موسكو تنضم الى معاقبة سورية بعد مهلتها لوقف العنف وتركيا وإيران تراهنان على قبول النظام بالإصلاح والحوار

تاريخ الإضافة الإثنين 29 آب 2011 - 4:06 ص    عدد الزيارات 2654    التعليقات 0    القسم عربية

        


موسكو تنضم الى معاقبة سورية بعد مهلتها لوقف العنف وتركيا وإيران تراهنان على قبول النظام بالإصلاح والحوار
الأحد, 28 أغسطس 2011
بيروت - وليد شقير
 

يتسقط أقطاب السياسة اللبنانية وكبار المسؤولين الرسميين أنباء التعاطي الخارجي الإقليمي والدولي مع الوضع في سورية، نظراً الى تأثير التطورات فيها على الأوضاع الداخلية للبنان، وفي ظل انعكاس الانقسام الداخلي، على الموقف من الأزمة السورية، الذي أخذ يعمق هذا الانقسام أكثر فأكثر.

ولا يمر يوم من دون أن يدلي هذا الفريق أو ذاك بموقف من التطورات في سورية. وبات الانقسام واضحاً بين قوى تؤيد النظام وتراهن على بقائه قوياً وهذه حال «حزب الله» وحلفائه وحلفاء الحكم السوري التقليديين والجدد، وبين قوى تؤيد الانتفاضة الشعبية القائمة في بلاد الشام.

وآخر التعليقات على الوضع السوري كان ما قاله الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي سجل بعض المراقبين جديداً فيه، إضافة الى دعمه النظام هو قوله: «نريد سورية القوية بالإصلاحات والتطوير... ودفع الأمور الى الحوار والمعالجة السلمية». وفي المقابل اعتبر مراقبون آخرون أن إشارته الى الإصلاحات أبطل مفعولها حديثه عن أنه «لا يمكن أن يمشي أحد بالإصلاح سريعاً، تحت الضغط».

ويقتنع معظم الفعاليات اللبنانية سواء ضمناً أم علناً، بأن ما يميز الأزمة الحالية التي تمر فيها سورية أنها داخلية بامتياز بين النظام وبين معارضيه، وأن مدعاة الاهتمام اللبناني الراهن بتسقط المعطيات عن الموقف الخارجي منها هو أن تطوراتها منذ آذار (مارس) الماضي، لا سيما الأمنية والدموية، فرضت تصاعداً في الاهتمام الخارجي بها، أعاد الى الأذهان مقولة «الصراع على سورية» بين القوى الإقليمية والدولية المعنية.

لكن عاملاً أساسياً من عوامل تصاعد الاهتمام الدولي والإقليمي بسورية كان وفق مصادر متعددة، أن المسؤولين اللبنانيين كغيرهم من قادة المنطقة توقعوا هذا التصاعد مع سقوط نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا، وأن سقوط طرابلس في يد الثوار نقل التعاطي الدولي مع سورية الى مرحلة جديدة. وهو ما كان يقال في الدوائر العليا في دول المنطقة منذ شهرين: سيتفرغ المجتمع الدولي للوضع السوري بعد الانتهاء من ليبيا.

وفي هذا السياق تقول أوساط لبنانية واسعة الاطلاع إنه لم يعد سراً، أن لهذا السبب، راهن النظام في دمشق وحلفاؤه على صمود القذافي أطول مدة ممكنة، وإن بعض القيادات الليبية في الثورة تحدثت عن دعم سوري للزعيم الليبي بالطيارين السوريين وبوسائل أخرى... وانعكس ذلك تأخراً في الاعتراف للزعيم الليبي بالطيارين السوريين وبوسائل أخرى... وانعكس ذلك تأخراً في الاعتراف اللبناني الرسمي بالمجلس الانتقالي الليبي.

وإذ نشأ سباق مع الوقت في ما يخص سقوط القذافي، على الصعيد الخارجي، فإن حركة الاحتجاج الشعبي في سورية نفسها رأت فيه دافعاً معنوياً وسياسياً لها لمواصلة تحركاتها في موازاة ضبط ساعة التصعيد الدولي على «التوقيت الليبي»، الذي تأخر، وفق بعض الأوساط من بداية شهر رمضان المبارك الى آخره خلافاً لحسابات عواصم إقليمية ودولية.

وتتحدث تقارير ديبلوماسية واردة الى بيروت، ومعطيات استجمعها فرقاء على صلة مع عواصم عدة، عن لوحة المواقف الخارجية حيال الأزمة السورية كالآتي:

1 - جميع الدول أخذت تكيّف موقفها على أساس أن الحدث الليبي حدث فاصل، لكنه في الوقت نفسه يدفع كلاً من تركيا وإيران الى بذل الجهود من أجل عدم تكراره في سورية. ويضيف الجانب التركي على ذلك حرصه على عدم تكرار المثل العراقي في سورية ليس من زاوية التدخل العسكري الأجنبي فيه فحسب، بل من زاوية ضرورة تجنب نمو التناقضات الطائفية والمذهبية التي يشهدها العراق. ومن هنا الاتفاق التركي - الإيراني على تجنب التدخل الخارجي في سورية.

إيران تفاوض على سورية في العراق

2 - إيران تعرضت مع حليفها السوري الى انتكاسة في عملية الإمساك بأوراق عدة في المنطقة نتيجة الربيع العربي، لا سيما على الساحة الفلسطينية حيث اختارت حركة «حماس» الذهاب نحو المصالحة الفلسطينية بالتنسيق مع مصر، بعد التغيير الذي حصل فيها، بحيث باتت «حماس» مع التهدئة الأمنية في غزة، في هذه المرحلة على الأقل مقابل مواصلة «حركة الجهاد الإسلامي» إطلاق الصواريخ من غزة. وهذا، وفق الأوساط المتابعة للموقف الإيراني، دفع طهران الى التمسك الشديد بدعم النظام في سورية لأن سورية معبرها الى لبنان ودعم «حزب الله» كما أوضح السيد نصرالله في خطابه أول من أمس.

ولأن هذا الأمر مصيري بالنسبة الى طهران سعت الى دعم النظام بكل الوسائل فمارست نفوذها مع حكومة الرئيس نوري المالكي في العراق لمد سورية بالدعم الاقتصادي عن طريق بيعها نفطاً بأسعار مخفضة وتسهيل تصريف البضائع السورية عن طريق الحدود العراقية، فضلاً عن التسهيلات المصرفية، في مواجهة العقوبات الأميركية والأوروبية على سورية. وإذ يؤكد غير مصدر أن طهران أمدت دمشق بالسيولة المالية بما يحول دون انهيار سعر صرف الليرة السورية بفعل الأحداث والانكماش الاقتصادي، فإن الأوساط المتابعة للوضع الاقتصادي تشير الى أن الدعم الإيراني يمكن النظام من حماية وضعه الاقتصادي لأشهر مقبلة.

3 - لأن طهران تنظر الى سورية في إطار الخريطة الأوسع، فإنها تسعى وفق بعض المعلومات الى إبداء بعض التشدد في بعض الملفات حيال الولايات المتحدة الأميركية والغرب، ومنها مسألة استمرار الوجود العسكري الأميركي في العراق، بعد نهاية عام 2011، والى مقايضة أي ليونة منها بليونة من دول الغرب حيال النظام في سورية. وتشير مصادر واسعة الاطلاع في هذا المجال الى ما يتردد عن مفاوضات أميركية - إيرانية تجري تحت الطاولة حول الوجود الأميركي في بلاد الرافدين. وتركز هذه المفاوضات على أن تضمن طهران عبر حلفائها العراقيين هذا الوجود، فيما تضمن الولايات المتحدة استمرار النظام في سورية باعتبارها شريكاً في الأمن العراقي أيضاً.

4 - في ظل الحديث عن تسابق تركيا وإيران على النفوذ في سورية وعلى الدور في معالجة الأزمة فيها، تتحدث المعطيات الديبلوماسية عن تقاطع مصالح بين أنقرة وطهران مصدره الصراع الذي تخوضانه مع حزب العمال الكردستاني على حدود كل منهما العراقية. وهو ما دفعهما الى التوافق، استباقاً لانتهاء المجتمع الدولي من التخلص من القذافي، على تغليب التوجه للضغط على النظام السوري من أجل أن يوقف العنف وقتل المتظاهرين وأن يسمح للتظاهرات السلمية بأن تأخذ مداها، وأن يعيد فتح الحوار مع المعارضة، وأن يبدأ بالإصلاحات في شكل جدي ويقلع عن سياسة تأجيل استحقاقاتها.

وهذا التوافق بين الدولتين أدى الى تعديل في لهجة كبار المسؤولين الإيرانيين منذ زهاء 3 أسابيع فبدلاً من تركيزهم على المؤامرة الخارجية على سورية باتوا يتحدثون عن ضرورة «الإصلاحات الواسعة» والحوار بين «الحكومة والشعب» والتجاوب مع تطلعات الشعب... الخ، بموازاة رفض طهران التدخل الخارجي وإدانتها «الناتو» في ليبيا.

أما الجانب التركي فقرر سلوك هذا التوجه لاقتناعه بأنه يجب توظيف الضغط الخارجي الدولي، المرفوض من أنقرة، من أجل إقناع النظام بوقف القتل والإقبال الجدي على الإصلاحات، نظراً الى أن أفق الأزمة مسدود، فلا الحركة الاحتجاجية ستتوقف، لا سيما أن الدماء تقود الى تصعيدها، ولا النظام بات ضعيفاً حتى تستطيع المعارضة إسقاطه، لا سيما أنها ما زالت غير موحدة لا في القيادة ولا في البرنامج ولا بد من سلوكها هي والنظام طريق الحوار.

وإذ تشير المعطيات الديبلوماسية الى أن طهران مارست ضغوطاً جدية لهذا الغرض على النظام السوري، فإن أنقرة تخشى من أن يؤدي ترك الأمر الى تصاعد الضغوط الدولية على سورية، على رغم إمكان نجاحها في تضييق الخناق الاقتصادي عليه، والركون الى إصرار أركانه على الحل الأمني، الى حرب أهلية.

وتتحدث التوقعات في شأن تطور الموقف الدولي أن تنضم روسيا قريباً الى الضغوط على النظام وأن تقبل بقرار دولي بعقوبات على النظام لاعتقاد موسكو بأن سياسة قتل المتظاهرين باتت لا تحتمل وأنها تعطي لنفسها مهلة أسبوعين قبل أن تنضم الى الدول الداعمة بهذه الطريقة أو تلك، للعقوبات.

5 - تدور الاتصالات العربية التي يفترض أن تتبلور في موقف الجامعة العربية بين حدين: الأول يأخذ في الاعتبار السقف التركي المراهن على ضغط إيراني على النظام السوري للقبول بتسوية مع التزامه بجدول زمني واضح للإصلاحات المتدرجة والهادئة، مع إقناع المعارضة بهذا السقف إذا قبل به النظام، وبين سقف آخر لا يرى فائدة من المراهنة على الضغط الإيراني على النظام السوري أو على تجاوب الأخير في شكل جدي.

 

بقاء النظام السوري على المحك
برناردينو ليوني *
 

زرت سورية أخيراً للمشاركة في عزاء والد صديق لي. ولذا، استخدمت جواز سفر عادياً غير ديبلوماسي في هذه الزيارة الخاصة، قبل تعييني ممثلاً خاصاً للاتحاد الأوروبي. ودوري اليوم هو تيسير العملية الانتقالية في عدد من الدول. ولا أرى أن سورية هي واحدة من الدول هذه. وقابلتُ عدداً من الشخصيات المقربة من النظام السوري في إطار غير رسمي، ولم أتصل بالرئيس السوري. وأبلغتُ المقربين من النظام رسالة مفادها: «أنتم لا ترون الحقيقة على ما هي. فالعنف بلغ مبلغاً لا يحتمل. والمجتمع الدولي يدين أعمال العنف». ونبهتُ من اجتمعت بهم الى أن تصديق الناس والمجتمع الدولي الإجراءات السياسية التي يقرها النظام هو رهن وقف العنف ومحاسبة المسؤولين عنه من المأمورين والآمرين، وتشريع الأبواب أمام مرحلة انتقالية من طريق الدعوة الى عقد مؤتمر مع المعارضة وشرعنة عمل الأحزاب السياسية. ولكني لم أدعُ الى عقد مؤتمر في مدريد.

والتشاؤم يغلب على رأيي عند تقويم الوضع الداخلي السوري. فالنظام أطاح احتمالات الحوار مع معارضة منظمة، وأجج الطائفية، وفاقم الشقاق في المجتمع. وأعمال العنف تتواصل، في وقت يدرك الشعب أنه بلغ نقطة اللاعودة ويواصل النضال. وراقب النظام السوري حوادث مصر وتونس، ويدرك أن بقاءه هو على المحك. لذا ينتهج سياسات أشرس وأقسى. والمجتمع الدولي ملزم مفاقمة الضغط عليه.

وليس انفراط الالتحام بين الجيش والنظام راجحاً. فالضباط لم يشاركوا في دورات تبادل مع الدول الغربية، على خلاف ضباط جيوش الدول المجاورة. وإلى اليوم، لم تبرز مؤشرات واعدة، على رغم انشقاق ضباط من رتب عالية بعد إدراكهم أنهم يساهمون في تنفيذ مجزرة فعلية. وقد ينشق عسكريون سوريون ويهربون الى الخارج، على نحو ما حصل في ليبيا. لكن عمليات الانشقاق تقمع قمعاً عنيفاً.

وتشهد منطقة الشرق الأوسط تغيرات كبيرة، ويعوّل النظام السوري على مكانة سورية الاستراتيجية في المنطقة ليتساهل معه المجتمع الدولي. ولكن الرياح لا تجري على حسابات النظام السوري، وصبر المجتمع الدولي ينفد.

وتبذل مساعٍ لتوفير الإجماع في مجلس الأمن على قرار يتناول الوضع في سورية. والإجماع هذا لناظره قريب. وقد تبلغ المساعي هذه هدفها. وضغوط الدول العربية وجامعتها على النظام السوري تتعاظم.

وآمل بأن تدخل الأراضي الليبية كلها في العملية الانتقالية في القريب العاجل. وأرى أن عجلة التغيير في سلسلة من دول المنطقة لن تتوقف، ولن ترتكس الى الوراء. وأعمل على الإسهام في العملية الانتقالية من طريق التعاون مع أطراف سياسية رفيعة المستوى. وعلى رغم كلامي عن سورية وليبيا، ليست مهمتي إدارة الأزمات.

ويبرز الغضب في تونس ومصر جراء تأخر إرساء البنى الجديدة. ولكن قضايا مثل تنظيم الانتخابات وإرساء مؤسسات جديدة وبدء الحوار بين القوى السياسية تحتاج الى الوقت، وليس من اليسير على الناس الذين أسقطوا الديكتاتورية وأطلقوا عجلة تغيرات تاريخية إدراك ذلك. فالناس كانوا يعرفون من يواجهون. واليوم، وجدوا أنفسهم أمام مهمة تحديد أهداف جديدة. والعملية هذه تفضي الى بروز انقسامات جديدة. فعلى سبيل المثل، يميل الإسلاميون الى توجيه العملية السياسية الى وجهة محددة، بينما يميل العلمانيون الى وجهة أخرى. ويبدو أن الإسلاميين والعلمانيين في تونس ومصر يدركون الأخطار المترتبة على انفراط عقد الإجماع ويسعون في صوغه مجدداً.

ويأخذ التونسيون والمصريون على أوروبا دعمها الفاتر لهم. فأوروبا غلّبت كفة الاستقرار على كفة الديموقراطية. ويفترض بها أن تبادر الى تفسير موقفها، وأن تبادر الى التزام فعلي في المنطقة. والتحدي هذا وثيق الصلة بتمويل سياسة الجوار مع دول الجنوب، في وقت نعاني أزمة مالية لا يستهان بها.

وتعاني الدول التي هبت عليها رياح التغيير من نتائج انهيار العائدات السياحية، وارتفاع أسعار النفط وتضخم الدين العام، في وقت تطمح الى إرساء ديموقراطيات لا يكون فيها التعليم والخدمات الطبية حكراً على مجموعة واحدة. والمؤسسات الأوروبية تدرك أن المساعدات الاقتصادية ملحة.

* ممثل خاص للاتحاد الأوروبي لشؤون دول جنوب حوض المتوسط، عن «لوموند» الفرنسية، 19/8/2011، إعداد منال نحاس


المصدر: جريدة الحياة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,524,976

عدد الزوار: 6,994,344

المتواجدون الآن: 56