اليمن: مسلحون من «القاعدة» يخطفون سويسرية من الحديدة

الذكرى التاسعة لبدء الغزو الأميركي للعراق....أمـن الـعـراقـيـيـن المـفـقـود.. الهاشمي: لن أغادر العراق إلا في إطار مسؤولياتي ...مقتل عدد من قادة «القاعدة» في الموصل والصراع في سورية أضعف نشاطها في العراق

تاريخ الإضافة الأحد 18 آذار 2012 - 6:05 ص    عدد الزيارات 2330    التعليقات 0    القسم عربية

        


مقتل عدد من قادة «القاعدة» في الموصل والصراع في سورية أضعف نشاطها في العراق
الموصل - عبدالواحد طعمة

أعلن قائد الشرطة الاتحادية في الموصل اللواء الركن مهدي الغراوي أن نشاطات تنظيم «دولة العراق الإسلامية» التابع لـ»ألقاعدة» في المحافظة «تراجع في شكل كبير بعد قتل مجموعة من أبرز قادته، ومنهم وحيد التونسي»، مشيراً إلى تأثير أعمال العنف في سورية وانشغال»القاعدة» فيها في نشاطها.

وأكد الغراوي في تصريحات إلى»الحياة» من مقر الفرقة الرابعة للشرطة أن «الموصل ما زالت وكراً مهماً لقيادة تنظيمات القاعدة والإرهابيين، منها تدار كل العمليات المسلحة في العراق وهي مصدر رئيسي لتمويل نشاطاتهم». وزاد أن الحملة التي شنتها فرقته في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أسفرت عن قتل عدد من قادة «القاعدة»، بينهم عرب وكانت بداية لتراجع أعمال العنف في المدينة، وقال: «في الخريف الماضي وردت معلومات استخبارية عن وجود 3 إرهابيين خطرين في منطقة الموصل الجديدة يخططون لعمليات اغتيال منتسبي الشرطة والجيش فتشكل فريق عمل نصب مكمناً لهم، وفي اشتباك وسط مركز تجاري وسط المدينة، قتلوا جميعهم، بينهم المدعو وحيد التونسي وهو عربي الجنسية ويشغل منصب ممثل أمير المؤمنين في الدولة الإسلامية (أبو بكر البغدادي) والآخران هما عمر محمد عزيز واسمه الحقيقي ريان ثامر خليل ومحمود صالح عواد».

وأوضح أن «التونسي يعتبر من أخطر قادة القاعدة. درس في فرنسا عام 2003 ودخل العراق لاحقاً ومعروف لدى القوات الأميركية باسم يوسف نور الدين علي. وكان يتنقل ببطاقة تعريف مزورة بصفة موظف في دائرة العمليات الخاصة في وزارة الداخلية باسم زكريا محمد جاسم، اضافة إلى هوية أحوال مدنية صادرة في الموصل بالاسم نفسه. أما خليل فيحمل هوية أحوال مدنية باسمه الحركي صادرة في موصل أيضاً، وهو المسؤول عن عمليات الاغتيال التي طاولت أفراد الجيش والشرطة في المحافظة. أما عواد فكان يتنقل بهوية أحوال مدنية صادرة في تلكيف». ولفت إلى أن «التونسي متزوج من عراقية قتل والدتها وأشقاءها الثلاثة، لأنهم اكتشفوا اسمه الحقيقي وطبيعة عمله».

وتابع :»يتم الآن العمل لتصفية شبكة جيش الطريقة النقشبندية التابع لحزب البعث وأنصار السنة، بعد أن اكتملت لدينا قاعدة معلومات استخبارية وافية. وفعلاً تمكنا من تحقيق بعض الأهداف، ومنها تفكيك المركز الإعلامي المشترك للقاعدة وأنصار السنة وإلقاء القبض على مسؤوليه. وضبطنا حوالى ألف قرص مدمج عبارة عن تسجيلات لعمليات في أنحاء البلاد، كما اكتشفنا أسرار عمليات اغتيال طاولت أفراد الجيش في الموصل ووفرت هذه الأقراص ووثائق أخرى قاعدة واسعة من المعلومات ساهمت في الوصول السريع إلى قادة هؤلاء الإرهابيين».

وزاد:»كان في ولاية الجزيرة 28 قيادياً مهماً تم القضاء على 26 منهم بينهم والي البعاج و3 من أركان تنظيم القاعدة في العراق فيما فر الآخران خارج البلاد».

وأشار إلى عملية تل الرمان في كانون الثاني(يناير) الماضي، في الصحراء الغربية، بين الموصل والأنبار وقال: «حصلنا على اعترافات من احد عناصر القاعدة تشير إلى وجود اثنين من المقاتلين العرب ينويان تنفيذ عمليات انتحارية، اضافة إلى عراقي يحمل هوية باسم خالد شهاب يقيمون في منزل في منطقة تل الرمان، فطوقنا المنطقة وبدأنا عملية دهم شملت كل المنازل وتم قتلهم. إن عملية التونسي ومعاونيه وبعدها عملية تل الرمان قلصت العمليات الإرهابية، مقارنة بالعام الفائت. كشفنا للمجموعات البعثية هو الذي قاد إلى الأهداف التي وصلنا إليها داخل الموصل وحتى الذين في الصحراء الغربية».

وعزا الغراوي تراجع نشاطات «القاعدة» إلى عامل آخر هو احتدام الصراع في سورية وقال «خسروا حتى من خزينهم ومن الأسلحة التي سربت إلى سورية. قبل 6 شهور كنا نضبط أسلحة حديثة الصنع أما الآن فغالبية ما يعتمدون عليه هو ما بقي من مخلفات الجيش العراقي السابق وبعض الأسلحة المتوافرة في الأسواق المحلية اضافة إلى انحسار مستوى تسلل الإرهابيين من خارج البلاد للأسباب ذاتها فقد صارت وجهتم الرئيسية سورية».

 

 

مجموعة مناصرة لمقتدى الصدر تعلن انشقاقها عن «عصائب أهل الحق»
الحياة..النجف - فاضل رشاد

نفى الزعيم الديني مقتدى الصدر ارسال قوات من «جيش المهدي» الى سورية لمساندة قوات النظام، فيما أعلن تنظيم موال للصدر انشقاقه عن مليشيا «عصائب اهل الحق» وتشكيل حركة جديدة.

وأكد الصدر رداً على سؤال لاحد اتباعه عن إشاعات تشير إلى دعمه النظام السوري: «لو أردنا الوقوف ضده» (الجيش السوري الحر) لوقفنا ولما آلت الأمور في سورية الحبيبة إلى هذا الوضع. أنا لست ممن يتدخل في شؤون الآخرين ولا يحب تدخل الآخرين في شؤونه».

الى ذلك، اعلن تنظيم جديد موال للصدر انشقاقه من «عصائب اهل الحق» واطلق على نفسه اسم «العصائب/ تنظيم العراق».

وأكد الناطق باسم التنظيم الجديد جعفر النداوي في بيان أنه «يرفض اي محاولة لتخريب العلاقة مع ابناء التيار الصدري وزعيمه السيد مقتدى الصدر، خصوصاً ان الطرفين من ابناء دين واحد وملة واحدة». وأضاف ان «قرار تشكيل التنظيم السياسي الجديد جاء للتمييز بيننا وبين عصائب اهل الحق والتمسك بحقنا في الحفاظ على تاريخ العصائب».

وأشار إلى أن «التنظيم الجديد غير ملتزم أي اتفاق او تحالف بين عصائب اهل الحق واي جهة حكومية او غيرها»، مبيناً في الوقت ذاته أن «التنظيم لا يرغب بالدخول في صراعات ومهاترات مع عصائب اهل الحق».

يذكر ان هذا هو الانشقاق الاول الذي تعرضت له «العصائب» منذ اعلانها المشاركة في العملية السياسية بعد انسحاب القوات الاميركية.

وكان الصدر وصف عناصر «عصائب اهل الحق» بـ «القتلة»، ودعا الى «عدم السماح لهم بالمشاركة في العملية السياسية وتقديمهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم لقتلهم المدنين ورجال الامن».

على صعيد آخر، طالب ممثل المرجع الشيعي علي السيستاني في كربلاء، الشيخ عبدالمهدي الكربلائي الدول العربية المشاركين في قمة بغداد بدعم «الديموقراطية في العراق وتبني نظرة موضوعية إلى القضايا العربية».

 

 

الهاشمي: لن أغادر العراق إلا في إطار مسؤولياتي
الحياة..بغداد – حسين علي داود

وصف «ائتلاف دولة القانون»، بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي تصريحات رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني المتعلقة بقضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي والخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم بـ «اللامسؤولة والمخالفة للدستور»، فيما قال الهاشمي إنها «تمثل موقفاً مشرفاً».

وشن بارزاني اول من امس، هجوماً على الحكومة الاتحادية واتهمها بمحاولة توريط الاكراد في قضية الهاشمي «مقترحة تهريبه من الإقليم». واستنكر اعضاء في كتلة المالكي امس، تصريحات بارزاني.

وقال عضو الكتلة النائب منصور التميمي في تصريح الى «الحياة» امس، إن «ان تصريحات بارزاني مؤسفة ومنافية للواقع والدستور وغير مسؤولة»، ودعا القيادة الكردية الى «التصرف على أساس أنها جزء من العراق وليست دولة مستقلة». واضاف ان «قضية الهاشمي قضائية والاكراد يعرقلون القضاء (...) ماذا سيكون موقف الاكراد لو هرب مطلوب لقضائهم الى مدينة عراقية خارج الاقليم؟». واعتبر ان هناك ازدواجية في المعايير، ودعا حكومة الإقليم الى «عدم التفرد في الثروات والقرارات السياسية والاقتصادية».

ولفت الى ان «التصريحات تهدف الى الحصول على مكاسب سياسية وتوقيتها جاء متزامناً مع تحضيرات الحكومة لاستضافة القمة العربية».

من جهة أخرى، اشاد نائب الهاشمي امس بتصريحات بارزاني الذي رفض تسليمه للحكومة المركزية، وقال إنه «موقف مشرف»، وأكد أنه لن يغادر العراق بشكل سري. وأضح في بيان أنه «ليس جديداً أن يؤكد رئيس الإقليم نيابة عن الأشقاء الكرد الموقف المبدئي المشرف الذي أعلنه منذ البداية في تعامله مع أزمة سياسية مفتعلة لا يرى حلاً لها إلا من خلال الجهد السياسي».

وتابع: «مهما تعاظمت الخطوب فسأبقى على ارض العراق، ولن أغادره إلا موقتاً وعند الحاجة إلى ذلك في إطار منصبي ومسؤولياتي كنائب لرئيس الجمهورية»، وبين أنه «في هذه الأحوال لا بد من إعلان ذلك في بيان رسمي يصدر في حينها».

 

«القاعدة» تتبنى هجمات حديثة
بغداد – «الحياة»

تبنى تنظيم «القاعدة» في العراق تنفيذ هجمات حديثة في محافظة الانبار التي راح ضحيتها العشرات من الشرطة والجيش مطلع الشهر الجاري .

أكد تنظيم «دولة العراق الاسلامية» التابع لـ «القاعدة» في بيان امس، ان «90 مسلحاً من عناصره «بعضهم التحف أحزمة ناسفة وكانوا بقيادة والي الأنبار، تمكنوا بسهولة من السيطرة على بلدة حديثة فجر الخامس من الشهر الحالي»، مشيراً الى ان «المهاجمين كانوا في 4 أرتال وتمكنوا من قتل ما لا يقل عن 19 ضابطا وشرطيا».

واضاف البيان ان «محمد حسين خلف شوفير (احد الضباط القتلى) هو من أوائل المؤسّسين للصحوة والمسؤول السابق عن قوات فوج طوارئ حديثة، وحراسه ايضاً، إضافة إلى تصفية النقيب خالد الجغيفي مسؤول قوات مكافحة الإرهاب في حديثة وأخيه وحراسهما».

ودعا البيان الصحوة والجيش والشرطة الى «الاسراع في إعلان التوبة وعدم جعل الأنبار جسراً لضرب أهل الشام»، او سيكون مصيرهم القتل»، متوعداً مسؤولي الحكومة المحلية والقوات الامنية في الأنبار بـ «شن غزوات جديدة».

وكانت مجموعة مسلحة تستقل سيارات مصفحة رباعية الدفع تحمل علامات قوات الشرطة الاتحادية هاجمت مطلع الشهر الجاري بأسلحة رشاشة وقنابل يدوية نقاط تفتيش تابعة للجيش والشرطة، ومنازل لعناصر أمن، في مناطق متفرقة من قضاء حديثة التابع لمحافظة الانبار، ما أدى الى مقتل 28 شخصاً.

اليمن: مسلحون من «القاعدة» يخطفون سويسرية من الحديدة

 

الحياة...عدن (اليمن) - أ ف ب - أعلن مسؤول يمني في عدن امس أن مسلحين خطفوا امرأة سويسرية من مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر ويحتجزونها في محافظة شبوة (جنوب شرق) متهماً تنظيم «القاعدة» بالمسؤولية عن الخطف.

وقال المسؤول طالباً عدم ذكر اسمه «خطف مسلحون امرأة سويسرية في الحديدة (غرب) واقتادوها الخميس إلى محافظة شبوة». وأضاف «وفق معلوماتنا فإن تنظيم القاعدة هو المسؤول عن الخطف»، مشيراً إلى أن الخاطفين «يطلبون الإفراج عن اثنين من أنصار القاعدة معتقلين في الحديدة»، دون أن يوضح متى وقعت عملية الخطف ودون ذكر تفاصيل عن الرهينة.

وأكد مسؤول في أجهزة الأمن فرضية تورط «القاعدة» قائلاً إن «خطف السويسرية يحمل بصمات القاعدة»، موضحاً أن نقل المرأة من الحديدة إلى شبوة يتطلب عبور ثلاث محافظات على الأقل، وهذا يدل على «عمل منظم يقف وراءه تنظيم القاعدة».

وقالت وزارة الخارجية السويسرية إنها أبلغت بعملية الخطف مساء الأربعاء. وأضافت أنها شكلت خلية أزمة وبدأت اتصالات مع السلطات المختصة في اليمن عن طريق الممثلة السويسرية للتعاون في صنعاء والقنصل الفخري.

وذكرت الوزارة بأنها سبق أن نصحت رعاياها بعدم السفر إلى اليمن وطلبت في حزيران (يونيو) من رعاياها المقيمين في هذا البلد مغادرته.

وتعتبر محافظة شبوة من معاقل «القاعدة» الذي ينشط في جنوب اليمن وجنوبي شرقه.

ويشهد اليمن عمليات خطف أجانب متكررة تقوم بها عادة بعض القبائل المسلحة للضغط على السلطات بهدف تلبية مطالب محلية مثل إطلاق سجناء أو تقديم خدمات.

  

الذكرى التاسعة لبدء الغزو الأميركي للعراق (1)
أمـن الـعـراقـيـيـن المـفـقـود
جريدة السفير...امين ناصر
بعد أن حُلَّ الجيش العراقي بقرار الحاكم المدني لسلطة الائتلاف المؤقتة بول بريمر، وصار باسط الأمن أجنبي، بقواته المتعددة الجنسيات وآلياته المختلفة الصنع والمنشأ... وبعد أن لاذ بالفرار من ساحة القتال، لحظة سقوط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس، رجال الأمن والقادة كما ميليشيات البعث «القائد»... كثر السجال والحديث في بلد الأزمات والانقلابات والحروب حول إمكانية بسط الاستقرار على مساحة يفوق الأمن فيها الحدود الطبيعية لأي دائرة أمنية، أكانت في منطقة الشرق الأوسط أو الخليج أو محيط العراق، بمختلف تنوع هذا المحيط.
وليس بعيدا عن لغة الأرقام المقيتة، حين تتحدث هذه اللغة عن ضحايا العنف في بلد تناوبت أعوام الموت والبؤس عليه عام تلو عام، منذ حرب إيران واحتلال الكويت وسني الحروب وأيام الحصار، مرورا بحرب الخليج في العام 1991، وثعلب الصحراء في العام 1998، وحتى الغزو في العام 2003، وملايين الأرواح العراقية تزهق فيه.
من هذه «الأرواح» من كان في صفوف المؤسسة العسكرية الرسمية، ومنها من كان منضويا تحت أجنحة البعث المسلّحة أو ميليشيات عدي وقصي، ابنا صدام، من المناطق الغربية، ومنها من كان أعزلا مدنيا، ومنها من كان مقاوما، ومنها من هو «ارهابي»، ومنها من كان في العملية السياسية وخارجها. لم تفرّق آلة الموت في العراق إذاً بين طبقة وأخرى وبين مذهب وآخر. الحديث عن أرقام لهذه العقود الأربعة الغابرة يكاد يكون أكثر وجعا من تلك السنين. ما يتوفر بين أيدينا، من مصادر خاصة تمكنت من جمع الأرشيف للوفيات ومن خلال البطاقة التموينية التي يسقط منها اسم المتوفى وحصته الغذائية إن فقدته العائلة، يصل أحيانا إلى ما يفوق العشرة ملايين ضحية في عموم العراق.
ووسط كل هذا، كانت ولا تزال جدليّة كبرى تخيّم على الدولة العراقية، بل تعشّش في ذهنية الفرد العراقي وحتى العربي، حول جهوزية الجيش العراقي والقوى الأمنية في العراق، وقدرة هذه المؤسسات على ضبط إيقاع الأمن وصدّ العنف ودفعه عن المواطن غير الآمن، الذي يعيش بطبيعة الحال خارج الحواجز الكونكريتية في المنطقة الخضراء، ومناطق العزل الأخرى التي استحوذ عليها سياسيو الخارج بفضل «الكاوبوي» ومنهجه «الديموقراطي» الجديد في حماية أرباب العملية السياسية في العراق وديمومة «الدم قراطية» فيه. وصار الجدل مبني في قوامه على الجهوزية الأمنية والدفاعية والقتالية «للفارغتين» من التمثيل حتى الآن: وزارتي الدفاع والداخلية.
انسحاب آخر القطع العسكرية الأميركية من العراق زاد المشهد ضبابية، لا سيما أن الحديث عن عراق ما بعد صدام يقترن ليس بمسألة الديموقراطية فحسب، بل بإمكانية الجيش والشرطة والدفاع والداخلية حماية أبسط حق للمواطن في العيش بأمان وحرية.
وفي ذكرى مرور قرابة العقد من الزمن على لحظة بدء تنفيذ القرار الأميركي بتغيير النظام العراقي وإسقاطه، يقف العراقيون اليوم مكتوفي الأيدي، وهم ينظرون بخجل ممزوج بخوف أكبر لمرحلة ما بعد سقوط الجيش والأمن أو سقوط النظام.
ورداً على كل من يسارع إلى اتهام أي صحافي يريد الحديث عن المنظومة الأمنية في العراق قبل وبعد السقوط بـ«البعثية الصدامية»، وهو ما يعتمده البعض من أرباب العملية السياسية تهمة قبل كل شيء، لا بدّ من القول إن بإمكان أي متجول في العراق، باستثناء الإقليم الانفصالي الكردي، أن يرى بأم العين الخلل الكبير الذي تعيشه المؤسسة الامنية العراقية، على كافة أصعدتها ومستوياتها الاستخبارية واللوجستية، كما من بين أهمها العقيدة القتالية. وذلك من دون إغفال تضارب هذه المؤسسات مع حركات جديدة على الساحة العراقية برزت بعد العام 2003، من بين أهمها «القاعدة» وأخواتها والميليشيات، والتي تستعرض لعدتها وعديدها في شوارع بغداد الرئيسية وبقية مدن العراق صبح مساء.
في المقابل، يبدو واضحاً الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأميركية بأساطيلها، ودول التحالف الكبرى التي اشتركت معها في غزو العراق، ليس في إلغاء الشعور الوطني بالانتماء إلى المؤسسة العسكرية فحسب، بل في «إرخاء الحبل» لحلفائها في العملية السياسية، للانقضاض على كبار ضباط الجيش والقادة بل حتى المنشقين عن النظام والملازمين لبيوتهم. وعليه، عاثت الميليشيات في وزارة الدفاع فسادا، وسرقت الآليات بما فيها الثقيلة، ومؤسسة التصنيع العسكري التي حوّلها النظام إلى وزارة اختفت بين عشية وضحاها، وأفلس الأمن حتى من أسلحته الخفيفة. ثم عادت أميركا من جديد للتعاقد مع العراق حول عقود تسلح وتسليح، فاسدة ومشبوهة مشروطة ومنضبطة، عربيا وخليجيا، وتحوّل الجيش «الأكبر» في العالم إلى «الأضعف»، وبات لا يمثل إلا حكما في المنطقة الخضراء وبعض ضواحيها المجاورة.
أما الأسئلة التي يتهرّب المسؤول الأمني العراقي منها فكثيرة، ومن بين أهمها كيف اختفت المنظومة العسكرية العراقية؟ أين الطائرات الحربية المقاتلة؟ أين الصواريخ والمدفعية؟ أين الدروع والدبابات؟ أين البوارج والباخرات والغواصات؟ أين الراجمات والقطع، والتي خاض بواسطتها الجيش العراقي أعتى حروب المنطقة في القرن العشرين؟
أضف إلى ذلك أسئلة عن كبار الضباط وماذا حل بهم؟ ومن المسؤول المباشر عن أمن العراق: المواطن أم الدولة؟ ومن يفتك بهذا الأمن: أهو جيل جديد من قيادات بعثية صدامية تكفيرية، بحسب التصريح الرسمي العراقي، أم ميليشيات وفصائل قارعت المحتل وهي من تشعر أنها الأولى بحمل السلاح والاحتفاظ به؟
ثم ننتقل إلى الأسئلة المفصلية: فهل بإمكان وزارتين أمنيتين من دون وزراء كالدفاع والداخلية، ينخرهما التحاصص وتعشش في أروقتهما الطائفية والعرقية والفساد في الصفقات وعقود التسلح، أن تضبطا الأمن بدلاً من 160 ألف مقاتل أميركي مع وحدات استطلاع جوي؟ وذلك بالرغم من وجود حديث يقول إن الانتهاكات كانت أكثر بكثير قبل خروج القوات الأميركية، وان قواعدها لم تكن باسطة للأمن في جميع مناطق العراق.
ما سبق كان محور الحديث الذي أجرته «السفير» مع مجموعة من المسؤولين في القطاع الأمني من بينهم نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية النائب المستقل اسكندر وتوت الذي أكد أن «الأميركيين كانوا يتحفظون على تسليح الجيش العراقي بأسلحة متطورة خشية أن تقع هذه الأسلحة في أيدي الميليشيات، الأمر الذي ولّد استياء عراقيا من هذا التوجه الأميركي». ويضيف وتوت شارحا «إن تجهيز الجيش بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة غير مسموح به أميركياً، إذ تنصّ الشروط التي يضعها الأميركيون على عدم تسليح الجيش بالمقاتلات الحربية وطائرات الاستطلاع والصواريخ والمدفعية وأنظمة الدفاع الجوي والمراقبة بسبب تخوف كردي داخلي وخليجي من عودة القوة العراقية إلى صحتها وعافيتها من جديد».
يشاطر وتوت رأيه رئيس أركان القوات العراقية الفريق بابكر زيباري الذي يؤكد عدم قدرة القوات العراقية على حماية البلاد قبل العام 2020.
أما عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية النائب عن «دولة القانون» عباس البياتي، فقال في تصريح خصّ به «السفير» إن «الخروقات الأمنية ستبقى ترافقنا لسنوات مقبلة، ليس بسبب ضعف الأجهزة الامنية، ولكن بسبب تدخلات خارجية وبسبب صراعات سياسية داخلية، قد تحاول بعض الجهات السياسية بشكل أو بآخر أن توفر أجواء لهكذا خروقات». وأضاف «العراق يتعرض لهجمات إرهابية كبيرة، لأسباب كثيرة من بين أهمها ما يتعلق بالنظام السياسي الجديد، فهناك من لا يقبل به من دول الجوار، وهناك ما يتعلق ببعض الأجندات الخارجية وأسباب أخرى، منها الهوية الجديدة للعراق التي يجد البعض أنها غير مسبوقة، من حيث تمكّن الشيعة من لعب الدور المناسب بحسب نسبتهم السكانية وبموجب الانتخابات الديموقراطية، مما حمل بعض الدول الدكتاتورية والملكية على استهداف هذه التجربة، انطلاقا من خلفيات عقائدية وإيديولوجية. وهناك في الداخل بقايا حزب البعث ورموز النظام البائد، والذين ما زالوا يوجهون أتباعهم لإجهاض هذه التجربة.
وعن الضغط الأمني الخارجي على الوضع الأمني الداخلي للعراق، ودعم بعض دول الجوار لأطراف في العراق من دون غيرها، وعن تورط القيادات السياسية والأمنية في العراق في ملفات إرهاب خطيرة، تتعلق بالتمويل والتدريب من تركيا وقطر والسعودية، قال البياتي «لا نكشف سرا عندما نقول إن هنالك أطرافا خارجية لها أصابع داخلية، تقوم بعمليات التفجير والتفخيخ. لأن أي عملية تفجير تحتاج من الإمكانيات اللوجستية والمالية والاستطلاعية، ما لا تستطيع منظمة أو أفراد معدودين القيام بها، ما لم يكن هنالك طرف خارجي يموّل ويخطط ويحدد الأهداف. ولا شك ان الهاشمي وافراد حمايته هم من بين من تورطوا بمثل هكذا أعمال، وهذا ما أكدّه القضاء».
وفي هذا الإطار، يبقى الأمن المفقود بمثابة إفراز طبيعي لغياب الوفاق الوطني أو التوافق السياسي، في بلد تكاد تكون تركيبته بعد عقد من الزمن على احتلاله، تركيبة هجينة تسابق الزمن نحو الانحطاط في مختلف المشكلات الطائفية العرقية المذهبية.
وهنا يقول البياتي «الأزمات السياسية هي التي وفّرت المناخ الملائم للإرهابيين، لكي يتمكنوا من تعميق التناقضات السياسية. وبالفعل تمكنوا من استهداف الأماكن العامة والخواصر الرخوة في تفجيراتهم، لتفجير الوضع السياسي وجرّ العراق إلى الفتنة الطائفية. وأستغل ذلك لأقول العراق لن يعود إلى الحرب الأهلية الطائفية، لأن الجميع أدركوا أنها ستأكل الأخضر واليابس».
من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع العراقية الفريق الركن محمد العسكري لـ«السفير» إن «جميع الأسلحة التي كان يمتلكها العراق، المتوسطة والثقيلة، فقدت. والعراق اليوم يواجه ضغوطا كبيرة، بعيداً عن الحديث عن التكامل العسكري لدينا من عدمه. اعتقد أن المنظومة العسكرية شبه متكاملة، والجيش العراقي يزداد قوة يوما بعد يوم. والاتفاقية الامنية الموقعة على أساس خروج الاحتلال، دليل على الجهوزية وعلى قدرة القوات العراقية على حماية امن وسيادة بلدها».
ولكن الحديث عن «الجهوزية» يكبحه واقع أن العراق يفتقد لجميع صنوف وحداته الجوية، من مقاتلات حربية ومقاومة طيران وطائرات رصد واستطلاع. وهو فراغ يشكل بحدّ ذاته خطرا وهاجسا كبيرين، لما تعتريه المرحلة المقبلة من تهديدات وأزمات، في ظلّ انفلات الحدود وعدم السيطرة الجزئية على مساحات واسعة منها، على وجه الخصوص ما يمتد بين العراق وسوريا والعراق والسعودية، ونشاط الجماعات المتطرفة التي تؤسس إلى ما يعرف بالإمارات الاسلامية في العراق وبلاد الشام.
في هذا الإطار، أوضح العسكري قائلاً، «بطبيعة الحال إن القوات الجوية لا تبنى بين ليلة وضحاها. ولهذا قامت الحكومة العراقية بإبرام صفقات أسلحة عملاقة مع دول عديدة، كأميركا وصربيا وأوكرانيا وبلجيكا ورومانيا وجمهورية التشيك، للتزود بسلاح الجو الحربي وطيران الاستطلاع، ونتوقع وصول طائرات «F16» في العام المقبل أو بعده. لكن لدينا اليوم سلاح مراقبة الأجواء والاستطلاع والرادارات في حالة جهوزية تامة ومتكاملة».
ورداً على تفشي الفساد المالي والإداري في المؤسسة الامنية وفي عقود التسلح، قال الناطق باسم الدفاع «الفساد كان في العام 2004 وقد تم كشفه وفضحه. واليوم نتعامل بشفافية مطلقة في هذه العقود. ومن أراد أن يستجوب مسؤولا رفيعا أو نائبا متعاقدا في صفقة ما في البرلمان العراقي أو أمام القضاء فليفعل. أما في ما يتعلق بمشكلة الفساد الكبير مع بولونيا، فهي ما زالت عالقة لهروب وزير الدفاع السابق واختفاء بعض الأدلة ونسخ العقود والتي وصلت إلى 2 مليار دولار».
ما تقدم يفسّر حجم القلق الذي يطبق على الشارع العراقي في ظلّ أمنه المفقود، الذي يعود به إلى مراحل زمنية لا يرغب في تذكرها، حين كان الجيش أو الأمن أداة بيد القائد يحركها كيفما شاء ومتى شاء، داخليا وخارجيا. وهو إن كان يبدو سابقاً منضبطا نسبيا، ولو بشكل ظاهري، فهو صار اليوم مفقودا بسبب تداعيات الاحتلال والاختلال وما تلاه من فساد وغياب للولاء ومحاصصات سياسية وقوى داخلية وخارجية تستخدم الأمن كأداة لتحقيق مصالحها.

المصدر: جريدة الحياة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,958,167

عدد الزوار: 7,049,468

المتواجدون الآن: 77