تخوف فلسطيني بعد وقف النار من انتقال المعركة إلى الداخل
الثلاثاء 13 كانون الثاني 2009 - 1:00 م 6018 عربية |
خليل فليحان
تلقت قيادات سياسية بارزة وفاعليات مؤثرة ذات ثقل شعبي معلومات عن الغرض من حرب اسرائيل على غزة، وهو استهداف "القضية الفلسطينية" لدفع الفصائل القوية عسكريا كحركة" حماس "الرافضة مفاوضات سلام مع اسرائيل، الى الجلوس الى طاولة التفاوض معها قبل تسلم الرئيس الاميركي الديموقراطي المنتخب باراك اوباما في البيت الابيض بعد ثمانية ايام، تفاديا لاحراجه، وكي يكون الراعي الفاعل لها، توصلا الى اتفاق سلام بين الطرفين خلال سنة 2009، في وقت تعاود فيه مفاوضات السلام على المسار السوري – الاسرائيلي والتي توقفت قسرا بفعل استقالة الحكومة، وعجز وزيرة الخارجية تسيبي ليفني عن تشكيل حكومة جديدة، مما استدعى الدعوة الى انتخابات نيابية في شباط المقبل".
ونفت مصادر رسمية علمها بمثل هذه "المؤامرة" واكدت "ان ايا من الدول التي اتصل بها رئيس الجمهورية ميشال سليمان او رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، قد اطلعهما على اي تفاصيل عنها او عن مكوناتها، واشارت الى ان الهم الاول لكليهما تحييد لبنان عن هذه الحرب ما دامت اسرائيل تهدده في شكل شبه يومي على لسان مسؤوليها السياسيين والعسكريين متذرعة بأن ترسانة "حزب الله" تضاعفت من الصواريخ وبقية انواع الاسلحة منذ تموز 2006".
وأفادت مصادر القيادات السياسية ان "صانعي القرار في واشنطن ودول اوروبية بارزة، مطلعون على هذه المؤامرة ومنهم من هو مساهم في صياغتها"، لانه في نظرهم، "يجب ايجاد حل لهذه القضية بعد زهاء 60 عاما، وبعد الشرذمة الحاصلة في صفوف الفلسطينيين والانشقاق الحاصل بين السلطة و"حماس" عندما احتلت الاخيرة غزة وجندت قيادتها للتسلح وتدريب المقاتلين لمواجهة اسرائيل التي لن تسمح بذلك على تخومها. اقتنعت تل ابيب بالخطة وقررت ان تؤدي دور انهاء الحركة عسكريا بحيث لا تعود تشكل عليها اي خطر امني".
وأشارت الى ان المواجهات بين الجيش الاسرائيلي النظامي ومقاتلي "حماس" تجاوزت المهلة المرسومة لها في الخطة العملانية، في ظل المقاومة الشرسة للتوغل الاسرائيلي في مرحلته الثانية وهي التوغل البري، على اساس ان المرحلة الاولى لم تشهد اي مقاومة من الارض، لان ليست لدى الحركة اسلحة مضادة للطائرات.
ودعت الى انتظار ما يمكن ان تتمخض عنه الاتصالات الحثيثة، الجارية في القاهرة حول "المبادرة المصرية" على اساس انها "الميكانيكية التنفيذية لقرار مجلس الامن 1860" مع وفد من "حماس" بعدما ابدت الحركة تحفظها عن بعض ما ورد في عدد من بنوده، مثل خلوه من تحديد موعد لوقف النار الفوري وعبارات مبهمة مستعملة في هذا البند، وما اذا كان المقصود وقف النار على الحدود قبل اجتياح الجيش الاسرائيلي منذ بدء التوغل ام داخل تلك المساحة بين القوة الغازية ومواقع المقاتلين. وتطالب الحركة بأن توقف اسرائيل النار لانها هي القوة المحتلة وليس مقاتلي الحركة. كذلك فان الحركة تتحفظ عن ان القرار لا يلحظ في البند الذي ينص على انسحاب الجيش الاسرائيلي من الجزء الذي احتله، موعدا للتنفيذ ولا جدولا زمنيا عملانيا. اما البند الثالث من المبادرة الذي ينص على الحوار الفلسطيني – الفلسطيني، فان "حماس" تتحفظ عنه ما دامت الحرب الاسرائيلية على غزة مستمرة. وتريد "حماس" ايضاحات حول التفاوض بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني لوضع ترتيبات امنية، ومن سيمثل الاخير واي ممثلين للسلطة مرفوضين منها.
ولفتت الى ان اسرائيل رفضت القرار 1860 فكيف ستقبل المبادرة المصرية آلية تطبيقية له؟ كما ان الاهداف العسكرية من العدوان على غزة طوال 16 يوما متواصلة لم تتحقق، مع احجام المسؤولين السياسيين والعسكريين عن الدخول في تفاصيل الفشل وفي اي مرحلة من المراحل الثلاث. غير ان معلومات وردت الى تلك القيادات ان الثلاثي اولمرت – باراك – ليفني مقتنع بوجوب قرب وقف العمليات الحربية ضد غزة، بعدما تبلغوا انتقادات قاسية لعدم تجاوب اسرائيل مع القرار 1860، اضافة الى نصائح من يهود في عواصم عالمية متعاطفة مع الحكم في اسرائيل، ان العدوان على غزة يجب ان يتوقف لأنه لا يجوز لدولة في منظمة الامم المتحدة عدم تنفيذ قراراتها، لان ذلك يشكل ايضا انتهاكا للقانون الدولي الذي يرعى ذلك. ومن الناحية الانسانية، لم يعد من الجائز الاستمرار في مزيد من سفك الدماء، في وقت يدعو فيه الرأي العام الدولي الى وقفها بسرعة ومن دون اي تباطؤ. ونبهت المجموعات اليهودية تلك الى ان المضي في هذا الاسلوب سيقوي التطرف ضد اسرائيل واليهود في العالم.
واستخلصت انه اذا تجاوبت اسرائيل واوقفت عدوانها في الساعات القليلة المقبلة، فتكون قد حققت ايضا اهداف المؤامرة وهي: اولا القضاء على جزء كبير من ذخيرة "حماس". ثانيا، احداث فراغ في القرار الفلسطيني الموحد بعد انتهاء الولاية الدستورية لرئاسة محمود عباس للسلطة واستحالة انتخاب رئيس بديل في الوقت الحاضر، وتحويل الحركة قوة فلسطينية لا يمكن تجاهلها نتيجة مواجهتها للعدوان، وتركيا تؤيد ذلك فيما اسرائيل ترفضه، والسلطة غير متحمسة لاخلاء الساحة لها. ثالثاً، اذا وقفت المعركة العسكرية فان المعركة ستشتد بين السلطة و"حماس" حول المخرج والترتيبات الامنية وتعاطي الحياة السياسية، بدليل ان الرئيس محمود عباس يطالب بنشر قوات دولية لحماية المدنيين الفلسطينيين في غزة ولا يمانع انتشارها في الضفة، فيما يرفض المكتب السياسي للحركة خالد مشعل بقوة هذا الاقتراح. وعباس يريد مفاوضات سلام وتهدئة دائمة، فيما مشعل يرفضها وضد التهدئة الدائمة لان في ذلك وقفا للمقاومة. واعربت عن تخوفها من ان تنشب المعركة مجددا بين الجناحين الفلسطينيين الاقوى اما سياسيا واما عسكريا. وفي هذه الحال تكون المؤامرة التي حيكت في طريقها الى التنفيذ باضعاف الفلسطينيين وفرض الحل وشرذمة الرافضين للحل.
المصدر: جريدة النهار - السنة 76 - العدد 23579