما دفع برئيس تكتل (لبنان أولا) سعد الحريري من موقعه كزعيم عربي لإدانة الإجرام الحاصل هناك».
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، شدّد الحريري على أن «موقف الرئيس الحريري هو عبرة لكسر الصمت العربي المعتمد حاليا» وقال: «المجزرة التي حصلت في حماه وباقي المناطق مجزرة كبيرة، فسُحب الدخان التي غطت سماء سوريا لم تختلف عن السحب التي غطّت غزة كما أن مشهد شهداء حماه لا يختلف كثيرا عن مشهد شهداء قانا». وأوضح الحريري أن «هول الجريمة والمشاعر الإنسانية شكّلا دافعين أساسيين لخروج الرئيس الحريري عن صمته»، وقال: «موقفنا العام هو دعم مطالب الشعب أينما وجد والشعب السوري وقف إلى جانب كل القضايا العربية وتظاهر لتأييدها وهذا أقل ما يمكننا القيام به كعرب التضامن معه في محنته خاصة أنه وعلى ما يبدو فالنظام اتخذ قرار الحلول الدموية بعيدا عن منطقي الحوار والإصلاح». بالمقابل، اعتبر النائب عن حزب البعث عاصم قانصو أن تيار المستقبل «قد دخل ومنذ زمن في المؤامرة واللعبة على سوريا وبات جزءا منها»، لافتا إلى أن «موقف الحريري الأخير يتكامل مع حديث زعيم تنظيم القاعدة الجديد أيمن الظواهري عن الشأن السوري والذي دعا مؤخرا المتظاهرين لتوسيع رقعة احتجاجاتهم». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الحريري والظواهري تماما كالمسلمين المتشددين يتحدثون بالمنطق عينه الذي يعمل للمصلحة الأميركية الإسرائيلية». ورأى قانصو أن «تصريح الحريري علنا بالموضوع يأتي في سياق تنفيذ قرارات خارجية لتشجيع المخربين في الداخل السوري على عمل الشر»، وأضاف: «تيار المستقبل أداة من أدوات المؤامرة على سوريا وهو ليس مقررا بها. هو يمدها بالمال والسلاح والأفراد».
وشدد قانصو على أن «الرئيس السوري بشار الأسد وضع الأمور في نصابها الصحيح فأصبحت المؤامرة خلفه بعد أن نزع فتيل الفتنة من حماه مؤخرا»، وقال: «مرّت الأزمة على سلامة ولكن الأثمان كانت باهظة». وكان رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري وفي أول تعليق مباشر له على الانتفاضة السورية، استنكر «المذبحة» التي تتعرض لها مدينة حماه السورية و«سائر أعمال القتل الدموية» التي تشهدها حمص وإدلب ودير الزور ودرعا والعديد من المدن والمناطق السورية على أبواب شهر رمضان المبارك، مؤكدا أن «مثل هذه الأحداث الدموية هي بالتأكيد تتعارض مع كل النوايا التي تريد لسوريا الشقيقة وشعبها الأبي تجاوز المحنة التي يعترض لها حاليا».
واعتبر الحريري «أن الصمت بكل مستوياته العربية والدولية إزاء ما يحدث في سوريا وتحديدا في مدينة حماه التي سبق لها وتعرضت لأبشع المجازر بحق أبنائها في ثمانينات القرن الماضي، لا يؤسس للحلول المطلوبة، بل يدفع باتجاه إزهاق المزيد من أرواح أبناء الشعب السوري الشقيق»، وقال: «إننا في لبنان لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف أن نبقى صامتين إزاء هذه التطورات الدموية التي تشهدها الساحة السورية، ونهيب بكل المعنيين ليتداركوا الموقف منذ الآن لتمكين الشعب السوري من أن يحدد خياراته بنفسه بحرية وفي إطار حقوقه الإنسانية وأن يتجاوز المحنة الأليمة التي يمر بها بأسرع وقت ممكن».
وفي السياق عينه، استهجن عضو كتلة المستقبل النائب محمد كبارة «استبدال الرئيس السوري بشار الأسد بالموائد الرحمانية في شهر رمضان المجازر والقتل»، منتقدا «الصمت العربي المريب». ودعا كبارة «اللبنانيين إلى نصرة الشعب السوري، والوقوف معه جنبا إلى جنب في مواجهة الطاغية الكبير في سوريا وطغاته الصغار في لبنان»، وقال: «نعم، إنها معركة واحدة في مواجهة رأس الأفعى وأذيالها».
وتابع قائلا: «فلنتحرك جميعا مطالبين القادة العرب بالتحرك لا بالكلام فقط، فلنتحرك جميعا كي يقاطع العرب نظام الأسد، فلنتحرك جميعا كي لا يكون لبنان محامي الشيطان في الأمم المتحدة، فلنتحرك جميعا كي تستيقظ جامعة الدول العربية وتدرك أنَّها عربية فعلا، لا اسما، وأنها مسؤولة عن الشعب السوري البطل، وأنها حليفة الشعب السوري».
 
مصر تعرب عن انزعاجها الشديد من ارتفاع مستوى العنف في سوريا
نشطاء يطلقون حملة لطرد السفير السوري من القاهرة
القاهرة: محمد عجم
في تفاعل مع أحداث حماه واجتياح دبابات الجيش السوري للمدن السورية في درعا والبوكمال وحمص ودير الزور وغيرها، تضامن عدد من النشطاء والشباب المصريين مع ما يحدث على الأراضي السورية؛ حيث اقترح عدد منهم تدشين مبادرة «جمعة طرد السفير السوري من مصر 5 أغسطس (آب)»، للمطالبة بطرد السفير السوري في القاهرة يوسف الأحمد وأعضاء البعثة الدبلوماسية بالسفارة. وعلى موقع «فيس بوك» أطلقت صفحة خاصة بالحدث؛ حيث كتب على تعريفها «لا نرغب في من يقتل الأطفال تحت جنازير الدبابات، ولا من يقصف مدن وطنه.. انكشفت حقيقة نظام بشار الأسد أمام العالم عندما قتل وذبح وقصف واعتقل أبناء شعبه وبني وطنه.. نهاية نظامه البائد أقرب إلى أهل سوريا الأشقاء الأعزاء من حبل الوريد، وبإذن الله تنتصر الشعوب وتسقط الديكتاتوريات.. المجد للشهداء».
إلى ذلك، وعلى المستوى الرسمي، أكد محمد كامل عمرو، وزير الخارجية المصري، أن بلاده تتابع، عن كثب، التطورات التي تشهدها الساحة السورية الآن، معربا عن انزعاج مصر الشديد من ارتفاع مستوى العنف، وزيادة عدد ضحايا المصادمات، متمنيا أن يكون شهر رمضان مناسبة للتهدئة والإسراع بعملية الحل السياسي للأزمة.
وأوضح كامل أن الظروف الدقيقة التي تمر بها سوريا الشقيقة، والدروس التي أكدتها تجربة «الربيع العربي» في مناطق أخرى من العالم العربي، وأن الحلول الأمنية لم تعد مجدية، ولا مفر من مخرج سياسي يتأسس على حوار وطني يشمل جميع القوى السياسية، لبلورة حلول وطنية خالصة للأزمات العربية، وايضا المنطقة العربية لا تحتمل «تدويلا جديدا».
من جانب آخر، طالبت جماعة الإخوان المسلمين، أمام ما يرتكبه النظام السوري بحق شعبه، بحركة ثائرة من الشعوب ومواقف حازمة من الحكومات والهيئات، ولو وصلت لقطع العلاقات، وإدانة التصرفات بكل صراحة، والطرد من مؤسسات المجتمع الدولي باعتباره نظاما خارجا على كل الشرعيات.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,319,938

عدد الزوار: 7,023,619

المتواجدون الآن: 54