الجيش اللبناني يفعل وجوده في المناطق الحدودية مع سوريا

آمال السوريين ترتفع بعد مقتل القذافي.. ومظاهرات في أكثر من 150 منطقة في جمعة «شهداء المهلة العربية»

تاريخ الإضافة الأحد 23 تشرين الأول 2011 - 4:06 ص    عدد الزيارات 2457    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

آمال السوريين ترتفع بعد مقتل القذافي.. ومظاهرات في أكثر من 150 منطقة في جمعة «شهداء المهلة العربية»
مقتل نحو 20 مدنيا برصاص الأمن منهم 15 شخصا في حمص
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
خرج المتظاهرون السوريون في جمعة «شهداء المهلة العربية» بزخم أعلى، إذ إن خيبة الأمل التي شابت حراكهم على خلفية منح الجامعة العربية مهلة أسبوعين للنظام، بما يعنيه وقتا إضافيا للاستمرار في القمع والقتل، طغت عليها مشاعر الاستبشار بقرب النهاية المأمولة، بعد إعلان نهاية العقيد الليبي معمر القذافي، وانتصار الثوار الليبيين. فكان هذا الحدث الضخم بمثابة وقود إضافي ألهب حناجر المتظاهرين الذين خرجوا في أكثر من 150 منطقة، أمس (الجمعة)، لتكون حصيلة أمس نحو عشرين قتيلا، 15 منهم سقطوا في حمص، بحسب ما قاله ناشطون في تنسيقيات الثورة السورية، وذلك رغم استمرار الحملات العسكرية الموسعة التي تشنها قوات الجيش والأمن في المنطقة الوسطى (حمص وريفها) وغالبية مناطق وبلدات ريف دمشق، ورغم انتشار التعزيزات العسكرية في عموم أنحاء البلاد، حيث تنتشر بؤر التظاهر.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن 19 شخصا قتلوا برصاص الأمن أمس، منهم 15 في حمص (وسط) واثنان في حماه (وسط) وواحد في إدلب وآخر في جاسم التابعة لريف درعا (جنوب)، مهد الحركة الاحتجاجية ضد النظام السوري.
ففي حمص التي استحقت لقب «عاصمة الثورة»، خرجت أمس مظاهرات حاشدة في المدينة وريفها. وقالت مصادر محلية إن ثلاث مدرعات تجولت ظهر أمس في أحياء البياضة وقامت بإطلاق عشوائي للرصاص مما أسفر عن وقوع ثلاث إصابات على الأقل. وفي دير بعلبه أصيب شاب برصاصة في الصدر عند الطريق العام. وفي باب هود جرى تفريق المظاهرة في ساحة الزاوية بالرصاص، كما قتل شاب برصاص قناص انطلق من جهة القلعة.
وقالت المصادر إن مضادات طيران من نوع «شيلكا» شوهدت تحلق في حي باب عمرو، وإن قوات الجيش ألقت قنابل مسمارية هناك، وأسفر ذلك عن سقوط قتلى بينهم طفل (9 سنوات) هو محمد وليد السلوم. وفي باب السباع وباب الدريب سقط الكثير من القتلى.
وفي منطقة القصير على الحدود مع لبنان، تصاعدت العملية العسكرية الموسعة التي تقوم بها قوات الجيش والأمن، وسط فرض حالة حصار تام وقطع للماء والكهرباء والاتصالات ومنع التجول، لأكثر من أربعة أيام. ومنذ مساء الخميس اتجهت الحملة لتشمل كامل أحياء المدينة بعد أن كانت تنفذ في القرى المحيطة والواقعة على الحدود. وقالت مصادر محلية إن إطلاق النار وإلقاء القنابل الصوتية لم يهدأ طيلة ليل الخميس وحتى صباح أمس (الجمعة)، مع حملة مداهمات واعتقالات طالت غالبية الأحياء وتركز في الحيين الشمالي والغربي. وجرى اعتقال العشرات من أهالي القصير وقراها.
وصباح أمس، تم تركز مدرعات عند أبواب غالبية مساجد المدينة، حيث توقفت عند كل مسجد ثلاث مدرعات مع نشر للقناصة في محيط المساجد لمنع خروج المظاهرات، وفي أحد المساجد وما إن أطلق أحد المصلين القلائل هتاف التكبير حتى جرى إطلاق كثيف للنار، وقالت المصادر إن غالبية المساجد لم تقم فيها الصلاة أمس، كما قامت قوات الأمن والجيش بإحراق موتوسيكلات الأهالي في الحي الجنوبي.
ولفتت المصادر المحلية هناك إلى أن عمليات انتقامية تنفذها قوات الأمن في بيوت الناشطين فعدا التخريب والنهب، يتم ترهيب الأطفال والنساء والشيوخ، وقالت إنه تم إحراق ثلاثة منازل على الأقل في القصير، بالإضافة إلى احتلال كل بيت ذي موقع حساس أو مهم بعد طرد الأهل منه. وفي معلومات غير مؤكدة قالت المصادر إن طائرات صغيرة تستخدم للأغراض الزراعية شوهدت ترش مواد لم تعرف ماهيتها على مدينة القصير مع ساعات الصباح الأولى.
وفي درعا خرجت مظاهرات أمس في حي القصور، كما خرجت مظاهرات في قرى حوران. وقال ناشطون إنه في درعا البلد قام المصلون بجامع السحاري بعد صلاة الجمعة بالتكبير والهتاف «القذافي طار طار إجي دورك يا بشار»، رغم محاصرة قوى الأمن للمسجد، والتي سارعت إلى تفريق المصلين وإخراجهم من المسجد. كما جرى إطلاق نار على المتظاهرين وقامت عناصر من الجيش السوري الحر (المنشقون) بالرد مما أدى إلى وقوع إصابات.
وفي محافظة إدلب خرجت مظاهرات في عدة أحياء بالمدينة وفي غالبية القرى والبلدات في المحافظة. وقال ناشطون إن مظاهرات حاشدة انطلقت في أحياء مدينة إدلب وتجمعت في ساحة جامع سعد بن أبي وقاص التي حاولت قوات الأمن إغلاقه حجة الصيانة. وشبه ناشطون منظر المظاهرات في ساحة مدينة إدلب بمنظر المظاهرات التي سبق وشهدتها مدينة حماه قبل أن تقتحم من قبل قوات الجيش.
وفي دمشق وريفها، خرجت مظاهرات تستنكر موقف الجامعة العربية حيال ما يجري في سوريا، وتبشر الرئيس السوري بقرب نهايته بعد مقتل معمر القذافي. وقال ناشطون إن انتشارا كثيفا للأمن والشبيحة كان في منطقة قبر عاتكة ظهر أمس (الجمعة) وسط العاصمة دمشق، إلا أن مظاهرة انطلقت من جامع الذهبية في المنطقة، ورفعت لافتات تعبر عن الفرح بنجاح ثوار ليبيا في قتل معمر القذافي ودعت الرئيس الأسد لأخذ العبرة من نهاية نظام القذافي، إلا أن الأمن قام بتفريق المظاهرة بإطلاق الرصاص الحي. وفي حي القابون تمت محاصرة جميع المساجد مع تمركز للأمن والشبيحة عند مداخل الحارات بالعتاد الكامل، مع حواجز طيارة لتفتيش السيارات ومع ذلك خرجت مظاهرة من مسجد الحسين هنأت الشعب الليبي ونادت بإعدام الرئيس «ارحل بشار ما في حوار».
وفي ريف دمشق هاجمت قوات الأمن مظاهرة خرجت في بلدة سقبا واعتقلت عددا من المتظاهرين وقامت بضربهم ضربا مبرحا، داخل الحافلات. وفي بلدة داريا خرجت مظاهرة هتفت لإسقاط النظام ومحاكمة رموزه وسط انتشار أمني وعسكري مكثف. وقال ناشطون إن قوات المخابرات الجوية قامت برمي قنابل مسمارية على المظاهرين عند المستشفى الوطني في داريا.
وفي الحسكة شمال شرقي البلاد، خرجت مظاهرة في حي الشدادي ومظاهرات أخرى في المناطق ذات الأغلبية الكردية، في قامشلو والدرباسية ورأس العين وعامودا. كما شهدت المناطق الشرقية مظاهرات في عدة أحياء في مدينة دير الزور في حي البوسرايا والقصور والعمال. كما خرجت مظاهرات في مدينة البوكمال والميادين والجرذي والشحيل والطيانة والضاحية والقورية. وفي محافظة حلب، خرجت مظاهرات من الريف في عندان ومارع وحيان وتل رفعت والباب ومنبج ومنغ. وقال ناشطون إن مظاهرات حاشدة انطلقت في تل رفعت ومارع، وفي منطقة الباب جرى إطلاق الرصاص لتفريق المتظاهرين وجرت اشتباكات بين الأهالي وقوات الأمن لتخليص المعتقلين، كما تم إطلاق الرصاص الحي من قبل الأمن والشبيحة لتفريق المظاهرة التي خرجت في بلدة حيان.
وفي مدينة حماه، خرجت مظاهرات في عدة أحياء وحي الكرامة وقلعة المضيق وخطاب وجنوب الملعب واللطامنة والصابونية وحي الشرقية وحي الجلاء وطريق حلب، وفي معظم قرى ريف حماه، منها المناخ والتكية وطيبة الإمام وكرناز والحميدية وكفر زيتا وطريق حلب. وفي الساحل خرجت مظاهرات صغيرة في بانياس وفي حي السكنتوري في مدينة اللاذقية.
 
السوريون هتفوا: يا سوريا لا تخافي بشار بعد القذافي
وصفوا الجامعة العربية بالفاشلة
بيروت: ليال أبو رحال دمشق ـ لندن: «الشرق الأوسط»
خرج المتظاهرون في سوريا يوم أمس ليعتبوا بمرارة على الجامعة العربية وليهنئوا ثوار ليبيا، ويدعون الرئيس بشار الأسد لأخذ العبرة والمسارعة بالرحيل قبل أن يلقى مصير معمر القذافي. وفي حمص رفع المتظاهرون لافتات كتبوا عليها «الأسد يقتل في ظل الجامعة العربية» معتبرين أن «الجامعة العربية أفشل منظمة في التاريخ» فيما غنوا «نحنا شهدا المهلة العربية». كما وجه المتظاهرون رسالة إلى الزعماء العرب بصيغة قصيدة «يا عرب يا عرب الدم السوري انسكب - يا عرب يا عرب الحق السوري انسلب - يا عرب يا عرب جرح السوري وأنتم السبب».
وعاد المتظاهرون في بلدة الحولة إلى التأكيد على أن الثورة السورية هي ثورة ضد «الظلم والطائفية والعنصرية» التي يمارسها نظام الأسد. وفي كفر نبل في إدلب غنوا لأمير قطر حمد بن جاسم كون قطر رئيسة اللجنة التي كلفتها الجامعة العربية بالملف السوري «يا حمد اسمع الصوت - الشعب السوري ما بيموت». ولأن الشعب السوري لا يموت بحسب المتظاهرين نصحوا الأسد بأن يرحل لأن الدور قد وصل إليه، لأنه «على مر العصور الطغاة حتما ستزول».
ورفعت في إحدى المظاهرات لافتة كتب عليها «خبر عاجل: انصح بشار بالرحيل فورا حتى لا يلاقي مصير القذافي»، دون أن يفوت المتظاهرون في كافة أنحاء البلاد المباركة للأسد ونظيره اليمني علي عبد الله صالح لوصولهما إلى الدور النهائي بعد خروج القذافي. وفي غالبية المظاهرات كان الهتاف الأبرز «يا سوريا لا تخافي بشار بعد القذافي». مع التنويع عليه بهتاف «طار طار القذافي وجاء دور الزارفي» و«القذافي طار طار جهز حالك يا بشار». ورفعت أعلام الثورة الليبية مع لافتات تضمنت تحيات من الشعب السوري لأحفاد عمر المختار ولرئيس المجلس الانتقالي الليبي على وقوفه مع الشعب السوري. وفي لافتة طريفة تهزأ من نعت القذافي للثوار بالجرذان وتشبيه الأسد المتظاهرين بالجراثيم، كتب المتظاهرون «الجراثيم في سوريا تبارك للجرذان في ليبيا بهذا النصر العظيم».
من جهتها، اعتبرت لجان التنسيق المحلية، في بيان تهنئة وجهته للشعب الليبي، أن «ثورة الشعب الليبي الشقيق طوت حقبة القذافي بما حملته من تاريخ طويل من القمع والاستبداد والفساد والظلم، وبدماء الآلاف من شهدائها فتحت ليبيا صفحة جديدة لتكتب تاريخ من انتفضوا لكرامتهم وأحقيتهم بالحياة وجدارتهم الأخلاقية والإنسانية».
وأشارت إلى أن «ليبيا إذ تسير أولى خطواتها باتجاه بناء دولة القانون والمؤسسات وإرساء مبادئ العدالة وحقوق الإنسان، ستكون نموذجا آخر لانتصار إرادة شعوب المنطقة على طغيان مديد ظن أصحابه أنه راسخ إلى الأبد»، معتبرة أن «الانتصار الكبير الثالث للثورات العربية يرسل إشارات حاسمة لطغاة المنطقة وللشعوب المنتفضة أيضا وللعالم أجمع، ذلك أن لا عودة عن مطلب الحرية، وأن دونه دماء وأرواح كريمة وغالية».
وأعلن الناشطون السوريون على صفحات المعارضة السورية على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي عن سعادتهم لمصير القذافي، ووضع بعض منهم صورة كاريكاتورية للقذافي مذيلة بعبارة «اللعبة انتهت». وكتبت صفحة «الثورة السورية» على «فيس بوك»: «لقد لاحق الشعب الليبي العقيد الفار مدينة مدينة، شارع شارع، زنقة زنقة، إلى أن وجده في أحد مجارير الصرف الصحي كما ذكرت إحدى وكالات الأنباء». وفيما طرح أحد الناشطين سؤالا للتصويت عليه حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، واضعا 3 احتمالات: «مصير القذافي، مصير مبارك، مصير صدام»، كتب ناشطون آخرون: «والآن جاءك الدور يا دكتور، جاءك الدور يا من لا يرى أبعد من أنفه، جاءك الدور من الشعب الذي وصفته بالجراثيم، يا ترى هل ستستطيع كسب بعض الوقت فتنفد بريشك وتفر كما فر بن علي؟ أم ستقف وراء القضبان كما وقف المخلوع مبارك؟ أم ستهرب كما هرب القذافي ويلاحقك الشعب دار دار، زنقة زنقة، أو بالشامي (زاروب زاروب؟)».
 
غليون لـ«الشرق الأوسط»: أستغرب أن يذهب وفد الجامعة إلى دمشق والدم السوري ما يزال يسفك
المبادرة العربية في نظر الناشطين السوريين «مهلة للقتل».. وقيادات المعارضة تعتبر قبول دمشق استقبال الوفد مناورة لكسب الوقت
بيروت: ثائر عباس
لم تجد المبادرة العربية التي أطلقها اجتماع وزراء الخارجية العرب مطلع الأسبوع الحالي قبولا من قوى المعارضة السورية على اختلاف مشاربها، إذ أجمع المعارضون على رفض الحوار مع النظام، معتبرين أن «استمرار آلة القتل» خير دليل على عقم الحوار مع هذا النظام.
لكن قبول النظام السوري استقبل وفد الجامعة العربية رغم تحفظه على رئاسة قطر لهذه اللجنة، وضع المعارضين في حالة من الإحراج جعلتهم يقترون في تصاريحهم حول المبادرة بعد أن عولوا على رفض النظام المسبق لأي مبادرة.
الشارع السوري كان أكثر جرأة في التعبير عن الانزعاج من «مهلة» الجامعة، فأطلق الناشطون اسم «شهداء المهلة» على جمعة الاحتجاج الجديدة التي نفذوها أمس لتحميل القادة العرب «المسؤولية الأدبية» عن ضحايا هذا اليوم كما قال أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط»، معتبرين أنها «مهلة للنظام لقتل المزيد من شعبه» كما أشاروا في كتاباتهم على «فيس بوك». مشددين على أن أعضاء الجامعة «شركاء في جرائم النظام التي يرتكبها مستفيدا من المهلة تلو المهلة والمبادرة تلو المبادرة».
أما القيادات المعارضة، فقد كانت أكثر «دبلوماسية» في ردودها، لكنها لم تكن تقل عن الناشطين تشددا، فأعلن رئيس المجلس الوطني السوري الدكتور برهان غليون لـ«الشرق الأوسط» أن المجلس الوطني «يرحب بكل الجهود لمساعدة الشعب السوري على الخروج من الأزمة ووقف آلة القتل»، لكنه استغرب «أن يقبل وفد الجامعة العربية أن يذهب إلى دمشق والدم السوري ما يزال يسقط مع عشرات الشهداء كل يوم». وطالب غليون «الجامعة العربية أن تكون جدية في ما تطلبه من النظام»، متسائلا: «هل يعقل أن يذهب الوفد واليوم فقط سقط 14 قتيلا حتى الآن (ظهر أمس).. هناك خطأ في الموضوع». واعتبر غليون أن كل كلام عن الحوار «ليس كلاما جديا ما دام النظام مستمرا في القتل». مشيرا إلى أن كل كلام من قبل النظام عن الحوار هو «مناورة ومحاولة لكسب الوقت»، ورأى أن ما يحصل يؤشر إلى وجود «خطأ ما في أداء الجامعة العربية يجب الانتباه إليه لأن ما يحصل يسيء إلى الجامعة العربية».
وكانت الجامعة العربية قد أعلنت أول من أمس، أنها تلقت موافقة الحكومة السورية على استقبال اللجنة التي شكلها مجلس الجامعة خلال اجتماعه الطارئ مؤخرا بشأن الأوضاع في سوريا يوم الأربعاء المقبل في دمشق. وقال السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن بشار الأسد أبلغ الجامعة العربية استعداده وترحيبه للقاء اللجنة الوزارية العربية التي شكلت في الاجتماع الوزاري العربي الطارئ يوم 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي برئاسة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل جبر، والأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، وعضوية وزراء خارجية كل من مصر والجزائر وسلطنة عمان والسودان.
أما أمين سر المؤتمر السوري للتغيير (أنطاليا) محمد كركوتي فأعلن رفض المؤتمر لمبدأ الحوار والمبادرة ككل «لأنها تقوم على حوار مع نظام فقد شرعيته وما يزال يقتل شعبه». معتبرا أن «الحوار لا يمكن أن يستقيم مع من يضع البندقية في رأسنا ولا يعترف بحقوقنا». متسائلا: «ألم يستنفد (الرئيس السوري) بشار الأسد كل المهل؟» واضعا هذا السؤال برسم العرب لأن الأسد «استنفد كل المهل ولم يلتفت إلى الآن لأي مبادرة ولم يوقف العنف على الأقل». معتبرا أن الأسد «دمر المبادرة فور إطلاقها، لكنه عاد ليستجيب إلى طلب زيارة وفد اللجنة العربية برئاسة قطر بما يوضح أنه (مزنوق) إلى حد كبير بما دفعه لقبول استقبال اللجنة». وأضاف: «أما نحن فلا يمكن أن نجلس مع هذا السفاح على الإطلاق». مشيرا إلى أن «الحوار الوحيد الممكن هو حول كيفية خروجه من السلطة بأقل خسائر ممكنة، مع عدم تقديم أي ضمانات لمستقبله. فالشعب السوري وحده يقرر الضمانات».
 
الجيش اللبناني يفعل وجوده في المناطق الحدودية مع سوريا
المجلس اللبناني - السوري ينفي وجود خروقات سورية.. وعلوش لـ«الشرق الأوسط»: سفارة دمشق تعمل وكأنها «وكر مخابرات»
بيروت: يوسف دياب وليال أبو رحال
كشفت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «الجيش اللبناني عزز من وجوده وكثف دورياته في المناطق والبلدات الحدودية التي شهدت خروقات من قبل الجيش السوري في الأيام والأسابيع الماضية». وأكدت أن «أعدادا كبيرة من عناصر الجيش اللبناني استقدمت إلى نقاط حدودية في الشمال والبقاع، تعزيزا للقوة المشتركة المولجة مراقبة الحدود ومنع التهريب، ومنعا لتسلل أشخاص بالاتجاهين بما يحول دون تكرار تجاوز الجيش السوري للحدود اللبنانية». ولفتت المصادر إلى أن «الأهالي في بلدات جبل أكروم ووادي خالد المتاخمة للحدود السورية، بدأوا يتلمسون الوجود الفعال للجيش اللبناني مما عكس ارتياحا لديهم، وباتوا أكثر اطمئنانا للبقاء في منازلهم والذهاب إلى حقولهم بعد أيام صعبة من التوتر والخرق وإطلاق النار باتجاه بيوتهم».
في هذا الوقت أكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيش والقوى الأمنية اللبنانية موجودة باستمرار على الحدود الشمالية الشرقية، ومنذ البداية كانت تقوم بواجبها في حفظ الأمن في هذه المناطق، وهذه القوى لم تكن تنتظر أحداثا معينة لتقوم بدورها»، مشيرا إلى أن «بعض الحوادث التي وقعت عند بعض النقاط مثل ما حصل في عرسال والقاع في البقاع، وفي أكروم ووادي خالد في الشمال، استدعى تعزيز الوجود العسكري فيها بعض الشيء بهدف طمأنة الناس». وقال «إن حدودنا الشمالية الشرقية آمنة ولا شيء يدعو للقلق رغم بعض الحوادث الفردية، ولا حاجة للاستنفار لأننا نتعاطى مع دولة شقيقة تتفهم وضعنا كما نتفهم أوضاعها، ولسنا على جبهة مع العدو».
وكانت وحدة من الجيش اللبناني، داهمت أول من أمس منزلين في بلدة «دير العشائر» في قضاء راشيا، وصادرت منها ثلاثة رشاشات حربية من نوع «كلاشنيكوف» وثماني بنادق صيد، وأوقفت أحد الأشخاص وهو لبناني الجنسية على ذمة التحقيق، في حين ربطت مصادر ميدانية بين هذه المداهمة وحادثة إطلاق النار التي حصلت منذ يومين في مزرعة «دير العشائر» قرب الحدود اللبنانية - السورية.
واستغرب رئيس بلدية «دير العشائر» أحمد نصر «تضخيم الأمر، والمبالغة في الحديث عن مصادرة أسلحة حربية». وأكد في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «السلاح الذي تمت مصادرته هو سلاح فردي عادي، وهو عبارة عن بندقية واحدة من نوع (كلاشنيكوف)، وبندقية (سمينوف) قديمة موجودة في المنزل الذي جرت مداهمته كقطعة أثرية، وجفت للصيد 12 ملليمترا، إضافة إلى بندقية خلع و8 بنادق خردق دك للصيد». وعن أسباب هذه المداهمة قال «ربما مرتبطة بعملية إطلاق نار حصلت قبل يومين على مهربين»، مشددا على أنه «لا علاقة لها (المداهمة) بتهريب السلاح إلى سوريا، لأن (دير العشائر) بريئة من السلاح وتهريبه».
وكانت أصوات طلقات رشاشة نارية ثقيلة ومتوسطة سمعت في مزرعة «دير العشائر» السورية الواقعة على الحدود اللبنانية - السورية، المتاخمة لبلدة «دير العشائر» اللبنانية في وقت متأخر من ليل أول من أمس، وقد أفادت مصادر ميدانية في المنطقة لـ«الشرق الأوسط»، بأن «بلدة (دير العشائر) اللبنانية هادئة جدا ولم يطلق منها أي رشقات نارية لا في الداخل ولا باتجاه الأراضي السورية»، مشيرة إلى أن «الجيش اللبناني موجود بشكل شبه دائم في هذه المنطقة ويضبط الوضع بشكل جيد، وليس ثمة خوف من أي احتكاك هنا بيننا وبين الإخوة السوريين».
من جهته، نفى الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري «وجود خروقات سوريا للأراضي اللبنانية بل محاولات إعلامية لإظهار ذلك من دون الاستناد إلى أي مرجعية رسمية»، وقال إن «الجيش اللبناني على تنسيق دائم ويومي مع الجيش السوري، وهناك اجتماعات تنسيقية ميدانية تعقد أسبوعيا وليس فقط على صعيد القيادة».
وكان السفير السوري علي عبد الكريم علي طالب أول من أمس المؤسسات اللبنانية ممثلة بمرجعياتها الأمنية بالتعاون لضبط الحدود، مما لاقى استغرابا لدى الأوساط اللبنانية، حيث رأى عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش أنه «من المستغرب أن تقوم دولة (سوريا) باجتياح الحدود اللبنانية ويطالب سفيرها بتطبيق القانون في بيروت». وأشار، في اتصال مع «الشرق الأوسط» إلى أن السفير السوري «يتخطى القانون وتعمل سفارته كما لو أنها وكر مخابرات وتخطف مواطنين، وفي الوقت عينه يطالب بقيام علاقات سوية بين البلدين».
وطالب علوش «الحكومة اللبنانية بأن تقوم بدورها وتمنع أي تجاوزات تحصل على الحدود وتتابع الموضوع مع الجانب السوري»، داعيا إياها إلى أن «تمنع التعدي الحاصل على السيادة اللبنانية بما يتجاوز الأصول الدبلوماسية». ورأى أن «الصمت الحكومي ليس بمستغرب، إذ إن الحكومة أنشئت في الواقع لدعم النظام السوري، ويتأكد يوما بعد آخر أنها مرهونة له بالكامل».
وأكد خوري بعد لقائه وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور، أنه «لم يحصل أي خرق للأراضي اللبنانية من قبل الجيش السوري كما تمّ الادعاء، وفي الإمكان العودة إلى الجيش اللبناني الذي هو المرجعية المسؤولة عن الحدود، وهو أكد ويؤكد ونحن ننسق معه يوميا، أنه ليس هنالك أي خرق، فما حصل في عرسال أن هناك منطقة مختلف عليها وغير محددة.
 
وزير الداخلية اللبناني: إذا تغير النظام في سوريا هناك مشكلة في لبنان.. وإن لم يتغير كذلك
مروان شربل يدعو اللبنانيين إلى الحوار لنزع فتيل التوتر ويحذر من عودة الاغتيالات
باريس: ميشال أبو نجم
في أول زيارة رسمية له لفرنسا منذ تعيينه وزيرا للداخلية، كان للعميد مروان شربل لقاءات مهمة مع المسؤولين الفرنسيين أبرزها مع نظيره كلود غيان. وشكلت هذه اللقاءات فرصة للمسؤولين الفرنسيين لطرح مواضيع الساعة التي تشغل باريس وعلى رأسها الملف السوري وتطوراته واحتمالاته وانعكاساته على الوضع اللبناني وسلامة الأراضي اللبنانية بعد أن تكررت الاختراقات السورية وتموضع حزب الله وسلاحه وأمن قوات «اليونيفيل» ومن بينها الكتيبة الفرنسية، فضلا عن العلاقات الثنائية الفرنسية - اللبنانية والمساعدة التي تستطيع فرنسا أن تقدمها في قطاع أمن المطارات أو محاربة الإرهاب أو الحماية المدنية وخلافها.
وفي لقاء ضيق مع عدد محدود من الصحافيين، عرض الوزير شربل الذي يفترق عن السياسيين بلغته المباشرة والصريحة، لكافة هذه المواضيع ولشؤون أخرى تشغل بال المواطن اللبناني، وردا على السؤال الأساسي المطروح على اللبنانيين وهو: هل يتعين عليهم أن يتخوفوا مما يجري في سوريا؟ يجيب شربل ومن غير تردد: «نعم، عليهم أن يتخوفوا لأنهم يعيشون أصعب أيامهم منذ الاستقلال وذلك لسببين اثنين: الانقسام الحاد في صفوفهم والوضع في سوريا». ويستطرد شربل قائلا: «لا أريد تخويف اللبنانيين ولكن عليهم أن يعوا أنه إذا تغير النظام في سوريا هناك مشكلة في لبنان وإذا لم يتغير هناك مشكلة أيضا، لأنه في الحالتين سيشعر فريق من اللبنانيين أنه انتصر وسيشعر فريق آخر أنه هزم، ولذا أدعو اللبنانيين إلى النظر في الموضوع السوري ليس من باب الربح والخسارة في سوريا بل من باب الربح والخسارة في لبنان»، أما المخرج فيتمثل في الحوار وجلوس كافة اللبنانيين إلى طاولة واحدة حتى وإن لم يتفقوا. الجلوس نفسه يمكن أن يخفف من احتقان الشارع ويوفر نوعا من الطمأنينة ولذا فمن غير طاولة مستديرة، فإن الأمور صعبة في لبنان.
ويرى وزير الداخلية أن تمدد الأزمة السورية إلى لبنان «ممكن» ما برز في عدد من الأماكن منها طرابلس مثلا، غير أنه يراهن على «وعي اللبنانيين» وعلى تيقنهم من أن «الجميع خاسرون» في حال تحققت هذه المخاوف.
وقلل الوزير شربل من معنى وأهمية دخول وحدات سورية إلى لبنان لملاحقة معارضين، معيدا ذلك لغياب ترسيم واضح للحدود في عدد من المواقع، خصوصا في البقاع الشرقي. لكنه رأى أنه «لا يحق لسوريا ممارسة حق الملاحقة والمتابعة» للسوريين الذين يدخلون إلى الأراضي اللبنانية وأنه من واجب الدولة اللبنانية حماية حدودها. وبالمقابل، لفت وزير الداخلية النظر إلى أن الاتفاقيات الأمنية الموقعة بين لبنان وسوريا «لا تتيح» للقوات السورية الدخول إلى لبنان لكنها تفترض «وجود تنسيق أمني بين لبنان وسوريا».
ونبه الوزير شربل من عودة الاغتيالات السياسية المرتبطة بتطور الأوضاع، مشيرا إلى توافر معلومات لديه عن إمكانية حصول محاولات اغتيال. غير أنه رفض الخوض في التفاصيل. كذلك حذر من تغلغل «أصوليين وإرهابيين ومطلوبين للعدالة» داخل المخيمات الفلسطينية ومن التعرض للقوات الدولية الموجودة جنوب لبنان.
ودعا شربل السياسيين في لبنان لترك الأجهزة الأمنية تقوم بدورها من غير تدخلات، معتبرا أنه «خط الدفاع الأول» عنها كلها والحريص على أن تتمتع بكل ما تحتاج إليه وملء كل الشواغر الإدارية. وأشار إلى أن المحافظين سيعينون وأولهم محافظ بيروت وإلى أنه حدد آلية موضوعية للتعيين.
وفي موضوع النزاع على الأراضي في جرود بلاد جبيل وتحديدا في بلدة لاسا بين الشيعة والبطريركية المارونية، رأى الوزير أن الحل يكمن في عدم التسييس واستدعاء دوائر المساحة لتحدد الجهات المالكة. أما الأراضي المتنازع عليها فيجب أن يبت بها القضاء.
وفي موضوع المحكمة الدولية، توقع شربل أن توافق الحكومة على تمويل المحكمة، مستبعدا أن تكون سببا لسقوطها رغم رفض حزب الله وخصوصا العماد عون قيام لبنان بدفع ما يتوجب عليه. لكنه بالمقابل نبه من استحقاق التجديد للمحكمة الذي سيحل في شهر مارس (آذار) القادم الذي من شأنه تهديد وجود الحكومة إذا لم تتوصل الأطراف اللبنانية إلى تسوية مقبولة بشأنها.
 
واشنطن: القذافي درس للأسد وصالح
الجمهوريون يحثون أوباما على زيادة الضغوط على الرئيس السوري
واشنطن: محمد علي صالح
حذرت الخارجية الأميركية كلا من الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس اليمني علي عبد الله صالح من أن مصيرهما سيكون مثل مصير الرئيس الليبي المقتول، معمر القذافي. وقال المتحدث باسم الخارجية، مارك تونر، من دون أن يذكر أسماء، إن ما حدث للقذافي «مؤشر آخر على أن القاعدة هي أن أي حكم من حديد تكون نهايته مريرة»، وقال إن الرئيس باراك أوباما نفسه كان قال ما معناه ذلك.
وأضاف تونر: «كل من يخطو إلى الوراء قليلا، وإلى ما شاهدناه يحدث في جميع العالم العربي وفي شمال أفريقيا في الأشهر الستة الماضية، يصل إلى الحقيقة بأن هؤلاء القادة يجب أن يلبوا تطلعات شعوبهم»، وقال: «ما نراه الآن في سوريا مذهل. حيث يحاول الشعب السوري، بطريقة سلمية، تحقيق التغيير الديمقراطي. لكنه يُقابل بالعنف»، وأضاف تونر: «ما زلنا نعتقد أن هؤلاء القادة يقفون على الجانب الخطأ من التاريخ. وأن أيامهم معدودة».
وقال مراقبون في واشنطن إن الرئيس أوباما، في الكلمة التي وجهها، أول من أمس، تعليقا على مقتل القذافي، أشار في عبارات دبلوماسية إلى أهمية تحقيق تطلعات بقية الشعوب العربية التي تواجه أنظمة ديكتاتورية.
وفي الوقت نفسه، دعا قادة في الكونغرس الرئيس أوباما للضغط أكثر على الرئيس بشار الأسد. ودعا السيناتور ليندسي غراهام (جمهوري من ولاية ساوث كارولينا) الرئيس أوباما ليبلغ الرئيس الأسد بأن «كل الخيارات مطروحة على الطاولة، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية»، وشن غراهام هجوما عنيفا على الأسد. وقال إنه يرتكب «مذابح جماعية» في سوريا، وإن المجتمع الدولي، مثلما تحرك لوقف مذابح القذافي لشعبه، يجب أن يتحرك الآن نحو سوريا.
وأشار غراهام إلى أن تركيا، التي أثنى عليها لتقديمها مساعدات للاجئين السوريين، يمكن أن تلعب دورا مهما في مواجهة المذابح. وأشار إلى «شركاء إقليميين» آخرين من دون أن يحدد أسماء دول أخرى. وقال: «حان وقت الحصول على الشركاء الإقليميين لنقول للأسد إنه يجب أن يرحل. وإن كل شيء موضوع على الطاولة - بما في ذلك القوة العسكرية». وقال غراهام: «المنطق دعانا لحماية الشعب الليبي ضد القذافي، لأنه كان يريد إقامة مذابح لشعبه. وكان سيقيمها إذا لم نرسل حلف شمال الأطلسي عندما كان على مشارف بنغازي. سؤالي إلى العالم هو: ألم نصل إلى هذه النقطة في سوريا؟». وأضاف: «قد لا نكون هناك حتى الآن، ولكن نحن نقترب جدا» وأضاف: «إذا كنا حقا نريد حماية الشعب السوري من الذبح، الآن هو الوقت المناسب ليعرف الأسد أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة.
وتابع يقول: «وصلنا لمرحلة أن سلوك القذافي وسلوك الأسد لا يمكن تمييزهما». وكان السيناتور غراهام اشترك في إرسال خطاب مع السيناتورين جون ماكين (جمهوري من ولاية أريزونا) وجوزيف ليبرمان (مستقل من ولاية كونيتيكت) إلى الرئيس باراك أوباما دعوه فيه إلى اتخاذ «خطوات أكبر وأسرع» لوقف «المذابح» التي تقوم بها حكومة الرئيس الأسد.
 
ما لم يفهمه النظام الأسدي
طارق الحميد
في زحمة الانشغال بمقتل معمر القذافي أعلن النظام الأسدي على استحياء أنه قد يقبل بمبادرة الجامعة العربية، لكنه يرفض ترؤس قطر لها. خبر مهم، لكن ليس لأن نظام الأسد وافق، بل لأنها موافقة تظهر أن النظام بات أكثر خوفا، وأقل استيعابا للمتغيرات حوله.
فقبول المبادرة العربية الآن، وبشروط، خصوصا بعد إعلان النظام الأسدي أنه يرفضها، أي المبادرة، جملة وتفصيلا، لم يعد أمرا مؤثرا وذا قيمة؛ فمقتل القذافي على يد الثوار الليبيين، وبعد قرابة تسعة أشهر، أقل أو أكثر، من عمر الثورة الليبية، قد قلب المعادلة بالمنطقة، وقد يغير نظرة المجتمع الدولي حتى أمام الحلول المقترحة تجاه سوريا.
نهاية القذافي التي تشبه نهج حياته تقول لنا إن التحالف الدولي قادر على القضاء على أي طاغية بحال كان ذلك من خلال غطاء شعبي، وهو ما حدث بليبيا، وبمشاركة من الناتو تحت قيادة فرنسية بريطانية، ودعم أميركي. والأمر ليس عصيا على التطبيق بالحالة السورية. فكل المطلوب هو توفير منطقة محظورة داخل سوريا يتسنى من خلالها للمنشقين من الجيش السوري الاحتماء بها وتنظيم صفوفهم، ومن ثم توافر غطاء جوي من الناتو، على غرار ما حدث بليبيا، وحينها سنجد أن القيادة الأسدية قد التحقت بركب الأشرطة الصوتية، وبالطبع وقتها لن يستفيد النظام الأسدي لا من حزب الله ولا العراق ولا نوري المالكي الذي هنأ الشعب الليبي بـ«سقوط الطاغية»، بحسب ما نسب للمالكي، ويا لها من سخرية طبعا، فانظروا من يتحدث!
حينها، وعند تحرك التحالف الدولي، سينظر الجميع لمصالحه الاستراتيجية، وليس العاطفية أو الطائفية، فحينها سيكون تفكير حكومة لبنان منصبا على كيفية تماسكها، وسيفكر حزب الله بكيفية حماية ظهره، وبالطبع فإن حكومة المالكي بالعراق ستكون مشغولة بكيفية المحافظة على تماسكها أيضا لكي لا تنهار، خصوصا أن المظاهرات ضدها، وإن غيبها الإعلام، حقيقية. والأمر نفسه ينطبق على إيران المرعوبة من تداعيات ملف محاولة اغتيال السفير السعودي بواشنطن، فكيف بمواجهة عسكرية مع المجتمع الدولي؟
المراد قوله إن المنطقة تغيرت، والتعاطي الدولي معها تغير أيضا، وكذلك الرأي العام العربي الذي بات لا يرى غضاضة بإسقاط الطغاة ولو على يد الغرب، وهو أمر مختلف عن طريقة إسقاط صدام حسين، ولذا فإن ما بعد القذافي ليس مثل مرحلة ما قبل قتله، وهذا ما تظهره ردود فعل القادة الغربيين بعد قتل القذافي، وهذا ما لم يفهمه النظام الأسدي، والدليل أنه يريد اللعب مجددا مع المبادرة العربية التي كان قد رفضها بالأساس.
ما يجب أن يفهمه النظام الأسدي أنه تأخر كثيرا، وفوت الفرصة تلو الأخرى، حيث استنفد كل أساليب الحيل، ولم يعد أمامه اليوم إلا تقديم تنازلات حقيقية وقاسية لا مناص منها، وإلا كانت النهاية مأساوية، خصوصا أننا أمام 4 حالات لرؤساء عرب كل واحدة منها أسوأ من الأخرى، فهناك من انتهى بحفرة، وآخر داخل مجرى مياه، والثالث بالمنفى، والرابع بمشفى!

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,065,178

عدد الزوار: 6,977,321

المتواجدون الآن: 70