خطة بشار الأسد: إما أنا ونظامي وإما سوريا إلى التقسيم!..غل: سوريا بلغت «نقطة اللاعودة».. وأفعال الأسد تجر المنطقة إلى بحر دماء

مقتل 4 مدنيين.. ومظاهرات طلابية في دمشق وحلب واعتقال العشرات...جوبيه: المجلس الوطني السوري محاورنا الشرعي .. والاعتراف به سيكون مع العرب والأوروبيين

تاريخ الإضافة الجمعة 25 تشرين الثاني 2011 - 4:30 ص    عدد الزيارات 2676    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

وزراء الخارجية العرب يبحثون أوضاع سوريا اليوم.. والغرب ينتظر النتائج
توقعات بالتصعيد.. والعربي يلتقي عددا من قيادات معارضة الداخل والخارج
القاهرة: سوسن أبو حسين وصلاح جمعة
يبدأ وزراء الخارجية العرب اليوم في القاهرة اجتماعا حاسما، لبحث الأوضاع المتدهورة في سوريا، تنتظر نتائجه دول غربية، للدفع بالملف السوري إلى مجلس الأمن من أجل حماية المدنيين السوريين الذين يتعرضون للقتل يوميا برصاص قوات الأمن والجيش السوريين. وسيبحث الوزراء الخطوات التالية الواجب اتخاذها بعد رفض الجامعة العربية التعديلات التي طلبت سوريا إدخالها على مشروع البروتوكول المتعلق بمركز ومهام المراقبين الذين تنوي الجامعة إرسالهم إلى سوريا لأنها «تمس جوهر الوثيقة» و«تغير جذريا طبيعة مهمة البعثة»، بحسب ما أعلنت الأمانة العامة للجامعة العربية في بيان الأحد. وعرض الوزراء في البروتوكول إرسال 500 مراقب ينتمون إلى منظمات عربية للدفاع عن حقوق الإنسان ووسائل إعلام إضافة إلى مراقبين عسكريين، إلى سوريا للتأكد من حماية المدنيين في المناطق التي تشهد مواجهات.
وأفاد مصدر مسؤول بالجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط» أنه تقرر عقد الاجتماع الوزاري واللجنة الوزارية المعنية بالأزمة السورية في أحد فنادق القاهرة بدلا من مقر الجامعة نظرا لوجود المقر في ميدان التحرير الذي يشهد مواجهات بين المتظاهرين المصرين وقوات الأمن. وقال إن الاجتماع الوزاري المقبل سيكون محطة مهمة على طريق التعامل العربي مع الأزمة السورية، خاصة في ما يتعلق بتفعيل القرار العربي بتعليق عضوية سوريا وتفعيل العقوبات الاقتصادية والسياسية العربية على سوريا وسحب السفراء العرب وكيفية التعامل العربي مع المعارضة السورية.
وأكد مصدر دبلوماسي عربي مسؤول بالقاهرة أن الاتجاه السائد بين الوفود العربية هو التصعيد في لهجة التعامل مع النظام السوري، مع التأكيد على تثبيت العقوبات الاقتصادية والسياسية، وتحديد موعد عاجل لوزراء المال والاقتصاد العرب أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي لبحث تنفيذ قرار وزراء الخارجية بفرض عقوبات اقتصادية على النظام السوري، إلى جانب التأكيد على تعليق عضوية سوريا في الجامعة، والدفع إلى عقد اجتماع موسع للمعارضة السورية في الجامعة العربية لتوحيد المواقف.
وقال نائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلى لـ«الشرق الأوسط» إن الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي سيقدم تقريرا للاجتماع الوزاري واللجنة المعنية بسوريا يتضمن نتائج اتصالاته ولقاءاته مع الحكومة والمعارضة السورية بشأن فرص الحل العربي.
وأضاف أن تقرير الأمين العام سيتطرق إلى كل الاجتماعات التي انعقدت منذ اجتماع الرباط وإلى اليوم، ولم يفصح عن أية تفاصيل تتعلق بالتفاوض مع دمشق لتنفيذ خطة الحل العربي، لكن مصادر مطلعة أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن الاجتماعات الوزارية العربية ستناقش وتقيم النقاط التي تضمنتها خطة الحل العربي «خاصة أن الجميع حريص على الحل العربي في حال تجاوب سوري، وتأكيدها في كل الرسائل إلى الجامعة على التمسك بالحل العربي». وأضاف: «كل ذلك متوقف على مدى التجاوب في مسألة حماية المدنين ووقف العنف وسحب كل المظاهر المسلحة من المدن والقرى السورية».
وردا على سؤال حول نتائج لقاءات الدكتور العربي مع الوفد الموالى للنظام السوري أمس في الجامعة العربية، أفادت المصادر أن العربي عقد نحو أربعة اجتماعات مع المعارضين أيضا في إطار قرارات الجامعة العربية والانفتاح على كل التيارات المختلفة والموجودة على الساحة السورية، وسوف يقدم للوزراء كل المقترحات والمواقف التي أسفرت عن هذه الاجتماعات.
والتقى العربي عددا من التنظيمات والشخصيات السورية المعارضة للنظام السوري، ووفدا مؤيدا يمثل جانبا من الجالية السورية المقيمة في المملكة العربية السعودية.
بداية، التقى العربي ممثلين عن «المجلس الوطني السوري» و«المؤتمر السوري للتغيير» و«التكتل السوري الموحد» و«المبادرة الوطنية لوحدة المعارضة السورية» ووفد «تنسيقية الثورة السورية» و«اللجنة العربية للدفاع عن حرية الرأي والتعبير»، إلى جانب شخصيات أبرزها حازم عرعور نجل الداعية والمفكر الإسلامي المعروف الشيخ عرعور، ونوفل الدواليبى نجل السياسي السوري البارز معروف الدواليبي الذي شغل مناصب كثيرة في سوريا ما قبل البعث، وضياء الدين دغمش ممثلا عن تنسيقيات الداخل بسوريا. وطالبت المعارضة السورية وزراء الخارجية العرب بتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية وطرد سفراء سوريا من الدول العربية، فيما طالبت معارضة الداخل والمؤيدة للنظام الجامعة العربية بإرسال وفد مراقبي الجامعة العربية دون أجانب نهائيا.
وقال مؤمن كويفاتية رئيس اللجنة الإعلامية لتنسيقية الثورة السورية في القاهرة لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نحن الحركة التي تقود الحراك في القاهرة ونديره، ولنا امتداد داخل سوريا وندير الحراك بما يطلبه منا الداخل، ونحن نقطة التواصل بين تيارات المعارضة، فنحن ككيان ندعم المجلس الوطني بكل قوة ونطلب التوسع وانضمام التنسيقية فيه، وانضمام آخرين إليه من أجل تقويته ويكون به تمثيل أكبر لكل أطياف الشعب السوري».
وأضاف كويفاتية: «الشعب السوري يريد من وزراء الخارجية تجميد عضوية سوريا وتوفير الحماية الدولية للشعب السوري بعد رفضه استقبال بعثة مراقبي الجامعة العربية، وهذا التجميد للنظام يعني عزله، كما نطلب من المجتمع الدولي فرض حظر جوى على سوريا لحماية المدنيين، مما سيعمل على إحداث انشقاقات أكبر في الجيش». ونقل كويفاتية عن العربي تأكيده أن وزراء الخارجية العرب سيتخذون القرار في ضوء الرد السوري على طلب استقبال بعثة مراقبي الجامعة العربية، وتوقع أن يرد النظام السوري قبيل عقد اجتماع وزراء الخارجية بساعات، وقال: «إذا كان الرد سلبيا، سنتخذ قرارات أشد»، ولم يفصح للمعارضة السورية عن نوعية هذه القرارات.
في حين قال صلاح بدر الدين عضو «المبادرة الوطنية لوحدة المعارضة»: «بحثنا مع الأمين العام تحرك المعارضة وطلبنا المزيد من الضغط على النظام ودعم الثورة السورية والمنشقين من الضباط الأحرار من الجيش الحر». ونقل بدر الدين عن الأمين العام قوله: «الجامعة ماضية في تنفيذ قراراتها بخصوص المراقبين وبخصوص العلاقة مع الأطراف الإقليمية والدولية حول تطبيق قرارات مجلس وزراء الخارجية العرب، والجامعة مصممة على المضي قدما في هذا».وقال الأمين العام لـ«التكتل السوري الموحد» وحيد صقر: «أبلغنا الأمين العام بأن النظام في دمشق من المحال إصلاحه ومن المستحيل أن يقبل الشارع بإصلاحه لأنه فقد الثقة به، فالثورة في سوريا ليست ثورة رغيف؛ إنما ثورة كرامة، والشارع لم يعد يقبل بأن تتفرد هذه العائلة العلوية بكل شيء».
من جانبه، أكد ماهر وانلي أحد المستثمرين السوريين المقيمين في السعودية أن الوفد جاء إلى الجامعة للتعرف على مجمل الصورة وآلية العمل التي تقوم بها الجامعة للتعامل مع الوضع في سوريا. وعبر عن أسفه لاستيفاء الجامعة معلوماتها حول الوضع في سوريا من القنوات الفضائية المغرضة، على حد وصفه.
وتساءل: «لماذا لا تستقى الجامعة معلوماتها حول الأزمة من خلال وفود عربية تزور سوريا؟»، موضحا أن الأمين العام للجامعة لم يعطه جوابا حول هذا التساؤل. وأضاف: «الحل المطروح من وجهه نظرنا هو عدم ترك من يرفعون شعارات وعلم كبير حول الجامعة يقولون إنه علم سوريا، وهو ليس كذلك».
وطالب وانلي بضرورة عدم استقبال الجامعة أشخاصا سوريين يحملون الجنسية الأجنبية، قائلا: «إنهم لا يمثلون الشعب السوري ونحن نعتبرهم خونة، وفي البداية كنا غاضبين من المعارضة الداخلية ومنهم فايز سارة وميشيل كيلو، ولكنهم أثبتوا لنا أنهم معارضة تريد العمل تحت سقف الوطن ويريدون إصلاحا حقيقيا، ولهذا نحن ندعمهم كجزء من الشعب السوري».
وأضاف أن الأمين العام ينتظر موافقة الرئيس السوري بشار الأسد على زيارة الوفد العربي إلى سوريا، ونفى وانلى وضع الحكومة السورية أي اشتراطات لزيارة وفد الجامعة إلى سوريا إلا أن يكون وفدا عربيا دون أجانب نهائيا، وأن تتم المحافظة على سيادة سوريا كبلد عربي مؤسس للجامعة.
مجلس الوحدة الاقتصادية العربية يحذر من فرض عقوبات على سوريا
قال إن تطبيقها سيضر بالشعب وسيستفيد منه أعيان النظام
القاهرة: صلاح جمعة
قال مجلس الوحدة الاقتصادية العربية إن العقوبات الاقتصادية على سوريا ستضر الشعب السوري كله، ولن تتأثر النخبة وسيستفيد منها أعيان النظام والدول المجاورة التي ستستغل الحصار الاقتصادي عن طريق تجارة التهريب غير المشروعة.
وأكدت مذكرة لمجلس الوحدة تسلمها الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي واطلعت عليها «الشرق الأوسط» أن فرض عقوبات على سوريا سيعاقب الشعب السوري أكثر مما سيعاقب النخب السياسية، وسيزيد التهريب مع الدول المجاورة وسينجم عنه أرباح يستفيد منها أعيان النظام أكثر مما يستفيد منها المواطن السوري، وهو ما سيفاقم بعض المشاكل الهيكلية ويؤخر تحديث الاقتصاد وسيزيد البطالة والفقر.
وقال محمد الربيع، الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية، في المذكرة التي سلمها لأمين جامعة الدول العربية، إن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة على العراق في تسعينات القرن الماضي مثلا قد أضرت بالمواطنين العراقيين بالفعل، وتابع: «نتذكر جميعا الأطفال العراقيين الذين كانوا يموتون يوميا من جراء هذا الحصار، دون أن يغير ذلك سلوك النخبة الحاكمة. والكارثة الإنسانية الناجمة عن ذلك لم تستطع وقتها أن تجبر صدام حسين على التراجع عن موقفه بل خلقت تعاطفا من الشعوب العربية معه وضد تلك العقوبات».
وقال محمد الربيع إن سوريا تخضع لعقوبات اقتصادية أميركية منذ عام 2003، وهذا لم يضعف النظام. لذا فإن التجارب العالمية تشير إلى أن العقوبات السياسية والعسكرية هي التي تضعف الأنظمة، أما العقوبات الاقتصادية فهي تضعف الشعوب.
يذكر أن مجلس وزراء الخارجية العرب طلب من المؤسسات الاقتصادية العربية إبداء مقترحاتها حول العقوبات الاقتصادية الممكن فرضها على سوريا تنفيذا للبند الرابع من القرار رقم 7438 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري في دورته غير العادية المستأنفة بشأن متابعة تطورات الوضع في سوريا ويضم مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في عضويته 10 دول عربية هي: السودان، والصومال، وسوريا، والعراق، وفلسطين، وليبيا، ومصر، وموريتانيا، والأردن، واليمن.
مفوضية حقوق الإنسان: تقرير لجنة التحقيق في انتهاكات سوريا سيصدر الاثنين
الصين: قرار اللجنة «يؤتي نتائج عكسية»
جنيف: «الشرق الأوسط»
أفادت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن لجنة التحقيق الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا ستقدم تقريرها الاثنين معربة عن الأسف لأن دمشق لم تسمح بتواجد خبراء الأمم المتحدة على أراضيها.
وأعلنت المفوضية العليا في بيان نشر أمس أن الأعضاء الثلاثة في اللجنة سيرجيو بينهيرو (البرازيل: خبير في حقوق الإنسان) وياكين ارتورك (تركيا: متخصصة في أعمال العنف ضد النساء) وكارين أبو زيد (الولايات المتحدة: متخصصة في المسائل الإنسانية واللاجئين) سيلتقون وسائل الإعلام لاحقا للإجابة عن التساؤلات. ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي شكل اللجنة في 23 أغسطس (آب) الماضي خلال جلسة استثنائية سيدرس تقرير الخبراء بمناسبة الدورة التاسعة عشرة للمجلس في مارس (آذار) المقبل. وأعلنت المفوضية العليا أن اللجنة بدأت أعمالها في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، مضيفة أن الخبراء أجروا مقابلات مع «ضحايا» و«شهود على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا».
وأضافت المفوضية أن «اللجنة التقت أيضا بعثات دبلوماسية وشركاء للأمم المتحدة ومنظمات إقليمية (بينها منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية) والمجتمع المدني ومنظمات تنشط في مجال حقوق الإنسان». وأعربت المفوضية عن أسفها للأمر وقالت «للأسف لم يسمح للجنة حتى الآن القيام بعملها في سوريا». وأشارت المفوضية العليا لحقوق الإنسان من جهة أخرى إلى أن اللجنة «تأمل في البدء بحوار إيجابي مع السلطات قريبا» ذلك أنه يتعين على الخبراء أن يضعوا كما أوضحت تقريرا حول متابعة الوضع لشهر مارس 2012.
واعتبرت الصين أن القرار الذي أصدرته لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بشأن الوضع في سوريا وتضمن إدانة للقمع المستمر منذ 8 أشهر من جانب النظام السوري للمحتجين المناوئين له «يؤتي نتائج عكسية». وكانت الصين ضمن 41 بلدا امتنعت عن التصويت على القرار الذي أدان بشدة «استمرار انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة والمنهجية» من جانب النظام السوري والتي أوقعت بحسب الأمم المتحدة أكثر من 3500 قتيل.
وقال ليو وايمين المتحدث باسم الخارجية الصينية خلال مؤتمر صحافي «إن اللجوء إلى قرار للضغط على بلدان أخرى هو أمر يؤتي نتائج عكسية لا تؤدي لتهدئة الوضع». وكانت الصين وروسيا قد استخدمتا الشهر الماضي الفيتو لنقض مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدين الحملة التي يشنها نظام الرئيس السوري بشار الأسد على معارضيه مبررتين موقفهما بأن قرارا كهذا سيستخدم كذريعة للقيام بتغيير النظام. وأدانت العواصم الغربية الفيتو الروسي - الصيني معربة عن أسفها تجاهه حيث قالت الولايات المتحدة إنها «غاضبة جدا» بينما اعتبرت فرنسا يوم إجهاض القرار «يوم حزن» للشعب السوري ولمجلس الأمن. وبعد ذلك بأيام حثت بكين دمشق على التعجيل بتنفيذ إصلاحات في خروج عن سياستها الدائمة القائمة على عدم التدخل في الشؤون السورية. كما كررت بكين الأربعاء دعوتها لجانبي الصراع في سوريا لوقف العنف والبدء بعملية سياسية شاملة.
مقتدى الصدر: الجامعة العربية «راعية للظلم» بسبب موقفها من أحداث سوريا
كتلة المالكي البرلمانية قالت إن الجامعة تكيل بمكيالين
بغداد - النجف: «الشرق الأوسط»
وصف الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر جامعة الدول العربية بأنها «راعية الظلم» وذلك على خلفية موقفها من الأحداث الجارية في سوريا، فيما حذرت الكتلة البرلمانية لرئيس الحكومة العراقية من احتمال انزلاق الأوضاع في سوريا وتداعياتها على الوضع العراقي «سياسيا وأمنيا». وقال الصدر «هل نتوخى العدل من راعية الظلم؟» وذلك في تعليق مكتوب بثته وكالة الصحافة الفرنسية قالت إنه جاء كرد على سؤال وجهه إليه أحد مناصريه حول موقفه من مساندة الجامعة العربية.
وقال الصدر «من دون ذرة خجل أو حياء.. لما تسمى الثورة السورية وهي ثورة مسلحة تستهدف المواطنين والعسكريين وتعمل بمنهج طائفي مقيت». وعلق الصدر في رد مكتوب ثان على أحد مناصريه بالقول: «أنجاها الله من وكر الخنوع». وكان الصدر أعلن الأسبوع الماضي عن إيمانه بقضية «الثوار» المعارضين للنظام السوري إلا أنه دعاهم للإبقاء على الرئيس بشار الأسد على اعتبار أنه «معارض للوجود الأميركي والإسرائيلي».
من جهة ثانية حذرت كتلة دولة القانون التي يرأسها رئيس الحكومة نوري المالكي، البرلمانية من احتمال انزلاق الأوضاع في سوريا وتداعياتها على الوضع العراقي. ونددت الكتلة بموقف الجامعة العربية من الأحداث في سوريا واصفة قراراتها بأنها «سياسة الكيل بمكيالين». وانتقدت الكتلة استخدام العنف في المظاهرات سواء من قبل القوات الحكومية أو المتظاهرين.
وحاولت الكتلة البرلمانية في مؤتمر صحافي في بغداد الدفاع عن موقفها واتباع سياسة مسك العصا من الوسط في التحفظ على قرار الجامعة العربية الأخير بتعليق مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعاتها وفرض عقوبات على دمشق. وقال النائب ياسين مجيد القيادي في كتلة دولة القانون في المؤتمر إن كتلته تدعم «تطلعات الشعب في الحرية والعدالة والديمقراطية.. لكن أيضا نحن ضد استخدام العنف في الوصول إلى هذه الأهداف». وأضاف: «ونحن نرفض استخدام العنف وأدوات العنف التي تستخدم ضد المحتجين وضد المتظاهرين».
وكانت الجامعة العربية والأمم المتحدة قد أدانتا سوريا لحملتها المستمرة منذ 8 أشهر ضد المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية، لكن العراق قد تحفظ على قرار الجامعة العربية تعليق مشاركة الوفود السورية في اجتماعات الجامعة. وهو موقف أثار حفيظة البعض واصفا الموقف العراقي بأنه ينطلق من منطلقات طائفية ضيقة.
ورغم أن الحكومة العراقية قد اتهمت سوريا في الماضي مرارا بدعمها للإرهاب في العراق واتخذت الحكومة آنذاك مواقف واضحة ضد سوريا وصلت إلى حد سحب السفراء فإن الحكومة العراقية سرعان ما عدلت من مواقفها ضد النظام السوري بعد انطلاق المظاهرات. ويقول مراقبون إن موقف الحكومة العراقية جاء متناغما مع موقف إيران الحليف القوي لنظام بشار الأسد. لكن الحكومة العراقية قالت إن موقفها جاء منطلقا من المصلحة الوطنية. وعلى عكس الموقف من سوريا فقد أيدت الحكومة العراقية في وقت سابق التغيير الذي شهدته كل من تونس ومصر وليبيا.
لكن مجيد قال: إن موقف كتلته التي تحوز على 89 مقعدا من مجموع 275 مقعدا «ينطلق من المصلحة الوطنية العراقية العليا وليست من حسابات فئوية أو حزبية أو طائفية». وأضاف: «إننا ننظر إلى ما يجري في سوريا باعتبارها دولة مجاورة نتأثر بها بشكل أكبر بكل تأكيد مما يجري في ليبيا أو في تونس أو في مصر». وانتقد مجيد المواقف الإقليمية والدولية وخاصة العربية ضد سوريا ووصفها بأنها «سياسة الكيل بمكيالين». وقال: «هذه السياسة أصبحت مع شديد الأسف ظاهرة واضحة في السياسة العربية وتحديدا في الجامعة العربية».
مقتل 4 مدنيين.. ومظاهرات طلابية في دمشق وحلب واعتقال العشرات
اعتقال 19 محاميا.. وناشط حقوقي أكد تعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب المعنوي والإخفاء القسري
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
خرجت مظاهرات طلابية من مدارس عديدة في أنحاء سوريا أمس، بينها العاصمة دمشق وحلب في يوم أطلق عليه النشطاء «أربعاء السلم الأهلي»، وقتل أربعة مدنيين برصاص الأمن السوري فيما اعتقل العشرات في حرستا قرب دمشق، بعد عملية للجيش السوري الحر المنشق. وأدان ناشط حقوقي أمس استمرار السلطات السورية في احتجاز 19 محاميا رغم رفع حالة الطوارئ، مؤكدا تعرضهم جميعا لسوء المعاملة والتعذيب المعنوي والجسدي والإخفاء القسري.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن: «سقط برصاص الأمن اليوم (أمس) شهيدان في حيالين في ريف حماة (وسط) وشهيدان في حي البياضة في مدينة حمص (وسط)». وقال عبد الرحمن إن حصيلة قتلى الثلاثاء برصاص قوات الأمن السورية ارتفعت إلى 34 قتيلا بعد وفاة شاب متأثرا بجروح أصيب بها في الحارة بمحافظة درعا (جنوب)، مشيرا إلى أن القتلى هم 29 مدنيا وخمسة عسكريين منشقين. وخرجت مظاهرات طلابية أمس في عدة أحياء في دمشق في القدم وبرزة وفي المعضمية في ريف دمشق وحرستا وغيرها في قرى وبلدات حوران وريف حماه. وذكر موقع «الثورة السورية» أن مدينة حرستا شهدت صباح أمس انتشارا أمنيا كثيفا، وجرت حملة مداهمات لبعض المنازل واعتقالات واسعة مع تخريب للممتلكات، بعد عملية قامت بها ما تسمى «كتيبة أبو عبيدة ابن الجراح» التابعة للجيش الحر، وصفت بالنوعية مساء أول من أمس في حرستا قتل فيها عدد كبير من الشبيحة ورجال الأمن.
وفي حلب، قال ناشطون إن مظاهرة طلابية طيارة انطلقت من أمام المكتبة المركزية في جامعة حلب عند الساعة الثانية عشرة من ظهر أمس، وعلى الفور قامت عناصر الأمن والشبيحة بالهجوم على المتظاهرين وجرى اعتقال عدد من الطلاب الذين لم يتمكنوا من الهروب.
كما خرجت مظاهرات طلابية بعد صلاة العصر أمس في عدة أحياء بمدينة حمص وريفها، وفي إدلب وريفها، منددة بالنظام وقمع الأجهزة الأمنية، ومطالبة بتنحي الرئيس بشار الأسد.
وقالت مصادر محلية إن انتشارا مكثفا لقوى الأمن السوري جرى في حي الملعب حول مسجد عمر بن الخطاب لمنع خروج مظاهرة مسائية، هناك، وخرجت مظاهرة في حي باب السباع في الشارع الرئيسي بعد صلاة العصر فقامت القوات الأمنية في حاجز الفارابي بإطلاق النار عليها بواسطة القناصين الموجودين في شارع المريجة وفي الشارع المقابل، مما أدى إلى توقف الحركة في المنطقة بشكل كامل. من جهة ثانية، أدان ناشط حقوقي أمس استمرار السلطات السورية في احتجاز 19 محاميا رغم رفع حالة الطوارئ، مؤكدا تعرضهم جميعا لسوء المعاملة والتعذيب المعنوي والجسدي والإخفاء القسري. وقال رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية المحامي أنور البني لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «خلال الأشهر الثمانية الماضية اعتقل أكثر من 122 محاميا ما زال 19 منهم قيد الاعتقال».
وأكد البني أن «جميعهم تعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب الجسدي والمعنوي والإخفاء القسري دون معلومات لمدد تتراوح بين أيام وأكثر من شهرين». وأورد رئيس المركز لائحة بأسماء المحامين الذين ما زالوا قيد الاعتقال وبينهم محمد عصام زغلول المعتقل منذ أكثر من شهرين في دمشق ومحمد العثمان رئيس فرع نقابة المحامين في حماة (وسط) وسلام عثمان (حلب) ومصطفى أسو من الحسكة (شمال) وزياد بكور ونهاد الدروبي من حمص (وسط).
وأدان رئيس المركز «كل الاعتقالات للنشطاء والمواطنين بسبب التعبير عن رأيهم والتعذيب الذي يمارس ضدهم وانتهاك حصانة المحامين وتجاوز القوانين بالنسبة لمدة الاحتجاز». وأشار إلى «اختفاء المئات قسريا دون أي خبر عنهم منذ مدة تزيد على خمسة أشهر ودون إحالتهم لأي جهة قضائية أو خبر عنهم لأهاليهم عن مكان وجودهم أو أوضاعهم رغم الإلغاء الصوري لحالة الطوارئ وتحديد مدة الاعتقال كحد أقصى بستين يوما قانونيا».
والد العنزي يرفض تسلم جثة ابنه ويؤكد: الأمر بيد السلطات السعودية
الشبيحة نبشوا قبره وحملوا جثمانه إلى جهة غير معلومة
مكة المكرمة: طارق الثقفي
رفض بندر بن خلف العنزي، والد الشاب السعودي المغدور حسين العنزي (26 عاما)، تسلم جثمان ابنه حسين العنزي عن طريق أقاربه في سوريا، بعد أن تم نبش قبره صباح أمس، معتبرا أن السلطات السعودية وحدها هي المخولة بالتباحث في أمر تسلم جثة ابنه بعد أن اقتيدت إلى جهة غير معلومة.
وأورد بندر العنزي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه تلقى اتصالات من مصادر مؤكدة في حمص تؤكد أن الجثة تم نبشها، واستخراجها، بيد أن السلطات السورية حين علمت بالهالة الإعلامية التي تزامنت معها قامت بإجراء اتصالات مباشرة مع أقارب حسين العنزي، لتسلم جثته، حيث أخبروه بضرورة تسلم جثته، إلا أنه رفض بحجة أن الأمر أضحى في يد السلطات السعودية رسميا. وطالب بندر بن خلف العنزي، سلطات بلاده بالتدخل لإعادة جثة ابنه التي تعرضت لعملية «نبش» صباح أمس، مفيدا بأنها حملت إلى جهة غير معلومة.
ووصف بندر العنزي ما قامت به السلطات السورية من نبش لقبر ابنه بعد دفنه، بأنه «تعد صارخ على حرمة الموتى»، معتبرا أنه رفض تسلم جثمان ولده عن طريق أجداد المغدور به، لأن الأمر أصبح - بحسب العنزي - في يد السلطات السعودية متمثلة في القيادة ووزارة الخارجية والسفارة أيضا. وقال والد المغدور حسين العنزي «تلقيت تطمينات عليا من القيادة السعودية، الذين قاموا بتعزيتي وتخفيف مصابي، وناشدتهم عودة جثمان ابني ودفنه في الأراضي السعودية».
وأفاد العنزي بأنه سلم أمره لله سبحانه وتعالى حين علم بموت ابنه في حمص، ورضخ لطلب أجداده بأن يدفن خشية أن يتعرض جثمانه للتمثيل والتنكيل، قبل أن يتفاجأ بمعلومات وصلت إليه من حمص تفيد بأن جثمان ابنه قد تعرض للنبش والبعثرة وتم سحب الجثة إلى جهة مجهولة. وأوضح العنزي أن ابنه ليست عليه أي ملاحظات قانونية أو أخلاقية، وأنه في السنة الأخيرة بجامعة ديربي في بريطانيا، يدرس الهندسة الميكانيكية، وهو من المتفوقين دراسيا ومن الطلاب والأبناء المشهود لهم بجمال الخلق.
وبين أن الحكومة السورية طوت كل الأعراف والمواثيق، وأنها سجلت سابقة خطيرة لم تسبقها كل الدول القمعية باستخراج الجثث من القبور، رامية خلف ظهرها أن للميت حرمة تجب مراعاتها، مؤكدا في السياق ذاته أن ابنه خففت وطأة فراقه التفافة الأسرة المالكة السعودية والمواطنين الذي شاطروه الأحزان وقاسموه المصاب.
من جهته، فرض عمر العنزي، أحد أقرباء حسن العنزي، عدة سيناريوهات تقف خلف عملية نبش قريبه، يأتي في طليعتها أن الحكومة السورية تريد أن تخفي معالم الجريمة التي اقترفتها في حق شاب أعزل، لا لذنب فعل عدا أنه ذهب لزيارة أخواله في ريف حمص. وأفاد «إننا سلمنا بقضاء الله وقدره حين علمنا باستشهاده، ووافقنا على دفنه في حمص باعتبار أنها جميعا أراضي المسلمين، وأن إكرام الميت دفنه، وفتحنا باب العزاء اقتداء بالسنة النبوية في ذلك، بيد أن المعطيات تبدلت وتغيرت بنبش قبره واقتياد جثمانه إلى جهة غير معلومة.
وأكد عمر العنزي، أن مقطع «يوتيوب» الذي نسب لمقتل حسين العنزي صحيح، حيث وردت أنباء - والحديث لعمر - أن أفراد الأمن السوري أمطروا جسده بوابل من الرصاصات في جميع أنحاء جسده، مشددا على ضرورة أن يعود جثمانه للسعودية ليدفن بأرضها، وهو ملتف بالعلم السعودي إكراما له.
وكان المغدور حسين العنزي قد تعرض لوابل من الرصاصات في مختلف أجزاء جسده قبل يومين أمام أحد معابر التفتيش، بعد أن أشهر جواز سفره السعودي، وهو من مواليد 1985 للميلاد، وأحد الطلاب السعوديين المبتعثين في بريطانيا، ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي. ودرس اللغة التحضيرية في مدينة برايتون، ثم انتقل لإتمام دراسته التحضيرية في مدينة كوفنتري، حيث أكمل سنته التحضيرية في جامعتها، لينتقل بعدئذ إلى جامعة ديربي في مدينة ديربي متمما دراسته الأكاديمية بها ومتخصصا في الهندسة الميكانيكية.
دبلوماسيون يبحثون عن أساس قانوني للتدخل الإنساني في سوريا
جوبيه: المجلس الوطني السوري محاورنا الشرعي .. والاعتراف به سيكون مع العرب والأوروبيين
باريس: ميشال أبو نجم
خطت فرنسا خطوة إضافية للاعتراف بالمجلس الوطني السوري ولاتخاذ مبادرات «ميدانية» لتخفيف الأعباء عن الشعب السوري، عن طريق إنشاء مناطق عازلة. وقال وزير الخارجية الفرنسي، بعد لقائه عصر أمس وفدا من المجلس الوطني السوري برئاسة الدكتور برهان غليون، إن فرنسا «تعتبر المجلس الوطني المحاور الشرعي الذي تتمنى استمرار العمل معه»، مضيفا أن باريس تعمل مع الجامعة العربية ومجموع الأصدقاء من أجل اعتراف رسمي به.
وتشكل البادرة الفرنسية محطة مهمة على درب الاعتراف الرسمي الذي تقول مصادر فرنسية إن تحقيقه يتطلب إجراءات وتدابير قانونية ودبلوماسية، ليس أقلها قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام الحالي، وسحب السفراء وإغلاق الممثليات الدبلوماسية والقنصلية بانتظار تسليمها لممثلين عن المعارضة وتحديدا عن المجلس الوطني السوري. وجاء لقاء جوبيه وفد المجلس مباشرة عقب عودته من جولة موسعة شملت تركيا وأربع دول خليجية.
وبينما تترقب باريس نتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب، لتقرير الخطوات الإضافية والتدابير التي ستقرها ضد سوريا، بعد أن رفضت الأخيرة التوقيع على مذكرة إرسال مراقبين عرب وتعليق عضوية دمشق في المنظمة العربية، شدد الوزير الفرنسي على ضرورة «التنسيق القوي» مع الدول العربية ومع تركيا، مستبعدا بأي حال الخيار العسكري الذي اعتبره «غير مطروح». غير أنه بالمقابل، لم يستبعد العمل مع المجلس الوطني والأوروبيين في سبيل القيام بـ«مبادرات إنسانية»، معددا منها «إنشاء ممرات أو مناطق إنسانية» لم يحدد مكان إنشائها. وكشف جوبيه أنه سيطرح الموضوع على اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين الذي سيلتئم بداية شهر ديسمبر(كانون الأول) في بروكسل. وأشار جوبيه إلى أن الفكرة ستدرس أيضا مع الجامعة العربية ومع «كل الذين يدعمون الشعب السوري».
وهذه المرة الأولى التي تذهب فيها باريس بعيدا في موضوع الاعتراف بالمجلس الوطني وفي تبني طرح إقامة مناطق عازلة أو ممرات آمنة، علما أن هذا الطرح صدر بداية عن المعارضة السورية وكانت أنقرة أول من انكب على دراسته.
ونبه الوزير الفرنسي إلى ضرورة الابتعاد عن «عسكرة» الانتفاضة السورية، التي رأى فيها مدخلا إلى حرب أهلية وإلى وضع سيكون «الأسوأ». وأكد جوبيه أنه «لم يدرس أبدا ومع أي كان» موضوع التدخل العسكري في سوريا، نافيا بذلك أخبارا نشرتها صحيفة «لو كنار أونشينيه» الساخرة في عددها ليوم أمس. وأحال الوزير الفرنسي موضوع الاعتراف بجيش سوريا الحر إلى السوريين أنفسهم وتحديدا إلى المعارضة والمجلس الوطني.
وجاء لقاء الأمس في إطار المساعي التي تبذلها باريس لتقديم الدعم والمساندة للمجلس الوطني السوري ولحفزه على «تنظيم صفوفه» وتوسيع تمثيله لأطياف الشعب السوري، عن طريق ضم أطراف معارضة إضافية وبلورة «خريطة طريق» و«برنامج حكم» لهذه المرحلة وللمرحلة التي ستليها، أي بعد رحيل النظام في سوريا.
وطالب رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون وإلى جانبه المتحدثة باسم المجلس بسمة قضماني، بضرورة تعاون كافة الأطراف «الداعمة للمعارضة»، من أجل «توفير حماية المدنيين وربما أيضا إدخال مراقبين أو شرطة دولية لوقف القتل». غير أنه يعطي تفاصيل إضافية حول هذا المطلب وحول كيفية تحقيقه. كذلك طالب غليون بإنشاء صندوق «مستعجل» أوروبي - عربي لدعم السوريين وتقديم المساعدة. وشدد غليون على أهمية المبادرة العربية، التي دعا لأن تكون «قاعدة الانطلاق للتعاون الدولي»، مشترطا بأي حال تنحي الرئيس بشار الأسد للسير في الحل الانتقالي السياسي ولتفادي حرب أهلية تدمر سوريا.
وهاجم رئيس المجلس الوطني نائبي رئيس الجمهورية السابقين عبد الحليم خدام ورفعت الأسد، رافضا اعتبارهما جزءا من المعارضة، بل هم «من النظام نفسه».
ودافع غليون عن المعارضة السورية بمجملها، مستبعدا إمكانية توحيدها، لأنها متنوعة، معتبرا أن المهم ليس توحيدها، بل التوافق على برنامج عمل أو خطة طريق «للاستمرار معا في هذه المعركة».
وسئل غليون عن علاقة المجلس بالجيش السوري الحر وعما إذا كان يحظى بدعم المجلس. وعمد غليون إلى التمييز بين العمليات الدفاعية لهذا الجيش من أجل حماية المدنيين والمتظاهرين والعمليات الهجومية ضد القوات الأخرى التي أعلن معارضته لها، وذلك لتحاشي «الدخول في صراع أهلي».
وترى المصادر الغربية في تصويت الجمعية العامة والأكثرية الواسعة التي دعمت القرار الذي تبنته، وخصوصا تبني ست دول عربية ووقوف غالبية الدول العربية إلى جانبه - «أكثر من علامة مشجعة» و«طريقا لإعادة الملف السوري إلى مجلس الأمن». وتستند هذه المصادر في تحليلها إلى امتناع الصين وروسيا عن التصويت، بينما أجهضتا الشهر الماضي قرارا في مجلس الأمن باستخدام حق النقض «الفيتو»، ما تريد أن ترى فيه «بداية تحول» في موقف هذين البلدين. وفي تقدير هذه المصادر، أن القرار «يزيد الضغوط السياسية» على هذين البلدين وبالتالي من «عزلتهما» في هذا المحفل الدولي، خصوصا أن شبه الإجماع العربي ينزع من يدي موسكو وبكين «ورقة التين» التي كانتا تختبئان وراءها، وهي الورقة العربية.
وتولي المصادر الغربية اهتماما خاصا للفقرة التي تربط بين المبادرة العربية والأمم المتحدة، إذ تطلب من الأمين العام أن «يدعم المبادرة العربية» في حال طلب منه ذلك، مما يشكل جسرا للربط بين التحرك العربي في إطار الجامعة العربية والتحرك الدولي في إطار الأمم المتحدة. غير أن هذه التحولات المشجعة من أجل تكوين إجماع لتناول الملف السوري قد لا تكون، وفق المصادر الدبلوماسية الغربية، كافية أو «سريعة كفاية» لإتاحة المجال أمام صدور قرارات في مجلس الأمن، لا تجيز بالضرورة القيام بعمليات عسكرية في سوريا، بل تكتفي بإدانة القمع وربما تفرض عقوبات مالية واقتصادية. وكرر وزير الخارجية الفرنسي في الكويت أن لا نية لتدخل عسكري في سوريا لأسباب ثلاثة: الفيتو الروسي، ورغبة المعارضة السورية في الاستمرار في التحرك «السلمي»، وعدم وجود طلب من الجامعة العربية بهذا المعنى. وما يقوله الوزير جوبيه يؤكده مسؤولون غربيون آخرون لجهة عدم وجود خطط للتدخل العسكري الذي لا تريده روسيا والصين ودول أخرى بأي حال من الأحوال. وفي لقاء جرى أول من أمس وحضرته «الشرق الأوسط» في الكلية العسكرية الفرنسية في باريس، بحضور وزير الدفاع الفرنسي ورئيس الأركان والسفير لدى الحلف الأطلسي ومسؤول عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة - قال المستشار الدبلوماسي للرئيس ساركوزي السفير جان ديفيد ليفيت في حديثه عن ليبيا، إن «بعض الدول»، في إشارة إلى روسيا والصين، «اتهمتنا بأننا غررنا بها وأن الهدف الأساسي لنا (الغرب) كان إسقاط القذافي». وأوضح السفير لدى الأطلسي فيليب أيريرا أن روسيا، بشخص وزير خارجيتها سيرجي لافروف، «كانت تعي تماما ما تعني عبارة حماية المدنيين بكل الوسائل»، أي ضمنا باللجوء إلى القوة العسكرية. غير أن المصادر الغربية لمحت إلى وجود «مشاورات» غير رسمية تتعلق بكيفية التحرك إذا استفحل الوضع في سوريا وبقيت طريق مجلس الأمن مقفلة بسبب المعارضة الروسية - الصينية. والسؤال الذي يتدارسه الدبلوماسيون يتناول الأساس القانوني الذي يمكن أن يستند إليه أي تدخل «إنساني» في سوريا وفق خطة تحرك. من هنا، يبدو تصريح وزير الخارجية الفرنسي بالغ الأهمية لجهة إشارته إلى الشرطين المذكورين سابقا، وهما طلب التدخل من قبل المعارضة ومن قبل الجامعة العربية. والسؤال هو: هل إذا توافر هذان الشرطان يمكن اعتبار أن التدخل الإنساني وجد قاعدة قانونية له؟
غل: سوريا بلغت «نقطة اللاعودة».. وأفعال الأسد تجر المنطقة إلى بحر دماء
تركيا تحذر حجاجها من السفر عبر سوريا
لندن: «الشرق الأوسط»
قال الرئيس التركي عبد الله غل أمس أثناء زيارة دولة إلى بريطانيا إن سوريا بلغت «نقطة اللاعودة» في حملة القمع التي يشنها النظام السوري على المتظاهرين المطالبين برحيله، محذرا من أن حملة العنف التي يمارسها الرئيس بشار الأسد تهدد «بجر المنطقة كلها إلى اضطرابات وإراقة دماء». وعبر غل عن مخاوفه بشأن الاستقرار الإقليمي.
وقال غل في خطاب «للأسف بلغت سوريا نقطة اللاعودة»، مضيفا أن المنطقة بأسرها يمكن أن تنجر من جراء الأزمة السورية إلى «الاضطرابات وإراقة الدماء». وجاء تصريح غل بعد دعوة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أول من أمس، الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي «عليك التنحي من أجل خلاص شعبك وبلادك والمنطقة». وقال أردوغان موجها حديثه إلى الأسد «إن القتال ضد شعبك.. ليس بطولة بل هو جبن».
وأمام الحضور في لندن قال غل إن مصير سوريا أمر «هام للمنطقة بأسرها إذ تقع سوريا على خطوط تماس طائفية». وأضاف: «في الواقع ليس فقط بالنسبة لسوريا بل أيضا بالنسبة إلى المنطقة بأسرها علينا مسؤولية الدفاع عن وحدة الأراضي والوحدة السياسية للبلدان بأي ثمن». وتابع: «لا ينبغي السماح للانقسامات الحديثة والقديمة بين البلدان وداخلها في المنطقة أن تتجذر». وأضاف غل أن «تعريف هذا النضال الديمقراطي بموجب خطوط طائفية ودينية وعرقية سيجر المنطقة بأسرها إلى الاضطرابات وإراقة الدماء».
وقال غل في كلمة «بذلنا جهودا هائلة علانية ومن وراء الكواليس من أجل إقناع القيادة السورية بأن تتزعم الانتقال إلى الديمقراطية». وقال أمام مؤسسة للأبحاث «العنف يولد العنف. الآن وللأسف وصلت سوريا إلى نقطة اللاعودة». وأضاف أن «مستقبل الشرق الأوسط برمته يمكن أن يتعلق بمصير سوريا». وحذر قائلا: «تعريف هذا الصراع الديمقراطي وفقا لخطوط طائفية ودينية وعرقية سيجر المنطقة كلها إلى اضطرابات وإراقة دماء».
وتقول الأمم المتحدة إن 3500 شخص قتلوا منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس (آذار) التي استلهمت انتفاضات عربية أطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا. ومنعت سوريا التي تنحي باللائمة في الاضطرابات على «جماعات إرهابية مسلحة» معظم وسائل الإعلام المستقلة من دخول البلاد. ويعتقد قلة من الخبراء أن الأسد الذي ينتمي إلى الأقلية العلوية سيستجيب للاضطرابات بإجراء نوع من التغيير الذي يطالب به كثيرون من مواطني سوريا البالغ تعدداهم 22 مليون نسمة ومعظمهم من السنة. وتطالب جماعات المعارضة السورية بتفكيك الدولة البوليسية واحتكار عائلة الأسد للسلطة وإجراء انتخابات حرة وإنهاء الفساد. ولم يتضح نوع السيطرة التي لديهم على أولئك الذين حملوا السلاح ضد الحكومة.
ويبدو أن الأسد البالغ من العمر 46 عاما مستعد للقتال حتى النهاية مستغلا المخاوف من حرب طائفية إذا تحطم النظام الطائفي المعقد في سوريا. وربما يستند في حساباته إلى أنه لا القوى الغربية ولا الدول العربية المجاورة ستغامر بالتدخل العسكري.
وعزز تلويح الأسد بحرب طائفية مخاوف الدول المجاورة لسوريا - إسرائيل ولبنان والعراق والأردن وتركيا - بشأن التداعيات الزلزالية المحتملة لانتقال السلطة في بلد يقع على تصدعات كثير من صراعات الشرق الأوسط. وعدم الاستقرار في سوريا وهي حليف لإيران وحزب الله اللبناني يمكن أن يمتد إلى لبنان أو العراق. ويقول معظم المحللين إن الأسد الذي يمكنه الاعتماد على ولاء وحدات النخبة العلوية وهي الفرقة الرابعة مدرعة والحرس الجمهوري لا يمكنه مواصلة العمليات الراهنة العسكرية دون أن تظهر انقسامات في القوات المسلحة.
وتبدو سوريا على شفا تمرد عسكري مماثل لليبيا حيث تتدفق الأسلحة من لبنان والأردن ومن جنود هجروا أسلحتهم. وتساءل أردوغان أول من أمس قائلا: «بشار الأسد يخرج علينا ويقول سأقاتل حتى الموت. بربك ضد من تقاتل». وقال في كلمة ألقاها أمام حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه «أن تحارب شعبك حتى الموت ليست بطولة إنه جبن. وإذا أردت أن ترى أحدا يحارب شعبه حتى الموت فانظر إلى ألمانيا النازية انظر إلى هتلر انظر إلى موسوليني.. إذا لم تستطع أن تعي درسا مهما فانظر إلى العقيد الليبي المقتول الذي حول سلاحه ضد شعبه واستخدم قبل 32 يوما التعبيرات ذاتها التي تستخدمها أنت اليوم».
لكنه قال فيما يعكس موقف وزراء خارجية الجامعة العربية الذين علقوا عضوية دمشق وهددوا بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية إن الانتقادات التي وجها للأسد لا تعني أن تركيا تدعو إلى عمل عسكري دولي. وقال أردوغان «لا مطامع لنا في أراضي أي دولة ولا رغبة لنا في التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة».
إلى ذلك أصدرت الحكومة التركية أمس تحذيرا لمواطنيها العائدين من السعودية من العودة برا عبر سوريا بعد هجوم وقع على حافلة تقل حجاجا أتراكا هذا الأسبوع. وتزايدت حدة التوتر بين تركيا وسوريا بسبب تصاعد انتقادات أنقرة للحملة الأمنية العنيفة التي تشنها قوات الرئيس السوري بشار الأسد على المحتجين على حكمه منذ 9 أشهر.
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان «تواجه سوريا في الوقت الحالي صعوبات في الحفاظ على النظام العام وهو ما يؤثر سلبا على السلامة على الطرق. وعليه ولأسباب أمنية من الضروري أن يسافر مواطنونا العائدون من الحج جوا.. لكن وفي حالة عدم القدرة على تفادي السفر برا يجب إجراء الرحلات عبر سوريا خلال ساعات النهار».
وجاء بيان أمس بعد تحذير أصدرته وزارة الخارجية التركية منذ 13 نوفمبر (تشرين الثاني) من السفر إلى سوريا في غير حالات الضرورة القصوى. وصدر هذا التحذير بعد أن تعرضت البعثات الدبلوماسية التركية في سوريا لاعتداءات من حشود، كما نصحت الوزارة المواطنين الأتراك بعدم التقاط الصور خلال وجودهم في سوريا والاحتفاظ بالكاميرات والهواتف المحمولة داخل حقائبهم. وقالت إن بعض من التقطوا صورا في سوريا واجهوا «مشكلات».
وفي ساعات الصباح الباكر ليوم الاثنين قام مسلحون - يحتمل أنهم ينتمون لقوات الأمن السورية - بهجوم على قافلة من الحافلات التركية التي تنقل الحجاج الأتراك العائدين من السعودية إلى تركيا. وأصيب شخصان في الهجوم الذي لم تعلق عليه الحكومة السورية بعد. وأدان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الهجومين ودعا الأسد إلى تعقب الجناة ومعاقبتهم. وأجلت تركيا عائلات دبلوماسييها بعد الهجوم على بعثاتها.
معارض سوري يروي لـ «الشرق الأوسط» تفاصيل «محاولة خطفه» في إسطنبول
خالد الخلف انتقل إلى باريس وأكد أن كل شخصيات المعارضة المقيمة بتركيا في خطر
بيروت: يوسف دياب
كشف عضو «المجلس الوطني السوري» خالد الخلف، عن تعرضه «لمحاولة خطف على يد المخابرات السورية وعملاء لهم في مدينة إسطنبول التركية الأسبوع الماضي». وأكد الخلف في اتصال مع «الشرق الأوسط» من مقر إقامته الجديد في باريس أن «رجال المخابرات السورية والمتعاونين معهم يسرحون ويمرحون في تركيا، وباتت المعارضة السورية وأعضاء المجلس الوطني في خطر، وهم عرضة للخطف أو التصفية في أي وقت، باستثناء بعض الشخصيات التي توفر لها الدولة التركية الحماية الأمنية».
وروى الخلف تفاصيل محاولة خطفه فقال: «منذ بداية الثورة وأنا أتلقى تهديدات من أزلام النظام السوري، حتى أصبحت الرقم (1) على لائحة التصفية، وقبل أيام معدودة هددوني بقتل شقيقي وائل الموجود في بيروت ما لم أقلع عن دعم المعارضة السورية في الداخل وتوفير الدعم اللازم لها، وتحسبا لخطف وائل أو تصفيته أمنت له السفر من بيروت إلى باريس، ولكني يوم الخميس الماضي وبينما كنت في اجتماع في إسطنبول وردني اتصال من شاب يعمل عندي، بأن 5 أشخاص يرتدون ملابس سوداء ويحملون على خصرهم مسدسات حربية غير ظاهرة، ويستقلون سيارة جيب سوداء رباعية الدفع، حضروا إلى الفيللا التي أسكن فيها في منطقة «(بخشتا شاهير) في إسطنبول، وسألوه أليست هذه الفيللا لخالد الخلف؟ ولما أجابهم الشاب بالنفي أخذوا منه جواز سفره ودخلوا إلى الفيللا عنوة وفتشوها، ولدى خروجهم قالوا له سنتأكد بأنفسنا إن كانت الفيللا له ويقيم فيها أم لا وسنعود عند المساء، لكنهم لم يغادروا ومكثوا في سيارتهم في الخارج ينتظرون وصولي».
وأضاف: «فور تبلغي بهذا الأمر اتصلت بالسلطات التركية وأبلغتهم بما حصل، وبعد قليل أرسل الأمن التركي سيارة إلى الفيللا، لكن المسلحين كانوا غادروا قبل وصولها، ولم أعد بعدها إلى الفيللا بل أرسلت من أخذ أغراضي الشخصية وانتقلت للإقامة في فندق (C V K) الكائن في ساحة التقسيم في إسطنبول حيث بقيت فيه 3 أيام، وفي صبيحة اليوم الثالث وبينما كنت جالسا عند الساعة التاسعة صباحا في مقهى (تيبولز كافيه) اقترب مني شاب أجهله وجلس على كرسي إلى جانبي وقال لي: أريد أن أحدثك كلمتين إذا كنت تريد مالا خذ ما تشاء وحل عنا ودعنا نرتب أمور البلد ونهدئ الأوضاع، وسيكون لك دور أساسي في المرحلة المقبلة. فأجبته، خلافك ليس معي بل مع الناس تقتلونهم، أما أنا فإني أسير خلف الثورة ولست أمامها. فرد علي قائلا لي: اعتبر نفسك ميتا وأنت تعيش الآن في الوقت الضائع».
ولفت الخلف إلى أنه «بعد هذه الرسالة القاسية التي تلقيتها، رتبت وضعي وانتقلت عند الساعة السادسة مساء بمساعدة عدد من الأصدقاء إلى مطار (أتاتورك) وسافرت إلى فرانكفورت ومنها إلى بروكسل ثم باريس»، مشيرا إلى أن «المخابرات السورية لديها نفوذ كبير في تركيا، لا سيما في صفوف العلويين الأتراك»، مذكرا بأن «ضابطا علويا في الأمن التركي هو من ساعد المخابرات السورية على خطف العقيد المنشق عن الجيش السوري حسين هرموش، بعد أن دس له مادة مخدرة حيث نام (هرموش) في تركيا واستفاق في سوريا». مشددا على أن «كل الشخصيات السياسية السورية المعارضة المقيمة في تركيا هي الآن في خطر، باستثناء بعض القيادات التي لديها حماية أمنية تركية».
وردا على سؤال عما يحكى عن دور كبير له في تأمين السلاح والدعم للمعارضة السورية في الداخل، أجاب الخلف «نعم أنا لا أستحي بهذا الشيء، لقد أمنت سلاحا للمقاومين في حمص وحماه ودير الزور وغيرها، وما المشكلة في ذلك طالما أن النظام السوري أدخل إلى سوريا حزب الله والحرس الثوري الإيراني وميليشيا الباسيج وجماعة مقتدى مقتدى الصدر لقتل المدنيين الذين يتظاهرون في سوريا؟ وهذا الأمر اعترف به محافظ إقليم صلاح الدين في العراق على قناة السومرية العراقية». مؤكدا أن «المسؤولين الأتراك لديهم معلومات عن تواجد عناصر من حزب الله على الأراضي التركية، وهؤلاء يدخلون كتجار ثم يبدأون بمهمات أمنية مثل جمع المعلومات وغيرها، لا سيما أن حزب الله يعتبر نفسه مرتبطا عضويا بالنظام السوري، وأن زوال هذا النظام يهدد مصيره».
خطة بشار الأسد: إما أنا ونظامي وإما سوريا إلى التقسيم!
هدى الحسيني
من عاش الحرب في لبنان، أو عرف تاريخها، ورافق الأساليب والوسائل السورية التي مورست حتى الوصول إلى جعله تحت «الوصاية السورية»، يعرف جيدا ما تتطلع إليه القيادة السورية الحالية من تعاملها مع كل الوسطاء، العرب والدوليين، لكن في هذه المرة التي ستدفع الثمن الباهظ هي سوريا.
كان لبنان «الجائزة الكبرى» التي حققها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، ومع الأسد الابن تبددت تلك الجائزة وعلى وشك الوصول إلى «اللحم الحي»، أي إلى النظام.
النظام، كنظام أمني لا يعرف التعامل إلا بالقوة والبطش والقتل، سقط في درعا في شهر مارس (آذار) الماضي. المشكلة الآن في «قناعات» الرئيس السوري الشاب. قراءة متعمقة لحديثه إلى صحيفة الـ«صنداي تايمز» تكشف الكثير من الأمور. يسأل الرئيس الصحافية هالة جابر عن صحة زوجها (المريض)، وينصحها بألا تفقد الأمل. وكأنه يحدث نفسه. تسأله عن مشاعره تجاه الأطفال الذين يقتلون، وهو الأب لثلاثة، يرد بكليشيهات رتيبة، ثم يتذكر أنه الرئيس وعليه إنقاذ سوريا.
تكتب الصحافية، من يرى الأسد في بدلته الأنيقة وتصرفاته مع معاونيه يعتقد بأنه أمام رجل أعمال، ثم يبدأ الحديث الجدي، فإذا بنا أمام شخصية يعتقد القارئ أنها تشبه «دكتور جيكل ومستر هايد».
الرئيس يصر على وجود مسلحين وعصابات مسلحة، وأن الضحايا المدنيين سقطوا بتبادل إطلاق نار بين الجيش وقوى الأمن وتلك العصابات. إذا راقبنا المظاهرات الليلية في الأحياء السورية، نلاحظ الناس يصفقون، يغنون ويقفزون، وكأنهم سعداء، رغم المستقبل الغامض، لأنهم تغلبوا على الخوف وخرجوا إلى الشوارع.
ما لا يدركه الرئيس السوري، أنه في مواجهة القمع والوحشية، عندما يسقط قتيل فإنه لا يزرع الخوف في قلوب الآخرين، بل على العكس، الأنا تصبح نحن.
بعد قراءته لعدة مقابلات أعطاها الرئيس السوري في هذه الأزمة، سألت سياسيا كبيرا رأيه فذكر أمرين: قصيدة للشاعر السوري الكبير نزار قباني يقول فيها: «كلما فكرت أن أعتزل السلطة، ينهاني ضميري. (...) كلما فكرت أن أتركهم، فاضت دموعي كغمامة، وتوكلت على الله وقررت أن أركب الشعب».
والأمر الثاني: بيان استقالة أديب الشيشكلي في 25 فبراير (شباط) 1954 وقد جاء فيها: «رغبة مني في تجنب سفك دماء الشعب الذي أحب والجيش الذي ضحيت بكل غال من أجله، والأمة العربية التي حاولت خدمتها بإخلاص وصدق، أتقدم باستقالتي من رئاسة الجمهورية إلى الشعب السوري المحبوب الذي انتخبني والذي أولاني ثقته (...)».
لا شك أن هذه السنوات تختلف عن تلك، لكن المخيف الآن، ما أبلغه الرئيس السوري شخصيا لعدد من الشخصيات، اللبنانية بالتحديد، التي يثق بها، وبعضها قريب من شقيقه ماهر الأسد، وهو أنه لن يسمح بسقوط النظام. «عليكم المحافظة علي وعلى نظامي أو أن سوريا ستتقسم». أوجد الأسد حالة نفسية عند الطائفة العلوية: «إما نحن أو السلفيون». وترك هذا آثارا مخيفة الآن في مدينة حمص، حيث بدأ القتل على الهوية، المعارضة فيها لم تستطع أن تسيطر، وقد تكون الأمور فلتت، سقط قتلى من العلويين، ومن السنة ومن المسيحيين والشيعة أيضا. يقول لي سياسي عربي: «كلما تأخر الحل ذهبنا إلى الجحيم».
حاولت دمشق تسويق نظرية تقارب الأقليات ضد التطرف السلفي. لكن هذه الأقليات مهما كبر حجمها، لن تؤثر شيئا إذا تحول البحر السني إلى بحر سلفي، الهدف من هذه النظرية خدمة مخطط تقسيم سوريا.
جاء من يلفت نظر روسيا وفرنسا إلى هذا المخطط، فانطلق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يحذر، بطريقة غير مباشرة من التقسيم، ويطلب تسوية مع بشار الأسد. لكن كما قال الرئيس التركي عبد الله غل مساء الاثنين الماضي في لندن: إن التغيير الجذري المطلوب في سوريا أبعد من إزالة بشار الأسد، إنه النظام، وحزب البعث بكل هيكليته.
وعندما نصح أحدهم وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه بألا يقطع الاتصال مع بشار الأسد، كان رده: «هو الذي قطع، اجتاز مرحلة عدم القطع معه». وصل الجميع إلى قناعة بأن سوريا ستحترق قبل الوصول إلى... التقسيم!
وعندما يتحدث الرئيس السوري عن «زلزال» سيصيب المنطقة، إذا ما تعرض نظامه للخطر، يعرف جيدا ما يقول وعلى ماذا يراهن. وهو غير متراجع عن قراره. قد يدوم الوضع أشهرا وسنوات، خصوصا أن حكم الحزب الواحد، والعائلة الواحدة والطائفة الواحدة، لا يستطيعون الإقدام على أي انفتاح أو تعددية. هذا مستحيل. يتطلع إلى انسحاب الأميركيين من العراق، فتصبح إيران على حدوده. من هنا، فإن مراهنته أيضا على إيران كعامل مركزي إلى جانبه، ثم، وكما قال وليد المعلم وزير الخارجية السوري، إن فرنسا وأميركا مقبلتان على انتخابات رئاسية العام المقبل.
دولتان يجب أن تشعرا بالقلق من التحذير بـ«الزلزال» هما لبنان وتركيا.
البعض في لبنان يعتقد بأن سقوط الأسد آت خلال أيام، وتنتهي كل المشاكل. هذا ما نتلقاه من أحاديث بعض السياسيين وحواراتهم، لكن على الأرض الحالة مقلقة جدا، لأن التوتر الحاصل في سوريا سينعكس في لبنان توترا شيعيا - سنيا.
بعض الحكماء في لبنان يتطلعون إلى صوت علوي من داخل سوريا يرفض ما يقوم به ويسوقه بشار الأسد، والمعارضة السورية لن تستطيع فعل أي شيء إلا بوجود مثقفين علويين بينها، يرفضون لعبة النظام: السني ضد العلوي.
أما تركيا، فإن تصريحات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لا تساعد، لأنها ليست انطلاقا من مبدأ، بل لأهداف، لكن يمكن أن نبررها على أساس مخاوف تركيا من أن الحرب الأهلية لا مفر منها في سوريا وما يمكن أن تسببه هذه الحرب لحدود غير مستقرة بالفعل في جنوب تركيا.
يضاف إلى ذلك، أنه مع كثرة اللاعبين الإقليميين والدوليين الذين يتنافسون لاستغلال المشاكل الداخلية السورية، فإن المشاكل الداخلية التركية قد تصبح قريبا معرضة لاستغلال قوى خارجية.
التهور التركي قد يكون ثمنه كبيرا على تركيا. فتركيا هددت مرة بحشد قواتها إذا لم تطرد سوريا عبد الله أوجلان (حزب العمال الكردستاني) من أراضيها. هي اليوم تدعم العقيد المنشق رياض الأسعد قائد جيش سوريا الحر، (ناطقة باسم المعارضة السورية في لندن شجبت عمليات هذا الجيش داخل سوريا). وهي بمواجهتها سوريا وضعت نفسها على خلاف مع حليف سوريا، إيران التي تحتاج إلى تعاونها للتعامل مع حزب العمال الكردستاني. لكن، أدركت إيران وحزب العمال الكردستاني، أنه مع تغيير الخريطة السياسية في الشرق الأوسط، فإنهما يحتاجان لبعضهما البعض، وحسب مصدر مطلع، فإن الاضطرابات في سوريا، دفعتهما لإقامة محور جديد انفتح بموجبه ممر جديد بين إيران وسوريا عبر كردستان العراق.
أيضا، خطأ آخر ارتكبه وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو عندما طلب من جوبيه المزيد من الضغط على سوريا، على ألا يكون من جانب واحد «وعلى الدول المعنية أن تعمل معا». ظن «الإخوان المسلمون» في سوريا، أن عليهم أن يعطوا الغطاء لتركيا، إذا كانت بقية الدول مترددة، فزاد هذا الأمر تعقيدا وتخويفا، إذ طلب زعيم الجماعة السورية محمد رياض شقفة التدخل العسكري التركي «والشعب السوري سيقبل هذا التدخل».
قد تكون نتائج انتخابات تونس، وإعلان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون استعداد بلادها للتعامل مع «الإخوان المسلمين»، أفقدت هذه الجماعات، إن كان في سوريا، أو في مصر، صفة الصبر. وفي خضم هذه الفوضى العارمة التي تجتاح العالم العربي، يجب ألا نستخف بالدور الإيراني، فإيران تكهنت بأن الثورات العربية ستكون مشابهة لثورتها، فإذا بـ«إخوان سوريا» يطلبون الغطاء التركي، وبـ«إخوان مصر» يريدون التخلص من الجيش على خطى أردوغان تركيا.
ومع تصاعد أحداث العنف في سوريا، وقراءة تفكير رئيسها وقناعاته، فإن سوريا قد تكون مقبلة على حرب أهلية دموية وانقسامات مخيفة.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,466,954

عدد الزوار: 6,992,673

المتواجدون الآن: 63